تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 5-5-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.
البناء:
رئيسي في يومه السوري الثاني… لوحدة قوى المقاومة في المنطقة… وقلق في الكيان
بري يلبس عباءة العشائر في مصالحة خلدة… ويستعدّ للإقلاع بقطار فرنجية بمحرّك «بخاري»
الدولة العميقة تثأر لسلامة بإقصاء غادة عون عن القضاء… بعد انتظار نهاية العهد
كتبت صحيفة “البناء”: فيما تعيش المدن الأوكرانية بما فيها كييف العاصمة، وأوديسا البعيدة وخيرسون في الجنوب أياماً من النيران الروسية غير المسبوقة رداً على استهداف قبة الكرملين بطائرتين مسيّرتين، بما وصفته موسكو بمحاولة اغتيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلنت منظمة إيغاد الأفريقية عن موافقة طرفي النزاع في السودان على تسمية ممثلين لحضور اجتماع تفاوضي في جدة لوقف شامل لإطلاق النار وبدء البحث السياسي، فأصدر الرئيس الأميركي جو بايدن قراراً بفرض عقوبات على كل من يعيق من الطرفين العسكريين ومؤيديهم وقف النار، في خطوة وصفتها مصادر متابعة للمشهد السوداني بمحاولة «الدوبلة» على الدور السعودي في الحل التفاوضي ووقف النار وحجز مقعد أميركي على طاولة التفاوض.
في المنطقة لا يزال الحدث في دمشق، حيث يواصل الرئيس الإيراني زيارته في يومها الثاني الذي شهد اجتماعات غلب عليها الطابع الاقتصادي والتعاون في مجالات الكهرباء والاتصالات والمعلوماتية وسكك الحديد والنفط، فيما سجل الاجتماع الثنائي السوري العراقي تقدماً لجهة وضع استئناف العمل بخط كركوك بانياس لضخ النفط العراقي عبر سورية نحو البحر المتوسط، وفي المواقف المرافقة للقاءات السورية الإيرانية، كان لافتاً الكلام الإيراني عن أولوية انسحاب جميع القوات الأجنبية من سورية، فيما أكد الرئيس السوري على ربط نجاح مساعي المصالحة مع تركيا بالتزامها بانسحاب قواتها من سورية، بما أشار الى عمق التفاهم بين الرئيسين حول مقاربة ملف العلاقة مع تركيا، واعتبار الالتزام التركي بالانسحاب مقدمة ضرورية لوضع ملف انسحاب القوات الأميركية وإنهاء الكانتون الذي تقيمه الجماعات الكردية المسلحة تحت الحماية الأميركية شمال شرق سورية. وكانت وحدة قوى المقاومة الحاضر الأبرز في المباحثات السورية الإيرانية وتعزيز قدرات المواجهة مع الاعتداءات الإسرائيلية، كما أظهرتها المواقف المعلنة التي صدرت عن الرئيس الإيراني خلال لقائه بقادة فصائل المقاومة الفلسطينية، فيما كانت المواقف في كيان الاحتلال تتحدث بلسان المسؤولين والخبراء والقادة الحاليين والسابقين للجيش وأجهزة الاستخبارات عن تحول نوعي متوقع في التعامل مع الغارات الإسرائيلية، دون نسيان الإشارة الى انتصار سوري إيراني، فبعدما كان الرهان الإسرائيلي على وضع السعودية شرط الابتعاد عن إيران لقبول اي انفتاح على سورية، تأتي زيارة الرئيس الإيراني في ظل الاتفاق السعودي الإيراني لتوجه صفعة قاسية لهذا الرهان.
في لبنان، نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري بتتويج مساعيه للمصالحة في خلدة على خلفية الأحداث التي شهدتها قبل عامين وصدرت الأحكام القضائية حولها وكادت تعيد إشعال الوضع مجدداً، وترجمت المصالحة بحضور وفد من عشائر عرب خلدة الى عين التينة وإلباس الرئيس بري عباءة العشائر. وعن الشأن الرئاسي قالت مصادر نيابية تابعت مواقف عين التينة أن بري يستعدّ للإقلاع بقطار المرشح الرئاسي سليمان فرنجية بمحرّك «بخاري»، في إشارة إلى السفير السعودي وليد البخاري الذي أبلغ من يلزم بصورة واضحة سحب الفيتو السعودي عن إمكانية انتخاب المرشح فرنجية رئيساً، في تبدّل نوعي يواكب مناخات المنطقة الجديدة الذاهبة إلى المزيد من الانفراجات والتفاهمات.
