تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 10-8-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.
الأخبار:
فنون الفتنة من عين إبل إلى الكحّالة
خصوم المقاومة لا يتعبون… ولا ينتظرون تحقيقات: الفتنة تتجوّل من عين إبل إلى الكحالة
كتبت صحيفة “الأخبار”: التوتر السياسي الكبير المتفاقم، معطوفاً على أزمة اقتصادية – اجتماعية، لا يتركان مكاناً لأي مقاربة باردة تجاه أي حدث أمني، سياسياً كان أو جنائياً. فيما تصرّ القوى المنبثقة من فريق 14 آذار، والتي تقود معركة مفتوحة ضد حزب الله، على استغلال كل حادث، واستباق أيّ تحقيقات، لتوجيه الاتهامات السياسية، بمواكبة إعلامية لبنانية وعربية، ليس صعباً التيقّن من أنها تخضع لسلطة السعودية المالية والمعنوية.
في السياسة، كان التقدير لدى الجميع بأن البلاد مقبلة على توترات لأسباب لا تتعلق فقط بانسداد الأفق الرئاسي، بل بتعقيدات تواجه المشروع السعودي في المنطقة، ولبنان من ضمنه، وهي تعقيدات تتجاوز عدم قدرة الرياض على تحقيق مكاسب بعد كل حروبها الفاشلة، بل عدم قدرتها على المضي في مصالحات قالت إنها تريدها مع كل خصومها في المنطقة.
وفي كل مرة، ينعكس توتر الجانبين السعودي والأميركي ارتفاعاً في سقف تصريحات القوى الحليفة لهما في لبنان، خصوصاً القوات اللبنانية. وهو ما حصل أمس، فور الإعلان عن تطور قضائي في حادثة وفاة أحد عناصر القوات في بلدة عين إبل الحدودية، ومع الإشكال الدموي في منطقة الكحالة، بين شباب من البلدة وفريق حماية تابع للمقاومة كان يتابع معالجة مشكلة واجهت شاحنة تابعة للمقاومة أثناء انتقالها من البقاع إلى بيروت.
خلال ساعات النهار، شنّ هذا الفريق حملة عشوائية ضد حزب الله، مستبقاً التحقيقات التي لم تكن قد بدأت في حادثة عين إبل، واتهمت حزب الله بالوقوف خلف وراء مقتل الياس الحصروني في عين إبل قبل أسبوع. ومع حلول ساعات المساء، بدا واضحاً أن الجهوزية كانت قائمة لدى الفريق نفسه لاستغلال أيّ حادثة تقع مثلها يومياً، كانقلاب شاحنة في منطقة الكحالة، ليُطلق عنان حملة عشوائية تجاوزت الحادث إلى رفع سقف التوتير والتحريض ضد حزب الله، وذهب بعيداً في الخطاب الانفصالي. علماً أن القوات والكتائب اللذين تصدّرا الحملة لا يمثلان القوى الأهلية والسياسية المعنية في المنطقة، وأن عائلة القتيل فادي البجاني تربطها علاقات قوية بالتيار الوطني الحر.
وكما في كل مرة، لا يمكن كبح جماح هذه القوى إلا من خلال تحقيقات ميدانية سريعة ودقيقة، تخلص إلى نتائج يتم إطلاع الجمهور عليها، لوأد أي فتنة يعمل عليها البعض في لبنان وخارجه.
ماذا حدث في الكحالة؟
بعيداً عن صراخ قنوات «أم تي في» و«أل بي سي» و«الحدث» السعودية، تعرّضت شاحنة تابعة لحزب الله لحادث سير عند «كوع الكحالة» ما أدّى إلى انقلابها، وهو حدث يكاد يكون شبه يومي على هذا المنعطف الخطر. وفيما كان عناصر المواكبة التابعون لحزب الله، والذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، يحاولون معالجة الأمر، بدأت «عواجل» على قناة «أم تي في» تتحدث عن انقلاب شاحنة تابعة لحزب الله في المنطقة، فتجمّع عشرات من شبان البلدة حول الشاحنة وبدأوا برمي عناصر المواكبة بالحجارة، وحاولوا الاستيلاء على الشاحنة ومنع رافعة استُقدمت إلى المكان من رفعها، قبل أن يتعرض عناصر المواكبة لإطلاق نار أدّى إلى مقتل أحمد قصاص، فردّ رفاقه على مطلق النار، ما أدّى إلى مقتل فادي بجاني، وهذا موثّق في مقاطع فيديو انتشرت أمس.
