يتعرض العاملون في بعض المهن، ومنهم العمال الموسميون وعمال البناء، لكمية كبيرة من أشعة الشمس، نظراً إلى طبيعة عملهم في الخارج، ما يزيد خطر إصابتهم بسرطان الجلد إذا لم يتخذوا إجراءات الحماية اللازمة.
وقال رئيس النقابة الفرنسية لأطباء الأمراض الجلدية والتناسلية، لوك سوليموفيتش، إنّه “عندما تتراكم عوامل الخطر في عمل الشخص وفي حياته الخاصة، ينبغي له اتخاذ احتياطات إضافية، خصوصاً إذا كانت بشرته فاتحة أو لديه في تاريخ عائلي بالإصابة بسرطان الجلد”.
وشدّد سوليموفيتش على أنّ “أفضل حماية هي ارتداء الملابس الداكنة، ووضع القبّعة والنّظارات الشمسية، ومستحضر واقٍ من الشمس كل ساعتين أو ثلاث ساعات على الأجزاء المكشوفة من الجسم”.
ومن أبرز الإجراءات الوقائية، التي تنصح بها النقابة، تجنّب التّعرض لأشعة الشمس بين الظهر والساعة الرابعة بعد الظهر إذا أمكن.
وتسجّل سنوياً في العالم ما بين مليوني حالة وثلاثة ملايين من “سرطان الجلد غير الميلاني” الذي يمثل نحو 90 % من سرطانات الجلد، وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن “منظمة الصحة العالمية”.
بالإضافة إلى ذلك، تسجّل 132 ألف حالة ورم ميلاني خبيث، وهو أخطر أشكال سرطان الجلد، علماً أنّ هذه الأرقام تتزايد باستمرار.
ويُعتبر التعرض للأشعة فوق البنفسجية العامل الأول المسؤول عن هذه السرطانات، إذ يتسبب التعرض المتقطع لكن القوي في حروق الشمس التي تعزز على المدى الطويل تطور الأورام الميلانينية.
أما التعرض للشمس لوقت طويل، كما في المهن التي تمارَس في الهواء الطلق، فيؤدي إلى ظهور الأورام السرطانية، وهي السرطانات الأقل خطورة لكنها الأكثر شيوعاً. وهذا ما يجعل الأشخاص الذين يعملون في الخارج من بين المعرضين للخطر منطقياً.
ومن أبرز المعرّضين للخطر بسبب مهنهم سعاة البريد والبستانيون والعمال الموسميون وبعض عناصر الشرطة والمشرفون على مواقع السباحة وصيادو السمك وبالطبع المزارعون.
ونشر المتدرّب الطبي الشّاب ماتيو لونجيه أطروحة حول سلوكيات المزارعين حيال خطر التعرض لأشعة الشمس في منطقة فرانش كونتيه في شرق فرنسا الواقعة على طول الحدود مع سويسرا.
وأبرز الخلاصات التي توصل إليها لونجيه أنّ المزارعين معرّضون بشدة، إذ يمضي معظمهم من 6 إلى 7 أيام من الأسبوع في العمل، بينها ساعات طويلة في الخارج. ومع ذلك، لا يُبدي 56 % منهم أي قلق من تعرضهم للأشعة فوق البنفسجية.
ويشكّل وضع القبعة أهم الإجراءات الوقائية التي يلجأ إليها هؤلاء، لكنّهم لا يولون المقدار الكافي من الاهتمام بارتداء الملابس الواقية الأخرى، فضلاً عن أنّ المزارعين خصوصاً الرّجال لا يستسيغون استخدام مستحضرات الحماية من أشعة الشمس.
أمّا نسبة الإقبال على خدمات الرعاية الصحية المناسبة فضعيفة، إذ أنّ 63.5 % لم يخضعوا يوماً لأي فحص للجلد من قبل طبيبهم العام، في حين أن 61.5 % لم يجرِ لهم هذا الفحص طبيب الأمراض الجلدية.
وخلص الباحث إلى أنّ 74 % يدركون أنهم معرضون لخطر الشمس، لكنّهم لا يتخذون ما يكفي من تدابير الوقاية.
وذكّرت ناتالي كلاستر، من الرابطة الوطنية لمكافحة السرطان، بأنّ “التشريعات الفرنسية تُلزم أصحاب العمل توفير معدّات الحماية، لكنّ الموظفين قد يرتدونها أكثر إذا كانت أنسب”.
واستشهدت بمثال البستانيين الذين يرتدون قمصاناً قطنية وسترات بوليستر، فلاحظت أنّهم “يعانون إذ فاقت درجة الحرارة 30 درجة، بينما تتوافر في السوق ملابس مضادة للأشعة فوق البنفسجية تتيح تهويةً وتنفّساً أفضل”.
ورأت أن ثمة أمراً آخر ضرورياً هو توفير مستحضرات واقية من أشعة الشمس منهجياً للعمال الخارجيين.
المصدر: الميادبن