رأى وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى إن “حكاية الشهيد حسن قصير تُشكّل فصلًا جديدًا ومميزًا في سجل المقاومة، لأنه كان من الاستشهاديين الذين وقفوا “وما في الموتِ شكٌّ لواقفٍ” بل ذهبوا إليه بملءِ إرادتهم مؤمنين بأن حياةَ أمتهم أولى من حياتِهم، وأن شهادتَهم لأجلِها عبادةٌ بها يتقربون لله تعالى، وجنّةٌ ينالونَها تصديقًا لوعدِ الله في كتابه العزيز. هكذا اجتمع فيهم الإيمان بالله والجهادُ من أجله ومن أجل الوطن والقيم، فكان النصرُ والتحرير، وكان الخوفُ المزروعُ في نفوسِ اليهود من كلِّ هبةِ ريحٍ تجوز إليهم حدود فلسطين الشِّمالية”.
وقال: “هذا كلُّه من وجهةِ نظري معطًى وطنيٌّ ثقافيٌّ بامتياز، يشتركُ فيه اللبنانيون والعربُ الأحرارُ كلُّهم، إلى أيِّ منطقةٍ أو فئةٍ انتمَوا، ذلك أن الحقَّ لا يتجنَّسُ ولا يتطيَّف. من هنا اتخذت هذه المدرسة لها اسمَ مناضلٍ شهيد لأنه كان أيضًا معلمًا في مدرسةِ الشهادة، وناشرًا لثقافة التضحية بدون حساب”.
كلام المرتضى جاء خلال رعايته الاحتفال التكريمي لمناسبة ذكرى العملية الاستشهادية “لفتى عامل” الشهيد حسن قصير، بدعوة من مؤسسات “امل” التربوية وثانوية الشهيد حسن قصير في مسرح “الامل” في الثانوية، بحضور المديرة رحمة الحاج وأعضاء الهيئة الإدارية والتعليمية وحشد من الفاعليات والشخصيات التربوية والثقافية.
ومما قال المرتضى: “لله ما أوجعَ الرواياتِ التي تجيئنا من صوب الشمال، حيث زلزلت الأرضُ طبقاتِها فابتلعَتِ الأرواحَ والأجساد، فيما تأخرت كثيرًا ضمائرُ الأممِ عن الاستيقاظ والاستجابة لنداء الإنسانية، كأنَّ هذه الضمائرَ غابت في أعماقِ الأرضِ تحت الركام، كما الضحايا البريئة. وفي المقابل، للهِ ما أطربَ بريدَ فلسطين يجيئُنا من صوبِ الجنوبِ، فتنقله الشاشاتُ والمواقعُ والإذاعات، وتكتبه الصحفُ ويقرأُه العالم. وما أفصحَ فعلَ المقاومةِ الذي حروفُه التضحيةُ وصيغتُهُ الإرادةُ ومعناه الانتصار”.
اضاف: “وبعدُ أوَليسَ هذا ما فعلَه حسن قصير، حين باغتَ جنود الاحتلال في الثُّكْنةِ المحتلَّةِ حيث لم يكونوا ينتظرون، فكان ما تعرفونَه من انتصارٍ للحقِّ مرفوعٍ على ساريةِ التضحيةِ المغَذّاةِ بالدم. وإذا كانت حكاياتُ النضال ضد الاحتلال قد بدأت سطورُها الأولى منذ قدوم العصابات الصهيونية إلى بلادنا في إثرِ الحربِ العالمية الأولى، فإن حكاية حسن قصير تُشكّل فصلًا جديدًا ومميزًا في سجل المقاومة، لأنه كان فاتحة الاستشهاديين الذين وقفوا “وما في الموتِ شكٌّ لواقفٍ” بل ذهبوا إليه بملءِ إرادتهم مؤمنين بأن حياةَ أمتهم أولى من حياتِهم، وأن شهادتَهم لأجلِها عبادةٌ بها يتقربون لله تعالى، وجنّةٌ ينالونَها تصديقًا لوعدِ الله في كتابه العزيز. هكذا اجتمع فيهم الإيمان بالله والجهادُ من أجله ومن أجل الوطن والقيم، فكان النصرُ والتحرير، وكان الخوفُ المزروعُ في نفوسِ اليهود من كلِّ هبةِ ريحٍ تجوز إليهم حدود فلسطين الشِّمالية”.
وتابع: “وهذا كلُّه من وجهةِ نظري معطًى وطنيٌّ ثقافيٌّ بامتياز، يشتركُ فيه اللبنانيون والعربُ الأحرارُ كلُّهم، إلى أيِّ منطقةٍ أو فئةٍ انتمَوا، ذلك أن الحقَّ لا يتجنَّسُ ولا يتطيَّف. من هنا اتخذت هذه المدرسة لها اسمَ مناضلٍ شهيد لأنه كان أيضًا معلمًا في مدرسةِ الشهادة، وناشرًا لثقافة التضحية بدون حساب. فتى عاملٍ إذًا معلِّمُ استشهاد، شهادتُه ممهورة بختمِ فلسطين، ودروسُه مكتوبةٌ على أوراق الزيتون في دير قانون النهر، وأزهارِ الليمون في يافا، وطلابُه كلُّ الذين يؤمنون بأن الوطنَ أمانةٌ يجبُ صونُها وتنميتُها بالعزمِ والعلم. والجائزةُ التي ستقدَّمُ اليوم باسمه دروعًا أو مكافآتٍ، هي بمنزلةِ احتفالِ تخرّج، كاحتفالات التخرجّ المدرسية التي تعوَّدْنا على إقامتها كلَّ عام. لكنَّ المهمَّ هو أن تثبتَ في قلوبِ الطلاب الفضائلُ الإيمانية والوطنية التي عاشَها فتى عاملٍ واستُشْهِدَ من أجلِها، وهي نفسُها التي بشّرَ بها في المساجد والخلوات والكنائس والحسينيات، الإمام المغيَّبُ الحاضر على الدوام سماحة السيد موسى الصدر، مؤسسُ مدرسة التضحية والمعلّمُ الأوّل في صفوفِ المقاومة والعيش المشترك والتلاحم الوطني”.
وختم: “ها إن ثمار ما زرعه حسن قصير تثمرُ في أرضِ فلسطين، نضالًا ومقاومةً واستشهادًا، وتزهرُ على الخصوص رعبًا ينهشُ ضلوع المحتلين، وتثمرُ عندنا ههنا إنجازاتٍ ثقافية متعددة، فبورك ذلك الدم الطاهر الذي سال على شط صور”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام