ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 24-01-2022 في بيروت على اعلان سعد الحريري المفترض اليوم عزوفه عن انتخابات 2022، هو وتياره معه..
الأخبار
بري مستاء وجنبلاط «منهار» وإرباك في «المستقبل»: هل يتدخل السعوديون والأميركيون لتجميد قرار الحريري؟
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “الرابعة عصر اليوم، هو الموعد المفترض لإعلان سعد الحريري رسمياً عزوفه عن انتخابات 2022، هو وكل تياره معه، فاتحاً الباب أمام مرحلة انتقالية عند الطائفة السنية على وجه التحديد، ونقلها من أحادية الزعامة التي صنعها الرئيس رفيق الحريري وورثها نجله، إلى تعدّدية لا شعار أو تمثيل واضحيْن لها. الأكيد أن استيعاب هذا الخروج، لن يكون سهلاً، ليسَ بالنسبة إلى تيار «المستقبل» وجمهوره وبيئته فحسب، بل أيضاً لخصوم الحريري وحلفائه، وكل القوى السياسية التي تتهيّب الموقف.
في اليومين الماضيين استكمل الحريري لقاءاته مع فريقه السياسي والنيابي ومسؤولين، ومن المُفترض أن يستكمِل لقاءاته باجتماع تنظيمي صباح اليوم مع كوادر مستقبلية، على أن يختمه بكلمة مباشرة على الهواء عصراً لإعلان الموقف النهائي.
مفاجأة سعودية؟
ووسط الأجواء التي تؤكد إصرار الحريري على موقفه، وردت معلومات عن تطوّر لافت في الموقف السعودي من قرار زعيم «المستقبل». ونقلت أوساط على صلة بالرياض معلومات عن رسالة بعثت بها قيادة المملكة إلى رئيس الحكومة السابق تدعوه إلى «التروّي» في إعلان قراره، مشيرة إلى أن السعودية ترغب في تأجيل القرار وليس بالضرورة التراجع عنه، وأن هذا الموقف يأتي في سياق محاولة لتعديل الوقائع السياسية الداخلية ربطاً بالانتخابات، وسط مخاوف من أن يؤدي قرار الحريري إلى عزوف قيادات سنّية أخرى عن المشاركة، بالتالي تهديد استحقاق الانتخابات برمته.
وفيما لفتت المصادر إلى أن الحريري لم يغيّر موقفه، أشارت إلى أن السعودية فتحت الباب أمام حوار مفقود منذ وقت طويل مع زعيم «المستقبل». وأوضحت أن موقف الرياض، كما مواقف عواصم أخرى، جاء بعدما فوجئت بالأجواء اللبنانية القلقة من قرار الحريري، وبعد تلقّي هذه العواصم في الأيام الماضية سيلاً من الاتصالات من قبل قوى وشخصيات لبنانية حليفة لها تدعوها إلى التدخل لدى الحريري لتأجيل قراره ولو لأسابيع، إفساحاً في المجال أمام جولة من الاتصالات لوضع تصور جديد. وتجدر الإشارة إلى أن موقف مصر من قرار الحريري كان حذراً للغاية، وبلغ حد عدم استقباله في القاهرة قبل إعلان موقفه النهائي، خشية تحميلها مسؤولية القرار، في وقت ترغب ببقائه في قلب المشهد السياسي اللبناني، وتبدي قلقاً من تداعيات القرار على الطائفة السنية في لبنان.
المصادر، صاحبة الرواية، برّرت التدخل السعودي المفاجئ بأن «الجميع كان يفترض بأن الحريري إنما يقوم بمناورة كبيرة وأنه ليس بصدد الخروج من الانتخابات. ولكن إبلاغه قيادة دولة الإمارات بقراره، وإيصاله الرسالة نفسها إلى عواصم أخرى، ثم مبادرته إلى تحديد موعد عودته إلى بيروت، دفع بكل هؤلاء إلى محاولة احتواء الموقف». وأشارت المصادر إلى أن القلق «انسحب على الأميركيين الذين تلقوا أيضاً عدداً كبيراً من الاتصالات اللبنانية وغير اللبنانية، وتقرر بناء عليه أن تعود السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا إلى لبنان للاجتماع بالحريري ومحاولة ثنيه عن قراره».