وأصدر حزب الله ليلاً بياناً اتّهم فيه «مسلحين من الميليشيات الموجودة في المنطقة» بالمبادرة لإطلاق النار على عناصر الحزب المكلّفين بحماية الشاحنة التي انقلبت، ما أسفر عن استشهاد أحدهم. وجاء في البيان أنه «أثناء قدوم شاحنة تابعة لحزب الله من البقاع إلى بيروت، انقلبت في منطقة الكحالة. وفيما كان الإخوة المعنيون بإيصالها يقومون بإجراء الاتصالات لطلب المساعدة ورفعها من الطريق لمتابعة سيرها إلى مقصدها، تجمّع عدد من المسلحين من الميليشيات الموجودة في المنطقة، وقاموا بالاعتداء على أفراد الشاحنة في محاولة للسيطرة عليها». واتّهم الحزب المسلحين بـ«رمي الحجارة أولاً، ثم بإطلاق النار، ما أسفر عن إصابة أحد الإخوة المولجين بحماية الشاحنة، وتمّ نقله بحال الخطر إلى المستشفى، حيث استشهد لاحقاً». وأوضح أنه «حصل تبادل لإطلاق النار مع المسلحين المعتدين، في هذه الأثناء تدخّلت قوة من الجيش اللبناني ومنعت المسلحين من الاقتراب من الشاحنة أو السيطرة عليها»، مشيراً إلى أنه مستمرٌّ باتصالاته حتى الآن لـ«معالجة الإشكال القائم». وأقفل أهالي الكحالة ليلاً الطريق الدولي في الاتجاهين، بتحريض من حزبَي القوات والكتائب، فيما انتشرت قوات كبيرة من الجيش في المنطقة. وأفادت قناة «إل بي سي» ليلاً بأنّ «الجيش اللبناني رفع الشاحنة وأفرغ حمولتها في شاحنة تابعة له».
… وفي عين ابل؟
جنوباً، عثر مختار بلدة حانين (قضاء بنت جبيل) ليل الأربعاء الماضي، الثاني من آب الجاري، على القيادي السابق في القوات اللبنانية الياس حصروني (76 عاماً)، من بلدة عين إبل والملقّب بـ«الحنتوش»، ميتاً داخل سيارته التي انفجرت الوسائد الهوائية (airbag)، في ما بدا أنه حادث اصطدام على طريق عين إبل – حانين. وأفاد الطبيب الشرعي الذي عاين الجثة بأنّ الوفاة ناجمة عن اختناق جراء إصابة قوية تلقّاها أدّت إلى كسر ضلوعه وإصابة رئتيه، ما تسبّب بوفاته. الأحد الماضي دُفن «الحنتوش» الذي خدم سابقاً في جيش العميل أنطوان لحد مسؤولاً عن التموين اللوجيستي في مركز الـ 17، وسُجن ستة أشهر بعد التحرير في عام 2000.
الإثنين الماضي، تقدّم نجل الحصروني بشكوى إلى فصيلة بنت جبيل اتّهم فيها مجهولين بقتل والده، وسلّم الفصيلة مقطع فيديو التقطته كاميرات مراقبة في منزل مجاور قريب. وتظهر في الفيديو غير الواضح صورة سيارة من نوع هوندا CRV تعترض سيارة حصروني. وبناءً على الفيديو وادّعاء العائلة، أُعيد فتح التحقيق بإشارة المحامي العام الاستئنافي المناوب في النبطية القاضي عباس جحا الذي أعطى إشارته باستخراج الجثة لتشريحها من قبل لجنة أطباء شرعيين.
