تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 21-11-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها مستجدات تأليف الحكومة الجديدة..
السفير
«القوات» تتشدد.. و«المردة» لا يتراجع
بري لـ«السفير»: قواعد التأليف تبدّلت
أغلب الظن، أن الرئيس المكلف سعد الحريري خسر «سباق الاستقلال»، بعدما حالت الشهيات المفتوحة ـ الى حد الإفراط ـ على الحقائب الوزارية الدسمة من دون أن يتمكن من تحقيق «معجزة» تشكيل الحكومة قبل يوم غد الذي يصادف موعد عيد الاستقلال، إلا إذا حصلت في الأمتار الأخيرة مفاجأة سارة، من نوع تبادل التنازلات. والتنزيلات.
في الأساس، كان هذا التحدي السياسي ـ الزمني، نوعاً من المغامرة أو «الترف»، وسط التعقيدات التي تحيط بتأليف الحكومة الاولى في العهد الجديد، لكن الحريري أراد أن يخوض هذه المجازفة، مستعجلا استثمار زخم انتخابات رئاسة الجمهورية قبل أن يتراجع، على قاعدة أن مفاعيل التسوية التي أتت بالعماد ميشال عون الى قصر بعبدا ستفضي الى تشكيل الحكومة سريعا.
ويبدو أن محاولة اختصار الوقت اصطدمت حتى يوم امس بعقبتين: الأولى، التنازع الحاد بين الأطراف الأساسية على الحقائب الـ«سوبر خدماتية» على مقربة من الانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل. والثانية، حالة التشنج التي أفرزها سجال قصر بعبدا ـ عين التينة حول التمديد النيابي وما خلّفه من تشدد في مفاوضات التشكيل، أدى الى فرملة اندفاعتها خلال اليومين الماضيين.
ومع نهاية الأسبوع، بدت صورة التعقيدات كالآتي:
ـ عادت «القوات اللبنانية» الى المطالبة بحقيبة سيادية هي «الدفاع»، ردا على رفض الرئيس نبيه بري تجيير حقيبة «الأشغال» لها، مؤكدا أنه لن يتنازل عنها لأحد، ما دام كلٌ يتمسك بطرحه.
ـ يتمسك «تيار المردة» بالحصول على واحدة من حقائب «الطاقة» و «الاتصالات» و «الأشغال»، مفترضاً أن مجرد قبوله بتوسيع مروحة الخيارات يعكس نيته في التسهيل، بينما لا يزال «التيار الوطني الحر» و «القوات» يرفضان هذا الاقتراح.
ـ يحاول الرئيس ميشال عون جاهداً ضم وزيرين شيعي وسني الى كتلته، فيما يصر بري على أن يتولى مع «حزب الله» تسمية الوزراء الشيعة الخمسة في الحكومة، لا سيما بعدما تناهى الى مسامعه أن عون يتطلع الى توزير شيعي مؤيد له، كما أن الحريري يريد تعويضا مسيحيا ضمن حصته في مقابل أي وزير سنّي يسميه رئيس الجمهورية. لكن، تردد أمس أن الجنرال عاد وأبدى مرونة في طرحه، وأنه قد يكون مستعداً لتليين موقفه.
– السعة المحدودة لتركيبة الـ24 وزيرا التي تؤدي أساسا الى إقصاء أطراف من فريق 8 آذار، ما دفع البعض الى المطالبة بإحياء تشكيلة الـ30.
معادلات مستجدة
وأعمق مما يطفو على سطح المفاوضات الحكومية من مد وجزر، تؤشر مرحلة ما بعد انتخاب عون الى تحول ليس فقط في التوازنات الطائفية وبالتالي الأحجام الوزارية لبعض القوى، بل في وجهة الصراع الداخلي ووجوهه ايضا.
قبل 31 تشرين الاول الماضي، كان الاصطفاف المسيحي – السني الحاد يطغى على ما عداه داخليا، في ظل قناعة راسخة سادت جمهور «التيار الحر» طويلا وفحواها أن هناك مكوّنا مذهبيا بقيادة سعد الحريري يحاول أن يكرّس أرجحيته في النظام والسلطة على حساب المكوّن الآخر الذي يشكل عون أحد أهم رموزه.
تحكمت هذه المعادلة بـ «قواعد الاشتباك» منذ عام 2005 وحتى الأمس القريب، الى أن قرر رئيس «تيار المستقبل» دعم ترشيح الجنرال الى رئاسة الجمهورية.
بعد الانقلاب في خيار الحريري، وتصويته لعون في انتخابات الرئاسة، تغيرت قواعد اللعبة واتجاهات التموضع الطائفي. منذ ذلك الحين خفت وهج التجاذب السني – المسيحي، لتبرز مكانه إشكالية شيعية – مارونية راحت معالمها تتكون شيئا فشيئا، الى أن اتخذت في الأيام الأخيرة شكلا واضحا وصاخبا من خلال سجال بري – عون، والمجلس الشيعي – بكركي.
وإذا كان تأييد «حزب الله» لترشيح عون، في مقابل اعتراض بري، قد خفّف بعض الشيء سابقا من حدة هذه الإشكالية، إلا أن مسعى «التيار الحر» و «القوات اللبنانية» لاحقا لتسييل اتفاقهما الثنائي الى حجم وزاري واسع من شأنه أن يحقق لـ «القوات» حضوراً فضفاضاً، كمّا ونوعاً في الحكومة المقبلة، ولّد نقزة لدى الثنائي الشيعي معا، لا سيما عند «حزب الله» الذي تردد أنه أبدى كذلك انزعاجا ضمنيا مما رافق زيارة عون الى بكركي من مناخات سياسية.
وإذا كان تفويض الحزب لبري بالتفاوض حول الحصة الشيعية في الحكومة قد أعفاه من إحراج الأخذ والرد مباشرة مع عون و «التيار الحر»، خصوصا في الشق المتعلق بـ «فاتورة» تحالف الرابية مع معراب، إلا أن ذلك لا يخفي علامات التبدل أو الانزياح في طبيعة الاصطفافات الداخلية وهويتها الطائفية، وإن تكن العلاقة الاستراتيجية بين السيد حسن نصرالله وعون لن تسمح على الأرجح باهتزازات بنيوية في تحالف شباط 2006 الذي تميز بقدرته على التمدد من القيادة الى القاعدة.
ولعله يمكن القول إن مسؤولية «حماية» ما تحقق على مستوى النسيج الشيعي – الماروني خلال السنوات العشر الماضية ستقع على كاهل الحزب الذي سيكون معنياً بضبط إيقاع الخلافات بين بري والجنرال من جهة، وبتحصين ورقة التفاهم التاريخية من جهة أخرى، مع ما يتطلبه ذلك من احتواء «فائض» تحالف الرابية – معراب ومحاولات سمير جعجع جذب رئيس الجمهورية و «التيار الحر» في اتجاه خياراته.
رسائل بري
في الانتظار، قال بري لـ «السفير» إنه استغرب أن يلجأ عون الى فتح ملف التمديد النيابي مجددا، فيما حبر التصويت له من قبل المجلس لم يجف بعد.
واعتبر أن شلّ عمل مجلس النواب والتعطيل المتكرر لحكومة الرئيس تمام سلام كانا من أسباب الوهن اللاحق بمؤسسات الدولة، وبالتالي لا يجوز اختصار العوامل التي أنتجت الواقع المهترئ للدولة بالتمديد الذي تم اضطراراً، وصدّق عليه المجلس الدستوري بعد الطعن الميمون الذي قدمه «التيار الوطني الحر» تحديدا.
وأشار بري الى أن ما صدر عن عون أتى معاكسا للنيات الحسنة التي كان قد أبداها حيال «الجنرال» عندما بات انتخابه للرئاسة محسوماً، موضحاً أنه أكد لعون حين استقبله في عين التينة، قبيل انتخابه، استعداده للتعاون معه بقدر ما يكون هو كرئيس للجمهورية مستعدا للتعاون ايضا.
وبمعزل عن السجال مع الجنرال، كان بري الممتعض من شروط البعض، يدفع في اتجاه تبديل قواعد التأليف، وهو طلب من معاونه السياسي الوزير علي حسن خليل الاتصال بالحريري وإبلاغه بـ «جواب نهائي»، مفاده أن «حركة أمل» و «حزب الله» يطلبان الحقائب الآتية:
«حركة أمل»: المال (علي حسن خليل)، الأشغال العامة (غازي زعيتر).
«حزب الله»: الصناعة (حسين الحاج حسن)، وزارة الشباب والرياضة (محمد فنيش).
ويبقى وزير شيعي خامس يسميه بري عند صعوده الى القصر الجمهوري، للمشاركة في الاجتماع الذي يسبق الإعلان عن صدور مراسيم تشكيل الحكومة.
وفي سياق متصل، شدد بري على أنه ليس وارداً لديه التنازل عن حقيبة «الأشغال العامة» لأحد، ما دام يتمسك كلٌ بموقعه، مع قيمة مضافة، معتبرا أن النائب سليمان فرنجية محق في مطالبته بحقيبة أساسية، هي بمثابة الحد الأدنى من الحقوق المكتسبة لمن كانت الرئاسة في متناوله، في لحظة ما.
وكشف بري أن عون تعهد له عام 1988، عندما كان قائدا للجيش، بأن تبقى حقيبة المال بحوزة الطائفة الشيعية طوال عهده اذا انتُخب رئيسا للجمهورية، وذلك خلال مفاوضات غير مباشرة تمت بينهما آنذاك، حول إمكان أن يساهم بري – الذي كان وزيرا خلال تلك المرحلة – في إقناع القيادة السورية بتسهيل انتخاب عون رئيسا.
وأكد أنه لا يريد بتاتا أن يحكم مجلس الوزراء أو يتحكم به، «ولكنني في الوقت ذاته أرفض أن يحكمني أو يتحكم بي أحد.. هذا الزمن ولى ولن يعود، وأنا سأفعل كل ما هو ضروري لمنع عودته..».
حصة «القوات»
الى ذلك، قالت مصادر قيادية في «القوات اللبنانية» لـ «السفير» إن الكرة لم تعد في ملعب معراب، بل في ملعب الرئيس بري والنائب فرنجية اللذين يتمسكان ببعض المطالب التي لا تزال تؤخر ولادة الحكومة.
وأكدت المصادر أن «القوات» تصر على نيل حصة وازنة من الحقائب، الى جانب منصب نائب رئيس الحكومة، معربة عن اعتقادها ان التعقيدات المستجدة ستحول على الأرجح دون الانتهاء من تأليف الحكومة قبل عيد الاستقلال.
حسابات «المردة»
إلا أن أوساط «المردة» أبلغت «السفير» أنه ليس صحيحا أن مطلب فرنجية هو الذي يعرقل تشكيل الحكومة، لافتة الانتباه الى أن العقبات الحقيقية في أمكنة أخرى، ومن أهم تلك العقبات محاولة «القوات» الحصول على حصة وزارية منتفخة.
وشددت الاوساط على أن التضحية الرئاسية التي قدمها «المردة» وتحالفاته وقواعده وخياراته تمنحه الحق في نيل حقيبة أساسية.
وأعربت الاوساط عن اعتقادها ان المطلوب إعادة خلط الاوراق والحقائب، وإجراء حسبة وزارية جديدة، محذرة من تبعات سعي البعض الى الاستئثار بالحقائب الوازنة وتوزيعها على المستشارين.
النهار
رصاص طائش في فضاء التسوية الحكومية
هل يغيب الحريري عن العرض العسكري غداً؟
انقطعت كل الاتصالات في عطلة نهاية الاسبوع لتؤكّد عدم امكان قيام حكومة جديدة قبل عيد الاستقلال غداً. وبينما أبلغت مصادر متابعة “النهار” ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يريد “عرقلة” التأليف وتأخيره، أكدت ان رئيس الجمهورية غير مستعجل ولم يحدد موعداً قبل الاستقلال، بل يترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي الذي يحتاج الى مشاورات للخروج بصيغة ترضي معظم الأطراف. وأوضحت مصادر أخرى قريبة من عين التينة ان سوء التواصل على خط بعبدا مستمر وهو الى تصاعد، وان احتفالات الاستقلال مرحلة تهدئة موقتة لتظهير صورة لبنان الموحد، وخصوصاً مع وصول الموفد السعودي الامير خالد الفيصل يرافقه وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان اليوم الى بيروت ولقائهما المسؤولين قبل ان يلبيا دعوة الرئيس سعد الحريري الى عشاء جامع يتوقع ان يحضره بري أيضاً. وسيثير الرئيس عون مع الموفد السعودي ملف الهبتين السعوديتين للبنان، وتحديداً هبة الثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني.
