تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الأربعاء 9-8-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.
البناء:
غالنت يفشل باحتواء ذعر الأيام الأولى للمواجهة وفق سيناريو جيش الاحتلال… وشحادة يوضح / اجتماع الديمان التشاوري صورة تذكارية… وبوحبيب يعلن الاتفاق على تسليم داتا النازحين / باسيل: اتفاق أولي مع حزب الله على مسار اسم توافقي وتسهيل الاسم مقابل مطالب وطنية
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” تحوّلت تصريحات وزير الحرب في كيان الاحتلال يوآف غالنت بإعادة لبنان الى العصر الحجريّ الى موضوع سخرية بين اللبنانيين والجنوبيين خصوصاً، كمعنيّ أول بأي مواجهة، بينما لم تستطع القيام بالمهمة التي صدرت لأجلها وهي احتواء الذعر الذي خلفه نشر سيناريو جيش الاحتلال حول نتائج الأيام الأولى لأي مواجهة مع المقاومة عبر الحدود اللبنانية. وقد تضمّن السيناريو إشارة الى مقتل 500 من المستوطنين وجرح 1500 منهم، وانقطاع الطرق وإقفال المطارات والموانئ ومحطات القطار، وانقطاع الكهرباء والماء عن المدن والمستوطنات، وتساقط 6000 صاروخ يومياً على رؤوس المستوطنين، دون الكشف عن الشق العسكري من السيناريو، وما يمكن أن يحدث على جبهات القتال وفرضيات العبور الى الجليل، وبالتوازي مع تصريحات غالنت كان العميد منير شحادة المسؤول عن التنسيق بين الحكومة اللبنانية وقوات اليونيفيل، يضع النقاط على الحروف على المسائل الحدودية، موضحاً أن المطروح على الطاولة ليس ترسيم الحدود، بل إظهار الحدود المرسمة، وأنه لم يعُد هناك شيء اسمه الجزء اللبناني لبلدة الغجر منعاً لأي التباس. فالمقصود واضح وهو خراج بلدة الماري اللبنانية، التي تمددت عليها مساكن بلدة الغجر تحت ظل ورعاية قوات الاحتلال.
لبنانياً، عقد اللقاء التشاوري الحكومي في مقرّ البطريركية المارونية في الديمان، وتحول إلى مجرد صورة تذكارية، تخللته مواقف وكلمات، تتصل بـ أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، بينما لفت الانتباه ما انتهى إليه الاجتماع الذي ضمّ وزير الخارجية عبد الله بوحبيب والمفوضية الأممية لشؤون اللاجئين وإعلان وزير الخارجية بنهايته «اليوم نشهد ختام هذه المرحلة الشاقة من المفاوضات من خلال ما اتفقنا عليه حول تسليم الداتا التي يعتبرها لبنان حقًا سياديًا، كحق سائر الدول بمعرفة هوية الأشخاص المتواجدين على أراضيها. كما أن هذا الاتفاق يخدم مصلحة الطرفين، اللبناني والأممي، والدول المانحة لجهة عدم استفادة الأشخاص الذين يستغلون هذه التقديمات بصورة غير قانونية، وبالتالي، يحرمون أشخاصاً أحق منهم بهذه التقديمات من الوصول إليها».
سياسياً ورئاسياً، كان الحدث في إعلان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن «اتفاق أوليّ مع حزب الله على مسار اسم توافقي وتسهيل الاسم مقابل مطالب وطنية، وما زلنا في بداية الحوار مع الحزب وتقدّمنا بأفكار ننتظر ردّه عليها»، موضحاً بأن «المطروح مع الحزب ليس تراجعاً أو تنازلاً أو صفقة أو «تكويعة» بل عمل سياسي، وما تحدّثنا عنه هو لجميع اللبنانيين وليس للتيار من قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة وقانون الصندوق الائتماني اللذين نطلب إقرارهما سلفاً إضافة إلى برنامج العهد».