وأشار إلى تكليف فرع المعلومات بإجراء التحقيقات اللازمة بعدما كانت الفصيلة قد فتحت تحقيقاً واستمعت إلى إفادة شاهدة ادّعت أنّها رأت السيارات المشتبه فيها. كما استُمع إلى إفادة صاحب المنزل الذي صوّرت كاميرات المراقبة فيه الحركة المشبوهة للسيارات. وبحسب برقية الفصيلة، يذكر القائم بالتحقيق أنّ كاميرات المراقبة المثبتة في أحد المنازل الكائنة على طريق عام عين إبل – حانين، التقطت ليل الثاني من آب في تمام التاسعة والربع اعتراض سيارة رباعية الدفع، تلحقها سيارة من نوع هوندا CRV، طريق سيارة حصروني بشكل أعاق سيره وقطع الطريق عليه ليترجّل منها أشخاص صعدوا مع الضحية في سيارته قبل أن تغادر السيارات الثلاث باتجاه مكان حصول الحادث في بلدة حانين. أما الشاهدة التي أفادت المحقّقين بأنّه صودف مرورها أثناء إيصالها صديقتها، فذكرت أنّها رأت السيارة ودوّنت رقم لوحتها من دون الرمز، مدّعية أنّها شاهدت في داخلها شخصين ملتحيين يرتديان قبعتين. وذكرت أنّ السيارة أقلعت لدى مرورها، ما أثار ريبتها ودفعها لتسجيل رقم لوحة التسجيل.
وطلب جحا إيداع فرع المعلومات نسخة عن التحقيق وهاتف الضحية لدى الفرع الفني في «المعلومات». ويُركز التحقيق على البحث عن مسار السيارات المشتبه فيها، ولا سيما أنّ المعلومات الأمنية تُشير إلى وجود أربع سيارات، وليس اثنتين، أرقام لوحاتها لا قيود لها. وقالت مصادر متابعة للتحقيقات إنّ المحققين أمام عدة فرضيات إذا ثبت حصول عملية القتل على اعتبار أنّ الدلائل الأولى كانت تُرجّح فرضية الوفاة جراء الحادث. ويُطرح من بين هذه الفرضيات أن تكون هناك دوافع مادية أو خلافات مالية باعتبار أنّ حنتوش يدير كازينو في المنطقة. ولا يستبعد المحققون فرضية حصول الجريمة بدافع الانتقام كونه كان عميلاً سابقاً لصالح العدو الإسرائيلي.
ترافق ذلك مع حملة ممنهجة من ماكينة إعلامية سارعت إلى توجيه اتهام إلى حزب الله بالجريمة، فيما نفى شقيق حصروني في مقابلة تلفزيونية أن تكون لمقتل شقيقه خلفيات سياسية لكونه على علاقة جيدة مع الجميع، واضعاً ما يجري في سياق «الاصطياد في الماء العكر».
البناء:
أدعياء السيادة يحوّلون حادثة الكحالة إلى منصة للتحريض على المقاومة واستنفار العصبيات
المقاومة تنعى شهيداً… والجيش ينتشر في المنطقة وينقل الحمولة… والتصعيد مستمرّ
سعر الصرف يحافظ على الاستقرار… وحوار التيار وحزب الله يتقدّم رغم التعقيدات
كتبت صحيفة “البناء”: تفتح حالة التربّص التي تسعى لتحويل الحبة الى قبة، الباب أمام مخاطر أمنية خطيرة، من الاستثمار على أحداث مخيم عين الحلوة لفتح ملف السلاح الفلسطيني والسعي لتوريط الجيش اللبناني بحرب مع المخيمات، أو السعي تحت الطاولة لمقايضة حق التملك والعمل بالسلاح. وفجأة ظهرت التقارير عن أن وفاة أحد مسؤولي القوات اللبنانية في عين ابل الجنوبية باعتبارها حادثة قتل عمد وتوجيه الاتهامات لحزب الله في بيانات لقوى سياسية وشخصيات تقدمتها القوات اللبنانية وحزب الكتائب. ومساء أمس، شهدت منطقة الكحالة حادث انقلاب شاحنة تابعة للمقاومة، في طريقها من البقاع الى بيروت، فثارت ثائرة القوى ذاتها لتحويل الحادثة الى منصة تحريض والزج بأهالي الكحالة في معركة مفتعلة مع الجيش اللبناني، الذي تسلّم الوضع مع قرار حزب الله بوضع الأمر في عهدته وتفادي أي تصعيد رغم سقوط شهيد من طاقم الشاحنة، برصاص قالت الدائرة الإعلامية في حزب الله إنه عائد لمجموعات ميليشياوية دخلت على الخط للاستغلال والتصعيد.
