عندما أعلن رئيس وزراء حكومة العدو بنيامين نتنياهو، عقب اجتماع الكابينيت الذي عُقد لبحث الوضع بعد اطلاق صواريخ من جنوب لبنان تجاه مناطق في شمالي فلسطين المحتلة، أنه “سنضرب اعداءنا وسيدفعون ثمن كل اعتداء”، تبين أن العدو يتحضر فعلياً لشنّ اعتداء قد يتدحرج إلى مواجهة إن كان على الجبهة الشمالية (جنوب لبنان) أو الجنوبية (قطاع غزة)، لكن هذا لم يحدث.
بالرغم من قول رئيس وزراء العدو إن “اعداءنا لن يضللونا” وأن “الجدل الداخلي في “اسرائيل” لن يمنع بأن نتحرك ضدهم”، إلا أن هذا ايضاً لم يحدث.
على صعيد تقييم “حجم الضربة” التي وجهها العدو إلى خصومه فقد اختصرت على أراض زراعية في منطقة القليلة الواقعة بين سهل رأس العين ومخيم الرشيدية.
أما بالنسبة لقطاع غزة التي وبالرغم أن حجم العدوان الاسرائيلي عليها كان أكبر، إلا أنه ايضاً عكس حقيقة واحدة أن العدو لا يريد الذهاب إلى مواجهة حالياً وأنه عاجز حالياً عن “ضرب اعدائه” كما قال نتنياهو، وأن “الجدل الداخلي” أو أزمته الداخلية انعكست بشكل واضح على ادائه أو فرضت نفسها على اداء جيشه.
لكنه ربما قام بذلك لحفظ قليل من ماء الوجه، الذي لم يُحفظ حقاً لأن قدرة الردع لديه ماضية في التآكل، خصوصاً أنه بعد كل ما جرى وجهت له المقاومة صفعة جديدة من خلال عملية بطولية في الأغوار، أكدت أن المواجهة انتهت بالنسبة للعدو الذي “وجه بعودة الحياة إلى طبيعتها في مستوطنات غلاف غزة”، لكن ليس بالنسبة للمقاومة الماضية والمستمرة حتى آخر مستوطن وجندي محتل.
وفي السياق، جاء تصريح أحد قادة المعارضة في الكيان يائير لابيد، تعليقاً على عملية الأغوار وما يجري من تطوارت، قائلاً إنها “جمعة سوداء ومؤلمة”. أما زعيم ما يُسمى “حزب إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان فقد أقرّ بأن كيانه “يعيش أياماً صعبة للغاية، ويجب على الحكومة أن تعيد الردع الإسرائيلي”. وقال مراسل القناة 14 إن “الحكومة الحالية وعدتنا بأمن كامل، ولكن حالياً ما نراه هو إطلاق صــواريخ من الشمال والجنوب إضافة لعمليات بالضفة الغربية”.
عملية الأغوار
في التفاصيل، فقد أعلن إعلام العدو، اليوم الجمعة مقتل ثلاثة إسرائيليين في عملية إطلاق نار بالأغوار قرب أريحا بالضفة المحتلة. وأقرّت القناة الـ14 العبرية بمقتل ثلاث مستوطنات من مستوطنة الحمرة في الأغوار، بعد أن سبق أن تحدثت عن مقتل اثنتين وإصابة الثالثة بجروح خطرة. ولفتت المصادر، إلى أن طائرات الاحتلال تشارك في البحث عن منفذي عملية إطلاق النار في الأغوار.
هذا وأفادت إذاعة جيش الاحتلال أن “قوات الجيش تفرض طوقاً أمنياً على مدينة أريحا بحثاً عن منفذي عملية الأغوار”.
إلى ذلك، قرر جيش الاحتلال استدعاء قوات من الاحتياط في أعقاب التوتر على الجبتين الشمالية والجنوبية. وذكرت مصادره أنه “بعد تقييم للوضع الأمني، أمر رئيس الأركان هرتسي هاليفي باستدعاء قوات احتياط وخاصة في القوات الجوية والدفاع الجوي”.
من جهتها، أكدت حركة حماس أن العملية “ردٌ طبيعي على جرائم الاحتلال المستمرّة بحق المسجد الأقصى وعدوانه الهمجي على لبنان وغزّة الصامدة”، محذرة الاحتلال من مغبّة الاستمرار في جرائمه. كما قالت حركة الجهاد الإسلامي إن “هذه العملية جاءت في ظل حملة “لتزول الحواجز” التي أعلنتها سرايا القدس لاستهداف حواجز الاحتلال بالضفة، وتأكيداً على “وحدة الساحات”، رداً على جرائم العدو وإرهابه وتغول حكومته الفاشية”.
