تناولت الصحف الصادرة في بيروت يوم السبت في 22-1-2022، العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وركزت على مجازر العدوان على اليمن، وعلى مسألة الموازنة العامة في لبنان، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
الأخبار
مجازر اليمن: أنصار الله يتوعّدون وأبوظبي تتنصّل
مذابح متنقّلة انتقاماً لأبو ظبي: «فترة سماح» دموية… في انتظار إشارة واشنطن
يعود تحالف العدوان على اليمن إلى سيرته الأولى. مجازر متنقّلة تحصد أرواح عشرات الأبرياء بدعوى استهداف مواقع «الميليشيات الحوثية». هي «فترة سماح» يُتاح فيها لـ»التحالف» التنفيسُ عن غضبه الكبير جرّاء ضربة «إعصار اليمن»، ريثما يتبيّن للأميركيين، الذين يجول مبعوثهم اليوم على المنطقة، ما يمكن فعْله.
على أن هذه الفترة، وإن كانت «في العمق غير مرتبطة بمساعٍ لتغيير الوضع الحالي في الجبهات»، بحسب ما تقرأها «أنصار الله»، الأمر الذي يعني أنها ليست المُحدِّد الفيصل بخصوص المرحلة المقبلة، إلّا أنها ستكون لها تداعياتها على مستويَين: الأوّل، استتباع فعْل من قيادة صنعاء التي أكدت أن الفصْل الأخير من المجازر السعودية – الإماراتية لن يمرّ من دون ردّ؛ والثاني تعقيد الجهود الأميركية لاستنقاذ الحلفاء، بعدما تكاثفت التحذيرات من أن «الحوادث ذات الأضرار الجانبية الكبيرة» (إقرأ: المذابح)، ستُبخّر ما تبقّى من تعاطف دولي مع «التحالف»، مع نصائح لواشنطن بالمساعدة في التخفيف من تلك «الأضرار»
واصل التحالف السعودي – الإماراتي ارتكاب المجازر بحقّ المدنيين العزّل في اليمن، انتقاماً للضربة التي تلقّتها الإمارات في مطارَي دبي وأبو ظبي وفي منطقة المصفح الصناعية في العاصمة الإماراتية، والتي أتت في سياق معادلات ردع تعمل صنعاء على إرسائها في مواجهة العدوان المتواصل منذ أكثر من سبع سنوات. وفيما كان لافتاً تعمُّد استهداف أبراج الاتصالات والإنترنت، اعتبرت صنعاء أن عزلها عن العالم الخارجي تمهيدٌ لـ«ارتكاب المزيد من الجرائم» في الأيام المقبلة. مئات الشهداء والجرحى، ودمار كبير في الممتلكات والبنى التحتية المدنية، خلّفته طائرات «التحالف» في صنعاء (الحي الليبي) وصعدة (السجن المركزي) والحديدة (مبنى الاتصالات) وغيرها، منذ ما بعد «إعصار اليمن» يوم الإثنين الماضي، في ما يبدو أنه «فترة سماح» ممنوحة للإمارات لـ«تُنفّس غضبها»، قبل الإفساح بالمجال أمام الاتّصالات التي شرعت مسقط في إجرائها، في الساعات الأولى ما بعد الضربة اليمنية، من جهة، ولتكبير «فاتورة الدم» التي ستدفعها «أنصار الله» من حساب المدنيين والأبرياء، لتكون حاجزاً أمامها قبل أن تفكّر في إعادة الكرّة مرّة أخرى.
وفيما تحاول أبوظبي لعب دور الضحية، عبر سعْيها الدؤوب لحشد أكبر قدْر ممكن من التعاطف العربي والدولي معها، أبلغ المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الخميس، أن بلاده «تمتلك الحق القانوني والأخلاقي للدفاع عن أراضيها وسكّانها وسيادتها، وستمارس هذا الحق للدفاع عن نفسها، ومنْع الأعمال الإرهابية التي تنتهجها جماعة الحوثي»، داعياً إلى «ضرورة وجود موقف حازم من المجتمع الدولي» تجاه ما سمّاه «توسّع الأعمال الإرهابية للميليشيات الحوثية». غروندبرغ الموجود في الرياض، لـ«بحث سبل حلّ أزمة اليمن»، التقى نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، واتّفقا على «العمل سويّاً بشكل وثيق»، بعدما ناقشا «إنهاء الحرب في اليمن وضمان الاستقرار في شبه الجزيرة العربية». إلّا أن العمل الأميركي – السعودي – الإماراتي المشترك في اليمن، منذ الـ17 من الجاري، لا يعدو كونه مجازر متنقّلة، في ما يبدو أنه يستهدف البعث برسالة بـ«النار والدم»، مفادها بأن «التحالف»، ومِن خَلفه أميركا وإسرائيل، لا يمكن أن يسمحوا بتكرار «إعصار اليمن»، خصوصاً في إمارات ما بعد 15 أيلول 2020، تاريخ توقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، والدور «الواسع» الذي أنيط بها ربطاً بذلك. وفيما تأتي ردّة فعل «التحالف» الحالية على العملية اليمنية، شبيهة بردّات فعل إسرائيل على عمليات المقاومة في فلسطين ولبنان لناحية القصف العشوائي وممارسة القتل للقتل، إلّا أنها في عمقها غير منفصلة عن حسابات ودوافع أميركية – إسرائيلية، ربطاً بحقيقة أن ضرب العمق الإماراتي قد أثار قلقاً إسرائيلياً أكثر ممّا هو مسجّل في أبو ظبي، مع لحظ الدور الإماراتي في عمليات «التمويل والتجنيد» في سياق التسويق لمشروع التطبيع.