هذه الاشارات مدعمة بمواقف تصعيد بعضها اعتبر مبرمجاً سلفاً في رسائل متعددة الاتجاه كمثل المواقف التي أطلقها الوزير السابق وئام وهاب في حضور مسؤولين من “حزب الله” وهاجم فيها النائب وليد جنبلاط مطالباً بحقيبة سيادية للدروز، ومواقف أخرى للحزب السبت عن وجوب اشراك جميع المكونات في الحكومة، معطوفة على الـ “تكليف” المطلق للرئيس بري في التفاوض، بدت في مسار معاكس للجو التفاؤلي الذي ظهر في نهاية الاسبوع الفائت، ورصاصاً طائشاً في فضاء التأليف يمكن ان يصيب العملية ويدفعها الى تأخير يراد من خلاله رسم خطوط حمر جديدة للعبة.
في المقابل، أكدت مصادر مطلعة في “تيار المستقبل ” انه حتى ليل أمس الأحد لم تكن محركات التأليف قد عادت الى عملها الطبيعي، ولم يحصل تواصل بين مدير مكتب الرئيس المكلف نادر الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل في اطار متابعة العمل على تذليل العقبات في طريق الحكومة، وذلك لوجود باسيل خارج بيروت في نهاية الاسبوع. وقالت ان الرئيس المكلف يرى ان المشكلة التي تعترض المضي في عملية تأليف سريع للحكومة ليست عنده بل عند غيره، مؤكدة ان التعاون ممتاز مع رئيس الجمهورية.
وأشارت المصادر الى انه في ظل عدم إحراز تقدم في تأليف الحكومة تفضي الى ولادتها قبل عيد الاستقلال، قد يغيب الرئيس الحريري قد يغيب عن لبنان خلال عطلة العيد، في رحلة عمل، وتالياً قد لا يحضر العرض العسكري المقرر غداً، الى جانب رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال. ورفضت الرد على سؤال عما اذا كان لغياب الحريري ترجمة سياسية سلبية وما اذا كان موقفاً اعتراضياً.
وقالت إن الحريري ينتظر من القوى السياسية المعنية بتأخير ولادة الحكومة ان تبادر الى تبريد الاجواء بما يسمح بمعاودة العمل بسرعة وتشكيل الحكومة اليوم قبل غد. وتساءلت عن المشكلة “أهي في الشهيات الوزارية أم ان هناك ما هو ابعد من ذلك؟”.
باسيل
على خط آخر، حاول الوزير باسيل (الذي يسافر الاربعاء الى البرازيل لترؤس مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي يعقد هناك ويفتتحه الرئيس ميشال تامر، ولن يعود قبل 29 تشرين الثاني بعد زيارة للارجنتين) استدراك “التحفظات المتعددة المصدر عن حركته ومواقفه” والتي بلغته تواتراً، فأكد من جزين ان “لا للخلاف مع حزب الله من أجل قوة لبنان، ولا للخلاف مع تيار المستقبل من أجل الشركة في لبنان، ولا للخلاف مع القوات اللبنانية من أجل قوة المجتمع المسيحي في الشرق”.
وأضاف: “يجب أن نعرف اننا اليوم معنيون بتسهيل كل ما هو لخير البلد، ونحن لم نضع فيتوات على أحد لا بالإسم ولا بالحقيبة ولا بمجلس نيابي ولا برئاسة الجمهورية ولا بالبلد، نحن لدينا ما يكفي من القوة ومن المحبة لهذا البلد وبعضنا البعض ولكل شركائنا لنعطي”.
الأخبار
حزب الله يقترح العودة إلى حكومة الثلاثين
وصلت مفاوضات تأليف حكومة من 24 وزيراً إلى حائط مسدود، فكان لا بد من مبادرة أخرى. جرى التداول أمس باقتراح يدعمه حزب الله، يقضي بتأليف حكومة من 30 وزيراً، توسّع مروحة التمثيل، وتسمح بإزالة عقدٌ كثيرة من أمام مفاوضات التأليف.
بردت في اليومين الماضيين مساعي تأليف الحكومة، وكادت محركات المفاوضين تنطفئ في نهاية الأسبوع. وإذا لم تثمر جهود الساعات الفاصلة عن صباح يوم غد ولم تبصر الحكومة النور، فإن البحث الجدي بشأنها قد يؤجل إلى ما بعد بداية الأسبوع المقبل. من المؤشرات على ذلك، أن وزير الخارجية جبران باسيل سيغادر لبنان بعد احتفال عيد الاستقلال، في جولة في أميركا اللاتينية قد تمتد إلى أسبوع كامل. كذلك قيل إن الرئيس سعد الحريري سيسافر خارج البلاد، لكن مقربين منه نفوا ذلك. مفاوضات تأليف الحكومة كانت قد اصطدمت بأكثر من جدار: رفض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية منح تيار المردة واحدة من حقائب الطاقة والاتصالات والأشغال.
الأولى يتمسّك بها التيار الوطني الحر، والثانية يريدها الرئيس سعد الحريري للنائب جمال الجراح، فيما أراد العونيون والقوات أن تكون للأخيرة، كجزء من جائزة الترضية بعد عدم منحها حقيبة سيادية. حاول الرئيس الحريري إقناع النائب سليمان فرنجية بالحصول على حقيبة التربية بدلاً من الأشغال، لكن زعيم المردة أصرّ على موقفه.
أضيفت عقدة ثانية: الرئيس نبيه بري يرفض «منح» الرئيس ميشال عون مقعداً شيعياً «بلا مقابل». أما العقدة الثالثة، فتمثلت في رفض الرئيس سعد الحريري «التخلي» عن مقعد سني لرئيس الجمهورية، كونه يريد التحضير للانتخابات النيابية المقبلة بفريق وزاري سنّي «غير منقوص». ثم أتى موقف النائب وليد جنبلاط الرافض للحصول على حقيبة الشؤون الاجتماعية ليزيد الأمور سوءاً. عقَد «جانبية» أخرى ظهرت في مسار التأليف، كتوزيع الحقائب المسيحية. فبعد «نفخ» الحصة القواتية وجعلها مساوية لحصة التيار الوطني الحر، مع نية إعادة توزير الوزير ميشال فرعون ومنح حقيبة للمردة وأخرى للكتائب وثالثة للطاشناق، ورابعة للحريري، لم يعد لرئيس الجمهورية سوى وزير مسيحي واحد يشغل حقيبة الأقليات.