وفيما خطفت الأحداث الأمنية الأضواء المحلية، عاد الملف الرئاسي إلى الواجهة مع إعلان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن «اتفاق أولي مع حزب الله على مسار اسم توافقي وتسهيل الاسم مقابل مطالب وطنية، وما زلنا في بداية الحوار مع الحزب وتقدّمنا بأفكار ننتظر ردّه عليها»، موضحاً بأن «المطروح مع الحزب ليس تراجعاً أو تنازلاً أو صفقة أو «تكويعة» بل عمل سياسي، وما تحدّثنا عنه هو لجميع اللبنانيين وليس للتيار من قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة وقانون الصندوق الائتماني اللذين نطلب إقرارهما سلفاً إضافة إلى برنامج العهد».
ولفت باسيل في مؤتمر صحافي بعد اجتماع المجلس السياسي للتيار الوطني في ميرنا الشالوحي، إلى أنه «لا إمكان لانتخاب رئيس للجمهوريّة إلا بالتفاهم، ونعوّل على الحوار اللبناني – اللبناني، ومنذ الأساس قلنا إن البرنامج هو أساس التفاهم».
وأضاف باسيل: «حصل أخيراً اجتماع مع فريق التقاطع حتّى لا نبقى في موقع طرح مرشّح مُقابل آخر من دون اتّفاق على تصوّر، ونتمنّى ألا ينقطع الحوار والدعوة مفتوحة ودائمة». وأشار باسيل إلى ان «اللامركزيّة تؤمّن الإنماء المناطقي والصندوق الائتماني يؤمّن إنماء الدولة». واعتبر أن «الحكومة لا تقوم بواجباتها، وكلّ ما تقوم به هو التذاكي والعراضات وهذا لا يُعطيها ثقة الناس، إذ يجب الذهاب إلى الإصلاح الفعلي وندعوها للقيام بأمر مُفيد لجميع اللبنانيين ضمن قدرتها بتصريف الأعمال».
ويعكس كلام باسيل وكما ذكرت «البناء» في عددها أمس، تقدماً جدياً في الحوار بين حزب الله والتيار على برنامج عمل العهد الجديد الذي يضمّ رئيس الحكومة وتعاون مجلس النواب وحاكمية مصرف لبنان وكل الوزارات والمؤسسات وليس فقط رئيس الجمهورية الذي لا يستطيع وحده في إطار صلاحياته المحدودة تنفيذ برامج العهد السياسي والاقتصادي والمالي والإصلاحي. ولفتت مصادر سياسية لـ«البناء» أن تقدّم الحوار بين الحزب والتيار على القواعد الأساسية وخريطة طريق عمل الرئيس والحكومة المقبلين يرفع الآمال بإمكانية حدوث اختراق جدّي بجدار الاستحقاق الرئاسي المغلق منذ تشرين الماضي، الأمر الذي سيلبنن الاستحقاق ويدفع القوى الخارجية الى السير بأي تسوية سياسية – رئاسية داخلية من خلال انتخاب الرئيس بالأكثرية النيابية مع تأمين نصاب انعقاد الجلسة. ودعت المصادر الى التريث بالحكم على نتائج الحوار بين الحزب والتيار وانتظار النتائج النهائية التي وإن كانت إيجابية ستلاقي الجهود التي يبذلها الفرنسيون عبر المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان المتوقع أن يزور لبنان مطلع أيلول والدعوة الى حوار في قصر الصنوبر.
من جهتها، رحبت أوساط نيابية في حركة أمل بأي حوار بين طرفين لبنانيين أو حوار جماعي شرط أن لا يخرج عن الثوابت الوطنية والدستورية، مشيرة لـ«البناء» إلى أن «الثنائي أمل وحزب الله متمسك بدعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية»، موضحة «أننا لم نناقش أي خيار غير ترشيح فرنجية لكن لكل طرف حقه في وضع مطالب سياسية للانخراط في التسوية، لكن في نهاية المطاف هناك مطالب واقعية قابلة للتوافق عليها وللتنفيذ وأخرى غير واقعية، وما يطلبه النائب باسيل لجهة اللامركزية المالية الموسعة غير واردة عندنا ولا نقبل بها، لأنها أول خطوة على طريق التقسيم، نحن نوافق على اللامركزية الإدارية التي وردت في اتفاق الطائف، لكن اللامركزية المالية الموسعة مرفوضة.. أما لجهة الصندوق الائتماني فلا رفض مبدئياً حياله وقابل للنقاش والدرس لجهة إدارته وآليات عمله، ويجب طرح الأمر على كافة الأطراف ولا يستطيع طرف أو طرفين بت الموضوع».
