بالعودة الى التوصيات التي أصدرتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) مطلع عام 2021، والتي عرفت باستراتيجية بايدن في لبنان، والقائمة على متغيرات مهمة في الساحة اللبنانية سياسياً واقتصادياً، اهمها كان الفراغ الحكومي المقصود؟، مترفقاً مع انهيار سريع للعملة، وتدهور اقتصادي غير مسبوق، بالإضافة إلى انهيار المصارف، وحجز أموال المودعين، من المهم تسليط الضوء على الادوات التي ستستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية بهدف تحقيق التوصيات التالية:
1- حماية المصالح الإسرائيلية في سواحل شرقي المتوسط، والتي تشكل المقاومة تهديداً حقيقياً لها.
2- تعزيز النفوذ الأميركي، نظراً إلى أهمية موقع لبنان الإستراتيجي.
3- بذل جميع الجهود الممكنة في مواجهة المقاومة وفكرها.
4- تفعيل دور السفارة الأميركية، التي تعتبر مركزاً استراتيجيا بالنسبة إليه .
5- إلزام لبنان بالدخول في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
6- تعزيز التوجه الغربي للبنان، وترسيخ واشنطن شريكاً مفضلاً بين المنافسين الإقليميين والقوى العظمي، بالإضافة إلى خلق بيئة معادية للتوجه شرقاً .
فما هي هذه الأدوات؟
المجتمع المدني ومنظماته هو من الأدوات الهامة والمرنة التي يصب الأميركي التركيز عليها لتحقيق أهدافه داخل لبنان،ويقسم المجتمع ومنظماته في لبنان إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى، تمثل مجموعة من الأفراد الممولين بشكل مباشر أو غير مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية و هم ينفذون الأجندة الأمريكية في لبنان بعضهم على دراية بأنهم يعملون لصالح هذه الأجندة وبعضهم يغفل عن هذا الأمر.
المجموعة الثانية، هم الأحزاب السياسية الذين لبسوا قناع المجتمع المدني ومنظماته بهدف استعادة التأييد الشعبي وتحريكه بخدمة مصالحهم.
والمجموعة الثالثة، هم بعض البنوك والمصارف التي تعمل بصورة المجتمع المدني والتي تهدف أيضاً لتحقيق مصالحها.
ومصالح مجموعات المجتمع المدني الثلاث هي موحدة أو شبه موحدة مع المصلحة الأمريكية، لذا احتضان اميركا لهذه المجموعات وتحويلها الى أداة يمكن أن يوصل الأمريكي الى هدفه بغض النظر عن الأساليب المعتمدة والطرق التي ستسلكها.
الصندوق الوطني للتنمية
أسست وكالة المخابرات المركزية (سي آي أ يه) دعماً وتمويلاً من الكونغرس الامريكي عام 1983 الصندوق الوطني للتنمية NED والذي يقوم بدعم الحركات الثورية الديموقراطية لأكثر من 100 دولة ومن ضمنهم لبنان، يقوم هذا الصندوق على :
1- تقديم كل سنة منحاً مباشرة لمئات المنظمات غير الحكومية العاملة في جميع أنحاء العامل ومنهم لبنان من اجل تحقيق أهدافها.
2- تمويل المنظمات غير الحكومية والتي قد تشمل المنظمات الحقوقية والجمعيات المدنية ووسائل الإعلام المستقلة وغيرها من المنظمات.
3 – دعم الصندوق الوطني للديموقراطية المنظمات المدنية التي تعمل في بيئات تحتوي على “مجموعات إرهابية”.
4- دعم المنظمات التي تشجع على المساءلة والشفافية.
هذه الأدوار الأربعة كانت تقوم بها وكالة المخابرات المركزية (سي آي أيه) منذ عام 1966، أي أن التدخل الأمريكي في لبنان عبر المجتمع المدني ومنظماته بمجموعاته وأنواعه المختلفة، كانت منذ 55 عاماً ولا زالت حتى اليوم، وهذا خير دليل على وجود مؤسسات أمريكية تحت مسميات “تحقيق الديموقراطية” مخصصة لتمويل وتحريك المجتمع المدني في لبنان لتحقيق المصالح المشتركة بينهما، والتي أغلبها تخدم الآن استراتجية بايدن في لبنان.
لقد وثق موقع (كوربرت ريبورت) الأثر الخطير الذي تلعبه منظمات العمل غير الحكومي في مجال اختراق المجتمعات، مشبّهاً إياها بحصان طروادة الذي يفتك في الدولة ومؤسساتها بهدف التدمير وليس البناء.
في الجزء الثاني نسلط الضوء على عدد من المنظمات غير الحكومية في لبنان التي نشأت بعد العام 2019 وعلاقتها المباشرة بالسفارة الأميركية في بيروت.
المصدر: موقع المنار+مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير