شدد رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم على الأغلبية الوطنية الجامعة”، معلناً عن “9 خطوات للخروج من حالة الإنسداد السياسي التي تمر بها البلاد.
وقال السيد الحكيم في كلمته في الذكرى الثالثة عشر لرحيل السيد عبد العزيز الحكيم “عزيز العراق” : “في رحاب شهر رمضان المبارك شهر الطاعة والرحمة والرضوان، وفي وقع أجواء وذكرى سقوط الدكتاتورية، وذكرى إستشهاد الامام الشهيد الصدر (قده)، نستذكر شخصية فذه وعلماً شامخاً ومدافعاً حقاً عن العقيدة والوطن سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم (قده) الذي فارقنا في مثل هذه الايام وترك فراغاً كبيراً في الساحة السياسية والاجتماعية والوطنية”.
وأضاف “كان عزيز العراق قائداً مميزاً، حَمل سمات إستثنائية في ظرف حساس وعصيب من تاريخ العراق الحديث وكان جديراً بحمل الأمانة وتحمل المسؤولية عقب إستشهاد شهيد المحراب الخالد (قده) وتميز بالإخلاص والتفاني والعطاء وبذل الغالي والنفيس من إجل (العقيدة والوطن والشعب الصابر) وعاصر مرجعية والده زعيم الطائفة الامام السيد محسن الحكيم (قده) وتتلمذ على كبار أساتذة الحوزة العلمية في النجف الاشرف وتأثر بشخصية أساتذهِ الامام الشهيد الصدر (قده) بشكل إستثنائي”.
وأكد انه “كان عراقياً بإمتياز في جميع الادوار التي مارسها في مراحل مواجهة الدكتاتورية .. ومعارضته للإستبداد والطغيان وفي قيادته لكتلة الاغلبية البرلمانية ومشاركته الفاعلة في مراحل تأسيس النظام السياسي الجديد بعد انهيار الديكتاتورية” مبينا ان “عزيز العراق كان منتمياً الى مدرسة آهل البيت (ع) سلوكاً ومنهجاً واخلاقاً ومواقفَ، ومضى على نهج اجداده الطاهرين وكان مرجعياً حد النخاع وهو يرسخ مقولته التي كان يرددها دائماً {المرجعية دين ندين لله به}”.
وتابع السيد الحكيم “عزيز العراق كان واثقاً صلباً في اتخاذ القرارات المصيرية .. وحكيماً في التعاطي مع الملفات الشائكة ومنصفاً في حواره ومفاوضاته مع الاخرين وكان ثابتاً في القضايا التي تَمسُ الحقوق ومرناً في القضايا التي تمس النفوس والمشاعر ، ومعتدلاً في المواقف التي تخص المصالح العامة وكان همهُ المشروع الوطني والإسلامي والمصلحة العامة وقد شملت رعايته جميع الاطياف والمشارب ولم يخصص بها المقربين اليه سياسياً ، فكانت زعامته أبوية ورعوية شاملة.. يهمه نجاح الجميع .. على اساس أئتلاف القلوب وتشارك العقول وتحقيق الخدمة والمشاريع الحقة”.
وأستطرد بالقول “كان شعارهُ كسرَ المعادلة الظالمة، وبناء المعادلة العادلة المتوازنة التي تعطي فرصاً متكافئةً لأبناء الوطن بحسب حجومهم وحضورهم ومساحاتهم”.
وأكد “لم يكن عزيز العراق يؤمن بالطائفية وفتنها، ولكنه كان يؤمن بالطوائف ومكانتها .. كان يبحث عن معادلة قوامها (الحقوق والواجبات) و (تساوي الفرص والإمكانات) (وشراكة المسير والمصير والقرارات)”.
ونوه الى ان “عزيز العراق “كان يؤمن بأن المكون الاجتماعي الاكبر إذا ما اعتراهُ الضعف والتقاطع والتفرق فأن ذلك ينعكس على جميع أجزاء الوطن ومكوناته خراباً ودماراً وضعفاً ، فكان همهُ تمكين المكون الاكبر والمكونات الاجتماعية الاخرى من شركاء الوطن على أساس الحوار والإنصاف والعدالة وكسر المعادلة الظالمة .. فكان يعمل على وحدة الصف الشيعي/ الوطني”.