وكشف البطريرك الماروني مار بشارة الراعي خلال اللقاء الوزاري التشاوري في الصرح البطريركي أنه «عندما زارني الموفد الرئاسي الفرنسي السيد لودريان للمرة الأولى قلت له كل ما تسمعه لا يعبر عن الحقيقة. نحن جمهورية ديموقراطية برلمانية وهناك مرشحان للرئاسة، فليقم النواب بواجباتهم في الاقتراع، فإما ينتخب رئيس او لا ينتخب، وفي ضوء النتيجة يصار الى حوار واتفاق على مرشح ثالث. للأسف البلد سائر الى الخراب والدولة تنازع وما نشهده من سجال بشأن حق الحكومة في العمل وحدود ذلك هو نتيجة».
وكان اللقاء التشاوري الوزاري انعقد برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وحضور البطريرك الراعي، ومقاطعة وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله.
وأوضح وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار أنه «اعتذر عن عدم حضور اللقاء الوزاري في الديمان لأسباب ميثاقية دستورية بحتة بالشكل وليس بالسياسة«.
وخلص اللقاء التشاوري بين الوزراء إلى «وجوب الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يقود عملية الإنقاذ والتعافي، إذ لا مجال لانتظام أي عمل بغياب رأس الدولة. دعوة القوى السياسية كافةً إلى التشبث باتفاق الطائف وبميثاق العيش المشترك، والتخلّي عن كلِّ ما قد يؤدي إلى المساس بالصيغة اللبنانية الفريدة. دعوة جميع السلطات والمؤسسات التربوية والإعلامية الخاصة والرسمية وقوى المجتمع المدني الحية، والشعب اللبناني بانتماءاتِه كافةً، إلى التشبث بالهوية الوطنية وآدابها العامة وأخلاقياتها المتوارَثة جيلًا بعد جيل، وقيمها الإيمانية لا سيما قيمة الأسرة وحمايتها، وإلى مواجهة الأفكار التي تخالف نظام الخالق والمبادئ التي يجمع عليها اللبنانيون. التعاون الصادق بين كل المكوّنات اللبنانية لبلورة موقف موحّد من أزمة النزوح السوري في لبنان والتعاون مع الدولة السورية والمجتمع الدولي لحل هذه المسألة بما يحفظ وحدة لبنان وهويته. وقد جدّد صاحب الغبطة تثمير جهود رئيس الحكومة والوزراء كافة في تمرير هذه المرحلة الصعبة مع المحافظة على مندرجات الدستور».
بدوره قال رئيس الحكومة: «نحن على استعداد لأن نكون جسر عبور بين جميع اللبنانيين وأن نتحاور في كل المواضيع التي تجمع اللبنانيين. فاذا لم نستطع التحرك ولو ضمن إطار التحاور والتلاقي، فالبلد لن يتعافى. البلد من دون رئيس جمهورية وبحكومة تتولى تصريف الأعمال، ومجلس النواب لا ينعقد، والمناكفات السياسية بلغت أقصى حد. نحن مستعدون للتلاقي اينما كان لنكون جسر تحاور واخوة بين جميع اللبنانيين».
في غضون ذلك استمرت المعالجات السياسية للأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة، واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية عضو اللجنة المركزية في حركة «فتح» عزام الأحمد والوفد المرافق.
