ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة 11-02-2022 في بيروت على اقرار الموازنة في جلسة مجلس الوزراء، وينتظر أن يتم تحويلها إلى مجلس النواب الذي سيناقش الموازنة يومي 21 و22 الحالي..
الأخبار
تضاؤل فرص الاتفاق مع صندوق النقد
عون: لا فوائد من الخزينة لمصرف لبنان أو للمصارف
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “في بداية جلسة مجلس الوزراء التي أقرّت مشروع موازنة 2022 أمس، وأحالته إلى مجلس النواب، رسم رئيس الجمهورية ميشال عون ملامح المعركة المالية التي سيخوضها وفريقه في مجلس النواب. هدف المعركة وقف استمرار الحكومة في تسديد الفوائد للمصارف ولمصرف لبنان، بينما خلفيّتها تأتي في ظلّ فشل الجولة الأولى من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتضاؤل فرص الحكومة في التوصل إلى اتفاق أوّلي معه يسبق الانتخابات النيابية.
من أصل مبلغ 7600 مليار ليرة ملحوظة في مشروع موازنة 2022 لتسديد فوائد الدين العام، فإن 1200 مليار ليرة مخصّصة لتسديد ديون طويلة المدى لمؤسّسات دولية، والباقي البالغ 6400 مليار ليرة مخصّص بنسبة الثلث لتسديد فوائد على سندات خزينة بالليرة تحملها المصارف، وبنسبة الثلثين لتسديد فوائد على سندات خزينة يحملها مصرف لبنان. عملياً، الفوائد المدفوعة لمصرف لبنان وللمصارف تمثّل أكثر من 60% من عجز الموازنة قبل احتساب سلفة الخزينة لمؤسّسة كهرباء لبنان البالغة 5250 مليار ليرة (260 مليون دولار) والتي لا تكفي لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء أكثر من شهرين، رغم الاعتراضات الواسعة غير المبرّرة عليها.
هذا ليس كل ما يرد في مشروع موازنة 2022. فالدولة توقفت عن سداد فوائد وأصل سندات اليوروبوندز، أي الديون بالعملات الأجنبية التي لم يلحظ تسديدها ولم تحتسب في مشروع موازنة 2022، لكن الإيرادات ازدادت بنسبة 274% لتبلغ 39154 مليار ليرة، مقارنة مع 10472 مليار ليرة في مشروع موازنة 2021، أي بزيادة 28682 مليار ليرة. هذه الزيادة متأتية بشكل أساسي من الضرائب على الاستهلاك في إطار جملة أعباء ضريبية إضافية؛ على رأسها فرض رسم على الاستيراد بنسبة 3% وزيادة الدولار الجمركي. لكن هذه الزيادة في الضرائب لم تنعكس زيادات كبيرة على رواتب العاملين في القطاع العام، بل جرى الاكتفاء بمنحهم «مساعدة» تختصر عملية «إذلالهم» لأنها لا تدخل في أصل رواتبهم وتعويضاتهم، بدلاً من تصحيح هذه الرواتب وفق تضخّم الأسعار المتراكم منذ 2012 لغاية اليوم والذي يتجاوز 800% من ضمنه 700% تراكمت بين مطلع 2019 ونهاية 2021. كذلك لم تتوزّع هذه الإيرادات على الإنفاق الاستثماري البالغ بمجمله 2212 مليار ليرة، إذ إن هذا النوع من الإنفاق لطالما كان متدنّياً. فنسبة النفقات الاستثمارية في موازنة 2022 لم تزد على 4.7% وهي نفقات تعدّ ضرورية جداً وليست نفقات تنطوي على وجهة اقتصادية محدّدة.