إزاء ذلك، تقول مصادر مواكبة، لـ«الأخبار»، إن «الهستيريا التي تنتاب الإمارات، ومِن خَلفها السعودية والولايات المتحدة، والتي تُرجمت على شكل مجازر متنقّلة بين صنعاء وصعدة والحديدة، لن تمرّ من دون ردّ مناسب، إلّا أنها في العمق غير مرتبطة بمساعٍ لتغيير الوضع الحالي في الجبهات، وخصوصاً ما يتعلّق بوضع مأرب وشبوة»، مشيرة إلى أن «قوى العدوان غير قادرة في الأساس على خلْق اندفاعة ثانية لمرتزقتها في مديريات بيحان وعسيلان وعين». وبالتالي، فإن «العجز البري يتحوّل إلى تجزير جوي الهدف منه قتْل إرادة اليمنيين من خلال مشاهد الدم والأشلاء». لكن ذلك لا يمنع صنعاء من إضافة المجازر الجديدة لـ«التحالف» إلى «موجبات الردّ» التي تعمل وفقها. وبحسب المصادر المواكبة ذاتها، فإن الاستراتيجية العسكرية لحركة «أنصار الله» «لا تقوم على ردّ الفعل المتسرّع بل المدروس، وهي لا تبادر إلى التحرّك قبل أن يستكمل العدو مساره ويفرغ ما في حوزته ويكشف مخطّطه». وبالتالي، فإن صنعاء تؤكد المؤكّد، وهو أمران: الأوّل أن عملية «إعصار اليمن» «لم تكن سوى رسالة أوّلية مرتبطة بالمعادلات الخاصة بمعركة مأرب ومتطلّباتها، وأن تكرارها متّصل بالحاجة إلى إبقاء هذه المعادلات قائمة وفعّالة»؛ والثاني هو «حتمية الردّ على المجازر المرتكبة بحقّ المدنيين في إطار الجنون السعودي – الإماراتي في الردّ على إعصار اليمن».
تحاول أبوظبي لعب دور الضحية عبر سعيها الدؤوب لحشد أكبر قدر ممكن من التعاطف العربي والدولي
لا يلعب الوقت لمصلحة الإمارات، التي ستبقى متأهّبة إلى أن ينجلي غبار «المعركة على هامش الحرب»، والتي اندلعت عقب «إعصار اليمن»، فيما يَنتظر التصعيد القائم حالياً «إشارة النهاية» التي ستخرج بها الاتصالات القائمة، والتي ينخرط فيها أيضاً المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، الذي يقوم بجولة خليجية راهناً. لكنّ السؤال الكبير يبقى عن طبيعة التهدئة المرتقبة وشروطها، وما إذا كانت ستفضي في النهاية إلى انكفاء الإمارات؟ أم أن عملية «إعصار اليمن» وتداعيتها ستفتح الباب أمام جهود جدّية بأفكار جديدة لوقف الحرب، انطلاقاً من استشعار الجميع خطورة تمدّد شعاع الصواريخ ليطاول أبو ظبي ودبي وغيرهما من المناطق والمدن الوظيفية المهمّة في المنطقة، والتي كان مجرّد التفكير بتعرّضها لـ«رشقة حجر» من المستحيلات؟ تقول حركة «أنصار الله»، في أدبياتها وخطابها الإعلامي، إن تهديدات «التحالف» بشنّ عمليات عسكرية على بعض المحافظات والمدن اليمنية، «أشبه بتهديد الغريق بالبلل»، فيما لم تفلح محاولات المهدّدين تغيير الوقائع على الأرض عبر المواجهات البرّية المباشرة على رغم تعدّد المحاولات وفداحة الخسائر، وبالتالي فالأجدر بهم الكفّ عن التهديد، والبدء بالتفكير مليّاً بما سيكون عليه الوضع فيما لو انزلقت الأمور إلى الأخطر، وأصبحت دبي أو أبو ظبي تتلقّى أسبوعياً ضربات متنوّعة على أهداف حيوية فيها.
الإمارات توسط الجميع: لا علاقة لنا بالمجزرة
خلافاً لكل ما يجري تسويقه إعلامياً، علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن حكومة الإمارات العربية المتحدة بادرت خلال الساعات الماضية إلى إجراء جولة واسعة من الاتصالات بهدف «احتواء الموقف»، في ضوء توقع رد فعل أنصار الله على المجزرة التي ارتكبت أمس في صعدة والحديدة. وقالت المصادر إن الإماراتيين لم يتركوا طرفاً على صلة مباشرة أو غير مباشرة بأنصار الله إلا وتواصلوا به، مؤكدين أن لا علاقة لهم بالغارات التي استهدفت صعدة أو بالمعارك الجارية في الحديدة وبالقصف الذي استهدفها.
وقالت المصادر إن جهاز الأمن القومي في الإمارات بقيادة طحنون بن زايد تولى التواصل المباشر مع مجلس الأمن القومي في إيران، كما جرت اتصالات مع العراق وسوريا، وصولاً إلى اتصالات جانبية مع جهات في لبنان على صلة بحزب الله. وكانت العبارة المشتركة في كل هذه الاتصالات بأن «الإمارات لم تشارك في هذه الغارات، ولا في العمليات العسكرية الجارية»، مع طلبات مباشرة «بالتوسط لدى الحوثيين لعدم الرد بقصف جديد لأي مدينة أو منشأة في الإمارات».
وبحسب المصادر، فإن الإماراتيين ركزوا على شرح خلفية موقفهم، بالقول إن ما قاموا به في شبوة اقتصر على دعم «لواء العمالقة» لتثبيت سيطرته على المحافظة وطرد جماعة حزب الإصلاح، وأن الأميركيين والسعوديين هم من يقف خلف قرار التصعيد والذهاب نحو مأرب، مع التأكيد من جديد على حجم الضغوط الأميركية الأخيرة.
على أن الأجوبة التي سمعها الإماراتيون كانت في إطار حذر للغاية، لجهة القول إن القرار النهائي بيد أنصار الله وحدهم، وأن الضربات التي تلقتها الإمارات لم تأت إلا بعد مخالفة أبو ظبي لتعهدات سابقة بالخروج من الحرب على اليمن. وعُلم أن الإمارات تنتظر نتائج «وساطة ما» يقوم بها طرف على تواصل مع أنصار الله.
وذكرت المصادر أن الاتصالات ترافقت مع أكبر استنفار أمني وعسكري إماراتي، خصوصاً للقوى العاملة في منظومة الدفاع الجوي وأجهزة الرادار، مع محاولة لطمأنة مقيمين في الإمارات لعدم القيام بخطوات تحت ضغط تهديدات صنعاء. ويبدو أن حالة الهلع تتركز الآن في إمارة دبي، خصوصاً بعدما وضع برج خليفة ضمن دائرة الأهداف التي يتوقع أن يضربها أنصار الله رداً على الجرائم التي ترتكب في اليمن.