ولفت الأحمد بعد اللقاء الى أننا «اتفقنا مع الرئيس بري انه لا بد من الإسراع في إنهاء التحقيق وتسليم الجناة للقضاء اللبناني كي يتولى شأنهم، ولبنان صاحب السيادة والمسؤول عن محاسبة كل من يخرج على القانون كائناً من كان، فلسطينياً أو لبنانياً أو غيرهما. ولا تستغربوا من كلامي، فالفلسطينيون الذين شاركوا كانوا فئة قليلة حتى أن أحدهم انتحل صفة فلسطيني بهوية مزورة وهو ليس من منطقة صيدا وليس فلسطينياً. كل شيء معروف وحتى الذين يشاركون في الجهود لتهدئة الوضع ربما كانت لهم أصابع سلبية في البداية، وهذا سيتضح امام الجميع في وقته وليس الآن. المهم تثبيت الأمن ووقف الدمار وعودة المهجرين اليوم قبل الغد وكثير منهم عادوا فور صدور بيان لجنة العمل الفلسطيني المشترك».
وأكدت جهات حزبية وسياسية لـ«البناء» أن «الأحداث الأمنية الأخيرة في مخيم عين الحلوة تحت السيطرة ولا مصلحة لأحد في الداخل بتهديد الاستقرار الأمني في لبنان، والكل متفق على أن الأمن خط أحمر، والأخوة الفلسطينيون من مختلف الفصائل يرفضون زج المخيمات في الصراعات الفلسطينية في فلسطين أو في الصراعات الداخلية اللبنانية، وكل محاولات الضغط بالأمن بالاستحقاقات الدستورية والسياسية فشلت في إخضاع الآخرين»، مشيرة الى أن «التطمينات التي وردت على لسان المسؤولين السياسيين والأجهزة الأمنية كافية لدحض كل المعلومات والبيانات والإشاعات التي تعمم عن أحداث أمنية سيشهدها لبنان خدمة لأهداف خارجية أولها ضرب الموسم السياحي ووقف سفر السياح والمغتربين الى لبنان، وبالتالي وقف التدفقات المالية بالعملة الصعبة التي تلجم سعر صرف الدولار وتجمّده ما دون الـ90 ألف ليرة». وتربط الجهات بين «التصعيد المستجد بين القوى الكبرى لا سيما الأميركي – الروسي الايراني وبين التطورات العسكرية والأمنية الأخيرة في لبنان وسورية، من التفجيرات والعمليات الإرهابية الأخيرة في دمشق وريف ادلب والعدوان العسكري الجوي الأخير على سورية وكذلك إشعال مخيم عين الحلوة واحتجاز الأميركيين ناقلات نفط إيرانية في البحر الأحمر»، متوقعة المزيد من الضغوط على لبنان وسورية في الفترة المقبلة.
على صعيد آخر، نظمت قيادة الجيش أمس، جولة ميدانية على طول الخط الأزرق لممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدوليّ. واذ شهدت هذه الجولة على خرق بحري نفذه الجيش الإسرائيلي، قال العميد منير شحادة المنسق الحكومي لدى قوات الطوارئ الدولية: «الاسرائيليون لا يحترمون القوانين وهم اليوم خرقوا المياه الإقليمية امام مرأى البعثات الدولية». أضاف: «لم يعد هناك ترسيم وسنستبدل هذه الكلمة بكلمة إظهار حدود ولم يعد هناك شيء اسمه غجر وقد أرسلنا الى الأمم المتحدة مراسلة تقول ان ما يسمى بالجزء الشمالي لقرية الغجر اصبح اسمه خراج بلدة الماري». وقال «حالياً نحن نقوم بإظهار حدود وهناك 14 نقطة متحفظ او متنازع عليها ونحن نسميها مناطق محتلة بالإضافة الى مزارع شبعا».
وبالتزامن مع الجولة الميدانية التي نظمها الجيش اللبناني على طول الخط الأزرق، قام وزير الدّفاع في حكومة الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، بجولة على الحدود الشمالية مع فلسطين المحتلة، وتوجّه للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالقول: «لا تخطئوا. لقد ارتكبت أخطاء في الماضي، لقد دفعت ثمنًا باهظًا للغاية. إذا تطوّر هنا تصعيد أو صراع، فسنعيد لبنان إلى العصر الحجري. لن نتردّد في استخدام كلّ قوّتنا، ونقضي على كلّ شبر من «حزب الله» ولبنان إذا اضطرّرنا لذلك».
ووضع خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية تهديدات وزير الدفاع الاسرائيلي في إطار رفع معنويات جيشه المنهار أمام صمود حركات المقاومة وتطمين الجبهة الداخلية بعد تهديدات السيد نصرالله الأخيرة. ولفت الخبراء لـ«البناء» الى أن «اسرائيل» لم تعُد تملك القدرة على شن حروب وتحديداً مع حزب الله في ظل اختلال موازين القوى لصالح حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، لا سيما بعد فشل «اسرائيل» في معركة جنين الأخيرة»، مشيرة الى التقرير الذي نشرته إحدى الصحف الاسرائيلية عن الكارثة التي ستحل بـ»إسرائيل» وجيشها ومستوطنيها وبناها التحتية في أي حرب مقبلة مع لبنان”.
الأخبار:
معركة تحديد مهام اليونيفل
الجيش يطلع ممثّلي الدول الكبرى على خروقات العدوّ: انطلاق معركة تصويب مهام اليونيفل
وتحت هذا العنوان كتبت الأخبار “يعدّ لبنان العدّة لمواجهة جلسة التمديد لقوات اليونيفل في مجلس الأمن الدولي نهاية آب الجاري. وخلال أيام، تتوجّه بعثة رسمية إلى نيويورك، برئاسة وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب ومنسّق الحكومة لدى اليونيفل العميد منير شحادة ممثّلاً وزارة الدفاع، لمواكبة الاجتماعات التحضيرية والتشاورية التي تسبق جلسة إقرار التمديد.
وعلمت «الأخبار» أن لبنان الرسمي نظّم في الأسابيع الثلاثة الماضية حملة دبلوماسية صامتة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، خصوصاً روسيا والصين، لضمان تأييد لبنان في رفض أي تعديلات على مهام القوات الدولية العاملة في الجنوب، وإسقاط التعديلات التي أضافها العدو، مدعوماً من واشنطن، العام الماضي، عبر تمرير بند حرية الحركة للدوريات الميدانية والقيام بعمليات تفتيش من دون إذن مسبق من الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني. وقد مُرر البند بناءً على اقتراح من الولايات المتحدة، بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا، ومرّ من دون اعتراض الصين وروسيا. ولأن المسؤولية حينها ضاعت بين الحكومة ووزارة الخارجية وبعثة لبنان لدى مجلس الأمن، يحاول الجيش، بالتعاون مع الخارجية، استدراك أخطاء أكبر قد تحصل لمصلحة العدو الإسرائيلي.
مصدر عسكري أكّد لـ«الأخبار» أن بعثة لبنان ستعمل لدى مجلس الأمن على تعديل مبدأ حرية الحركة الذي أُقر العام الماضي، مشيراً إلى أن الجيش دعا قبل فترة ممثلي الدول المشاركة في اليونيفل، و«قدّمنا لهم عرضاً عن آلية العمل الميداني والتنسيق بين اليونيفل والجيش وفق القرار 1701. واستعرضنا بعض الأدلة التي تظهر كيف قامت بعض قوات اليونيفل بتخطّي الجيش. وسنقدم صيغة جديدة لحركة اليونيفل لا تخرج عن إطار إلزامية التنسيق مع الجيش». ولفت إلى أن الجيش «يخشى إصدار بنود جديدة تعدّل في مهمات اليونيفل، واتخاذ حادثة العاقبية مبرّراً لفرض آليات جديدة». وتشمل المخاوف فرض الترسيم البري بما يناسب مصالح العدو. وأوضح المصدر أن «حدودنا مرسّمة منذ عام 1923، وكُرّست باتفاقية الهدنة عام 1949. وعند التحرير، كانت هناك ثلاث نقاط متحفّظ عنها لبنانياً خلال رسم الخط الأزرق، وبعد عدوان 2006، ارتفع عدد النقاط إلى 13 ولن نفرّط بأيّ نقطة منها». ولفت إلى أن «ما أدلت به مندوبة لبنان في مجلس الأمن كان خطأ غير مقصود جاء في كتاب صادر عن وزارة الخارجية والمغتربين في 19 تموز الماضي وهي أوضحت ذلك حينها. وعليه، وجّه الجيش كتاباً إلى مجلس الأمن عبر الخارجية، يطالب بإلغاء مصطلح ترسيم الحدود واستبداله بإظهار الحدود وإلغاء تسمية الجزء الشمالي من بلدة الغجر واستبدالها بخراج بلدة الماري».
