تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم جلسة حكومة تصريف الاعمال المقررة الاثنين وتناولت الملفات المعيشية والعديد من الملفات الاخرى.
البناء
بايدن وماكرون وشولتز لشروط التفاوض مع روسيا… وموسكو تعمل للقاء أردوغان الأسد
ميقاتي يدعو الحكومة لجلسة الإثنين… والنصاب عرضة لتجاذب سياسي وطائفي ومصلحي
تطمينات وزير الاقتصاد حول الدولار الجمركي لم تمنع زيادات الأسعار 20 %
كتبت صحيفة “البناء” تقول:
فيما تكتب فلسطين وحدها الحقائق الناصعة بدماء الشهداء في معركة الحق المطلق مع الشر المطلق، تحيط الرهانات والالتباسات بالمعارك والحروب الدائرة في العالم. فالتصريحات الأميركية الفرنسية بعد قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون، تلاقي تصريحات المستشار الألماني أولاف شولتز، حول غياب فرصة قريبة للتوصل إلى حل سياسي للحرب في أوكرانيا، حيث رهان غربي على فعالية وضع سقف لسعر بيع النفط الروسي يعوّض فشل العقوبات على روسيا في زعزعة استقرارها المالي والاقتصادي، وانتظار روسي لنتائج الأزمة التي تعصف بدول أوروبا ومجتمعاتها تحت تأثير فقدان موارد الطاقة الرخيصة في فصل الشتاء، ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على دعوات بايدن وماكرون وشولتز للانسحاب من أوكرانيا كشرط للتفاوض، جاء بالوضوح ذاته بقول الكرملين إن الغرب ليس جاهزاً للاعتراف بأن الأراضي التي تم إعلانها روسية من المقاطعات الأوكرانية ليست للتفاوض.
التفاوض المغلق على الجبهة الأوكرانية، على الأقل لما بعد فصل الشتاء واختبار نتائج تطبيق السقف الأوروبي سعر النفط الروسي مقابل نتائج تأثير فصل الشتاء على أوروبا، يقابله تفاوض متسارع على الجبهة التركية الروسية حول الوضع في سورية، بعدما يئست أنقرة من استجابة أميركية تحت سقف الناتو برفع الحماية عن الجماعات الكردية المسلحة، والمبعوث الروسي إلى سورية الكسندر لافرنتيف كان واضحاً في قوله إن موسكو تعمل على لقاء يجمع الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد، لأنها تعتقد أن أغلب الأزمات العالقة في الشمال السوري، ومنها أمن تركيا ووحدة الأراضي السورية ومكافحة الإرهاب مترابطة، ومدخلها الواقعي هو تفاهم تركي مع الدولة السورية يكرس الاعتراف بسيادة سورية ووحدتها، ويفتح الطريق لتولي الجيش السوري مسؤولية الأمن التركي عبر الحدود السورية، وفقاً للقواعد الأساسية التي أرساها اتفاق أضنة بين البلدين.
لبنانياً، لا شيء إلا المزيد من التجاذبات والأزمات، فمن جهة يدخل البلد منخفضاً سياسياً طائفياً مع السجال الذي نشب بين مؤيدي الدعوة التي أطلقها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لعقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الاثنين ومعارضيها الذين يتصدرهم التيار الوطني الحر، وحتى الاثنين ساحة التجاذب هي نصاب الحضور المتمثل بثلثي الوزراء الـ 24 أي 16 وزيراً. وتقول مصادر متابعة لموقف رئيس الحكومة أن لديه تأكيدات على حضور 14 وزيراً منهم 9 وزراء مسلمون و5 وزراء مسيحيون. وتقول مصادر مقربة من التيار الوطني الحر إن موقف وزراء حزب الله الذي لم يحسم بعد يشكل بيضة القبان، في عقد الجلسة أو إفشالها، بينما تقول مصادر نيابية متابعة إن ثلاثة وزراء مسيحيين سماهم التيار الوطني الحر يشكلون ميدان الشد بين الطرفين وإن الحسابات السياسية المتصلة بمستقبل توازنات ما بعد الانتخابات الرئاسية وحكومات العهد الجديد تحضر في خلفيات مواقف الوزراء، وكذلك الاعتبارات الطائفية والمصلحية، وإن الصورة ستبقى غامضة حتى صباح الاثنين.
