ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 01-11-2021 في بيروت على الأزمة الديبلوماسية التي افتعلتها السعودية مع لبنان والمواقف العالية السقف التي تخللتها، وأوحت بنذر قرار حرب سياسية اقتصادية دبلوماسية تشنها السعودية على لبنان لتحقيق جملة أهداف وللهروب من المأزق الذي تواجهه في اليمن وساحات أخرى في المنطقة..
الأخبار
لبنان يرفض الابتزاز والسعودية تهدد بعقوبات اقتصادية
ميقاتي للغرب: غطّوني أو أستقيل
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “يعرف الرئيس نجيب ميقاتي قواعد اللعبة. السعودية لم تختَره رئيساً للحكومة. وهي أساساً غير مهتمة بالتواصل معه. ويعرف أيضاً أنه جاء إلى رئاسة الحكومة بغطاء أميركي وفرنسي. لذلك، يتصرف عملياً على أساس أن باريس أولاً، ثم واشنطن وربما آخرون، هم من يقررون مصير حكومته. لذلك عمد فور اندلاع «الغضب السعودي» من تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، إلى التواصل مع الفرنسيين والأميركيين طالباً المشورة والعون. وأول ما سمعه: لا تستقل، دعنا نحاول التوسط، لكن فَكّر في خطوة تساعدنا! ومع تعثر المحاولات في لبنان، توجه ميقاتي إلى بريطانيا للمشاركة في قمة المناخ، حيث يتوقع أن يلتقي هناك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ويجري اتصالات للاجتماع بمسؤولين أميركيين، وفي جيبه ورقة من خيارين: إما توفير تغطية دولية لحكومتي أو الاستقالة!
الوساطة مع الغرب بدأت بتواصل وزير الخارجية عبدالله بو حبيب مساء الجمعة مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشرق الأوسط فيكتوريا نولاند التي أبلغته استعداد بلادها للتوسط شرط تقديم لبنان تنازلاً كاستقالة قرداحي. ثم عاد رئيس الحكومة واتصل بالمسؤولة الأميركية التي أعادت على مسمعه ما أبلغته لوزير الخارجية، ولم تجبه على طلبه بترتيب لقاء له مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على هامش قمة المناخ في اسكتلندا. وقد كان ميقاتي صريحاً في إبلاغ المسؤولة الأميركية بأنه غير قادر على إجبار قرداحي على الاستقالة، وأن استقالته ستفتح الباب على تعقيدات قد تقود إلى استقالة وزراء حزب الله وربما وزراء حركة أمل ما سيطيح بالحكومة. فانتهى الاتصال بنصيحة من نولاند لميقاتي بـ«الاستعانة بصديق»، هو البطريرك الماروني بشارة الراعي، علّ الأخير يقنع قرداحي أو فرنجية اللذين دعاهما إلى زيارته.
استجاب البطريرك وأبدى حماسة للتدخل لمعالجة الأمر، على رغم كلام قيل له بأن لا مصلحة لبكركي بذلك، خصوصاً بعد تدخله لمعالجة ذيول كمين الطيونة. لكنه اعتبر أن الموضوع السعودي حساس وهو الذي تربطه بالرياض علاقة وثيقة. لذلك، طلب من فرنجية زيارته برفقة الوزير قرداحي. لكن فرنجية قرر التوجه بمفرده، وكان شديد الوضوح في القول للبطريرك بأن ما يجري ليس سوى عملية إذلال وابتزاز لن يقبل الوقوع تحتها مهما حصل. وهو لا يرى موجباً لاستقالة وزير أدلى بموقف قبل توليه منصبه، ويعبّر عن موقف سياسي مثل أي شخص في العالم. وأبلغه بأنه شخصياً لن يطلب من قرداحي الاستقالة. ولفت فرنجية انتباهَ الراعي إلى أن هذه الطريقة في التعامل لا تعكس احتراماً للبنان، وأنه لا يجوز للبنانيين الوقوع تحت ضغط هذا النوع من الابتزاز. في وقت لاحق، زار قرداحي الراعي الذي حثّه على الاستقالة مع تعمّد تسريب الطلب، فأعاد وزير الإعلام شرح موقفه، وقال إنه مستعد لأي خطوة ضمن سياق عام، لكن العلاج لا يتم على هذا النحو.
وكان فرنجية قد تشاور مع حلفائه، وسمع كلاماً واضحاً من قيادة حزب الله بأنه لا يحبذ تقديم قرداحي استقالته من الحكومة. وقال مرجع سياسي إن ميقاتي لم يهدد بإقالة وزير الإعلام لأنه تبلغ أنه في حال لم يكن موافقاً على معالجة مختلفة، فليستقل هو من الحكومة إذا وجد نفسه غير قادر على الاستمرار في مهمته أو لم يكن قادراً على تحمل الضغوط السعودية.
ميقاتي أجرى أيضاً مشاورات مع الرئيس نبيه بري الذي ينسق مع قيادة حزب الله ورئيس تيار المردة. وفهم رئيس الحكومة أن الثنائي الشيعي لا يمانع أي حل، ولكن ليس من زاوية الخضوع للابتزاز السعودي. بينما سارع فرنجية إلى إبلاغ الرئيس ميقاتي بأنه في حال إقالة أو استقالة قرداحي فهو لن يعيّن بديلاً عنه، وهو ما عدّه ميقاتي موقفاً عالي السقف. في هذه الأثناء، تبين أن كل ما فعله الأميركيون هو الطلب من الكويت تجميد قرارها سحب سفيرها بانتظار نتائج لقاء الراعي مع فرنجية. وبعد إعلان الأخير موقفه صدر القرار الكويتي بسحب السفير.
