ركزت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح الخميس 20-1-2022 على اللقاء الرئاسي الروسي الايراني الذي عقد في موسكو، بالاضافة الى ملف الإعداد للموازنة في لبنان وانخفاض سعر صرف الدولار وارتباط ذلك بالاوضاع المعيشية والحياتية وغيرها من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
بوتين ورئيسي لصياغة برنامج تعاون استراتيجيّ سياسيّ اقتصاديّ عسكريّ / عودة الحريريّ تطرح مصير المستقبل بعد تأكيد عزوفه عن الترشيح / الأربعاء توقيع عقد الكهرباء… وسعر الصرف نصف نقاش الموازنة
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء ” اكتملت في موسكو حلقات السلسلة التي ترجمتها الاتفاقيات الاستراتيجية الموقعة بين روسيا والصين والصين وإيران مع الاتجاه نحو توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي روسية إيرانية كانت الحاضر الأكبر على طاولة القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي، لتغطي المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية. فعلى الصعيد السياسي تقول مصادر واكبت محادثات موسكو، أن تصنيف حلف الأطلسي كعدو مشترك كان نقطة البداية لوضع مواجهة مشروع الهيمنة الأميركية كعنوان للشراكة التي بدأها الروس والإيرانيون في سورية ويعتزمون مواصلتها في ساحات العمل المشترك. ويشكل الدعم المتبادل للمواجهات السياسية التي يخوضها كل منهما، سواء عبر مفاوضات فيينا الخاصة بالعودة للاتفاق النووي الإيراني، أو عبر ما يجري على جبهات الاشتباك الروسية الأميركية حول أوكرانيا، فيما يمتدّ التعاون لساحات عمل مشتركة في كازاخستان وأفغانستان بالشراكة مع الصين لتحصين ساحات آىسيا من الاختراقات التي تؤسس لحال الفوضى والتآكل؛ أما اقتصادياً فإضافة لتوسيع نطاق التبادل التجاري، يشكل التعاون المشترك مع الصين لإطلاق منظومة تنمية مصرفية مستقلة عن النظام المصرفي الأميركي العنوان الأبرز لتهميش تأثيرات نظام العقوبات الأميركي الذي تحوّل الى بديل للآلة العسكرية، بعد الاعتراف الأميركي بالفشل العسكري في أفغاسنتان والتسليم بمحدودية نظام العقوبات عبر الانخراط الأميركي في مفاوضات العودة للاتفاق النووي في فيينا؛ أما عسكريا فالأبرز هو تعزيز التبادل التقني للخبرات، ومساهمة روسيا في تعزيز قدرات إيران الدفاعية، خصوصاً في مجال الدفاع الجوي. وتقول المصادر المواكبة لمحادثات موسكو إنها لا تستبعد عقد قمة ثلاثية بين بكين وطهران وموسكو خلال النصف الثاني من هذا العام، بعدما تكون الصين قد بلورت تصوراً واضحاً لإطلاق وتوسيع شبكة الإنترنت التي تديرها داخل حدود الصين، الى انحاء جديدة في آسيا، وفقاً لما تم الاتفاق عليه بين بكين وموسكو، ورسمت مسودة لمشروع مشترك لآلية مصرفية، أعلن عنها الزعيمان الروسي والصيني، بما يحدد تصوراً للعملات البديلة او الموازية، وآلية التسعير وصيغة التعامل مع نظام السويفت.
لبنانياً، تتقدم عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت لتحتل الصدارة مع تأكيدات من مصادر متعددة بأنه سيضع قيادات تيار المستقبل ونواب كتلة المستقبل بمبررات قراره العزوف عن الترشيح، وسيقوم بمناقشة الخيارات معهم بين اعتماد لوائح يتولى الحريري دعمها، أو ترك الأمر للنواب وقيادات التيار لاتخاذ القرار الذي يرونه مناسباً، وميله لعدم تبني ترشيح لوائح يدعمها مع إبقائه الباب مفتوحاً لهذا الخيار. وقالت مصادر سياسية متابعة للمشهد الانتخابي، إن الضغوط السعودية والإماراتية على الرئيس الحريري لم تفككها كل المداخلات الأوروبية والمصرية التي قامت على معادلة ان غياب الحريري سيشكل مصدراً لربح أكيد لحلفاء حزب الله، وأن الربح المفترض في رصيد القوات اللبنانية باقتطاع جزء من ناخبي تيار المستقبل وربما مقاعده النيابية لا يكفي لمنح الرهان لنيل الأغلبية فرصاً جدية. وتقول المصادر إن غياب زعامة الحريري عن ساحته الطائفية سيشكل العامل الأهم في رسم تفاصيل المشهد الانتخابي وتوقعاته، في ضوء توزيع الأرصدة التي يمثلها المستقبل سياسياً ونيابياً بوجود الحريري وفي ظل زعامته وما سيؤول اليه الوضع بغيابه.