البناء
لافروف وبلينكن للتراجع المنظم… وغارات سعوديّة إماراتيّة على اليمن
الحريريّ أمام تحدّيات وخسائر الانسحاب يواصل المشاورات حتى الاثنين
الموازنة: استمرار سيطرة حزب المصارف وتوزيع الأعباء على اللبنانيّين
كتب المحرّر السياسيّ
بينما تبدو الوجهة الطاغية على المشهد الدولي هي البحث عن قواعد اشتباك تنظم الصراع بعيداً عن خيارات الحرب، في زمن التراجع الأميركي الذي بدأ العد التنازلي له مع الانسحاب من أفغانستان، يسعى المتورطون في محافظ حروب خاسرة، كالمتورطين في محافظ سندات الأسهم الخاسرة، الى محاولات تعويض مستعجلة، قبل أن تقفل البورصة أبوابها ويقرع الجرس.
وزير خارجية روسيا وأميركا سيرغي لافروف وأنتوني بلينكن لم يحتاجا مدة الساعتين المقررة لاجتماعهما لاكتشاف وصفة التراجع المنظم، فأوكرانيا مهمة لكنها لا تستحق حرباً، والمخاوف المتبادلة مهمة أيضاً، لكنها قابلة للتفهّم بدلاً من الانجرار الى ما لا تُحمد عقباه. ومن معادلة التفهم المتبادل للمخاوف التي ركز عليها بلينكن، ولدت معادلة الضمانات المتبادلة بعدم ضمّ أوكرانيا لحلف الناتو وعدم قيام روسيا باجتياح أوكرانيا، وصولاً للبحث بسحب متبادل للقوات الروسية التي تثير ريبة الغرب من حدود أوكرانيا داخل روسيا وبيلاروسيا، والقوات الأطلسيّة في الجوار الروسي من رومانيا وبلغاريا، وبالتوازي إطلاق المسار السياسيّ حول أوكرانيا.
بالتوازي تتقدّم مؤشرات السير نحو إنجاز التفاهم حول الاتفاق النوويّ بين دول مسار فيينا وكل من إيران وأميركا، عبر التفاوض غير المباشر، وتبدو المسافة الفاصلة عن الإنجاز تضيق يوماً فيوماً، لكن وفقاً لدفتر شروط نجحت إيران بفرضه رغم التعنت الأميركي والتذاكي الأوروبي، فلا نقاش حول برنامج إيران الصاروخي، ولا حول دعم إيران لحركات المقاومة، ما يعني تفاقم مأزق «إسرائيل» من جهة، والسعودية والإمارات المتورطتين في الحرب على اليمن من جهة موازية، فيقع الاختيار مرة أخرى على اليمن كساحة لتعويض الخسائر، كما جرى عام 2015، في ظل العجز الإسرائيلي عن تحقيق أية إنجازات في المخاطرة بحرب على غزة أو لبنان، والعجز التركي والأميركي عن تحقيق أي مكسب في سورية، بعدما تبخّر الكثير من إنجازاتهما في سورية ما قبل توقيع اتفاق 2015 حول الملف النووي، بعد شهرين على التوقيع عندما تموضعت القوات الروسية في سورية وتدحرجت انتصارات سورية وحلفائها.
محاولة تعويض الخسائر في اليمن ترجمتها غارات وحشية سعودية إماراتية حصدت المئات من المدنيين، وأطلقت مواقف يمنية تنذر بجولات مواجهة أشدّ صعوبة وقسوة، بينما بيان مجلس الأمن الدولي الذي أدان الهجمات اليمنيّة على العمق الإماراتي، لم يجد إلا تصريحاً لرئيسه يحاول أن يعوّض تغييب أية إدانة للمجازر التي ارتكبها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن.
لبنانياً، لا يزال المشهد السياسي محكوماً بتداعيات عودة الرئيس سعد الحريري ومشاوراته التي ستنتهي ببيان يعلن فيه موقفه النهائي يوم الاثنين، ووفقاً لمصادر تابعت مسار مشاورات الحريري فكل شيء يقول إنه يمدّد المشاورات ويستمهل أملاً بتخفيف وطأة قرار العزوف الذي يبدو نهائياً بالنسبة له، وليس لأنه يفكر ويمكن أن يعيد النظر، لكن تحديات وخسائر القرار التي ظهرت أمامه فرضت عليه التريّث على أمل احتواء ردود الأفعال وتخفيف حدتها حتى الاثنين، مع السعي لإنضاج صيغة القيادة الجماعيّة التي يعمل على بلورتها بالتشارك بين نادي رؤساء الحكومات ودار الفتوى، كمرجعيّة للوائح التي تحظى بدعم المشاركين وتأييدهم وتتم دعوة الناخبين للتصويت لها، أملاً بأن يؤدي هذا التدبير الى الحدّ من الخسائر.
مالياً واقتصادياً وبعد الإفراج عن عناوين أرقام الموازنة، قرأت مصادر مالية فيها معادلة عنوانها توزيع أعباء الدولة على المواطنين، بدلاً من تحميل مَن تسبّب بالانهيار النصيب الرئيسي من هذه الأعباء، فالجباية مبنيّة على زيادات ضريبية تحقق رفع الواردات ثلاث مرات ونصفاً، والنفقات زادت أربع مرات، بينما لم ينل الموظفون سوى راتب إضافي لمدة سنة، وهذه النسب يقابلها تحمل نسبة صفر من المصارف في تمويل الأعباء. وقالت المصادر إن هذه المعادلة تكفي للقول إن ما ستحمله خطة التعافي لن يكون مختلفاً، وإن سيطرة حزب المصارف تتجدّد، وإن اللبنانيين سيتحملون تمويل الأعباء وهم ينزفون.