في مقابل هذه الرواية، فإن كل من التقى الحريري في اليومين الماضيين، خرج بكلام واضح عن إصراره على العزوف، وأنه اعتذر من كل من تواصلوا معه من الخارج، وأكد قراره الخروج من السباق الانتخابي، مشدداً على أن قراره يشمل كل تيار «المستقبل»، وأنه سيكون ممنوعاً على أي شخصية قيادية من التيار الترشح إلى الانتخابات باسم «المستقبل»، وسط أجواء تشير إلى أن أول من سيلتزم القرار سيكون عمته النائبة بهية الحريري التي لن تخوض هي أو أي من أفراد عائلتها السباق الانتخابي، كما ينسحب القرار على شخصيات بارزة يتقدمها الرئيس فؤاد السنيورة.
وكان الحريري واصل لقاءاته في اليومين الماضيين، وقد كان صريحاً، بل صادماً، مع بعض زواره، لا سيما قيادات من التيار دعته إلى اقتراح بديل لا يقود إلى الغياب الكامل عن الانتخابات. لكن النقاش المباشر كان أكثر صراحة مع شخصيات مثل الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. الأول نبه الحريري إلى مخاطر قراره والانعكاسات السلبية على الواقع العام في البلاد. وقالت مصادر عين التينة إن «برّي كانَ مستاء، وحاول إقناع الحريري الذي اجتمع به نحو ساعة ونصف ساعة، العودة عن قرار العزوف عن الترشح، أو أقله عدم سحب تيار المستقبل من كامل العملية الانتخابية»، لكن الحريري كانَ حاسماً بأن «لا مجال للعودة حالياً لظروف مختلفة».
وكان جنبلاط أكثر صراحة بالتعبير عن مخاوفه من ترك قوى كثيرة في لبنان ضحية الحصار في حال قرر الحريري عدم خوض الانتخابات. وقالت مصادر مطلعة إن جنبلاط الذي صدم بإصرار الحريري وما وصله سابقاً من كلام عن لسانه، تحدث صراحة عن مخاوفه الشخصية من القرار، طارحاً مسألة الخطر على الكتلة النيابية التي يمثلها والتي ستكون مهددة في مقاعد درزية في بيروت والشوف وبعبدا والبقاع الغربي، كما لفت إلى أن قرار الحريري سيجعل جنبلاط يرضخ لشروط قائد القوات اللبنانية سمير جعجع بالنسبة لخريطة الترشيحات في الشوف وعالية والمتن الجنوبي أيضاً.
وعلى هذا المنوال، سمع الحريري الكلام نفسه من الرؤساء السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي خلال العشاء الذي جمعهم ليل أول من أمس في دارة ميقاتي، إذ كرر هؤلاء على مسامعه مخاوفهم من الانعكاسات السلبية لهذا القرار على الوضع العام في لبنان، وعلى موقع ونفوذ الطائفة السنية على وجه الخصوص. لكن الحريري كان في كل اللقاءات صريحاً في شرح الأسباب التي قادته إلى قراره، كما كانت أجوبته صادمة لكثيرين عندما كان يقول لهم: دبروا أموركم، وجدوا الحلول التي تناسبكم، لكنني لن أغير قراري!
إرباك في «المستقبل»
على المستوى الشعبي، شهد «بيت الوسط» تجمعات لمناصرين مستقبليين أكدوا تأييدهم للحريري، مطالبين إياه «العودة عن قراره، لكي يكون صوتهم في مجلس النواب»، وهو خاطب هؤلاء بالقول: «أنا أعلم أن هذه الأيام صعبة، ولكن هذا البيت سيكون مفتوحاً لكم ولكل اللبنانيين، رفيق الحريري لم يستشهد لكي نغلق بيتنا، وأنا أفديكم بالروح والدم. أشكركم على مشاعركم وعلى مجيئكم ووجودكم هنا، وأنا اليوم سمعتكم وأريد منكم أن تستمعوا إلي غداً (اليوم)، لأني سأعود وأؤكّد لكم أن هذا البيت لن يُقفل».