عدم الإقالة أو الاستقالة زاد من غضب السعودية التي بقيت مصرّة على موقفها، وزاد من هذا الغضب تسمية حكومة صنعاء شارعاً في العاصمة اليمنية باسم قرداحي، ورفع صور له. لذلك، أعطت الرياض، بحسب مصادر، «مهلة غير مفتوحة لمعالجة الوضع» لا تتعدى يومين، قبل اتخاذ قرار قطع العلاقات مع لبنان وسحب السفراء. فيما فُهم أن إقالة قرداحي أو استقالته تعيد العلاقة إلى مرحلة ما قبل كلامه، أي أن الرياض باقية على موقفها من الحكومة وعدم تقديم أي مساعدة للبنان. والإقالة أو الاستقالة تعني فقط وقف الإجراءات الديبلوماسية الأخيرة وعدم قطع العلاقات. وبحسب المصادر فإن الرياض، في وجه رفض الاستقالة، بدأت بوضوح «إجراءات الطلاق» مع الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها، وهي تنوي رفع مستوى الحصار من خلال فرض عقوبات على كيانات وشخصيات لبنانية بتهمة العمل ضد مصالحها أو دعم الإرهاب في الجزيرة العربية. وستقفل الأبواب أمام أي نوع من الدعم للبنان. وذهبت مصادر معنيّة إلى أن السعودية قد تطلب من القوى الحليفة لها في لبنان، أو تلك التي تمون عليها، مثل القوات اللبنانية وتيار المستقبل، الاستقالة من المجلس النيابي وتعطيل المجلس لا الحكومة حصراً.
حلفاء السعودية في لبنان يراهنون على موقف ما من رئيس الجمهورية ميشال عون ومن الرئيس ميقاتي. يلفت هؤلاء إلى أن الأول سبق أن تخلى عن وزير الخارجية شربل وهبه ولا يمكن أن يتحمل في نهاية عهده قطع العلاقات الخليجية مع لبنان، وأن للنائب جبران باسيل مصلحة بتسجيل موقف مراع للسعودية في وجه فرنجية. أما ميقاتي فلن يكون قادراً على الاستمرار في حكومة في وجه السعودية بعدما كان يراهن على أن تكون حكومته حكومة انفتاح عليها.
رغم ذلك، أبلغ رئيس الحكومة وزراء بارزين وجهات سياسية وسفراء أجانب أنه لا ينوي الاستقالة، وسيسعى خلال مشاركته في قمة المناخ إلى إجراء الاتصالات الهادفة إلى فتح حوار مع السعودية. وبعد تشكيل خلية الأزمة التي ضمت كالعادة وزراء يمثلون جميع الطوائف في الحكومة، علماً أن مشاركة الوزير يوسف خليل تمت من دون موافقة الثنائي الشيعي، وعقد الاجتماع في مكتب وزير الخارجية، ليصار بعدها إلى دعوة نائب السفيرة الأميركية، ريتشارد مايكلز، للمشاركة في الاجتماع (لم يستنكر أحد حضور مسؤول أميركي اجتماعاً رسمياً لبنانياً). وبدا الموقف الأميركي أكثر استياء مما ظهر علناً. وخلافاً لما أشيع، لم يتحدث الديبلوماسي الأميركي عن شروط سعودية في ما خص الموقوفين في ملف تهريب المخدرات أو أي ملفات عالقة بين لبنان والسعودية، بل ركّز على أن مدخل الحل يكون باستقالة قرداحي. وفهم أن هناك خلافاً داخل خلية الأزمة على كيفية مقاربة الأزمة: بين من يُريد الاعتذار للسعودية واستقالة قرداحي، ومن يطلب ربط الاستقالة – إذا كان لا بُدّ منها – بمقابل يحصل عليه لبنان. «فما جرى لا يتعلّق فقط بكلام قرداحي، والدليل على ذلك بيان السعودية التي اشتكت مثلاً من عدم تنفيذ لبنان لوثيقة التعاون القضائي الدولية، علماً أنّ لبنان لم يوقّع عليها أصلاً. كما اشتكت من عدم التعاون في مكافحة تهريب المخدرات، علماً أنّ وزير الداخلية الأسبق محمد فهمي قدّم لهم تقريراً عن كل مراحل التعاون». كذلك يسود أجواء الخارجية امتعاض من تصريح السفير اللبناني لدى السعودية فوزي كبارة الذي تحدّث عن إمكانية عودة العلاقات إلى طبيعتها «في حال نفّذ لبنان ما هو مطلوب منه»، فبدا كأنّه متحدّث باسم السعودية وليس لبنان، وتحدّث خلافاً لموقف الدولة الرسمي.
مع ذلك فإن ميقاتي لا يزال يعوّل على لقاء يعقده مع وزير الخارجية الأميركي على هامش قمة المناخ المقررة في غلاسكو، من أجل تحصين حكومته في وجه رد الفعل السعودي. لكنه أُبلغ ظهر أمس، من قبِل الأميركيين، أن لا لقاء مع بلينكن، ما اعتبره أول رسالة سلبية أميركية. فعاد ليتصل بالفرنسيين الذين يقولون إنهم رتبوا اجتماعاً له مع ماكرون. ويفترض بالأخير إجراء الاتصالات لترتيب لقاءات لميقاتي مع مسؤولين أميركيين. ويشيع ميقاتي في أوساطه أنه لا يرى داعياً لبقاء الحكومة في حالة كانت تحت حصار عربي وغربي وغير قادرة على القيام بأي إصلاحات. علماً أنه يعرف أن سبب الحرص الغربي على بقاء الحكومة يتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة التي يتوقع الغرب أن يحقق حلفاؤه فوزاً كبيراً فيها.
