ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 15-12-2021 في بيروت على موضوع تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الاميركي والاجراءات التي أعلن عنها مصرف لبنان وحديثه عن انها ستساهم بلجم تدهور قيمة الليرة، بالاضافة الى العديد من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
ميقاتي وخليل وسلامة: خسائر إضافية للناس بحجة لجم الدولار
بيان الحكومة ــــ وزارة المال ــــ «المركزي»: لجم الدولار عبر تعظيم خسائر المجتمع
وتحت هذا العنوان كتبت جريدة الاخبار “قرّرت الحكومة ومصرف لبنان ووزارة المال لجم تدهور سعر الليرة. كيف؟ شرح «المركزي» خطّته ببيان يتداخل فيه أمران: ضخّ الدولارات في السوق وبيعها على سعر «صيرفة» لامتصاص الكتلة النقدية بالليرة، وإجبار تسديد القروض التجارية بالدولار، بسعر 8000 ليرة. ويعتقد الثلاثة أن الخطوة الأولى التي عمل بها مؤقتاً لهذا الشهر، ستجفّف الليرات من السوق في مقابل ضخّ الدولارات إليه، أي التلاعب بالعرض والطلب ظرفياً، بما يؤدي إلى خفض سعر الدولار في السوق الحرّة، على أن ينعكس ذلك على سعر منصّة «صيرفة» الذي بلغ أمس 23 ألف ليرة لكل دولار. أما الخطوة الثانية، في اعتقاد الثلاثة، فتهدف إلى المزيد من امتصاص الكتلة النقدية بالليرة، رغم أن مفاعيلها ستكون هائلة لجهة زيادة كلفة تسديد القروض التجارية وانعكاسها على أسعار السلع. أتى هذا البيان بتضامن حكومي مع الحاكم في إطار هدف واحد: دهس المجتمع وإذلاله أكثر لإجباره على الخضوع أكثر مما هو خاضع.
مساء أمس، أصدر مصرف لبنان بياناً يشير إلى أنه بدعوة من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، عُقد اجتماع في السرايا الحكومية، حضره إلى الحاكم رياض سلامة، وزير المال يوسف الخليل. ويختصر البيان مقرّرات الاجتماع الذي تداول في سبل «لجم تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية»، بخطوتين:
ــــ سيقوم مصرف لبنان بتزويد المصارف العاملة بحصّتها النقدية لما تبقّى من هذا الشهر بالدولار الأميركي النقدي، بدلاً من الليرة اللبنانية، وذلك على سعر صرف منصة صيرفة. وسوف يطلب مصرف لبنان من المصارف بيع الدولارات المشتراة على سعر صيرفة كاملة إلى مختلف عملائها عوضاً عن الليرات اللبنانية التي كانت مرصودة لدفعها بالليرة اللبنانية.
ــــ سيقوم مصرف لبنان بتنظيم سداد القروض التجارية بالعملات الأجنبية نقداً بالليرة اللبنانية على السعر المحدد في التعميم 151، أي 8000 ليرة حالياً، ما يساعد على خفض الطلب على الدولار ويزيد الطلب على الليرة اللبنانية في الأسواق.
من مفاعيل هاتين الخطوتين، أنهما تؤدّيان إلى خفض مؤقّت لسعر الصرف قد لا يتجاوز أياماً معدودة، لأن عرض الدولار في السوق سيكون محدوداً بالـ«كوتا» التي خصصها مصرف لبنان للمصارف لهذا الشهر فقط. ويتعزّز ذلك بأن الخطوتين مجتزأتان عن أي خطّة شاملة لمعالجة الأزمة، أي أنه حتى الآن لم تظهر ملامح «خطّة التعافي» التي تعدّها الحكومة والتي كان يفترض ألا تلغي خطّة الحكومة السابقة، بل تعديلها بما يتناسب مع التطوّرات الأخيرة في أرقام سعر الصرف والناتج المحلي الإجمالي والتضخّم…
لكن ما هو أخطر من ذلك، أن الخطوتين تحفّزان المزيد من ارتفاع الأسعار، سواء لجهة ارتفاع كلفة الحصول على النقد الورقي بالليرة، أو لجهة شراء السلع الأساسية. وبالتالي فإن قرارات كهذه ستؤدي حكماً إلى زيادة حدّة الركود التضخمي، فأسعار السلع ستتضخم أكثر وسط ركود اقتصادي كارثي.
عملياً، إن هاتين الخطوتين تستعيدان ما قامت به قوى السلطة في فترة ما من السنة الماضية عندما قرّرت اعتقال الصرافين وزجّهم في السجن للجم تدهور الدولار. يومها انتهى الأمر بخروج الصرافين من السجن ومنحهم «مكافأة» العمل مع مصرف لبنان وفي خدمة أهدافه للمضاربة على العملة بشكل منظّم ووفق أجندة الحاكم، وليس المضاربة على العملة بشكل عشوائي. فبحسب مصادر مطّلعة، إن الصرافين يعملون بأوامر مباشرة من مصرف لبنان لبيع الدولارات وشرائها. لا بل إن المصرف المركزي، من خلال تعاملات الصرافين مع مديرية العمليات النقدية ومع منصّة «صيرفة»، صار قادراً على شراء الدولارات الورقية المتداولة في السوق.
ولا تقف رواية المصادر عند هذا الحدّ، بل تشير إلى أن الارتفاع الأخير المسجّل في سعر الصرف كان سببه شراء بعض الصرافين كميات كبيرة من الدولارات لحساب مصرف لبنان. وإذا صدقت هذه الرواية، فهذا يعني أن مصرف لبنان استعمل هذه الدولارات للتأثير النسبي في سعر الصرف، أو على الأقل في محاولة التأثير بواسطة الخطوتين المذكورتين في بيانه المسائي أمس. بمعنى آخر، إن الرواية تتجنّب توصيف عملية التلاعب بسعر الصرف التي ينفذها مصرف لبنان بالتلاعب ربطاً بحاجاته للدولارات، وربطاً بالتأثيرات السياسية التي تترافق مع ذلك. أي أن سعر الصرف تحوّل على يد سلامة وصرّافيه إلى عامل سياسي في خدمة بعض قوى السلطة، وفي خدمة مشروع كبح أي أفكار لمقاضاته وتوجيه أيّ اتهام قضائي له.
في العادة يكون الأثر معاكساً، أي أن سعر الصرف يتأثّر بالعوامل السياسية ويرتفع أو ينخفض تزامناً مع الاستقرار السياسي أو انعدام اليقين السياسي. لكن في الحالة الراهنة، يبدو أن سعر الصرف تحوّل إلى أداة سياسية سيكون لها اليد الطولى في رسم معالم المرحلة المقبلة لجهة توزيع الخسائر على أبواب الانتخابات النيابية.
كذلك، يمكن قراءة البيان من زاوية أخرى مفادها أن الحكومة ومصرف لبنان يعتقدان بأن شراء الوقت هو الحيلة الأكثر ملاءمة الآن في انتظار معجزة ما لانعقاد الحكومة أو للاتفاق مع صندوق النقد الدولي. لكن لا يمكن شراء الوقت، إلا عبر إجراءات تعسّفية تطاول الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع. الهدف الأساسي لهذه الإجراءات هو كبح الاستهلاك. وهو أمر لا يمكن تحقيقه من دون رفع الأسعار. وبالتالي فإن استخدام السياسات النقدية في هذا السبيل يتيح امتصاص السيولة بالليرة من دون أي اعتبار لانعكاسات ذلك على حاجات المجتمع وتراكم خسائره.
واللافت أن تكون وزارة المال حاضرة في هذا الاجتماع من دون أن يكون لها أيّ دور أو وظيفة، حتى لو كان الهدف المعالجة المؤقتة. فما تقوم به وزارة المال، هو أنها تتفرّج على كل هذه التداعيات الكارثية، فيما هي غارقة في دراسة سيناريوات زيادة الإيرادات عبر زيادة الدولار الجمركي وزيادات ضريبية أخرى. بهذا المعنى، يجري تسخير السياسات الضريبية لأهداف يرسمها مصرف لبنان حصراً برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وإشرافه”.