وفيما بدا واضحاً أن المشاركة البيروتية عفوية بالإجمال، لفتت مصادر مواكبة إلى أن الحضور الأكبر كان من وادي خالد وبلدات عكارية، في مقابل مشاركة ضعيفة من مدينة طرابلس. وتردد أن قيادات شمالية أنفقت أموالاً لتأمين حشد من عاصمة الشمال، وأن بعض من قبض من المشاركين «ليسوا مناصرين لتيار المستقبل».
مصادر في التيار أكدت أن «الجميع ينتظر ما سيقوله الحريري اليوم»، وأشارت إلى حالة «إرباك واضحة نتيجة الواقع الإشكالي الذي سيخلقه هذا الانسحاب». وأوضحت أن «الحريري لن يعلِن الانسحاب وحده، فهو خلال الاجتماعات رفض أن يترشّح أحد باسم المستقبل أو أن يعمد أحد إلى تركيب لوائح باسمه». كما كشفت المصادر عن وجود «اعتراض كبير على هذا القرار من النائبة بهية الحريري ونجلها أحمد الذي غاب عن هذه الاجتماعات واستكمل زيارته إلى الولايات المتحدة، وهو سلوك يعبّر عن رفض ما يقوم به سعد الحريري». ولفتت المصادر إلى أن «النقاش الدائر الآن هو حول ما إذا كانت الحريري ونجلها سيلتزمان بهذا القرار أم إنهما سيغردان خارج السرب، بالاتفاق مع مستقبليين آخرين، تحديداً من الكوادر الشابة التي كانت من أكثر المشاكسين لهذا القرار، كالنائب سامي فتفت». وبينما سُرّبت معلومات عن أن الرئيس فؤاد السنيورة سيُقدّم للحريري مقترحاً أخيراً بمثابة حل وسط، أكدت مصادر في «المستقبل» أن «ما يحكى غير جدي، فالسنيورة أيضاً مرتبك، ويعلم بأن استبعاد الحريري هو قرار دولي وليس في يده وحده».
البناء
الموازنة للإنجاز حكوميّاً على طريق الماراتون النيابيّ… ورعد: لا تبشّر بالخير
مبادرة كويتيّة تكسر الجليد… وترفع السقوف لحدّ المستحيل
الحريريّ أتمّ جولته ويعلن اليوم انسحابه وتياره من الانتخابات
صحيفة البناء كتبت تقول “يستعجل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن تنجز الحكومة مشروع الموازنة وتقرّه بأسرع وقت وأقل نقاش ممكنين، ساعياً لإنجاز توافق مع الكتل النيابية المشاركة في الحكومة على نقل ملاحظاتها الى ممثليها في مجلس النواب داخل اللجان النيابية والهيئة العامة، لإدخال التعديلات وإبداء الملاحظات. وحجّة الرئيس ميقاتي في طلبه أن إقرار مشروع الموازنة في الحكومة يتيح انطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، على أن يتم الأخذ لاحقاً بالتعديلات التي يدخلها عليها مجلس النواب، حيث يتوقع أن يكون المسار النيابيّ للموازنة ماراتوناً متعرجاً طويلاً، في ظل شبه إجماع تعكسه تصريحات ومواقف لرموز الكتل النيابية، على رفض الموازنة، التي وصفها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بأنها وفقاً للقراءة الأولى لبعض أرقامها لا تبشر بالخير. كما سجل نواب من كتل عديدة ملاحظات مختلفة، تركزت في أغلبها على غياب ملامح أية خطة نهوض اقتصادي وتطوير مالي عن الموازنة، وغياب أجوبة على الأسئلة المالية الكبرى، كمصير الدين العام، والودائع، وسعر الصرف، واقتصارها على زيادات ضريبية تعادل عشر مرات، من خلال إسقاطها على اقتصاد منكمش مرتين ونصف ناقص، وزيادتها أربع مرات، بالتوازي مع منح الموظفين راتباً إضافياً واحداً، بحيث يكون الحاصل هو نسبة واحد لخمسة في مستوى المعيشة، بين زيادات الضرائب وزيادات الدخل، فيما الدخل نفسه لم يعد يوازي أكثر من نسبة 10% مما كان عليه قبل الانهيار المالي.