إلى ذلك، تبيّن أن استقالة قرداحي كانت عنواناً لنقاش موسع حول ما تقوم به السعودية في لبنان، وأن في لبنان قوى بارزة لن تقبل مقايضة استقالة وزير بعودة السفير وليد البخاري إلى بيروت، وأن الأخير بات شخصاً غير مرغوب به من قبل غالبية الشعب اللبناني، وهو محل تندّر جميع من يلتقونه، لا سيما حلفائه من الإعلاميين والسياسيين. كما أن تقارير وزارة الخارجية السعودية تصف جهده في لبنان بأنه «غير ذي جدوى».
فشل في الحوار مع إيران حول حزب الله.. السعودية: المسألة تتجاوز قرداحي
علمت «الأخبار» من مصادر واسعة الاطلاع أن قرار السعودية قطع العلاقات مع لبنان متخذ منذ أسابيع، وأن التوقيت لم يكن يحتاج سوى إلى ذريعة تم استخراجها من تصريح لوزير الإعلام جورج قرداحي أدلى به قبل تأليف الحكومة بوقت طويل. لكن الأمر بالنسبة للسعوديين احتاج إلى هذه الذريعة نتيجة رفض الولايات المتحدة وفرنسا ودول خليجية قرار محاصرة لبنان وإخضاعه لعقوبات واسعة.
وذكرت المصادر أن الجانب السعودي أبلغ جهات دولية وعربية أن مشكلته تنطلق من الدور «العملاني والكبير» الذي يقوم به حزب الله في اليمن، وأن الرياض في حال إحباط نتيجة رفض الجانب الإيراني التجاوب مع طلبها التدخل لدى الحوثيين للقبول بوقف لإطلاق النار، ثم زاد الإحباط عندما طرح السعوديون مسألة «خبراء حزب الله في اليمن» وجاءهم الجواب الإيراني: اذهبوا إلى بيروت وابحثوا الأمر هناك!
وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أعلن صراحة في مقابلة مع شبكة «سي أن بي سي» الأميركية، بأن سبب الوضع الحالي بين السعودية ولبنان «أوسع من مجرّد تعليقات وزير واحد»، وأن المشكلة هي في «واقع أن المشهد السياسي في لبنان لا يزال يُهيمن عليه حزب الله». ورفض أن يُسمّي ما يجري حالياً بين البلدين بـ«الأزمة»، معلناً أن السعودية تعتقد أن التعامل مع لبنان في هذه المرحلة «غير مثمر أو مفيد» بالنسبة لها، وليس من مصلحتها.
الوزير السعودي كرّر موقفه في حديث إلى وكالة «رويترز» بالقول: «القضية أوسع بكثير من الوضع الحالي… المهم أن تُصيغ الحكومة في لبنان، أو المؤسسة اللبنانية، مساراً للمُضي قدماً بما يحرّر لبنان من الهيكل السياسي الحالي، الذي يُعزّز هيمنة حزب الله».
ميقاتي: اللهم إني قد بلّغت
في مجموعة «واتساب» التي تضم وزراء الحكومة، وصلت رسالة مساء أمس من الرئيس نجيب ميقاتي كتب فيها: «أعزائي جميعًا، الله وحده يعلم مدى سعادتي بهذه المجموعة المميزة، ويزداد سروري بجديتكم بالعمل والمثابرة من أجل انجاح مسيرتنا. ولا أخفي عليكم انني كنت ناشدت سابقًا معالي الوزير قرداحي بأن يغلّب حسه الوطني على اي أمر آخر، ولكن هذا لم يُترجم واقعياً، وعليه نحن أمام منزلق كبير. واذا لم نتدارك حل هذه الازمة سريعًا، نكون وقعنا في ما لا يريده احد منا. اللهم اشهد إني قد بلغت…».
اللواء
الرياض لمعالجة ارتهان البلد لإيران.. ومصير الحكومة يتقرَّر «في قمة المناخ»!
رعونة سياسية تحمي «تهوُّر قرداحي» والانقسام الوزاري يُهدِّد برنامج الكهرباء والغاز ومفاوضات الصندوق
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “كأن الإجراءات الخليجية التي تسببت بها «الرعونة» لدى بعض اللبنانيين، في مواقع شتى، والتي من شأنها ان تلحق الضرر الفادح بالمصالح اللبنانية، سواء في ما خصّ الاحتضان السياسي، أو الدعم الاقتصادي عبر الاستيراد للمزروعات والبضائع أو توفير الفرص للمواطنين للعمل، بل مضى الفريق المناهض إلى «صب الزيت» على النار، تارة عبر حضّ وزير الإعلام جورج قرداحي على عدم الاستقالة، والتمسك بالبقاء في الحكومة، على الرغم مما لمسه من رغبة رئاسية مشتركة باتخاذه خطوة الاستقالة، وليس الاقالة، لأسباب ليس أقلها عدم تعريض حكومة الرئيس ميقاتي لخطر الانحلال، إذا ما ارتأى «الثنائي الشيعي» وبعض حلفائه التضامن مع قرداحي.
وتصاعدت حدة الازمة بين لبنان والمملكة العربية السعودية الى منحى، لم يعد ممكنا معالجتها باستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي فقط، كما كان الأمر في بداياتها، بسبب سوء ادارة وتردد كبار المسؤولين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، اللذين لم يبادرا فورا الى معالجة فورية، اما بالطلب الى قرداحي الاستقالة الطوعية، اواقالته على الفور.
واشارت مصادر سياسية تتابع ملف الازمة، بكل تفاصيله، الى ان اسلوب معالجة الازمة، بتبويس اللحى، وتجاوز سقطة وزير الإعلام هكذا، من دون اي إعتذار رسمي، والامعان في اصدار المواقف الارتجالية ضد المملكة، زاد بالطين بلة، وفتح ملف ازمة العلاقات بين البلدين منذ بداياتها، وذكر بسجل الاساءات الممنهجة، والاصطفافات مع أعداء المملكة، بالمواقف والممارسات حتى اليوم.
واشارت المصادر الى ان طلب لبنان وساطة الولايات المتحدة الأميركية لحل الازمة مع المملكة، لم يؤد الى اي نتيجة، بعدما اظهر الجانب السعودي، لائحة تضمنت الاساءات للمملكة، وسلسلة قدمتها الرياض، للمسؤولين اللبنانيين سابقا، لحل ازمة تردي العلاقات ووضع حد لكل ما يضر بها، لاسيما انتهاج لبنان سياسة عدم الانجرار للتحالفات المعادية للمملكة ودول الخليج العربي، والامتناع عن تدريب الإرهابيين الذين يستهدفون أراضي والممتلكات والمواطنين السعوديين داخل الاراضي اللبنانية، وتسليم المطلوبين بتصنيع وتهريب اطنان من المخدرات الى المملكة وهم معروفون بالاسماء واماكن وجودهم. ولكن كل هذه المطالب، لم يتم التجاوب معها وبقيت معلقة، لخشية وعجز السلطات اللبنانية من حزب الله، إلى ان وصلت الازمة الى ذروتها، مع المواقف الاخيرة للوزير قرداحي.
ومن جهة ثانية، كشفت المصادر ان طلب وساطة الولايات المتحدة الأميركية لحل الازمة مع المملكة، تفاعل داخليا، بين اهل السلطة، لاسيما، بين رئيس الجمهورية من جهة، ورئيس الحكومة من جهة ثانية، بعدما تبين ان طلب هذه الوساطة حصل بايعاز من فريق رئيس الجمهورية مع وزير الخارجية وبمعزل عن الاتفاق مع ميقاتي، وذلك في محاولة مكشوفة من الفريق المذكور للتقرب من الجانب الاميركي لتلميع صورته، واظهار نفسه بالرافض للمواقف المؤيدة لايران، في حين يفضل ميقاتي ويسعى للطلب من الاشقاء في مصر والجامعة العربية، لعب دور الوسيط مع المملكة، لانه اجدى وافعل، وهو ما يسعى اليه.
وكشفت المصادر نفسها، ان تفاعل الازمة على هذا النحو، اقلق حزب الله ، الذي يرفض اقالة أو استقالة الوزير قرداحي، لانه يعتبر هذه الاستقالة موجهة له، ومستاء من الاسلوب الرسمي بالتعاطي مع هذه الازمة، لاسيما الاستعانة بالوسيط الاميركي للاتصال بالمملكة لحلها، ويعتبر ان تصاعد المطالبة باستقالة قرداحي يندرج باطار الحملات المتصاعدة ضد الحزب في المنطقة كلها، وياتي كذلك باطار الاستهدافات الممنهجة ضده، وهو يرفضها بالكامل ويدعو المسؤولين لاتخاذ مواقف ترفض هذا الطلب.
وتشير المصادر الى ان اكثر ما يزعج الحزب، هي المواقف التي صدرت عن حلفاء له، ترفض مواقف قرداحي، وتشيد بالعلاقات مع المملكة ودول الخليج العربي، بينما كان مفترضا ان تؤيد مواقف الوزير قرداحي أو تلتزم الصمت في هكذا ازمات، وفي مقدمة هؤلاء النائب طلال ارسلان ووئام وهاب والنائب أسامة سعد أيضا.
وتسجل مصادر الحزب بالمناسبة عتبا كبيرا، على قسم كبير من حلفائها، الذين غابوا كليا، عن ادانة القوات اللبنانية في احداث الطيونة الدموية، وتجنبوا انتقاد سمير جعجع، وكأن الامور مترابطة مع بعضهما البعض، وتدعو للشك والتساؤل عن اهدافها المبيتة.
وقالت مصادر مطلعة على مواقف قصر بعبدا لـ«اللواء» أن الرئيس عون كان على تشاور مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في الجهود المبذولة لمعالجة تداعيات القرار السعودي وعدد من دول الخليج ردا على المواقف التي كان اعلنها الوزير جورج قرداحي قبل توزيره. وشددت المصادر على ان تأكيدا برز على تمسك لبنان بأفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج وضرورة معالجة التطورات الاخيرة بالحوار ومن خلال مؤسسات الدولتين.
وبانتظار ما ستنتهي إليه مشاورات الرئيس ميقاتي في غلاسكو في ايسلندا على هامش مؤتمر المناخ، مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وربما مع وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، في ضوء ما طلبه لبنان عبر خلية الأزمة من كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا من التوسط لمعالجة الأزمة بين لبنان ودول الخليج، بدا الموقف آخذاً في الفرز، وزارياً وسياسياً بين متوجه لمعالجة عملية، ترضي الجانبين السعودي والخليجي، أو التخفي وراء شعارات، تدفع لاستمرار الاشتباك وتصعيده. وهو الأمر الذي شدّد عليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إذ دعا في عظته الأحد إلى اتخاذ خطوة حاسمة تنزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانية – الخليجية.
وأوضحت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن الاتصالات التي باشرها الرئيس ميقاتي في الخارج ويستكملها على هامش مشاركته في قمة المناخ قد تعكس مناخا معينا بشأن توجه حكومته في ما خص الأزمة مع دول الخليج على أن أي جلسة حكومية مقبلة غير محددة بعد وعلى الأرجح لن تحدد قبل ضمان الموقف الموحد من الأزمة إذ أن مواقف لعدد من الوزراء على وسائل التواصل الاجتماعي ابرزت انقساما في الرأي وهذا ما قد يصعب الموقف ويضعف الحكومة مجددا. وأكدت الأوساط نفسها أن الحكومة مضطرة أن تجتمع في وقت ما على اعتبار أن هناك استحقاقات تستدعي قرارات حكومية. واشارت مصادر وزارية متابعة الى ان كل المسؤولين اللبنانيين واغلبية الشعب اللبناني يريدون افضل العلاقات مع الدول العربية ولا سيما الخليجية اكثر من اي دولة في العالم. وان الحوار هو افضل السبل لحل الخلافات او المشكلات القائمة والتي لا نسميها ازمات.
وحضر الوضع في لبنان، في الاجتماع الذي عقد بين الوزير الأميركي بلينكن ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان. وحسب المتحدث باسم الخارجية الأميركي، فإن واشنطن لا تريد الدخول في ما اسمته «الصراع بين لبنان والسعودية بوجود علاقات تربطنا بين البلدين» معتبرا ان: ألوية الولايات المتحدة استقرار لبنان.
محلياً، تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ظهر أمس، المداولات التي طرحت خلال الاجتماع الذي عقد في وزارة الخارجية والمغتربين لخليّة الأزمة التي انشأها ليل أمس رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بعد التشاور مع رئيس الجمهورية، لمعالجة تداعيات موقف المملكة العربية السعودية الأخير.
وجدّد الرئيس عون التأكيد على حرصه على إقامة أفضل وأطيب العلاقات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومأسّسة هذه العلاقات وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، بحيث لا تؤّثر عليها المواقف والآراء التي تصدر عن البعض، وتتسبّب بأزمة بين البلدين لا سيّما وانّ مثل هذا الأمر تكرّر أكثر من مرّة.
واعتبر الرئيس عون انه من الضروري ان يكون التواصل بين البلدين في المستوى الذي يطمح إليه لبنان في علاقاته مع المملكة ومع سائر دول الخليج.
وفي هذا السياق، أجرى الوزير عبدالله بو حبيب اتصالا هاتفياً امس، بنظيره العُماني بدر بو السعيدي، «مثمّناً البيان الصادر عن وزارة الخارجية العُمانية بخصوص الأزمة الراهنة، ومؤكداً على أهمية الحوار والتفاهم لتجاوزها وحرص لبنان الشديد على أفضل العلاقات الأخويّة مع أشقّائه العرب والخليجيين». وصدر لاحقاً عن وزارة الخارجية والمغتربين امس، بيان جاء فيه: «ترحب وزارة الخارجية والمغتربين بالبيان الصادر عن وزارة الخارجية العُمانية، والذي أعربت فيه عن أسفها العميق لتأزم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية، ودعت الجميع إلى ضبط النفس والعمل على تجنب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم بما يحفظ للدول وشعوبها الشقيقة مصالحها العليا في الأمن والإستقرار والتعاون القائم على الإحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».
وحسب مصادر مطلعة على اجواء السرايا، «فالحكومة التي تألفت وفق المبادرة الفرنسية تحظى بدعم خارجي، خصوصا من الولايات المتحدة والدول الاوروبية لمنع انهيارها، وبالتالي فإن ضغوطاً خارجية تجري قطعا للطريق على خطوة استقالة الحكومة».
ورأت المصادر أن السبب في هذا التوجه «انه إذا استقالت الحكومة سيتعذر بعدها تأليف حكومة جديدة في عهد الرئيس ميشال عون، وهذا يعني أنه سوف يمسك بالسلطة التنفيذية، وهذا ما يثير ريبة الكثيرين».
واشارت الى أن الاتصالات لم تهدأ بين لبنان ودولة الخليج عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع، «خاصة وان بيانات رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة كانت واضحة لجهة عدم تبني ما ورد على لسان قرداحي فضلا عن أنها أكدت التمسك بما ورد بالبيان الوزاري وبأفضل العلاقات مع السعودية والدول العربية».
واكدت المصادر» أن إتصالات فرنسية واميركية تجري مع السعوديين لترتيب الحلول والمحافظة على الاستقرار في لبنان». وطالب الوزير أبوحبيب الجامعة العربية بالدعوة لعقد اجتماع لمعالجة المشكلة بين لبنان والمملكة العربية السعودية.
واشار بوحبيب الى انه لم يعد هناك وجود لخلية الازمة التي تم تشكيلها اثر الازمة التي اندلعت مع السعودية بعد نشر مقابلة الوزير جورج قرداحي، وقد «انتهى أمرها» نتيجة فشلها ونحن الآن جميعاً على اتصال مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، واعتبر بان خلية الازمة فشلت لأن الأزمة أصبحت أكبر من الوزارات وأكبر من لبنان بسبب عوامل خارجية وداخلية أيضاً وهي لن تجتمع مرة أخرى.
واوضح بو حبيب في تصريح تلفزيوني، بانه لا يوجد خلاف مع كل دول الخليج، وعمان وقطر لم يقطعا العلاقات معنا، كما ان سفير لبنان لا زال في الامارات. ورأى بان هناك قساوة سعودية لا نتفهمها في التعاطي مع لبنان فالمشاكل بين أي دولتين يتم حلها عبر الحوار قبل قطع العلاقات وهذا ما لم يحصل.
