تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 20-4-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
السودان رهينة اقتتال الجنرالات
الخرطوم | كما كان متوقّعاً، لم تكد تدخل الهدنة المعلَنة في السودان حيّز التنفيذ، حتى انهارت بتجدّد الاشتباكات المسلّحة بين الجيش و«الدعم السريع». تجدّدٌ أنبأ بأن إمكانيّة وقف إطلاق النار لا تزال بعيدة، وبأنّ الطرفَين يدخلان مرحلة مواجهة جديدة، ربّما تكون أخطر وأشدّ قسوة، وخصوصاً إذا ما استُدرجت أطراف خارجية إلى الانغماس فيها بشكل عملياتي ومباشر. وفيما تعكف مصر خصوصاً على دراسة خياراتها التي تبدو محدودة، واضعةً في حسبانها إمكانية رجحان الكفّة لغير مصلحة حليفها، يَظهر النسيج السياسي السوداني مائلاً إلى حساب الأخير، على رغم الخشية من أن انتصاره سيجرّئه أكثر على القوى السياسية المدنية
لم تصمد هدنة الساعات الـ 24 بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، طويلاً، في ظلّ استمرار المناوشات والمعارك بين الطرَفين على أكثر من جبهة، واتّهام كلّ منهما الآخر بالمسؤولية عن سقوط الهدنة. ولليوم الخامس على التوالي، تواصلت الاشتباكات المسلّحة، والتي تدور رحاها داخل الخرطوم خصوصاً، حيث شهدت الساعات الأولى من فجر يوم أمس، تبادلاً مكثّفاً لإطلاق النار، فيما عاش سكّان العاصمة خوفاً شديداً نتيجة سماع أصوات انفجارات قويّة مصحوبة بكتل دخان كثيف، مصدرها شرق الخرطوم، تبيّن لاحقاً أنها ناتجة من انفجار مستودع وقود في المطار. كذلك، شهد محيط القيادة العامة والمطار اشتباكات عنيفة استمرّت على مدى ساعات، فيما أَظهرت مقاطع مصوّرة بثّتها قوات الجيش، سيطرة هذه الأخيرة على جميع الشوارع المؤدّية إلى مداخل المكانَين المذكورَين. كما دار تبادل لإطلاق النار في محيط القصر الجمهوري وحيّ حلة حمد في مدينة الخرطوم بحري، أي في المناطق التي تنتشر فيها تجمّعات لقوات «الدعم السريع». وكان الجيش قد سيطر على مطار مروي شمال السودان، بعدما اضطرّ «الدعم السريع»، التي كانت متمركزة فيه، إلى الانسحاب منه بصحبةَ الجنود المصريين الذين أُسِروا منذ اليوم الأول للاشتباكات. وأفاد بيان صادر عن «الدعم»، أمس، بأن الجنود المصريين نُقلوا إلى العاصمة الخرطوم، مطمئناً الحكومة وأُسرهم إلى أن جميعهم بخير، وهم يتلقّون الرعاية اللازمة، ومعلناً أنّهم سيُسلَّمون متى تسنح الفرصة المناسبة والأوضاع الأمنية التي تمرّ بها البلاد.
في هذا الوقت، وصلت إلى الخرطوم، أمس، أرتال من سيارات الدفع الرباعي محمّلة بالسلاح والذخائر وجنود المشاة، قادمة من ولاية النيل الأزرق جنوب شرقي البلاد، ما أنبأ بأن المرحلة الثانية من المعركة دخلت حيّز التنفيذ، حيث ينوي الجيش بدء عمليّات مطاردة لقوات «الدعم السريع» المنتشرة داخل المدن والأحياء، وسط رهان من قِبَله على نفاد الوقود والذخيرة لدى تشكيلات منها، وانقطاع خطوط الإمداد من القيادة الخاصة بها، فضلاً عن فقدانها الغذاء والماء. وبحسب بيان صادر عن الجيش، فإنّ معلومات وردت إليه عن أن بعض عناصر «الدعم السريع» يعمدون إلى التخلّص من أسلحتهم عن طريق بيعها للمواطنين، في حين اتّهمت الأخيرة، القيادة العامة، بمواصلة هجومها بالأسلحة الثقيلة على مواقع تمركز قواتها، وقيامها بإطلاق القنابل بصورة عشوائية، ما تسبّب بمقتل وإصابة العشرات من المواطنين وتدمير المستشفيات والأسواق. كذلك، أعلنت قيادة «الدعم» موافقتها على هدنة جديدة تبدأ من السادسة مساء أمس الأربعاء وتستمرّ على مدى 24 ساعة، فيما لم يصدر أيّ تعليق من جانب القوات المسلّحة في هذا الإطار. ورأى مراقبون أن الإعلان عن الهدن المتكرّرة من جانب الطرفَين المتقاتلَين، هو من قبيل المزايدة وإظهار الخصم في صورة من يعمل على خرق التهدئة، إذ لم يلتزم أيّ منهما بوقف إطلاق النار منذ بداية الاشتباكات.
ابن زايد لـ«حميدتي»: أنتم الجيش المستقبلي
في هذا الوقت، بدا لافتاً اختفاء قادة الحركات المسلّحة الموقّعين على «اتفاق جوبا»، والذين كانوا حلفاء العسكر، عن المشهد العام، بعد اندلاع المواجهات المسلّحة، والتي سبقتها جهود وساطة لتلك المجموعات مع طرفَي المكوّن العسكري، أعقبها استعداد الطرفَين للجلوس وحلّ الأزمة الطارئة بينهما، وقرْب انفراج الأزمة بين رئيس «مجلس السيادة» عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهو ما لم يحدث. ودعت القوى السياسية الموقّعة على «الاتفاق الإطاري»، من جهتها، إلى وقْف فوري للحرب. وقال عضو المجلس المركزي لـ«قوى الحرية والتغيير»، خالد عمر، في منشور، إن «الدولة السودانية في أضعف حالاتها ولن تصمد أمام العنف المتصاعد»، داعياً طرفَي الصراع إلى الاستجابة لنداءات وقف الحرب، والجنوح إلى الحلّ السلمي المتفاوَض عليه. كما دعا عمر، القوى المدنية الديموقراطية، إلى وضْع انقساماتها خلْف ظهرها، والتوحّد لإنقاذ البلاد. ولعلّ أكثر ما تخشاه القوى الموقّعة على «الإطاري»، هو أن يؤدّي حسْم المعركة لمصلحة الجيش، إلى استقواء البرهان وانسلاخه عن العملية السياسية. وترى تلك المجموعة أن حميدتي هو «حامي التحوّل الديموقراطي»، فيما يصف متابعون التعويل على دقلو بـ«السذاجة السياسية»، إذ من المستبعد أن يسلّم الرجل الطامح إلى حكم السودان منفرداً، السلطة إلى المدنيين في حال استطاع كسْر شوكة الجيش.
وبحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار» من مصادر موثوقة، فإن قائد «الدعم السريع» تلقّى، خلال زيارته الأخيرة للإمارات، وعوداً من رئيسها، محمد بن زايد، بأن تحلّ قواته محلّ الجيش، وأن عليه فقط أن يشتري موافقة مجموعة «الحرية والتغيير» في الداخل، في مقابل أن يضمن له ابن زايد تأييد المجتمع الدولي.