وأمام انسداد مسار المفاوضات، تحركت مساعٍ خلفية يبدو أن حزب الله يدعمها بقوة، وتهدف الى إقناع الرئيسين عون والحريري بتوسيع الحكومة لتضم ثلاثين وزيراً. ويهدف هذا الاقتراح إلى معالجة مجموعة من العراقيل، منها:
يستطيع العماد عون أن يحافظ مع التيار على حصتهما الوازنة بزيادة وزيرين مسيحيين إليها، ويمكن عندها أن «يتنازلا» بسهولة عن مقعد للحريري مقابل المقعد السني السادس لعون، فيكون من نصيب الوزير السابق عبد الرحيم مراد. كما يمكن عون أن يحصل على المقعد الشيعي السادس، على أن يحصل الحزب السوري القومي الاجتماعي على مقعد مسيحي للنائب أسعد حردان. وفي هذه الحالة، يكون توزير حردان ووزير من المردة بمثابة توازن في وجه الحصة المقررة للقوات، علماً بأن مصادر بعبدا تقول إن القوات ستأخذ حصة توازي حصة الكتائب في حكومة تمام سلام، أي «وزيرين ونصف وزير»، هم وزيران حزبيان وثالث تشبه علاقته بالقوات علاقة وزير الإعلام الحالي رمزي جريج بالكتائب.
كذلك، فإن الصيغة الثلاثينية تضمن توزير النائب طلال أرسلان أو من ينوب عنه، بعد إضافة مقعد درزي ثالث، علماً بأن جنبلاط لا يزال يتحدث عن توزير مروان حمادة وأيمن شقير.
في المقابل، يرفض الحريري توسيع الحكومة من 24 وزيراً إلى 30. وحجته أنه يحظى الآن بربع مقاعد الحكومة، أي ستة من 24، هم 5 سنّة وماروني. وفِي حال إضافة ستة وزراء، لن يُضاف إلى حصته أي منهم (لأن المقعد السني السادس سيكون لرئيس الجمهورية)، بينما ستزيد حصص الآخرين.
وتجدر الإشارة إلى تردد معطيات عن نية النائب فرنجية تسمية النائب السابق فريد هيكل الخازن كممثل عن تيار المردة في الحكومة، الأمر الذي سيخلق مشكلة جديدة مع عون والتيار الوطني الحر، وخاصة لأن الخازن من كسروان، وستمنحه وزارة الأشغال ذخيرة مهمة للتحضير للانتخابات النيابية. لكن مصادر المردة نفت ذلك، فيما نُقِل عن الخازن قوله إن هذا الأمر لا يزال في إطار الفكرة. كذلك عادت إلى التداول فكرة ترك منصب نائب رئيس الحكومة الى نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس الذي يرفض تولي وزارة الدفاع من دون منصب نائب الرئيس.
اللواء
الحريري على تفاؤله بولادة قريبة.. والعُقَد تنحصر بـ4 فقط !
موفد ملكي سعودي اليوم لتهنئة عون.. واستعراضا القُصَير والجاهلية يُحرِجان العهد
عند الثامنة من مساء اليوم، يوجه الرئيس ميشال عون رسالة الاستقلال الأولى في عهده، على وقع ما حفلت به وقائع الأسابيع الثلاثة الماضية التي تلت انتخابه، وعلى وقع الآمال المعقودة على هذا العهد، والآخذة بالتراجع، بعد تعثر تأليف الحكومة، وبروز تعقيدات لم تكن بالحسبان، كشفت أن المسألة تتعدّى الخلافات والمكاسب والوزارات النفعية أو السيادية، إلى موقع لبنان وتوازناته الداخلية في قلب الأحداث الباردة والساخنة، في هذه المنطقة المضطربة من العالم.
رسالة الاستقلال التي سيسمعها اللبنانيون اليوم عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، لن تخرج عن الإطار الذي رسمه خطاب القسم، ولن تخرج عن موقع الرئيس الدستوري والسياسي في حماية وحدة الدولة ومؤسساتها، والتطلع إلى علاقات محايدة ومتوازنة مع المحيطين العربي والإقليمي، وكذلك عمّا أعلنه، أمس، في احتفال «عودة علم الشعب إلى قصر الشعب»، حيث أكّد أن الفكرة من العلم هي تمكين اللبنانيين من التعبير عن وحدتهم».
ومن الثابت أن الرسالة ستراعي توجه الرئيس وتياره حيال القضايا والمشكلات التي تواجه هذا البلد. ومن هذه الثوابت ما أعلنه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أمام هيئة قضاء جزّين في التيار، انه «لا للخلاف مع حزب الله من أجل قوة لبنان، ولا للخلاف مع تيّار المستقبل من أجل الشراكة في لبنان، ولا للخلاف مع «القوات اللبنانية» من اجل قوة المجتمع المسيحي في الشرق».
وهذا يعني مراعاة وضعية «حزب الله» كمقاومة، ووضعية تيّار «المستقبل»، كشريك في السلطة التنفيذية، ومراعاة وضعية «القوات اللبنانية» من أجل إسقاط فكرة الاحباط عند المسيحيين، والتأكيد أن زمن الاستعطاء انتهى، بتعبير الوزير باسيل.
وإذا كانت بعض هذه الثوابت تحكم عملية تأليف الحكومة، تقدماً أو تعثراً، فإن تأخير صدور مراسيم تأليفها قبل عيد الاستقلال لم يكن لمصلحة الاحتفاظ بوهج الانتخاب، ومع ذلك، فان الرئيس المكلف سعد الحريري حافظ على منسوب مرتفع من التفاؤل، في ما خص تأليف الحكومة، إذ أكّد امام وفد من طلاب «المستقبل» استقبله مساء السبت الماضي في «بيت الوسط» أن «الحكومة ستشكل ان شاء الله، وأنا لست متخوفاً من هذا الأمر، وما يهمني هو أن نضع القطار على السكة، وإن شاء الله تكون الانطلاقة قريباً جداً».
