في ظل إحياء أيام وليالي عاشوراء وكل ما يروى فيها من تفاصيل ما جرى قبل وخلال وبعد واقعة الطف في كربلاء عام 61 للهجرة، سواء ما يتعلق بما فعله الامام الحسين(ع) منذ ما قبل خروجه من مكة المكرمة وصولا الى استشهاده في يوم العاشر من المحرم من ذلك العام، وما تلاها من أحداث برزت فيها قدرة السيدة زينب بنت علي(ع) على حفظ إنجازات وبطولات الامام الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه، من كل ذلك يأخذنا المشهد الى مجتمع المقاومة الاسلامية التي تعيش اليوم ذكرى الـ40 ربيعا لانطلاقتها بمواجهة العدو الاسرائيلي ومن خلفه من داعمين ومؤيدين على رأسهم الادارة الاميركية، وكل ما رافقه من التضحيات والصعوبات والمعاناة التي مرت على هذه البيئة وانصار هذه المقاومة.
وهنا يمكن الاشارة الى بعض الصور الموجودة في هذا المجتمع المقاوم والتي اساسها السيرة الحسينية والارتباط بعاشوراء، ومن هذه الصور:
-مواكب المجاهدين التي لم تتوقف عن الحضور الى ميادين وساحات القتال والمواجهة منذ انطلاقة المقاومة وحتى اليوم، وثبات رجال الله في أحلك الظروف ورسوخهم في الارض رسوخ الجبال، وما ذكريات حرب تموز وآب 2006(التي نعيش ذكراها الـ16 اليوم) من عيتا الشعب الى بينت جبيل وعيناتا وغيرهم، إلا ادلة على ما نقول.
-تقديم الشهداء والجرحى على طريق الوفاء لخط كربلاء الحسين(ع) وعلى قاعدة “خذ حتى ترضى يا رب..”.
-القادة وعوائلهم واولادهم في طليعة المسيرة وفي مقدمة الشهداء يقدمون انفسهم وفلذات اكبادهم ولا يدخرونهم للمناصب والحياة الدنيا، ومن الامثلة الساطعة على ذلك استشهاد: الامين العام لحزب الله السيد عباس الموسوي وزوجته وطفلهما حسين، شيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب، القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية وشقيقيه ونجله، استشهاد القائد الجهادي الكبير السيد مصطفى بدر الدين، استشهاد القائد الكبير الحاج حسان اللقيس، استشهاد الحاج ابو محمد الحاج(ابو محمد الاقليم)، استشهاد نجل الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله…
-ثبات عوائل الشهداء والجرحى والاسرى والمجاهدين واندفاعهم لتقديم المزيد على القاعدة التي سنتها السيدة زينب(ع) في مجلس الطاغية عبيد الله بن زياد عندما سألها عن رأيها بما جرى في كربلاء، فقالت بعز وإباء “ما رأيت إلا جميلا..”، وما نراه من حضور أمهات وزوجات وأولاد الشهداء في كل المناسبات إلا خير دليل على ما نقول، ناهيك عن الجهوزية العالية لتقديم المزيد ومن الشواهد الحية على ذلك ان نرى عوائل قدمت اكثر من شهيد في خط الجهاد.
-ثبات مجتمع المقاومة وعدم التراجع أيا كانت الصعوبات والضغوطات، في تكريس حي لثبات عوائل واهل أصحاب الامام الحسين في كربلاء ليلة العاشر من المحرم عام 61 للهجرة، فالامام الحسين طرح على اصحابه الرحيل لان الاعداء يريدونه هو، كما دعاهم للسماح للعائلات بالرحيل لكن الجواب كان دائما من الاصحاب وعائلاتهم على قاعدة “لا طيب الله العيش بعدك يا أبا عبد الله..”.
-ثبات المجتمع وبيئة المقاومة كما شبابها المنتمين إليها بقرار القيادة، فلا حماسة تأخذهم للخروج على قرار القائد ولا غضب أو حالة ضيق أو أي سبب يدفعهم الى ذلك، فالجميع ينتظم بتعاليم قيادة المقاومة التي يرأسها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وقد مرت الكثير من الشواهد التي أثبت فيها شعب المقاومة انه حاضر لطاعة قائده ممارسا أعلى درجات ضبط النفس، أيا كانت مخططات الاعداء لدفعه للفتنة او الرد على الاعتداءات او استفزازه تحت عناوين مختلفة.
-القدرة العالية على الصبر رغم الحصار الاقتصادي والمعيشي والحياتي الذي يفرض على بيئة المقاومة من قبل الاعداء وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية، وذلك تجسيدا حيا لصبر الامام الحسين(ع) وآل بيته وأصحابه في المعركة والمواجهة على الرغم من حصار جيش يزيد لهم ومنعه الماء عنهم وعن الاطفال أيضا في انتهاك فاضح لكل حقوق الانسان في زمن الحرب والسلم ولكل التعاليم الاسلامية.
-استفادة المقاومة قيادة وأفرادا وشعبا من الدروس الوفيرة التي قدمتها كربلاء في كثير من المجالات، العسكرية والسياسية والامنية والاعلامية ناهيك عن بحر من القيم والمبادئ العالية في الاخلاص والتضحية والايثار مما يشكل رافعة أخلاقية لاي مجتمع يسعى للحرية ورضى الله.
هذا كله غيض من فيض كربلاء الامام الحسين(ع) الذي علمنا الكثير الكثير في خط الاسلام المحمدي الاصيل، ويكفي ان نصف هذا الفداء الحسيني وما أعطانا بما قاله السيد حسن نصر الله في كلمة خلال احدى المجالس العاشورائية هذا العام حيث أكد انه “.. لا يمكن الفصل بين المقاومة الإسلامية وبين كربلاء وبين عاشوراء وبين الإمام الحسين عليه السلام وبين السيدة زينب عليها السلام ومن معهما في كربلاء.. عندما نتحدث عن المقاومة الإسلامية في لبنان خلال 40 عام من عمل وجهاد وصبر وتضحيات وثبات وانتصارات وإنجازات أن كل ما عندنا هو من عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام”.
المصدر: موقع المنار