يواصل الأردنيون الاعتصامات والاحتجاجات اليوم الجمعة، على خلفية ارتفاع أسعار الوقود الذي فاقم من ضغوط ارتفاع تكاليف المعيشة، ذلك غداة يوم من أعمال شغب شهدتها مدينة معان في الجنوب وأسفرت عن مقتل عقيد في قوات الأمن الأردنية .
وأوضحت السلطات الأردنية أن العقيد لقى حتفه ليلة الخميس برصاصة أطلقها مجهول عندما دخلت قوات من الأمن أحد أحياء مدينة معان للتعامل مع أعمال شغب.
وتصاعد التوتر في معان ومدن عدة، خاصة في جنوب الأردن، بعد إضرابات متفرقة نفذها سائقو الشاحنات احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود وللمطالبة بخفض أسعار وقود الديزل. وزاد ارتفاع أسعار الوقود من الضغوط على الأسر.
ورغم الهدوء العام في الشوارع اليوم الجمعة، خرجت احتجاجات متفرقة وشارك البعض في اعتصام أمام مسجد رئيسي في معان ومسجد في العاصمة عمان بعد صلاة الجمعة، فيما دعا نشطاء إلى مزيد من المظاهرات.
وشدد الملك الأردني عبدالله الثاني على أنه سيتم التعامل بحزم مع كل من يرفع السلاح في وجه الدولة ويتعدى على الممتلكات العامة وحقوق المواطنين، مؤكداً أن الاعتداءات وأعمال التخريب مساس خطير بأمن الوطن ولن يُسمح بذلك.
وقُتل نائب مدير شرطة محافظة معان في جنوب الأردن خلال التعامل مع “أعمال شغب” تشهدها المنطقة منذ أيام، وفق ما أعلنت مديرية الأمن العام اليوم. وأعلنت عن إصابة ضابط وضابط صف بعيارات نارية أثناء التعامل مع متظاهرين قاموا بأعمال شغب واحتجاجات في منطقة الحسينية بمحافظة معان”. وأشارت إلى أنه جرى إسعافهما وهما قيد العلاج.
وعدت الحكومة الأردنية بالنظر في مطالب سائقي الشاحنات لكنها تقول إنها تحملت بالفعل أكثر من 500 مليون دينار (700 مليون دولار) للحد من ارتفاع أسعار الوقود هذا العام ولا يمكنها فعل المزيد إذا أرادت تجنب انتهاك اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وسبق أن شهدت الأردن احتجاجات خلال السنوات الماضية، وتضمنت مطالب بإصلاحات ديمقراطية ودعوات للحد من الفساد.
تشييع العقيد الدلابيح وسط تأكيد رسمي على مواجهة مثيري العنف بحزم أثناء الاحتجاجات السلمية
وشّيّع في بلدة الكفير، الواقعة في محافظة جرش الأردنية، جثمان نائب مدير شرطة محافظة معان، العقيد عبد الرزاق الدلابيح، والذي قُتل “إثر تعرضه للإصابة بعيار ناري في منطقة الرأس أثناء الاحتجاجات، في منطقة الحسينية بمحافظة معان، جنوب البلاد، في حين أكّد وزير الداخلية إتخاذ إجراءات أمنية مشددةً ضدّ المتسببين بالشغب.
وجرى تشييع جثمان العقيد الدلابيح بمراسم عسكرية وشعبية، شارك فيها مدير الأمن العام اللواء عبيدالله المعايطةـ وعدد كبير من ضباط الأمن العام والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وحشد من المواطنين، حيث ووري الثرى في مقبرة الكفير بعد الصلاة عليه في مسجد البلدة.
ملك الأردن تعليقا على الاحتجاجات: لن نقبل التطاول أو الاعتداء على أجهزتنا الأمنية
وشدد ملك الأردن عبد الله الثاني، اليوم الجمعة، على عدم قبوله التطاول أو الاعتداء على الأجهزة الأمنية، مؤكداً أنه سيتم العامل بحزم مع كل من يرفع السلاح في وجه الدولة. جاء ذلك خلاله تقديمه واجب العزاء برفقة عمه الحسن بن طلال، بالضابط عبد الرزاق الدلابيح الذي قتُل مساء الخميس برصاصة مجهولين خلال احتجاجات على أسعار المشتقات النفطية في محافظة معان (جنوب)، وفق بيان للديوان الملكي الاردني.
