نجح علماء روس بزراعة البطيخ في مكان لا يتوقعه أي مزارع على وجه الأرض، بسبب برودته الشديدة، وعزلته وبعده أيضا عن البشر والمناطق الزراعية وخلوه من أي نباتات.
ويعتبر هذا الإنجاز الزراعي الروسي جزءا من تجربة في محطة “فوستوك”، وهي محطة أبحاث روسية تعمل على مدار العام تقع في القطب الجنوبي البارد.
وأطلق على هذه المحطة الروسية هذا اللقب لأنها تقع ضمن منطقة مصنفة بأنها من أبرد المناطق على وجه الكرة الأرضية، حيث وصلت درجات الحرارة المسجلة مرة واحدة إلى درجة التجمد -128.6 درجة فهرنهايت (- 89.2 درجة مئوية).
ويعتبر هذا الإنجاز من الإنجازات الزراعية المهمة، إذا علمنا أن البطيخ ظهر في السودان منذ أكثر من 4300 عام، حيث لوحظ وجوده على الآثار والمنحوتات القديمة في المنطقة، بما في ذلك في المقابر المصرية القديمة، أي أنه تطور في بيئة بعيدة عن المناطق الباردة.
ولجعل المكان المخصص للزراعة في محطة “فوستوك” أكثر ملاءمة للبطيخ، أنشأ باحثون من البعثة الروسية للقطب الجنوبي التابعة لمعهد أبحاث القطب الشمالي والقطب الجنوبي (AARI)، جنبًا إلى جنب مع زملاء من معهد البحوث الفيزيائية الزراعية ومعهد المشاكل الطبية الحيوية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، “واحة”، استطاعوا فيها زيادة درجة حرارة الهواء والرطوبة إلى الظروف التي كانت مواتية للفاكهة الغنية بالسوائل.
واختار الفريق بشكل مقصود نوعين من البطيخ الذي ينضج بشكل مبكر، ليس فقط بسبب مذاقه اللذيذ ولكن أيضًا لقدرته على التكيف مع الضغط الجوي المنخفض ونقص الأكسجين داخل المزعة.
وزرع العلماء البذور في طبقة رقيقة من التربة البديلة واستخدموا إضاءة خاصة تحاكي ضوء الشمس، ونظرًا لعدم وجود حشرات لتلقيح النباتات، تم تكليف الباحثين بتلقيح كل شيء يدويًا، بحسب بيان الجمعية الجغرافية الروسية.
وبعد 103 أيام بالضبط من زرع البذور، قطف الباحثون ثمانية ثمرات ناضجة وحلوة، ظهرت على 6 نباتات مختلفة، وكان وزن البطيخة الواحدة حوالي 1 كيلوغرام تقريبا، بأقطار تصل إلى 5 بوصات (13 سم).
وأثبتت التجربة أنه، في ظل الظروف المناسبة، يمكن زراعة البطيخ في أبرد بقعة على الكوكب، وقدمت أيضًا وجبة خفيفة مثيرة للعلماء الذين يعيشون في الظروف القاسية في القارة القطبية الجنوبية.
قال أندريه تيبلياكوف، كبير علماء الجيوفيزياء في معهد أبحاث القطب الشمالي والجنوبي الروسي، للجمعية الجغرافية الروسية: “بطبيعة الحال، كان جميع الكشافة في القطب (الجنوبي) سعداء بتذكر طعم الصيف.. ومنحتنا مراقبة الشتلات والنمو وظهور الثمار المشاعر الإيجابية”.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها زراعة المنتجات في محطة “فوستوك”. ففي عام 2020، نجح الباحثون في زراعة مجموعة متنوعة من النباتات، بما في ذلك الشبت والريحان والبقدونس والجرجير والملفوف.
المصدر: سبوتنيك