واضاف «أخاف على جورج قرداحي «أنو يطلع كبش المحرقة» والاحتمال لا يزال موجوداً». واكد بان الحكومة باقية وهناك وعود محلية ودولية لمساندتها. وشدد على اننا لا نقبل بحل اي ازمة على حساب السعودية او حساب لبنان، ونحن مع اي حوار ان كان ثنائياً او عبر الجامعة العربية.
وتوجه الى وزير الخارجية السعودي بالقول «حزب الله مكون رئيسي في لبنان، ولكن ليس هو المكون الوحيد في لبنان ولا يمثل كل لبنان». واوضح بان حزب الله لا يهيمن على لبنان ولكنه مكون اساسي، وكل فريق في لبنان لديه خصوصيات ولا يتنازل عنها.
فرحان: المشكلة في هيمنة إيران
خليجياً، اعتبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بأن الإشكالية في لبنان أكبر من تصريح وزير، وإنما تكمن في سيطرة وكلاء إيران. ورأى بن فرحان في حديث الى قناة «العربية» بان لبنان بحاجة إلى إصلاح شامل يعيد له سيادته وقوته ومكانته في العالم العربي، وسندعم اي جهود في هذا الاتجاه والحوار مستمر مع الافرقاء العالميين.
واشار وزير الخارجية السعودي الى ان لبنان يحتاج إلى إصلاح بسبب سيطرة حزب الله على مفاصل القرار. ولفت الى ان هيمنة حزب الله على النظام السياسي في لبنان تقلقنا وتجعل التعامل مع لبنان غير ذي جدوى للسعودية ودول الخليج، وعلى قادة لبنان ايجاد مخرج لاعادة لبنان الى مكانته في العالم العربي وهذا الموضوع متاح.
واوضح بن فرحان بأنه مازالت المحادثات مع إيران استكشافية ولم تصل إلى نتائج جوهرية. واعتبر بانه من المهم بأن الانتخابات العراقية حصلت بنجاح ودون اضطرابات أمنية وأفرزت نتيجة واضحة. أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات، أنه «نظرًا للأحداث الراهنة، وبناءً على قرار منع سفر مواطني دولة الإمارات إلى لبنان، والذي جاء تزامناً مع قرار سحب دولة الإمارات دبلوماسييها من لبنان، تدعو وزارة الخارجية والتعاون الدولي جميع مواطنيها المتواجدين في لبنان بضرورة العودة إلى دولة الإمارات في أقرب وقت».
ولفتت، في بيان، إلى أنه «أشار وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي خالد عبدالله بالهول، أنه تجسيداً لحرص دولة الإمارات، الدائم على متابعة أوضاع مواطنيها في الخارج وضمان سلامتهم، اتخذت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، كافة الإجراءات اللازمة لتسهيل عودة مواطنيها من لبنان، كما أكد على جاهزية الوزارة لتسخير الإمكانات كافة لمساعدة أي مواطن موجود في لبنان وذلك للعودة إلى دولة الإمارات».
ولفت السفير السعودي في لبنان، وليد بخاري، في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنّ «المُخْطِئُ لا يَرْتَكِبُ الخَطِيئةَ إِلاَّ بِإرادةٍ مُسْتَتِرَة…» قالَها جُبران خليل جبران فسمِعها العالَم! ذلك هو أديبُ الكلمةِ».
انقسام وزاري
وزارياً، انقسم الموقف، فقد اشار وزير الصحة فراس الابيض في تصريح له عبر وسائل التواصل الاجتماعي في رد غير مباشر على تصريح وزير الاشغال علي حمية الذي اعتبر بان الحياة وقفة عز، الى انه «صحيح الحياة وقفة عز، وهي أيضًا وقفة وفاء، واقولها كلبناني اقام وعمل في المملكة العربية السعودية لسنين، مع كامل التقدير لكل ما قدمته وتقدمه دول الخليج للبنان، من دعم واعمار ومنح، وفرص عمل».
ودعا وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي إلى «الاتعاظ لان لبنان يستمد شرعيته العربية من علاقاته المميزة والعميقة مع أشقائه في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، ولا يحتمل عزلته عن محيطه ولن يكون يوماً منصة للهجوم على أي دولة شقيقة. لا يمكن لأحد تغيير هويتنا العربية. فلنباشر فوراً بتطبيق إجراءات إصلاحية شاملة».
ورأى وزير البيئة ناصر ياسين، أن «الأوطان لا تُدار بتغريدات «بطولية» وأوهام الإنتصارات، بل بحكمة وتروي لمعالجة الكم الهائل من الأزمات، المزمن منها والمتجدد، وبحوار مع الأشقاء العرب لإعادة الثقة معهم، وبإنفتاح على المجتمع الدولي».
ورأى وزير الاقتصاد أمين سلام ان استقالة قرداحي بادرة حسن نية تعيد الأمور إلى مرحلة التفاوض والتحاور مع دول الخليج. كاشفاً ان وضع البلاد لا يحتمل حتى الحديث عن استقالة الحكومة.
وغرد وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية: السيادة الوطنية واستقلالية القرار وكرامة لبنان، تسمو على كل اعتبار، فألف نعم ونعم للندية في العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل، وألف لا ولا لإذلال وطن وشعب جُبِل على حرية الرأي والتعبير، وألف نعم ونعم لشدِّ الأحزمة وعدم الخضوع للابتزاز.