وشارك الرئيس الحريري مساء أمس في مأدبة العشاء التكريمية التي أقامها المحامي صائب مطرجي على شرف مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في فندق «فينيسيا» في حضور الرئيس ميشال سليمان والرئيس تمام سلام وشخصيات.
في هذا الوقت، بقيت الأنظار متجهة إلى انطلاقة العهد عربياً ودولياً، في ضوء برقيات التهنئة التي تلقى بعضها أمس الرئيس عون، وأبرزها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تمنى في برقيته «لحكومة وشعب لبنان اضطراد التقدم والازدهار»، في حين شدّد الرئيس الأميركي باراك أوباما على الروابط بين الولايات المتحدة ولبنان في مجالات التجارة والاستثمار والتعاون في مكافحة الإرهاب والمساعدة في مجال الأمن».
وفي إطار التهاني، يصل إلى بيروت اليوم موفد خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل يرافقه وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، وذلك لتقديم التهنئة للرئيس عون بانتخابه رئيساً للجمهورية، وتأكيد دعم المملكة للبنان، وتسليمه دعوة الملك سلمان لزيارة المملكة العربية السعودية.
وفي برنامج الوفد السعودي الزائر لقاءات مع الرؤساء: نبيه برّي وتمام سلام والحريري الذي يقيم للوفد عشاء مساء اليوم في «بيت الوسط».
لا حكومة في الاستقلال
وبات بحكم المؤكد أن لا حكومة قبل عيد الاستقلال، وبات أيضاً بحكم المؤكد أن يجلس الرؤساء الأربعة في العرض العسكري الذي تقيمه قيادة الجيش غداً في جادة شفيق الوزان، ومن ثم يصعد الأربعة إلى قصر بعبدا لتقبل التهاني بالاستقلال، بعد ان يلقي الرئيس عون رسالة الاستقلال مساء اليوم عبر وسائل الاعلام المرئي والمسموع.
وأكدت مصادر نيابية وأخرى وزارية تعمل على خط تأليف الحكومة، أن الاتصالات بهذا الشأن متوقفة، ما خلا الاتصالات التي يجريها وزير الخارجية جبران باسيل مع مدير مكتب الرئيس المكلف نادر الحريري.
وفي تقدير المصادر انه إذا قطع يوم الأربعاء من دون حكومة، فان أمور التأليف تصبح صعبة، ويمكن أن تبقى العقد على حالها حتى نهاية تشرين، وربما إلى ابعد من هذا التاريخ، على الرغم من أن مصدراً نيابياً في كتلة «المستقبل» لفت الانتباه إلى أن عملية التشكيل قد تكون بالنسبة إلى الرئيس الحريري مريحة أكثر، من دون مواعيد ضاغطة، مذكراً بأن الرئيس المكلف كان المح في غير مناسبة الى انه لا يريد أن يربط نفسه بمواعيد محددة، مثل عيد الاستقلال.
عقد التأليف
وبحسب المصادر، فان العقد التي تتحكم بتأليف الحكومة، هي ثلاث:
عقدة الخلاف بين الرئيسين عون وبري، مع التأكيد هنا أن الخلاف ليس فقط على المقعد الشيعي الخامس الذي يطلب الرئيس عون أن يكون من حصته ويرشح له كريم قبيسي ولا على الحقائب التي يطالب بها الرئيس برّي، وهي: المال والأشغال والصناعة والشباب والرياضة، بالإضافة الى وزير دولة، وإنما هو مثلما يقول المثل: «قلوب مليانة»، ظهرت تداعياته في السجال الذي اندلع بين الرئيسين الأربعاء الماضي، على خلفية التمديد للمجلس النيابي.
عقدة «المردة»: ومع أن «التيار الوطني الحر» يعترف بحق «المردة» بأن تكون له حقيبة، لكن ليس من حصته، بل من حصة من يرشح بأن تكون ممثلة في الحكومة (في إشارة إلى الرئيس برّي وحليفه حزب الله)، فان مصادر «المردة» أكدت لـ«اللواء» بأنها لو كانت متشبثة بالحقيبة التي تريدها، لما كانت رشحت لنفسها ثلاث حقائب هي: الاتصالات او الطاقة أو الاشغال، لكن المشكلة هي في تشبث «التيار العوني» بالطاقة، فيما الرئيس برّي يصر على الاشغال، والاتصالات يريدها «المستقبل». وقالت مصادر «المردة» بأن الذي لا يستجيب لمطالبنا هو الذي يعرقل ولسنا نحن.
عقدة «القوات اللبنانية»: سواء بالحقيبة السيادية التي لم تحل، ويعتقد الرئيس عون أنها يجب أن تكون من حصته، أي وزارة الدفاع والتي عادت القوات للمطالبة بها، أو بالنسبة للحقائب التي تريدها والتي تتراوح بين ثلاث وخمس.
وتعتقد المصادر العاملة على خط التأليف، أن العقد الثلاث هذه باتت مترابطة الواحدة بالأخرى، بمعنى أنه إذا فتحت عقدة يمكن أن تفتح المجال لحلحلة العقدتين الأخريين، وهي حرصت على القول لـ«اللواء» أنها غير متشائمة وكذلك غير متفائلة، لكنها تلفت إلى أن عدم تأليف الحكومة حتى الآن لا يعتبر خسارة أو فشلاً للرئيس المكلّف، بقدر ما هي نكسة للعهد الجديد، الذي من شأن عدم التأليف أن تكون انطلاقته ضعيفة، على الرغم من أن الرئيس عون لا يعتقد بأن الحكومة التي ستؤلّف هي حكومة العهد الأولى، بل هي الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات النيابية المقبلة.
ولم تستبعد المصادر أمكانية العودة إلى صيغة حكومة الـ30 إذا كان من شأنها أن تحلحل العقد ومن ضمنها شهية الاستيزار، وهي كشفت على هذا الصعيد بأن الرئيس الحريري هو الذي طرح صيغة الـ24 وزيراً لضبضبة هذه الشهية والحد من طموحات الكتل بالإستيزار.