باريس تشجع بري على إطلاق حوار استعداداً للانتخابات: جنبلاط يرصد مناخاً سعودياً جديداً؟
تطورات جدية طرأت على خط المساعي التي تقودها فرنسا في ملف الانتخابات الرئاسية، البارز فيها تلقّي رئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أيام، اتصالاً من المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، دعا فيه الأخير رئيس المجلس إلى إطلاق ورشة حوار تمهّد لتفاهم يسمح بتحديد موعد لجلسة انتخاب الرئيس. فيما أكّدت مصادر لـ«الأخبار» أن بري كان قد تلقى قبل ذلك اتصالاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا فيه الملف الرئاسي.
وبحسب المصادر، استعلم بري من دوريل عن نتائج الاتصالات التي تجريها باريس مع الرياض ومع أطراف لبنانية أخرى، وأن المسؤول الفرنسي أجاب بأن الأمور «أفضل من السابق، وهناك مؤشرات مشجعة. وقد أبلغنا الأطراف اللبنانية التي التقيناها أن سليمان فرنجية هو المرشح الأكثر جدية، وأن لبنان يحتاج إلى تسوية تسمح بإطلاق ورشة إصلاحات شاملة».
ونقل زوار عين التينة، أمس، أن «الأجواء إيجابية، وأن الفريق المعارض لترشيح فرنجية يشن هجوماً واسعاً بعدما وردته أجواء إيجابية حصيلة الجهود الفرنسية». ولفت هؤلاء إلى أن كلام رئيس تيار المردة من على منبر بكركي، أول من أمس، هو بمثابة «إعلان ترشيح وبرنامج عمل، وما كان ليقدم على هذه الخطوة لولا حصوله على ضمانات فرنسية».
من جهة أخرى، علمت «الأخبار» أن باريس في صدد دعوة عدد من القيادات اللبنانية، لا سيما المسيحية، لشرح أهمية السير في تسوية تقود إلى انتخاب فرنجية رئيساً وتكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة. ولفتت المصادر إلى أن الفرنسيين «يعرفون مسبقاً مواقف كل الأطراف، لكنهم يعتقدون بأن على هؤلاء أن يسمعوا صوتاً من خارج المعركة، حول واقع لبنان وتأثيرات ما يجري في المنطقة والعالم، وأن التسوية المقترحة هي أفضل الممكن».
وأشارت المصادر إلى أن الفرنسيين يبدون «استعداداً لفتح قنوات بين فرنجية وبين أي طرف يريد محاورته في شأن المرحلة المقبلة». كما «تشجّع باريس بري وفرنجية على إطلاق اتصالات واسعة تشمل كل الكتل النيابية لضمان تأمين نصاب كامل في أي جلسة انتخاب تتم الدعوة إليها».
أبو فاعور: لا أحد يمكنه القول إن السعودية تضع فيتو مباشر على فرنجية
وفي السياق نفسه، لفتت المصادر إلى أن الكتل النيابية البارزة لم توضع بعد في أجواء المواقف السعودية الجديدة. لكن كان لافتاً الكلام المنسوب إلى النائب وائل أبو فاعور الذي يتولى التنسيق بين الحزب التقدمي الاشتراكي والسعودية. إذ إنه تحدث «للمرة الأولى بإيجابية عن ترشيح فرنجية»، وأكد أن «أحداً لا يمكنه القول إن السعودية تضع فيتو مباشراً على فرنجية»، وأن الرياض، بحسب متابعته، «تتجنب الدخول في لعبة الأسماء، وتحاول حصر النقاش في المواصفات المفترض توافرها في المرشح». وأشار إلى أن السعودية «تبحث عن ما يشكل فرصة لإنقاذ الوضع في لبنان، وملاحظاتها العامة باتت معروفة لدى جميع المعنيين في داخل لبنان وخارجه».
وفي السياق نفسه، اعتبرت مصادر قريبة من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط أن «شكل ومضمون ما قام به فرنجية في بكركي، أول من أمس، لا يمكن اعتباره عفوياً، بل كان منسقاً مع حلفائه أولاً، ولم يكن ليحصل لولا تلمّس فرنجية مناخاً إيجابياً تجاهه من الخارج» في إشارة إلى المفاوضات الفرنسية – السعودية.
وفي سياق الحملة على الدور الفرنسي، قالت مصادر ديبلوماسية إن الكلام عن قرار فرنسي بنقل السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو «مجرد تخمينات»، إذ إن انتدابها ينتهي في تشرين الأول المقبل، وقرار نقلها من لبنان سيكون عادياً. علماً أن بعض من استفسروا من باريس سمعوا بأن أي قرار في هذا الشأن لم يصدر بعد عن الخارجية الفرنسية، وأن احتمال التمديد سنة إضافية لغريو مطروح بقوة». وبحسب مصادر ديبلوماسية فإن مسؤولين كباراً في لبنان تبلغوا أن المرشح لخلافة غريو هو السفير الحالي في تركيا هيرفي ماغرو الذي سبق له أن لعب أدواراً ديبلوماسية في مؤسسات دولية معنية بلبنان.
حصيلة رمضان الفلسطينية: جرح غائر في «هيبة الردع» الإسرائيلي
رام الله | مع قرب انتهاء شهر رمضان، تبدو الحصيلة ثقيلة على الاحتلال الإسرائيلي، الذي واجه في هذا الشهر اختباراً صعباً لقوّة ردعه، ستكون له انعكاساته على كلّ تقديراته وخياراته للمرحلة المقبلة. وإذ يبدو أن حالة التأهّب التي يعيشها العدو ستستمرّ طويلاً، من دون أن يَظهر إلى الآن أن الأخير بات مستعدّاً لردّ قوي كفيل بترميم «هيبة الردع»، قد يجرّه إلى حرب شاملة، فإن محور المقاومة أضحى في المقابل أكثر وثوقاً وأقدر على فرض خطوط حمراء في ما يتّصل بحماية المقدسات في الأراضي المحتلّة، واضعاً على رأس أولوياته إدامة الاشتباك وتعزيزه في الضفة الغربية، بوصفها خاصرة الاحتلال والأنجع في إيلامه
تشي محصّلة الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة و«منطقة الطوق» عموماً، بأن إسرائيل ستبقى تعيش في حالة تأهّب أمني، من دون أن تلوح لها نهاية قريبة إلى الآن. وعلى رغم أن شهر رمضان لم يشهد مواجهة شاملة كانت قد توقّعتها التقديرات الأمنية والاستخبارية، إلّا أن ما سُجّل خلال أيام الشهر قد يكون أكثر أهمّية من الناحية الاستراتيجية، بعدما تبلور شكل المواجهة القادمة، وتأسّست خطوط اشتباك جديدة، وتعزّزت قوة الردع على ضفة محور المقاومة. وجلّت تلك المحصّلةَ بوضوح مشهديةُ الصواريخ التي انطلقت من جنوب لبنان وسوريا على شمال فلسطين المحتلّة، بالتزامن مع انطلاق صواريخ مماثلة من قطاع غزة، وتواصل مسلسل العمليات الفدائية في الضفة الغربية المحتلّة، وتكاثر علامات الانفجار في الداخل الفلسطيني المحتلّ، والذي لا يفتأ يبعث بإشارات باستعداده للانخراط في أيّ مواجهة متعدّدة الساحات.