وأوضح قائلا: “”كان عزيزُ العراق يعمل بفقه الاولويات في الآداء السياسي فحرصَ على صياغة الدستور ضمن المعايير التي وضعتها المرجعية الدينية العليا ورفع شعار إنهاء التواجد العسكري الاجنبي في العراق وشعار بناء التحالفات الاستراتيجية بين العراق ودول الجوار والمنطقة والعالم على أساس المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة للشعوب، وكان يركز على استقلالية القرار العراقي ورفع مبكراً شعار اخراج العراق من طائلة الفصل السابع وميثاق الامم المتحدة.
ولفت الى ان عزيز العراق “كان ينتهج {الواقعية السياسية} فدعا على الدوام الى التوازن في العلاقة الاقليمية والدولية للعراق ودعا الى حوار ايراني امريكي في الشأن العراقي وقد تحقق ذلك برعاية الحكومة العراقية أنذاك”.
وشدد “كان يرى ان الارهابَ لا يواجه بالجيوش النظامية والآلة العسكرية فحسب وانما يحتاج الى مسؤولية إجتماعية تضامنية ولذلك دعا لتشكيل اللجان الشعبية واشراك العشائر والفعاليات الشعبية والناس ، في المهمة الامنية بأشراف مؤسسات الدولة”.
ونوه السيد الحكيم الى إن “المشهد السياسي الذي نمر به يحتاج الى رجال وقيادات بحجم عزيز العراق واخلاصه وعطائه ، وعلى قدر رؤيته وحكمته وشجاعته” معتبرا إن “أسوأ ما يمكن ان تمر به الساحة هو فقدان الثقة والشعور بالتهميش والاقصاء وهي مخاطر كبيرة لطالما حذر منها عزيز العراق ونحن اليوم نجدد التحذير منها ومن تداعياتها الوخيمة”.
وبين ان “الانسداد السياسي الحاصل في المشهد، والتعطيل الدستوري وتلكؤ الخدمات ، وتعميق الفجوة بين الشعب ونظامه السياسي تمثل تحديات اساسية يجب العمل على معالجتها من أجل مصلحة العراق، وما أحوجنا اليوم الى التكاتف والتعاون والتعاضد والابتعاد عن الاحقاد والكراهية وكسر الارادات”.
وقال :”لسنا مع منطق الإتهام .. والتشكيك بنوايا القوى السياسية المتصدية .. ولا نرتضي بشيطنة الاخر عند تشابك الروئ والمواقف”.
وأشار السيد الحكيم الى ان “الساحة السياسية بأمس الحاجة الى حوار جاد وتفاهمات حقيقية بين القادة واصحاب القرار، لا عبر شاشات و وسائل الإعلام وانما عبر لقاءات مباشرة وجهاً لوجه للخروج من الانسداد السياسي الذي عطل مصالح الناس وحرمهم من إستثمار الوفرة المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط وجعلهم امام مستقبل مجهول وقلق”.
وتابع “لقد أكدنا سابقاً بأن مفهوم التوافقية السلبية يضر بالعملية السياسية ولن ينتج حكومة خدمية مقتدرة في القرار والمتابعة، وإننا نؤكد اليوم ضرورة ان تتحمل جهة بعينها مسؤولية تشكيل الحكومة حتى لا يعمم الفشل على الجميع (لا سامح الله) وان يتمكن الناس من تقييم الاداء السياسي بوضوح ومن دون تضليل أو مدارات”.
وأضاف “لقد كنا ولانزال نقول بالتدرج والتقدم المدروس والانتقال السلس من التوافقية الى الاغلبية الوطنية من دون قفزات سريعة غير مدروسة”.
