بمناسبة عيد العمّال العالمي في الأول من أيار أصدرت وحدة النقابات والعمال في حزب الله البيان التالي:
يتقدّم حزب الله من عمال لبنان ومن عمّال العالمين العربي والإسلامي ومن العمّال والشعوب المستضعفة في العالم بأحر التهاني والتبريكات بعيد العمال العالمي، سائلاّ المولى عز وجل أن يكون العام 2023 عام الخلاص والنجاة من المآسي والآلآم، ومن صنّاع الأزمات للشعوب وينشر رحمته على كامل هذه البسيطة، ويزيل أنواع الهموم والبلاءات والتحديات التي تواجه البشرية.
إن عيد العمّال العالمي مناسبة عالمية لخطاب عالمي موحّد ، يحمل بصدقية إنسانية وأخلاقية آمال وآلام العمّال لا بل آمال وآلام شعوب الأرض ، ويكون على قدر أكبر من المسؤولية، تجاه الروح البشرية وأشدّ تعبيراً عن الإلتزام بالقيم الإتسانية للعمل والإنتاج، في اللّحظة الجدّية المستجدة، والنزعة العالمية المتصاعدة لاستيلاد نظام عالمي جديد ، نأمل أن تكون العدالة الإجتماعية الرّكيزة الأساس في أعمدة بنائه، بعد أن فرّطت بها كل هذا التفريط قوى الإستكبار العالمي ، ونزعة الهيمنة والتسلط على مقدّرات الأرض وقدرات الإنسان، التي يرعاها ويقودها الوحش الأمريكي الظالم والمدمّر، وينشئ كلّ هذه الأزمات والكوارث التي تعيشها شعوب الأرض .
عمّال العالم اليوم ، وبالأخص عمّال لبنان، عليهم أن يدركوا أن ظلم الطغاة، وأنطمة الطغيان السياسي والإقتصادي، والإنحرافات الثقافية والقيمية لأنطمة الطغيان هذه، هي المسؤولة عن هذه المآسي التي تعيشها البشرية في حياتها ، وفي متطلّبات عيشها، وفي صحتها وأمنها وآمانها ، حيث تساوت كل الشعوب في المآسي؛ فلا ميزة بقيت بين جنوب وشمال، أو بين شرق وغرب، لأو دول متقدّمة وأخرى نامية , لقد قاد الإستكبار الأمريكي ، طيلة العقود العشرة الماضية الإنسانيّة إلى كلّ أنواع الحرمان والمآسي، وجعل العالم يعيش تحت السّطوة والقهر والظلم، التي مارستها كل أشكال الأنظمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي بناها ورعاها ، وافتضحت هشاشتها، وبانت عوراتها، وها هو العالم يلفظها وشعوب الأرض تمقتها، وتمقت ظلمها، وتعمل لتحطيم قيمها المزورة ، ولم يبق للحياة غير قيمة العمل الصالح، المطيح بأنظمة الطغيان والفساد، لصالح نظام العدالة والتزام الحقوق وإحترام النوع الإنساني . وهذا ما نحتاجه اليوم بالذّات للخلاص في لبنان .
إن الشعب اللبناني العزيز يحصد اليوم نتائج تجربة إعتماد نظام سياسي وإقتصادي عمره أكثر من مئة عام ، ألحق لبنان بأنظمة الظلم العالمي، وأخضعه للإرادات الخارجية الظالمة ، وراكم مفهوماً غبيّاً وسخيفاً للوطنيّة وللإنتماء الوطني وأنتج طبقة سُلطوية فاسدة،ومجموعاتٍ من المنتفعين،لا تجمعُهم سوى أعمال النهب المنظّم، والسرقة الموصوفة، وإستغلال الوظيفة العامة للفساد والإفساد، وغيّب مفهوم الدولة والوطن والخدمة العامة لصالح الأفراد المتسلّطين،الذين ربطوا مصالحهم الشخصية بمصالح الطغيان العالمي الامريكي في لبنان، أفراد ومجموعات غيّبوا منطق المواطنة الحقّة ومفهوم الدولة الراعية والمدبّرة والمُديرة لمصالح الوطن وشعبه، واستحضروا فعل التسلّط على مقدرات الوطن فهشّموا الوطن وأذلّوا شعبه وجعلوه منهبةً لِقوى الدّاخل والخارج، وغيّبوا منطق السيادة الوطنيّة لصالح رهن الوطن لسيادة الأمريكي ، وغيّبوا قيمة اللّيرة اللبنانية لصالح الحُكم الكلّي للدولار، أشخاصٌ متسلّطون سياسيّون وإقتصاديّون ومواقع نقد ومال، شكّلوا منظومة فساد متآزرة، رسّخت مخالبها في مفاصل البلد، السّياسيّة والإقتصاديّة والماليّة والإعلاميّة والقضائيّة والمذهبيّة ، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، من تردّ سياسي وإقتصادي، وشبه استعصاء للفساد، ومستوى عالٍ من الخطورة ، وتهديدٍ لكينونة الوطن.
