بعد سلسلة من النكسات والهزائم وفي ظل فشل الهجوم المضاد للجيش الأوكراني وسط استنزاف عديده البشري وقدراته العسكرية في مواجهة روسيا، قرّرت أمريكا تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا لتشمل هذه المرة الأسلحة المحرّمة دوليًا.
الولايات المتحدة توافق على تسليم أوكرانيا ذخائر عنقودية
وفي هذا السياق، أعلن البيت الأبيض الجمعة عن موافقته على تسليم أوكرانيا قنابل عنقودية.
في الوقت نفسه، يزعم البيت الأبيض أن أوكرانيا ستستخدم الذخائر العنقودية على أراضيها، بشكل يقلل من المخاطر التي يتعرض لها سكانها.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك ساليفان، الجمعة، إن الولايات المتحدة قررت نقل ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا، الأمر الذي تعارضه الأمم المتحدة، كما أشار إلى أن كييف قدمت لواشنطن ضمانات مكتوبة بشأن استخدام الذخائر العنقودية الأمريكية مع الحد الأدنى من التهديدات للمدنيين.
من جهته، أشار السكرتير الصحفي للبنتاغون، باتريك رايدر، إلى أن الولايات المتحدة تعتزم “اختيار ذخائر عنقودية لأوكرانيا، من المفترض أنها ستشكل تهديدا ضئيلا للمدنيين”.
البنتاغون: لن نعلن عدد الذخائر العنقودية التي ستنقل إلى أوكرانيا
نائب وزير الحرب الأمريكي للشؤون السياسية، كولين كول، تكتم على حجم القنابل العنقودية التي قررت واشنطن تزويد كييف بها في إطار حزمة مساعدات عسكرية جديدة تبلغ قيمتها 800 مليون دولار.
وأكد مسؤول البنتاغون أن الولايات المتحدة تحوز مئات الآلاف من القنابل العنقودية، مبينا أن العدد الذي سينقل إلى أوكرانيا لن يعلن عنه.
وقال المسؤول في مؤتمر صحفي الجمعة إن “حزمة المساعدات الجديدة البالغة 800 مليون دولار ستشمل قذائف مدفعية من عيار 155 ملم، بما في ذلك ذخائر عنقودية”.
ولفت كول أيضا إلى أنه سيتم تسليم حزمة مساعدات جديدة إلى أوكرانيا، في إطار الهجوم المضاد الجاري حاليا، فيما أجاب على سؤال حول توقيت نقل هذه الأسلحة بالقول “نحن نركز على إطار الهجوم المضاد”.
بايدن: ذخائر القوات الأوكرانية التقليدية نفدت وسنزودها بالعنقودية
بدوره، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن ذخائر نظام كييف نفدت ما استوجب تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية لمواصلة الهجوم المضاد، معتبرا أن قرار تسليمها “لم يكن سهلا واتبع توصية البنتاغون”.
وأوضح بايدن في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” قائلا “اتبعت توصية البنتاغون بشأن تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية”.
وأضاف أنه “لم يكن قرارا سهلا.. تم اتخاذ قرار نقل الذخائر العنقودية إلى أوكرانيا بسبب نفاد الذخيرة التقليدية في كييف”.
وأشار بايدن إلى أن “قوات كييف تعتمد على الذخيرة.. نفاد الذخيرة استوجب ذلك، ورغم وجود القليل من الذخيرة، قبلت توصية وزارة الدفاع بنقلها، ليس كإجراء دائم، ولكن مؤقتا”.
واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار
وكان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أعلن عن تقديم واشنطن حزمة المساعدات العسكرية الجديدة لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار.
وجاء في بيان لوزير الخارجية الأمريكي، الجمعة، أن حزمة المساعدات تضم ذخيرة إضافية، بما في ذلك قذائف عالية الدقة وصواريخ للراجمات والقذائف من عيار 155 و105 ملم وصواريخ لأنظمة الدفاع الجوي ومدرعات “برادلي” و”سترايكر” وغيرها من المعدات.
“ستسبب خسائر فادحة بين المدنيين”
من جهته، أعرب تحالف الذخائر العنقودية الذي يسعى إلى فرض حظر على هذا النوع من الأسلحة عن رعبه وصدمته من قرار الولايات المتحدة بإمداد أوكرانيا بالذخائر العنقودية.
وقال بول هانون، نائب رئيس مجلس إدارة تحالف الذخائر العنقودية، إن “قرار إدارة بايدن بنقل الذخائر العنقودية سيسهم في خسائر فادحة في الأرواح بين المدنيين الأوكرانيين، سواء على الفور (بعد استخدامها) أو لسنوات عديدة”.
وأضاف هانون أن استخدام الذخائر العنقودية “يفاقم التلوث الهائل بالفعل لأوكرانيا بمخلفات المتفجرات والألغام الأرضية”.
وجاء في بيان التحالف أن “الدول الأطراف في اتفاقية الذخائر العنقودية يجب أن تعارض أي نقل أو استخدام لهذه الأسلحة”، كما حث أطراف النزاع في أوكرانيا على عدم استخدام هذه الأسلحة “بسبب الضرر المتوقع الذي سيلحق بالسكان المدنيين”.
يمكن أن يتسبب بموت جماعي للسكان المدنيين
وفي أول تعليق رسمي من روسيا على إعلان واشنطن تزويد كييف بالقنابل العنقودية المحظورة، أكد النائب في مجلس الدوما الروسي عن القرم، سيرغي تسيكوف، أن استخدام القنابل العنقودية الأمريكية في أوكرانيا يمكن أن يتسبب بموت جماعي للسكان المدنيين.