وأوضحت أن العملية أثبتت بأن المقاومة جاهزة للرد وإيلام المحتل من حيث لا يحتسب، وتبعث برسالة قوية أن جرائم الاحتلال بحق شعبنا لن تمر دون رد يوازي حجم الجريمة.
اقتحامات للأقصى
وبالرغم من كل محاولات العدو ابعاد المصلين والمرابطين عن المسجد الأقصى، فقد أعلنت الأوقاف الإسلامية أن “130 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمصان المبارك في المسجد الأقصى”.
وواصلت قوات الاحتلال اقتحامها باحات المسجد الأقصى المبارك، عقب أداء آلاف الفلسطينيين صلاة الفجر العظيم، فيما خرجت المسيرات وتعالت الهتافات الداعمة للمقاومة. وأفادت مصادر مقدسية، أن قوات الاحتلال كانت قد اعتدت على الوافدين إلى الأقصى لأداء صلاة الفجر، وذلك تحديدا عند طريق باب حطة.
ونقلت المصادر أن هتافات الشبان تعالت مباشرة بعد أدائهم صلاة الفجر في المسجد الأقصى، دعمًا للمقاومة وتنديداً بجرائم الاحتلال، مضيفة أن “جيش الاحتلال دفع بتعزيزات عسكرية في المسجد الأقصى، عقب إنهاء المصلين أداء صلاة الفجر”.
العدوان على غزة وتصد بطولي للمقاومة
هذا وشنّت طائرات الاحتلال ليلة الخميس وفجر الجمعة، سلسلة غارات جوية عنيفة على مناطق متفرقة في قطاع غزة. لكن هذه الغارات اقتصرت على”أرض زراعية وموقعا للمقاومة في بيت حانون، كما قصفت موقع تونس في حي الزيتون شرق غزة، إضافة إلى أرض زراعية في حي الشجاعية وموقع رعد التابع للمقاومة في حي التفاح شرق غزة”، متسببة بأضرار كبيرة في منازل المواطنين ومستشفى الدرة للأطفال، دون سقوط شهداء.
وفي المحافظة الوسطى استهدفت طائرات الاحتلال موقع عيسى البطران التابع للمقاومة في مخيم البريج كما قصفت موقع القسطل بعدة صواريخ. وواصلت طائرات العدوان غاراتها على القطاع لتستهدف بعدة صواريخ أرض زراعية في خانيونس، وفي وقت لاحق قصفت موقع القادسية غربًا بسلسلة غارات عنيفة.
ووصل مشفى ناصر الطبي الطفل محمود القدرة 12 عاما سكان خانيونس إثر سقوط شباك زجاجي عليه من جراء القصف الصهيوني على موقع القادسية. وفي رفح جنوب القطاع، استهدفت طائرات الاحتلال نقطة رصد لحماة الثغور وأرض زراعية على الحدود المصرية الفلسطينية.
في المقابل، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، تصدي دفاعتها لطيران العدو، إذ رصد الاحتلال إطلاق 44 صاروخًا من قطاع غزة صوب مستوطنات الغلاف، خلال ساعات الليلة الماضية. وسقط أحد الصواريخ على مبنى من 8 طوابق في مستوطنة سديروت ما أدّى لإصابة مستوطن بجراح.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، “هاجمنا 10 أهداف بخمسين طنًا من القنابل في قطاع غزة، شملت مواقع إنتاج أسلحة وصواريخ وعبوات ناسفة وغيرها، وهدف بحثي وتطوير هام في جباليا، أنفاق قريبة من السياج الحدودي”. على حد زعمه.
غارات على سهل القليلة جنوب لبنان
جيش الاحتلال شنّ غارات جوية على مدينة صور، جنوب لبنان، وذلك في سياق ما زعم أنه ردٌ على “إطلاق عشرات الصواريخ على الأراضي المحتلة”. وأفادت وسائل إعلام لبنانية، بدوي صوت انفجار جنوبي مدينة صور، ناجم عن عدوان إسرائيلي على منطقة القليلة الواقعة بين سهل رأس العين ومخيم الرشيدية، دون تسجيل إصابات تذكر. فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ الاحتلال أطلق 6 صواريخ باتجاه لبنان.
من جانبها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، العدوان الإسرائيلي السافر على مدينة صور.
المصدر: موقع المنار