بلغة القائد، لغة الهادىء، لغة الملم بكل التفاصيل والمجريات ولغة الأب الخائف على كل ما تحقق وسيتحقق، أطل سيد الكلام بكلام من قلبه كما العادة لكل قلوب اشتاقت لعبارات لم تعرف الراحة إلا حين سماعها، وبشوق المترقب لتلك العبارات، اجتاحت كلماته المسامع والأفئدة والعقول، لتضفي نصراً جديداً لكل ما سبق، وتحريراً لعقول تعشق الحرية، أما مشروع صناعة التحرير الجديد القديم، كان لتلك العقول الخانعة والأيدي المغلولة والعقيدة بقيد عاصر أجيالاً وأزمنة . قيد عبودية يسعى ذلك المستطاب أن ينزع قيوده ويعبر بهم نحو حرية ما اعتادوا العيش معها .
كلمات من قلب محب تخاطب قلوب مشتاقين حملت في طياتها كل شكر وامتنان على صنع نصر عجنته تلك الزنود وقدمته خبز عزة وكرامة لشعب لم يقرأه التاريخ المعاصر سابقاً إلا في سطور ضعف وهوان . لم يبخل وهو الكريم بشكر كل من قدم وساهم في صناعة أيام من ايام الله أعطت تحريراً نسي احتفالاته كل العرب، ليغوص بعدها في دهاليز ضيقة اعتاد البعض أن يطفئ أنوارها ويضيق مجاريها ليوهم الناس بأن خلاصهم لا يُشحذ إلا من بوابة لو رأى الطامع فيها، مدى اهترائها وحجم تشققها .
خطاب الوعي والفهم والمنطق والحجة، وكما العادة، خطاب الدليل والبرهان، جال فيه على وجع قائم وهم نرجوه أن لا يكون دائم شرح فيه سماحته الداء وأعطى الدواء .
حدد مفهوم الإجماع وبيّن حقيقة الموقف حول المقاومة وفهم الممانعة منذ ما قبل الاحتلال وحتى اليوم، وبكلمات تلامس العقل_ لمن أراد خطاب العقل_ بيّن حقيقة نظرة البعض للمقاومة وعدم الإجماع القديم المستحدث، ليس من باب طائفي أو مذهبي، بل من باب التبعية للغرب واعتبار عدم وجود مشكلة أو عداء مع الصهاينة، ليدخل منها إلى بوابة الحل بل كل حلول لكل مشاكل عصفت بوطننا، حلول للعملة والوظائف وسعي لبحبوحة عيش لا نحتاج إلى تسولها من غرب أو بعض عرب، بل نملكها ونستطيع أن نعطي الغير ما كان يمنّ علينا به من فتات، والدرب بسيط وقصير، خصوصاً مع احتياج العالم لنفط وغاز أكدت دراسات عالمية أننا نملك فيضاً منه، ولا ينقصنا سوى قليل من جرأة موقف وقرار .
مواردنا النفطية كثيرة وكبيرة وهي قادرة على إيفاء كل ديوننا وتطوير بلدنا ومجتمعنا والانتقال به من بلد اعتاد السعي وراء فتات الغير إلى بلد منتج ومصدر لمصادر الطاقة، ونحن الذين اعتدنا حماية أرضنا وصناعة انتصاراتنا وخبرنا الذود عن ترابنا جنوباً وبقاعاً، لن نبخل في حماية مواردنا أينما وجدت براً وبحراً .
نحن جاهزون، لكن في المقابل هل أنتم جاهزون ؟
لأولئك الذين يرون أن مفهوم العداء مع إسرائيل نسبي ومتفاوت ويسارعون للبحث في موضوع سلاح المقاومة، هل تجرؤون على بحث موضوع استخراج مواردنا التي تنقل البلد من العوز والانهيار الى التطور والرقي ؟
معادلة جديدة بطعم قديم ثبتها سيد الخطاب وخاطب فيها قواعد الآخرين لأننا لا نحتاج معه إلى توضيح ما هو واضح . أن طالبوا قياداتكم بالحوار حول سبل استخراج مواردنا التي تستطيع أن تحل كل أزماتنا وانظروا من يريد لبنان الفقير والضعيف والتابع، ونحن من سنقوم بمهمة الدفاع عن حقوقنا وانتزاعها من أي طامع .
الخطاب الرسالة والحجة، كان مدوياً رغم هدوئه النابع من قوة المنطق والحجة وقوة الثقة بعيون تراقب تحركات ومناورات ليست بريئة على طول الحدود لترسم أماناً ننعم به جميعاً، وهو ما انطلق من ضعف بل من قوة يعرف من يعرفه ما حجمها، قوة وصلت إلى مصافٍ لم تصلها منذ أربعين ربيعاً تاريخ ولادة ذلك التنظيم وذاك الهدف.
لعلها الفرصة الأخيرة التي يعطيها سماحته وآفاق الحل الأخير فاتحاً باب السير بلبنان نحو الحياة الكريمة الخالية من التسول معيداً بلدنا نحو موقعه الطبيعي في المنطقة ليلقي الحجة على كل متخاذل خانع متنازل عن حقوقه، لاهث وراء فتات التسول والهبات، وبعدها سيكون هناك موقف آخر وفعل جديد وتصرف مبني على واقع معين، دون انتظار لوحدة مفقودة وإجماع ضائع، وكما كان الحال حينما نشأت أفواج مقاومة شرعت لرد المغتصبات، دون انتظار قرار أو مساعدة، ولم تستعن إلا بالتوكل على الله وجباه نذرت أنفسها لهذا الوطن، ترقبوا ما قد يحدث من ولادة شبيه لهم، يسير بنا من أحياء الفقر وزواريب الشحاذة إلى شوارع الرغد والعيش الكريم .
سيناريوهات قد لا نحتاج الكثير من السنين لنراها ونتلمس مردودها، وربما القريب القادم يعطي بعض أجوبة أو يرسم بعض مسارات، وكما يتلو أولئك الذين رسموا لوحات العزة و الانتصارات في تحرير انتزعوه في أيار من عدو غاشم، الآية القرآنية “إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً” .
دامت انتصارات أيار وكل الأيام لكم نور وطريق ولكل المتخاذلين، ظلام وضياع .