هذا الواقع قد يكون حفّز الرئيس عون وفريقه من أجل خوض معركة سياسية في مقابل المعركة التي فتحت بوجههم على خلفية سلفة الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان، لكن ما دفعه إلى خوضها تشكّل اقتناع ما بأن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لم يعد في متناول اليد، بل تضاءلت إمكانية تحقيقه إلى الحدود الدنيا. فأقصى طموح الحكومة، بعد الصفعة التي تلقّتها من فريق صندوق النقد الدولي الرافض لما تضمّنته الخطّة من توزيع للخسائر عبر «هيركات» مبطّن بأسعار صرف متعدّدة وتحويل الودائع إلى الليرة على مدى 15 سنة سيتم خلالها ضخّ سيولة نقدية تفوق 700 ألف مليار ليرة (تريليون)، هو أن تتمكّن خلال أسابيع محدودة من إعادة إنتاج خطّة متوافق عليها محلياً، أي مدعومة من كل الأطراف المعنيين، ويوافق على ملامحها العامة صندوق النقد الدولي لتبدأ عملية التفاوض المتصلة بمناقشة التفاصيل والآليات وانعكاساتها. فبحسب مصادر مطلعة، «الفرصة الوحيدة المتبقية للبنان ضئيلة الحظوظ ولا يمكن التعويل عليها».
هكذا يتوقع أن تكون النقاشات في مجلس النواب حول مشروع الموازنة حادّة وقاسية. سيكون عنوان معركة عون وفريقه تضمين الموازنة ما يزيد الأعباء على المكلّفين من أفراد وأسر ومؤسسات مقابل إعفاء للمصارف ومصرف لبنان من أي إجراءات تشملهم. فعموم الناس تحمّلوا في لبنان خسائر قاسية من خلال زيادة الضرائب وتدهور قيمة الليرة وتضخّم الأسعار، إنما المصارف كان لديها حاكم وقوى سياسية تحميها من الإفلاس وترعى استمرارية عملها من خلال تذويب الخسائر. أصلاً الخطّة التي أعلنت المصارف رفضها لها، مصمّمة لخدمة غالبية المصارف اللبنانية لأنها تمنحها وقتاً طويلاً للخروج من حالة «الزومبي» وتفتح لأكبر المفلسين أبواباً للعودة إلى الحياة لم يحلم بها أي مصرف حول العالم، وكل ذلك ما عدا التعاميم التي صدرت في السنتين الماضيتين بهدف تذويب قسم من خسائرها مقابل زيادة خسائر مصرف لبنان.
هذه خلفية ما قاله عون في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء أمس. فهو أشار إلى أهمية أن يترافق مشروع الموازنة مع خطّة التعافي المالي والاقتصادي التي هي قيد المناقشة والتحضير من قبل فريق العمل المكلف برئاسة نائب رئيس الحكومة. ولفت إلى ضرورة تضمين خطّة التعافي المالي والاقتصادي تحديد الخسائر وكيفية توزيعها «الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين مع إصراري على عدم المسّ بصغار المودعين»، وأن تتضمن أيضاً إعادة هيكلة المصارف، وإعادة رسملة وهيكلة مصرف لبنان، والإصلاحات الهيكلية والبنيوية، ومكافحة الفساد بدءاً بالتدقيق الجنائي.
وفي الشقّ المتعلق بالموازنة، تحدّث عون أن مشروع الموازنة «يلحظ مبلغ 7600 مليار ليرة فوائد، منها 1200 مليار ديون طويلة المدى لمؤسسات دولية، ومبلغ 6400 مليار ستعود فوائد بنسبة 1/3 للمصارف و2/3 لمصرف لبنان، مع العلم بأن مشروع الموازنة لم يلحظ فوائد على اليوروبوندز»، لافتاً إلى أنه «يفترض عدم دفع فوائد على الديون الداخلية لمصرف لبنان والمصارف أسوة باليوروبوندز، وتوزيع مبلغ الـ 6400 مليار بمعدل 2/3 للكهرباء بدلاً من السلفة الملحوظة والباقي 1/3 زيادة معاشات للقطاع العام. إن هذا الإجراء يخفّف العجز في الموازنة ويلغي سلفة الخزينة ويخفف الآثار التضخمية».
وتطرّق عون أيضاً إلى «طرح صندوق النقد ضرورة إعادة النظر بالنظام الضرائبي ليطال الصحن الضريبي بشكل تصاعدي، ما يحقق العدالة الضريبية ويحسّن مستوى الإيرادات. أما مشروع الموازنة فلا يطرح أيّ توجهات إصلاحية بما يخص النظام الضرائبي ويكتفي برفع الإيرادات على بعض الأبواب التقليدية في الموازنة».