لكنّ الشّعب اللبناني الحيويّ والحيّ لم يهن، وعماله الأوفياء المنتجون صمدوا ، ولم يَسقطوا ، ولم يُسقِطوا أي قيمة من قِيم الحياة الشّريفة من قاموس عطائهم، فاستحقوا جدارةَ الحياة الطيّبة بقوة العمل وأبقوا بارقة الأمل موجودة ، فرغم كل مشاريع التيئيس والإسقاط التي تستهدف لبنان وشعبه وعُمّاله فإن لبنان قائم قائم ولن يستطيع أحد في العالم أن يُسقطه وسيبقى لبنان خادماً لشعبه لا أداة في خدمة أعدائه ، ولا راعياً لمصالح أعدائه لا في السياسة ولا في الإقتصاد ولا في الثّقافة الوطنية ، وهناك في لبنان من قرّر أن يضع كل إمكاناتهِ وقُدراته وعلاقاتهِ وتجاربهِ في معركة استنقاذ الوطن، وإحاطته بكلّ أشكال الوقاية والحماية ،وسيبقى يفعل ذلك ، ولبنانُ اليومَ لم يبقَ فيه أمل لأيّ حالمِ بإعادته لزمن الخضوع والخنوع ، لبنانٌ خَرَجَ من منظومة الأوطان المحتلّة سياسياً وإدارياً ، وإرادة أبنائه باتت أقوى وأصلب في مواجهة كل تحدّي وعُدوان، وقادرٌ على إلحاقِ الهزيمةِ بكلّ مشروعٍ عُدواني يحاول النيل منه ، وسيفعلُ ذلك وقد فعل من قبل ، لبنان قادرٌعلى استنقاذ نفسه ففيه المُخلصون المقاومون والمُضحُّون، الذين يُمكنهم بالإرادة والعزم والوحدة وبقليلِ من الصّبر أن يُنقذوا الوطنَ بالكلفة الأقل ، وبالتأكيد هم قادرون على حفظ لبنان لأبنائه، عزيزاً قادراً محافظاً على مُقدّراته وعناصر القوّة والعزّة والكرامة الوطنية فيه ، وعمّال لبنان كل لبنان بمختلف قطاعاتهِ وميادينهِ قدرة أساس في إستنقاذ الوطن، وهم حاضرون في الساحات بِوَعيهمُ الوطني، في هذه المرحلة الصّعبة، وسُينقذون وطنهم بوحدتهم الوطنية.
عيدُنا في عيد العمّال أن يكون عمّال لبنان اليوم وحركتهم النقابية وحدةّ واحدةّ مقاومةّ لاستنقاذ لبنان من مخالب التبعيّة والفساد ، وليشكلّوا الرّافعة التاريخية لوطنهم، والحاضنة الأساسية لدولتهم، ولهويّتهم الوطنية، فلا تبعية ولا فساد ، ولا حظوظ لمشاريع انشاء نقابات امريكية تفتيتية للنقابات اللبنانية تثير النزاعات وتفرط عقد الوحدة والاتحاد ولن تنطلي الدعوات الملغومة لذلك تحت عنوان نقابات ديمقراطية حرة مستقلة ! فلا باب غير باب قطع يد أمريكا عن لبنان في كل شؤونه ، وقطع يد الفساد اللبناني يفتحان على الحلول الجّذرية في لبنان والعالم .
إن عيد العمّال مناسبة ومحطة إجتماعية هامّة وفرصةً طيبةً لتكريم عمّال لبنان والقيام بما هو واجب تجاههم من تكريم وتعظيم لدورهم في خدمة المجتمع والوطن، ونحن ندعو في هذا العام الأخوة النقابيين و السادة أصحاب الأعمال ورؤساء البلديات ومُديري المؤسسات والشركات والمستشفيات لتكريم عمالهم في عيدهم مع لفتة خاصة لعمال الخدمات والصيانة الذين يقومون على مدار العام بالأعمال الشاقّة المميّزة الجليلة والشريفة التي تحفظ بيئة مجتمعاتنا ومؤسساتنا وتجعلها آمنة ، فهم يستحقون منّا كل إعتراف بالجميل وكل تحية وتقدير وتكريم ماديّ ومعنويّ .
المصدر: بيان