مع منتصف الليل كان الجيش قد سيطر على الموقف لجهة الفصل بين الأهالي الذين تمّ حشدهم في الطريق، وبين مكان الشاحنة، بعدما قام الجيش بنقل الحمولة من الشاحنة بواسطة شاحنات الجيش إلى مكان آخر يعتقد أنه ثكنات الجيش القريبة، وقام بالانتشار في المنطقة بعدما أعلن عن وفاة أحد أبناء الكحالة الذين أصيبوا خلال تبادل إطلاق النار مع سائق الشاحنة ومرافقه، من قبل العناصر الحزبية التي قامت بإطلاق النار، بانتظار تبريد الموقف وسحب الشاحنة وفتح الطريق.
التلاحق في مناخات التصعيد والسعي لتحويل أي حادث عرضي إلى منصة للتصعيد والتحريض، أثارت القلق من وجود خطة للتخريب تتربّص بانتظار مناسبة، خصوصاً أن البلد ليس في وضع يحتمل فتح الملفات الكبرى ووضعها على الطاولة، حيث لا وجود لرئيس جمهورية والحكومة حكومة تصريف أعمال، بما يعني أن فتح الملفات الكبرى لا يهدف الى البحث عن حلول بل عن التمهيد لأخذ البلد الى الصدام.
في مقابل هذا المناخ المقلق، كانت مؤشرات إيجابية تظهر، سواء مع ثبات سعر الصرف رغم عبور لبنان بمطبات مقلقة، من رحيل حاكم المصرف السابق، إلى أحداث مخيم عين الحلوة، وصولاً إلى بيانات سفارات دول الخليج التحذيرية، ومثله ما يتمّ تداوله عن تقدم الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر باتجاه إنتاج تفاهم يتيح الذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية بضمان الأغلبية اللازمة، وصعوبة تعطيل النصاب.
لم تكد تنتهي الاشتباكات الدامية في مخيم عين الحلوة حتى نقل المشغل الأميركي التوترات الى مناطق أخرى تقع على فالق طائفي، بعدما فشل في تحقيق أهدافه من معركة عين الحلوة ونقلها الى خارج المخيم والى مخيمات فلسطينية أخرى.
ومساء أمس، وبعد انقلاب شاحنة تابعة لحزب الله على طريق الكحالة تعرّضت الشاحنة لكمين محكم من عناصر حزبية مسلحة، ووقع اشتباك بين المجموعة المسلحة والعناصر المولجة حماية الشاحنة، ما أدى الى استشهاد أحد عناصر الحزب ومقتل وجرح آخرين من المسلحين.
وفي اللحظات الأولى لانقلاب الشاحنة وقبل وصول الأجهزة المعنية والجيش اللبناني وقبل إجراء تحقيق أولي لمعرفة ملابسات الحادثة، انطلقت حملة إعلامية مشبوهة في التوقيت والمضمون ضد حزب الله، فيما سارعت بعض وسائل الإعلام المعروفة الى النقل المباشر للحدث وبث أخبار كاذبة للنفخ في الفتنة وتحريض أهالي الكحالة ضد حزب الله بمساعدة بعض الجهات الحزبية في المنطقة، وفق ما علمت «البناء».
وأعلنت العلاقات الإعلامية في حزب الله، أنّه «أثناء قدوم شاحنة لحزب الله من البقاع الى بيروت انقلبت في منطقة الكحالة وفي ما كان الأخوة المعنيون بإيصالها يقومون بإجراء الاتصالات لطلب المساعدة ورفعها من الطريق لمتابعة سيرها الى مقصدها، تجمع عدد من المسلحين من المليشيات الموجودة في المنطقة، وقاموا بالاعتداء على أفراد الشاحنة في محاولة للسيطرة عليها، حيث بدأوا برمي الحجارة أولاً ثم بإطلاق النار مما أسفر عن إصابة أحد الاخوة المولجين بحماية الشاحنة وتمّ نقله بحال الخطر الى المستشفى حيث استشهد لاحقاً».