فيما وزّعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة على الوزراء لتتسنّى لهم دراسته ومناقشته في جلسة مجلس الوزراء الاثنين المقبل التي ستُعقد في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وجميع الوزراء، بمن فيهم وزراء الثلاثي أمل وحزب الله وتيار المردة، لا تزال عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت والمشاورات الداخليّة التي يجريها مع كتلته النيابية وتياره السياسي ونادي رؤساء الحكومات الذي ينتمي اليه، تتصدّر واجهة المشهد السياسي، لما سيحمله قراره النهائيّ بشأن الانتخابات النيابية من تداعيات على الساحتين الانتخابية والسياسية.
ورأس الحريري أمس، في بيت الوسط، اجتماعًا لكتلة “المستقبل” النيابية، تركز البحث خلاله في موضوع الانتخابات النيابية المقبلة والأوضاع العامة من مختلف جوانبها.
ولفتت أجواء بيت الوسط إلى أن “الحريري سيستكمل لقاءاته مع عدد من القيادات في تيار المستقبل، إضافة إلى رؤساء الحكومات السابقين ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لبلورة موقفه قبل إعلانه الاثنين المقبل بعد اجتماع آخر يعقده مع كتلة المستقبل”، مشيرة إلى أن “موقفه حول المشاركة في الانتخابات من عدمها لم يتبلور حتى الساعة إلى حين انتهاء مشاوراته”.
ومن المتوقع، بحسب معلومات “البناء” أن يعلن الحريري موقفه بعد اجتماع موسّع مع رؤساء الحكومات السابقين للخروج بموقف موحّد حول كيفية مواجهة المرحلة المقبلة وتوزيع المواقع والأدوار السياسية والانتخابية بينهم، لا سيما أن المتوقع إعلان الرئيس فؤاد السنيورة عزوفه عن الترشّح مقابل ادارته للوائح المدعومة من “النادي” ولملف الانتخابات بشكل عام، وكذلك عزوف ميقاتي عن الترشّح مقابل أن يُزكى من قبل زملائه كرئيس للحكومة بعد الانتخابات حتى تتوافر الظروف الخارجية والداخلية لعودة الحريري الى رئاسة الحكومة”.
وفيما بات شبه محسوم بأن الحريري يتجه الى اعلان عزوفه عن الترشح عن الانتخابات شخصياً، تتركز المشاورات، بحسب معلومات “البناء” حول الخيارات البديلة والمتاحة لتقليص الخسائر الناشئة عن انكفاء الحريري انتخابياً على المستويين السياسي والحزبي، وهذا ما دفع الحريري الى إرجاء إعلان موقفه، بسبب الخلاف على الخيارات داخل الكتلة والتيار معاً، لا سيّما ما نقلته بعض وسائل الإعلام عن مشادة كلاميّة حصلت خلال اجتماع الكتلة أمس. ويرفض المستقبليّون الخروج النهائيّ للتيار من الحلبة الانتخابيّة والسياسيّة، معتبرين أن هذا التراجع العلنيّ سيكلف التيار خسائر كبيرة على المدى المتوسط والبعيد ولن يستطيع التيار استعادة موقعه وخسائره بهذه السهولة”. وتتمحور الاحتمالات بحسب المعلومات بين إعلان الحريري ترشيح مستقبليّين في مختلف الدوائر وهذا مستبعَدٌ، أو تبني لوائح قريبة من التيار تحت شعار إفساح المجال أو التغيير ووصول وجوه جديدة غير حزبية ومن الشباب الى البرلمان، وبين الخروج كلياً وعدم تبنّي أي مرشح؛ وهذا الخيار المرجّح”. أما خيار ترك الحرية للتيار بخوض الانتخابات فتستبعده مصادر المستقبل التي أكدت لـ”البناء” بأن “التيار موحّد ويقف خلف رئيسه وزعيمه سعد الحريري وما يقرّره تلتزم به قواعد التيار وقياداته ونوابه كافة، وبالتالي لن نخوض الانتخابات منقسمين».
ومن المتوقع أن يترك قرار الحريري العزوف عن الترشح صدمة على الصعيدين السياسي داخل الطائفة السنية ووطنياً، بحسب مصادر مطلعة على أجواء نادي رؤساء الحكومات، لا سيما أن غياب الحريري الانتخابي وإن بقي حاضراً بالرعاية للوائح الانتخابية، سيؤثر سلباً على زعامته السنيّة وعلى مستقبل تياره السياسي، وكذلك على خيارات وتحالفات حلفائه التقليديين كالرئيس بري والنائب جنبلاط الانتخابي والسياسي، فضلاً عن تعرّض تيار المستقبل لمزيد من الضعضعة وتشريع الساحة السنيّة أمام قوى جديدة قد تتوزع بين مرشحين مدعومين من دول إقليميّة كالسعودية وأخرى من تركيا ومرشحين من المجتمع المدنيّ أو منافسين انتخابيين وسياسيين تقليديين لتيار المستقبل كالوزير السابق أشرف ريفي والنائبين نهاد المشنوق وفؤاد مخزومي فضلاً عن اللقاء التشاوري وحلفاء حزب الله المنضوين تحت قوى 8 آذار”.
على صعيد آخر، وزعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء مشروع موازنة 2022 على الوزراء، وهو مكوّن من 1282 صفحة، والتي تشهد بحسب بنودها تحوّلاً في طبيعة الموازنات في لبنان آخذة بالاعتبار الأوضاع الاقتصادية والمالية التي استجدّت منذ العام 2019 حتى الآن، والنقطة الأساسية فيها هي تعديل سعر صرف الدولار لجهة الإيرادات والنفقات الى 20 ألف ليرة كما يلحظ المشروع الذي يتضمّن أيضاً سلة ضريبية جديدة ستطال الشرائح الشعبية الفقيرة.
ولفتت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى أن “وزراء حزب الله سيسجّلون اعتراضهم على مشروع الموازنة لجهة الضرائب الجديدة التي يحملها ورفع سعر صرف الدولار، لكنها ستمرّ في نهاية المطاف لكون الحزب لا يستطيع وحده إسقاط بنود الموازنة التي ترتب على المواطنين أعباءً إضافية، لا سيما أن فريق رئيس الحكومة وأغلبية المكوّنات الأخرى سيوافقون على المشروع لأسباب عدة أهمها الضغط الذي يمارسه صندوق النقد الدولي على الحكومة لفرض الإصلاحات في الموازنة قبل أن يحصل لبنان على الأموال والمساعدات من الصندوق والجهات المانحة”.
وفي سياق ذلك، أعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أن “الكتلة تنتظر أن تصلها الصيغة النهائيّة الرسميَّة لخطة التعافي ولمشروع الموازنة من أجل مناقشتهما، وعلى أساسه تحدّد الكتلة موقفها من كل بند على قاعدة أن ما يحتاجه لبنان خطة تعافٍ وطنية وموازنة إصلاحيّة تستكمل ما بدأته منذ سنوات. وفي الوقت نفسه عدم تحميل الناس وخصوصا ذوي الدخل المحدود الأعباء، لأنّ المعيار هو استجابة الموازنة وخطة التعافي لمطالب الناس، وأن لا تكون مستجيبة لشروط تعجيزية يضعها صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أنه لا مشكلة لديهم في التفاوض مع الصندوق، لكن وفق معايير تحفظ المصلحة الوطنية”.
وتوقع خبراء اقتصاديون أن يؤدي إقرار الموازنة وفق الصيغة الموزعة الى ارتفاع كبير بأسعار فواتير الخدمات التي تجبيها الدولة من هاتف وكهرباء وماء واستشفاء وضمان وميكانيك والجمرك ما سيرفع أسعار كافة الخدمات والسلع والمواد الغذائيّة والمحروقات والخدمات العامة وبالتالي ارتفاع سعر صرف الدولار بعد تمرير الموازنة”. ولفت الخبراء لـ”البناء” الى أن “خفض سعر الصرف يهدف الى تمرير الموازنة من دون إثارة الغضب الشعبي واعتراضات سياسية، لذلك وفور إقرارها سيعود للارتفاع».
وحضرت القضايا المعيشية على طاولة السراي، حيث رأس ميقاتي اجتماعاً خُصّص للبحث في مشاريع البنك الدولي في قطاع الكهرباء والطاقة.
وقال وزير الطاقة وليد فياض إثر اللقاء: بحثنا في خطة النهوض بقطاع الكهرباء، واعتماد مسارات متوازية للنهوض به أهمها: زيادة ساعات التغذية بأسرع وقت ممكن، تخفيض الهدر من خلال اعتماد خطة بالتعاون مع “كهرباء لبنان” وموزّعي الخدمات ومؤازرة القوى الأمنية والقضاء لتعقّب المخالفين، كما وضعنا أرقامًا لتخفيض الهدر في الخطة”.
وأضاف: “يجب تحسين التعرفة لتغطية الجزء الأكبر من الكلفة لمؤسسة كهرباء لبنان التي ستزوّد المواطنين بالكهرباء بكلفة أرخص، فهي ستكون لنحو 75 في المئة من المشتركين بكلفة أقل من 14 سنتاً للكيلواط ساعة، كما ستكون الكلفة المتوقعة للمنزل أقل بـ60% من كلفة المولدات الخاصة”.
وعن التوقيع على عقد استجرار الطاقة مع الجانب الأردني وإمكان زيادة ساعات التغذية، قال: “نبحث مع البنك الدولي في موضوع التمويل، كما يجب أن يأمن الأردنيون والمصريون بشكل نهائي أن العقد لن يخضع لأية تداعيات سلبية جراء قانون قيصر، عندها يمكننا استقبال الكهرباء الأردنيّة والغاز المصريّ، والمفروض أن يتم ذلك في الشهرين المقبلين قبل بداية الربيع”.
كذلك رأس ميقاتي اجتماعاً للبحث في مشاريع البنك الدولي المُخصصة لبرامج الحماية الاجتماعية، بمشاركة نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي.
من جهته، عقد وزير الأشغال العامة والنقل علي حميّه في مقرّ السفارة اللبنانية في باريس، اجتماعاً مع منسّق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان، بحضور سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان، حيث أجريا جولة أفق عامة، كمتابعة المواضيع التي بُحثت سابقاً أثناء لقاءاتهم في بيروت. وأبدى دوكان تقديره “للرؤى والخطط التي تمّ وضعها حمية، والتي نوقشت مع المسؤولين والمعنيين الفرنسيين بحسب اختصاصاتهم”، معتبراً أن “هذه الخطط هي بمثابة رسالة إصلاحية مهمة على صعيد الوزارة”، مؤكداً “ضرورة السير في هذه الإصلاحات في كنف الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي”.
وأطلق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، جملة مواقف سياسية خلال استقباله أعضاء السلك القنصلي، واكد ان “العمل جار، لا سيما مع الحكومة، من اجل انجاز خطة التعافي المرتقبة”، متمنياً من الجميع “التعاون لما فيه مصلحة الشعب اللبناني الذي لم يعد يحتمل المزيد من التعقيدات الحياتية في يومياته”.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها فرضت عقوبات على “شبكة دولية تابعة لحزب الله”، وأشار البيان الذي نشرته الخزانة عبر موقعها الإلكتروني إلى فرضها عقوبات على “مساعد مالي” مرتبط بحزب الله يُدعى عدنان عياد، وشريكه التجاري عادل دياب، وعدد من أعضاء شبكة دولية من الوسطاء والشركات المرتبطة بهما.
ووضعت أوساط سياسية العقوبات في إطار الضغط على حلفاء حزب الله لتحذيرهم من التحالف مع الحزب في الانتخابات النيابية. ورأت في العقوبات رسالة مباشرة لقيادة التيار الوطني الحر للتنبّه من التحالف مع الحزب الذي يعدّ منظمة إرهابية وفق التصنيف الأميركي، مشيرة لـ”البناء” الى أن “العقوبات تهدف لمزيد من تصديع العلاقة بين الحزب والتيار وإبعاد حلفاء الحزب من مختلف المكونات السياسية والطائفية ولاستهداف التحالف الوطني العريض الذي تسعى قيادة الحزب لإعادة ترميمه وشد أزره لخوض الاستحقاق الانتخابي المقبل، كما ويعدّ رسالة الى حركة أمل والرئيس نبيه بري شخصياً الحليف الأساسي للحزب”.