وقال تسيكوف لوكالة أنباء “نوفوستي” إن “استخدام الذخائر العنقودية الأمريكية في أوكرانيا يمكن أن يؤدي إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين”، معبرا عن أمله في “أن تعمل قواتنا المسلحة على تدمير هذه الذخائر قبل المباشرة باستخدامها”.
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، في وقت سابق، أن هذا الأمر يؤكد أن مهمة القوات الأوكرانية تتمثل في قتل أكبر عدد من المدنيين.
وسائل إعلام: قرار واشنطن تزويد أوكرانيا بقنابل عنقودية يصدم أقرب حلفائها
وأكدت وسائل إعلام غربية أن قرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بنقل ذخائر عنقودية إلى القوات الأوكرانية قد صدم الجارة الشمالية كندا، أقرب حليف للولايات المتحدة.
وأوردت شبكة “سي بي سي” الكندية أنه “من المرجح أن تثير هذه الخطوة غضب المنظمات الإنسانية وانتقادات من حلفاء أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، والاتحاد الأوروبي، الذين عارضوا منذ فترة طويلة استخدام القنابل العنقودية”.
وتمثل كندا واحدة من العديد من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، الذين وقعوا اتفاقية في عام 2010 لحظر استخدام مثل هذه الذخائر، كما أنها تبذل جهودا كبيرة لتطهير أراضي الدول الأخرى من القنابل غير المنفجرة، حسب أصحاب المقال.
وينتهك قرار إدارة بايدن بتسليح القوات الأوكرانية بمقذوفات حقوق السكان المدنيين، حيث سيضع أوتاوا في طريق مسدود، مثلما جاء في المقال.
نقل ذخائر عنقودية لقوات كييف دليل على تعثر الهجوم الأوكراني المضاد
مراسل قناة “سكاي نيوز” في الولايات المتحدة، مارك ستون، قال إن قرار واشنطن بنقل ذخائر عنقودية لأوكرانيا يشير إلى أن قوات كييف تواجه صعوبات كبيرة في الهجوم المضاد.
وكتب ستون في مقال نشر على موقع القناة على الانترنت “إن نقل هذه الأسلحة يخلق مخاطر واضحة على المدنيين. ليس الآن، ولكن في المستقبل. أصداء الحرب من الذخائر الصغيرة غير المنفجرة واضحة في ساحات القتال السابقة في جميع أنحاء العالم”.
وأضاف المصدر نفسه أن الولايات المتحدة “تخاطر بفقدان “تفوقها الأخلاقي على روسيا” من خلال توريد الأسلحة المحظورة في معظم دول العالم. فلماذا نوفرها؟ لأن الحقائق على الأرض ليست في صالح أوكرانيا. هذا القرار إشارةٌ واضحة على أن الشؤون العسكرية لأوكرانيا لا تسير على ما يرام إطلاقا”.
ويلاحظ ستون أن “الهجوم المضاد الربيعي” للقوات الأوكرانية، المعلن عنه منذ فترة طويلة، لم يبدأ في الربيع ولم يبدأ في الصيف، مضيفا أنه “من الصعب على القوات الأوكرانية الزحف على المواقع الروسية المحصنة جيدا، كما أن مخزون قذائف المدفعية التقليدية ينضب بسرعة من القوات المسلحة لأوكرانيا وحلفائها الغربيين”.
وعبر المتحدث بالقول “ما نحتاجه في هذه الحالة هو “جسر الإمداد”، وهو السلاح الذي سيسمح لكييف بمواصلة القتال بينما يتم حل مشكلة نقص الذخيرة. وكان الحل هو الذخائر العنقودية من “المخزون الضخم” للبنتاغون”.
ويلفت ستون إلى أن أوكرانيا تتحمل بالكامل مسؤولية المخاطر المرتبطة بتهديد المدنيين بالعناصر غير المنفجرة من الذخائر العنقودية، حيث وعدت الولايات المتحدة بمساعدة أوكرانيا على تطهير الأراضي التي استخدمت فيها هذه الأسلحة، بعد انتهاء الصراع.
ويستشهد ستون في مقاله ببيانات من مرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية، التي تشير إلى أن 97% من ضحايا الذخائر العنقودية في العالم من المدنيين، خاصة الأطفال.
ويمكن أن تحتوي مجموعات القنابل العنقودية على مئات الذخائر الفردية، حيث تتعثر في الهواء عند تفجيرها على مساحة عشرات الأمتار المربعة، كما أن بعضها لا ينفجر على الفور ويبقى على الأرض، مما يشكل تهديدا للمدنيين لفترة طويلة بعد انتهاء الصراع. وفي عام 2008، تم اعتماد اتفاقية حظر الذخائر العنقودية، التي انضمت إليها 111 دولة، ووقعت عليها 12 دولة أخرى، لكنها لم تصدق عليها بعد.
وبحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية لحقوق الإنسان، فإن نسبة العناصر غير المنفجرة كقاعدة عامة، أعلى بكثير مما هو معلن، مما يؤدي إلى وقوع إصابات بين السكان المدنيين.
محظورة بموجب اتفاقية دولية
يذكر أن الذخائر العنقودية تعتبر من الأسلحة المحظورة بموجب اتفاقية دولية صادقت عليها 123 دولة، باستثناء الولايات المتحدة وأوكرانيا.
وأرسلت موسكو مذكرة إلى دول الناتو الربيع الماضي، بسبب نقل أسلحة إلى أوكرانيا. وأشارت روسيا مرارا إلى أن أي شحنات تحتوي على أسلحة إلى كييف ستصبح هدفا مشروعا للجيش الروسي.
المصدر: موقع المنار + وكالات