اقتصادياً ومالياً، أعلنت وزارة الطاقة عن توقيع العقد الرباعي الكهربائي بين لبنان وسورية والأردن ومصر يوم الأربعاء المقبل بعدما تبلغت مصر والأردن الموافقات الأميركية بالاستثناء من أحكام قانون قيصر للعقوبات على سورية، وتبلغ لبنان نسخة عنها، فيما وضعت مصادر مالية التطورات التي شهدها سوق الصرف بتدخل مصرف لبنان بما يتعدّى الهندسات النقدية التي تهدف لجذب مخزون ومدخرات اللبنانيين الموجودة بالدولار في منازلهم والتي يتطلع مصرف لبنان كما صرّح حاكمه مراراً باستدراجها. وقد حقق مصرف لبنان نجاحاً كبيراً في هذا الشأن. وقالت المصادر إن الاقتراب من إقرار الموازنة ومشروع التفاهم مع صندوق النقد الدولي يفرضان على الحكومة مناقشة سعر الصرف، الذي يشكل نصف نقاش الموازنة وورقة العمل مع الصندوق، فلا إمكانية للاتفاقية مع الصندوق دون تعزيز واردات الدولة. وهذا يستدعي تعديل قيم الواردات من الجمارك والكهرباء والاتصالات والرسوم العقارية وسواها، وكلها تتوقف على تحديد سعر للصرف يعتمد في عملية التسعير، ويطبق مثله على النفقات الخاصة بالرواتب، وكشفت عن النية لاعتماد سعر الـ 10 آلاف ليرة لسعر الدولار في الواردات، مقابل سعر الـ 20 ألفاً لسعر الدولار في النفقات، خصوصاً لجهة تمويل حاجات الكهرباء، وهذا يستدعي تثبيت سعر الصرف في السوق وتوحيده عند هذا الرقم، واحتساب خطة التعافي على أساسه سواء في أرقام الخسائر او المتطلبات، ولن يستطيع مصرف لبنان ضمان هذا السعر دون أن تغطي الدولة نفقاتها من عائداتها. وتوقعت المصادر ان يستهلك هذا البند اكثر من نصف النقاش حول الموازنة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وربطت المصادر بين توقيت اتفاقية الكهرباء لتبرير الزيادات على الأسعار، وتدخل مصرف لبنان في سوق الصرف بقوة، والاقتراب من حسم الموازنة وبدء التفاوض الجدي مع صندوق النقد الدولي والانفراج في الملف الحكومي.
ومع انخفاض درجة الحرارة السياسية وتبريد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تدريجياً بموازاة عودة مجلس الوزراء لاستئناف أعماله بمشاركة وزراء أمل وحزب الله وتيار المردة ابتداء من مطلع الأسبوع، لا يزال سعر صرف الدولار أولوية المواطنين الذين يتوسّمون خيراً من تراجع سعر الصرف في السوق السوداء وانعكاس ذلك على الأسعار في الأسواق الاستهلاكية والمحروقات والأدوية التي كوت جيوبهم، رغم عدم ثقتهم بالإجراءات «الموسمية» والمؤقتة التي يعتمدها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولا بالطبقة السياسية التي تربط قراراتها على ساعة الانتخابات النيابية.
واسترعى الانتباه الانفراج المتتالي والمتزامن لعدد من الأزمات المعيشية والخدمية توازياً مع تراجع سعر صرف الدولار في الاتصالات والإنترنت والمحروقات والأدوية والمواد الغذائية والمنح والمساعدات الاجتماعية وتحسين الرواتب للموظفين والبطاقة التمويلية، ما يوحي بوجود تفاهم سياسي على تهدئة الأوضاع السياسية والاسواق المالية والاقتصادية لاحتواء الغضب الشعبي والتمهيد لتمرير إجراءات أكثر إيلاماً في مشروع الموازنة في جلسة مجلس الوزراء المرتقبة تحت “ستار” خفض سعر الصرف واستعاد جزءاً يسيراً من قيمة العملة الوطنية والقدرة الشرائيّة للمواطنين. مع العلم أن هذه الانفراجات المذكورة لا تزال حبراً على ورق ولم تترجم على أرض الواقع بالشكل المطلوب فضلاً عن أن المواطنين لم يعودوا يثقون بمصداقية حاكم مصرف لبنان وبتعاميمه وبقدرته على السيطرة والتحكم بالدولار الذي تحول الى بورصة تفتك بأموال ومدخرات اللبنانيين “عالطالع وعالنازل”، وإن تمكن سلامة من تثبيته على الـ20 ألف ليرة، إلا أن لا مقومات تضمن ثباته عند هذا الحد بحسب ما يقول خبراء اقتصاديون لـ”البناء”، في ظل وجود عدة تجارب سابقة لم يصمد الدولار فيها لأكثر من أيام، مع تشكيك الخبراء بقدرة البنك المركزي على الاستمرار بضخ ملايين الدولارات يومياً في السوق علماً أن الدولارات التي يضخّها هي من اموال المودعين ومدخرات المواطنين في المنازل الذين هرعوا لبيعها قبل المزيد من تراجع الدولار. ويهدف سلامة بحسب الخبراء الى السيطرة على عرض الدولار في السوق لأهداف سياسية آنية اضافة الى لم الدولارات من المنازل لتحقيق المزيد من الأرباح بفارق الدولار عبر سياسة البيع والشراء المستمرة للدولار وتدوير وتوزيع الارباح بين ثلاثي المصرف المركزي والمصارف والصرافين الذين يمتنعون، بحسب معلومات “البناء” عن بيع الدولار للمواطنين إلا بأسعار أعلى من سعره في السوق السوداء ويفضلون بيعه للمصارف بأسعار أعلى لتحقيق أرباح أكثر.