ولفتت العلاقات الإعلامية في الحزب إلى أنّه «قد حصل تبادل لإطلاق النار مع المسلحين المعتدين، في هذه الأثناء تدخلت قوة من الجيش اللبناني ومنعت هؤلاء المسلحين من الاقتراب من الشاحنة أو السيطرة عليها. ولا تزال الاتصالات جارية حتى الآن لمعالجة الاشكال القائم».
وقبل منتصف ليل أمس، تمكّن الجيش اللبناني من احتواء الموقف ورفع الشاحنة وقام بتفريغ حمولتها ونقلها إلى شاحنته، ليعيد الهدوء في مكان انقلاب الشاحنة في الكحالة، وسط انتشار الجيش الذي قطع الطريق.
وعلى إثر الحادثة نفذ الجيش اللبناني انتشاراً كثيفاً في عين الرمانة – الشياح إثر تجمّع لشبان من المنطقتين.
وقبل حادثة الكحالة بساعات، افتتح الصباح على الكشف عن مقتل عضو المجلس المركزي في القوات اللبنانية الياس الحصروني في عين إبل، وأفيد أن تقرير الطبيب الشرعي أظهر أن الحصروني قُتل خنقًا وضُرب بالمسدس على رأسه وعند القفص الصدري، ما أدى الى كسر ضلوعه وخرقها للرئة ثم تمّ رمي الجثة قرب موقع السيارة.
وإذ سارع رئيس حزب القوات سمير جعجع كعادته الى استغلال الحادثة وتوظيفها سياسياً ضد حزب الله، نقلت قناة «الجديد» عن شقيق الراحل الياس الحصروني مارون الحصروني تأكيده أن العائلة لا تتهم أي جهة، على أمل أن يظهر التحقيق من هو الفاعل، موضحاً أنه «لا أعتقد أن لما حصل طابعا سياسيا»، لافتاً إلى أن «هناك من يريد أن يصطاد بالماء العكر».
وربطت مصادر سياسية وأمنية بين الأحداث الأمنية التي شهدها لبنان خلال الأسبوعين الماضيين حتى الآن، من الاشتباكات في عين الحلوة الى حادثة الكحالة ومقتل الحصروني، كاشفة لـ«البناء» عن غرفة عمليات واحدة تدبّر وتدير كل هذه الأحداث وتوعز لجهات سياسية وإعلامية للتوظيف السياسي ضد حزب الله والنفخ بالفتنة لاستخدام سلاح الأمن في الصراع السياسي والضغط في الاستحقاقات لا سيما رئاسة الجمهورية. وحذرت من تكرار الأحداث الأمنية في أكثر من منطقة لخلق أجواء تصعيد لتعكير صفو الاستقرار الأمني والضغط على حزب الله ولدفعه للتنازل في الاستحقاق الرئاسي لمصلحة المرشح المدعوم من الأميركيين والقطريين.
الى ذلك، لا يزال كلام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن اتفاق أولي مع حزب الله على اتفاق على مسار اسم توافقي وتسهيل الاسم مقابل مطالب وطنية، محل متابعة من الأطراف السياسية الداخلية ورصد من سفارات الدول الخارجية في لبنان، للتحقق من صحة كلام باسيل وجدية الاتفاق، وما إذا كان سيؤدي الى نهاية إيجابية أم سيتعثر في منتصف الطريق.
مصادر متابعة للحوار تشير لـ«البناء» الى أن «الحوار بين الحزب والتيار يتم بجدية كاملة وحقق عدة أهداف أبرزها احتواء الاحتقان بين جمهوري الطرفين وثانياً استعادة الثقة والاتفاق على استمرار الحوار حتى لو اعترضته خلافات حول مسائل عدة، وثالثاً وضع أسس صلبة للتفاهم في الملف الرئاسي تبدأ من الاتفاق على وجود خلاف وتضييق مساحته ثم بناء قواسم مشتركة». ولفتت المصادر الى أن نتائج الحوار مرهونة بقدرة الطرفين على تنظيم الخلاف وقدرة حزب الله على تقديم ضمانات للتيار لجهة المطالب التي طرحها باسيل لا سيما الصندوق الائتماني واللامركزية المالية الموسعة.