البناء:
بوتين متمسك بضمانات تجميد الناتو… وإيران متمسكة بالحفاظ على أجهزة الطرد / القمة الخليجية تتبنى المطالب السعودية من لبنان… واستعدادات لتتويج بن سلمان ملكاً / الدولار يلامس الـ30000 ليرة… وسلامة يعلن إجراءات للسيطرة على سعر الصرف
وتحت هذا العنوان كتبت جريدة البناء “الحكومة مجمدة والتحقيق مجمد، ورئيس الجمهورية يعلن يأسه من دعوات الحوار وينصح بتغيير المتحاورين، والمحقق العدلي يتهرب من جلسات تحقيق مع الملاحقين خشية دعاوى الرد وكف اليد، والدولار وحده حاكم بأمر العباد والبلاد، والحاكم المفترض أنه مسؤول عن استقرار سعر الصرف يراقب من بعيد حتى تصل الصرخة حد الوجع الخطير، الذي يهدد بالتفجير فيقترب ويصدر بياناً ويعلن عن إجراءات، لا تلبث أن تتلاشى كالتي سبقتها، وقد بات في لبنان للدولار خمسة أسعار، وربما يبتكر الحاكم سعراً سادساً هو سعر دولار الاتصالات أسوة بدولار المحروقات، للسير تدريجاً نحو رفع الدعم، كما تم في مسار المحروقات، واللبنانيون مسؤولين ومواطنين يتابعون ما يجري على منصات التواصل الاجتماعي وشبكات الأخبار، والذين ينزلون إلى الشوارع لم يعودوا يمثلون حالة شعبية كالتي شهدناها في انتفاضة تشرين قبل عامين، فقد غادر الشعب الشارع إلى غير رجعة، كما غادرت السلطة موقع المسؤولية إلى غير رجعة.
في المشهد الدولي والاقليمي تتوزع التطورات بين موسكو وفيينا والرياض، ففي موسكو يدير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معركته لربط الاستقرار في محيط روسيا بتوفير متطلبات أمنها القومي، وفي مقدمة الشروط منع تمدد حلف الناتو إلى دول شرق أوروبا، وتبدو أوكرانيا على صفيح ساخن تنتظر وتترقب نتائج التفاوض الذي يجريه بوتين مع قادة أوروبا، الذين يخشون تأثر أمن بلادهم من أي انفجار في الوضع الأوكراني، ويخشون على اقتصاداتهم من وقف تدفق الغاز الروسي، ويخشون أكثر أن تتركهم واشنطن في منتصف الطريق بعدما جربوا الورطة في أفغانستان وما زالوا يعانون التداعيات.
في فيينا تواصل إيران إدارة التفاوض على البارد حول مستقبل ملفها النووي، بعدما وضعت شروطها بوضح إلغاء كامل للعقوبات مقابل عودة كاملة للالتزامات، لكن بشرط الحصول على ضمانات لعدم حدوث انسحاب أميركي جديد، يعيد العقوبات كما حدث مع الرئيس السابق دونالد ترامب، والضمانات الإيرانية هي نقطة الوجع الأميركية التي يمثلها الحفاظ على ما حققته إيران من تقدم في برنامجها النووي رداً على الانسحاب الأميركي، وقلب هذا الإنجاز تمثله أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي قامت إيران بتصنيعها وتركيبها واعتمادها في تخصيب مرتفع النسبة لليورانيوم بكميات تقلق واشنطن والغرب من اقتراب إيران من امتلاك ما يكفي لتصنيع سلاح نووي، وفيما تطلب واشنطن تفكيك هذه الأجهزة وتدميرها، كما حدث بعد اتفاق 2015، وضعت روسيا على الطاولة فرضيتين جديدتين، الأولى هي ترحيل الأجهزة واليورانيوم المخصب للحفظ خارج إيران، بينما تطلب إيران الاحتفاظ بها داخل حدودها تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في الرياض عقدت القمة الخليجية التي ترأسها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد جولة شملت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وكان لافتاً أن تتضمن كل البيانات الختامية لجولته إشارة للوضع في لبنان بلغة تشبه ما تضمنه البيان السعودي- الفرنسي، وجاء البيان الختامي للقمة الخليجية مشابهاً على هذا الصعيد، مع لهجة متشددة تجاه حزب الله، في توقيت يمني يزداد صعوبة من جهة، وتوقيت سعودي يقول المغرد المعروف مجتهد، الذي ينقل عادة أخباراً دقيقة عن ما يجري في الديوان الملكي السعودي وكواليس صناعة القرار، إنه توقيت الاقتراب من تنصيب ولي العهد على العرش الملكي، ما يحتاج إنهاء أجواء التشنج التي لا تزال تحكم الموقف الأميركي تجاه هذا الانتقال.