لبنانياً أيضاً، جذب الأضواء قرار المجلس التأديبي في القضاء بفصل القاضية غادة عون، على خلفية مخالفات تمّت إحالتها بموجبها أمام المجلس، ورأت مصادر حقوقية أن القرار ليس قضيّة رمانة بل قلوب مليانة، بمعزل عن المخالفات التي يوجد مثلها وأكثر ترتكب كل يوم ليس آخرها النص الهجين والسلوك المستهجن للمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار. واعتبرت المصادر أن الدولة العميقة التي يحتل حاكم المصرف المركزي موقعاً محورياً فيها قد استظلت بالمؤسسة القضائية ومخالفات القاضية عون لتنتقم لسلامة من ملاحقات القاضية عون، بينما تشير التحقيقات الجارية مع سلامة ومساراتها إلى أن وظيفتها حجب الملاحقة الخارجية بحقه بداعي عدم جواز الملاحقة بالقضية ذاتها في أكثر من بلد، وأولوية القضاء المحلي في الملاحقة عندما يضع يده على القضية. وقالت المصادر إن القرار يأتي بعدما فقدت القاضية غادة عون التغطية والحماية التي كان يوفرها لها وجود الرئيس السابق ميشال عون في بعبدا.
وواصل السفير السعودي في لبنان وليد بخاري جولته على المرجعيات اللبنانية السياسية والروحية. وزار أمس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي وغادر بعد اللقاء من دون الإدلاء بأي تصريح.
لكن المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض أوضح بعد اللقاء أن بخاري نقل إلى البطريرك الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل الى توافق ويضع حداً للفراغ الرئاسي الذي تعتبره المملكة يهدّد كل المساعي الآيلة الى تحقيق تطلعات المجتمع اللبناني.
وشدّد البخاري بحسب غياض على أنه يجب وضع حدّ للفراغ الرئاسي بأسرع وقت ممكن، مع تأكيد أن مبادرات البطريرك كفيلة بتحقيق الشراكة وتحافظ على الوحدة الوطنية في لبنان. وأضاف غياض أن المملكة تعتبر أن الاستحقاق الرئاسي شأن سياسي داخلي لبناني بامتياز وقرار الخيارات السياسية يؤخذ ويصنع في بيروت والمملكة ضد الإملاءات في هذا الموضوع من أي جهة كانت.
وتابع غياض أن بخاري أعرب عن ثقة المملكة بإمكانية اللبنانيين التوصل الى توافق يؤمن استعادة ثقة المجتمع الدولي ويساهم في إيجاد الحلول الملائمة للأزمة السياسية والاقتصادية والامنية في لبنان. وأكد غياض نقلاً عن بخاري أن المملكة ليس لديها أي اعتراض على أي مرشح رئاسي يحظى بثقة اللبنانيين أنفسهم، فأي رئيس ينتخبه المجلس النيابي ترحّب به المملكة الحريصة على التعاون ودعم لبنان. وختم غياض: «المملكة حريصة على ألا تُتّهم بتعطيل الاستحقاق الرئاسي وتؤكد بأن انتخاب الرئيس هو شأن داخلي وهم لا يضعون الفيتو على أي مرشح ولا يدعمون أحداً لذلك يرفضون زجّهم في الشؤون الداخلية للبنان».
كما زار بخاري بيت الكتائب المركزي في الصيفي، حيث التقى النائب سامي الجميّل .وبعد اللقاء، شدد الجميّل على أننا «نرفض انتخاب أي مرشح تابع لـ»حزب الله» وإذا وجدت ظروف تأمين النصف زائداً واحداً لأي مرّشح في لبنان فتأمين نصاب الجلسة هو بمثابة انتخابه».
