“أول الشهر متل آخرو” هكذا تصف لنا السيدة ليلى – وهي أم لعائلة تتألف من أربعة أولاد – المعاناة مع بداية كل شهر جديد. فالفواتير والمستحقات الشهرية الثابتة التي يدفعها رب أسرتها تتخطى قيمتها الراتب الذي يتقاضىاه والبالغ مليونين و500 ألف ليرة لبنانية.
فمثلاً ايجار المنزل 100 دولار، اشتراك مولد كهربائي ل 5 أمبير مليون و900 ألف ليرة لبنانية (يزيد حسب ساعات التغذية والاستهلاك الكهربائي)، أما مصروف المنزل يومياً يتراوح ما بين 300-400 ألف ليرة وتعتمد على المونة المنزلية التي تحضرها خلال العام.
ولم تحتسب “ليلى” بعد خدمة المياه والنقل والعديد من المصاريف الاخرى والطارئة ، وتعتبر الفواكه من المُحرمات! وبضحكة ممزوجة بتعب رب أسرتها تقول: الحمد لله مش بحاجة لمستشفيات ولا حتى دواء دايم”.
لا يختلف حال أبو نبيل وهو موظف قطاع عام والذي بمجرد أن سألناه عن راتبه ارتفعت نبرته: أي معاش؟! أي راتب عن شو وشو بدي احكي؟!.. يقول لنا أنه مع بداية كل شهر يعاني وهو يتنقل بين الصرافات الالية الموجودة في المنطقة التي يقطنها حتى يستطيع سحب راتبه البالغ مليونين و600 الف لبنانية.
حال “ليلى” و”أبو نبيل” هو حال كل مواطن لبناني مع نهاية كل شهر وتقاضيه الراتب “التعبان” في ظل الارتفاع المستمر لمؤشر الغلاء في لبنان ففي آخر تقرير لبرنامج الغذاء العالمي الشهري حول لبنان لشهر أيار\ مايو الماضي، يظهر فيه وصول تكلفة سلة الغذاء اللازمة للبقاء على قيد الحياة إلى أكثر من 790 ألف ليرة لبنانية للفرد الواحد فقط! بزيادة تبلغ 14% عن شهر نيسان أبريل الماضي، “رقم” في حالة ارتفاع مستمرة.
بالارقام يؤكد الباحث في المجلة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لموقع المنار أن أسرة مؤلفة من أربعة أفراد بحاجة الى 15 مليون ليرة لبنانية لكي تستمر بالحياة وتغطية نفاقاتها الشهرية.
ويقول أن تكلفة السلة الغذائية اليوم تبلغ 6 مليون ليرة لبنانية، مما يتجاوز قيمة الراتب الشهري لأي لبناني. عملية تصحيح الاجور تمت بشكل جزئي وتبقى غير كافية ويقول شمس الدين أنه يجب اجراء اصلاح في قطاعات الدولة الخدماتية، فمثلاً النقل العام المشترك -إن وجد- يوفّر على المواطن تكلفة التنقل اليومي.
ويزيد الامور صعوبة الارتفاع المتواصل لاسعار الغذاء والطاقة على الصعيد العالمي، حيث أن أزمة الغلاء تطال الدول كافة ، فهل يبقى لبنان مكتوف الايدي بانتظار من يمن عليه ببضعة مليارات هَدَر المصرف المركزي أضعاف أضعافها في الفترة الماضية بحجة دعم السلع الاساسية؟!
المصدر: موقع المنار