وحسب البيان ذاته، أكد الملك أنه “سيتم التعامل بحزم مع كل من يرفع السلاح في وجه الدولة ويتعدى على الممتلكات العامة وحقوق المواطنين”. وأكد أن “الاعتداءات وأعمال التخريب مساس خطير بأمن الوطن ولن نسمح بذلك”. وتابع ملك الأردن: “لن يهدأ لنا بال حتى ينال المجرم عقابه أمام العدالة على جريمته النكراء”. وأضاف: “لن نقبل التطاول أو الاعتداء على نشامى أجهزتنا الأمنية الساهرين على أمن الوطن والمواطنين”.
وأشار الى الظروف الاقتصادية “الصعبة” اللي يمر بها المواطنون، وحقهم في التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية ضمن القانون. وأردف أن “مؤسسات الدولة ستتخذ كل الإجراءات لمحاسبة الخارجين عن القانون”.
وفي هذا السياق، أكّد وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، أن الأجهزة الأمنية تبذل كل جهد لتوقيف الجاني وتقديمه للعدالة، وأكّد الفراية احترام حرية الرأي والتعبير، مشيراً الى أن هناك إجراءات أمنية وتعزيزاتٍ مشددةً في المناطق التي تشهد أعمال عنف، ضدّ المتسببين بالشغب.
وخلال مؤتمر صحفي عقد في مبنى وزارة الداخلية، حذّر الفراية، من مخاطر إنزلاق المشهد في الشارع، وإعتبر أنّ قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات يأتي في سبيل المصلحة الوطنية، وانّ الحكومة تعمل معالجة الأثار الجانبية لهذا القرار
بدوره قال مدير الأمن العام اللواء عبيدالله المعايطة، إن الاحتجاجات انحرفت عن المسار السلمي، وأصبحت تشكّل اعتداءً على الممتلكات، وتقطع الطرق أمام المواطنين وتطلق العيارات النارية على رجال الأمن.
وأكّد المعايطة، خلال المؤتمر الصحفي، أنّ رجال الأمن يقومون بمهمة المحافظة على الأمن والاستقرار، ولن يألوا جهداً للضرب بيد من حديد، لمن يعتدي على أمن وإستقرار البلاد، وتحقيق الأمان للمواطنين.
بدوره، إعتبر وزير الاتصال الحكومي فيصل الشبول، أنّ هذه الحادثة، تمثل رفعا للسلاح بوجه الدولة، برِفقة مظاهر التخريب والفوضى، موضحاً أنّ الحكومة تتابع دعوات التحريض الميدانية، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وستواجهها بالقانون.
وفي بيان لها، قالت الشرطة الأردنية، إنّ نائب مدير شرطة محافظة معان قُتل “إثر تعرضه للإصابة بعيار ناري في منطقة الرأس أثناء تعامله مع أعمال شغب كانت تقوم بها مجموعة من المخربين والخارجين عن القانون في منطقة الحسينية في محافظة معان”.
وتشهد محافظة معان جنوبي الأردن، منذ أيام تحركات، احتجاجًا على إرتفاع أسعار المحروقات، حيث إمتدّت الاحتجاجات لمناطق عدة، سبب قرار رفع اسعار المحروقات وخفض الدعم عنها، الذي أثار احتجاجات وأعمال شغب واعتصامات واسعة وتظاهرات، في كافة محافظات المملكة.
ويواجه الأردن منذ 13 من تشرين ثاني / نوفمبر الماضي، موجة غير مسبوقة من التظاهرات والإحتجاجات، رفضا لقرار الحكومة بتحرير أسعار المحروقات، في محاولة لمواجهة العجز الكبير في ميزانية الدولة، والتي ترتد سلباً الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطنين الأردنيين.