بالتوازي تزداد الشكاوى من ارتفاعات الأسعار التي طالت سلعاً غير مشمولة بالدولار الجمركي بذريعة البدء بتطبيق السعر الجديد على أساس 15 ألف ليرة بدلاً من 1500 ليرة، وجاءت تطمينات وزير الاقتصاد بلا فعالية طالما أنها لا تؤدي الى رقابة صارمة وإجراءات رادعة تفرض استقرار الأسعار في الأسواق خصوصاً عشية موسم الأعياد، حيث قدرت مصادر نقابية نسبة ارتفاع الأسعار بـ 20% عما كان عليه مطلع شهر تشرين الثاني الماضي.
فيما بات محسوماً انتهاء العام الحالي من دون انتخاب رئيس للجمهورية في الجلستين المقبلتين قبل نهاية هذا الشهر لينطلق مسار الحوارات الثنائية بمبادرة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري بدءاً من منتصفه ليعاود الدعوة الى جلسة مطلع العام الجديد، ستنتقل الأنظار من ساحة النجمة الى السراي الحكومية، بعد دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس، إلى جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر الإثنين المقبل، في السراي. ويتضمن جدول الأعمال وفق بيان لرئاسة الحكومة «65 بنداً، أولها توزيع الاعتمادات المخصصة للمعالجة في المستشفيات الخاصة والعامة على نفقة وزارة الصحة، والتكملة موجودة في الملف المرفق بالنص».
دعوة ميقاتي وإن لها ما يبررها معيشياً واستشفائياً، لكنها ستترك تداعيات سلبية على المشهد الداخلي المتأزم والمأزوم أصلاً وستفجر سجالات سياسية ودستورية بين السراي والرابية. وقد أبلغ وزراء التيار الوطني الحر المعنيين بالدعوة مقاطعتهم للجلسة، لاعتبار التيار أن ميقاتي تراجع عن وعوده بألا يدعو الى جلسة إلا في الحالات الطارئة وبتوافق مسبق بين مكونات الحكومة، لكنه دعا الى جلسة كأمر واقع من دون التنسيق مع الوزراء.
ولفت النائب السابق أمل ابو زيد عبر «تويتر» الى أن «الرئيس ميقاتي بصدد الانقلاب على تعهداته امام مجلس النواب بعدم دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد… إن محاولات التذاكي ومنح حكومة تصريف الاعمال صلاحيات لا تملكها يسبّب إشكاليات دستورية وسياسية في غير أوانها وننصح ميقاتي بالإقلاع عن أي استفزاز أو ابتزاز».
ووفق ما تشير أوساط التيار الوطني الحر لـ»البناء» فإن التيار لا يقف سداً أمام إقرار الحاجات الملحة للمواطنين لا سيما في ملف الاستشفاء وهو سبق وأبدى تجاوبه مع أي دعوة لجلسات نيابية تحت عنوان تشريع الضرورة، لكن في الوقت نفسه هناك آليات عدة لإقرار حاجات قطاع الاستشفاء عبر وزارة المال من دون استفزاز مكوّنات معينة بدعوة لاجتماع الحكومة، لأنها ستشكل سابقة لاجتماع مجلس الوزراء في فترة الشغور وكأن الأمور طبيعية وهذا سيفقد حماسة القوى السياسية بالعمل بأقصى طاقاتهم لانتخاب رئيس الجمهورية، ومحذرة من أن هذا يضرب الميثاقية ويضعف موقع رئاسة الجمهورية، ويتحول الشغور الى أمر عادي وسابقة قد تتكرر عند كل استحقاق رئاسي، وذكرت الأوساط بأن الحكومة الحالية فقدت شرعيتها وميثاقيتها ودستوريتها لأنها لم تنل ثقة المجلس الحالي ووقع رئيس الجمهورية السابق ميشال عون مرسوم قبول استقالتها قبل نهاية ولايته، فكيف لها أن تجتمع وتتخذ القرارات خصوصاً بغياب اغلبية الوزراء الممثلين للمسيحيين؟».
في المقابل أكدت مصادر ثنائي حركة أمل وحزب الله لـ»البناء» أن وزراء الحركة سيحضرون جلسة الحكومة لكون هناك أمور ضرورية تحتاج الى جلسة لمجلس الوزراء لا سيما مرسوم موازنة وزارة الصحة، لكن وزراء الحزب ينتظرون المشاورات قبل إعطاء أي موقف أو قرار، مشيرة الى أن مشاورات يقوم بها الرئيس بري لتأمين توافق على انعقاد الجلسة بالتزامن مع مشاورات بين حزب الله والتيار للغاية نفسها».
