“يا نفس إن لم تقتلي فموتي، ونحن لا نرفع أيدينا إلا لله، ولا نسجد إلا لله، ولا نسمع إلا من رسول الله”، هذه كانت آخر كلمات نشرها الشهيد خيري علقم، قبل أن ينطلق بمركبته نحو مستوطنة النبي يعقوب، ليثخن بالصهاينة، وويقتل سبعة منهم، في أقسى عملية يشهدها الكيان المؤقت، منذ سنوات.
الشهيد خيري علقم، يحمل اسم جده الذي استشهد بطعنة من مستوطن صهيوني عام ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين ، عاد ثائرا بطعن قلب منظومة الكيان الأمنية ، بعد أربع وعشرين عاماً.
بعد ثلاث سنوات من استشهاد الجد ، كانت ولادة منفذ عملية القدس، واختصر بسنواته الواحد عشرين، نظريات في أجيال النصر.. فجيل خيري علقم هو ثالث أجيال ما بعد نكسة عام ألف وتسعمئة وسبعة وستين ، بعد أن قضى الجيلان السابقان في الإعداد والثبات.
وفي لغة الأجيال، فإن مرحلة خيري علقم هي بداية جيل النصر، الذي يمتد إلى خمسة وعشرين عاماً من اليوم ، فهو من سيشهد تحرير فلسطين.. فالشهيد كما أقرانه من شعب فلسطين، يحملون تاريخ فلسطين، بما يحويه من معاناة وصمود، ولن يثنيهم عن بلوغ هدفهم، لا التنسيق الأمني، ولا الحروب الإعلامية أو العسكرية.
وعبر الشهيد علقم عن تطلعات الجيل المعاصر في فلسطين ، من خلال منشور له على فيسبوك، أكد فيه أن الشعب لا يريد سلاماً، بل حرباً لا نهاية لها.. وفي منشور آخر قال “تراجع لتتجنب الحرب، ولكن إياك أن تتراجع شبراً إذا بدء القتال”. وعبر الشهيد عن نظرته للعمليات الجهادية، بقوله إن “قناص مناسب في وقت مناسب، أفضل من ألف جندي في ساحة المعركة”. ووفق هذه النظرية أيضاً، كان تسديد الفتى الفلسطيني محمد عليوات (ثلاثة عشرة عاماً) في سلوان ، معلنا ان تسلم الراية من الشهيد علقم على درب التحرير.
ظهر اليوم تمكن الفتى الفلسطيني محمد عليوات من اصابة مستوطنين بينهما ضابط في سلوان. واقر الاحتلال بان احد المصابَين بعملية سلوان هو ضابط مظلي في جيش العدو وان الاصابة التي تعرض لها كانت في الجزء العلوي من جسده.
وعلى اثر العملية، ذكرت هيئة البث الصهيونية أن المستوطنين يشتكون من انعدام الأمن في القدس رغم انتشار قوات الشرطة في كل مكان، وان مراكز الشرطة تتلقى الاتصالات بكثافة على ما يسمى خط طلب الدعم النفسي.
وأثارت عملية مستوطنة النبي يعقوب حال من الخوف المتصاعد في صفوف المستوطنين والقادة الصهاينة، ووضعت الحكومة والأجهزة الأمنية العبرية أمام وضع حرج. وتأتي هذه الأحداث، في ظل شعور عارم بين المستوطنين بالعجز والانكشاف وفقدان الامان الشخصي بشكل مطلق، فالعملية وقعت وفق التقييم الصهيوني في ذروة التأهب والاجراءات التي اتخذها العدو على عدوانه على مدينة جنين.
الا ان عملية القدس كانت مفاجئة في مكانها وتوقيتها وقسوتها لا سيما ان الاحتلال لم يكن لديه اي معلومة او تصور حول المنفذ، في حين ولدت هذه العملية ارباكا كبيرا لحكومة نتنياهو وجعلها في وضع حرج امام جمهورها.
عملية القدس البطولية اعادت خلط الحسابات الصهيونية، لا سيما انها جاءت كرد سريع على مجزرة جنين، وكشفت الكثير من الثغرات في قدرة الاحتلال على حماية مستوطنيه وكفاءة عالية في قدرة المقاومين الفلسطينيين على تنفيذ عمليات نوعية وقاتلة.
وكشف اعلام العدو ان جيش الاحتلال سيعزز قواته على الخط الفاصل مع الضفة الغربية وداخل المدن الصهيونية، الا ان اوساط العدو قالت ان ذلك لن يكون كفيلا بمنع العمليات الفلسطينية مئة بالمئة.
وباركت الفصائل الفلسطينية عملية القدس البطولية، وأكدت انها تعبير عن تمسك الشعب الفلسطيني بطريق الشهداء والمقاومة، وتظهر مدى هشاشة وعجز المنظومة الأمنية للعدو الصهيوني المجرم، وفشل مخططاته وعملياته العدوانية.
وبلغة استسلامية سارعت دول مطبعة لادانة عملية الشهيد علقم واضعة الجلاد والضحية في خانة واحدة.
المصدر: المنار