كشفت دراسة نشرت يوم الخميس الماضي أن احتمال حدوث جفاف في منطقة “القرن الأفريقي” (التي تضم 7 دول) بات أكثر بنحو 100 مرة، بسبب أزمة المناخ التي يسببها الإنسان. وتواجه المنطقة التي تضم الصومال وإثيوبيا وكينيا، أقوى موجة جفاف منذ نحو أربعة عقود من الزمن.
وقد لقي أكثر من 43 ألف شخص مصرعهم في الصومال وحدها، العام الماضي، بسبب تلك الظروف المناخية، كان نصف عددهم من الأطفال ما دون سن الخامسة، فيما يواجه ما يناهز 36.4 مليون شخص خطر المجاعة.
فموسم الأمطار – الذي يشكل إلى حد كبير أهمية قصوى لاستمرارية المجتمعات الزراعية التي تعتمد على رعي المواشي إلى حد كبير – سجل شحاً كبيراً طيلة الأعوام الخمسة الأخيرة. وقد وصف شيخ كين من “المركز المناخي التابع لمنظمتي “الصليب الأحمر” و”الهلال الأحمر”” الوضع بأنه “كارثة إنسانية”.
دراسة مناخية أجرتها مجموعة أبحاث المناخ الدولية “وورلد ويذر أتريبيوشن” World Weather Attribution (WWA) (تعنى بتحليل التأثير المحتمل لتغير المناخ على الظواهر الجوية المتطرفة) أشارت في المقابل، إلى أن تغير المناخ قد جعل تصحر التربة أكثر احتمالاً في منطقة “القرن الأفريقي”، ما أدى إلى الجفاف.
وقالت مجموعة أبحاث المناخ هذه – التي تضم عدداً من العلماء الذين يقيمون دور المناخ في تواتر الأحداث المتطرفة – إن الجفاف لم يكن ليشتد إلى هذا الحد، لولا تأثير انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وتوصلت الدراسة إلى أنه لولا التبعات الناجمة عن الاحترار المناخي، لكانت الظروف في المنطقة “جافة بشكل غير طبيعي”.
ويسهم ارتفاع درجات الحرارة العالمية في حدوث جفاف زراعي في منطقة “القرن الأفريقي”، إذ إن درجات الحرارة المرتفعة تجعل الرطوبة تتبخر من التربة، ما يؤدي إلى تدمير المحاصيل والمراعي في منطقة يعتمد فيها أكثر من نصف عدد سكانها بشكل مباشر أو غير مباشر على الزراعة والثروة الحيوانية لكسب لقمة عيشهم.
وفيما تسببت أزمة المناخ في جعل الجفاف أكثر تواتراً وأشد تطرفاً في تلك المنطقة من أفريقيا، فهو يضاف إلى سلسلة من نقاط الضعف الأخرى، كالصراعات في المنطقة وحال عدم الاستقرار السياسي فيها والفقر.
عالمة المناخ في هيئة الأرصاد الجوية الحكومية الكينية جويس كيموتاي، قالت إن “نتائج هذه الدراسة تظهر أن فترات الجفاف المتكررة والمستمرة منذ أعوام، والتي تقترن بظواهر حرارية شديدة خلال موسم الأمطار الرئيس، ستؤثر إلى حد كبير في سلامة الأمن الغذائي وصحة الإنسان في “القرن الأفريقي”، في ظل استمرار تزايد الاحترار المناخي.
أجري البحث من خلال تحليل قاعدة من البيانات والنماذج القياسية للمناخ، لفهم التأثير الناجم عنه على موجات الجفاف، حتى في حال لم تسجل الحرارة في العالم ارتفاعاً بنحو 1.2 درجة مئوية خلال الأعوام الـ150 الأخيرة.
وكشف الباحثون عن أن موسم الأمطار في المنطقة – في الفترة الممتدة ما بين مارس (آذار) ومايو (أيار) – كان من المحتمل أن يسجل انخفاضاً في منسوب هطول المطر بسبب تغير المناخ.
وفي المقابل، تشهد المدة الممتدة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) مزيداً من تساقط الأمطار التي تعطل النمط الزراعي في المنطقة.
ويرى فريق “وورلد ويذر أتريبيوشن”، أنه يتعين على منطقة “القرن الأفريقي” أن تكون أكثر قدرة على التكيف مع موجات الجفاف الحادة في المستقبل، وذلك من خلال استخدام التكنولوجيا الجديدة والمعرفة التقليدية على حد سواء.
وأشار فريدريك أوتو كبير المحاضرين في علوم المناخ في جامعة “إمبريال كوليدج لندن” إلى أن “هذه الدراسة تظهر بشكل واضح أن الجفاف يتعدى كونه مجرد شح في الأمطار، وأن آثار تغير المناخ تعتمد بشدة على مدى ضعفنا في التعامل معها”.
ورأى أخيراً أن “إحدى النتائج الرئيسة التي توصل إليها التقرير التوليفي (يستند إلى معلومات من مصادر أو دراسات متعددة) الصادر أخيراً عن “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” التابعة لأمم المتحدة Intergovernmental Panel on Climate Change، تشير إلى أننا أصبحنا أكثر عرضة للخطر مما كنا نتصور”.
المصدر: الاندبندنت