بفعلِ فاعلٍ نزحَ البلدُ وملفاتُه الى مخيماتِ النازحينَ السوريين، فتحركَ مشبوهونَ من داخلِ تلكَ المخيمات، واستفاقَ من يُسمَّونَ اهلَ السيادةِ من اللبنانيينَ على القضيةِ والعبءِ الملقى على عاتقِ الدولةِ اللبنانية، بعدَ ان كانوا لعقدٍ من الزمنِ حماةَ هذا الوجودِ والمدافعينَ الشرسينَ عنه والمستثمرينَ السياسيين والامنيين بخياراتِه ..
فبعدَ ان خَسِروا هذه القضية ، عادت احزابٌ وشخصياتٌ الى الاستثمارِ بالملفِ بشيءٍ من العصبيةِ والعنصرية، وهم يعلمونَ انهم ورعاتَهم الاقليميينَ والدوليينَ من عطلَ عمليةَ عودةِ النازحين السوريين من لبنانَ ومنعوا حكوماتِه المتعاقبةَ من سلوكِ الطريقِ الوحيدِ لاعادتِهم وهو التواصلُ معَ الحكومة السورية..
الا وقد فُتحت الطرقُ العربيةُ الى دمشق، ووُضع ملفُ النازحينَ على جدولِ اعمالِ التسوياتِ العربية، هبَّ هؤلاءِ مزايدين، بعضُهم ربما لتعطيلِ هذا المسارِ بفعلِ الرفضِ الاميركي لعودتِهم دونَ ثمنٍ سياسيٍّ من لبنانَ وسوريا، وآخرونَ لشعورِهم انَ الملفَ يسلكُ طريقاً جدياً خلافاً لما كانوا يظنون، فاَسرعوا لتسجيلِ اسمائهم ضمن المحاربين، لكنْ كعادتِهم يُخطئونَ الاداءَ فتصيبُهم النتائج ..
ونتيجةً لهذه الفوعةِ الجديدةِ اجتمعت الحكومةُ المنهكةُ وقررت للمرةِ الثالثةِ تشكيلَ لجنةٍ وزاريةٍ للتواصلِ مع الحكومةِ السورية، فهل يسلكونَ هذه المرةَ الطريقَ الجديةَ ويستفيدونَ من الايجابياتِ الاقليميةِ للتخفيفِ عن البلدِ اعباءَ هذه الفاتورةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والسياسيةِ وربما الامنية ؟
في امنيّاتِ البعضِ الاستثمارُ زمنَ الافلاسِ السياسي، لكنْ على ما تبقى من حريصينَ في هذا البلد، وعلى الوزراءِ المعنيينَ العملُ السريعُ لاطفاءِ فتائلِ هذا الملفِ التي بدأَ باشعالِها المقامرون ..
وفيما الملفاتُ الاداريةُ والماليةُ والتربويةُ على تخبطِها، حافظت الملفاتُ السياسيةُ داخلياً على رتابتِها، على انَ ترتيبَ وزيرِ الخارجيةِ الايراني حسين امير عبد اللهيان زيارةً الى بيروتَ في هذا التوقيتِ شَكلَ خرقاً في الجمود، معَ التأكيدِ الايرانيّ الدائمِ على دعمِ كلِّ ما هو في مصلحةِ لبنانَ واللبنانيين ..
اما مصالحُ الصهاينةِ ومستقبلِهم فتتلاشى في اروقةِ السياسةِ والامنِ والاقتصادِ ، وكما في شوارعِ تل ابيب وصلَ العراكُ بينَ المستوطنين فوقَ قبورِ جنودِهم القتلى، ما يشيرُ الى عمقِ الخلافِ وصعوبةِ الحالِ في هذا الكيان ..
المصدر: قناة المنار