ولفتت المصادر الى أن أهداف العقوبات استنفدت لجهة تشويه صورة حزب الله في لبنان والخارج، إلا أن المعطى الجديد هو اقتراب الانتخابات النيابية ومصلحة أميركا وحلفائها تفتيت جبهة الحزب وحلفائه، لذلك المطلوب أميركياً التهويل على حلفاء الحزب للحؤول دون تفكيك أركان التحالف السياسي والانتخابي.
لكن مصادر الحزب والتيار أكدت لـ”البناء” على متانة التحالف السياسي والانتخابي وعدم تأثره بالضغوط الخارجية والخلافات الداخلية، ووفق مصادر “البناء” فإن اللجان الانتخابية من الحزب والتيار انطلقت في العمل ودراسة الواقع الانتخابي لعقد خريطة التحالفات في الدوائر المختلفة.
وعلى مقلب آخر، دان حزب الله في بيان، “بشدة المجازر المهولة، التي ارتكبها العدوان السعودي الأميركي على اليمن، والتي أدت الى استشهاد العشرات وسقوط المئات من الجرحى، من النساء والرجال والأطفال”.
ولفت، في بيان، إلى أن “هذه المجزرة البشعة، تؤكد وحشية وهمجية قوى العدوان والشر وتجردها، من كل القيام الإنسانية والأخلاقية والدينية، وهو تعويض بائس عن الفشل الذريع في المواجهة الميدانية على أرض المعركة”.
واستنكر الحزب “الصمت القاتل الذي يلف العالم إزاء هذه المجازر البشعة”، داعياً “جميع الأحرار في كل مكان الى الوقوف الى جانب الشعب اليمني المظلوم، وإدانة هذه الجريمة واستنكارها وإدانة قوى العدوان، ونعتقد أن شعبنا العزيز الذي تحمل الصعاب والآلام طوال السنوات الماضية قادرٌ على المضي قدماً وبقوة نحو إلحاق الهزيمة بالعدوان وتحقيق الانتصار المظفر”.
اللواء
الحريري يعلن الاثنين عزوفه عن الترشح للانتخابات..
موازنة «الجبل والفأر»: ضرائب ورسوم جديدة وسلفة عشوائية للكهرباء
بين «تمخض الجبل» فجاء «فأر الموازنة» فكيف سيكون الموقف بدءا من الاثنين المقبل، الموعد الرسمي المقرّر لبدء جلسات المناقشة، ضمن مؤشرات ثلاثة:
1 – نسبة عجز لا تقل عن 20.8٪، إذا اشتملت نسخة الموازنة للعام 2022 على ايرادات متوقعة قيمتها 39.5 تريليون ليرة، انفاق متوقع بقيمة 49،42 تريليون ليرة. فتكون قيمة العجز 15 ألف مليار ليرة. ومع ان نص المشروع تحدث عن سعر صرف لاعتبارات تشغيلية، فإن سعر الصرف سيتراوح بين 15 و20 ألف ليرة.. وهذ يعني ان سعر الصرف لن يقل عن 15 ألف ليرة وربما يتجاوز الـ20 ألف، تبعاً للعوامل الضاغطة على الاستقرار النقدي.
3 – ما تزال مؤسسة كهرباء لبنان في صميم دعم الحكومة، عبر سلف لشراء مادة الفيول لتوفير الكهرباء فالمادة 13: إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأجل بحد أقصى 525 مليار ليرة لتسديد عجز شراء المحروقات وتسديد فوائد واقساط القروض لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، مشترطاً انه لا يجوز مؤسسة الكهرباء، وعلى مسؤولياتها ان تستعمل السلفة أو أي جزء منها في غير الغاية التي أعطيت من أجلها.
كما أن مشروع موازنة 2022 تضمّن خفضاً في التقديمات التقاعدية لورثة المتقاعد وتصعيب شروط الاستفادة، وفتحت المجال أمام الاستقالات من القطاع العام، وحدّدت عديد العمداء في القوى الأمنية بـ 120 عميداً، ولم تمنح موظفي القطاع العام تصحيحاً للأجور والرواتب يحتسب ضمن تعويضاتهم، بل منحتهم مساعدة اجتماعية هزيلة جداً تساوي راتب شهر لمدة سنة، ومنحت المتقاعدين مساعدة أقلّ قيمة ونسبتها 50% من الراتب التقاعدي. ومن الإجراءات أيضاً، فرض رسم لمدة 7 سنوات بمعدل 10% على السلع المستوردة التي يصنع منها في لبنان ما يكفي لتغطية السوق المحلية. ورفعت أيضاً الضمانات على الودائع المصرفية لغاية 600 مليون ليرة، على أن يدفع منها 30% فوراً، ويقسط الباقي أو يدفع سندات خزينة.
ونقل عن الرئيس نجيب ميقاتي ان الموازنة تؤسس لخطة مستدامة للسنوات الثلاث المقبلة وتتيح لمؤسسات الدولة إمكانية الاستمرار». وأفادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن جلسة مجلس الوزراء بعد غد الاثنين والتي تعد صفارة العودة للجلسات الحكومية تشكل اختبارا لمسار الأمور ولما يمكن أن يكون عليه التعاطي بعد موقف الثنائي الشيعي عن العودة لجلسات تحت عناوين اجتماعية. واوضحت المصادر أن لا نقاشا تفصيليا موسعا للموازنة وإن المجلس سيقر معظم البنود المتصلة بالمساعدات والتقديمات الاجتماعية على ان موضوع تعيين هيئة مكافحة الفساد يخضع للنقاش وليس بالضرورة أن يمتنع وزراء الثنائي عن الموافقة عليه او أن يعترضوا عليه بأعتبار أنه خارج إطار ما توقفا عنده في بيانهما.
وفهم أن هناك بنودا ستمر وأخرى قد يتم ارجاؤها وإن وزير المال سيعرض بداية مشروع الموازنة على أن جلسات مناقشة الموازنة تعقد في السراي الحكومي.
وبالعودة الى موازنة العامة 2020 التي وضعتها حكومة الرئيس سعد الحريري، فقد أعلن عن العجز فيها 7٪ من الناتج الاجتماعي، وعندما أقرّت فكانت بموافقة 49 نائباً ومعارضة 15 وامتناع 13، على وقع التحركات الاحتجاجية في الشارع. كما أقرّت موازنة العام 2019، بعد جدل استمر لعدة أشهر بعد تأخير 8 أشهر بنحو 11،4٪ عجز. والملاحظ ان الموازنة إياها منعت الجمع بين معاش تقاعدي، وأي مبلغ شهري يدفع من المال.