بدوره، أكد السفير السعودي أنّ ليس لدينا اعتراض على أيّ مرشحٍ رئاسي يختاره اللبنانيون ويحظى بثقتهم، مشددًا على أنّ «ما يتوافق عليه اللبنانيّون نُرحّب به»
ولفتت أوساط سياسية لـ»البناء» الى أن التغير بالموقف السعودي واضح وأصبح أكثر ليونة وتقدّم خطوة الى الأمام وانتقل من الصمت تجاه ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى عدم الممانعة، وترك الخيار للكتل النيابية والقوى السياسية والدفع لانتخاب رئيس كأولوية ومن ثم إنجاز باقي الاستحقاقات. وهذا يعكس مناخ التفاهمات الإقليمية لا سيما بين السعودية وكل من إيران وسورية». ولفتت الأوساط الى أن هذا التغير الواضح بالموقف السعودي الذي جاء بعد عودته من السعودية وعقب اللقاءات بين المسؤولين السعوديين والإيرانيين والسوريين وفي ضوء آخر لقاء بين مستشار الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل ومستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والبحث بالملف اللبناني وبالضمانات التي قدمها فرنجية للسعوديين في ملفات عدة بحال وصوله الى بعبدا».
كما زار بخاري المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى»، حيث استقبله نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب الذي بارك »الاتفاق السعودي الإيراني الذي يحفظ مصالح البلدين وانعكس على مجمل الأوضاع العربية والإسلامية»، آملاً أن «تشهد الأيام المقبلة انفراجاً داخلياً يفضي الى انتخاب رئيس توافقي تمهيداً لتشكيل حكومة إنقاذية تُخرج لبنان من أزماته الاقتصادية والمعيشية». وشدّد على «الدور السعودي المؤثر في تعزيز التضامن العربي الإسلامي الذي هو فوق الانتماءات المذهبية والعرقية».
وإذ علمت «البناء» أن السفير السعودي شرح لرئيس القوات سمير جعجع باستفاضة على مدة ساعة وربع الساعة الموقف السعودي والتطورات على الساحة الإقليمية والمتغيرات القائمة والمصالح السعودية في المنطقة لا سيما الأمن القومي وضرورات التهدئة بالمنطقة.
في المقابل لفتت مصادر القوات لـ»البناء» الى أن «القوات غير معنية بالتفاهمات والتسويات الإقليمية»، مشددة على أن «السعودية لم تتدخل بالشأن اللبناني، ولم يؤثر أحد على موقفها ولم ولن نتأثر بأي تسويات مع التأكيد على علاقتنا المتينة مع السعودية وسفيرها في لبنان». وأشارت الى أن «المملكة ليست معنية بلعبة الأسماء وعند انتخاب الرئيس ستتعاطى معه على أساس أدائه بالنسبة للملفات التي تتعلق بالسعودية»، وأكدت المصادر بأن «كتلة القوات لن تسير بأي تسوية تؤدي الى انتخاب رئيس ينتمي الى فريق حزب الله و8 آذار»، مشيرة الى «أننا لن نؤمن النصاب لجلسة نتيجتها محسومة لصالح فرنجية أو أي مرشح لحزب الله».
وعلمت «البناء» أن السفير السعودي سيستكمل جولته ويلتقي تكتل الاعتدال الوطني خلال الأيام القليلة المقبلة، علماً أن تكتل الاعتدال طلب موعداً للقاء البخاري، ولفتت مصادر التكتل لـ»البناء» الى أن «موقفنا لم يتغير من الاستحقاق الرئاسي وننتظر تبلور المعطيات الخارجية والداخلية، لكن الأجواء باتت إيجابية أكثر وتتجه نحو الحلحلة في ضوء التفاهم الإيراني – السعودي والمملكة تريد انتخاب رئيس وإنهاء الفراغ وتركز على مواصفات الرئيس وسياساته ولم تسمِ أحداً».
وعلمت «البناء» أن الموفد القطري الى لبنان محمد عبدالعزيز الخليفة يعقد لقاءات بعيداً عن الأضواء مع شخصيات وقيادات حزبية ومرجعيات سياسية ويطرح وجهة نظره من الملف الرئاسي، وأنه يرى بقائد الجيش العماد جوزاف عون «رئيساً مناسباً للمرحلة الراهنة».
بالتوازي، تكثفت حركة السفيرة الأميركية دوروثي شيا، وبعد زيارتها عين التينة أمس الأول، زارت معراب أمس، وشدّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على أن «الرهان على عامل الوقت في الانتخابات الرئاسية لن يخدم أي فريق وبشكل خاص الفريق الممانع ومرشحه، الذي لن يزيد من فرص انتخابه التي أصبحت معدومة، وبالتالي جلّ ما تؤديه لعبة الوقت هو تفاقم الأزمة وتأخير فرص الإصلاح التي يحتاج اليها اللبنانيون اليوم قبل الغد».
وأشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، خلال لقائه النائب نعمة إفرام، الى أنه «كان هناك توافق على مبدأ مدّ الجسور، خصوصاً في ظل التغييرات الإقليمية التي بدأت تترجم استقراراً في كل المنطقة».
وأضاف «نحن ندفع باتجاه ألا يكون لبنان في آخر مقصورة القطار، ونفكر ولو لمرة واحدة بأن الحرص على الوقت يشكل عاملاً أساسياً، وأن السرعة وعدم المماطلة ضرورة لإخراج بلدنا من الأزمة».
كما واصل النائب غسان سكاف جولته على رؤساء الكتل النيابية، والتقى أمس جعجع في معراب.
ويسعى سكاف وفق معلومات «البناء» على توحيد المعارضة على مرشح واحد، في مسعى يفترض أن تصدر نتائجه اليوم خلال زيارة يقوم بها سكاف إلى بكركي.
وعلمت «البناء» أن خطوط التواصل ناشطة بين التيار الوطني الحرّ وكتلة التغيير للتوصل الى مرشح موحّد، مع ترجيح التوافق على الوزير السابق زياد بارود.
كما لفت مصدر نيابي لـ «البناء» إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يترقب حركة الموفدين الخارجيين وتطور مواقف الكتل النيابية وتبلور المبادرات المتعددة لا سيما لنائب رئيس المجلس الياس بوصعب والنائب سكاف واكتمال الترشيحات للبناء على الشيء مقتضاه والدعوة الى جلسة لانتخاب الرئيس.
وكان بري استقبل في عين التينة وفداً كبيراً من شيوخ العشائر العربية، وأشاد بالمسؤولية الوطنية والقومية العالية التي جسّدتها العشائر العربية في درء الفتنة التي حاول البعض إيقاظها في خلدة قائلاً «يخطئ من يظنّ أن اللقاء مع العشائر العربية هو لقاء مستجدّ أو طارئ بين سنة وشيعة أو أن الخلاف والاختلاف مع العشائر العربية إن حصل لا سمح الله فهو خلاف بين السنة والشيعة أبداً على الإطلاق. فاللقاء هو القاعدة والخلاف هو الاستثناء ولا يُفسد في الود وفي الاخوة قضية». وأضاف «إن اللقاء والتلاقي هو دائم وهو لقاء الفرع مع الفرع ولقاء الأصل مع الأصل لقاء الجسد الواحد الذي إن اشتكى فيه عضو يجب ان تتداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى».
على صعيد آخر، شهد قصر العدل في بيروت قراراً صادماً بحق النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون التي تبلغت قراراً صادراً عن المجلس التأديبي برئاسة القاضي جمال الحجار، بصرفها من الخدمة. وأفادت المعلومات أن القرار اتخذ بالإجماع.
وعلى الأثر قالت القاضية عون بغضب من أمام قصر العدل «بلا تجنّي..» أين القضاء؟! يُلاحقون القاضي الوحيد الذي يتجرّأ على فتح الملفّات»، مُضيفةً «لم أخترع شيئاً ولديّ أدلّة، وهم يُحاكمونني لأنّني أقوم بعملي… وأنا مش خايفة من حدا حتّى لو بدّن يقتلوني».
وذكرت قناة الـ»OTV»، أنّ «المحامية باسكال فهد، تقدّمت في هذه الأثناء باعتراض على قرار المجلس التّأديبي بصرف موكّلتها النّائبة العامّة الاستئنافيّة في جبل لبنان القاضية غادة عون من الخدمة».
بدوره، أصدر وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، تعميمًا على القضاة قضى بـ «وجوب التّقيّد بالأحكام القانونيّة، والامتناع عن الظّهور الإعلامي بجميع أشكاله، وعن اتّخاذ أيّ موقف علني على أيّ منصّة إعلاميّة أو إلكترونيّة أو غيرها، من دون الحصول على إذن مسبق من المرجع المختص».
وتفاعل قرار المجلس التأديبي بحق القاضية عون سياسياً على أن يتفاعل شعبياً، حيث يحضر التيار الوطني الحر وفق معلومات «البناء» تحرّكات شعبية في الشارع أمام قصر العدل في بيروت ومناطق أخرى للاحتجاج على القرار.
ومساء أمس، نفذ عدد من المحتجين وقفة تضامنية أمام منزل القاضي سهيل عبود، دعماً للقاضية غادة عون.
وأشار رئيس التيار «الوطني الحر» جبران باسيل، الى أن «اليوم هو أكثر يوم مشرق في مسيرة القاضية غادة عون، حيث أكدت منظومة الفساد سطوها على حقوق الناس عبر التآمر على القاضية النزيهة التي لا تسمع من احد ولا يمون عليها احد».
ودعا باسيل، الجميع وخاصة الشباب، الى «التعبير عن رفضهم لما جرى، ووقوف الأوادم الى جانب الحق بوجه الباطل».
على صعيد قضائي آخر، حضر شقيق حاكم مصرف لبنان، رجا سلامة أمس، الى قصر عدل بيروت، للإدلاء بإفادته أمام الوفود الأوروبية. وأفيد أن الوكيل القانوني لرجا سلامه لم يحضر جلسة الاستماع على اعتبار أن موكله مستمع إليه وليس مشتبهاً به.
الأخبار:
الرياض والرئاسة: لا مشاركة ولا تعطيل
كتبت صحيفة “الأخبار”: مع التوجه السعودي الجديد بـ«غضّ الطرف» عن انتخاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، والذي قد يكون أول الغيث في تطورات قد تكرّ سبحتها الأسابيع المُقبلة، ترافقت حركة السفير السعودي وليد البخاري مع عملية تقصٍّ حول حقيقة ما تسرّب من معطيات تقاطعت كلها عند تحوّل في موقف الرياض يميل إلى إرساء تسوية تتيح للبنان عبور مرحلة الانهيار، وإن كان «هذا الموقف لا يزال في بدايته ويحتاج إلى وقت كي تثبت صحته».
هكذا قرأ من يتواصلون مع البخاري في بيروت إشارات أطلقها في جولته التي استكملها أمس بلقاءات مع البطريرك الماروني بشارة الراعي ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب وشيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز سامي أبي المنى والنائب سامي الجميل، فيما أُرجئ لقاؤه مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لوجوده في الخارج.
ما جعلَ جولة البخاري محور متابعة أنها تأتي على وقع حركة سعودية، عربية ودولية، يوازيها تطور في الاتصالات الفرنسية – السعودية نقلَ مقاربة الرياض للملف اللبناني من السلبية المطلقة إلى الحياد الإيجابي. وبحسب المعلومات، كانت هذه هي المرة الأولى التي يلمس فيها من التقوا السفير البخاري أو تواصلوا معه أن الأخير «عاد إلى لبنان بوجه آخر».
فهو، في الشكل، بدا أكثر ارتياحاً في لقاءاته مع الأطراف التي تُعدّ على خصومة مع الرياض مما كان عليه لدى لقاءاته مع فريق «الأصدقاء». فبدا مع الطرف الأول أكثر ودّاً، فيما ظهرت لقاءاته مع الثاني كأنها لإبلاغ موقف ليسَ إلا.
وفي المضمون، بدا «التغيير» واضحاً. فبعدما كانت الرياض سابقاً تضع معايير، أقلّها «انتخاب رئيس من خارج الطبقة السياسية وغير متورط بالفساد»، شدّدت البيانات التي أعقبت لقاءات البخاري على أن المملكة «لا ترتضي الفراغ الرئاسي المستمر الذي يهدّد استقرار الشعب اللبناني ووحدته»، ما فسّر بأنه ردّ على المهددين بمقاطعة جلسات الانتخاب، وتحديداً حزب القوات اللبنانية.