وتمظهرت وحدة الساحات في «يوم القدس العالمي»، الذي بدا استثنائياً لهذا العام، سواء في فعالياته أو في كلمات قادة المقاومة في خلاله، وعلى رأسها كلمة الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله، الذي أكد «وقوف محور المقاومة خلف فلسطين والقدس والمسجد الأقصى». وكانت «حفلة الصواريخ» التي أعقبت تصاعد انتهاكات العدو في المسجد والقدس قد رسّمت خطوطاً حمراء بيّتة، وعزّزت حالة عدم الاستقرار لدى الكيان، وأثبتت أن المقاومة تضع على رأس أولوياتها تشكيل طوق حماية وردع للمقدسات، إلى جانب تغذية الاشتباك المسلّح في الضفة، كون الأخيرة مركز المعركة وخاصرة الاحتلال الرخوة. ومن هنا، فإن حالة التأهّب التي عاشتها دولة الاحتلال خلال شهر رمضان لن تنقضي بانقضائه؛ فما تأسّس خلاله سيصلح لكلّ زمان ومكان، بل إنه أظهر أن يديها مغلولتان عن أيّ ردّ قوي يعيد الاعتبار إلى قوّة ردعها المتآكلة، في الوقت الذي لا تزال فيه التحذيرات من تنفيذ عمليات فدائية إضافية في كلّ فلسطين المحتلة، قائمة وتتزايد.
وعليه، يبدو هدوء الساحات والجبهات كافة، وتحديداً جبهتَي غزة وجنوب لبنان، في الوقت الراهن، أقرب إلى استراحة يمكن أن تُقطَع في أيّ لحظة، وخاصة أن الجبهتَين المذكورتَين لهما ارتباط وثيق وعملي بحالة الاشتباك في الضفة، سواء عبر السعي إلى تشكيل الخلايا هناك، أو العمل على مدّها بالسلاح والمال. كما أن حالة الهدوء هذه لا تنطبق على الضفة، التي لا تزال تحافظ على وتيرة المواجهة عينها؛ إذ شهد حيّ الشيخ جراح، أوّل من أمس، عملية إطلاق نار أدّت إلى إصابة مستوطنَين، بعدما سُجّلت صباح الثلاثاء في مناطق متفرّقة اشتباكات مسلّحة بين مقاومين وقوات الاحتلال. وذكرت «القناة الـ 13» العبرية أن المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية تترقّب بحذر الأسبوع المقبل، الذي يُحتمَل أن يكون أحد أكثر الأسابيع توتّراً خلال العام، بالنظر إلى وجود عشرات التحذيرات لدى الجيش و«الشاباك» من نيّة مقاومين تنفيذ هجمات مع أفول شهر رمضان، والذي يتزامن مع اقتراب «قتلى معارك إسرائيل وضحايا الأعمال العدائية»، وما يسمّى «عيد الاستقلال» الخامس والسبعين.
ما جرى من أحداث سياسية وأمنية في الأسابيع الماضية، لم يكن أيّ منها في مصلحة الاحتلال
وفي ضوء هذا الاستنفار، تحاول قوات الاحتلال ترميم صورة الردع المهشّمة، وخاصة في الضفة، من خلال الزعم الدائم باعتقال مطلوبين أو خلايا للمقاومة، على ما نشره الإعلام العبري في اليومَين الماضيين. إذ تحدّث عن اعتقال مقاومَين في مخيم جنين، لهما دور في إعداد وتصنيع العبوات الناسفة، وكذلك اعتقال شخصَين من منطقة رام الله، ذكرت مصادر عبرية أنهما كانا على تواصل مع أطراف مقرَّبة من «حزب الله». على أن هذه المزاعم لا تبدو كفيلة بالترميم المطلوب؛ إذ أظهرت أحداث شهر رمضان ارتداع إسرائيل عن أيّ ردود قوية خشية ذهابها إلى حرب لن تكون قادرة على خوضها، فيما أثبت محور المقاومة استعداده للسيناريو الذي دأبت الدوائر الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية على إبداء قلقها منه، وخصوصاً أن خيار المقاومة بات يحظى بتأييد شعبي متزايد في الضفة الغربية. وفي هذا الإطار، نشر «معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي» (INNS) تقدير موقف قال فيه إن «حركة حماس استحوذت على المشهد الفلسطيني على حساب السلطة الفلسطينية، بعدما حصدت إنجازات لا يستهان بها خلال الأسابيع الأخيرة؛ إذ حصلت الحركة على زخم كبير وسيطرت على الأحداث في الساحة». وأشار المعهد إلى أن «حماس استطاعت بناء بنية تحتية عسكرية في جنوب لبنان، من الصعب على إسرائيل ملاحقتها أو استهدافها؛ أوّلاً لقلّة المعلومات الاستخبارية عنها، وثانياً، لأن ذلك قد يدفع بمواجهة مع حزب الله اللبناني»، وهي المواجهة التي لا يريدها جيش الاحتلال ويبتعد عنها قدر الإمكان.
من جهتها، تبدو الإدارة الأميركية التي صبّت جهدها في الشهور الماضية لاحتواء الأوضاع في الضفة الغربية خلال شهر رمضان، ومحاربة المقاومة في جنين ونابلس، بالتنسيق مع السلطة وبعض دول الإقليم، كأنها فشلت فشلاً ذريعاً في مهمّتها، وقد أتت بنتائج عكسية، على رأسها دخول الجبهة الشمالية على الخطّ، سواء عبر عملية مجدو، أو عبر صواريخ الجنوب ورسائل الجولان المسيّرة والصاروخية. على أن التطوّرات السياسية لا تبدو أقلّ إزعاجاً وإقلاقاً لواشنطن وتل أبيب من تلك الأمنية، وخصوصاً لناحية الانفتاح العربي على سوريا، وحركة المصالحات الجارية في المنطقة، والتوجّه لإنهاء العدوان على اليمن. وفي هذا السياق، رأى الباحث في «معهد أبحاث الأمن القومي» الإسرائيلي، أساف أوريون، أنه «منذ سنة 2010، تموضعت إيران في الكثير من الفراغات التي نشأت في المنطقة، وكان أبرزها سوريا»، مضيفاً: «نرى اليوم نوعاً من إعادة انتظام شكّلته الولايات المتحدة الأميركية التي ركّزت على أجزاء أخرى من العالم، والتي أصبحت تبذل جهوداً أقلّ في الشرق الأوسط». ونبّهت وسائل إعلام إسرائيلية، بدورها، إلى أن الجبهة الأهمّ التي تشخّصها إسرائيل هي إيران، التي تضعف أكثر فأكثر محاولات عزلها، وبات «لديها الكثير من الثقة بالنفس، إذ إنها تشعر بأن العزلة انتهت، وأضحت ناشطة جدّاً في العراق وسوريا وتركيا. حتى إنّ من الممكن أن تنجح في تهدئة الحرب في اليمن».
بالنتيجة، ما جرى من أحداث سياسية وأمنية في الأسابيع الماضية لم يكن أيّ منها في مصلحة الاحتلال. إذ إن قوّة الردع التي دأب الأخير على التباهي بها تخلخلت إلى حدّ غير يسير، كما أن الخطوط الحمر التي اعتاد على تخطّيها لم يَعُد تجاوزه إيّاها يمرّ مرور الكرام، على رغم كلّ ما بذله في السنوات الفائتة من جهود من أجل تهشيم القضية الفلسطينية. والظاهر أن إسرائيل لا تكفّ، اليوم، عن تخيّل تفاصيل المواجهة الكبرى الآتية، والتي سيكون عنوانها آلاف الصواريخ يومياً من شمال فلسطين المحتلّة إلى جنوبها.