مندوب أم سكرتير؟
تبيّن أن المندوب الذي أُرسل من وزارة المال الفرنسية إلى لبنان بناءً على طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لمساعدة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي في عملية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لم يكن ذا فائدة، إذ إنه موظّف صغير في وزارة المال ولا يملك خبرة حقيقية واسعة في المجال المالي، وانحصرت «المساعدة» التي قدّمها في أخذ مواعيد لبعض الشخصيات في السفارة الفرنسية.
جلسة ختاميّة لمفاوضات الصندوق
تُعقد اليوم الجلسة الختامية للجولة الأولى من المفاوضات أو المباحثات بين لبنان وفريق صندوق النقد الدولي برئاسة أرنستو راميريز. هذه الجلسة تأتي بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الجولة التي استمع فيها صندوق النقد للعديد من المعنيين بشأن خطّة الحكومة لتحديد وتوزيع الخسائر. أبرز ما قاله صندوق النقد في الجلسات هو أن خطّة حكومة حسان دياب كانت مقبولة من فريق الصندوق تبعاً لما يُسمّى «تراتبية الخسائر» أو «أولويات التسديد».
فبموجب هذا المبدأ يجب أن يتم توزيع الخسائر بشكل يصيب حملة الأسهم أولاً ثم مصرف لبنان ثم الحكومة وأخيراً المودعين، إلا أن الخطّة الحالية رسمت مساراً مختلفاً قائماً على التحويل القسري للودائع من الدولار إلى الليرة بأسعار صرف متعدّدة وغير واقعية وتمتدّ على نحو 15 سنة. كذلك قال الصندوق إنه درس ميزانيات أكبر 14 مصرفاً في لبنان وأشار إلى أنه لا يمكن تطبيق نسب محدّدة لتوزيع الخسائر على كل المصارف، وأن الخطّة الحالية ناقصة لجهة خلق معايير موحّدة تسري على كل المصارف… في المحصّلة تنتهي هذه الاجتماعات بخيبة أمل للصندوق من طريقة التفكير اللبنانية القائمة على تحميل المجتمع والاقتصاد الخسائر، بينما هو المتّهم دائماً بأنه وحش نيوليبرالي كاره للفقراء يبقى أكثر رأفة بالمجتمع اللبناني من واضعي هذه الخطة.
البناء
أزمة رئاسيّة تفجّرها التعيينات… و«الثنائيّ» يعترض… ووزير المال لن يوقّع
هوكشتاين يعرض توزيع الحقول اسمياً بين الخطين وشمال الـ 23 لبنانيّ
ميقاتي يمهّد لدولار جمركيّ وفواتير الكهرباء والهاتف على الـ 20 ألفاً
صحيفة البناء كتبت تقول “فجرت التعيينات التي صدرت مع قرارات مجلس الوزراء لمناصب مفوض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار وأمين عام المجلس الأعلى للدفاع وأحد أعضاء المجلس العسكري، أزمة رئاسية بعدما اعتبرها رئيس مجلس النواب خرقاً للشروط التي تمت وفقها عودة وزراء حركة أمل وحزب الله الى الحكومة، وحصرها بالقضايا المتصلة بالشؤون الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية. وقالت مصادر مقربة من وزراء الثنائي إنها فوجئت بما جرى وإنه جرى استغلال الفوضى التي رافقت انتهاء مجلس الوزراء لتمرير القرارات واعتبارها منتهية. وقالت المصادر إن الامر سيترك انعكاسات سلبيّة على تعامل الثنائي مع جداول أعمال مجلس الوزراء، والقضايا المطروحة من خارج جدول الأعمال، كما أضافت أن وزير المال لن يوقع على مراسيم التعيين، فيبقى كل شيء معلقاً لحين قيام تفاهمات تطال كل القضايا العالقة، ومنها ترقيات خريجي دورة الـ 94 من الضباط.