وشدد السيد الحكيم “على ان الاغلبية المطلوبة هي تلك التي تجتمع على مشروع واضح لبناء الدولة وعبر معادلة مفادها ” اغلبية وطنية واضحة لجميع المكونات وبمعنى (اغلبية شيعية واغلبية سنية واغلبية كردية) تشترك في تحمل المسؤولية التنفيذية الكاملة في إدارة البلاد ، يقابلها اقلية أمنة من كافة المكونات ايضا تمارس دور المعارضة البناءة بكل حرية وقوة وإطمئنان عبر مجلس النواب ولجانه والهيئات الرقابية المستقلة وبذلك نقضي على المحاصصة والطائفية والعنصرية”.
ودعا الى ان “تلاحظ الأغلبية الوطنية الحاكمة التوازن في حضور وشراكة جميع المكونات لتطمين الجميع” مبينا ان “تحقيق ذلك يتطلب بيئة سياسية مستقرة ومطمئنة تساعد على تحقيق هذا المسار السياسي السليم بآليات واضحة وملموسة”.
ونوه السيد الحكيم الى ان “الدستور كان واضحاً جداً حين حصر إنتخاب رئيس الجمهورية بتحقيق الثلثين في تشجيع القوى السياسية على تحقيق تفاهمات واسعة فيما بينها ومن لا يستطيع تحقيق الثلثين انتخابياً عليه ان يكون محاوراً موضوعياً جيداً للتفاهم مع شركائه في الوطن وفي البيت الواحد”.
وأضاف :”نحن مع ضرورة وجود معارضة وطنية قوية ونؤيد عدم اشتراك جميع القوى السياسية في تشكيل الحكومة، ونحن في الحكمة اتخذنا قرار عدم المشاركة في الحكومة منذ اعلان نتائج الانتخابات رغم تحفظنا وتسجيل ملاحظاتنا على الانتخابات ونتائجها”.
واستدرك بالقول :”لكننا نرى ضرورة تشكيل الكتلة الاكبر من ممثلي المكون الاجتماعي الاكبر لتوفير الحماية البرلمانية الكافية للحكومة لكي لا تكون في مهب الريح أمام أول عاصفة سياسية تجتاحها”.
وخاطب السيد الحكيم القوى السياسية كافة، قائلاً :”إنني ومن موقع المسؤولية الآخلاقية والوطنية أدعو القوى المتصدية الممثلة للمكون الاجتماعي الأكبر وجميع شركائنا في الوطن الى الخروج من واقع الانسداد السياسي القائم وإنما يتحقق ذلك من خلال عدة خطوات وبروح وطنية خالصة، وعلى وفق الاتي:
1 – جلوس جميع الاطراف على طاولة الحوار ومناقشة الحلول والمعالجات من دون شروط أو قيود مسبقة.
2- تسمية الكتلة الاكبر عبر القوى الممثلة للمكون إلاجتماعي الأكبر وفق ما نص عليه الدستور.
3- حسم موضوع الرئاسات الثلاث عبر تفاهم أبناء كل مكون فيما بينهم .. والجميع يتعامل مع مرشح الاغلبية السنية والاغلبية الكردية والاغلبية الشيعية لتمرير مفهوم الاغلبية المطمئنة للجميع .. مع الاتفاق على ان رفض مرشح احد من المكونات الاخرى لا يعني تقاطعاً مع المكون بل فسح المجال أمامه لتقديم خيارات أخرى، والرؤساء الثلاث يكونوا ممثلين للجميع ويحضون بدعم وإحترام الجميع.
4- صياغة البرنامج الخدمي والسياسي للحكومة القادمة وتحديد اسقف زمنية واقعية لتنفيذه وتحديد معايير اختيار الفريق الوزاري المأمول.
5- توزيع الادوار، فمن يرغب بالمشاركة في الحكومة ينضم الى فريق الاغلبية ويلتزم بدعم الحكومة بالبرنامج المتفق عليه ويعلن تحمل المسؤولية الكاملة عن مشاركته وقراره، ومن لا يرغب بالمشاركة يتخذ من مجلس النواب منطلقاً لمعارضته البناءة ويعلن ذلك رسمياً ليحظى بالغطاءات المطلوبة.