أميركا تهبّ لمنع الانفتاح: فليبقَ السلام بعيداً عن سوريا
موسم العودة إلى دمشق بلغ مداه بزيارة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان لها، في خطوة هي الأكبر على هذا الطريق منذ اندلاع الأزمة عام 2011. وهو ما واكبته محاولة أميركية يائسة لمنع عودة في الاتّجاه الآخر لسوريا إلى «جامعة الدول العربية»، عبر محاولة خلق «انقسام» عربي حولها، وتحريض مَن يستضيفهم الغرب من المعارضين السعوديين الذين سقط بعضهم في فخّ الترويج للسياسة الأميركية، على رغم أنها في الحالة السورية تستهدف إبقاء الجرح نازفاً، لمصلحة إسرائيل لا غير.
لم تُخفِ أميركا وحلفاؤها الغربيون لحظةً، رغبتهم في عرقلة استعادة العلاقات السعودية – السورية، وبالتالي إعادة ترتيب العلاقات السورية – العربية. وعندما لم تستطع وقف هذا المسار، انتقلت إلى محاولة عرقلة عودة دمشق إلى «جامعة الدول العربية»، بمعزل عن عدم رغبة النظام في سوريا في تحقيقها بأيّ ثمن. فقد واكبت أميركا اجتماع جدّة لوزراء خارجية تسع دول عربية لبحث المسألة، بتسريب معارضة خمس دول عربية لتلك العودة (صحيفة «وول ستريت جورنال»)، وهي دول لا يجمعها الشيء الكثير في ما يخصّ الأزمة السورية. بهذا المعنى، يمكن اعتبار زيارة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، لدمشق، أوّل من أمس، ردّاً مباشراً على المساعي الأميركية للعرقلة، في زمنِ توتّر تاريخي للعلاقات بين الرياض وواشنطن، حيث تُظهر الأولى مستوًى من التحدّي لم تعتده الثانية منها . فالزيارة تلك، تمّت بأسرع من المتوقّع، بعد أيام قليلة على زيارة وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، للمملكة، وقبل أن يعود الأخير إلى بلاده من جولته الخارجية.
المثير للاستغراب هو أن الدول الخمس التي سمّتها الصحيفة، وهي مصر والمغرب والكويت وقطر واليمن، لا يربطها الكثير في موضوع سوريا بالذات، وبالتالي فإن جمْعها تحت هذه الخانة، يشبه لمّ فريق كرة قدم على عجل للعب مباراة في ملعب الحيّ. وإذا صحّ تقرير «وول ستريت جورنال»، فإن الاستجابة لطلب أميركي في هذا الشأن، هي وحدها التي يمكن أن تلمّ تلك الدول، علماً أن الولايات المتحدة نفسها كانت قبل سنوات قليلة (خلال عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب) في صدد ترك «الجمل بما حمل» في سوريا، لولا أن ارتفع صوت إسرائيل اعتراضاً، خوفاً من تأثير هذه المغادرة على أمن العدو. فما الذي يجمع مثلاً بين مصر وقطر في ذلك الخصوص؟ لا شيء. بل إن دعم قطر لجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، وتسليحها المعارضة السورية، هما أحد أهمّ أسباب العلاقة الطيّبة التي ظلّت على طول الخطّ تجمع بين القاهرة ودمشق.
أمّا اليمن المقصود بالتسريب الأميركي، فهو الحكومة المقيمة في عدن، والتي لا تملك قرارها، ولا تملك حتى أن تنفي التسريب الأميركي، لأن أميركا هي التي تدير دفّة الحرب، حتى وإن كان التمويل خليجياً. وبالنسبة إلى الكويت التي قالت إنها لن تقف ضدّ الإجماع العربي، فهي تفضّل الانتظار، تماشياً مع السياسة التي اعتمدتها طوال الأزمة السورية منذ بدايتها. فالقضية السورية حسّاسة في الداخل الكويتي، في ظلّ وجود المعارضة الإسلامية التي كانت مؤيّدة للمعارضة السورية، ونظّمت لها حملات تبرّع للتسليح، وصولاً إلى حدود انخراط بعض الكويتيين في القتال مع أشدّ الفصائل تطرّفاً مِن مِثل «داعش» و«هيئة تحرير الشام». وعلى رغم ما تَقدّم، استطاعت الحكومة الكويتية أن تنأى بنفسها عن القتال والتسليح، واكتفت بمساعدة النازحين. وفي المقابل، سمحت لدمشق بتسيير شؤون السفارة السورية فيها طوال الوقت.
زيارة ابن فرحان ردّ مباشر على المساعي الأميركية لعرقلة العودة السورية
وبخصوص المغرب، فكان من الأقلّ تأثّراً بين الدول العربية في الأزمة السورية؛ إذ لم يشهد هجرة للمقاتلين إلى سوريا كما هو حال تونس، ولم تكن لديه مشكلة كبيرة مع جماعة «الإخوان المسلمين». بل قدّم تجربة حكومة «إخوانية» تحت جناح الملك، محمد السادس، عادت وسقطت سقوطاً مريعاً في الانتخابات. وحدها قطر، معارضتها مطلقة لعودة دمشق إلى الجامعة العربية. ومع هذا، لم تكن لتستطيع الوقوف في وجه الغالبية الكبيرة من الدول العربية التي تريد إنهاء الأزمة السورية، لولا القرار الأميركي بخلاف ذلك.
ما يستحقّ المتابعة هو انخراط بعض رموز المعارضة السعودية المقيمة في الخارج، وفي الولايات المتحدة تحديداً، من أمثال عبدالله العودة وعمر الزهراني وكثيرين غيرهم، في الحملة الأميركية التي تستهدف أساساً خدمة إسرائيل. فإذا كان مفهوماً أن تكون تلك المعارضة، التي يشكّل «الإخوان المسلمون» عمادها الأساسي ولا تخفي تحالفها مع قطر، حليفة لواشنطن في مواجهة النظام السعودي، فالغريب هو انضمامها إلى «بكائيّة» المعارضة السورية حول عودة العرب إلى دمشق، والذي يشي باستمرار تعلّقها بوهم نصرة الأميركيين للمشروع «الإخواني»، وفشلها في تنويع خياراتها، في الوقت الذي تخلّى فيه أصحاب هذا المشروع عنه، وتساقطت حجارته ابتداءً من عام 2013، دافعاً بالجماعة التي كانت يوماً ذات شعبية ومشروعية واسعتَين في العالمين العربي والإسلامي، إلى خارج الأحداث، بحيث لا يتوقّع أحد أن تقوم لها قائمة في أيّ وقت قريب. وقدّم رموز المعارضة السعودية «الإخوانية» سياسة «تصفير المشاكل» التي تعتمدها الرياض، على أنها «رضوخ سعودي» لطهران، متجاهلين ما يمكن أن تحقّقه بلادهم من مكاسب جرّاء تفكيك الخلافات التي لم تكن مبرَّرة أصلاً مع إيران، في كلّ ساحات تلك الخلافات، كاليمن والعراق وسوريا ولبنان وغيرها، والضمانات الصينية لهذه المكاسب.