على ضفة إيجابية معاكسة لمناخ التوتر، تقول مصادر على صلة بملف التفاوض على ترسيم الحدود البحرية إن الموقف اللبناني الواحد برفض عرض الاستثمار المشترك الذي حمله المبعوث الأميركي الخاص بترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، والذي توّجه كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بإعلان الرفض القاطع لكل عرض يتضمن شبهة تطبيع. وتضيف المصادر أن هوكشتاين حمل عرضاً جديداً يستبعد الشراكة الاستثمارية وخط هوف والخط 29 معا. ويقول إن التفاوض سيجري على قاعدة ضمان شمال الخط 23 للبنان، والدخول بمفاوضات تفصيلية خارج الخطوط للحقول الممتدة بين الخطين 23 و29، مع إيحاء غير نهائيّ بفرضية التسليم بملكية حقل قانا للبنان مقابل التسليم بتبعية حقل كاريش لفلسطين المحتلة. وقالت المصادر إن تشاوراً رئاسياً بدأ ويفترض ان يستكمل بين الرؤساء لبلورة جواب موحد، مع مناخات منفتحة على العرض كأساس تفاوضيّ، والتركيز على اعتبار الدعوة لجولة تفاوضية جديدة أساسا لأي موقف عملي.
على الصعيدين المالي والاقتصادي، أقرت الموازنة في جلسة مجلس الوزراء، وينتظر أن يتم تحويلها إلى مجلس النواب الذي سيناقش الموازنة يومي 21 و22 الحالي، وبرز بعد نهاية جلسة مجلس الوزراء كلام لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فهم منه بوضوح أن الحكومة ذاهبة لرفع الأكلاف على اللبنانيين، سواء عبر فرض تسعير الدولار الجمركي على سعر المنصة اي العشرين ألف ليرة حالياً، وجعل التسعير شهرياً على هذا الأساس. وفي احتساب فواتير الكهرباء والاتصالات بشر الرئيس ميقاتي بالكلام عن رفع الفواتير، ولم يتحدث عن أية اشارة الى مراعاة أوضاع الطبقات الفقيرة مكتفيا بالحديث عن ضعف موارد الدولة والعجز عن تأمين الكهرباء والاتصالات مجاناً، وتوقعت مصادر مالية أن تشهد الموازنة نقاشاً تفصيلياً لبند الرسوم والجبايات في مجلس النواب وصعوبة نيل هذه البنود في الموازنة موافقة النواب خصوصاً قبيل الانتخابات النيابية.
وفيما انشغلت الأوساط السياسية والرسمية بزيارة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين ومقترحاته للحل، خطفت جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في بعبدا الأضواء لما خرجت به من مقررات، والطريقة التي هُرّبت فيها من خارج جدول الأعمال والتي أثارت اعتراض وزراء ثنائي أمل وحزب الله وامتعاض رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحسب ما أشارت أوساط نيابيّة في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء».
ولفتت الأوساط نفسها إلى أن ما حصل في مجلس الوزراء كهرب الأجواء الحكومية ووتر المناخ التوافقي الذي ترافق في جلسات مجلس الوزراء التي عقدت في السراي الحكومي، لا سيما أنّ بعض البنود طرحت من خارج جدول الأعمال ومن دون علم الكثير من الوزراء ومن ضمنهم وزراء الثنائي»، مشيرة الى أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون حاول تمرير التعيينات وأصرّ عليها أكثر من مرة وجرى استغلال الجلسة لإقرار الموازنة ومشاركة الثنائي فيها لتهريب التعيينات». ولفتت إلى أنّ «الموازنة لم يتمّ التصويت عليها وبعض الوزراء اعتقدوا أنّ الموازنة لم تُنجز في الجلسة اليوم وتفأجأوا بالإعلان عن إنجازها». وأكدت الأوساط أنّ وزير المال يوسف خليل لن يوقع مرسوم التعيينات التي أقرّت في جلسة الأمس.
وفي هذا السياق، أشارت مصادر “الثنائي الشيعي” لقناة “أن بي أن” أنّه “تمّ تمرير التعيينات والموازنة في حالة من الفوضى، ولم يكن هناك من تفاهم مسبق حول التعيينات التي أقرّت من خارج جدول الأعمال”. ولفتت المصادر إلى أنّ “وزير الدفاع موريس سليم طرح التعيينات العسكرية من خارج الجدول، واتفقنا على تأجيلها وتفاجأنا كيف أدرجت بالمقررات”.
