تزامناً مع الذكرى السنوية الثانية لمعركة سيف القدس، التي أرّخت لتاريخ جديد من عمل المقاومة الفلسطينية المتراكم، فرضت خلاله على كيان الاحتلال قواعد ردع، حدّت كثيراً من حركته في استهداف المناطق المدنية، وإزاءالمتغيرات المتسارعة اقليميا .. يحاول رئيس حكومة الكيان المأزوم داخليا، استعادة زمام المبادرة، من خلال العملية العسكرية، التي أطلقها في قطاع غزّة، واستهد فيها ثلاثة من القادة العسكريين الميدانيين لسرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين.
نتنياهو الغارق في وحل أزماته الداخلية غير المسبوقة، التي باتت تهدّد الكيان بأكمله، وتعود بارتدادتها على حكومته، وعلى العلاقة بين المستويين السياسي والأمني، يسعى عبر استئناف سياسات الاغتيال، استعادة هيبته السياسية والعسكرية المفقودة أمام تماسك وحدة الساحات التي مثّّلتها معركة سيف القدس، بالتكاتف بين كل أبناء الشعب الفلسطيني على امتداد أراضي فلسطين التاريخية، ما يشكّل تهديداً خطيراً على أمن الكيان، الذي يُعاني بالمقابل من انقسامات عميقة بين مكوناته ذات الأصول المختلفة.
العملية العسكرية التي استجاب فيها نتنياهو لمطالب وزراء اليمين المتطرف اتيمار بن غفير، ووزير حربه، بني غانتس، ووزعيم المعارضة يئير لابيد، شكلت فرصة لـ” نتنياهو” للوحدة بين مكونات حكومته، وتوحيد الجبهة الداخلية في كيان الاحتلال، بعدما ساهمت سياساته في زيادة الشرخ فيها، وذلك على مقربة من الذكرى الخامسة والسبعين، لتأسيس الكيان الغاصب، في الخامس عشر من الشهر الجاري.
الضربات السريعة المباغِتة، في مناطق سكنية، بمشاركة أربعين طائرة مروحيّة ومسيّرة، أظهرت سعي الاحتلال لتحقيق نصر سريع، يُضعف معه قدرة المقاومة وتحديداً سرايا القدس على الردّ من خلال ستقلال قادة اساسيين في المجلس العسكري للسرايا، من جهة، وبالتالي يكسر المحرمات التي كرّستها قواعد الردع الفلسطينية، خلال السنوات السابقة، عبر الاستهداف المباشر للمدنينين والمقدسات، كما جرى من خلال الردّ على الاعتداءات على المسجد الأقصى ، خلال شهر رمضان المبارك.
ردّ المقاومة في شهر رمضان، الذي امتدّ الى أكثر من ساحة، ما ضيّق هامش المناورة لدى حكومة الاحتلال، أمام الوحدة الميدانية لفصائل ودول محور المقاومة المتصاعد في المنطقة، ما يؤرق كيان الاحتلال الاسرائيلي، يقابله الاخير بالسعي الى قلب هذه المعادلة، عبر الاستفراد بأحد فصائلها، وتحييد باقي الفصائل، لاسيما حركة حماس التي تسيطر فعلياً على قطاع غزّة، ليأتي ردّ الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، أن الاحتلال وقادته الذين بادروا بالعدوان، عليهم أن يستعدوا لدفع ثمن جريمتهم وعدوانهم.
القلق المتصاعد من مناخات التقارب في المنطقة، الذي يُعبّر عنه كيان الاحتلال بوضوح، لا يغيب عن تصوّر نتنياهو، والذي دعا جيشه للاستعداد للمواجهة على اكثر من، في الوقت الذي تشكّل فيه العمليات المتصاعدة في الضفّة الغربية المحتلة، ولاسيما تلك التي تقودها المجموعات التابعة لسرايا القدس، هدفاً اضافياً لنتنياهو، حاول التصويب عليه خلال العملية، من خلال اغتيال أحد قادة العمل العسكري بسرايا القدس في الضفة الغربية، الشهيد القائد طارق محمد عزالدين.
في توقيت اقليمي ومحلّي دقيقين، أهداف كثيرة يسعى نتنياهو الى تحقيقها، من خلال استهدافه لقادة في المجلس العسكري لسرايا القدس، لجهة بناء استراتيجيات جديدة في الصراع مع قوى المقاومة، عبر محاولة ايجاد توازنات جديدة، تقلب الدفّة لصالح الكيان، وتعيد التفاف الجبهة الداخلية في مواجهة تهديدات المقاومة، التي أكّدت بالمقابل، عبر كل فصائلها، استعدادها للردّ على هذه الجريمة، وتدفيع العدو الثمن، مشددة على وحدة قوى ميدانياً، في مواجهة جرائم العدو واعتداءاته على على الشعب الفلسطيني ومقدساته.
المصدر: يونيوز