في خضمّ ذلك، من المتوقّع للعودة العربية، وخاصة السعودية، إلى دمشق، أن تكرّس هزيمة المعارضة السورية، التي لا يبدو أنه سيكون لها دور يُذكر في رسم السياسة المستقبلية لسوريا، بغضّ النظر عن ما يمكن أن تصل إليه هذه السياسة. وتأكيداً لما تَقدّم، يتعيّن رصد ما لم تَقُله البيانات الصادرة لمناسبة زيارتَي الفرحان والمقداد واجتماع جدة، وليس ما قالته. فأيّ من تلك البيانات لم يَقُل إن الحلّ السياسي في سوريا سيكون وفق القرار 2245 الذي يتحدّث عن «تحوّل سياسي» في البلد. كما أن التركيز على تهيئة الظروف لإعادة اللاجئين، لا يعني فقط تسهيلات سياسية وأمنية مطلوبة من دمشق، وإنّما دعم العرب لعملية الإعمار واقتصاد الدولة المتهالك والمدمّر، للتشجيع على العودة، لأنه في الظروف الاقتصادية الحالية، مَن يقيم في سوريا يفكّر في الهرب منها، فكيف يمكن إقناع الملايين من اللاجئين بالعودة؟
الأسد للسعوديين: العودة إلى «الجامعة» ليست أولوية
علمت «الأخبار»، من مصدر إعلامي عربي مواكب لمسار اللقاءات السعودية – السورية، أن الجانب السعودي أبلغ نظيره السوري بأن الاجتماعات العربية الأخيرة، سواء الثنائية أو الموسّعة، حول المسألة السورية، أظهرت أن مواقف قطر والكويت ومصر والأردن من عودة سوريا إلى مقعدها في «جامعة الدولة العربية» رَاوحت ما بين البرودة والممانعة والمعارضة، وهو ما قد يُعزى إلى الموقف الأميركي من هذه العودة. كما أبلغت الرياض، دمشق، أن وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، يعتقد بضرورة إعادة الاعتبار إلى مؤسّسة الجامعة، على اعتبار أن الدور العربي الإقليمي يحتاج إلى تفعيل هذه المؤسّسات على قاعدة عدم إقصاء أيّ طرف. وأكدت السعودية، لسوريا، أنها ستواصل مساعيها من أجل تذليل العقبات أمام عودة الأخيرة إلى الجامعة، قبيل موعد القمّة العربية المقبلة، والتي يرغب ابن سلمان في أن يكون الرئيس السوري، بشار الأسد، حاضراً فيها. كذلك، أبدت المملكة اعتقادها بضرورة مساعدة سوريا من خلال «العمل العربي المشترك»، مؤكّدة أنها جادّة في تنفيذ اتفاقها مع إيران وتبريد كلّ الخلافات معها، وأيضاً في سعيها إلى إنهاء ملفّ حرب اليمن، وإنْ أوضحت أن الاتفاق سيحتاج إلى عناية دائمة. في المقابل، أبدى الأسد تقديره لجهود السعودية، وجدّد رغبة بلاده في العودة إلى «الجامعة العربية»، لكنه بيّن أن سوريا لا ترى أن «الأمر ضروري الآن، وهي لا تريد إحراج أحد». وخاطب الرئيس السوري ضيوفه السعوديين بالقول: «لقد حاول الجزائريون من قَبلكم، وقلنا لهم لا داعيَ لإحراجكم، والآن نقول لكم الأمر نفسه».
الجمهورية:
جهود لحسم الرئاسة قبل حزيران… باريس: تزخيم الحضور… المعارضة تطعن بالبلديات
ليس في الأفق الرئاسي ما يؤشّر إلى حلحلة في المدى المنظور، فلا الجهود الخارجية والاستعانة بصديق او شقيق او حليف استطاعت أن تفتح ثغرة في الحائط المسدود، ولا التناقضات الداخلية القابضة على رئاسة الجمهورية لديها القابليّة لأن تتموضَع على جادة الصواب الرئاسي وتحيد ولو قيد أنملة عن مسار تعطيل انتخاب الرئيس العتيد.
الصحن الرئاسي مكسور
خلاصة المشهد حتى الآن انّ الصحن الرئاسي مكسور، وأجزاؤه متناثرة على حلبة التعطيل، وميؤوس من تجميعها، وما بات مؤكداً تبعاً لذلك هو انّ هذا الوضع العبثي المتمادي في اطاحة جهود الاصدقاء والاشقاء، وفي تغليب ارادة الصدام والانقسام في الداخل، وفي تغييب العقل السياسي الراجح، واعدام الشعور بالمسؤولية الوطنية، يدفع بلبنان وشعبه إلى حافة منحدرات ما فوق الكارثية، لم يبق صديق أو شقيق أو حريص على هذا البلد الّا وأنذر وحذر من الانزلاق اليها. ويؤسس لتلك المنحدرات، بُعد مكوّنات الصراع والتعطيل عن الواقع، والتهاؤها ببعضها البعض، وتعميقها الأزمة أكثر بإغراق البلد بتوترات مفتعلة لتغطية دورها التعطيلي، واجترار مواصفات ما فوق الخيالية، وبالهروب من الاساسيات الى شكليات سطحية وتافهة، ودغدغة شعبويات صارت مقرفة.
الرهان على مفاجأة
وعلى الرغم مما تبدو انها استحالة تصويب المسار الرئاسي في الاتجاه الذي يكسر التعطيل ويفرض انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، الا انّ بعض المعنيين الاساسيين بهذا الملف، كمَن يراهنون على سراب، حيث لم يقطعوا الامل من إمكان حدوث مفاجآت في اي لحظة تقلب الامور الرئاسية رأساً على عقب.
وعلى ما يؤكد مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»، فإنّ ظاهر الامور يَشي بأنّ الافق الرئاسي مسدود بالكامل، وهذا صحيح حتى الآن، ولكن لديّ ما يجعلني أقترب من اليقين بأن الملف الرئاسي اقترب من نقطة الحسم، ومرحلة ما بعد الاعياد، هي مرحلة جديدة ومقاربات جديدة لهذا الملف والدفع في اتجاه حسمه وانتخاب الرئيس ضمن فترة زمنية لا تتجاوز شهر حزيران المقبل، وذلك درءًا لمخاطر كبرى تنتظر لبنان ما بعد حزيران، ليس على المستوى المالي والاقتصادي فحسب، بل على المستوى السياسي الذي بات جرّاء تناقضاته التعطيلية، عرضة لصدمات صعبة بمفاعيل شديدة الخطورة على لبنان وشعبه وبنية النظام فيه.
حك ركاب!
وفيما لفت المرجع عينه الى انّ الفترة الفاصلة عن حزيران المقبل ستكون مرحلة «حك ركاب» وحركة ضاغطة من اتجاهات مختلفة»، أبلغت مصادر ديبلوماسية عربية الى «الجمهورية» قولها: «انّ الحراك الخارجي المرتبط بلبنان سيشهد حتماً تبدّلاً في وتيرته خلال الايام المقبلة، وعلى النحو الذي يجعل اللبنانيين يقتنعون بأنّ مصلحة بلدهم تتأمن بانتخاب رئيس للجمهورية واعادة تشكيل الحكومة والادارة التنفيذية بشكل عام في لبنان».
