ملف ساخن | عشر سنوات بين “معركة القصير” وقمة جدة: لو اتعظوا – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ملف ساخن | عشر سنوات بين “معركة القصير” وقمة جدة: لو اتعظوا

سمية علي

بعد معركة القصير، التي بدأت في مثل هذا اليوم في 19 أيار/مايو عام 2013، التقى واحد من أهم الصحافيين المصريين والعرب محمد حسنين هيكل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. في هذا اللقاء شرح السيد نصرالله، على خريطة وضعها أمامه، المعارك على أرض سوريا.

دار نقاش بين الصحافي وقائد المقاومة التي كانت طرفاً أساسياً في المعركة، حول الأسباب والدوافع والنتائج الميدانية والعسكرية للأخيرة. في النهاية، أكد هيكل للسيد نصرالله أن على الحزب إدراك أن “معركة القصير كانت الأهم منذ بداية الأزمة السورية، وأن أهم نتائجها أمران: عدم سقوط النظام، ومنع تقسيم سوريا كما يريد الأميركي”.

بعد مرور عشر سنوات على معركة القصير، وتزامناً مع ذكرى انطلاقها، حطّت طائرة “فخامة الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية”، التوصيف الذي استخدمته وزارة الخارجية السعودية على صفحتها على موقع “تويتر”، في مطار جدّة، للمشاركة في اجتماع جامعة الدول العربية على مستوى قادة الدول. وصل الأسد رئيساً لبلاده ليجلس على مقعد مُنع من الجلوس عليه بقرار عربي قبل اثني عشر عاماً، عكس عدم الاعتراف بشرعية حكمه وللإعلان عن انخراط وقرار عربي واسع في دخول الحرب ضد دمشق على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

ما بين التاريخين أو الحدثين، تحرير القصير ووصول الرئيس الأسد إلى جدة لإلقاء “خطاب نصر بلاده” أمام قادة العرب، من انتظروا سقوطه، علاقة كالتي أسرّ بها هيكل للسيد نصرالله. ما الأسباب الكامنة خلف هذه العلاقة؟ أو كيف كانت القصير المسمار الذي دُق في نعش مشروع كبير انطلق من الحرب السورية؟ مع التأكيد بأن هناك عوامل قوة عديدة أخرى ساهمت في صمود سوريا، وأنه إلى جانب القصير خيضت معارك استراتيجية كبرى على امتداد الجغرافية السورية طوال فترة الحرب وجهت ضربات قاسية للمجموعات المسلحة على اختلافها واختلاف داعميها عربياً واقليمياً ودولياً.

استراتيجية المعركة

’’سقوط القصير وتصعيد المعارك الداخلية في سوريا، سيخلقان وقائع جديدة وستكون لهما تأثيرات في كل المسارات الموازية، كما في استقرار الدول المجاورة’’

من مقال نشره مركز كارنيغي للسلام في الشرق الأوسط في حزيران/يونيو 2013

كان لنتائج معركة القصير، تداعياتٌ معنوية وعسكرية كبيرة على ما سُمي بـ”المعارضة السورية”.

عسكرياً، فإن نجاح دمشق وحلفائها (شكلت المعركة البداية الفعلية لانخراط حزب الله عسكرياً في الحرب) في حسم المعركة لمصلحته، مكّنها من إطباق الحصار على حمص القديمة بقطْع طرق الإمداد كافّة، الأمر الذي شكّل مقدّمةً لاقتحامها والسيطرة عليها، مما أدّى إلى عزل المسلحين عن المركز (الشمال، وأقصى الجنوب، والشرق).

كما منحت “معركة القصير” الدولة السورية مقوّماتِ البقاء والصمود كونه أمّن، ولأوّل مرّة منذ منتصف عام 2012، تواصلًا جغرافيًّا آمنًا ما بين العاصمة والمنطقة الوسطى (حمص، وحماة)، وصولًا إلى الساحل السوريّ الذي يُعدّ المنطقة الأكثر أمانًا واستقرارًا في البلاد.

إضافة إلى ذلك، وبحسب العديد من الخبراء، فإنه إضافة إلى أن نتائج المعركة أعطت زخماً ودفعاً كبيراً للدولة السورية التي كانت تخوض حرباً عالمية على أرضها بكل ما للكلمة من معنى، فإنها ايضاً شجعت روسيا لاحقاً على الدخول مباشرة في الحرب (أيلول/سبتمبر 2015) بعدما وجدت بعد عامين أن “هناك قوة برية يمكن الاعتماد عليها على الأرض”.
وهنا نذكّر بالتأثير الهام لهذا الدخول لصالح سوريا لجهة مسار المعارك على الأرض.

لو اتعظوا

بالرغم من كل ما قيل، وبالرغم من كل النقاشات والنظريات التي كرّسها ضخّ إعلامي ضخم مدعوم خليجياً وغربياً حول سقوط شرعية “نظام الأسد” في سوريا، وكيف أن الأخير بات “مجرد شبيح، يمعن في تعذيب وقتل السوريين ومصادرة حرياتهم وحقهم في حياة آمنة كريمة”، فإن مشهد اليوم المتمثل بابتسامة عريضة علت وجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لحظة دخول الرئيس بشار الأسد، وكيف أن يديه فتحت لملاقاة الأخير ترحيباً، يؤكد وإلى غير رجعة سقوط كل ذلك، وأنه مجرد دعاية كاذبة لأهداف أكبر لا دخل لرفاهية السوريين وحريتهم بها، على العكس فإن الحرب لم تأت عليهم إلا بويلات القتل والإرهاب والتهجير والنزوح والإفقار والحصار والاحتلال ونهب الثروات.

هذا العناق وقبله السباق العربي ورسائل الود باتجاه سوريا كلها نتاج لحقيقة واحدة: لقد خسروا الحرب. ألم يكن من الأجدى لهم احترام قرار الرئيس السوري بشار الأسد برفض العروض السخية التي نقلها له الملك السعودي أثناء زيارته دمشق عام 2009 مقابل تخليه عن دعم فصائل المقاومة وكسر تحالفه مع ايران؟ ألم يكن من الأفضل أن يكونوا أكثر حنكة في قراءة المشهد الذي جمع بين الرئيس الأسد والأمين العام لحزب الله والرئيس الايراني وقتها محمود أحمدي نجاد بعدها بعام في دمشق أيضاً؟

الصورة التقطت في العاصمة السورية دمشق عام 2010 أتت في توقيت حساس واستراتيجي
الصورة التقطت في العاصمة السورية دمشق عام 2010 أتت في توقيت حساس واستراتيجي

لو اتعظوا مما جرى في القصير، لو فعلوها، لو لم يبالغوا بطموحاتهم لجنبوا أنفسهم مرارة الخسارة، مرارة الذل، وهو يدخل عليهم رئيساً شرعياً في جدة.

المصدر: موقع المنار

البث المباشر