يزدحم المشهد الداخلي بحزمة أزمات وملفات خلافية ما زالت حلولها متعثرة ومؤجلة إلى أجل غير مسمى، في ظل ارتفاع قياسي وتدريجي بسعر صرف الدولار باتجاه الثلاثين ألف ليرة في السوق السوداء ما يفتح الباب أمام المزيد من الانهيار المالي والاقتصادي، وبالتالي اقتراب الانفجار الاجتماعي في الشارع وعودة الفوضى الأمنية في ظل معلومات باتت في حوزة مراجع أمنية وسياسية رسمية عن مشروع خارجي لتفجير الساحة الداخلية من عنوانين، الأول ملف تحقيقات المرفأ واستحضار مشهد الطيونة، والثاني التلاعب بالعملة الوطنية.
وسجل ملف المرفأ المزيد من المستجدات، فبعد أيام من تأكيد المحقّق العدلي في قضية المرفأ القاضي طارق البيطار، تنفيذ مذكّرة التوقيف بحق النائب علي حسن خليل في شكل فوري وعاجل وأحالها إلى النيابة العامة، أعادت الأخيرة المذكرة إلى الأجهزة الأمنية للتنفيذ خارج دورة الانعقاد العادي لمجلس النواب الذي ينتهي بعد أسبوعين. فيما أفيد أن البيطار مصرّ على تنفيذ «المذكّرة»، ما سيرفع نسبة التوتر السياسي والطائفي في البلد ويهدّد السلم الأهلي والاستقرار الداخلي.
ورأت مصادر قانونية وسياسية لـ»البناء» في إصرار المحقق العدلي على تنفيذ مذكرة التوقيف إمعان بمخالفة الدستور والأصول القانونية وتسييس الملف لأهداف مبيتة، في حين أوضح الخبير الدستوري والقانوني، د. عادل يمين لـ»البناء» أنه «استناداً إلى أحكام المادة 207 وما يليها من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي رقم 17 تاريخ 6 أيلول 1990، فإنّ مدير عام قوى الأمن الداخلي وضباط قوى الأمن الداخلي والرتباء في القطعات الإقليمية وفي الشرطة القضائية، هم ضباط عدليون مساعدون للمدعين العامين، وتُوجِه السلطات العدلية مراسلاتها إلى قادة وآمري ورؤساء القطعات في قوى الأمن الداخلي، فيعمل هؤلاء على تنفيذ ما هو مطلوب منها، واستناداً إلى المادة الأولى من القانون ذاته تشمل مهام قوى الأمن الداخلي تنفيذ الإنابات والتكاليف القضائية والأحكام والمذكرات العدلية في مجال الضابطة العدلية، وبحسب أحكام المادة المادة 38 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يقوم بوظائف الضابطة العدلية تحت إشراف النائب العام لدى محكمة التمييز، النواب العامون والمحامون العامون وبناء عليه القوى الأمنية ملزمة بتنفيذ المذكرة».
وفيما يسري الهمس في الكواليس أن بعض الجهات طرحت أن يقوم جهاز أمن الدولة بتنفيذ المذكرة بحال تخلف قوى الأمن الداخلي عن ذلك، أوضح يمين أن النيابة العامة أحالت المذكرة إلى الأجهزة الأمنية ومن ضمنها مديرية قوى الأمن الداخلي، وبالتالي يمكن أن ينفّذها أمن الدولة بحال وصلته الإحالة.
وفي حين رأت مصادر أخرى بقرار النيابة العامة تأجيل تنفيذ المذكرة حتى انتهاء دورة انعقاد المجلس «تسوية موقتة» لتأجيل المشكلة، اتهمت مصادر نيابية البيطار باستغلال اقتراب نهاية العقد العادي لمجلس النواب للدفع باتجاه تحريك مذكرة توقيف وزير المال السابق، ما يفضح التوقيت المريب والمشبوه الذي اختاره البيطار ومن يقف خلفه لإعادة تحريك الملف، بعدما تراجع لصالح البحث عن تسوية سياسية– قضائية في اللقاء الرئاسي الثلاثي في عيد الاستقلال، ما يعني بحسب ما قالت المصادر لـ»البناء» إن «جميع الحلول وصلت إلى طريق مسدود والبيطار ماضٍ في مشروعه المدعوم من جهات داخلية وخارجية لأهداف سياسية بحتة»، محذّرة من جرّ البلد إلى مشهد مشابه لأحداث الطيونة». ولفتت المصادر إلى أن «الكرة في ملعب المديرية العامة القوى الأمن الداخلي التي سبق وأبلغت المراجع السياسية والقضائية المعنية بأنها لن تستطيع تنفيذ المذكرة، كون ذلك يهدد السلم الأهلي»، مرجحة تكرار اللواء عماد عثمان تحفظه على المذكرة لصعوبة تنفيذها.
واستبق المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ أحمد قبلان، الأخبار الآتية من قصر العدل، بهجوم عنيف على القاضي البيطار وذلك عبر كتاب مباشر وجهه إلى «الشعب اللبناني المظلوم» بحسب وصفه، متهماً المحقق العدلي بتنفيذ مشروع سياسي خارجي «حتى لو وصل الدم للركب».
وعكس موقف قبلان مناخاً من الغضب يسود أجواء ثنائي «أمل» و»حزب الله» الذي اتخذ القرار بمواجهة المحقق العدلي بشتى الوسائل، وصولاً إلى مرحلة العودة إلى الشارع، بحسب ما أكدت أوساط «الثنائي» لـ»البناء»، مشيرة إلى أن «مذكرة البيطار لا تقدّم ولا تؤخّر سوى أنها تزيد التوتر، والثنائي لا يعترف بكل القرارات والمذكرات التي يصدرها البيطار»، وحذّرت من أن أي «دعسة ناقصة أو اللعب بالتوازنات السياسية والطائفية وبأمن البلد، سيهدد السلم الأهلي ويدفع الأمور إلى انفجار واسع النطاق، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية والحقن الطائفي السائد على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات النيابية».
وأشار قبلان إلى أن «ما يجري هو حرب مالية شاملة بأسوأ أدوات القتل، عبر «مركز قيادة ناظمة اسمها عوكر» التي تمارس دور غرفة عمليات اللعب بالدولار عبر أدواتها المالية من كارتيل المصارف وحاكم المركزي وعصابات مالية وصيرفية وتجار ووكلاء، يمارسون دور المقاول العابر للقارات بتنسيق هرمي كبير، توازياً مع قرار سياسي دولي محلي بحماية المندوب القضائي الأميركي طارق البيطار المصرّ على إغلاق البلد سياسياً حتى لو وصل الدم للركب».
ولفت قبلان إلى أنه «الآن البلد على قرن شيطان، فيما عفاريت التبعية المالية السياسية يصرّون على إغراق البلد وترويع الناس وتجويعها عبر الإطاحة بالليرة وسط تسونامي دولار وظيفته تمزيق البلد وتأمين شروط «خريطة تقسيم»، ولو على ركام من الأشلاء وسط دولة وإدارات ومؤسسات حكومية شديدة الإستهتار والتهرب. ولذلك، الحل بحماية لبنان من عصابات المال والسياسة التي تلعب دور الجيوش المحلية لواشنطن ولا يهمّها إلا الأرباح الخاصة، ودعونا من الطائفية لأنها ليست إلا شماعة واشنطن ودشمها، وبداية الحلّ تمرّ بالخيار السياسي مهما كان مراً إلا أنه أقل ضرراً من لعب دور «التبعية العمياء لواشنطن» التي ما تمكّنت من بلد إلا مزقته، وحوّلت وحدته الوطنية دويلات تتآكلها نيران الحرب الطائفية والجوع السياسي والانهيار المالي».