أما العقدة الدرزية، فلا تعتقد المصادر المطلعة، أنها عقدة بمعنى الكلمة، طالما أنه يمكن حلها سواء بصيغة الـ24 أو بصيغة الـ30 بحيث يصبح المجال مفتوحاً لتمثيل الأمير طلال أرسلان شخصياً في هذه الحكومة، لكنها بحسب هذه المصادر، باتت بين أركان الطائفة الدرزية أنفسهم، بعد المواقف «النارية» التي أطلقها الوزير السابق وئام وهّاب في العرض شبه العسكري الذي أقامه حزب «التوحيد» أمس في الجاهلية، وردّ النائب وليد جنبلاط عليه، واصفاً حملته عليه بأنها «سهام ورقية طائشة»، علماً أن هذا الاستعراض وإن كان خلا من السلاح، فإنه أحرج عهد الرئيس عون، مثلما كان استعراض «حزب الله» في القصير قبل أيام.
لقاء الأربعاء
وبالعودة إلى لقاء الأربعاء بين الرئيس عون والرئيس الحريري في بعبدا، والذي انتهى إلى تجميد حركة الاتصالات، والإيحاء بأن الأزمة ليست سهلة تحيط بجهود تأليف الحكومة، علمت «اللواء» أن الرئيس الحريري لم يحمل معه تشكيلة حكومية لا في الحقائب ولا في الأسماء، وجلّ ما في الأمر أنه عرض أمام رئيس الجمهورية تصوّره لتوزيع الحقائب، الأمر الذي لم يحظ بقبول الرئيس عون، واتفق على استكمال المشاورات عبر القنوات المعروفة.
وفي معلومات «اللواء» أيضاً، أن من العقد الطارئة رفض رئيس التيار جبران باسيل إعطاء رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل حقيبة من الحصة المسيحية، معتبراً أنه بإمكانه أن يحصل عليها من حصة الرئيس الحريري.
وفيما خصّ طلب الرئيس برّي التعامل بالمثل بما يتعلق بالوزير الشيعي الخامس من حصة رئيس الجمهورية، فهم أن الرئيس الحريري أبلغ رئيس الجمهورية أنه ليس بإمكانه القيام بأي عمل بما خصّ مطالبة الرئيس برّي.
وعليه استقرت صيغة الحكومة على إعطاء الرئيس برّي حقيبة المالية والشباب والرياضة والصناعة ووزير دولة وحقيبة من دون الأشغال تتراوح بين الطاقة والتربية.
وذكرت المصادر أن حصة «القوات» استقرت حول نائب رئيس مجلس الوزراء ووزارة الأشغال (غسّان حاصباني) والإعلام (محلم رياشي) والشؤون الاجتماعية.
وفي هذا الإطار ينقل عن قيادي بارز في «القوات» أن المطالبة بوزارة سيادية ما تزال قائمة، إذا ما أصرّ فريق 8 آذار (الرئيس برّي والنائب فرنجية) على المطالبة بالأشغال، مع العلم أن تيّار «المردة» يطالب أصلاً بوزارة الطاقة والتي يتمسك بها الوزير باسيل وإعطائها لمستشاره سيزار أبي خليل.
ولم يستبعد نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان عودة حزبه للمطالبة بحكومة تكنوقراط مصغّرة، تشرف على إجراء إنتخابات نيابية ووضع قانون للإنتخابات، رافضاً بالمطلق وضع «فيتو» من أي جهة كان (في إشارة إلى حزب الله) على إسناد الدفاع أو أي وزارة سيادية «للقوات».
وأشار عدوان، في مقابلة ليلاً مع تلفزيون «الجديد» إلى أن الأصرار على الاعتراض على ما قبلت به «القوات» يُعيد الأمور إلى نقطة الصفر لجهة المطالبة بوزارة سيادية سواء الدفاع أو الخارجية.
وهكذا تبدو عقد التأليف بعدما تجاوزت السيادية والتوزيع الطائفي تتركز حول حقائب الأشغال والطاقة والوزير الشيعي من حصة عون والوزير المسيحي من حصة الكتائب.
وفي المعلومات أيضاً أن الرئيس عون استقبل الخميس الماضي وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال سمير مقبل وبحث معه ترتيبات المشاركة في عرض الاستقلال، الأمر الذي فسّر بأنه تسليم من صاحب العهد بأن مراسيم الحكومة لن تصدر قبل حلول عيد الاستقلال.
وفيما سادت أجواء ليل أمس إلى احتمال تذليل عقد الحكومة اليوم، استبعدت مصادر مطلعة إمكان صدور المراسيم خلال ساعات هذا النهار، وإذا ما مرّ عيد الاستقلال بلا حكومة، فإن المسألة آيلة إلى تأخيرات إضافية، بدءاً مع سفر النائب فرنجية إلى الخارج، ومغادرة الوزير باسيل بعد غد الأربعاء إلى البرازيل للمشاركة في مؤتمر إغترابي، على أن يعود الثلاثاء في 29 الحالي.
البناء
الجيش يتقدّم في مساكن هنانو… وجبهة النصرة تقصف مدرسة «الفرقان»
دي ميستورا لفصل شرق حلب عن الدولة السورية… والمعلّم يردّه خائباً
مراوحة حكومية لما بعد الاستقلال… و«القوات» ترفع سقفها وتعود لطلب الدفاع
فيما تقترب عقارب ساعة إعلان الجيش السوري والحلفاء عن تحرير أحياء حاسمة في شرق حلب، مع التقدّم في حي مساكن هنانو وحي الشيخ سعيد ودوار الجندول، وتعيش جبهة النصرة حالة الهستيريا، تساقطت قذائفها الحاقدة على مدرسة في حي الفرقان بحلب، حيث يسيطر الجيش، وسقط شهداء وجرحى، وحمل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أوجاع النصرة وقلبه ينفطر عليها محاولاً إنقاذها من المأزق بمقترح يتضمّن سحب مسلحيها علناً، والحفاظ على سيطرتها في شرق حلب تحت ستار اللجان المحلية التي شكّلتها مع الجماعات المسلحة العاملة تحت قيادتها، تحت شعار منح شرق حلب إدارة ذاتية، وهو مقترح أثار الاستغراب حتى لدى دوائر الأمم المتحدة، لكنه أثار السخرية من سامعي دي ميستورا الحزين على حال جبهة النصرة لدى قدومه بكلّ وقاحة إلى وزارة الخارجية السورية لتقديم مقترحه الغريب العجيب، ليجيبه وزير الخارجبة وليد المعلم، أن قلبنا على سكان الأحياء الشرقية الذين تحتجزهم النصرة رهائن، بينما غيرنا قلبه على النصرة، رافضاً مبدأ البحث بالمقترح الذي يقع خارج وعكس التفويض الذي يحدّد مهمة دي ميستورا ويلقي ظلال الشكّ على صدقية خدمته للمهمة المنوطة به، لحساب الجهات الإرهابية كمستفيد وحيد من هذه المبادرة، ليعود دي ميستورا خائباً، بينما يواصل الجيش السوري وحلفاؤه التقدم.