وبحسب المصادر عينها «فإنّ لبنان لا يستطيع ان يبقى طويلاً في مكانه المعطل، جامداً بلا حراك كأنه منعزل عن محيطه، الخطورة الكبرى على لبنان تتجلّى عندما يجد نفسه وقد سبقته أحداث المنطقة وتطوراتها وايجابياتها، ويصبح صعباً عليه ان يجاريها او ان يلحق بها». وتلفت المصادر الى انّ اصدقاء لبنان عوّلوا، وما يزالون يعوّلون على تجاوب لبناني مع مساعي التوفيق الرئاسي، ولكن أنا في رأيي انّ هذا التعويل هو تعويل على وهم، فالسياسيون في لبنان «معقّدون» من بعضهم البعض، وفي سياساتهم الكثير من المبالغات، وليست لديهم بدائل عن تلك السياسات. وكما نعلم فإنّ محاولات حثيثة جَرت للتوفيق بين اللبنانيين، وكما كان للفرنسيين والقطريين دورهم في هذا السياق كان لمصر دور اساسي في الدفع نحو توافق اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية. واقترن ذلك بسلسلة طويلة من النصائح التي أُسديت للبنان بكل اللغات، والتحذيرات من ان الخطر على لبنان ليس خطرا سياسيا، بل بات خطرا وجوديا. ولكن رغم كل ذلك، فإنّ الواقع اللبناني ما زال يتحرّك في الاتجاه المعاكس والمُحبط لأي جهد او مسعى.
دولة منسية
على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق ما ألمَحت اليه مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية، حيث اكدت لـ»الجمهورية» ان اولوية ادارة الرئيس ايمانويل ماكرون هي بلوغ حل سريع للمعضلة الرئاسية في لبنان، لإدراكها ان استمرار الوضع على ما هو عليه قد يجر الى واقع جديد، يفرض وقائع دراماتيكية غير محسوبة ترتّب على لبنان أثماناً شديدة الكلفة».
ووفق المصادر عينها، فإنّ ادارة ماكرون لا تبرّىء القادة السياسيين من مسؤولية تعطيل الملف الرئاسي، وهو ما خَبرته باريس بشكل ملموس منذ انفجار مرفأ بيروت قبل سنوات، وما تلاه من حضور مكثّف وشخصي للرئيس ماكرون اكثر من مرة في بيروت في سياق المبادرة الفرنسية لاحتواء الوضع اللبناني بعد الانفجار، ومع الأسف فُشّلت المبادرة وكان للرئيس ماكرون آنذاك كلام قاس بحق القادة السياسيين. امّا اليوم، فإنّ ادارة ماكرون على ثباتها مع لبنان، وما تسعى اليه بالدرجة الاولى هو الّا يصبح لبنان دولة منسية امام التطورات التي تتسارَع بوتيرة غير مسبوقة على اكثر من بقعة في العالم.
وإذ اكدت المصادر الديبلوماسية من باريس انّ النقاش مستمر بين دول الاجتماع الخماسي (الولايات المتحدة الاميركية، فرنسا، السعودية، قطر ومصر) ولكن لا موعد محدداً حتى الآن لعقد جولة ثالثة من الاجتماعات في العاصمة الفرنسية، كشفت عن حراك فرنسي في اتجاه لبنان في الايام القليلة المقبلة، ليس منعزلاً عن المسعى الفرنسي السعودي، ومُكمل للمشاورات التي بدأها الايليزيه (لقاءات المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل مع القادة السياسيين في لبنان)، ولم تستبعد المصادر إيفاد مبعوث فرنسي الى بيروت قريباً.
خارج الرادار
وفيما اكدت مصادر ديبلوماسية اوروبية في بيروت، رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، «انّ المشهد الرئاسي في لبنان شديد الغموض، ولسنا متيقنين من إمكان حسمه وانتخاب رئيس للبنان في وقت قريب»، علمت «الجمهورية» انّ احد كبار المسؤولين تلقّى تقريرا ديبلوماسيا من دولة كبرى معنية بالشأن اللبناني، وَصفه بأنه على جانب كبير من الاهمية والخطورة، ومفاده «انّ ازمة لبنان مُتشعبة الى حدود غريبة، ولم تشهد اندفاعة جدية ومسؤولة من القادة اللبنانيين لمعالجة هذه الازمة، بل بالعكس كان العنوان الاساس في لبنان هو تضييع الوقت، وتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية. انّ الوضع في لبنان في خطر غير مسبوق، ويخشى من انّ استمرار هذا الواقع المعطّل عمداً سيدفع لبنان الى وضعٍ حرج اكثر يصبح فيه خارج رادار الاهتمام الدولي».
وكشف المسؤول عينه، ربطاً بالتقرير الديبلوماسي، انّ المجتمع الدولي يعلّق املا كبيرا على نجاح الفرصة المتاحة من اصدقاء لبنان لحسم الملف الرئاسي. الا انّ المسؤول عينه يشكك في ذلك، لأنّ نجاح هذه الفرصة مرتبط بما اذا كانت ثمة ارادة لبنانية بإنجاحها، فأيّ جهد خارجي على اهميته ومهما كانت هويته، لا يمكن ان يكتمل او ينجح ما لم تكن له أرضية لبنانية يستند عليها وتنجحه. فحتى الآن، ومن وحي التناقض السياسي الحاد وافتراق الرؤى والتوجهات حول الاساسيات والثانويات، يمكن التأكيد انه لا توجد اي ارضية لأيّ مسعى، كما لا يوجد اي فكرة داخلية لاختراق الهشيم السياسي اللبناني بحل رئاسي، ومن هنا العالم لن يبقى متفرّغاً لنا او مكترثاً بنا، فكل يوم حدث جديد في مكان جديد، وكل حدث يجذب الاهتمام اليه بحجمه، ولا نستطيع أن نُنكر انه وفق المعايير الدولية فإنّ لبنان يقع اصلاً في أدنى سلم الاهتمامات.
ما أخشاه، يقول المسؤول المذكور، «هو ان يأتي من يقول لنا في موازاة الانشغالات والتطورات الدولية والاقليمية، لقد سبقكم الزمن، وصرتم لوحدكم، فدبّروا رؤوسكم، وقلعوا شوككم وحدكم. كل ذلك لا استبعده على الاطلاق، لأنه النتيجة الطبيعية لسياسة التراخي والتخلي المتحكمة بهذا البلد».
قاسم: للحوار
الى ذلك، وفيما ظل الداخل على مستوياته كلها منشغلاً في قراءة زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى بكركي، والبرنامج الذي أعلنه من على منبرها، فإنّ اللافت في هذا السياق هو الهدوء السياسي الملحوظ تجاه هذا المستجد، خلافاً لما كان يحصل في محطات سابقة.
الى ذلك، شدّد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم على «ضرورة الحوار لإنجاز الإستحقاق الرئاسي ومغادرة مربع التصلّب بالرأي».
ودعا إلى «الإستفادة من المناخات الإيجابية في المنطقة وإجراء التسويات الداخلية والبحث عن قواسم مشتركة». ورأى أنه «لا يمكن إنجاز استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية في حال أرادت كل كتلة من الكتل أخذ كل شيء رافضة التنازل عن شيء أو أن تدوِّر الزوايا». وأشار إلى أنَّ «من يُفعّل ذلك يُفضِّل الفراغ على الإنتخاب وهذا خطأ وخطر وأمر لا يناسب لبنان على الإطلاق». ولفت إلى أنّ «هذه المناخات الإيجابية وُجدت بينما لم نكن نتوقع أن تحصل»، مضيفًا «أليس الأولى أننا نعيش في بلد واحد أن نرى كيف نُجري تسويات فيما بيننا حتى نتفاهم لأنّ هذا البلد لنا جميعًا ونشترك فيه وسيكون للأجيال القادمة»؟
تحضير للطعن
امّا في المقلب السياسي الآخر، فلم ينته التمديد للبلديات فصولاً، حيث وقّع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قانون التمديد للبلديات بعد عرضه على مجلس الوزراء لإصداره وكالةً عن رئيس الجمهورية، على أن ينشر القانون في الجريدة الرسمية بعد عيد الفطر. وفي هذا السياق اعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنّ «جلسة مجلس النواب التي انعقدت يوم أمس (الاول) كانت مهزلة هزيلة، عدا عن كونها غير دستورية».