في سياق ذلك، أشار نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في لقاء «لتجمع العلماء المسلمين إلى أن السبب الأساسي للأزمة أن «بيطار خرج عن العدالة إلى مصلحة الاستنسابية، وكان واضحاً أنه يستهدف فريقاً في لبنان، وهو فريق المقاومة وحلفائها ومن معها. هناك ثلاثة طرق لمعالجة هذه المشكلة: من خلال مجلس القضاء الأعلى، ومن خلال المجلس النيابي، ومن خلال الحكومة، قبل أن يدعي أحد أنه بريء ولا علاقة له، وأن المؤسسات يجب أن تسير في شكل عادي وطبيعي، فليعالج المشكلة قبل أن تكبر، نحن عندما نصر على معالجة مشكلة البيطار فلأننا لا نريد لها أن تكبر أكثر، نريد أن تسير العدالة بمسارها الطبيعي، وأهل الضحايا وشهداء المرفأ يأخذوا حقوقهم، ويعرف من هو المذنب ومن هو المقصر، ويحاسب على العمل ولكن بعدالة، فأين العدالة إذا كان هناك عدد من الأشخاص الآن قيد الاعتقال والقاضي نفسه يقول هؤلاء ليسوا مذنبين، لماذا الاستمرار باعتقالهم؟ من يريد الحل عليه أن يذهب لحل المشكلة».
ولفت قاسم إلى أن هناك «حملة ممنهجة ومنظمة على حزب الله وحلفائه وعلى المقاومة في لبنان وفي المنطقة، تديرها أميركا والأتباع وينخرط فيها بقايا 14 آذار في لبنان، وبعض جماعات المجتمع المدني الذين تديرهم السفارة الأميركية. وعناوين الحملة واحدة ضد حزب الله وضد المقاومة وسلاحها. يعتبرون أن كل ما يحصل من مشكلات وتعقيدات وأخطار في لبنان يرد إلى المقاومة، من أجل تشويه صورتها وقلب الحقائق لكسب التأييد الدولي والمال الخليجي، والتأثير في نتائج الانتخابات النيابية المقبلة، لأنهم يعولون عليها في التغيير والحصول على أكثرية متقدمة». وأضاف: «المقاومة من هذا الشعب اللبناني وقد تصدت للفتن المتنقلة التي لم تتمكن من الاستمرار بسبب موقف المقاومة وحلفائها، وآخرها الفتنة الكبرى التي قامت بها القوات اللبنانية بإحداث مجزرة في الطيونة ليجرونا إلى معركة داخلية، يمكن أن تودي إلى حرب أهلية، لاعتقادهم أن هذا الأمر ينفعهم في قيادة لبنان المستقبل المنهار بفعل أعمالهم العدوانية والإجرامية، ولكن حكمة وصبر قياديي حزب الله وحركة أمل وجمهور المقاومة في شكل عام هو الذي فوت هذه الفرصة، فانقلب السحر على الساحر، ولم ننجر إلى ما يريدون».
وتوقعت مصادر «البناء» أن ترجل الأزمة الحكومية إلى العام المقبل وأن المساعي على خط بعبدا– عين التينة– حارة حريك- السراي الحكومي، لتفعيل عمل الحكومة باءت بالفشل، وبالتالي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لن يدعو إلى جلسة قبل حصول توافق عليها. برزت سلسلة مواقف أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون خلال لقائه وفد نقابة المحررين في بعبدا، ظهرت الخلاف بين عون وحزب الله في ملف المرفأ، حيث أكد رئيس الجمهورية ضرورة عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت مقاطعتها، وقال: «بتنا أمام وجوب الاختيار بين السياسة والقضاء، فلمن الغلبة؟ للصفة التمثيلية أم القضائية؟. وشدد على أنه «لا يمكن إبقاء الحكومة معطلة، فهناك أمور تحتاج إلى البت بها، ومنها مثلاً إقرار الموازنة لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها من المواضيع»، وأوضح أن «التفاهم قائم في شكل كبير مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وإن وجود اختلاف في الرأي أحياناً لا يعني الخلاف، ولا يجب أن يسمى بذلك. أما عن العلاقة مع حزب الله، فهناك أمور يجب أن تقال بين الأصدقاء، ونحن ننادي بما يقوله الدستور، لأن عدم احترامه يعني أن تسود الفوضى».