سياسياً، جاءت زيارة وزير الخارجية الكويتي وما حمله مما وصفه بالأفكار الكويتية والخليجية والعربية والدولية، لترتيب العلاقات اللبنانية الخليجية، لتكسر الجليد على هذا الصعيد بعد جمود أعقب الاتصال الثلاثي الذي جمع الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي ورئيس الحكومة على إعلان نيات تأتي الورقة كمحاولة أولى لترجمته بمسودة حوار. والترحيب الذي لقيته الحركة الكويتية لم ينسحب على ما تضمّنته الأفكار المرفقة، والتي فيها ما لا جدال حوله واستعداد لبرمجة تنفيذه كملف التهريب وملف الإصلاحات المالية، واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، وسواها من البنود المبدئيّة، بينما هناك شبه إجماع رئاسي على أن سقف بعض البنود مرتفع لحد الاستحالة، خصوصاً الحديث عن القرار 1559 وما يقصد بالدعوة لتطبيقه وبالدعوة الموازية لحصر السلاح بيد الدولة، من إشارات لسلاح المقاومة. تعرف الكويت ودول الخليج والعرب والعالم أنها دعوات تصلح كسقف مستقبليّ بعيد المدى يرتبط بدور السلاح سواء في تحرير مزارع شبعا او ردع العدوان الإسرائيلي على لبنان، وصولاً لحل قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين ومنع التوطين. وهي أهداف لا يملك الخليج والعرب والعالم قدرة تقديم ضمانات للبنان لتحقيقها من دون سلاح المقاومة، ومثل قضية السلاح قضية التعدد السياسي وحرية التعبير، حيث تتجاوز الأفكار المطروحة التعامل مع مواقف الحكومة اللبنانيّة، الى الدعوة لتعقيم المجتمع اللبناني والإعلام اللبناني من أية مساحة للحرية والتعدد، فيما الحكومة اللبنانيّة مستعدة للالتزام بضبط مفهوم الحرية والتعدد تحت سقف القانون، لجهة عدم التعرّض لرموز الدول الشقيقة والصديقة، وملاحقة القضاء لكل ما يطاله القانون تحت عنوان الإساءة لعلاقات لبنان الخارجية أو القدح والذم والتحريض على الفتن. وقالت مصادر حكومية إن لبنان سيحمل للكويت حاصل المشاورات التي سيُجريها الرؤساء وما يتبلور من خلاصات، عبر وزير خارجيته عبد الله بو حبيب، الذي سيزور الكويت نهاية هذا الأسبوع.
في الشأن الداخلي والانتخابي تنتهي اليوم المهمة التي جاء الرئيس سعد الحريري لإنجازها، بعدما أكمل مشاوراته مع قيادات ونواب تيار المستقبل والتقى رؤساء الحكومة السابقين ودار الفتوى ونسق معهم المواقف، وتوج لقاءاته بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، ولم يعد خافياً أن الحريري لم يتأثر بكل ما سمعه متمسكاً بالهدف الذي جاء من أجله وهو إعلان انسحابه وانسحاب تيار المستقبل من المشهد الانتخابي، ما يؤكد أن القرار متخذ وأن المشاورات كانت من قبيل لزوم ما لا يلزم، وأن زيارة بيروت كانت للتمهيد لإعلان القرار بالانسحاب، الذي ترى الكثير من المصادر السياسية المعنية أنه انسحب من السياسة وليس من الانتخابات فقط. فيما رجحت هذه المصادر أن يتم ربطه بتحميل عهد الرئيس ميشال عون وحزب الله مسؤولية إفشال مساعيه للتسويات، وعدم التطرّق للضغوط السعودية التي يريد الحريري تفاديها ومراضاتها بالانسحاب وتبريراته السياسية.
يتصدّر عنوانان بارزان النشاط السياسي والحكومي، اليوم الاثنين، الأول يتصل بجلسة مجلس الوزراء التي ستعقد في قصر بعبدا والتي ستبدأ دراسة مشروع الموازنة الذي أعدته وزارة المال والذي أثار بلبلة عند بعض القوى السياسية والاقتصادية ولدى الرأي العام ومجموعات من الحراك. أما العنوان الثاني فيتعلق بالموقف الذي سيعلنه رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري الرابعة بعد الظهر من الانتخابات النيابية ومشاركة تياره في هذا الاستحقاق من عدمها بعدما بات معلوماً أنه قرر العزوف شخصياً عن المشاركة في هذا الاستحقاق والابتعاد لفترة.