من الناقورة إلى الغجر
وفي إطار الحملة اللبنانية، نظّم الجيش أمس جولة لممثلي سفارات الدول الخمس في لبنان على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، شارك فيها السفير الصيني تشيان مين جيان وملحقون عسكريون وقائمون بالأعمال في سفارات الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وسويسرا والبرازيل. بدأت الجولة من أمام النفق في رأس الناقورة، حيث استمع الدبلوماسيون إلى عرض من ضباط الجيش لتاريخ النفق الذي بناه الجيش الإنكليزي عام 1942 لنقل العتاد والجنود بين سوريا وفلسطين خلال الحرب العالمية الثانية. وقد أُقفل بقرار لبناني عام 1948 إثر نكبة فلسطين، واحتلّه العدو في اجتياح عام 1978، وبعد تحرير عام 2000، لم يسترد لبنان سيادته على المنطقة الممتدة داخل النفق حتى 90 متراً، منها 20 في الأرض المحرّرة و70 في الجانب المحتل. في حين أن الخط الأزرق يمر فوق وسط رأس الناقورة وينحدر حتى البحر حيث تقع نقطة B1، أولى النقاط اللبنانية المتحفّظ عنها.
وفيما كان الضباط يستعرضون الحقوق اللبنانية في البر والبحر، خرق زورقان إسرائيليان المياه الإقليمية اللبنانية على مرأى ممثلي الدول العظمى. وأخذ البحّارة يجوبون بالزورقين ذهاباً وإياباً في المنطقة البحرية المتحفّظ عنها المحاذية لخط الطفافات الذي استحدثه العدو وأصرّ لبنان على اعتباره خط انسحاب. وشكا الضباط للدبلوماسيين بأن العدو «يمنعنا من استخدام الجانب اللبناني من النفق»، فيما هو يستخدمه كله من جانب روش حانيكرا ويضع مضخّات للهواء داخله يسمع هديرها إلى الجانب اللبناني وينشئ مرافق سياحية، بينما الجانب اللبناني منطقة عسكرية جرداء مغلقة أمام المدنيين.
النقطة الثانية كانت عند البرج الإسمنتي الذي شيّده الجيش اللبناني عند رأس الناقورة، وتحديداً فوق التلة التي تضم معبر رأس الناقورة ومقر الاجتماعات الثلاثية. البرج القصير الذي اعترض العدو على تشييده، قابله خلف السياج الشائك المرتفع، برج حديدي طويل أقامه العدو، مدعّم بأجهزة تنصّت وكاميرات. وقد تحلّق جنود العدو على دعائم البرج الواقع في منطقة لبنانية محتلة، وهم يستمعون إلى عرض ضباط الجيش الذين قارنوا بين إمكاناتهم المتواضعة وإمكانات العدو.
المحطة الثالثة كانت على طريق العباسية – الغجر المعروفة بـ SD1، وهي المرة الأولى التي يتواجد فيها وفد رسمي منذ عام 2006، ويُسمح للمدنيين وللجيش على السواء بسلوك الطريق المحاذية لبلدة الغجر المحتلة. استثنائياً، عبرت مواكب الدبلوماسيين وحافلات الإعلاميين من سهل الماري باتجاه الغجر مروراً بالمعبر الذي تقيمه قوات اليونيفل على مدخل الطريق. على طريق إسفلتيّ بمحاذاة السياج الشائك الجديد الذي استحدثه العدو لضم الجزء الشمالي من الغجر، وقف عدد من الأهالي على أسطح منازلهم في الجانب المحتل، يستمعون مع الدبلوماسيين إلى عرض ضباط الجيش الذين شرحوا أن الغجر بلدة سورية تقع في الجولان المحتل. وخلال الاحتلال، تمدّد عدد من الأهالي في خراج بلدة الماري وبنوا منازلهم واستقروا فيها. وبعد تحرير الجنوب، اصطُلح على تمييز الحي الجديد بالجزء اللبناني الشمالي من بلدة الغجر. حتى عام 2006، كان الخط الأزرق يمر في وسط الغجر فاصلاً بين الجزء السوري المحتل والجزء اللبناني المحرّر. لكنّ العدو قام عام 2006، بضم الجزء اللبناني كأمر واقع من دون تسييجه، مستفيداً من الخط الدفاعي الذي أمّنته اليونيفل بقطع الطريق المحاذية له أمام الجيش والمدنيين.
