تم تدمير الجزء العلوي من محطة كاخوفسكايا للطاقة الكهرومائية نتيجة لقصف أوكراني صباح الثلاثاء، ما أدّى إلى أضرار في البنى التحتية، وارتفاع في منسوب نهر دنيبر.
نستعرض هنا الكوارث التي يمكن أن يسببها انهيار سد كاخوفسكايا.
محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية هي أحد المشاريع العظيمة في ظل الاتحاد السوفيتي، وقد أنشئت مدينة نوفايا كاخوفكا فقط لخدمة موظفي محطة الطاقة الكهرومائية وعائلاتهم. وقد تم تشغيل المجمع الكهرومائي بالتزامن مع الانتهاء من تركيب الوحدة الكهرومائية السادسة للمحطة في عام 1956.
ويبلغ الطول الإجمالي للسد أكثر من 3.8 كيلومترات، ويحتوي على خزان كاخوفكا بحجم 18.2 كيلومتر مكعب، وهو أكبر خزان على نهر الدنيبر، ويمثل في الوقت نفسه المصدر الرئيسي لإمدادات المياه للجنوب بأكمله.
ويمنع اختراق كتلة المياه العملاقة المخزنة السد المنيع الذي يبلغ طوله 16.5 مترا، والذي يهدد الجيش الأوكراني وعدد من التشكيلات المسلحة للقوميين الأوكرانيين المتطرفين بتفجيره، حيث يسعى العمل الإرهابي، الذي شهدنا مثالا عليه صباح اليوم، إلى عدة أهداف في وقت واحد، لعل أبرزها هو التدمير الفعلي ومقتل مئات الآلاف من السكان المدنيين الذين أعربوا عن رغبتهم في الانضمام إلى الأراضي الروسية من خلال الاستفتاء على انضمام منطقتي خيرسون وزابوروجيه إلى روسيا. فقد أصبحت منطقة نهر الدنيبر الآن جزءا من الأراضي الروسية، وبالتالي أصبح موقف القوميين الأوكرانيين المتطرفين تجاه تلك المنطقة وشعوبها عدائيا.
من بين الأهداف كذلك فصل الضفة اليمنى من النهر حيث تسيطر أوكرانيا على الضفة اليسرى التي تسيطر عليها روسيا، ومنع إقامة أي معابر عائمة أو أي معابر أخرى، لا سيما بعد تدمير كافة الجسور التي تربط بين الضفتين خلال الأشهر الماضية.
لقد ظهرت المعلومات الأولى حول استعداد نظام كييف لهجوم صاروخي ضخم على محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية في 18 أكتوبر الماضي، حيث صرح في حينها قائد القوات الروسية في منطقة العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفيكين، بأن “تلك الأعمال يمكن أن تؤدي إلى تدمير البنية التحتية للمراكز الصناعية الكبيرة، وإلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين”.
وبإمكاننا القول إن محطة الطاقة الكهرومائية هي هدف “جيد” لاستهداف القوات المسلحة الأوكرانية، بعد أن دمرت الصواريخ والقذائف التي يطلقها القوميون المتطرفون السكك الحديدية وجسور الطرق على السد منذ عام مضى.
تقع المحطة نطاق قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة من طراز هيمارس، وبالطبع لن يكون من الممكن تدمير الهيكل الهيدروليكي للمحطة دفعة واحدة، لعدم امتلاك التشكيلات القومية المتطرفة الأسلحة المناسبة لذلك، إلا أن الضربات المنهجية التي تستهدف جسم محطة الطاقة الكهرومائية في كاخوفسكايا يمكن أن تتسبب في اختراق السد.
ما رأيناه اليوم من هجوم إرهابي بتدبير كييف لا يهدد المناطق والشعوب التي انضمت إلى روسيا حديثا فحسب، وإنما ستتبعه أضرار وتداعيات يمكن أن تطال أيضا أوكرانيا وداعميها في أوروبا.
في السيناريو الأكثر سلبية لتطور الأحداث، حال تدمير جزء من السد، فسوف تنطلق المياه بكميات ضخمة بضغط هائل لتجرف الموجة منطقة “غولايا بريستان” بأكملها، وسترتفع المياه ما ينذر بكارثة صحية، وسيتعين على السلطات المحلية إما إجلاء ما يصل إلى عشرات الآلاف من السكان المحليين أو مكافحة العدوى وغيرها، ناهيك عن الصعوبات التي يمكن أن تظهر في فصل الشتاء.