وأضاف في بيان «بأقل الإيمان كان باستطاعة هذا المجلس الذي اجتمع من أجل التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، الالتئام لتأمين الاعتمادات اللازمة لإجراء الانتخابات بدل أن يعمد إلى تعطيلها وتطييرها. وفي مطلق الأحوال حبل الكذب قصير. وأما مجلس الوزراء الذي اجتمع بدوره يوم أمس ولكن بعد الظهر واتخذ قرارات عديدة بصرف الأموال في أمور معينة، وعلى سبيل المثال لا الحصر إعطاء وزارة الصحة 35 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة، لماذا لا يمكنه الصرف في إنجاز الانتخابات البلدية والاختيارية، خصوصاً انّ المبلغ الذي تحتاجه هو ما دون العشرة ملايين دولار؟ وبما ان مجلس النواب ترك للحكومة حق إجراء هذا الاستحقاق في اي وقت تراه مناسباً ربطاً بجهوزيتها الإدارية، فلماذا لم تقدم على صرف الموازنة المطلوبة والبدء بالتحضيرات اللوجستية التي كرّر وزير الداخلية في أكثر من موقف أن الجهوزية الإدارية واللوجستية مؤمنة فور صرف الاعتمادات اللازمة؟».
وقال إنّ «ما حصل في المجلس النيابي كان مهزلة، وما جرى في الحكومة كان أكثر هزالة، فضلاً عن أن الذين اجتمعوا في البرلمان يتحمّلون مسؤولية تعطيل الانتخابات البلدية والاختيارية ولو بعضهم قام بذلك عن حسن نية، ناهيك عن أنّ الحكومة تتحمّل، منذ اجتماعها يوم أمس، المسؤولية الكاملة لجهة إتمامها في مواعيدها المقرّرة والمحدّدة من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي»، لافتاً الى أنّ «هذه الحكومة ستتحمّل من الآن فصاعداً مسؤوليّة أيَّ تلكؤ بشكل مباشر وكامل». وأعلن عن أن «تكتل الجمهورية القوية وقوى المعارضة يحضِّرون للطعن بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية فور صدوره في الجريدة الرسمية».
الكتائب
وفي بيان له، أسِف المكتب السياسي لحزب الكتائب «لاستمرار حالة الفوضى المؤسساتية وآخرها الاطاحة بالانتخابات البلدية والاختيارية ومصادرة حق اللبنانيين في اختيار مجالسهم المحلية في قرار اتخذته منظومة سياسية غير جاهزة لمواجهة صناديق الإقتراع، وهو فشل جديد يُضاف إلى سجلّها الحافل بمخالفة الدستور والقوانين. وحمّل المسؤولية في هذا القرار إلى الحكومة التي تقاعست عن توفير البنية اللوجستية للانتخابات بما فيها الادارة والتمويل ضمن المهل الدستورية المعروفة، ومجلس النواب الذي خالَف الدستور وشرّع في ظل الفراغ الرئاسي.
وجدّد حزب الكتائب رفضه الاستسلام لإرادة «حزب الله» الذي يُراهن على الوقت وعلى تيئيس اللبنانيين لِفَرض رئيس للجمهورية يحمل مشروعه ويخضع لشروطه واملاءاته، مؤكداً ان اي تنازل جديد في هذا الاتجاه على غرار ما حصل في العام 2016 يعني تكريس عُرف تسليم قرار تسمية الرئيس اللبناني لـ»حزب الله» لعهود قادمة. ورأى أن المأزق لا يحل عبر تغليب إرادة فريق على آخر وان الحل الوحيد القابل للطرح هو اختيار رئيس قادر على جَمع اللبنانيين ويملك الجرأة والارادة لمناقشة كل المواضيع المحرّمة حتى الساعة، وعلى رأسها سلاح «حزب الله» واستعادة سيادة البلد وقراره الحر وعلاقاته مع اصدقائه التاريخيين بموازاة خطة دقيقة للنهوض عبر تطبيق الاصلاحات الملحّة وإتمام التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
اللواء:
الاستحقاق الرئاسي وجهاً لوجه بين الرياض وطهران قريباً
التمديد للبلديات مستعصٍ على الطعن.. واتصالات مثمرة للوفد النيابي في واشنطن
بقيت احداث الثلاثاء الماضي، بصرف النظر عن حجمها او تأثيرها مدار متابعة: سياسياً، ماذا وراء الاطلالة الرئاسية لرئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، وعّما اذا كانت ستفتح الطريق للعبور الى قصر بعبدا رئيساً للجمهورية تماثلاً مع ما يجري من انفراجات عربية – عربية، وعربية – اقليمية، يغوص الخبراء في محاولات سبر غورها، والوقوف عند ابعادها ومؤشراتها.
وظيفياً، بلع القطاع العام «حبة البونبون» المتمثلة بمضاعفة الرواتب والمعاشات التقاعدية، على مضض، وعلى خلفية رفض اعلامي والاعلان عن الاستعدادات لجولات اخرى من التصعيد، في وقت انبرت فيه مواقع نقابية، فضلاً عن الاتحاد العمالي العام لقطف ثمار العطاءات، على وقع تهديدات بالاضرابات او بعدم العودة الى العمل في الادارات والوزارات، مما يجعل الرهان على اعادة الانتاجية المالية لعدد من الوزارات والادارات التابعة لوزارات المال والاشغال والداخلية، لا سيما الدوائر العقارية ومصلحة تسجيل السيارات.
وتربوياً، مع اقتراب انتهاء عطلة الفصح الشرقي في المدارس والجامعات، يزداد القلق على مصير الامتحانات الرسمية، وكيفية انهاء العام الدراسي، بين مدارس انجزت القسم الاكبر من البرامج واخرى لم تتمكن سوى من انجاز الجزء اليسير.
اما مالياً، فالبحث دائر عن كيفية تمويل الزيادات الجديدة على الرواتب والمعاشات للموظفين في الخدمة والمتقاعدين، سواء عبر رفع الدولار الجمركي الى مستوى سعر «صيرفة» بما يوازي الاضافات الجديدة على الرواتب، او اللجوء الى طباعة المزيد من مليارات الليرات اللبنانية لتغطية الزيادات، مع ما يترتب على ذلك من تضخم وعودة الى ارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي، بما يتخطى المائة الف ليرة لبنانية.
رئاسياً، كشفت مصادر سياسية ان ملف انتخاب رئيس الجمهورية، انتقل من مسار التشاور بالواسطة الذي تولاه الجانب الفرنسي منذ اشهر، مع اعضاء دول اللقاء الخماسي وايران، إلى النقاش والبحث وجها لوجه بين المسؤولين السعوديين والايرانيين، بعد انجاز الاتفاق السعودي الايراني برعاية صينية مؤخرا، وزوال كل مسببات عدم التلاقي، وتوقعت أن يطرح للبحث الجدي والنقاش بخصوصه بين الطرفين، بعد عطلة عيد الفطر المبارك.
