تحذيرات كثيرة رافقت اضطرابات الشارع داخل الكيان الصهيوني، وما يمكن أن يترتب على الوضع الاقتصادي. وما يثير خوف خبراء الاقتصاد داخل الكيان, الحملات الداعمة في عدد من المدن الأوروبية والأمريكية للتنديد بخطة “الإصلاح القضائي”، الأمر الذي قد يؤدي الى اهتزاز الثقة بإقتصاد العدو وخفض التصنيف الائتماني السيادي.
الانقسام لا يزال موجوداً رغم تأجيل أو تجميد إقرار التعديلات, والشارع لا يزال جاهزاً لخوض جولة جديدة من الاضطرابات التي شاركت فيها مئات الشركات والبلديات ومدارس وجامعات وشركات القطاع الخاص بالاضافة الى شركات في مجال التكنولوجيا, وأطباء والاتحاد العمالي.
الخوف على الإقتصاد لم يكن عابراً, فردات الفعل السريعة من قبل المؤسسات والشركات بنقل أعمالها كانت أسرع من استيعاب حكومة العدو لحركة الشارع. فقد أشارت بعض التقارير إلى نقل أكثر من 50 مؤسسة وشركة عالمية، أعمالها خارج الاراضي المحتلة خلال الفترة الأخيرة، أبرزها شركات ويز”WIZ”، ويونيكورن”Unicorn”، وسكاي “SKAI”، وكذلك شركة “بابايا جلوبال “Papaya Globa.
كما تراجع الشيكل أمام الدولار الامريكي وشهد انتكاسات كبيرة منذ بدء الحديث عن طرح اصلاحات قضائية وحتى عشية تجميد الملف من قبل نتنياهو. كذلك غادرت الأموال البنوك بمعدل أسرع 10 مرات من المعتاد بحسب وزير مالية الكيان. بالاضافة الى لجوء بعض صناديق الاستثمار في high tech الى سحب أموالها من البنوك، الأمر الذي يؤكد تضرُّر هذا القطاع إذا استمرت الأزمة الحالية.
إقتصاد بيت العنكبوت!
الذي يبنيه العدو إقتصاديا منذ عقود من الزمن تراه هشاً سريع الإهتزاز، فكل الدراسات السابقة التي تحدثت عن الاقتصاد الإسرائيلي تشير إلى بناء التركيب البنيوي للاقتصاد ومؤشرات نموه آخذة بعين الإعتبار الإبقاء على عامل الأزمات الملازم للإقتصاد. هذه العقدة الملازمة لها جعلته يفتش عن منافذ جديدة له تشعره بالاستقرار وتضمن وجوده فذهب الى مسألة التطبيع.
يقول الأستاذ والمحاضر الجامعي في الاقتصاد د.سمير أبو مدلله للنشرة الاقتصادية ضمن برنامج جديد على قناة المنار بأن العدو ركز جهوده على التطبيع في الفترات الماضية ليأخذ دورا له في المنطقة ويتخلص من عقدة العزلة وعدم الشعور بالاستقرار, فالهدف إقتصادي بإمتياز، حيث يشير أبو مدلله إلى أن العدو يفتش عن أسواق لمنتجاته بالرغم من أن الناتج المحلي في العام 2022 وصل الى 488 مليار دولار وهو ناتج مرتفع ودخل الفرد السنوي وصل الى 50 الف دولار ونسبة النمو وصلت 8 ونصف بالمئة. ومع ذلك هو بحاجة إلى أسواق مفتوحة أمام صادراته.
ويشير أبو مدلله إلى “أن عمليات التطبيع لم تستوعبها الشعوب وكانت جلية وواضحة من خلال سلوك الشعب العربي في كأس العالم بنسخته القطرية تجاه صحافة العدو الذين تعرضوا للرفض والمواجهة من قبل المشجعين العرب وتم طردهم. في مقلب مشابه تجد حملات مقاطعة المنتج الاسرائيلي مستمرة داخل الاسواق العربية. حالة رفض وعدم استيعاب يتلقاها العدو أمام ما يضعه من خطوات في سبيل تحصيل الأمن”.
يقوم اقتصاد العدو على التكنولوجيا المتطورة ويعتبر في المراحل المتقدمة على صعيد العالم من حيث المسيرات والطائرات, وعلى صعيد الزراعة أيضاً له حصة مهمة في انتاج وتصنيع السلع والفواكه وانتاج الالماس، وهو يتلقى دعماً سنوياً من قبل الولايات المتحدة الامريكية يفوق المليار دولار أمريكي. بالرغم من الارقام المهمة التي ينشرها العدو عن اقتصاده وبالرغم من حملاته التي يسعى من خلالها الى تعزيز دوره وأخذ صفة الدولة الحقيقية إلا أن ذلك لم يسعفه من أن يجعل بيئته آمنة من الظروف الخارجية (المقاومة) والداخلية (اضطرابات الشارع).
عامل الأمن اذاً، لا تسعفه الارقام مهما كانت مرتفعة فهي أمام أي هزة تكشف عن وهنه وضعفه تماماً كما لم تسعفه أعتدته المتطورة في مواجهة الكاتيوشا والخنجر, يمكن لأن “الديار مش دياره والارض مش أرضه!”.
المصدر: موقع المنار