ومن المخارج لتأمين النصاب أن يكون جدول أعمال الجلسة محصوراً بملفات معيشية واستشفائية فقط وتكون جلسة وحيدة لمرة واحدة فقط، لكن أوساط التيار تؤكد بأن القضية مبدئية ولا ترتبط بجدول الأعمال.
وانشغلت الدوائر الرسمية والمواطنون برصد وترقب أسواق السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية في اليوم الثاني لدخول قانون الدولار الجمركي 15 ألف ليرة حيّز التنفيذ. إذ ارتفعت كافة المواد والسلع التي تشملها الرسوم الجمركية، فيما ارتفعت المواد الأخرى والمستثناة بنسب أقل لسببين: الأول تدخل فيها مواد أولية كالتعليب والتغليف وغيرها، والثاني استخدام التجار طرق متعدّدة لرفع أسعار المواد التي استوردوها وخزنوها سابقاً في المستودعات لتحقيق ربح إضافي.
لكن وزير الاقتصاد أمين سلام طمأن في مؤتمر صحافي الى أن «70% من المواد الغذائية لن تتأثر بالدولار الجمركي على سعر الـ15000 ليرة». وتوجّه للمستوردين والقطاع الخاص وأصحاب السوبرماركات قائلاً: «التزموا كاملاً بتفاصيل الدولار الجمركي وبيع كل الكميات المخزّنة على دولار الجمركي 1500 ليرة».
وتشتد الأزمات على المواطنين في القطاعات المختلفة، لا سيما القطاع العام في ظل توجه الكثير منه الى الإضراب ما سيأخذ البلاد الى حالة من تحلل في المؤسسات.
الاخبار
جلسة للحكومة تفاقم الأزمة في البلاد: التيار يقاطع وحزب الله يشارك لإقرار بند واحد
هل انتقل خصوم التيار الوطني الحر الى مرحلة الضغط الأقصى بقصد كسر النائب جبران باسيل؟
السؤال مردّه التوافق القائم فعلياً بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط وآخرين، على عقد جلسة كاملة لمجلس الوزراء بحجة دراسة ملفات طارئة. وهو الأمر الذي يعرف الجميع أنه سيفجر أزمة كبيرة مع التيار الوطني الحر قد تتوسع لتشمل مواقع مسيحية أخرى ترى أن حكومة ميقاتي الحالية غير قادرة على القيام بواجبات رئيس الجمهورية.
وبين الأطراف المعنية، يقف حزب الله مجدداً في النقطة الأكثر حساسية، لأن موقفه من المشاركة أو عدمها سيرتّب تداعيات سياسية مختلفة. فالحزب يتفهّم من جهة ضرورة اتخاذ قرارات لمواجهة الأزمات القائمة، لكنه يتفهم أيضاً موقف باسيل والتيار الوطني الحر. وبعد الإعلان عن تحديد الجلسة يوم الاثنين، وزع جدول الأعمال، وباشر حزب الله اتصالات جانبية مع باسيل، لكنّ وجهته كانت تميل الى المشاركة، وخصوصاً أنه جرى الاتصال بوزير العمل مصطفى بيرم الموجود خارج لبنان وطلب إليه قطع زيارته والعودة الأحد الى بيروت للمشاركة في الجلسة. كما باشر مجلس العمل الحكومي في حزب الله درس جدول الأعمال الذي عرضته الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وإذا كان ميقاتي مرتاحاً الى أن حزب الله سيشارك، ولكنه يحتاج الى إخراج لهذه المشاركة، سرت معلومات عن احتمال أن يدخل حزب الله الى الجلسة لمناقشة بند وحيد يتعلق بتأمين تمويل وزارة الصحة للمستشفيات، ثم يغادر الجلسة. ولكن هذه الخطوة تبقى رمزية، لأن أصل الموضوع يتصل بفكرة انعقاد مجلس الوزراء، وهو الأمر الذي قد يترك تداعيات سلبية على العلاقة مع التيار الوطني الحر.
دعوة ميقاتي تمثل تصعيداً، بعدما سبقته مؤشرات إلى مُضيّ رئيس الحكومة في محاولاته انتزاع «شرعية» لحكومة تصريف الأعمال ربطاً بدلالاتها السياسية. ولم يعُد هناك مجال واسع للاجتهاد حيال اتجاهه قدماً، ومعه بري وجنبلاط، نحو قلب الستاتيكو الحكومي مهما بلغَ مداه وحجمه وطبيعته، بالتأكيد أولاً على قدرة رئيس الحكومة على إدارة الحكم في البلاد بمعزل عن وجود رئيس للجمهورية، ومن ثم كسر باسيل بفرض واقع لا يُريده وإظهاره كطرف «معزول». وتتعزّز هذه الخلاصة أكثر فأكثر مع استماتة ميقاتي لإقناع حزب الله بالموافقة على مشاركة وزرائه بحجة أن «الضرورات تُبيح المحظورات»، وبـ «حاجة البلد إلى اتخاذ قرارات أساسية»، إلا أن الحزب « يحرص على التضامن مع التيار الوطني الحر ولم يتخذ بعد قراره النهائي بشأن المشاركة من عدمها».
وفيما حسمَ التيار الوطني الحر عدم مشاركته، قالت مصادره إنه «في صدد درس الخطوات المقبلة للرد على هذا التصعيد، ومن بينها فرض تحركات في الشارع احتجاجاً على تولّي حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية». وقالت أوساط سياسية إن «الاختلاف على شرعية انعقاد جلسة حكومة تصريف الأعمال في ظل الفراغ لا يبدو قابلاً لمعالجة قريبة، لا بل إن المعطيات تُنذِر بأن الاشتباك على الصلاحيات سيأخذ البلاد إلى صراع سياسي ومذهبي حاد»، وخاصة مع تصلب ميقاتي وفي بعض الأحيان بري بموقفهما من دستورية الجلسات وحدود التشريع، ما قد يدفع إلى خلق «جوّ مسيحي عام» ضد هذه الممارسات.
وبينما قالَ ميقاتي أمس «إنني وجّهت دعوة لعقد الجلسة الحكومية، وأنتظر حضور الوزراء، لأن هناك الكثير من الأمور التي لا يحتمل البلد تأجيلها»، علمت «الأخبار» أن وزراء التيار (هنري خوري وموريس سليم وهكتور الحجار ووليد نصار ووليد فياض وجورج كلاس لن يحضروا الجلسة، كذلك وزير الخارجية عبد الله بوحبيب (موجود خارج لبنان)، كما سيغيب عنها الوزير عصام شرف الدين (ممثل النائب السابق طلال إرسلان).
وتقول مصادر رئيس الحكومة إن الوزراء المسيحيين الذين سيشاركون هم: سعادة الشامي ونجلا الرياشي وجورج بوشكيان وجوني قرم وزياد مكاري، إضافة الى وزراء حركة أمل والوزير عباس الحلبي. وتشير أوساط حكومية الى أن قرار ميقاتي أتى عقب الاجتماع الذي حصل في السرايا الثلاثاء الماضي والذي ضم الى رئيس الحكومة ووزيرَي المال والصحة يوسف الخليل وفراس الأبيض، إضافة الى رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله ونقيب المستشفيات سليمان هارون. فخلال هذا الاجتماع، جرى البحث بكل الاحتمالات المتوفرة لإصدار قرار أو مرسوم بمنح المستشفيات اعتمادات ومستحقات لتأمين شراء أدوية السرطان والأمراض المزمنة، إلا أن المجتمعين لم يتوصّلوا الى حلّ قانوني من خارج إطار مجلس الوزراء. وعليه، حسم ميقاتي أمره بالدعوة الى جلسة حكومية الاثنين المقبل.
وكشفت مصادر سياسية بارزة أن «جدول الأعمال الذي جرى تسريبه يومَ أمس لم يكُن النسخة الأولى، بل سبقه نسخة تحوي على حوالي 65 صفحة تضمنت أكثر من 600 بند؛ بينها موافقات استثنائية موقّعة من الرئيس السابق ميشال عون وعدد من المراسيم». وبعدما أبلغ حزب الله ميقاتي أنه يرفض حضور جلسة تتضمن أموراً غير طارئة، عمد ميقاتي الى تعديل الجدول ليصير بالشكل الذي وزع على الوزراء أمس.
يشار الى أن جدول الأعمال لا يشتمل على البند الخاص بطلب أوجيرو تمويلاً مستعجلاً يحول دون خروج الشبكة عن الخدمة. وجرى الحديث عن «وعد» من ميقاتي لوزير الاتصالات بطرح الموضوع من خارج جدول الاعمال. وقد سبق لرئيس مؤسسة أوجيرو عماد كريدية أن راسل الوزير قرم، طالباً الحصول على سلفة خزينة بقيمة 577 مليار ليرة لبنانية، لتسديد ثمن المحروقات وتأمين مستلزمات الصيانة والتشغيل في 303 مراكز لخدمة الاتصالات في مختلف المناطق اللبنانية.
