استشهد القيادي في حركة الجهاد الاسلامي، الأسير الشيخ خضر عدنان موسى، عن عمر يناهز الأربعة وأربعين عاماً، بعد معركة طويلة من الأمعاء الخاوية، قاربت الثلاثة أشهر، ليختتم مسيرة نضالية، برز خلالها قائداً مقاوماً ورمزاً من قيادة الحركة الأسيرة، انتزع خلالها حرّيته أكثر من مرّة من قهر السجّان، قبل أن ينال شرف الحرية الاسمى، شهيداً على درب تحرير فلسطين والاقصى. شهادة بطعم الحرية من نير الاحتلال وقهر السجّان.. سطّرها الشهيد الشيخ خضر عدنان، لتكون خاتمة حياةٍ قضاها في مقارعة العدو، على طريق تحرير القدس وفلسطين.
من عتمة الزنازين الى نور الحرية، خاض الشيخ خضر عدنان أكثر من معركة لـ “الامعاء الخاوية”، على مدى ما يقرب من تسع سنوات، استطاع خلالها بإرادته الصادقة، وعزيمته الصلبة، أن ينتصر على جرائم المحتلين، ليُعانق الحرية من جديد، بين أهله ومحبيه، خارج قيود السجن.
حرية لم تشغل الشيخ الشهيد عن هدفه الأسمى؛ المضي بالنضال على طريق التحرير، علّه يجد ضالته بالشهادة، باعتبارها أسمى درجات الحرّية، كما كان يردّد دائماً، فكان له ما أراد بعد نحو ثلاثة أشهر من معركة الارادة، بوجه سلطات الاحتلال، احتجز خلالها في زنزانة في عيادة سجن الرملة.
معركة الشيخ خضر عدنان موسى، القيادي في حركة الجهاد الاسلامي، الأخيرة، بدأها منذ لحظة اعتقاله في الخامس من شباط/فبراير الماضي، حتى لحظة شهادته، فجر الثاني من أيار/مايو الجاري، ليسدل الستار على حياة مناضل، وضغ نصب عينه، قضية تحرّر شعبه ووطنه العادلة، غير آبه بكل المخاطر والتهديدات، مشكلاً نموذجاً لمقاومة المحتل من داخل السجن وخارجه.
بين عامي الفين واثني عشر وألفين وثلاثة وعشرين، وبمجموع يقارب 9 سنوات، اعتقلت قوات الاحتلال القيادي الشيخ خضر عدنان 12 مرة، خاض خلالها خمس اضرابات عن الطعام، كان أشهرها اعتقاله في 17 كانون الاوّل/ديسمبر 2011، ليقود خلاله معركة الامعاء الخاوية افرادياً لمدة 66 يوماً، احتجاجاً على اعتقاله الإداري، ويحقق نصراً كبيراً على سلطات الاحتلال، التي اجبرت على الرضوخ لمطلبه بالافراج عنه في 17 نيسان/أبريل 2012.
إصرار الشيخ على متابعة مسيرة النضال، من خارج السجن كما من داخله، لم يرق لقوات الاحتلال، التي كانت لا تلبث أن تعيد كرّة الاعتقال مع الشيخ عدنان، ليعيد بدور كسر جبروت السجّان، في كّل مرّة، يخوض فيها معركته، قائداً للحركة الأسيرة، او بشكل افرادي، لينتزع حرّيته من جديد، وليثبت أنّ الحق يعلو ولا يعلا عليه.
اثنان وخمسون يوماً في العام 2015، تسعة وخمسون يوماً عام 2018، وخمسة وعشرون يوما عام 2021، نماذج كرّسها الشيخ عدنان بصموده الجبّار، في مواجهة محاولات الاغتيال المعنوي قبل الجسدي من قبل السجّان، لينتزع خلالها حرّيته، ويؤرّخ بعنفوانه تاريخاً جديداً في مسيرة الحركة الأسيرة، ونظالها المستمر على طريق الحرية.
عن عمر يناهز 44 عاماً، بعد معركة هي الأطول والاقسى في مسيرته النضالية.. قائدا جهادياً مقاوماً، ورمزاً في قيادات الحركة الأسيرة، يمضي الأسير الشيخ خضر عدنان، بصلابته المعهودة، لينتزع حريته من ظلمة الاعتقال الى فضاء الحرية الأسمى، شهيداً على درب القدس وفلسطين.
الشهيد خضر عدنان، الذي ولد في 24 آذار/مارس 1978 في بلدة عرابة في جنين، بالضفة الغربية المحتلة، سارع الى الالتحاق بحركة الجهاد الإسلامي، مناضلاً في صفوفها، لتبدأ معه سلسلة الملاحقات، حيث كان أوّل اعتقال له من قبل السلطة الفلسطينية بتهمة التحريض على رشق رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان بالحجارة لدى زيارته جامعة بيرزيت عام 1998، أمضى في الاعتقال 10 أيام مضرباً عن الطعام، قبل ان تعيد اعتقاله، في تشرين الأول/أكتوبر 2010، أمضى خلالها 12 يوماً في السجن، مضربا عن الطعام.
في مقارعته مع سلطات الاحتلال، المحطة الأولى لمعركة الأمعاء الخاوية بدأها الشهيد خضر عدنان مع مجموعة من المعتقلين من قطاع غزة عام 2005، واستمرت 25 يوماً ضد عزله انفراديّاً، واعتقلت قوات الاحتلال الشيخ عدنان خضر، أثناء دراسته الجامعية، حيث أمضى في الاعتقال الإداري 4 أشهر، ليعاد اعتقاله مرّة اخرى.
وكان الشهيد، أنهى مرحلتي الدراسة الأساسية والثانوية العامة في مسقط رأسه عرابة، واجتاز المرحلة الثانوية عام 1996، ثمّ التحق بجامعة بيرزيت في مدينة رام الله، وحصل عام 2001 على درجة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية، ثمّ التحق ببرنامج الماجستير في تخصص الاقتصاد في الجامعة نفسها.
وبشهادة الشيخ خضر عدنان موسى، تفتقد فلسطين واحدا من قادتها المؤمنين بعدالة القضية وحتمية الانتصار القريب على المحتل، ولعّل ما جاء في وصيته الأخيرة، التي كتبها في أيّامه الأخيرة، خير دليل على هذه الثقة بقوله: “فنصر الله قريب، ووعده لعباده بالنصر والتمكين أقرب”.
المصدر: موقع المنار + يونيوز