وتلفت مصادر نيابية ومصرفية في هذا الإطار لـ”البناء” الى أنه طالما استمر مصرف لبنان بتوفير العرض المطلوب من الدولار لتحقيق توازن في السوق سيستمر الدولار بالانخفاض، وبالتالي سعر الصرف يرتبط بقدرة “المركزي” على ضخ الدولار وبما يملك منه، لا سيما أن “المركزي”، بحسب المصادر يشتري الدولار منذ وقت طويل من الصرافين والسوق السوداء.
وعلاوة على ذلك فإن الأسواق لم تبدأ بتلمس انخفاض الأسعار بشكل يتناسب مع تراجع الدولار، ففي جولة لـ”البناء” على أكثر من سوبرماركت في بيروت تبين أن نسبة انخفاض الأسعار لا تتعدى نسبة ضئيلة وتقتصر على بعض المواد الغذائية غير الأساسية، أما اللحوم والأسماك والدواجن والحليب ومشتقاته فلم يشملها أي تغيير، في ظل مراوغة ومناورة المستوردين والتجار وأصحاب السوبرماركات لكسب الوقت طمعاً بتحقيق المزيد من الأرباح قبل خفض الاسعار مع تواطؤ واضح من الأجهزة الحكومية والرقابية. وكذلك الامر لم تشهد أزمة الاتصالات والانترنت في بعض المناطق أي تحسن ولا اسعار المحروقات التي تراجعت نسبة محدودة، فيما تفاقمت أزمة الكهرباء في مختلف المناطق اللبنانية بعد زيادة الضغط عليها بسبب استخدام وسائل التدفئة لمواجهة العاصفة هبة التي تضرب لبنان وتحمل معها الأمطار الغزيرة والثلوج على 600 متر والرياح الناشطة والبرد القارس، خصوصاً في المرتفعات وتستمر للأسبوع المقبل، حيث زاد تقنين الكهرباء وتراجعت ساعات التغذية من المولدات الخاصة ما دفع المواطنين الى البحث عن وسائل تدفئة بدائيّة كجمع أكوام الحطب التي تسقط من الأشجار بفعل الرياح وإشعالها في المنازل لمواجهة الصقيع في ظل انقطاع الكهرباء وارتفاع سعر المازوت والغاز وكذلك الحطب.
وأعلن وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردنية صالح الخرابشة، أن “الأردن سيوقع ولبنان وسورية يوم الأربعاء المقبل اتفاقية العبور وعقد تزويد لبنان بجزء من احتياجاته من الطاقة الكهربائية من الأردن عبر الشبكة الكهربائيّة السورية”.
وأكد “أهمية الاتفاقية لمساعدة الأخوة اللبنانيين لسد جزء من احتياجاتهم من الطاقة الكهربائية، تنفيذاً لتوجيهات الملك عبد الله الثاني بن الحسين بالوقوف مع الأخوة اللبنانيين ومساندتهم في تجاوز العقبات التي يواجهونها في قطاع الطاقة”، لافتاً إلى أن “الاتفاق ينص على تزويد لبنان بحوالي 150 ميغاواط كهرباء من منتصف الليل وحتى السادسة صباحاً و250 ميغاواط خلال باقي الأوقات”.
بالعودة الى الطقس السياسي، تترقب الاوساط السياسية والشعبية جلسة مجلس الوزراء الاثنين المقبل على جدول أعمالها مشروع الموازنة وبنوداً اقتصادية واجتماعية ومعيشية كالمساعدات الاجتماعية وتجديد عقود الموظفين المتعاقدين والأجراء يستطيعون قبض رواتبهم بعدما رفض رئيس الجمهورية ميشال عون توقيع العقود لاعتباره المراسيم الاستثنائية مخالفة للقانون في ظل حكومة أصيلة وليس تصريف أعمال.
الا أن مصادر سياسية واقتصادية تخوّفت من تمرير جملة اجراءات اقتصادية ومالية موجعة وغير شعبية في مشروع الموازنة، لا سيما أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سبق وتحدّث عن مجموعة إجراءات يجب إقرارها لتحسين مالية الدولة كالدولار الجمركي وضرائب جديدة لن توفر الشرائح الشعبية الفقيرة، أي تعديل “دولار الموازنة” لكي يتراوح بين 6000 و12 ألف ليرة ويسري على معظم الخدمات التي تقدمها الدولة بما فيها الاتصالات والكهرباء والضمان والاستشفاء والقروض المصرفية وتنسحب أيضاً وبشكل تلقائي على الخدمات التي يقدّمها القطاع الخاص كشركات تحويل الأموال والتأمين التي بدأت تطلب من الزبائن تسديد اشتراكاتهم بالدولار “الفريش” أو “شيك بنكير” على نسبة 19 في المئة.
ومن المتوقع أن تنتهي وزارة المال من تنقيح مشروع الموازنة خلال اليومين المقبلين على أن تكون على طاولة رئاسة الحكومة نهاية عطلة الاسبوع ليتمّ توزيعها على الوزراء قبل 4 ساعات من الجلسة، وتحتاج لأكثر من جلسة وعندما ينتهي مجلس الوزراء من إقرارها يتم تحويلها للمجلس النيابي، لكن مصادر مطلعة تخوّفت من حصول خلاف داخل الحكومة حيال مقاربة الموازنة لا سيما أنها ستكون مختلفة هذه المرة لجهة الإنفاق والإيرادات وموازنات الوزارات والأهم سعر صرف جديد، وربما اسعار مختلفة في موازنة واحدة.
