خليل موسى
لغة إعلامية بصوت فلسطيني، من حنجرة شيرين أبو عاقلة ورفاقها في فيلق الدّفاع عن حدود الحقيقة، حقيقةٌ لطالما يحاول الرصاص الإسرائيلي إخفاءها، في حين عملت هذه السيدة مع زملائها على فتح تلك الحدود لدخول مجالها الواضح.
هي ليست مجرد إعلامية محترفة، ولم تكتفِ بأن تكون ملهمة لخريجي الإعلام وممتهنيه الجدد، هي أيضاً جزءٌ من منظومة تدافع عن الأراضي المحتلة برفقة كل صحفي نطق بذات اللهجة والنّبرة، ولم يكن آخر أعمالها الشهادة، إنما صارت رمزا يعطي زخما اضافيا للنضال في فلسطين .
ابنة بيت لحم المقدسية المنشأ، كثيراً ما تبادلت دور قيادة الحملة الدفاعية عن الأراضي المقدسة، دافعت بسلاح الإعلام، إلى أن أصبحت اليوم رمزا للإعلاميين الفلسطينيين الموزّعين على فضائيات وإذاعات العالم، وقد حملت مرتبة شرفِ التعّمد بالدماء.
درعها الأزرق وخوذتها تكللا بشرف حماية جسدها لأكثر من 25 عاماً، كانت تقف أمام الكاميرا بكل قوة، تعطي تعاليم الصمود بأفعالها المِهنية، أما أقوالها فهي عبارة عن رسائل توضيحية لكل ما يجري من انتهاكات صهيونية، وتعرية لكل جرائم الاحتلال.
الصورة توثّق للخرق المتكرر تجاه الأعراف والمواثيق الدولية، حين تستعيد الذاكرة محاولات العدو إيقاف شيرين التي أضاءت بدمها على اعتقال أقرانها عبر سنوات الغطرسة الصهيونية، فالمحاولات ضد أبو عاقلة فشلت أمام قوة شخصيتها، أما ما سجله التاريح فحواه أن صحفيّي الأراضي المحتلة رافقوا بانتمائهم جميع مداخل ومخارج المدن والأحياء الفلسطينية.
ما أنجزته الشهيدة شيرين خلال مسيرة الربع القرن من العمل والمواجهة، تقارير عالية التأثير، بدأت من مؤسسة المفتاح، تلك المؤسسة الإعلامية التي حولتها لمفتاح تشريع أكبر أبواب الإعلام الناطق بالعربية، فكانت ذات فاعلية كبيرة أغضبت المحتلين لدرجة أن أرادوا إخماد قوتها بالقتل العمد، وصوتها الذي كثيراً ما صدح على أثير موجات راديو مونتي كارلو، حيث أوصل رسائل لكل مستمعي هذه الإذاعة العالمية، كل هذا وهي مراسلة لواحدة من أبرز الفضائيات العربية في أرض فلسطين.
في الخلاصة ما يعترف به الاحتلال عبر تصريح رئيس حكومته حول جريمة مدخل مخيم جنين أمس، وطريقة القتل بالدم البارد بالقناصة لشيرين أبو عاقلة، أعادني في الذاكرة إلى عشرات الشهداء في فلسطين، كما أستنهض لديّ ذكرى 2014 حين استشهد زملاء لي في قناة المنار وإن كان على أرض معلولا السورية بسلاح الإرهاب، إلا أن الواقعة أكّدت مجدداً ما أدركتُه حينها، بأن آخر ما يكتبه الصحفي الحر قد يكون رسالة بدمه تبقى خالدة إلى الأبد.
المصدر: موقع المنار