أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في حوار مع «الأخبار»، أن الحزب من أكثر الواضحين في تحديد خياره الرئاسي، وإن لم يسمّه، ويعتبره «خياراً منطقياً يمكن معه إنجاز الانتخابات الرئاسية سريعاً». ورأى أن المرشح غير المحسوب على أحد هروب من الاختيار الى انتخاب رئيس كيفما اتفق، مشيراً إلى أن لدى حزب الله وحركة أمل وحلفائهما «مقاربة معقولة لشخص الرئيس»، في مقابل مرشحين غير قادرين على اجتذاب أصوات أكثر من أصوات الكتل التي ترشحهم. وإذ أكد أن العلاقة مع التيار الوطني الحر «في أزمة غير خافية على أحد»، وأن البحث في مستقبل التفاهم «معلّق إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية»، شدّد على أن «الممرّ الأساس لانتخاب الرئيس هو مواصفاته وقدرته على التحاور مع الجميع، وأن لا يشكّل تحدّياً لأحد ولا يرفع سيف التحدي متّكئاً على أحد»، من دون الإشارة إلى المعادلة التي رفعها حزب الله سابقاً بضرورة أن يعبر ترشيح سليمان فرنجية بـ«ممرّ» جبران باسيل، وإن أشار إلى أن «لدينا رغبة أكيدة بأن نكون متفاهمين في هذا الشأن مع التيار الوطني الحر».
وفي ما يلي نص الحوار:
أين أصبح ملف الاستحقاق الرئاسي؟
– من الواضح أن المجلس النيابي يضم 6 إلى 7 كتل نيابية مؤثّرة في عملية انتخاب الرئيس، تحتاج إلى نوع من التفاهم بين عدد منها لتأمين الأكثرية للانتخاب. هذا المجلس غير منقسم عمودياً بين محورين، كما كانت حال المجالس النيابية السابقة. لذلك، هناك حاجة إلى تشكيل جديد مرتبط بالرئاسة حصراً ليتم الاختيار بناءً على اجتماع كتل عدة مع نواب مستقلين. وليس شرطاً أن تكون هذه الكتل في محور واحد لأن هناك صعوبة حقيقية بأن ينتخب محور واحد الرئيس، كما أن هناك صعوبة لأن يكون الاستحقاق طريقاً لتشكيل محور واحد.
حزب الله يسعى إلى تغليب الحوار والنقاش مع كل الكتل، ويشجع كل أشكال الحوار، بما فيها الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري، لتقريب وجهات النظر وتثبيت القواسم المشتركة والبحث عن حلول للاختلافات البسيطة. هذا كله يتم عبر الحوار. أما إذا بقي التصلب سيّد الموقف، وبقيت كل كتلة متمسكة بالخيار الذي ينسجم مع المواصفات التي تضعها لخيارها الرئاسي من دون أن ترضى بنقاش تفصيلي أو وضع سلّة من الأسماء يمكن من خلالها إيجاد القواسم المشتركة، فعندها يصعب أن نصل الى انتخاب الرئيس سريعاً. صحيح أن للحزب خياراً رئاسياً لم يعلنه، لكننا نقول للجميع: تعالوا لنناقش معاً الخيارات المطروحة لنصل إلى قناعة مشتركة ونسلك سبل المعالجة. الحزب من أكثر الواضحين في خياره، ويعتبره خياراً منطقياً يمكن معه إنجاز الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن. في المقابل، هناك كتل تطرح مرشحين لا يمكنهم الحصول على أكثر من الأصوات التي تمتلكها هذه الكتل، وهي غير قادرة على اجتذاب أصوات إضافية لهم. إذاً، من يتحمل مسؤولية التأخير والإعاقة؟ قد يواجهنا البعض بأن في الإمكان اختيار مرشح غير محسوب على أحد. ولكن: هل يمكن إدارة البلد بالهروب من الاختيار الى البحث عن أيّ شكل من أشكال انتخاب الرئيس. أضف إلى ذلك أن هذه النوعية من الأسماء موجودة لدى الجميع، ولو كانت هناك فرصة لوصولها لكان جرى ذلك في الجلسات الـ 11 التي عقدها مجلس النواب لاختيار الرئيس. الأمر يحتاج إلى مرونة وإلى عدم التصلب في الاختيار، ونحن حاضرون للنقاش مع الآخرين في خياراتهم. ونسجّل هنا أن حزب الله وحركة أمل، ومعهما عدد من الحلفاء، توصلنا الى مقاربة معقولة لشخص الرئيس، وندعو الآخرين إلى مناقشتها للوصول الى نتيجة سريعة.
سابقاً، كانت معادلة الحزب الرئاسية: سليمان فرنجية (ولو من دون تسمية) رئيساً شرط أن يكون ذلك بموافقة التيار الوطني الحر. هل تخلّيتم عن الشقّ الأخير من هذه المعادلة؟
– بالنسبة إلينا، الممرّ الأساس لانتخاب الرئيس هو مواصفاته وامتلاكه تجربة سياسية والقدرة على التحاور مع الجميع وإقامة علاقات مع الدول العربية، وأن لا يشكّل تحدّياً لأحد ولا يرفع سيف التحدي متّكئاً على أحد. ولنا رغبة أكيدة بأن نكون متفاهمين في هذا الشأن مع التيار الوطني الحر.
كيف هي العلاقة مع التيار اليوم؟
التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله يمرّ بأزمة غير خافية على أحد. ويفترض أن يناقش الطرفان مستقبل هذا التفاهم ووضعه. لكن التفاهم على مستقبل التفاهم معلّق حالياً في انتظار الانتخابات الرئاسية، وقد يُناقش بعدها.
ألا تعمّق مشاركتكم في جلسات حكومة تصريف الأعمال من هذه الأزمة مع التيار؟
– حتى الآن عُقدت ثلاثة اجتماعات، حرصنا على أن تقلّص بنودها إلى الحد الأقصى والضروري بما يسمح به الدستور. هذه الاجتماعات أوجدت حلاً لمشكلة أدوية الأمراض المستعصية ولخطة الكهرباء ولبعض الأمور المالية المرتبطة بالقطاع العام، وهذه كلها بنود ضرورية وملحّة، ولم نقبل بإدراج أي بند غير ملحّ في أي جدول اعمال. فما المشكلة إذا كنا نعمل على حلّ بعض المشاكل؟
كيف قرأتم لقاء باريس الخماسي؟
– اللقاء خرج بعناوين عامة تضمّنت تشجيعاً على انتخاب الرئيس من دون تحديد اسم أو مسار. وهذا مردّه إلى تشتّت المجلس النيابي وعدم امتلاك أي طرف خارجي مبادرة يمكنها جمع بعض هذه الكتل وراء خيار رئاسي معيّن، إضافة إلى انشغال بعض هذه الدول بقضايا أكثر أهمية بالنسبة إليها إقليمياً ودولياً. وهذا، في أحد وجوهه، أمر جيد للبنان أن لا يتدخل الخارج لفرض خيارات معينة، بل أن يكون تدخله مساعداً. كما أنه يجعل مسؤولية المجلس النيابي في انتخاب الرئيس هي الأبرز والأوضح، وتكاد تكون حصرية بسبب الظروف المحيطة بنا في المنطقة والعالم.
تتواصلون مع الفرنسيين؟
– التواصل دائم ومستمر، ونتبادل الأفكار والآراء.
ما هو تفسير تهديد الأمين العام لحزب الله في خطابه الأخير بالحرب؟
– ما قاله سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله واضح ولا يحتاج إلى تفسير. وليأخذ كلّ من الخطاب ما يريده والرسالة التي تعنيه.
هل تعتقدون بأنه ستكون له نتائج ملموسة؟
– مئة في المئة.
يُتّهم الثنائي الشيعي بأنه يعمل على التمديد لحاكم مصرف لبنان أو أنه لا يعارض ذلك على الأقل.
– قطعاً، لسنا مع التمديد لرياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، ونحن مع استمرار التدقيق الجنائي ليصل إلى خواتيمه، ويُبنى عليه الموقف الرسمي من الحاكم.
كيف تقرأون الانفتاح الحالي، لبنانياً وعربياً، على سوريا؟
– كنا دائماً من المشجعين على إعادة العلاقات السياسية الكاملة مع سوريا ومن دون أيّ تحفّظ. لكن المسؤولين اللبنانيين خضعوا دائماً للضغط الأميركي اليومي الذي كان يلاحقهم في كل تصريح أو موقف. بعد الزلزال المدمّر، بتنا أمام وضع إنساني لا يقف في مواجهته إلا المجرم. ليس خافياً أن البعض قد يعتبر الوضع الحالي فرصة لإعادة العلاقة مع سوريا من البوابة الانسانية تمهيداً لتطويرها في ما بعد، وخصوصاً بعد فشل مشروع إسقاط سوريا، وفي ظل الأزمات الدولية، والحرب الروسية – الأوكرانية.
أضف إلى ذلك أن الفائدة المتبادلة اقتصادياً وسياسياً التي تتحقق للدول العربية، ومنها لبنان، من العلاقة مع دمشق أكثر بكثير من العقوبات التي لم تقتصر على سوريا، بل طالت كل من شارك في تطبيقها. معلوم أن لبنان استفاد دائماً من علاقته مع سوريا كونها الممر الوحيد لبضائعه إلى الدول العربية، فيما الأردن الذي يختنق بأزماته يجد في هذا الانفتاح طريقاً للخروج من مشاكله، وبعض دول الخليج ترى فرصاً استثمارية في إعادة الإعمار، وربما يعتبر بعضها أنه يمكن أن يغري سوريا ويدفعها الى المقلب الآخر. وحتى تركيا بدأت قبل كارثة الزلزال انفتاحاً على سوريا لدواع داخلية، انتخابية واقتصادية وسياسية. إذاً، العلاقة مع دمشق حاجة للجميع، وسيف العقوبات الاميركية استنفد أغراضه، وتحوّل الى عدوانية يومية بدل أن يكون وسيلة لتعديل السياسات. سوريا تجاوزت مرحلة إسقاطها، وهي صامدة بالتعاون مع محور المقاومة، والمستقبل لهذا المحور.
هل تثير الحكومة الاسرائيلية المتطرفة قلقكم؟