ونفت أوساط ثنائي أمل وحزب الله لـ”البناء” أن يكون الثنائي عاد الى مجلس الوزراء لتمرير الإجراءات غير الشعبية في الموازنة في اطار تسوية مع رئيسي الجمهورية والحكومة، مشيرة الى أن بيان القيادتين الذي صدر السبت الماضي واضح لجهة الأسباب المعللة للعودة، مضيفة: “لن نستبق الامور ولن نتخذ موقفاً بانتظار اطلاعنا على المشروع وسنناقش في مجلس الوزراء كل بند فيها وكذلك ستناقش لاحقاً في مجلس النواب”.
وفيما تشير معلومات الى أن التيار الوطني الحر أبدى انزعاجه من موقف الثنائي بحصر عودته بإقرار الموازنة وخطة التعافي دون بند التعيينات التي يتطلع الى إنجازها التيار قبل الانتخابات النيابيّة كورقة انتخابية رابحة لكون الحكومة الحالية قد تكون آخر حكومات العهد إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدم تشكيل حكومة بعد الانتخابات في الفترة الفاصلة عن انتخابات رئاسة الجمهوريّة، يسعى رئيس الجمهورية الى طرح بند التعيينات من خارج جدول الأعمال الا أن ذلك محل رفض الثنائي قبل حصول تسوية واضحة على ملف تحقيقات المرفأ تنهي تمادي القاضي طارق بيطار وتفصل الملف العدلي عن الدستوري.
وتتجه الأنظار الى بعبدا اليوم لما سيعلنه رئيس الجمهورية من مواقف خلال استقباله عميد السلك الديبلوماسي في لبنان السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري وأعضاء السلك الديبلوماسي العربي والأجنبي ومديري المنظمات الدولية المعتمدين في لبنان، لتقديم التهاني بحلول السنة الجديدة، حيث سيلقي كلمة يحدّد فيها مواقف لبنان من القضايا المطروحة محلياً وإقليمياً. كما من المقرر ان يلقي عميد السلك السفير البابوي كلمة في المناسبة. في حين يستقبل عون غداً عميد السلك القنصلي الفخري في لبنان جوزف حبيس وأعضاء السلك.
وفي غضون ذلك، أعلن المجتمع الدولي ترحيبه بانتعاش مجلس الوزراء، فقد شددت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان في بيان على “ضرورة استئناف اجتماعات الحكومة في أقرب وقت ممكن. وتحث المجموعة الحكومة اللبنانية على اتخاذ قرارات عاجلة وفعالة لتدشين الإصلاحات والإجراءات الملحة بما في ذلك سرعة إقرار موازنة العام 2022 التي من شأنها أن تمهد الطريق للتوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي؛ الأمر الذي يكفل الدعم المطلوب لتجاوز الأزمات على مستوى الاقتصاد الكلي والمالية العامة. كما تدعو مجموعة الدعم الدولية الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان اجراء انتخابات نزيهة وشفافة وشاملة في أيار 2022 كما هو مقرر، بما في ذلك عن طريق تمكين هيئة الإشراف على الانتخابات من تنفيذ ولايتها. وتجدد مجموعة الدعم الدولية دعوتها لتحقيق العدالة والمساءلة من خلال تحقيق شفاف ومستقل في انفجار مرفأ بيروت، كما تجدد دعوتها لضمان احترام استقلالية القضاء”.
بدورها، دعت بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الديبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في لبنان، “الحكومة وجهات صنع القرار الأخرى إلى استعادة قدرتها على صنع القرار من دون مزيد من التأخير، وهذا يتطلب، من بين أمور أخرى، استئناف الاجتماعات المنتظمة لمجلس الوزراء، من أجل التصدي للأزمات الدراماتيكية التي يواجهها لبنان”. ودعت، في بيان “الحكومة وجهات صنع القرار الأخرى لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي من شأنه أن يدعم إيجاد مخرج من الأزمات الاقتصادية الكلية والمالية التي تواجهها البلاد، وإلى أن تتخذ على الفور جميع القرارات والتدابير التي يلزم اتخاذها قبل إبرام هذا الاتفاق”.
انتخابياً، تابع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب مشاوراته لتأمين التمويل اللازم لاقتراع المغتربين اللبنانيين في الانتخابات النيابية التي ستجري في الربيع المقبل. ونفى مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية تدخّل رئيس الجمهورية في اختيار مرشحي التيار الوطني الحر للانتخابات النيابية، مشيراً إلى أنّ “كل ما يكتب في هذا الصدد أخبار مختلقة لا أساس لها من الصحة”.
في المقابل حسم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قرار حزبه بخوض الانتخابات ضد التيار الوطني الحر، وقال في تصريح: “يجب أن نكون على خلفية سياسته منذ عشر سنوات ومساهمته مع افرقاء من السلطة في وصول الوضع في البلد الى ما وصل اليه، وبالتالي بالنسبة لإمكانية التحالف مع التيار الوطني الحر فقد جرت محاولات عديدة في هذا الاتجاه، ولكن القوات ترفض التحالف على خلفية الأمور التي ذكرت، اما بالنسبة للساحة السنية فالقيادة العليا في تيار المستقبل لم تتخذ الى الآن قرارًا باتجاه معين ولكن في كل الاوقات نحن على تواصل مع الكثيرين من القيادات الوسطى والشخصيات في الطائفة السنية”.