اما الموازنة العائدة للعام 2020، فهي تأتي على وقع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وخطة التعافي الاقتصادي وسط طموحات تهدف إلى استقرار اقتصادي وإعادة هيكلية النظام المالي والمصرف المركزي وترشيق القطاع العام.. وأول غيث المواقف ما أعلن عن لسان نواب في كتلة الوفاء للمقاومة من ان لا ضرائب على حساب الفقراء.
وطغت عودة الرئيس سعد الحريري على حديث الصالونات السياسية لجهة ترقب موقفه من مجمل الاوضاع القائمة لا سيما الموقف من خوض الانتخابات النيابية إلى سيعلنه الاثنين المقبل، فيما جرى مساء امس توزيع مشروع موازنة العام 2022 على الوزراء لمناقشته في جلسات مجلس الوزراء التي تبدأ الاثنين المقبل، وهو مكون من 1282 صفحة، تم فيه تمرير الضرائب في مشروع موازنة ٢٠٢١ الذي ادرج على جدول اعمال مجلس الوزراء، بما فيه من هيركات وضرائب تصيب المواطن و المستهلك، اضافة الى 56 بندا معيشيا تضمّنها جدول الاعمال (نشرت اللواء ابرزها امس)، وليس مؤكداً ان تمر كلها خاصة انها تتضمن تعيينات كبند تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعيين شرطة وحراس بلديات «حيث تدعو الحاجة»، وبنود اخرى إجرائية لا تتعلق بالشؤون الحياتية المباشرة الملحة للمواطنين.
الحريري: تقييم سلبي لتجاربه ولوضع البلد والقرار الاثنين
وقد ترأس الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط، اجتماعاً لكتلة «المستقبل» النيابية، «تركز البحث خلاله في موضوع الانتخابات النيابية المقبلة، والأوضاع العامة من مختلف جوانبها»، حسب المعلومات المنشورة على موقعه الرسمي في «تويتر». ثم اجتمع بالمكتب السياسي وهيئة الرئاسة والهيئة التنفيذية لتيار المستقبل.
كما اجتمع مع رؤساء الحكومات السابقين. وعلمت «اللواء» ان الحريري سيعلن يوم الاثنين موقفه من كل التطورات ومن موضوع الانتخابات يوم الاثنين المقبل، مع ترجيح ان لا يبقى في لبنان بعد ذلك، خاصة ان المطلعين على تحركه لمسوا ان الامور لديه تميل الى عدم الترشح للإنتخابات.
وعلمت «اللواء» من مصادر اطلعت على اجواء لقاءات الحريري، انه قدم عرضاً شاملاً لكل تجربته في العمل العام والحكومي والسياسي وعلاقاته بالقوى السياسية خلال السنوات السبع عشرة الماضية، وكان تقييمه سلبياً للتجربتين، حيث اشار الى انه كان يقدم التنازلات والتضحيات من اجل مصلحة البلاد ولم يكن يسعى من اجل منصب رئيس الحكومة ولو سعى لكان تصرف بغير هذه الطريقة، لكن الآخرين كانوا يتصرفون من منطلق مصالحهم السياسية الحزبية والانتخابية، كما عرض رؤيته لوضع البلد محذراً من استمرار العقلية التي تدار بها لأن لبنان سيصل الى كارثة حقيقية أكبر من التي هو فيها اذا استمرت هذه العقلية والذهنية في إدارة البلد. كما عرض الحريري جوانب من وضعه الشخصي مشيراً الى انه مستمر في عمله الخاص لترتيب اموره. ولم يتطرق الى علاقته مع السعودية او دول الخليج.
لكن المتابعين لإجتماعات الحريري اكدوا لـ«اللواء» انه منفتح على كل الخيارات، لكنه لم يتخذ القرار النهائي ولن يتخذه قبل الانتهاء من مشاوراته ولقاءاته، ويعلن الموقف يوم الاثنين. ورأت المصادر المطلعة ان إنكفاء الحريري عن العمل السياسي المباشر سيخل بالتوازنات السياسية ، وسيكون له تأثير سلبي على البلاد ككل، ولكن هذا الامر يتوقف على قرار الحريري من جهة وعلى ما يقرره الافرقاء السياسيون في البلد من جهة اخرى.
وبقيت وقائع اللقاءات التي يجريها الرئيس سعد الحريري مع كتلة «المستقبل النيابية» وكوادر ومسؤولي تيار «المستقبل»، لترقب موقفه النهائي من المشاركة بالانتخابات النيابية المقبلة او العزوف عن المشاركة ومقاطعة الانتخابات بالكامل، لاسيما بعدما ترددت معلومات انه ابلغ من التقاهم، وفي مقدمتهم الرئيس ميقاتي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، عزوفه عن الترشح للانتخابات، لقناعته بعدم جدوى التغيير المطلوب، ايا تكن نتائج هذه الانتخابات، في ظل استمرار مصادرة قرار الدولة ومقدراتها بقوة السلاح غير الشرعي لحزب الله.
وبرغم التكتم الشديد، كشف مصدر نيابي، إن الحريري اطلع نواب كتلته على قراره بالعزوف عن الترشح شخصيا للانتخابات، معددا الاسباب والظروف التي املت عليه، اتخاذ هذا القرار، وتاركا حرية الترشح لمن يريد ذلك. كما جرى خلال الاجتماع نقاش واستفسارات وتساؤلات، عن الاسباب والدوافع التي حملت الحريري لاتخاذ قرارالعزوف، ومدى تأثيره على خريطة القوى السياسية الداخلية.
ويواصل الحريري اليوم لقاءاته مع مسؤولي تيار «المستقبل» في المناطق، وبعض الجمعيات الاهلية، لهذه الغاية، كما يرتقب ان يزور الرئيس نبيه بري في عين التينه، ويلتقي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورؤساء الحكومات السابقين، للتداول معهم في موضوع الانتخابات النيابية، واطلاعهم على موقفه بالعزوف، على أن يعلن هذا الموقف رسميا بعد استكمال لقاءاته ومشاوراته مساء يوم الاثنين المقبل، في بيان يصدر عنه.