وتساءل رئيس الجمهورية عما إذا كان «تسليم الأموال إلى الشعب مباشرة من دون المرور بالدولة، هو لتمويل الانتخابات النيابية وايصال من ليس لديه تجربة إلى الندوة البرلمانية؟». لافتاً إلى أنه طالب منذ سنة ونصف «بالتدقيق الجنائي، لمعرفة مسار المال العام، من سرقه أو أهدره أو من أخطأ في شكل فظيع في إدارته»، وأشار إلى أنه كان مرتاحاً «أن المجتمع بلغ نضجاً يشجعه على المضي في الاصلاح، إنما اليوم لم أعد أسمع أي صوت ينادي بالاصلاح، بل أسمع من يهاجمني ويتهمني بإعادة النظام الرئاسي». وأمل رئيس الجمهورية بعد هذه الأحداث، «نهاية حقبة معينة تخطى عمرها الـ30 سنة، وباتت تحتاج إلى تغيير»، وأكد من جهة ثانية أن «الانتخابات ستحصل، والأمر الذي غيرته هو تاريخ إجرائها من 27 آذار إلى 8 أو 15 أيار، ونحن سنتفق على ذلك».
في سياق ذلك، رأى تكتل «لبنان القوي» أثر اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل أنه «لم يعد هناك أي تفسير أو مبرر لعدم انعقاد مجلس الوزراء، فالتعطيل تخطى سقف المناكفات السياسية، ليصبح ضرراً مباشراً على الناس يتحمل مسؤوليته كل طرف معطل، فكيف لا تجتمع الحكومة في بلد يتواصل فيه انهيار العملة الوطنية، وكيف لا يلتئم مجلس الوزراء وهو المسؤول دستورياً عن إيجاد الحلول المالية والاقتصادية للأزمات التي يعاني منها اللبنانيون؟، وأضاف «إن الحكومة مدعوة إلى الانعقاد وإلا فهي تكون قد اسقطت نفسها دستورياً وسياسياً وشعبياً، وباتت بسكوتها أقرب إلى موقف المتواطئ. ويعتبر التكتل أنه من الضروري أن يعقد مجلس النواب جلسة مساءلة للحكومة بناءً على أحكام النظام الداخلي، في ضوء عدم دعوة مجلس الوزراء للانعقاد والامتناع عن معالجة الأزمة المستفحلة، وترك حاكم مصرف لبنان يتسلط ويصدر التعاميم العشوائية من دون دراسة أو تدارك انعكاساتها على حياة اللبنانيين».
وحذر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر تويتر، بالقول: «إلى متى ستبقى الحسابات الفئوية الصغيرة أقوى من مصلحة الوطن، ماذا ينتظرون وقد بدأ الهيكل ينهار على رؤوس الجميع».
وإزاء تسجيل سعر صرف العملة الوطنية المزيد من الانهيار وبدء الانعكاسات السلبية في الشارع بقطع عدد من الطرقات في بيروت والشمال والجنوب، ترأس الرئيس ميقاتي اجتماعاً مالياً في السراي الحكومي حضره وزير المالية يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، جرى التداول فيه في السبل العائلة للجم تدهور سعر الصرف. وأعلن مصرف لبنان في بيان اتخاذه التدابير التالية: «تزويد المصارف العاملة بحصتها النقدية لما تبقى من هذا الشهر بالدولار الأميركي النقدي بدلاً من الليرة اللبنانية، وذلك على سعر صرف منصة صيرفة. وسوف يطلب مصرف لبنان من المصارف بيع الدولارات المشتراة على سعر صيرفة كاملة إلى مختلف عملائها عوضاً عن الليرات اللبنانية، التي كانت مرصودة لدفعها بالليرة اللبنانية. تنظيم سداد القروض التجارية بالعملات الأجنبية نقداً بالليرة اللبنانية على السعر المحدد في التعميم 151 أي 8000 ل.ل. حالياً، ما يساعد على خفض الطلب على الدولار ويزيد الطلب على الليرة اللبنانية في الأسواق»”.
المصدر: الصحف اللبنانية