وقرر الرئيس سعد الحريري العودة الى بيروت في الساعات المقبلة لحسم مسألة مشاركته والمستقبل في الانتخابات النيابية، بحسب ما أفادت المعلومات”.
الأخبار:
الموازنة غداً: ضرائب ورسوم ولا رفع للأجور
التفاوض مع صندوق النقد يبدأ الاثنين
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار ” يُتوقع أن تبدأ الاثنين المقبل، عن بُعد، مفاوضات لبنان مع وفد صندوق النقد الدولي بعد أن ينجز وزير المال يوسف خليل مشروع موازنة 2022 غداً، متضمنة أرقاماً شبه نهائية للنفقات والواردات.
مصادر مطلعة قالت إن إعداد مشروع الموازنة يجري «تحت الضغط»، وإن مشكلة كبيرة تواجه البند الخاص بالرواتب، لجهة احترام التوصيات الاولية لصندوق النقد الدولي، ما يعني عدم اعطاء زيادة غلاء معيشة ترفع من القدرة الشرائية لموظفي القطاع العام، مقابل رشوتهم بدعم غير مدروس وغير دائم بدولارات تدخل صناديق المؤسسات العسكرية والامنية، من دون قوانين ومن دون رقابة، والعمل على تحقيق توازن من خلال رفع جنوني للضرائب والرسوم، سيتم تلقائيا بعد احتساب البدلات على سعر صرف جديد للدولار يرفعه من 1500 ليرة الى نحو 20 الفاً. علما ان اسعار الصرف، بحسب بنود الموازنة، تراوح حاليا بين 8000 ليرة و 22 الفاً، ما أثار حفيظة قوى بارزة. وبدا ذلك واضحاً في ردود فعل النواب على تسريبة النائب نقولا نحاس عن احتمال اعتماد سعر 15 ألف ليرة كسعر وسطي. إذ أن ان مثل هذه الطريقة تعني الغاء تاماً لأي قيمة لرواتب موظفي القطاع العام التي لن تكون كافية لتسديد فواتير الكهرباء والهاتف والمياه وأعباء النقل والاستشفاء. وهو ما دفع مطّلعين الى اتهام الرئيس نجيب ميقاتي بمحاولة رمي كرة النار بين أيدي القوى السياسية في مجلس الوزراء، قبل ان ينقل المشكلة الى المجلس النيابي الذي يستبعد ان يقر موازنة كهذه عشية الانتخابات النيابية.
وقد سبق الاستعداد لتقديم الموانة انخفاض في سعر الدولار بأكثر من 10 آلاف ليرة وسط مضاربات هائلة ناتجة من التعميم 161 الذي ضخ بموجبه مصرف لبنان الدولارات عبر المصارف التي باعتها للزبائن مقابل ليرات ورقية.
هذا التعميم الاستباقي للمفاوضات مع صندوق النقد أثار كثيراً من الجدل حول فعاليته. فهناك من يرى أن مفاعيله ظرفية ومؤقتة، وبين من يروّج أنها ستدوم طويلاً، وتُبنى عليها إيجابيات لتوحيد سعر الصرف وتضمينه في الموازنة وإجبار السوق على تقبلّ سعر الصرف المتحرّك.
رغم ذلك، يصرّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على مواصلة تنفيذ التعميم. وهو عرض في اجتماع المجلس المركزي، أمس، نتائج عامة لمفاعيله مشيراً إلى أن طلب الزبائن على الدولار لدى المصارف تقلّص بشكل نسبي مقارنة مع الأيام الأولى لبدء العمل بالتعميم بعد توسيعه منذ أسبوع لغاية اليوم.
ومن أبرز نتائج التعميم 161 أن سلامة زرع داخل كل مقيم في لبنان «مضاربجياً» صغيراً. إذ أتاح التعميم لكل من يملك الليرات الورقية، أن يستبدلها بالدولارات التي يضخّها عبر المصارف على سعر منصّة «صيرفة»، ثم إعادة تصريفها عند الصرافين على سعر السوق الحرّة الأعلى، وتحقيق ربح من فروقات الأسعار. لكن كان لافتاً، أمس، أن سعر السوق الحرّة انخفض للمرّة الأولى إلى أقلّ من سعر منصّة «صيرفة» الذي سجّل 23300 ليرة لكل دولار في مقابل انخفاض سعر السوق الحرّة من 24500 ليرة صباحاً إلى 22100 ليرة مساء. ما يعني أن تقلّص هامش الربحية من المضاربة على الدولار يدفع الناس إلى الإحجام عن استبدال الليرات بالدولارات ما أدّى إلى انخفاض قيمة التداول على «صيرفة» من 43 مليون دولار أول من أمس إلى 34 مليون دولار أمس.