تنتظر العواقب الأسرع والأكثر كارثية سكان المناطق الواقعة أسفل مجرى النهر، حيث سيكون الشيء الرئيسي هنا هو انخفاض مستوى المياه في الخزان بعدة أمتار، وسيؤدي التدفق السريع للمياه إلى كسر حواجز المياه على طول القرى، ولن تتمكن خدمات الطوارئ من التعامل بسرعة مع عواقب الكارثة في ظروف الأعمال العسكرية، وإذا انحسرت المياه في اتجاه مجرى نهر الدنيبر، لن يعود مستوى المياه في الخزان إلى المستوى القديم لسنوات، حتى لو تمت استعادة السد على الفور.
إضافة إلى المشكلات الصحية، هناك مخاطر فنية كبيرة، حيث أن نظام التبريد في محطة زابوروجيه للطاقة النووية يعتمد على مياه الخزان، والحاجة هنا كبيرة للغاية، بحيث لا يمكن للآبار المحفورة على الفور حل المشكلة. إضافة إلى ان الحفر لا بد وأن يكون أعمق من المعتاد، حيث سينخفض مستوى مياه الآبار مع انخفاض مستوى المياه في الخزان. ولا يتعين هنا الإشارة إلى ما يمكن أن يمثله ارتفاع درجة حرارة المفاعلات النووية لأكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، والتي تضم داخلها 6 مفاعلات نووية. وهو ما يمكن أن يمثل حادثا أخطر بكثير من عواقب الضربة النووية.
يتم تغذية قناة شمال القرم من خزان كاخوفكا، وهي القناة التي كانت أوكرانيا قد أغلقتها، حتى لا يحصل أهالي القرم على المياه. وفتحتها مجددا القوات الروسية، ويعني خفض منسوب المياه بمقدار 5-8 أمتار ترك عدة ملايين من الأشخاص بدون مياه عذبة.
كذلك لا ننسى عواقب الجفاف في الإقليم، حيث يعتمد الجنوب بشكل كبير على الري من مياه خزان كاخوفكا، وهو المكان الذي تعيش عليه الزراعة في منطقة قاحلة بشكل أساسي. وتنبع قناة كاخوفكا التي يبلغ طولها 130 كيلومترا من الخزان، وهي مفتاح نظام الري في جنوب منطقة خيرسون. وسيشعر مئات الآلاف من الناس بالتأثير السلبي للجفاف في وقت أقصاه الخريف المقبل حين فقد المحصول.
بعض المنطق المستند إلى حقائق ربما يعطي أملا ضعيفا في سلامة القوى العقلية للنظام في كييف، حيث أن محطة كاخوفسكايا للطاقة الكهرومائية هي مرفق حيوي للبنية التحتية في روسيا، إلا أن الهجوم الإرهابي على جسر القرم كلف الأوكرانيين بالفعل ثلث محطات توليد الطاقة لديها على أقل تقدير. ومن غير المعروف إلى أي مستوى يمكن أن يهبط نظام كييف تحت الضربات الروسية إذا ما تهور وفكّر في تدمير السد.
كذلك، فإن تدمير السد والانخفاض اللاحق في منسوب الخزان سيؤدي إلى كارثة إنسانية حتى في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة كييف. على سبيل المثال، تنبع قناة كريفوي روغ من هذا الخزان أيضا، وهذا موطن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الذي يبلغ عدد سكانه 600 ألف نسمة. وحتى لو لم تكن تلك القناة هي المصدر الرئيسي للمياه في المدينة، إلا أن نقص المياه قد يتسبب في هجرة سكان المدينة، كذلك ستصبح مآخذ المياه في تجمع نيكوبول الذي يزيد عدد سكانه عن 300 ألف نسمة، والواقع على الضفة اليسرى للخزان، ضحلة. ومع ذلك، فالقضايا الإنسانية المتعلقة بالسكان وحياتهم لا تشغل بال النظام في كييف، لذلك يبقى الاعتماد فقط على الخوف من الانتقام الروسي.
المصدر: روسيا اليوم