ولاقت أجواء بعبدا ووقائع الجلسة استياءً بالغاً لدى عين التينة، إذ كشف زوار الرئيس بري، بحسب ما أفادت وسائل اعلام أنّ “بري مستاء جداً من جلسة مجلس الوزراء وما صدر عنها”، وأوضحوا أنّ استياء بري يعود الى أن “وزراء أطلعوه على انّ الموازنة تمّ إقرارها من دون التصويت عليها، كما أنّ التعيينات العسكرية التي تم إقرارها لم تكن مدرجة على جدول الأعمال، كما ان رئيس الجمهورية ميشال عون لم يعلن الأسماء خلال الجلسة”.
وأشار الزوار الى أنه عندما “حشر” الوزير محمد المرتضى الرئيس عون بسؤاله عنها، أجاب الأخير بأنه تمّ ادراجها من خارج جدول الأعمال بناء على طلب وزير الدفاع”.
وكشف الزوار أنّ بري “طاير عقله” مما حصل إذ تمّت هذه التعيينات من دون تعيين نائب رئيس أمن الدولة، إذ أنّ جهاز أمن الدولة لا يمكن أن تستمرّ مهامه من دون توقيع رئيس الجهاز ونائبه. ولفتوا الى أنّ “بري سيطلب من وزير المال يوسف خليل عدم توقيع هذه المراسيم لاعتراضه عليها”.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”البناء” أن ّما حصل في جلسة مجلس الوزراء في بعبدا خدعة سياسية ـ وزارية لتمرير بنود يريدها كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، متهمة عون وميقاتي بتدبير هذه التهريبة بالاتفاق بينهما. مرجحة أن تنعكس جلسة الأمس بشكل سلبي على العلاقة بين بعبدا وعين التينة، وبالتالي سيعلق العمل بمرسوم التعيينات ويتحول الى نقطة خلافية إضافية بين عون وبري على غرار مرسوم الضباط عام 94.
وكان مجلس الوزراء عقد جلسة في بعبدا برئاسة عون وحضور ميقاتي وجميع الوزراء، وأقرّ مشروع قانون موازنة عام 2022، وقرر إحالتها على مجلس النواب. وحضر جانباً من الجلسة المدير العام لوزارة المالية بالوكالة جورج معراوي.
واتخذ المجلس سلسلة قرارات أبرزها: استفادة المتعاقدين على مختلف مسمّياتهم في وزارة التربية والتعليم العالي، من بدل نقل يومي عن 3 أيام أسبوعياً كحدّ أقصى على ألا يقلّ عدد حصص التدريس اليومية عن 3 حصص خلال كل أسبوع، وتمديد العمل بقرار إعطاء المساعدة الاجتماعية التي توازي نصف راتب، على أن تعطى للعاملين الذين يلتزمون الحضور في الدوام الرسمي العادي ابتداء من تاريخه”.
وكلف المجلس الأستاذ زياد نصر القيام بمهام مفوض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار بالوكالة، وعيّن العميد محمد المصطفى أميناً عاماً للمجلس الأعلى للدفاع، والعميد بيار صعب عضواً في المجلس العسكري.
وشدّد عون خلال الجلسة على “أنّ من المهمّ أن يترافق مشروع الموازنة مع خطة التعافي المالي والاقتصادي، التي هي قيد المناقشة والتحضير من قبل فريق العمل المكلف برئاسة نائب رئيس الحكومة، على أن تتضمّن: تحديد الخسائر وكيفية توزيعها: الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين مع إصراري على عدم المساس بصغار المودعين الذين يشكلون حوالى 93 في المئة من مجموعهم، وإعادة هيكلة المصارف وإعادة رسملة وهيكلة مصرف لبنان والإصلاحات الهيكلية والبنيوية، ومكافحة الفساد بدءاً بالتدقيق الجنائي وخطة تنفيذية لشبكة الأمان الاجتماعي”. وأشار إلى “ضرورة إنجاز الحسابات المالية التي ما زالت قيد الإنجاز لدى ديوان المحاسبة”، لافتاً إلى أنه “توافق مع الرئيس ميقاتي على تحديد جلسة خاصة للكهرباء يتمّ بموجبها إقرار خطة ووضع مشروع قانون وبرنامجاً لتنفيذها”.
