بعدما كان بَثُّ المواد المصورة يقتصر على شاشات التلفزيون، صار قياس ميول المستخدمين اليوم مهمة صعبة بسبب تشعب وسائل البث بين المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي مثل «فايسبوك» و «يوتيوب».
تقول ميغان كلاركن نائبة المدير التنفيذي لمؤسسة «نيلسن»: «سنشهد في المستقبل مزيدا من التشعب، وظهورا للمزيد من منصات البث للمواد المرئية، هناك حاجة متزايدة لقياس توجهات المستخدمين بشكل يحيط بالمنصات المتاحة، مع توفير بيانات مقارنة».
في كل ثانية، تتدفق عبر الانترنت كميات هائلة من المعلومات الجديدة حول المستخدمين ومن يبحثون عن مضامين معينة للمواد المصورة المنشورة. وبات ممكنا مثلا ان يقاس أثر الاعلانات التجارية المنشورة عبر الانترنت على بيع المنتجات المعلن عنها.
يقول المسؤول العلمي في مؤسسة «سيمونز ريسرتش» ستيفن ميلمان: «لقد انتقلنا من حال كنا فيه نفتح صنبورا صغيرا لنخرج منه بعض القطرات من المعلومات، الى حال تفيض فيه المعلومات مثل الطوفان». لكن هذه المعلومات ليست مطلوبة كلها، وهي كثيرة جدا، لذا ينبغي اختيار ما هو مناسب منها، بحسب ميغان كلاركن.
في هذا الواقع الجديد، تملك مجموعات الانترنت العملاقة، خصوصا «فايسبوك» اليد الطولى في سوق الاعلان، لأن كثيرا من الناس لم يعودوا يتابعون المضامين الاعلانية سوى عبر الانترنت، وهذه المجموعات هي وحدها من يقدر على جمع المعلومات عن مستخدمي مواقعها.
وإذا كان البعض يتهمون هذه المجموعات بانها لا تقدم معلومات شفافة، الا ان دانيال سلوتوينر مسؤول الابحاث الدعائية في «فايسبوك» يقول «ليس هناك اهم من تقديم بيانات نزيهة وواضحة»، مشيرا في الوقت نفسه الى صعوبة «قياس جملة اشياء تتغير بسرعة كبيرة». وقد أقرت «فايسبوك»، أمس الأول، بوقوع خلل ادى الى تضخيم أعداد من شاهدوا مواد نشرت على صفحاتها.
وقد بررت الخطأ بان زيارة الشخص الواحد أكثر من مرة كانت تسجل زيارة في كل مرة، وما ان يجري تصحيح الخطأ كان العدد الذي يقدمه الموقع عن الزوار ينحسر بما بين 33 و55 في المئة.
وفي أيلول الماضي اقرت بانها قدمت على مدى عامين معلومات مضخمة عن مشاهدات المقاطع المصورة المنشورة على صفحاتها بما بين 60 و80 في المئة. واعلنت اتخاذ جملة اجراءات لمعالجة الخلل.
في هذا السياق تطرح ايضًا مسألة استخدام البيانات الشخصية للمستخدمين لأهداف تجارية. وقد وقّعت «نيلسن» اتفاقا مع «فايسبوك» لتزويدها ببيانات لتطوير نتائجها، ولكنها تغفل أسماء الاشخاص.
ويقول نائب رئيس «نيلسن» ديفيد وونغ: «لا نحصل على اية معلومات شخصية»، وانما مجرد معلومات تفيد في فهم ميول المستخدمين، وفقا للعمر والجنس.
وتوصلت «نيسلن» بذلك الى تصميم نظام «توتال أوديانس» الذي يتيح قياس ميول المشاهدين للبرامج والمضامين المصورة على كل القنوات وعبر كل وسائل البث، من التلفزيون الى الحواسيب والاجهزة اللوحية والهواتف الذكية. وعملت شركات منافسة لمجموعة «نيلسن»، مثل «كومسكور»، و «كانتار ميدا» على تصميم انظمة مشابهة.
لكن الأرقام التي تصدرها «نيسلن» تتغير مع الوقت، وكثير من المواد المنشورة على الانترنت لا يُعرَف تاريخ بثها، وبالتالي لا يمكن معرفة الوقت الإجمالي الذي كانت فيه متاحة للمشاهدة. ويقول ستيفن ميلان: «نريد ان نعرف كل شيء يحصل في العالم في كل وقت، لكننا لن نستطيع ذلك، ليس لدينا سوى اجزاء من الصورة».
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية