البلد مأزوم معيشيا واجتماعيا… ونأمل من المسؤولين تدارك الامور.. والحوار الذي يؤدي للوفاق.. وان يكون الوفاق هو سيد القصر..”، هذا الكلام لعضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي عمار بعد الجلسة السابعة لانتخاب رئيس للجمهورية التي عقدها مجلس النواب اللبناني يوم الخميس 24-11-2022.
ولكن غياب التوافق وتشتت أصوات الكتل النيابية المختلفة وعدم قدرة أي فريق على إيصال اسم معين لرئاسة الجمهورية جعل الامر يدور في حلقة مفرغة بدون القدرة على الوصول الى نتيجة ، وباتت جلسات المجلس النيابي تكرر نفسها بلا جديد يذكر، وأصبحت المسألة فعلا تحتاج الى مبادرات داخلية لتهيئة الارضية والاجواء للانتقال الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية فعليا وليس فقط بالشكل والاجراءات التي ينص عليها الدستور.
وقد كرر حزب الله -منذ بداية أزمة انتخاب الرئيس- عبر قياداته ان الحوار والتوافق هو السبيل الوحيد للوصول الى انتخاب الرئيس، ودعا للتوقف عن طرح أسماء استفزازية واخرى للاستهلاك الاعلامي والسياسي والجلوس للتفكير بعقلانية وواقعية خاصة ان واقع البلد من جهة لا يحتمل ترف المماطلة وتضييع الوقت، ومن جهة اخرى ان التوازنات السياسية والنيابية تفرض حصول اتفاقات لاختيار اسم الرئيس الجديد.
وسبق للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان حدد بعضا من مواصفات الرئيس، ومنها: ان لا يطعن المقاومة في الظهر، ان يكون وطنيا قويا شجاعا لا يخاف من الضغوط الاميركية..، وبالسياق، قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب ابراهيم الموسوي أن “المطالبة برئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها ولا يغدر بها ولا يخونها ولا يفرط بانجازاتها، هو مطلب الحد الادنى”، وتابع “نحن نمثل شريحة وازنة في المجتمع اللبناني، شريحة وطنية من كل الطوائف والأطياف والمناطق الذين يؤيدون المقاومة وينتسبون إلى خطها، وهذا مطلبها البديهي”، فهذه الشروط المذكورة اعلاه هي مسألة بديهية وبالتالي يجب البدء من هذه الشروط للتوافق على رئيس، أي انه يستعبد حكما كل اسم قد يشكل استفزازا او لديه فرضية طعن المقاومة او بانجازاتها وتضحياتها.
ويبقى خيار “الورقة البيضاء” التي توضع في صندوق الاقتراع خلال جلسة انتخاب الرئيس دليلاً على مد اليد والدعوة للتلاقي والتفاهم على رئيس تقبل به مختلف المكونات او غالبيتها، وبعد ذلك يكون “قطار العمل” قد وضع على سكته الصحيحة للانطلاق بانقاذ البلد من الأزمة الكارثية المتعددة الجوانب التي يعاني منها، وبالتالي فإن من يتحمل مسؤولية إطالة أمد الازمة الرئاسية ومن خلفها ما يعانيه البلد هم من يعطلون التوافق والحوار ويصرون على طرح أسماء للتحدي والاستفزاز.
والحقيقة ان في لبنان سلسلة من الملفات المتراكمة التي تحتاج الى حلول سريعة ومستدامة، وهي ملفات تتعلق بغالبيتها بيوميات المواطن، ولا تقف فقط عند مسائل سياسية من هنا او هناك، فمن سعر صرف الليرة وقيمة الرواتب الى الكهرباء والمحروقات وارتفاع اسعار السلع وصولا للحفاظ على أمن الناس الى كثير الملفات الحياتية التي تؤرقهم، إلا انه في لبنان كل شيء له بُعده السياسي، لذلك فإن ضبط الملفات السياسية وحلها وحصول توافق وتناغم عليها بين أركان الدولة وغالبية القوى، يجعل مختلف الملفات الاخرى قابلة للحل، وبالتالي فإن الحوار والتشاور الداخلي بات مسألة ملحة للجميع الذين عليهم الابتعاد عن أي إيحاءات خارجية حول الاستحقاق الرئاسي او غيره، والبحث فقط عما ينفع المواطن والوطن ويحل مشاكله ويخرجه من أزماته.
المصدر: موقع المنار