الجمهورية
الفشل يؤكّد حتمية التوافق.. الفاتيكان قلق لعدم الانتخاب .. الراعي: ينتظرون الخارج
كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:
الخلاصة التي يمكن استنتاجها من الفشل المرحّل من خميس إلى خميس، في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مفادها انّ مكونات الانقسام الداخلي، ومهما كابرت وعاندت واستعلت وتعنّتت وتصلّبت وأمعنت في تسلّق أشجار التصعيد والتوتير، وتسابقت في اللف والدوران فوق وتحت وحول الملف الرئاسي، لن تستطيع الهروب طويلًا من خيار التوافق على رئيس الجمهورية.
لا يختلف إثنان على انّ الواقع اللبناني منقسم سياسيًا إلى حدّ الافتراق والعداء بين مكوناته، وهذا الامر ليس بجديد، فلبنان خَبر مثل هذا الانقسام في محطات متعدّدة، أخذ حينًا شكل الاشتباك السياسي، وأخذ حينًا آخر شكل الاشتباك والاقتتال العسكري، واما نتيجة ذلك كلّه، سقوط كلّ أوهام القوة والاستقواء، واصطدام اطراف هذا الاشتباك جميعهم بالحائط المسدود، واستسلامهم لعجزهم عن إحداث تغيير في تركيبة البلد او فرض غلبة فريق على فريق او مسّ بالتوازنات الحاكمة للصيغة اللبنانية، وبالتالي الإنخراط الطوعي في تسوية داخلية، تفرض التعايش والمساكنة تحت سقفها، حتى ولو كانت القلوب مليانه وتضمر رفضًا لذلك. والأمثلة عديدة، من تسوية الطائف، إلى التحالف الرباعي بين الأضداد بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلى تسوية الدوحة، واخيرًا، وبالتأكيد ليس آخرًا، التسوية السياسية التي جاءت بميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
من هنا، فإنّ الواقع الانقسامي القائم، بالحدّة التي تعتريه وخصوصًا في ما يتعلق بالملف الرئاسي، ليس منعزلّا عن الانقسام التاريخي في هذا البلد، حيث انّ أصل المشكلة القائمة ليست حول رئيس ينبغي أن يأتي مطابقًا لمواصفات سياسية، أو سيادية، او وطنية، او حيادية، أو اخلاقية، او مناقبية، فكلها عناوين وشعارات فضفاضة تنضح بها نزعة الاستثمار السياسي والشعبوي، بل أنّ اصل المشكلة هو العناد والمكابرة اللذان يشكّلان اليوم العنوان الحقيقي لمعركة رئاسية داخل نفق مسدود.
وإذا كان منحى العناد والمكابرة يبدو مفتوحًا بمسار تصعيدي إلى مديات زمنية بعيدة، تبعًا لما تدلي به مكونات الانقسام الداخلي من مواقف انشطارية وعنقودية، فإنّ القراءات السياسية للواقع التصعيدي القائم، تلتقي على انّ هذا المنحى سيُنفّس في لحظة ما، ويوصل في النهاية؛ إمّا إلى اشتباك سياسي او غير سياسي بلا أفق، وإما إلى تسوية.
على أنّ هذه القراءات تستبعد المسار الاشتباكي، وخصوصًا انّ كلفته باهظة على البلد واهله، فضلًا عن أنّ اي مكوّن داخلي، ومهما اعتقد او توهّم بامتلاكه فائض قوة سياسيّة او شعبيّة او غير ذلك، ليس في مقدوره ان يدفعها او يتحمّل تداعياتها. وبالتالي، تُرجّح فرضية التسوية، برغم الصوت العالي المرتفع من غير طرف سياسي، وتفترض انّ مكونات الانقسام السياسي باتت مدركة أنّ الإنسداد القائم مفتاحه تسوية في نهاية المطاف. ومن هنا، فإنّ منحى العناد التصعيدي لا يعكس فقط انسداد الأفق امام مكونات استنفدت كل طاقاتها وقدراتها ومحاولاتها تطويع الملف الرئاسي وفق رغباتها، بل انّه يشكّل عن قصد او عن غير قصد، انخراطًا في لعبة حامية على حافة تسوية آتية، بمعزل عن شكلها ومضمونها، وعمّا إذا كانت هذه التسوية وشيكة او بعيدة المدى.