تنتهي اليوم 31 تموز/يوليو 2023، الولاية الخامسة والاخيرة لرياض سلامة كحاكم للمصرف المركزي في لبنان. وهو الحاكم الخامس لمصرف لبنان منذ تأسيسه عام 1964.
من هو رياض سلامة ؟
ترافق تعيينه مع بدء فترة المرحلة التي عرفت بـ”الحريرية”, أي مع بدء فترة تولي الرئيس الشهيد رفيق الحريري رئاسة الوزراء، الذي ارتكزت سياسته الاقتصادية على مشروع الاستدانة الواسعة. وكانت مهمة سلامة خلق أنظمة مصرفية خاصة تقوم على فكرة جذب الاموال وبرنامج الفوائد العالية واستخدامها في خدمة تلك السياسات، بالاضافة الى ترسيخ قطاعات الاستهلاك على حساب القطاعات الانتاجية.
عُيّن سلامة حاكماً لمصرف لبنان في الأول من آب/أغسطس 1993، وأُعيد تعيينه لثلاث ولايات متتالية في الأعوام 1999 و2005 و2011. ما جعلها الفترة الأطول في خدمة محافظ بنك مركزي في العالم.
حاز سلامة على “جوائز وشهادات تكريم وتقدير” عدة، غير الالقاب المتتالية كأفضل حاكم مصرفي، وأكبر متداول للأسهم في العالم. ولكن لم تسعفه هذه التكريمات أمام عشرات الشكاوى التي وجهت ضده من قبل دول عدة، بالاضافة الى الاستدعاءات القضائية ومنع السفر الصادر بحقه في لبنان ومذكرة التوقيف الدولية.
متهم بشراء عقارات في دول مختلفة، باستخدام ملايين الدولارات من الأموال العامة المسروقة. في المقابل ينفي سلامة مسؤوليته عن الأزمة، ويقول إنه كان ضحية “الحملة” السياسية ضده، في حين ينتقد مراقبو السوق هندساته المالية والنقدية، والتي يقولون إنها السبب في إدخال لبنان في هذه الازمة.
تعاميم غير قانوينة ومنصة أثارت الجدل
أصدر خلال سنوات الأزمة 2019 حتى العام 2023، تعاميم عدة وصفت بالعشوائية وغير القانونية، بالاضافة الى منصة صيرفة، التي أثارت جدلاً واسعاً حول أهدافها. فالعمليات التي نفذت عبرها كبيرة بالنسبة لحجم الاقتصاد والسوق اللبناني ومحدودية الاحتياط الموجود، وحولت الشعب اللبناني إلى صراف وساهمت بفقدان العملة اللبنانية من قيمتها مقابل الدولار، حيث بلغ حجم التداول خلال سنوات عملها 21.784 مليار دولار امريكي. كما ظهرت آثار الازمة بتقييد السحوبات المصرفية وأقفلت المصارف أبوابها أمام المواطنين. ودخلت القطاعات العامة في اضرابات مستمرة وبلغ التضخم مستويات قياسية.
ما بعد رياض سلامة!
يقول الخبير المالي كارابيد فكرجيان للنشرة الاقتصادية على قناة المنار إن الفرق ما قبل رياض سلامة وما بعده لن يكون كبيراً، لأن المشكلة الاساسية هي في السياسة النقدية المتبعة، ولان نواب الحاكم وبحسب الوقائع لن يأتوا بسياسة أخرى جديدة بل سيستمرون بتمويل الحكومة اللبنانية, وستستمر الحكومة بالانفاق غير المجدي، ولا نية جدية بالقيام بإصلاحات على صعيد هذه السياسات.
ويضيف فكرجيان إن “رياض سلامة هو محاسب الحكومة، وهو الذي يقوم بتنفيذ خطة الحكومة, ما يعني أن تغيير الاسماء لا يعني تغيير السياسات طالما أن السياسة الحالية القائمة ما زالت في دوامة يتجاوز عمرها الثلاثين. وحتى لو أن الحاكم الجديد قرر وقف تمويل الحكومة وطباعة عملة. وكما قال نائب الحاكم الاول وسيم منصوري في مؤتمره الصحافي اليوم إنه يتمنى إخراج السياسة النقدية من التجاذب السياسي الموجود، ما هو إلا دليل على أن العراك السياسي يشكل عائقاً أساسياً أمام عملية الاصلاح المنشودة لخلاص البلاد من الأزمات المعيشية والإقتصادية.
وحول خطة نواب الحاكم في مصرف لبنان، التي تتضمن 6 بنود لها علاقة بإصلاحات مالية وإقرار موازنة 2023، وتحسين عمق وسيولة سوق الصرف الاجنبي, يقول فكرجيان إن أرشيف البلد يشير الى عدم جدية في تعاطي الحكومات مع الملفات، والكهرباء أكبر دليل فاليوم هي تبيع بخسارة و60 بالمئة من الفاتورة هي هدر، ويتحمل مسؤوليتها المواطن اللبناني.
سلامة ابن 73 عاماً والحائز على اجازة في الاقتصاد من الجامعة الامريكية في بيروت، غادر اليوم المصرف المركزي تاركاً وراءه جدراناً قد تكون الشاهد الوحيد على أكبر عملية احتجاز ومصادرة تعرض لها شعبٌ من قبل مسؤوليه ومصرفه.
غرافيك: علي كجك
المصدر: موقع المنار