ويبدأ مجلس الوزراء اليوم مناقشة مشروع موازنة العام 2022 ويأتي ذلك بالتزامن مع انطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تمهيداً للتوصل إلى الاتفاق حول البرنامج الذي من شأنه أن يساهم في إعادة إنعاش الاقتصاد.
ورأت مصادر نيابية لـ «البناء» ان المشروع يعاني من ثغرات تتصل بغياب أية رؤى اقتصادية لخفض الدين العام الى الناتج المحلي. وتقول المصادر إن مشروع الموازنة الذي يلقي الضوء على فرض الرسوم الجمركية والضرائب التي ستطال المواطن الفقير يغيب عنه تصحيح الاجور والرواتب بالكامل. وهذا يعني أن وزارة المال اعدت موازنة تهدف بالدرجة الأولى إلى زيادة الإيرادات عبر سلسلة ضرائب ستؤدي إلى التضخم. وتستغرب المصادر غياب أية بنود تتّصل بإصلاح قطاع الكهرباء في حين تشير بنود الموازنة الى سلفة للكهرباء بقيمة 5250 مليار ليرة لسداد عجز شراء المحروقات وسداد أقساط القروض والفوائد لصالحها.
وفي سياق متصل، تقول مصادر نيابية لـ «البناء» إن الموقف النهائي للكتل النيابية من مشروع الموازنة سوف يتحدد في البرلمان، مرجحة أن تلجأ لجنة المال الى اضفاء بعض التعديلات على بنود الموازنة تفضي إلى تحسين أوضاع القطاع العام، مشدّدة على أن الأهمية تكمن في إقرار موازنة تحاكي الواقع الراهن على الصعد المالية والاجتماعية والمعيشية والذي يتطلب دعم القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة، بعيداً عن فرض ضرائب تفاقم أزمات الفقراء والموظفين الذين باتت رواتبهم بلا قيمة.
وليس بعيداً ترجّح بعض المعلومات، ان لا يمر البند 17 المعني بتعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وذلك لأن حزب الله وحركة امل لن يناقشا اي بند خارج العناوين التي أعلناها، وبالتالي فإن ملف التعيينات خارج أولويات الثنائي في الوقت الراهن.
وقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إن مشروع الموازنة لا يبشّر بخير ولا يجعلنا نتجه لتنال الموازنة شرف موافقتنا عليها، فهي لا تنطوي على أي توازن ولا تعطي الناس حقوقهم وتحملهم الأعباء بعد أن حملتهم الأزمة الكثير الكثير مما نهب من أموالهم وصودر من ودائعهم وأهمله وأساء التصرّف به المسؤولون في بلادنا، والسماسرة في المصارف وغير المصارف».
وأضاف: «لا يجوز أن يتحمّل الفقراء والمساكين تبعات هذه الأزمة ونفرض عليهم الجبايات والضرائب والرسوم المرتفعة، بحجة أننا نريد توازناً في الموازنة. فكروا في تحقيق التوازن. نحن نريد أن تتوزع الأعباء بحسب قدرات الناس، فلا نحمل الفقراء كما الأغنياء».
وحذّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من تمرير قرارات ماليّة في الموازنة أشبه بسلسلة رتب ورواتب جديدة مقنّعة. وقال إنَّ فرضَ الضرائب والرسوم يَتمُّ في مرحلةِ التعافي لا في مرحلةِ الانهيار، وفي طورِ النموِّ لا في طورِ الانكماش، ويَتمُّ في إطارِ خُطّةِ إصلاحٍ شاملٍ، في ظلِّ سلطةٍ حرّةٍ تَحوز على ثقةِ شعبِها وثقةِ المجتمعَين العربيِّ والدُولي. فالإصلاحُ الاقتصاديُّ يبدأ بإصلاحِ النهجِ السياسيِّ والوطنيِّ لا بتكبيدِ الشعبِ ضرائبَ غُبّ الطَلب.