اجتماعات ميقاتي
على صعيد العمل الحكومي، رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعاً خُصص للبحث في مشاريع البنك الدولي في قطاع الكهرباء والطاقة. وقال وزير الطاقة وليد فياض إثر اللقاء: بحثنا في خطة النهوض بقطاع الكهرباء، واعتماد مسارات متوازية للنهوض به أهمها: زيادة ساعات التغذية بأسرع وقت ممكن، تخفيض الهدر من خلال اعتماد خطة بالتعاون مع «كهرباء لبنان» وموزّعي الخدمات ومؤازرة القوى الامنية والقضاء لتعقّب المخالفين، كما وضعنا أرقامًا لتخفيض الهدر في الخطة.
وأضاف: يجب تحسين التعرفة لتغطية الجزء الأكبر من الكلفة لمؤسسة كهرباء لبنان التي ستزوّد المواطنين بالكهرباء بكلفة أرخص، فهي ستكون لنحو 75 في المئة من المشتركين بكلفة أقل من 14 سنتاً للكيلواط ساعة، كما ستكون الكلفة المتوقعة للمنزل أقل بـ60% من كلفة المولدات الخاصة.
وعن التوقيع على عقد استجرار الطاقة مع الجانب الأردني وإمكان زيادة ساعات التغذية، قال: نبحث مع البنك الدولي في موضوع التمويل، كما يجب أن يأمن الاردنيون والمصريون بشكل نهائي أن العقد لن يخضع لأي تداعيات سلبية جراء قانون قيصر، عندها يمكننا استقبال الكهرباء الأردنية والغاز المصري، والمفروض ان يتم ذلك في الشهرين المقبلين قبل بداية الربيع.
كذلك ترأس ميقاتي اجتماعاً للبحث في مشاريع البنك الدولي المُخصصة لبرامج الحماية الاجتماعية، بمشاركة نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، المدير الاقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط ساروج كومار، ممثلة البنك في لبنان منى كوزي، ومستشاري ميقاتي النائب نقولا نحاس، سمير الضاهر وزياد ميقاتي.
اما في باريس، فعقد وزير الأشغال العامة والنقل علي حميّه في مقرّ السفارة اللبنانية، اجتماعاً مع منسّق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان في حضور سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان، حيث أجريا جولة افق عامة، كمتابعة المواضيع التي بُحثت سابقاً اثناء لقاءاتهم في بيروت.
وأبدى دوكان تقديره «للرؤى والخطط التي تم وضعها في وزارة الاشغال العامة والنقل في لبنان، والتي نوقشت مع المسؤولين والمعنيين الفرنسيين بحسب اختصاصاتهم، معتبراً أن هذه الخطط هي بمثابة رسالة إصلاحية مهمة على صعيد الوزارة، ومؤكداً للوزير حميه ضرورة السير في هذه الإصلاحات في كنف الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي».
تظاهرة عمالية الاحد
على الصعيد المطلبي، دعا رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال كاسترو عبد الله، في بيان، الى المشاركة الكثيفة في التظاهرة الشعبية التي ستنطلق عند الثالثة من بعد ظهر يوم الاحد المقبل، من امام جمعية المصارف مرورا بالسرايا الحكومية وصولا الى مصرف لبنان.
وقال: ان هدف التظاهرة هو المواجهة المطلبية المفتوحة مع حكومة صندوق النقد الدولي التي تعمل جاهدة لتقر موازنة عام 2022 من دون تحميل المصارف اي اعباء ومن دون استعادة الاملاك البحرية والنهرية والمخالفات بحق الذين بنوا واستثمروا عليها من دون اي مصوغ قانوني يجيز لهم ذلك، وكذلك من اجل تعميم العصيان المدني الشامل الذي بات الخيار الاوحد امام شعبنا لإسقاطهم ولمحاسبتهم وللزج بهم في السجون، ومن اجل اقرار قانون يعتمد النسبية ولبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي، ومن اجل رفع الحد الادنى للاجور الى ما فوق 12,000,000 مليون ليرة، ورفع بدل النقل الى ما يوازي اجرة الراكب في سيارة الاجرة، ورفع التعويض العائلي في الضمان الاجتماعي الى ما يوازي 75 % من الحد الادنى الجديد للاجور».
عقوبات اميركية جديدة
في مجال آخر، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، على موقعها على الإنترنت، فرض عقوبات على 3 لبنانيين و10 شركات متهمة بغسل الأموال لـ«حزب الله». وهم «مساعد مالي» مرتبط بحزب الله يدعى عدنان عياد وجهاد عدنان عياد ، يحملان الجنسيتين اللبنانية والالمانية.وشريكهما التجاري عادل دياب، وعدد من أعضاء شبكة دولية من الوسطاء والشركات المرتبطة بهما. وأضافت أنّ «حزب الله» يستغلّ ثغرات القطاع المالي العالمي للتهرّب من العقوبات.
اما الشركات العشر فهي: الاميركو للهندسة والاعمار والتجارة العامة مقرها الشياح لبنان، غولدن غروب للأوف شور مقرها بيروت، غولدن غروب ترايدينغ مقرها بيروت، هامر اند نايل للإعمار مقرها زامبيا، هميدكو للاستثمار ليميتد مقرها زامبيا، انشاءات كو مقرها بعبدا لبنان، جمول واياد للصناعة والتجارة مقرها الجيه لبنان، لاند ماتيكس- مقرها الحمرا، بيروت، لاند ماتيكس اوف شور مقرها الحمرا -بيروت، توب فاشن جي ام بي اش، ومقرها المانيا.
853252 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة، في تقريرها اليومي، عن «تسجيل 5628 حالة جديدة مُصابة بفيروس «كورونا» المستجد (كوفيد 19) عن يوم أمس، ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ 21 شباط 2020، إلى 853252». مشيرةً إلى أنّه «تمّ تسجيل 15 وفاة جديدة خلال السّاعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيّات إلى 9640».
المصدر: صحف