6- تتعهد الاغلبية بتوفير الغطاء الآمن للمعارضة مع تمكينها في اللجان البرلمانية والهيأت الرقابية المستقلة لأداء مهامها كما تتعهد المعارضة بعدم تعطيل جلسات مجلس النواب والحضور الفاعل فيه وفسح المجال أمام الاغلبية لإكمال الاستحقاقات الدستورية.
7- إتفاق الاغلبية الحاكمة والمعارضة البناءة على التشاور الدائم والتداول الدوري حول القضايا الاساسية في البلاد للخروج بقرارات وطنية وإجماعية في القضايا المصيرية والقوانين المعطلة.
8- نبذ المساجلات الاعلامية السلبية ولغة التسقيط والتخوين والإتهام وأدعو من هذا المقام جميع المؤسسات الإعلامية الحكومية وغيرها إلى تبني ميثاق وطني ملزم للجميع لمواجهة لغة الكراهية والاتهام وتنقية الخطاب الموجه للجمهور بمعلومات دقيقة غير مضللة فلا يمكن بناء الدولة من دون إعلام وطني حريص ومسؤول عن وحدة البلد واحترام القيم الأصيلة.
9- اعتماد الاصلاح الحكومي مادة للتنافس السياسي في الأداء والخطاب، وليطرح كل كيان سياسي وكل تحالف برامجه ورؤيته إلاقتصادية والثقافية والتنموية والأمنية أمام وسائل الاعلام، وليتصدى المتحدثون السياسيون الممثلون لكياناتهم في التعبير عن رؤيتهم في الحلول المطروقة ومواطن القوة أو الضعف فيها وكيفية انتشال البلد من واقعه الصعب والنهوض به مجدداً ولتكن هناك فسحة للرأي العام في أن يطلع على خطط وحلول كافة الكيانات ودعم ما يراه مناسباً للبلاد.
وأعرب عن أمله من “جميع الفعاليات السياسية النظر في هذه الخطوات بجدية عالية عسى ان تكون مخرجاً لاَزمات البلاد وأطاراً نلتقي حوله ونوحد صفوفنا عليه في اجواء الشهر الفضيل”.
وبشأن آخر لفت السيد الحكيم الى انه “لاتزال المظاهر الاجتماعية السلبية ضاغطة على مجتمعنا وفي مقدمتها الانتشار الخطير للمخدرات بين شبابنا وهو الآفة الفتاكة بالمجتمع”.
وبين إن “تركيز انتشار المخدرات في مناطق شعبية لمحافظات معينة دون غيرها تضفي عليها دوافع أمنية وسياسية وتجعلها قضية تمس بالأمن القومي العراقي”.
ودعا “بقوة لمواجهة هذه الظواهر بجدية كاملة بعيداً عن أي تهاون قانوني أو أداري وبوسائل علمية ناجعة، كما ندعو لضرورة تشكيل {مجلس أعلى لمكافحة المخدرات في العراق} يأخذ على عاتقه التعاطي مع هذه الظواهر الخطيرة تشخيصاً ومعالجة وتوعية”.
أقليميا أشار الى “متابعته بأهتمام التطورات في الساحة اليمنية ونجدد دعمنا للمبادرة الأممية في الشأن اليمني وندعو الى حوار جدي بين اليمنيين واطراف النزاع للخروج باتفاقات تنهي معاناة هذا البلد العربي الشقيق”.
كما أعرب “عن دعمنا للحوار الخليجي السوري وتبادل الزيارات وندعو لعودة سوريا لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية في قمة الجزائر القادمة ونتمنى ان تفضي المفاوضات في فيينا الى اتفاق نهائي حول الملف النووي الايراني بما يساهم في تعزيز الاستقرار الاقليمي في منطقتنا”. وجدد السيد الحكيم في ختام كلمته عن “دعمه واسناده للشعب الفلسطيني الشقيق وقضيته العادلة لتبقى القضية الفلسطينية تمثل الهم العربي والاسلامي”.
المصدر: يونيوز