وقالت المصادر ان ما يتردد عن ضمانات وتعهدات، على المرشح الرئاسي أن يقدمها لهذه الدولة او تلك، وكيفية التعامل مع الازمات التي تعصف بلبنان، طرحت ابان زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى باريس مؤخرا، وباتت معروفة، بينما مواصفات الرئيس المقبل، مهما كانت اصبحت في عهدة دول اللقاء الخماسي، وقد تم التداول فيها بين سفراء هذه الدول مع المسؤولين اللبنانيين.
وعلى الاتصالات مع صندوق النقد الدولي، اكد النواب اللبنانيون، ومن ضمنهم النائب فؤاد مخزومي على التزام لبنان باستمرار التفاوض مع الصندوق تمهيداً لابرامه نهائياً بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة اصلاحات.
كما التقى الوفد النيابي عضو مجلس الشيوخ دارين لحود وناقش معه الوضع في لبنان.
كما التقى الوسيط في المفاوضات البحرية اموس هوكشتاين, وحسب ما رشح خلال المباحثات فإن الوفد اللبناني شدد على السعي لانتخاب رئيس اصلاحي وسمع من الاميركيين ان لا مرشح محدد للادارة الاميركية.
وهكذا، لم يتبدل شيء في المشهد السياسي بعد جولتي تأجيل الانتخابات البلدية في مجلس النواب ومجلس الوزراء، وبعد اعلان رئيس تيار المردة مرة اخرى من بكركي ترشيحه للرئاسة بشكل غير مباشر مع عناوين برنامج عمله، وسط مراوحة حول الاستحقاق الرئاسي لدى الكتل النيابية من دون اي خطوة الى الامام تؤمن حداً ادنى من التفاهم او التوافق، واستمرار مواقف المعارضة برفض ترشيحه، ومواقف اخرى تدعو الى الحوار والتوافق. بينما بقيت ازمة رواتب القطاع العام موضع اخذ ورد بين موافق ورافض لما قرره مجلس الوزراء بهذا الخصوص.
وقد وقّع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قانون التمديد للبلديات بعد عرضه على مجلس الوزراء، لإصداره وكالةً عن رئيس الجمهورية على أن ينشر القانون في الجريدة الرسمية بعد عيد الفطر. وتابع الرئيس ميقاتي مع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي التحضيرات لاجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، انطلاقا مما ورد في القانون الصادر عن مجلس النواب. وجرى الاتفاق على أن يعد وزير الداخلية الموازنة المستحدثة اللازمة لاجراء الانتخابات لكي يصار الى فتح اعتماد لها. وفي ضوء الموازنة الجديدة سيقوم وزير الداخلية ضمن صلاحياته بتحديد المواعيد الجديدة للانتخابات.
من جهته، اعلن الوزير مولوي بعد زيارة متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده إن إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية هو استحقاق دستوري وقانوني وكل الاستحقاقات يجب أن تكون موضع احترام وليس خياراً. وقال: على اللبنانيين وقبلهم السياسيين، أن يعرفوا أنه عند وجود استحقاق معيّن يجب اعتباره استحقاقاً مفروضاً لا أن نعطي رأينا إذا كان يناسب البعض أو لا يناسب البعض الآخر، وقد أكّدنا لسيادة المطران أننا مصرّون على إجراء الاستحقاق الدستوري والقانوني طبقاً للقانون ومصرّون على تطبيق القانون. وسنجدّد الطلب للتمويل في بداية الأسبوع المقبل بعد عيد الفطر، وبمجرد تأمين التمويل سنحدد المهل اللازمة لإجراء الانتخابات، فنحن مثل كل المواطنين ومثل سيادة المطران عوده جميعنا مصرّون على اجرائها.
وعما اذا كان يأمل خيراً من تأمين الأموال، وعما اذا كان ممكنا إجراء الانتخابات قبل أيار المقبل؟ قال مولوي: طبعاً ممكن ويجب إجراؤها قبل أيار المقبل، وقلنا إننا في الأسبوع المقبل سنرسل الكتاب اللازم لتأكيد المؤكد وأنا مصرّ لأن اللبنانيين مصرّون والقانون هكذا ينصّ.
على المقلب الآخر، أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع امس، أن «تكتل الجمهورية القوية وقوى المعارضة يحضِّرون للطعن بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية فور صدوره في الجريدة الرسمية.
زيادة الرواتب بين بين
بقيت مقررات جلسة مجلس الوزراء، لناحية ورفع الاجور، في الواجهة. في السياق، اعلن أمين سر رابطة موظفي الإدارة العامة طارق يونس ان ما قُدم بالامس لا يرقى الى اعادة الموظف في الادارة العامة الى عمله.
اضاف: ما قيل عن ان الموظف سيتقاضى 7 رواتب اذا تم جمعهم لا يمكن ان يتخطوا الـ10 مليون ليرة، معلنا الاستمرار في الاضراب. كما اعلن حراك «المتقاعدين العسكريين» رفض مقررات مجلس الوزراء والزيادات المطروحة.
بالمقابل، اجتمع الرئيس نجيب ميقاتي مع وفد من الاتحاد العمالي العام ضم رئيس الاتحاد بشارة الاسمر ونائب رئيس الاتحاد حسن فقيه والامين العام سعد الدين حميدي صقر. وقال الاسمر بعد اللقاء: شكرنا للرئيس ميقاتي سعيه لحل مشكلة الأجور، سواء في القطاع الخاص اوفي القطاع العام، والشكر يمتد ايضا الى اللجنة الوزارية التي بذلت جهدا كبيرا لانجاز ما اقر بالامس في مجلس الوزراء، انما يبقى ان واقع هذا الاجر ما زال متدنيا وعرضة للانتقاد وبخاصة من رابطة موظفي الادارة العامة، لذلك تم الاتفاق مع الرئيس ميقاتي على عقد لقاء موسع الأسبوع المقبل مع كل الافرقاء في القطاع العام، بما فيهم رابطة هذا القطاع وان يكون هناك سعي دؤوب للعلاج على الصعد كافة حتى يعود الموظف الى عمله، فالدولة لا تستقيم في ظل توقف عمل القطاع العام، لذلك ندعو الى اعادة النظر في ما اقر في مجلس الوزراء بعد شهرين، والتحاور مع الروابط في القطاع العام والمتقاعدين العسكريين والمدنيين حتى نتمكن في خلال فترة شهرين من ان ننجز اتفاقا يلبي طموح الجميع. فالواقع المالي للدولة والتوازن ليس سليما، وندعو جميع الافرقاء الى الحوار حتى نتمكن من اعادة النهوض بالدولة.
واكد انه «بالنسبة الى القطاع الخاص سوف ندعو الى اجتماعات مع الهيئات الاقتصادية برعاية وزير العمل حتى نتمكن من رفع بدل النقل الى 450 ألفا اسوة بالقطاع العام».
أمنياً، وعلى خلفية قرارات المحكمة العسكرية في ما يتعلق بأحداث خلدة الأخيرة، سواء في ما خص الاحكام بالاعدام او الاشغال الشاقة، لجأ اهالي العشائر العربية في خلدة، الى قطع طريق الجنوب بيروت بالاتجاهين، قبل ان يتمكن الجيش اللبناني من إعادة فتحها وبالاتجاهين.
المصدر: صحف