هل تواجه صعوبة في تذكّر المواعيد، والتفاصيل، والمهام اليومية خلال السنتين الماضيتين؟ يؤكّد لك الخبراء أنّك لست الوحيد الذي يعاني من هذا الأمر.
قال الدكتور أمير-هومايون جافادي، كبير المحاضرين بعلم النفس المعرفي وعلم الأعصاب الإدراكي في جامعة “كنت” (Kent) في المملكة المتحدة، إنّ السبب ليس ناتجًا عن الكسل أو فقدانك للوضوح، بل اختبارك العيش وسط جائحة عالمية لأكثر من سنتين، يُصعّب الأمر على الدماغ لتخزين واستعادة الذكريات.
وأضاف جافادي، المسؤول التنفيذي أيضًا عن الصفوف التنشيطية في نظام إدارة التعليم “أنّنا نميل إلى التعوّد والتكيّف مع الظروف”، لافتًا إلى أن “الواقع خلال السنتين الماضيتين دفعنا لعدم القيام بالكثير من الأمور، أو التخطيط لم نفعله”.
أن تعتاد على نمط الحياة هذا خلال هذه الفترة، يعني أيضًا أنّ ثمة ضرر معرفي أصابك، وتشويش في الذاكرة، ومشاكل في الحفاظ على التركيز.
وأوضح مايكل ياسا، أستاذ علم الأعصاب لمراسل CNN الطبي الدكتور سانجاي غوبتا، أنّه خلافًا لما يتصوّره البعض، لكن تخزين الذاكرة لا يمكن مقارنته بعملية التقاط صورة بهدف توثيق اللحظة. بل إنّ ذلك يتأثر بسياق الوضع.
وقال ياسا، مدير مركز علم الأعصاب للتعليم والذاكرة في جامعة كاليفورنيا في إيرفين الأمريكية، إنّ أسلوب الحياة مع الجائحة يصعّب تكوين الذاكرة، كي نستعيدها عند الحاجة.
وأشار إلى أنه “إذا كنّا نعاني من قلّة النوم، أو الإجهاد، ولدينا الكثير من الأمور التي تشوّش تفكيرنا، سنفقد القدرة على التركيز على الأرجح جراء ذلك، ثم سنعزو الأمر، في ما بعد، إلى النسيان نوعًا ما”.
وقال رودي تانزي، أستاذ علم الأعصاب بقسم جوزيف ب. وروز ف. كينيدي بكلية الطب في جامعة هارفارد، ومدير وحدة الأبحاث الجينية والشيخوخة في مستشفى ماساتشوستس العام، إنه بالنسبة لمن أصيبوا بـ”كوفيد-19″، وحتى لمن لم يصابوا به، العديد من جوانب المعاش اليومي خلال الجائحة تثبط الذاكرة، لكن في إمكانك حل هذه المعضلة عند إجراء تغييرات في المنزل.
الفيروس قد يبطئ من ذاكرتكم
وقال جافادي إنّه حتى من دون تشويش الدماغ الذي تتسبّب به الإصابة بالفيروس، فإن تشابه الأيام، والنقص في التفاعل الاجتماعي، والتراجع في ممارسة التمارين الرياضية، قد يصعّب الأمر على الذكريات.
خلال الإغلاق التام، أو عدم المشاركة في الأنشطة ما قبل الجائحة، ستبدو الأيام متشابهة. وهذا الأمر لا يخدم الركائز التي تنظّم ذكرياتنا.
وأوضح جافادي، لكن عند البقاء في المنزل، لا سيّما أن العديد من الأشخاص لا يتوجهون إلى المكتب يصعب التمييز بين أيام الأسبوع وعطلة نهاية الأسبوع، لأنّ الدماع سجّل أحداثًا قليلة يرتكز إليها لتوجيه الذكريات.
وأشار جافادي إلى أن الجائحة حدّت للأسف من قدرتنا على الالتقاء بأمان مع من نحبهم مرات عدة في السنتين الأخيرتين، جاعلة من وتيرة ممارسة المشاركة والتكرار أقل.
كيف تعالج ذاكرتك؟
قال تانزي، إذا كان سبب الخلل في الذاكرة الفيروس، أو رتابة الإجهاد، فيمكن معالجته من خلال إجراء تعديلات بسيطة على نمط الحياة.
ويعتمد اختصار SHIELD (الحماية) لشرح كيفية المحافظة على صحة الدماغ، ويُقصد بها: النوم، والتعامل مع الضغوطات، والتفاعل الاجتماعي، والتمارين الرياضية، وتعلّم أمور جديدة، ونظام غذائي.
وأشار تانزي إلى أنّ النوم بشكل كاف، وممارسة الرياضة لنحو 20 دقيقة في الحد الأدنى يوميًا، والحفاظ على نظام صحي، وإدارة الإجهاد من خلال اعتماد تقنيات الاسترخاء والتأمل، مهمة جدًا لأنها تسمح للدم بالتدفق، وإبقاء الالتهاب في الدماغ في حده الأدنى.
وقال جافادي، فيما هذه التقنية تخدم الوظيفة الدقيقة بجعل الدماغ يعمل، في وسعها استحداث الركائز التي يحتاج تخزين ذكرياتك إليها.
كما نصح بوضع برنامج أسبوعي والالتزام به، فضلًا عن وضع حدود بين وقت العمل والترفيه بالنسبة لمن يعملون من المنزل.
وبالنسبة لمن يعانون من تشويش دماغي جراء الإصابة بكوفيد-19، من الطبيعي أن تستمر هذه الأعراض لديهم لأشهر عدة بعد الإصابة، وفق تانزي. وأضاف إذا استمر هذا الواقع لأكثر من سنة، ربما على من يعاني من هذه الحالة التحدث مع اختصاصي في علم الأعصاب للتأكد من أنّ ليس هناك مضاعفات أخرى.
أما عن أثر الفيروس على الدماغ فهي أسئلة ستجرى عليها الكثير من الأبحاث في العقود المقبلة، للإجابة عنها.
المصدر: سي ان ان