وفيما تتجه الانظار الى اطلالة الرئيس سعد الحريري اليوم عصراً، لإعلان سلسلة مواقف تصب في إطار قرار ابتعاده عن الساحة السياسية موقتاً، ومن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، جرت في الساعات الماضية سلسلة لقاءات معه لم تنجح في ثنيه عن قراره. وكان الحريري زار رئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل ومستشار الرئيس الحريري هاني حمود. وجرى خلال اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعة ونصف الساعة البحث في الأوضاع العامة وآخر المستجدات، ليعود بري ويستقبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في لقاء لم يتجاوز النصف ساعة، ناقشا خلاله الأوضاع المتصلة بالاستحقاق الانتخابي وموقف الرئيس الحريري وانعكاسه على الساحة السنيّة خصوصاً، واللبنانية عموماً، مع إشارة مصادر المجتمعين لـ «البناء» الى أن كلاً من بري وجنبلاط حريصان على المحافظة على التوازنات السياسية واتفاق الطائف، ومن هذا المنطلق يتمسكان بالحريري ويحاولان ثنيه عن قراره الا أنهما لم يستطيعا ذلك. وكان الحريري التقى مساء السبت جنبلاط في لقاء وصف بالودّي، اكتفى بعده الحريري بالقول للصحافيين «بعض المرات لازم الواحد يخطي خطوة لورا ليرجع يتقدم إلى الأمام».
إلى ذلك، برز في اليومين الماضيين تحرّك خليجي تجاه لبنان تمثل بزيارة وزير الخارجية الكويتي احمد ناصر الصباح ولقائه المسؤولين الرسميين وتسليمهم ورقة مؤلفة من عشرة بنود عبارة عن مقترحات من شأنها أن تعيد مسار العلاقات اللبنانية الخليجية إلى ما كانت عليه. وهي:
التزام لبنان مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي.
إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة اللبنانية وإجراء الاستحقاقات في مواعيدها.
إعادة إحياء سياسة النأي بالنفس.
احترام سيادة الدول العربية والخليجية ووقف التدخل في أي منها.
احترام قرارات الجامعة العربية والالتزام بالشرعيّة العربيّة.
الالتزام بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي.
اتخاذ إجراءات جدّية وموثوقة لضبط المعابر الحدودية اللبنانية.
منع تهريب الكبتاغون واعتماد سياسة أمنية حاسمة تضع حداً لعمليات التهريب إلى الخليج.
الطلب من الحكومة اللبنانية أن تتخذ إجراءات لمنع حزب الله من الاستمرار بالتدخل في حرب اليمن.
واعتبرت مصادر مطلعة على الموقف الخليجي لـ «البناء» أن هذه المقترحات مهمّة ولا تخرج عن إطار سيادة لبنان، فهي تصبّ في خانة دفع اللبنانيين إلى الالتزام باتفاق الطائف وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة منه وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها وعدم التدخل في شؤون الدول العربية والخليجية. وفيما رجحت المصادر وجود تنسيق بين السعودية والكويت حبال هذه الورقة، أشارت مصادر بعبدا لـ «البناء» إلى أن المقترحات سوف يجري درسها مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب من أجل اتخاذ موقف رسمي موحّد منها، خاصة أن رئيس الجمهورية أسوة برئيس الحكومة يريدان افضل العلاقات مع الدول الخليجية، وهذا الأمر عبر عنه في الأيام الماضية الرئيس عون في أكثر من إطلالة أو تصريح.
في هذا السياق، تقول المصادر إن وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب الذي سوف يزور الكويت في نهاية هذا الشهر للمشاركة في اجتماع تشاوري عربي، سوف يحمل معه موقف لبنان من المقترحات الكويتية ليعرضه أمام جلسة مجلس وزراء الخارجية العرب الذي يُعقد في الكويت.
وكان الصباح قال إن الهدف من زيارته المقبلة إلى بيروت «هو وضع إجراءات لبناء الثقة مجدداً بين لبنان ومحيطه الإقليمي والدولي». وأوضح الوزير أن «ثمة رغبة لدى الجميع ليكون لبنان مستقراً وآمناً»، مؤكداً أن «تحقيق ذلك سيتم من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية والعربية».
وحول تسمية سفير جديد للكويت، قال الصباح: «لم نرشح أحداً لمنصب السفير في لبنان، وهذا الأمر يخضع لقوانين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وفقا اتفاقية فيينا، ويجري بشكل طبيعي».
المصدر: صحف