واكد وزير الاعلام جورج قرداحي في حديث أن استقالته من الحكومة غير واردة. وكان قد زار يوم السبت البطريرك الماروني بشارة الراعي، بطلب من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي زار الراعي قبل زيارة قرداحي، وقال في تصريح من بكركي: ان قرداحي إذا استقال أو أُقيل لن نسمي خلفاً له، مع ان مصلحتي الشخصية والسياسية تقول انه يجب ان اشجع قرداحي على الاستقالة، وقد عرض علي ان يقدم استقالته من قصر بعبدا او من بكركي، لكني رفضت لأن ضميري لا يسمح لي ان اطلب من وزير لم يخطئ خلال وزارته، ولا اقبل ان يقدم قرداحي فدية عن احد.
وتمنى فرنجية الاستمرار بأفضل العلاقات مع الدول العربية. وقال: خلال السنوات الـ١٥ الأخيرة لم يكن لدينا أي موقف ضد الدول العربية والخليجية وهذا ليس انطلاقاً من التزلف الذي يمارسه البعض بل انطلاقاً من قناعاتنا.
واستنكر رؤساء الحكومات السابقون، فؤاد السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام، المواقف الخارجة عن الاصول والاعراف والمواثيق العربية والدبلوماسية والاخلاقية التي صدرت عن وزير الاعلام في الحكومة جورج قرداحي سواءٌ تلك التي أدلى بها قبل تشكيل الحكومة أو بطبيعة التبريرات التي صدرت عنه بعد ذلك، لأنّها أصبحت تشكل ضربة قاصمة للعلاقات الأخوية والمواثيق والمصالح العربية المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربية الشقيقة، وتحديداً مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولاسيما مع المملكة العربية السعودية.
هذه الدول التي تتصدرها المملكة العربية السعودية هي التي وقفت إلى جانب لبنان في الحرص على استقلاله وسيادته وحرياته ومِنْعتِه وصموده واستمراره كوطن للعيش المشترك، ووقفت الى جانبه على الدوام في مواجهة كل الازمات والمحن والملمات التي تعرض لها لبنان على مدى السنوات الماضية ومنذ إعلان استقلاله.
إنّ الخطوة الاولى المطلوبة وفي الحد الادنى هي في أن يدرك الوزير المعني إلى ما أوصلته مواقفه من إِضرار بالمصلحة الوطنية العليا للبنان، وبالتالي في أن يبادر ويسارع إلى تقديم استقالته. إذ إنّ استمراره في الحكومة أصبح يشكّل خطراً على العلاقات اللبنانية- العربية وعى مصلحة لبنان وعلى مصالح اللبنانيين في دول الخليج العربي وفي العالم.
وكان الحريري في بيان له أن وصول العلاقات بين لبنان وبين المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج العربي الى هذا الدرك من انعدام المسؤولية والاستقواء بالافكار المنتفخة، فهذا يعني بالتأكيد اننا بتنا كلبنانيين نعيش فعلاً في جهنم. سياسات رعناء واستعلاء باسم السيادة والشعارات الفارغة قررت ان تقود لبنان الى عزلة عربية غير مسبوقة في تاريخه. محملا حزب الله المسؤولية.
ان السعودية وكل دول الخليج العربي لن تكون مكسر عصا للسياسات الايرانية في المنطقة، وسيادة لبنان لن تستقيم بالعدوان على سيادة الدول العربية، وتعريض مصالح الدول الشقيقة وامنها للمخاطر المستوردة من ايران.
استنكر مجلس الأعمال اللبناني السعودي، في بيان، «تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، ومن قبله وزير الخارجية السابق، شربل وهبه، وغيرهما من المسؤولين، ممن أساءوا إلى علاقة لبنان، بمحيطه العربي، لاسيما الدول التي وقفت إلى جانبنا أوقات المحن وفي مقدمها السعودية«.
اضاف: أنه إنطلاقا من الأزمة التي تسببت بها التصريحات غير المسؤولة لوزير الإعلام، والذي لم يبادر لا للاعتذار ولا للاستقالة، وحرصًا منا على استمرار علاقات لبنان بالسعودية ودول الخليج الأخرى، وعلى مصالح اللبنانيين، ندعو المسؤولين إلى اتخاذ التدابير الآيلة إلى إقالة وزير الإعلام، الذي تسبب بأزمة غير مسبوقة مع السعودية ودول الخليج الأخرى.
وقال المجلس: أنه إذا تُرك الأمر من دون معالجة جذرية، سيلحق أضرارًا بالغة بالمصلحة العليا للدولة واللبنانيين، الذين يتطلعون إلى تمتين العلاقات مع محيط لبنان العربي، وتصحيح المسار الانحداري الذي أخذ لبنان إلى مواقف ساهمت في عزلته عن الدول الشقيقة التي استمد منها منذ تأسيسه عناصر القوة والتطور الاقتصادي وساعدت في إنهاء النزاعات المسلحة والحفاظ على سلمه الأهلي.
كما استنكر مجلس العمل اللبناني في أبو ظبي، في بيان له السبت، ما جاء على لسان وزير الإعلام جورج قرداحي، مشددا على أن الشعب الذي يتمسك بالتضامن والوفاء والعلاقات التاريخية مع دول مجلس التعاون الخليجي، لا يرضى أبدا بأي سياسة أو خيار أو محور يخرج لبنان من بيئته العربية التي يتفاعل معها، ويحيا فيها منذ عشرات السنين.
ودعا المسؤولين «إلى القيام بكل ما يلزم لإعادة لبنان إلى موقعه العربي الطبيعي، واتخاذ القرارات الحازمة والإجراءات اللازمة لإصلاح العلاقات اللبنانية – الخليجية وإعادتها إلى سابق عهدها المزدهر، ونحن الجالية اللبنانية في الإمارات، نعتبر أنفسنا نسيجا من هذا المجتمع ونعيش بين أهلنا وإخواننا في وئام ووفاق، شركاء متضامنين في السراء والضراء».