ومع صعوبة التكهن بما يُمكن أن يفضي إليه التحوّل في الموقف السعودي، يختصر العارفون أسبابه وما يُمكن أن ينتج بالآتي:
أولاً، لم تعُد المملكة تجِد ما يبرر موقفها المعادي لخصومها في لبنان أو اعتراضها على انتخاب فرنجية لارتباطه بمحور معين، في وقت أبرمت فيه مع إيران اتفاقاً حول عدد من ملفات المنطقة، وفيما تسير بخطى ثابتة وسريعة في اتجاه سوريا رغمَ كل الأصوات المعترضة.
ثانياً، تركيز الرياض منصبّ على تحقيق «رؤية 2030» وتسابق الزمن لتطبيقها، ويساعدها في ذلك محيط أكثر استقراراً وأمناً وخفض التوتر مع الدول المجاورة.
ثالثاً، حرصت الرياض من خلال سفيرها في بيروت على الوقوف في الوسط. صحيح أنها لم تستخدم حق الفيتو باعتبارها عضواً في المجموعة الخماسية المُمسكة بالملف اللبناني، لكنها لم تعلِن انخراطها في التسوية، وهو ما أبلغه البخاري لمن يهمّهم الأمر بأنها لن تتدخل لتليين موقف أصدقائها أو الضغط عليهم لتأمين نصاب سياسي أو دستوري. وقد فسّر المعنيون ذلك بأنه مخرج لتبرير الإحجام السعودي عن تقديم الدعم المالي للبنان لاحقاً، وهو قرار نقله مسؤولون سعوديون الى جهات لبنانية، لأن المملكة «حريصة على دفع كل فلس في استثمارات داخلية».
وكان قد نقل عن البخاري قوله في لقاءاته أن «السعودية لا ترى نفسها مضطرّة إلى الدخول في تسوية، وهي قالت لحلفائها إنها لن تقف في وجههم إن هم قدروا على إفشال المشروع الفرنسي، لكنها لن تكون شريكة في أي معركة»، وإن كل تركيزها يصب «في المنطقة وسوريا والجامعة العربية وإيران، ولبنان بالنسبة إليها تفصيل»، داعياً إلى «مراقبة الموقف الأميركي».
يعني هذا، عملياً، أن المملكة قررت ألا تكون شريكة في التسوية التي تريدها باريس، لكنها حتماً لن تعطلها. لذا أعطت إشارة مريحة للفريق الذي يدعم فرنجية من دون استخدام السوط مع الفريق الذي يعارضه، فلم تخاصم هذا ولم تعاد ذاك. وبالتالي، بات السؤال عن الخطوات التي يُمكن أن تتخذ تحضيراً لانتخاب فرنجية.
في هذا الإطار، تقول أوساط سياسية إنه «في حال عدم حصول أيّ تطور دراماتيكي في لبنان أو المنطقة، يُمكن القول إن انتخاب فرنجية صارَ في نهاياته»، لكن الأمر «يحتاج الى ترتيبات داخلية ستأخذ وقتاً». وهذه الترتيبات لها علاقة «بموقف النواب السنّة والنواب المسيحيين الذين سينخرطون في التسوية، وبعض نواب التيار الوطني الحر ليسوا بعيدين عن الجو»، مشيرة إلى أن «الموقف ليسَ سهلاً، حتى على جنبلاط الذي سيحتاج انخراطه بالتسوية إلى خطوات معينة داخل الحزب ومع القوى المسيحية التي يحرص على عدم معاداتها لاعتبارات خاصة بالجبل»، وهذا مسار «لن يُحلّ في يوم أو يومين، وبالتالي الحديث عن الدعوة الى جلسة انتخاب قريبة هو مبالغة». وتتقاطع هذه الأجواء مع معلومات تفيد بلقاء جمع بري وفرنجية أمس، بحضور الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، كان فيه رئيس المجلس صريحاً بأن «السعودية لم تفتح الأبواب كلياً بعد، وأن الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت والعمل على الكتل والنواب والقوى السياسية لتأمين النصاب».
المصدر: صحف