اليابان الدولة التي تزداد قوتها يومًا بعد يوم، ليس بقدر ما تمتلك من أموال، إنما بقدر الثروات البشرية والعقول المفكرة التي استطاعت أن تنهض ببلادها في فترة قصيرة جدًا. فقد تركت الحرب العالمية الثانية أوزارها على اليابان، حيث خرجت منهارة من جميع النواحي، لكن ما هي إلا سنوات وقد وضعت نفسها في مقدمة الدول المتطورة التي يُضرب بها المثل في الذكاء والتطور. وهذا يدفعنا للتساؤل، عن سبب ذكاء اليابانيين هل هو جيني أم مكتسب؟ وهل هم أذكى الشعوب؟
بحسب العالم “ريتشارد لين” مؤلف كتاب “نسبة الذكاء وثروات الشعوب” والذي يقول أن متوسط الذكاء هو أحد العوامل الهامة، إن لم يكن الوحيد في المساهمة في الاختلافات في الثروة الوطنية، ومعدلات النمو الاقتصادي. كما يرى أن الجينات والعرق لهما دور كبير في تفسير هذه الاختلافات.
رغم أنه ليس للعبقرية تعريف دقيق، لكن جمعية منسا الدولية -الموجودة في أكثر من 80 دولة وتضم قرابة 100 ألف عضو يُشترط فيهم أن يكونوا قد خاضوا اختبارًا للذكاء- تُعرِّف العباقرة بأنهم الأشخاص الذين يمتلكون القدرة والإبداع الكافيَين لوضعهم ضمن نسبة (2%) الأفضل على مستوى العالم.
وفي الواقع لا يمكن أن نقيس الذكاء بشكل كمي طبقًا لعدد الخلايا العصبية الموجودة في المخ مثلًا، لكن تبقى اختبارات مقياس الذكاء IQ التي وضعها “ألفريد بينيه” عام 1904، هي الأداة الأكثر شيوعًا. فإذا كان ذكاء الإنسان يتأرجح بين 46 و160 على مؤشر القياس النفسي، فإننا نتحدث عن مستويات عالية من الذكاء بدءًا من 130 وفقًا للمعيار العالمي. وبحسب العالم لين فحوالي 10% من اليابانيين يتمتعون بنسبة ذكاء تفوق الـ 130!
اليابانيون ونظرية الجزء الأيمن من الدماغ
في كتاب “Why the Japanese Are a Superior People – The Advantages of Using Both Sides of Your Brain” للصحفي والمؤلف الأمريكي “بوي لافاييت دي مينتي” المتخصص بالثقافة اليابانية والشرق آسيوية، يتحدث عن سبب تفوق اليابانيين. عزا مينتي المعارف والمهارات الخاصة لليابانيين كونهم ممن يرتكزون على الجزء الأيمن الدماغ. واقتبس مما قاله الدكتور “تادانوبو تسونودا” مؤلف كتاب “الدماغ الياباني” عن أن اليابانيين يميلون لمعالجة المعلومات في البداية في الجانب الأيمن من الدماغ، وهو الجزء الذي يتعامل مع العواطف أكثر من الحقائق. وهذا عامل ملحوظ في الفنون، والحرف، والممارسات الإدارية التقليدية.
نظام التعليم في اليابان
في المدارس اليابانية لا تُعقَد للطلاب أية اختبارات حتى يصلوا للصف الرابع، أي يبلغوا عمر 10 سنوات، فقط تُعقَد لهم اختبارات صغيرة. فهناك إيمان بأن الهدف من السنوات الثلاث الأولى في المدرسة ليس الحكم على القدرات المعرفية للطفل في التعلّم، إنما تأسيس الأخلاق، وتطوير الشخصية. فيتعلّم الأطفال كيفية احترام الآخرين، ومعاملة الحيوانات بلطف، كما يتعلّمون السخاء والرحمة والعطف. وبالإضافة إلى ذلك، فيتعلّمون ضبط النفس والعدالة.
ماذا يدرس الأطفال في المدارس؟
يدرس الطلاب اليابانيون الحساب، والعلوم، والدراسات الاجتماعية، والموسيقى، والحرف، والتربية البدنية، والاقتصاد المنزلي (الطبخ، الحياكة). كما بدأت الكثير من المدارس اليابانية بتدريس اللغة الإنجليزية بشكل جيد. وتُستخدم تقنية المعلومات لتعزيز وتحسين مستوى التعليم، كما يتوفر الإنترنت في المدارس. ويتعلّم الطلاب الشودو ،وهو غمر الفرشاة في الحبر لكتابة الحروف اليابانية الكانجي.
تختلف الحروف الأبجدية التي يتعلّمها الطلاب اليابانيون عن تلك التي يتعلّمها الطلاب في مختلف دول العالم. فمع نهاية المراحل الابتدائية يتعلّم الطفل الياباني حوالي 1006 من حروف الكانجي، حيث يتضمّن نظام الكتابة الياباني ثلاثة أنواع من الحروف الرئيسية، وهي: الكانجي، وهيراغانا، وكاتاكانا.
الإنفاق على الأبحاث
بحسب إحصائية أعدّتها منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة حول نسبة الإنفاق على البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي، فقد بلغت نسبة إنفاق اليابان على الأبحاث عام 1996 حوالي 2.77%، فيما وصلت إلى 3.58% عام 2014، وهي بذلك تتفوق على الولايات المتحدة التي بلغت نسبة إنفاقها لذات العام 2.73%، وكذلك على المملكة المتحدة 1.70%.
غذاء العقل
يلعب النظام الغذائي الياباني دورًا في نشاط وظائف الدماغ، فهناك استهلاك كبير للبيض، حيث يعد غذاء العقل، ويدخل في العديد من الأطعمة اليابانية الشهيرة كشعيرية النودلز. ومن الأطعمة اليابانية التي يُظَن أنها تلعب دورًا هامًا في تنشيط الدماغ، الأعشاب البحرية التي تُضاف للحساء أو لفائف السوشي.
كما يُستهلك الأجار على نطاق واسع، وهي مادة تشبه الجيلاتين، يتم استخراجها من الأعشاب البحرية. تحتوي الأعشاب البحرية على الكثير من المعادن، خاصة اليود الهام لوظائف الغدة الدرقية والدماغ. يحصل اليابانيون على اليود أيضًا بفضل غنى نظامهم الغذائي بمنتجات الصويا، لذلك فلا قلق من مشاكل الغدة الدرقية. كما يحرص اليابانيون على استهلاك الأسماك وزيت السمك الغني بأوميجا 3، والتي تعد من العناصر الأساسية لعمل الأعصاب وخلايا المخ.
المصدر: مواقع