وكذلك، لفت عون الى “أنّ مشروع الموازنة يلحظ مبلغ 7600 مليار ليرة فوائد، منها 1200 مليار ديون طويلة المدى لمؤسسات دولية، ومبلغ 6400 مليار سوف تعود فوائد بنسبة 1/3 للمصارف و2/3 لمصرف لبنان، مع العلم أنّ مشروع الموازنة لم يلحظ فوائد على اليوروبوندز. وبناء عليه، يفترض عدم دفع فوائد على الديون الداخلية لمصرف لبنان والمصارف، أسوة باليوروبوندز، وتوزيع مبلغ الـ 6400 مليار بمعدل 2/3 للكهرباء، بدلاً من السلفة الملحوظة، والباقي 1/3 زيادة معاشات للقطاع العام”.
وقال: “إنّ صندوق النقد طرح ضرورة إعادة النظر في النظام الضرائبي اللبناني ليطال الصحن الضريبي بشكل تصاعدي، مما يحقق العدالة الضريبية ويحسّن مستوى الإيرادات ويحقق الاستقرار الاجتماعي. أما مشروع موازنة 2022 فلا يطرح أية توجهات إصلاحية في ما يخص النظام الضرائبي ويكتفي برفع الإيرادات على بعض الأبواب التقليدية في الموازنة”.
من جهته، أعلن ميقاتي أنّ “التوجه العام هو الاهتمام بالنواحي الاجتماعية والمعيشية وتسهيل أوضاع المواطنين وشؤونهم الصحية والرعائية”، وقال: “بعد إقرار الموازنة في مجلس الوزراء سيصار الى عقد جلسات متخصّصة لدرس قطاعات محددة أهمها الكهرباء والاتصالات والنفايات، على أن تكون خطة التعافي الاقتصادي قد أنجزت لعرضها على مجلس الوزراء، وبعد إقرارها ستعرض لنقاش واسع من مختلف الجهات المعنية”.
وركز على “أهمية تحقيق الاصلاحات المطلوبة سواء من خلال مراسيم تصدر عن مجلس الوزراء أو قوانين يقرها مجلس النواب”، لافتاً إلى “أهمية التضامن للعمل على انقاذ البلاد من الواقع المؤلم الذي تمر به راهناً”، وقال: “إن أهم ما يجب القيام به هو تحقيق التوازن المطلوب بين سعر الصرف الذي ارتفع بشكل مضاعف جداً، وبين المصاريف المطلوبة، وهذا الأمر يستغرق وقتاً في كل مرة، أي ما بين سنتين وثلاث سنوات، وعلينا ان نتحمل هذا الوضع، وهو لن يكون بالسهولة التي نتوقعها”.
وكان لافتاً ما قاله ميقاتي “ما بقى نقدر نعطي كهربا ببلاش واتصالات ببلاش لأن ما بقى في مصاري”. وإذا قال المواطن “أموالي في المصارف” سنقول له “معك حق بس بدنا نتحمّل بعضنا”.
وإذ رأت مصادر نيابية أنّ الموازنة بصيغتها الحالية ظالمة ومجحفة بحق المواطنين والقطاعات الوظيفية، لفتت لـ”البناء” الى أن مشروع قانون الموازنة يحتاج لمناقشة دقيقة في مجلس النواب خاصة أنها ستناقش قبل الانتخابات النيابية، مرجّحة صولات وجولات “حامية” خلال مناقشة الموازنة في المجلس، متوقعة إدخال تعديلات على كثير من البنود لا سيما المتعلقة ببند الدولار الجمركي والضرائب الجديدة.
وأثار تمرير الموازنة حملة اعتراض شعبية واسعة ودعوات للنزول الى الشارع للحؤول دون إقرارها في مجلس النواب، لكونها تمس بالشرائح الشعبية الفقيرة وتحملهم أعباء إضافية.
وشنّ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، هجوماً عنيفا على الحكومة والموازنة، متوجّهًا للحكومة والقوى السياسية بالقول: “البلد منهوب، والكهرباء منهوبة، والاتصالات منهوبة والبلد كله منهوب، والمطلوب استرداد المال العام وليس الحكم على الشعب بالإعدام، وحضرتكم أخذتم من الدولة ولم تعطوها، وكبرتم بالدولة واستثمرتم بالمال العام والتلزيمات حتى النواطير، والخاسر الوحيد هو الشعب”. وأشار في بيان إلى أنّ “تحميل الشعب أهوال الضريبة والدولار الجمركي والفواتير الفلكية للكهرباء والاتصالات بحجّة أنكم لستم قادرين، كلام مرفوض بشدة لأنكم تحمّلون المنهوب مسؤولية من نهب، وتريدون تمرير موازنة إعدام الناس باسم الناس، وبالأمس القريب كنتم قادرين وسط عشرات مليارات الدولارات التي تبخرت بفعل الهدر والصفقات”. وأضاف قبلان أنّ “الموازنة الحالية بمثابة حرب على البلد والناس، ولن نقبل بذبح الناس، واليوم البلد متروك لكارتيلات المازوت والمولدات والطحين والدواء والغذاء ومافيا المصارف وحيتان الوكالات الحصرية وأوكار الدولار تحت عين السلطة التي باعت البلد والناس”.
وكان الوسيط الأميركي لترسيم الحدود آموس هوكشتاين تنقل بين المقار الرئاسية وأجرى محادثات مع المسؤولين حول مقترحاته لحلف النزاع على الحدود البحرية. وأشارت المعلومات الى أن هوكشتاين غادر الى “إسرائيل” لوضع حكومة كيان الاحتلال في حصيلة اجتماعاته في بيروت. ويفترض أن يأتي الجواب اللبناني على مقترحاته بعد أسبوعين. وتتحدّث المعلومات عن ضغط دولي وليس فقط أميركي، لإيجاد حل سريع لمسألة ترسيم الحدود. واستقبل ميقاتي الوزير السابق الياس بو صعب في السراي الحكومي.
وقال بوصعب بعد اللقاء: “ناقشنا نتائج زيارة الوسيط الأميركي للمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية اللبنانية آموس هوكشتاين، وقمنا بتقييم للاجتماعات التي تمّت، وأين هي مصلحة لبنان، وماهية الخطوات المقبلة لهذه الزيارة”. واعتبر “أنّ هناك خطوة للأمام في ما قدّمه الوسيط، ولكن لا شيء نهائياً بعد، وسنرى كيف ستكون نتائجها، هناك أمور يجب أن تستكمل داخلياً، كما أن هناك أموراً سيقدّمها هوكشتاين لاحقاً”.
ولفتت معلومات “البناء” إلى أن زيارة هوكشتاين بمثابة جولة تفاوضية ثانية، واتسمت بالجدية لإيجاد الحلّ أكثر من الزيارات السابقة، كاشفة أنّ هوكشتاين سيعود مرة ثانية الى بيروت لأخذ الإجابات اللبنانية على مقترحاته للبناء على الشيء مقتضاه بما خص استئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة.
وعلمت “البناء” أن هوكشتاين سمع من الرئيس بري إصراره على رفض خط هوف، وإشارته الى أنه في حال كانت جولة الموفد الأميركي لتهيئة الأمور لعقد اجتماع جديد في الناقورة، فلتبدأ المفاوضات ومن ثم يجري البحث بأية مقترحات للحلّ.
وذكّرت المعلومات بأنّ هوكشتاين تمسك باتفاق الإطار في أول زيارة له الى بيروت، كما لفتت الى أنّ الوسيط الاميركي لم يحمل أيّ جديد بل أعاد طرح مقترحاته الماضية لكن بصيغ أخرى.
ونفى مستشار الرئيس بري الدكتور علي حمدان الإشاعات التي تتحدث عن صفقة أو تنازل أو تسوية من قبل لبنان عن حقوقه البحرية أو عن خطوطه السيادية التي رسمها الجيش والدولة اللبنانية، وكشف أنّ “الرئيس بري في كلّ الاجتماعات والمباحثات السابقة مع كلّ الموفدين لم يفرّط بالحقوق بل نريد الحق اللبناني كاملاً”.