لبنانياً، يحسم الاستعداد لاحتفال عيد الاستقلال من دون حكومة جديدة، وتستمرّ المساعي لحلحلة عقد تتعقد أكثر، فبعدما نجحت المساعي لإعادة صيغة الثلاثين وزيراً إلى التداول كمدخل لحلّ عقد توسيع التمثيل، وبالتالي تأمين تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الكتائب والنائب طلال أرسلان، صعّدت «القوات اللبنانبة» سقف ضغوطها التعجيزية فطلبت وزارة الدفاع مجدّداً، ما أعاد التفاوض إلى النقطة الصفر مع بدء التفاوض على تشكيل الحكومة، فيما بدا أنه ضغط لفرض إبعاد القوميين والكتائب ولتحجيم حقيبة تيار المردة، وهي العقد التي كان السعي لحلحلتها تمهيداً لولادة ميسّرة للحكومة، ما يوحي بنيات تعطيل مفتعلة لضمان معادلة حكومية مريحة تتصل بقانون الانتخاب الذي صار ثابتاً سعي القوات لإغراء التيار الوطني الحر وتيار المستقبل بتحالف يفوز بأغلبية ثلثي المجلس إذا جرى السير بقانون الستين، وما يستلزمه ذلك من تركيبة حكومية يتحقق فيها الثلثان لهذا التحالف من جهة ويملك المستقبل والقوات فيها فرصة منع التصويت بالثلثين لأيّ صيغة تعتمد النسبية منعاً لإحراج التيار الوطني الحر الملتزم بدعم النسبية، وذلك يستدعي بقاء حصة المستقبل والقوات تعادل الثلث زائداً واحداً.
رغم ذلك تؤكد أوساط الرئيس المكلف أنّ تفاهمه مع رئيس الجمهورية، ودعم رئيس المجلس النيابي لمسعاه عوامل قوة يمكن بالاستناد إليها الوصول لحلول ضمن المهل المعقولة التي لا تزال عملية التأليف ضمنها.
استقلال ورؤساء ولا حكومة…
يجلس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم غدٍ في عيد استقلال لبنان الثالث والسبعين محاطاً بالرؤساء الأربعة بدلاً من الثلاثة. فإضافة الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ستجمع المنصة الرئيسية في وسط بيروت رئيسَيْ حكومة تصريف الأعمال تمام سلام والمكلّف سعد الحريري في مشهد يُعيدنا بالذاكرة الى استقلال تشرين الثاني عام 2013 الذي جمع حينها الى جانب الرئيس ميشال سليمان، الرئيسَيْن المكلف سلام وتصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
لم تنجح المحاولات الدؤوبة في الأيام القليلة الماضية في تخطي الحواجز والمطبات التقنية والألغام السياسية التي اعترضت قطار التأليف على أكثر من طريق، ولم يسعف الوقت القصير الرئيس المكلف بإنضاج الطبخة الحكومية قبل حلول الاستقلال ليتفرد بكرسي الرئاسة الثالثة في مشهدية الغد. وإن كان الحريري قد قال منذ تكليفه إن أي تعطيل لتشكيل حكومة العهد الأولى سيكون في وجه رئيس الجمهورية، فإن اللبنانيين يترقّبون مضمون الخطاب الذي سيوجّهه الرئيس عون مساء اليوم في رسالة الاستقلال الأولى.
قد يصح القول إن جوهر الاشتباك السياسي المتنوع الأسباب والخلفيات الذي حصل في الساعات الـ 48 الأخيرة من رحلة التفاوض حول الحصص الحكومية، هو بين الرئاستين الأولى الثانية، لكن عملياً تتقدّم على ذلك مجموعة تناقضات تحكم رؤية الأفرقاء للحكومة المقبلة والتوازنات والأحجام التي ستكونها والرسالة السياسية التي تؤديها ربطاً بالعهد الجديد وبخرائط التحالفات السياسية المقبلة. وهذا الأمر يترجم بعراقيل عدة.
عقدة حصة رئيس الجمهورية الوزارية.
العقدة الأخطر والأهم التي تتمثل بالحصة «المنتفخة» لحزب «القوات اللبنانية» والتي وصلت فعلياً الى خمسة وزراء 3 منهم «قواتيين» واثنان يدوران في فلكها، الأمر الذي لم يحصل في تاريخ الحياة السياسية في لبنان.
عدم إقرار البعض بحق رئيس المردة النائب سليمان فرنجية بحقيبة أساسية من الحصة المسيحية.
رغبة الرئيس المكلّف بتوزير مسيحيين من حصته لوجود 11 نائباً مسيحياً في كتلته النيابية.
عقدة رفض بعض الجهات تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي بوزير مسيحي فضلاً عن تمثيل حزب الكتائب الذي يتلقى معلومات متناقضة حول ذلك.
المفاوضات في دائرة مفرغة
وفي غضون ذلك، نقل زوار الرئيس بري عنه قوله لـ «البناء» إن «الوضع الحكومي على حاله ولا تطورات جديدة وبدلاً من أن نذلل العقد تم تعقيدها أكثر وتشعبت الى كل مكان»، وأكد بري أن السجال الذي حصل مع بعبدا وبكركي لن يؤثر على عملية التأليف، لكن استمرار التشكيك بشرعية المجلس النيابي بعد انتخاب رئيس الجمهورية أمر مستغرب ولا يمكنني السكوت عنه». كما نقلوا عنه تفاؤله تجاه «إنهاء تعطيل المؤسسات جراء الفراغ الذي دام أكثر من عامين».