أحد الضباط اللبنانيين قال لـ«الأخبار» إن قيادة اليونيفل «تمّنت على الجيش إبقاء الطريق مغلقة. فهي قامت بشقّها عام 2006 لتتنقّل من خلالها بين مواقعها في الماري والعباسية». ووعد بأن «تُفتح الطريق قريباً، لكن ليس الآن. فالدول المعنية باليونيفل لا تريد وقوع استفزازات من قبل عابري الطريق باتجاه الجانب المحتل. لأنها ستصبح النقطة الأكثر احتكاكاً على طول الحدود».
عبر الطريق المختصرة هذه، توجّه الموكب نحو موقع الوحدة الهندية في مزرعة بسطرة المحرّرة في مزارع شبعا. المزرعة التي ترتفع أكثر من 1200 متر، تشرف على سهول المجيدية والماري والغجر والجليل الأعلى في فلسطين. كما تشرف على إحدى الخيمتين اللتين نصبتهما المقاومة عند تخوم مزارع شبعا. استمع الدبلوماسيون كثيراً وعلّقوا قليلاً. وقابل هدوء الوفود الدبلوماسي غضب رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري الذي وقف ينتظرهم عند مرور مواكبهم. وقال: «كيف يأتي هؤلاء ولا يستمعون لنا نحن أصحاب الأرض التي يقفون عليها؟»، مشيراً إلى أن بسطرة ومزارع شبعا تتبع لكفرشوبا «التي يقارع أهلها اعتداءات العدو اليومية».
العدو يكرّر تهديد لبنان: حاولوا ضربنا في الغجر
في موازاة الجولة الميدانية التي نظّمها الجيش اللبناني لممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي المعتمدين في لبنان، على الخط الأزرق مع فلسطين المحتلة، جال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت على الحدود مع لبنان، وأطلق تهديدات مكرّرة ضد حزب الله، مشيراً إلى أن جيشه قادر على «إعادة لبنان إلى العصر الحجري (…) لن نتردّد في استخدام كل قوتنا، ونقضي على كل شبر من حزب الله ولبنان إذا اضطررنا إلى ذلك». وأضاف: «لا نريد الحرب، لكننا مستعدون لحماية مواطنينا وجنودنا وسيادتنا».
الإعلام العبري الذي غطّى الجولة أشار إلى أن تهديدات غالانت «غير عادية»، وأتت بناءً على «معلومات استخبارية حول أفعال قد ينفذها حزب الله». وربط بين التوتر عند الحدود مع لبنان والضربات الإسرائيلية في سوريا، إذ تفرض إسرائيل «ثمناً باهظاً على الإيرانيين في هجماتنا في سوريا. لذا يضغطون على حزب الله في لبنان لشن هجوم على السياج أو إشعال النار في حادث ما على الحدود».
وفي هذا السياق، أشارت قناة «كان» العبرية إلى أن صاروخين مضادين للدبابات استهدفا قبل شهر 3 جيبات عسكرية كانت تقوم بدورية قرب قرية الغجر، و«انفجرا قرب الجدار». وزعمت أن المجموعة المنفّذة «مرتبطة بفصيل فلسطيني». كما أشارت «القناة 13» العبرية إلى أن «إسرائيل رصدت تحركات لقوات الرضوان الخاصة»، وأن «إسرائيل تقدّر أن خطر التصعيد يتزايد، على الرغم من أن إسرائيل وحزب الله لا يريدان حرباً». ولفتت «القناة 14» إلى أن «إسرائيل تناقش هذه الأيام ما إذا كان من الصواب المبادرة بشيء ما على الجبهة الشمالية أو ترك الوضع على نار هادئة»”.
المصدر: الصحف اللبنانية