وإذ يعقد الفريق الداعم لرئيس المردة سليمان فرنجية الرهان على هذا الحوار لإحداث اختراق في جدار الملف الرئاسي وتأمين أكثرية نيابية لانتخاب فرنجية، تستبعد أوساط نيابية توصل الحوار الى نتيجة جدية في ظل مساحة الخلاف الكبيرة حول الملف الرئاسي، موضحة لـ«البناء» أن موضوع اللامركزية الادارية سيكون العقدة الأساس لأي اتفاق على رئاسة الجمهورية لكون الكثير من الأطراف ترفض السير به لا سيما ثنائي حركة أمل وحزب الله. ودعت الأوساط الى انتظار الكتاب الخطي الذي سيسلمه باسيل الى حزب الله وحركة أمل يشرح فيه تفاصيل المطلبين لكي يتم درسه ويبنى على الشيء مقتضاه، علماً أن مصدراً نيابياً في كتلة التنمية والتحرير يؤكد لـ«البناء» بأن اللامركزية المالية الموسّعة غير مقبولة عند «الثنائي» والكثير من الكتل.
وأوضح مستشار باسيل أنطوان قسطنطين أنّ «الاتفاق الأولي مع حزب الله ليس عبارةً عن مقايضة القانونَين الإصلاحيَين برئاسة الجمهورية، لكنّه يشمل أيضاً مساراً للتفاهم على اسم الرئيس، وقد يكون هذا المسار عبارةً عن تسهيلنا لاختيار الاسم، لكن الموضوع ليس مقايضة القانونَين بدعمنا لفرنجية».
وسجل يوم أمس موقفين لافتين إزاء الأزمة اللبنانية والملف الرئاسي تحديداً، الأول من الرئيس السوري بشار الأسد، والثاني من وزارة الخارجية الروسية، يؤكدان عدم التدخل في الشأن اللبناني وأن رئاسة الجمهورية استحقاق داخلي يعني اللبنانيين فقط، ما يعكس رسائل روسية – سورية واضحة للأميركيين برفض أي مقايضة أو مساومة على الملف اللبناني في ظل الضغط الأميركي المتصاعد في لبنان والمنطقة لفرض تسوية في أكثر من ملف، وفق ما تشير أوساط سياسية لـ«البناء».
وأكد الرئيس الأسد في حديث لقناة «سكاي نيوز عربية»، أننا «لم نتدخل لحل الأزمة في لبنان ولا ندعم أي مرشح»، موضحًا أنه «لا يمكن لأي طرف خارجي المساعدة بحل الأزمة في لبنان إن لم يكن هناك إرادة للبنانيين بحل الأزمة، ولا بد من دفع اللبنانيين للمزيد من التوافق»، مؤكدًا «أننا نحاول بناء علاقات طيبة مع لبنان دون التدخل بهذه التفاصيل».
بدوره، أكد نائب مدير قسم المعلومات والصحافة في الخارجية الروسية أليكسي زايتسيف، أن روسيا لن تتدخل أبداً في شؤون لبنان الداخلية، وأن الشغور الرئاسي شأن داخلي، وما يرضي اللبنانيين يرضي روسيا.
وأشار إلى أننا «ننطلق من حقيقة أن الانتخابات المبكرة لرئيس الجمهورية هي قضية أساسية للبنان حالياً، ونتمنى أن يتمكن اللبنانيون من تجاوز كل التناقضات التي تعرقل حل هذه المهمة السياسية الداخلية المهمة، على أساس من الإجماع الوطني وتوازن مصالح التيارات السياسية الرائدة والأطياف اللبنانية»، موضحاً أننا «لا نفضل شخصيات على أخرى، ولا نعتزم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».
وفي حين لفت إلى أن اللبنانيين وحدهم من يقررون من سيتولى الرئاسة، شدد على أن «هذا قرار اللبنانيين أنفسهم، وما هو جيد للشعب اللبناني جيد لنا، وسنحترم اختياره».
وفي السياق نفسه اعتبرت السفارة الروسية لدى لبنان، أنّ اللبنانيين أصبحوا لسوء الحظ، رهائن لعبة جيوسياسية تخدم مصالح الغرب الذاتية.