التعميم فتح الباب أمام المضاربة، لكن مهما كانت أهدافه، فإن الحصّة الكبيرة من أرباح المضاربات التي شهدها السوق الأسبوع الماضي، لم تعد كافية لإشباع بطون كافة اللاعبين، ولا سيما التجّار الكبار الذين يملكون الكميات الأكبر من السيولة الورقية بالليرة. فغالبية المصارف فرضت على زبائنها سقفاً معيناً من عمليات استبدال الليرات بالدولارات لا يتجاوز 150 مليون ليرة لكل عملية. كما أنها فرضت تجميد جزء من السيولة التي يحملها الزبائن، أو تجميد الجزء الناتج من العملية بالدولار في الحسابات المصرفية بنسب تتراوح بين 10% و15%، لتقتطع حصّة واسعة من أرباح المضاربات. بالتالي لم تعد هناك جدوى كبيرة لكبار التجار وأصحاب محطات المحروقات وأصحاب السوبرماركت وسواهم فأحجموا عن عملية الاستبدال. وقد أدرك الصرافون هذا الأمر فعمدوا أمس إلى خفض سعر الدولار إلى أقل من سعر «صيرفة» ما قلّص الاندفاعة لاستبدال الليرات بالدولارات التي يضخها مصرف لبنان. غير أن هذا لا يعني أن مفاعيل الأيام الأولى للتعميم تبدّدت بهذه السرعة، بل هذا يشير إلى أن مصرف لبنان بات محكوماً بسيناريوهين مرتبطين بمستوى خفض سعر «صيرفة» في افتتاح التعاملات صباح اليوم: الأول، أن يخفض سعر «صيرفة» بنسبة كبيرة لتسريع وتيرة سحب الليرات من السوق لرفع قدرته على التأثير في السوق وخفض سعر الدولار. والثاني، أن يكون خفض سعر «صيرفة» في افتتاح التعاملات اليوم ضمن هامش محدود يتماشى مع مساره في الأيام الأخيرة حتى يثبّت «المركزي» قدرته على التحكّم بالسعر ضمن المستوى الحالي بهامش تحرّك ضيق.
سلوك مصرف لبنان يصطدم بمسألة أساسية، وهو أنه لم يكن يقدر على استعادة دوره كصانع للعمليات في سوق القطع، ومحاولاً حصر عمليات الصرافة ضمن منصّة «صيرفة»، لولا أنه أمسك السوق من ثلاث جهات: المصارف التي ضخّ الدولارات عبرها، العمليات مع غالبية الصرافين، شراء الدولارات من شركات التحويل المالي بالوسائل الإلكترونية وعلى رأسها OMT. كل ذلك يتطلب أن يضخّ مصرف لبنان الدولارات، سواء تلك التي اشتراها ويشتريها من الصرافين، أو من الاحتياطات. وفي اللحظة التي يتوقف فيها عن ضخّ الدولارات سيفقد قدرته على التحكّم ويفقد دوره مجدداً بعد خسائر هائلة تكبدها في ميزانيته وكبّدها لقسم من المواطنين على حساب الآخرين ممن يتربحون من عمليات المضاربة. هكذا ستفقد «صيرفة» الزخم الذي حظيت به في الأيام الأخيرة.
بهذا المعنى، الدور المستعاد للمصرف هو دور هشّ يتطلب تعزيزه الانتقال من التقنيات إلى الأساسيات. أما هذه الأخيرة فباتت معروفة وتتطلب أن تكون هناك رؤية واضحة لما سيتم القيام به في عملية تحديد وتوزيع الخسائر، ولمشروع الموازنة الذي ما زال العمل به محصوراً في أرقام النفقات والإيرادات بعيداً من الإصلاحات الأساسية. وعملية الانتقال هذه لن تكون سهلة، إذ إن خطّة التعافي محكومة بالتوافق عليها للتفاوض مع صندوق النقد، غير أن إجراءات مصرف لبنان في هذا الإطار تعزّز دوره في تكريس المسار الذي رسمه من البداية. ففي اجتماعات عقدت أخيراً تبيّن أن النزاع مع نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي على بنود خطّة التعافي ما زال سارياً، ولا سيما الشق المتعلق بتوزيع خسائر مصرف لبنان والمصارف، لا بل إن تقديم انخفاض سعر الصرف زاد من قدرة سلامة على فرض رؤيته على بعض البنود التي تتعلق بتحويل الودائع قسراً إلى الليرة واستحواذ المصارف على أملاك الدولة.
في السياق نفسه، تبدو الموازنة محكومة بمسائل متنوعة على ضفتي النفقات والإيرادات. ففي النفقات، هناك أكلاف تشغيل وصيانة وسواها يجب أن تحتسب على أساس سعر الدولار. هنا النقاش يصبح عبثياً بشكل ما. فسعر «صيرفة» لم يستقرّ بعد ليعتمد بشكل نهائي في الموازنة، بل ما يجب اعتماده هو السعر المتوقع خلال السنة بكاملها، وليس سعراً عمره يومين فقط. وإلى جانب أكلاف التشغيل والصيانة، هناك أكلاف أخرى مثل التحويلات لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول، وكيفية احتساب الدين العام بالدولار (مع اقتطاعات أو من دونها؟). كذلك يتم احتساب كلفة الرواتب والأجور في الموازنة بزيادة تتراوح بين 50% و100%! هناك الكثير من البنود في هذا المجال، مثل الدولار الديبلوماسي، وهل سيواصل مصرف لبنان تمويل الدولة بحاجاتها من الدولارات.