ونفى حمدان علم الرئيس بري بالرسالة التي وجّهتها وزارة الخارجية الى الأمم المتحدة حول ملف الترسيم، وتحدّث حمدان عن ثوابت ومبادئ ينطلق منها الرئيس بري بالتفاوض في هذا الملف، جازماً بأن “لا تنازل عن الحقوق اللبنانيّة وإلا لما استمرت المفاوضات عشر سنوات للتوصل الى اتفاق الإطار”.
على صعيد آخر، أفادت مصادر في تيار المستقبل بأن “لا كلمة لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري في ذكرى 14 شباط، بل في المناسبة سيقوم الأخير بسلسلة اجتماعات مع قيادات التيار الأزرق، من المتوقع أن يحصل خلالها النواب المستقبليون الراغبون بالترشح للانتخابات النيابية على أجوبة من الحريري لحسم ترشحهم”. وذكرت المصادر أن “أي نائب في تيار المستقبل يريد الترشح مجدداً للانتخابات لا يكون تحت غطاء المستقبل ويمنع رفع اسم التيار والحريري بالحملة الانتخابية الخاصة به”.
وأكد نائب رئيس تيار “المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش، أنه “حتى الساعة تاريخ عودة الحريري ليس واضحاً”. وأشار علوش، إلى أن مسألة إلقاء الحريري كلمة في الذكرى لا تزال قيد البحث إنما ستكون هناك وقفة رمزيّة، مرجّحاً أنه “إذا تحدّث الحريري فسيكرّر ما قاله سابقاً مع تقديم بعض التوضيحات والتفاصيل المتعلقة بالمرشحين الذين كانوا سابقاً على لوائح تيار المستقبل ويعلنون اليوم ترشحهم”.
ورأى عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن “لبنان بات ساحة مستباحة للتدخلات الخارجية وفي مقدمتها التدخلات الأميركية والسعودية، حيث أن مسؤولين سعوديين وأميركيين يجولون في مختلف المناطق، ويعقدون لقاءات انتخابية لتحديد المرشحين وتركيب اللوائح وإدارة الحملات الانتخابية”. وأشار إلى أن “خلاصة التدخلات الخارجية هي التحريض على حزب الله وبث الأكاذيب للتشكيك بموقفه من الانتخابات النيابية المقبلة”، مؤكداً أن “موقف حزب الله الواضح والحاسم، هو أن لا تأجيل ولا تطيير للانتخابات، وهذا الموقف غير قابل لأي تأويل أو تحريف”. ورأى أن “حملات التحريض على حزب الله هي حملات مدفوعة الثمن، وسيرفع منسوبها مع كل اقتراب من موعد الانتخابات النيابية”، موضحا أن “النظام السعودي في لبنان يؤمن الخائن ويخون الأمين”.
وفي هذا الاطار أعيد استحضار ملف المرفأ الى الواجهة، حيث اعتصم أهالي الشهداء والجرحى والمتضررين من انفجار مرفأ بيروت، أمام قصر العدل في بيروت، ورفعوا لافتات وأعلاماً لبنانيّة وصور الشهداء وأقفلوا مداخل قصر العدل. وبعد تدافع مع عناصر قوى الأمن اقتحم الأهالي قصر العدل فافترشوا ارض الباحة معلنين “اننا باقون هنا الى ان نأخذ الجواب المناسب”.
وعلى الأثر، التقى وفدٌ منهم رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود، الذي طمأنهم عن حسن سير عمل القضاء، ونفى معلومة تقاعد القاضية رولا المصري نهاية الشهر الحالي، طالباً منهم مغادرة القصر.
وكان الاهالي طالبوا بـ”دعم العدالة والإسراع ببت طلبات الرد التي تعرقل مسار التحقيق ومسار العدالة، ودعم القاضي العدلي طارق بيطار لاستئناف عمله وتحقيقاته بعد أن كف يده لمدة شهرين بسبب بت طلبات الرد”. كذلك طالبوا القاضية رولا المصري بـ”عدم تمييع قضيتهم من خلال التأخير في البت بهذا الموضوع”.
المصدر: صحف