وفي بيان لها نقلته وكالة «سبوتنيك» الروسيّة، أوضحت ذلك بالقول: «خوفًا من المنافسة يحاول الغرب كبح جماح تطور الدول الأخرى، لذلك يسعى إلى افتعال مشاكل مختلفة، وخلق بؤرِ توتر في العالم، وأن الغرب تحت ذرائع مختلفة يمنع إعادة إعمار سورية محاولاً إبقاءها في حال نزيف دائم وكفاح طويل ضد الإرهاب الدولي».
وأشارت السفارة إلى أنّ «اللبنانيين الذين كانوا دائمًا على استعداد للمساعدة في الأوقات الصعبة، بفضل تقاليد حسن الجوار، أصبحوا لسوء الحظ، رهائن في هذه اللعبة الجيوسياسية، التي تخدم مصالح الغرب الذاتية».
ولفتت إلى أنّ النظام الذي تنتهجه النخب الحاكمة في الغرب لا يسمح لهم بالتخلي عن الفكرة الخاطئة المتمثلة في تفوّقهم على باقي الشعوب، ووفقاً للأنماط الغربية فإن العالم الحديث هو نظام استعماري جديد أو نظام رقيق جديد، مؤكدة أنّ «التوسع العدواني لحلف شمال الأطلسي والحرب الهجينة لـ الغرب الجماعي» ضد روسيا، مع اتهامات لا أساس لها بخلق أزمة غذاء عالمية، هي أيضًا من إحدى المظاهر القبيحة لألعاب الاستعمار الجديد».
على صعيد آخر، ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على 23 شخصاً بينهم 13 موقوفا في حادثة القرنة السوداء، التي وقعت في الأول من تموز الماضي وأسفرت عن مقتل شخصين من آل طوق.
وأسند إلى هؤلاء إقدامهم على تأليف عصابة مسلحة بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والأموال والنيل من سلطة الدولة وهيبتها، وعلى القتل وإطلاق النار من أسلحة حربية غير مرخصة، وذلك سنداً إلى مواد تصل عقوبتها إلى الاشغال الشاقة المؤبدة.
وأحال عقيقي ادعاءه على قاضي التحقيق العسكري الاول فادي صوان الذي باشر باستجواب الموقوفين، وأصدر بحق 11 منهم مذكرات توقيف وجاهية، على أن يتابع تحقيقاته يوم الاثنين المقبل.
في شأن قضائي آخر، لم يمثل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة أمام الهيئة الاتهامية في بيروت برئاسة القاضي سامي صدقي لعدم تبلّغه أصولاً موعد الجلسة، وقد أرجئت الجلسة إلى الثلاثاء في 29 آب الحالي، وإعادة تبليغه الموعد الجديد.
وقرّر القاضي صدقي إعادة الملف إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، الذي سيعقد جلسة اليوم، مخصصة لاستجواب رجا سلامة شقيق رياض سلامة ومساعدة الأخير مريان الحويك، في ادعاء النيابة العامة عليهم بجرائم «الاختلاس والتزوير وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع».
مالياً، اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير المالية يوسف الخليل والنائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري. وأعلن الوزير الخليل بعد الاجتماع «بحثنا في الشؤون المالية والنقدية، ويجب أن نكون على تواصل دائم حيال هذه الأمور ولنوقع على بعض القضايا». ورداً على سؤال عما يُقال عن دفع الرواتب للقطاع العام هذا الشهر بالليرة اللبنانية قال: «سنقوم بجهدنا ليتقاضى الموظفون رواتبهم كالمعتاد مثل السابق».
على مقلب آخر، أصدر وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى قرارًا في ما يتعلق بموضوع فيلم «باربي»، حيث قرر توجيه كتابٍ الى الأمن العام اللبناني، بواسطة وزير الداخلية والبلديات، لاتّخاذ كلّ الإجراءات اللّازمة لمنع عرض فيلم «باربي» في لبنان.
كما تقرر بلاغ نسخة عن هذا القرار من جانب النائب العام لدى محكمة التمييز لـ«التفضّل بالاطّلاع وإجراء المقتضى، ونشر نسخة عن هذا القرار وإبلاغه ممن يلزم.
المصدر: صحف