عملياً، كل رقم في النفقات سيؤدي إلى نتيجة مختلفة، وكل نتائج مختلفة تتطلب إيرادات إضافية. فعلى ضفّة الإيرادات يصبح الأمر صعباً أكثر إذا جرى احتساب ضرائب إضافية سواء كانت ضرائب مباشرة أم غير مباشرة. فزيادة الدولار الجمركي لن تؤدي بالضرورة إلى زيادة الإيرادات بالشكل المتوقع لأنه يحفّز التهريب ويقلص الاستيراد ويفاقم الأسعار. يجري الترويج بأن النفقات الأساسية لن تتأثّر بزيادة الدولار الجمركي، ولن تؤثّر في الأسعار، لكن الواقع هو أن بنداً واحداً مثل البنزين الخاضع للرسوم الجمركية ولضريبة القيمة المضافة سيفاقم كل الأسعار وسيؤدي حتماً إلى تقليص الاستهلاك أكثر مما تقلص لغاية الآن منذ رفع الدعم، بالتالي يصبح توقع الإيرادات أكثر صعوبة. وكل هذا النقاش يدور حول ضريبة واحدة، فكيف سيكون الأمر إذا قرّرت قوى السلطة زيادة ضريبة القيمة المضافة؟ أو زيادة رسوم الطابع المالي، ورسوم كتاب العدل، أو تعرفة الكهرباء، أو تعرفة الاتصالات، أو كلفة الاستشفاء، وسواها.
ما تغفله قوى السلطة وحاكم مصرف لبنان أن الكارثة كبيرة جداً. فالأمر لم يعد يتعلق بالخسائر في القطاع المالي (مصرف لبنان والمصارف)، بل بخسائر المجتمع التي صارت ضخمة جداً وعميقة، أي لا يمكن تداركها بالتحكّم بسعر الصرف بشكل اصطناعي كما يحصل الآن، أو عبر مساعدة اجتماعية لموظفي القطاعين العام والخاص، أو أي «سعدنات» أخرى”.
وثيقة سرّية تفْضح إعلان بايدن – الكاظمي | نائب قائد «التحالف الدولي»: لن ننسحب من العراق
جاء قرار الانسحاب الأميركي من العراق بعد تصويت مجلس النواب العراقي، بالإجماع، على طرد قوّات الاحتلال، إثر اغتيال الشهيدَين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس ورفاقهما في مطلع كانون الثاني 2020. ولأن العراق ذو أهمّية كبيرة للأميركيين، فقد بدأ، منذ لحظة الإعلان عن هذا القرار، مسعًى أميركيٌّ حثيث، بمساعدة قوًى عراقية، لتفريغ الانسحاب من مضمونه، وهو ما نجح فيه إلى حدّ كبير الجانبان (الأميركيون وحلفاؤهم العراقيون)، عبر الاتفاق الذي جرى الإعلان عنه في نهاية تموز الماضي في واشنطن، خلال اجتماع بين بايدن ورئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الذي كان وجوده على رأس الحكومة، مؤاتياً للولايات المتحدة لتضمين الاتفاق شروطاً تناسب مصالحها.
على أن بقاء القوّات الأميركية في العراق، بالهُوية الملتبسة هذه، يطرح هواجس بالنسبة إلى واشنطن، أهمّها أمن هذه القوّات، والذي لا يمكن أن يتحقّق إلّا بمنْحها حرية الحركة، بما يشمل حرية الطيران الحربي والمسيّر في الأجواء العراقية في حال الحاجة إلى الدعم والإسناد، وهو ما سعت واشنطن إلى تأمينه عبر التذرّع بالحاجة إلى ذلك، في إطار إمداد القوّات العراقية بالمعلومات الاستخبارية والتغطية الجوية في الحرب ضدّ تنظيم «داعش». لكن هذا، على أهمّيته، لا يكفي؛ إذ تحتاج القوّات الأميركية إلى غطاء سياسي أيضاً يؤمّن «شرعية» وجودها، الأمر الذي لا يتوفّر إلّا بوجود حكومة موالية لواشنطن في بغداد. ومن هنا، تُفهم الجهود الأميركية المبذولة خلْف الكوليس لتشكيل حكومة غالبية يكون فيها لحلفاء الولايات المتحدة والخليج حصّة كبيرة، وربّما الأكبر، وتستبعد القوى المعارضة للولايات المتحدة، وخاصة «الحشد الشعبي» وفصائل المقاومة. لكن تشكيل حكومة كتلك، يستتبع حتماً تكثيف عمليات المقاومة ضدّ الاحتلال، والتي بدأت وتيرتها تتصاعد منذ مطلع العام، حتى ما قبل ولادة الحكومة، فيما يُنتظر أن تتكثّف أكثر في حال تأليفها. أمّا في حال تعثُّر التشكيل بالصورة المطلوبة أميركياً، فسيُواجه الأميركيون مشكلةَ «شرعيةِ» وجود قوّاتهم في العراق، والتي تفتح الباب واسعاً أمام استهدافهم من قِبَل المقاومة، بشكلٍ قد لا يستطيعون تَحمُّله.