وقالت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ «البناء» إن «أمل وحزب الله يرفضان أن يسمّي رئيس الجمهورية وزيراً شيعياً يشكل استفزازاً لهما، أما في حال حصل ذلك فحينها للرئيس بري الحق بتوزير مسيحي يختاره من الحصة الشيعية»، مضيفة: «يوجد أعراف وأصول في التعاطي ممنوع تجاوزها في هذا الأمر، كما يحاول البعض التعامل معنا في وزارة المالية التي كرّست للطائفة الشيعية في محاضر اتفاق الطائف، وإن أرادوا تشكيل حكومة من دونها فليفعلوها».
ونفت المصادر أن يكون قد عُرض على رئيس المجلس موضوع حصرية وزارة المالية للطائفة الشيعية في الحكومات المقبلة، مؤكدة أن هذا الأمر «غير قابل للنقاش والبحث لا الآن ولا في الحكومات المقبلة»، مشددة على أن «بري أكثر من سهّل عملية التأليف لكنه لن يتنازل عن تمثيل حليفه فرنجية بحقيبة أساسية، ومن ضمن الحصة المسيحية وله الحق بذلك إن كانت ثلاثينية أو عشرينية مثل حلفائه الآخرين». وجزمت المصادر أن لا حكومة من دون موافقة بري، ولن تبصر النور من دون فرنجية ومكونات 8 آذار كالحزب القومي والوزير طلال أرسلان».
وأكدت أن «وزارة الأشغال العامة والنقل ستكون من حصة كتلة التنمية والتحرير التي لن تتنازل عنها»، مستغربة الفيتو الثنائي القواتي – العوني على تولي المردة لوزارة الطاقة، كما أبدت استغرابها لـ «منطق الاستئثار السائد الذي تمارسه القوات وشروطها التي تعرقل التأليف».
وأشارت مصادر أخرى لـ «البناء» الى أن «المفاوضات تدور في حلقة مفرغة وولادة الحكومة خاضعة للاتصالات في اليومين المقبلين، فإذا كانت مثمرة فقد تولد الحكومة خلال أيام قليلة أما إذا استمرت الشروط والشروط المضادة على حالها فلا حكومة في المدى المنظور، لكنها أكدت أننا لا نزال ضمن المهلة الطبيعية». وإذ رجحت المصادر احتمال أن تعود المفاوضات الى صيغة الثلاثين، توقعت أن «ينعكس لقاء الرؤساء في مناسبة الاستقلال واللقاءات التي قد تحصل على الهامش إيجاباً على مسألة التشكيل».
والحريري يطلب المساعدة…
واستبعدت مصادر في تيار المستقبل ولادة الحكومة اليوم، مؤكدة لـ «البناء» أن «الرئيس الحريري مستمر باتصالاته ولن يؤثر تعثر التشكيل قبل الاستقلال على اندفاعته وجهوده»، وأوضحت أن «عملية التأليف جهد مشترك بين رئيسَيْ الجمهورية والمكلف وليس فقط مهمة الرئيس المكلف، فضلاً عن أن تشكيل حكومة العهد الأولى مصلحة رئيس الجمهورية بالدرجة الأولى وبإمكانه أن يتشارك مع الرئيس المكلف لتذليل العقبات بتغليب منطق حكومة الوحدة الوطنية من دون استبعاد أي طرف»، وأشارت المصادر الى أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري يستطيع أيضاً لعب دور هام على هذا الصعيد من خلال استخدام مونته على مجموعة وازنة من المرشحين للوزارة». ولفتت الى «وجود عقدة متعددة تحول دون إعلان الصيغة النهائية، تبدأ بالنكد السياسي الذي تمارسه معظم الاطراف مروراً بالعلاقة المتشنجة بين رئيسَي الجمهورية والمجلس النيابي وليس انتهاءً بصعوبة توزيع المقاعد والحقائب على القوى المسيحية»، نافية أن يكون «مطلب الحريري بتوزير مسيحي من حصته يشكل عقبة»، موضحة أن «كل فريق مسيحي يريد تحصيل أكبر عدد ممكن من المكاسب بينما تتمترس الزعامات السياسية خلف مطالبها وحصصها».
وأضافت المصادر نفسها أن «حصة تيار المستقبل قد حسمت لا سيما أن كتلة المستقبل تمثل ربع المجلس النيابي، ومن الطبيعي أن تنال حصة وازنة في الحكومة». وعن مطالب حزب «القوات» المضخمة وشروطها أجابت المصادر أن «هذا الأمر مدار نقاش بين القوات ورئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وليس مع الرئيس المكلف».
وجدّد الحريري تأكيده خلال استقباله مساء أمس، في «بيت الوسط» وفداً من طلاب «المستقبل» أن «الحكومة ستشكل قريباً»، وقال: «ما يهمني أن نضع القطار على السكة، وإن شاء الله ستكون الانطلاقة قريبة جداً».
وأكد رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل خلال عشاء هيئة قضاء جزين في التيار أن «لا للخلاف مع حزب الله من أجل قوة لبنان ولا للخلاف مع تيار المستقبل من أجل الشراكة في لبنان، ولا للخلاف مع القوات اللبنانية من أجل قوة المجتمع المسيحي في الشرق»، مؤكداً أن «لا فيتو على أحد في عملية تشكيل الحكومة».
مساعي حزب الله قائمة…
وأشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى أنه «رغم ضيق الوقت أمام مساعي التهدئة التي يقوم بها أكثر من طرف على خط بعبدا عين التينة لمحاولة التوافق على صيغة معينة قبل الغد، إلا أن مساعي حزب الله قائمة وستستمر بعد الثلاثاء، لكن مع تحديد التوقيت المناسب لضمان نتائجها»، موضحة أن سفر الوزير باسيل طوال الاسبوع المقبل دلالة على أن أمد ولادة الحكومة سيطول ربما الى ما قبل الاعياد.
ووضعت المصادر الحديث عن «توزير شيعي من حصة رئيس الجمهورية يستفز المكوّن الشيعي في سياق توتير الأجواء»، مؤكدة أن «الحل بالعودة الى حكومة ثلاثينية متنوّعة تجمع كل الأطراف ينال فيها الرئيس عون وزيرين سنياً وآخر شيعياً، ويتمثل فيها الحزب السوري القومي الاجتماعي بوزير مسيحي ووزير للمردة من الحصة المسيحية وتسمح بإجراء عملية تبادل بين عون والحريري الذي يضمن في هذه الحالة توزير مستشاره الدكتور غطاس خوري وربطاً بتوزير شخصية سنية من 8 آذار من حصة عون».
المصدر: صحف