حل يوم 14 آذار/مارس، الذكرى الـ43 للاجتياح الاسرائيلي للبنان، حيث تم احتلال منطقة جنوب نهر الليطاني تحت ذريعة مواجهة المقاومة الفلسطينية، وقد تلا هذه العملية بعد سنوات عدة الاجتياح الكبير للبنان عام 1982، ووصلت قوات العدو الاسرائيلي حينها الى العاصمة بيروت واحتلتها دون أن تقيم أي اعتبار لأي دولة عربية او منظمة دولية.
بعد أيام على اجتياح العام 1978 وبالتحديد يوم 19 آذار/مارس، أصدرت الأمم المتحدة القرار 425 الذي يطلب من كيان العدو الإسرائيلي “الانسحاب الفوري” من جنوب لبنان، وقررت إرسال قوات طوارئ دولية إلى هناك، ومع ذلك لم تلتزم “إسرائيل” بهذا القرار قبل ان تُجبر على الهروب من لبنان تحت جنح الظلام في اندحار مذل بدون قيد او شرط في العام 2000 تحت وطأة ضربات المقاومة، حيت تم تحرير غالبية الأرض اللبنانية باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
لا شك ان هذه الاجتياحات الاسرائيلية للبنان كانت بشكلها العام عمليات عسكرية غير معقدة وغير صعبة نتيجة فقدان توازن القوة بين جيش العدو والفصائل والقوى المواجِهة على الارض، باستثناء بعض المحطات ومنها مواجهات خلدة على تخوم بيروت عام 1982 وما تعرضت له قوات العدو لاحقا في العاصمة اللبنانية المحتلة من ضربات موجعة أجبرتها على التراجع وسحب قواتها باتجاه الجنوب، قبل ان تتقهقر القوات الاسرائيلية (مع تزايد عمليات المقاومة وتنوعها) في حزيران/يونيو 1985 لانشاء ما يسمى “الشريط الحدودي” بمساحة حوالي 850 كلم وبقيت تحتله ويخدمها في ذلك ميليشيا العملاء التي ترأسها العميل انطوان لحد، حتى العام التحرير في العام 2000.
من تحرير جنوب لبنان عام 2000
وقد تخلل هذه الاجتياحات الاسرائيلية للبنان الكثير من الجرائم والمجازر – التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية او المليشيات المتعاملة معها -، التي تندرج في خانة جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، ومن أبرز هذه الجرائم مجزرة مخيم صبرا وشاتيلا التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية وعناصر حزب الكتائب اللبنانية وراح ضحيتها اكثر من 1500 مدني من الفلسطينيين واللبنانيين، وغيرها الكثير من قانا الاولى عام 1996 وقانا الثانية عام 2006 والمنصوري، و…
مجزرة قانا الأولى عام 1996
اليوم بعد كل هذه السنوات، لا بد من إجراء مقارنة بسيطة بين ما كان يحصل تاريخيا من قبل العدو الاسرائيلي والحال التي يتجبر ويتغطرس به في ذلك الوقت على العرب والدول المجاورة لفلسطين المحتلة، وما هو حال العدو الاسرائيلي اليوم؟ أين كان هذا الكيان منذ ما يقارب الـ40 سنة وأين أصبح اليوم؟ وأين أصبحت مقولة وزير الحرب الاسرائيلي السابق موشيه دايان بأنه “بفرقة موسيقية نستطيع احتلال لبنان”؟ وهل المشاريع التي كانت تخطط لها المنظمات الصهيونية منذ تأسيس الكيان لا تزال قابلة للتطبيق، لا سيما مشروع “إسرائيل الكبرى”؟
الأكيد ان كيان العدو الاسرائيلي فقد الكثير من أحلامه بإقامة مشاريعه ومخططاته في المنطقة وهو يعاني من أزمات داخلية متشعبة ومعقدة، ناهيك عن المخاطر الوجودية التي يعيش بصددها جراء تهديدات دول وفصائل محور المقاومة وتعدد الساحات التي قد تفتح النار على العدو في اللحظة الحاسمة، خاصة ان العدو اختبر قوة المقاومة في لبنان وغزة منذ حرب تموز 2006 وما بعدها وصولا الى اليوم، وهو يدرك ان قدرات المقاومة تتزايد بما يشكل خطرا وجوديا حقيقيا عليه.
من تظاهرات تل أبيب
بالاضافة الى كل ذلك تتضاعف قوة وفعالية المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة لا سيما في الضفة الغربية والقدس المحتلة ما يشكل الخطر الأول والدقيق بما يشبه قنبلة موقوتة قادرة على هز استقرار الكيان والمساهمة بتداعيه، باعتبار ان الامن الداخلي للمستوطنين سيكون على المحك، فالعمليات النوعية للشباب الفلسطيني سواء المنظمة او الفردية لا تتوقف وتجعل الكيان الغاصب يعيش في كابوس حقيقي، فالموت بات يهدد كل فرد في الكيان عن كل مفترق طريق او باص للركاب او في المقاهي والمطاعم وغيرها من الاماكن التي يستحيل فيها ضبط لامركزية قرار الشاب الفلسطيني بالرد على جرائم العدو والثأر لدماء الأبرياء من الآباء والأجداد.
عملية مستوطنة النبي يعقوب شمال القدس المحتلة
وبهذا الإطار، أكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حديث له يوم الثلاثاء 15-3-2023 ان “الكيان الإسرائيلي هو عدو للفلسطينيين واللبنانيين وللعرب وللمسلمين وللإنسانية، لأنه يبني كيانه على الجريمة والقتل والهدم وترويع الأطفال وأخذ الحقوق من الآخرين”. وشدد على أن “هؤلاء لن يتمكنوا من الاستمرار طويلا في منطقتنا، وعلى كل حال نحن نؤمن بأن المقاومة المسلحة هي الخيار الوحيد لتحرير فلسطين، وسيبقى هذا الخيار قائما ومستمرا إلى أن يتحقق النصر بإذن الله تعالى”.
المصدر: موقع المنار