وتأكيداً لذلك، تكشف وثيقة سرّية حصلت عليها «الأخبار»، عن نوايا واشنطن الحقيقية بعدم الانسحاب، حيث يؤكد نائب قائد قوّات «التحالف الدولي» في العراق، الجنرال ريتشارد بيل، في اجتماع مع سفراء وديبلوماسيين عرب وأجانب معتمَدين في بغداد، في أيلول 2021، أي بعد إعلان الكاظمي – بايدن، أن لا انسحاب من العراق بعد 31- 12 -2021، وأن البيان الذي يُجمل حصيلة «الحوار الأميركي – العراقي الاستراتيجي المشترك بشأن الانسحاب تمّت صياغته بدقّة»، مضيفاً أن مهمّة قوات «التحالف» جرت إعادة هيكلتها منذ نحو عام، وأن التحدّي الأكبر أمامها اليوم هو كيفية إضفاء الطابع الشرعي على وجودها من خلال الحكومة في بغداد والمؤسّسات الدستورية، لكنه اعتبر أن المشكلة أن هؤلاء ليسوا الطرف الأقوى حالياً. وتكهّن بيل، بحسب الوثيقة، بأن الانسحاب الكامل سيؤدي إلى «نتائج كارثية»، إلّا أنه استبعد أن يسيطر «داعش» من جديد على العراق، كما فعلت «طالبان» في أفغانستان، مُتخوِّفاً من سيطرة ما سمّاه «الميليشيات»، في إشارة إلى فصائل المقاومة المتحالفة مع طهران.
هذه الوثيقة إنّما تؤكّد حقائق عدّة، أبرزها أن الانسحاب الأميركي هو شكلي وليس فعلياً، لكنّ الحقيقة الأهمّ هي أن ثمّة في العراق مَن لا يريد انسحاب القوّات الأميركية، بل وتواطأ مع الأميركيين على صياغة بيان يوحي بانسحاب لن يتحقّق فعلياً. وهذا الفريق راهن، وكسب إلى حدّ ما، على الانتخابات التي جرت في تشرين الأول الماضي، وأسفرت عن فوز قوى موالية للأميركيين والخليج، ليبقى «التيار الصدري» هو الوحيد من بين القوى الفائزة الذي ما زال موقفه غير واضح من الانسحاب الأميركي، على رغم أن قادته سبق أن أبدوا رضاهم عن الاتفاق العراقي – الأميركي بهذا الخصوص. وبمعزل عن النِّصاب السياسي الذي ستضمّه الحكومة الجديدة، ثمّة نِصاب سياسي موازٍ مكتمِل معارِض للاحتلال، خاصة حين يتّضح أن عملية الإجلاء عبارة عن التفاف على المطلب.
ولذا، لم تنتظر المقاومة، التي كانت قد توعّدت باستهداف القوّات الأميركية في حال لم تنسحب، طويلاً؛ فبدأت منذ مطلع العام الجديد عمليات استهداف للقواعد التي تضمّ أميركيين، مع التركيز على استهداف الأميركيين وليس العراقيين الموجودين داخل القواعد نفسها، وهذا ما حصل في عدد من العمليات، وخصوصاً تلك التي استَهدفت القاعدة الأميركية قرب مطار بغداد بخمس طائرات مُسيّرة، والسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، فضلاً عن استهداف قاعدة «عين الأسد»، وقاعدة بلد التي تضمّ جانباً أميركياً. وترافَقت هذه الهجمات مع توتّر أمني عراقي داخلي، يُمثّل، هو الآخر، تحدّياً للقوى التي يمكن أن تسايِر الأميركيين في بقائهم في العراق. فقد تصاعدت، خلال الأيام الماضية، عمليات استهداف مقارّ حزب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وقوات «البيشمركة» في بغداد وكركوك، فيما طاولت، في المقابل، عمليات اغتيال كوادر في «الحشد الشعبي» وفصائل المقاومة.
نوايا واشنطن والعراقيين المتحالفين معها، كانت قد اتّضحت تماماً خلال محادثات تقنية ختامية جرت في العاصمة الأميركية قبيل إعلان بايدن والكاظمي خطّة الانسحاب؛ إذ أبلغت مصادر في الوفد الأمني العراقي المفاوِض، برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، «الأخبار»، في حينه، بأنه «لن يبقى بعد الانسحاب سوى المدرّبين والمستشارين الذين طَلب العراق الاستعانة بهم، مع ما يتطلّبه بقاؤهم من خدمات لوجستية ستكون بيد العراقيين»، مضيفة أنه «سيجري الانسحاب وفقاً لاتفاق عام 2008 الذي رعى الانسحاب الأوّل للأميركيين في عام 2011، قبل عودتهم في عام 2014، من دون أيّ تعديل، وهو يشمل سحب كامل الجنود المتواجدين حالياً في العراق، بِمَن فيهم أولئك الموجودون في مطار بغداد، وتفكيك قاعدتَي عين الأسد إلى الغرب من بغداد، والحرير في أربيل». لكنّ بياناً لـ«البنتاغون» عن تلك المحادثات أشار إلى أن «الجانبَين أكدا حاجة القوّات الأميركية إلى أن تتمكّن بأمان من دعم قوّات الأمن العراقية»، ما يفتح الباب أمام تأويلات لكيفية تأمين هذه القوّات، خصوصاً أن الأميركيين لا يتركون أمن جنودهم بيد أطراف أخرى”.
المصدر: الصحف اللبنانية