642024 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 685 إصابة جديدة بفيروس «كورونا» و7 حالات وفاة، رفعت الحالات المثبتة إلى 642024، خلال الـ24 ساعة الماضية.
البناء
الأزمة مع السعودية مفتوحة… والحكومة باقية رغم تراكم الأزمات… وقرداحي باق
واشنطن مع الاستقرار وبقاء الحكومة ولن تتدخل… والرياض: الأزمة مع حزب الله
ميقاتي لمظلة حماية دولية… وصفي الدين: لو كان القرار لنا لما تجرأ أحد على لبنان
صحيفة البناء كتبت تقول “يقول مرجع نيابي إن ما نشهده منذ سنتين كان ينبئ ببلوغنا هذه اللحظة، التي يجري خلالها رفع مستوى الأزمة من إطارها الداخلي ونقلها إلى المستوى الإقليمي، ولأن حزب الله بذاته صار لاعباً إقليمياً كان لا بد للسعودية أن تحضر مقابله مباشرة، خصوصاً بعدما استنفدت محاولات خلق مكافئ لبناني بوجهه، خصوصاً اليأس من تجربة الضغط على الرئيس سعد الحريري لتشكيل رأس حربة المواجهة مع حزب الله، على قاعدة العزل السياسي والفيتو على مبدأ الشراكة الحكومية، وصولاً لمحاولة فرض الخروج من التسوية الرئاسية التي صاغها الحريري مع الرئيس ميشال عون، وجاءت النتائج المخيبة للرهان على ما تستطيعه القوات اللبنانية في ضوء نتائج مجزرة الطيونة، واستنجاد القوات بالسعودية للخروج من مأزق المساءلة القضائية، وإثارة مظلوميتها كقضية بديلة لقضية دعم مسار القاضي بيطار كعنوان تصادم مع حزب الله، وبدلاً من وعودها بالمجاهرة بقوتها العسكرية واستعدادها لخوض المواجهة المسلحة، تبنت خطاباً تراجعياً يخالف ما توقعته السعودية التي بنت أحلاماً على دور عسكري علني للقوات بوجه الحزب، فحضرت السعودية على طرف الأزمة المقابل لحزب الله، في ربط نزاع سيستمر لحين توافر شروط تسوية كبرى في المنطقة، يرجح المرجع أن الرغبة السعودية هي بإعادة لبنان إلى ما كان عليه عشية اتفاق الطائف قبلها، وإغراقه في الفوضى والفراغ حتى تصبح التسوية شرطاً لإعادة تكوين المؤسسات برعاية سعودية مباشرة للطرف المقابل لحزب الله.
يقول المرجع إن الموقف الأميركي هذه المرة لا يبدو شبيهاً بالموقف الأميركي عشية اتفاق الطائف الذي تزامن مع اندفاعة أميركية في المنطقة ترجمتها حرب الخليج وجسدها مؤتمر مدريد، بينما تتزامن الهجمة السعودية مع انكفاء أميركي من المنطقة من جهة، وخشية من انفلات المواجهة مع حزب الله بصورة تهدد الاستقرار الإقليمي، وخصوصاً الاستقرار على جبهات المواجهة مع كيان الاحتلال، ويفسر المرجع النيابي كلام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد لقائه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بعدم الاستعداد للدخول على خط الخلاف اللبناني- السعودي، وبتمسك واشنطن ببقاء الحكومة والحفاظ على الاستقرار في لبنان، بأنه إفساح مجال أمام الرياض لخوض معركتها تحت هذين السقفين.
الكلام السعودي عن توصيف الأزمة بصفتها أزمة وجود حزب الله ودوره وما وصفه وزير الخارجية السعودي بهيمنة حزب الله على الدولة، دفع بقضية وزير الإعلام جورج قرداحي إلى الخلف بعد التداول بفرضية استقالته ليومين كمخرج من الأزمة، علماً أن قرداحي لم يعد أحداً بالاستقالة، خصوصاً بعدما تلقى دعماً واضحاً من الوزير السابق سليمان فرنجية ومن حزب الله، ومع تراجع فرضية استقالة الحكومة بعد المواقف الأميركية والفرنسية الداعمة لبقائها، زال عامل الضغط الوحيد الذي كان يمكن أن يدفع بقرداحي للاستقالة، وفقاً لقول فرنجية، لا نريد أن تسقط الحكومة لأن لبنان يحتاج بقاء الحكومة، ولن تتشكل حكومة بدلاً منها إذا استقالت، فصارت المعادلة، أزمة مفتوحة، وبقاء كل من الحكومة والوزير قرداحي، ووضع حزب الله معادلتين بصفته الطرف المستهدف، الأولى أمام تمسك الأميركي بالحكومة تمسك الحزب بقرداحي، وأمام المطالبة الداخلية والخارجية بإقالة قرداحي وضع مستقبل الحكومة موازياً لمستقبل قرداحي، والثانية الرد على كلام وزير الخارجية السعودي عن هيمنة حزب الله على الدولة بكلام رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، بقوله، لو كان هذا صحيحاً وكان لنا القرار في لبنان لما تجرأ أحد على لبنان، «واللي بيتطلع فينا بعين منقبعلو العينتين».
ولم تنجح الاتصالات التي تكثفت على الخطوط المحلية والدولية خلال عطلة نهاية الأسبوع في احتواء عاصفة الأزمة الديبلوماسية التي افتعلتها السعودية مع لبنان والمواقف العالية السقف التي تخللتها، وأوحت بنذر قرار حرب سياسية اقتصادية دبلوماسية تشنها السعودية على لبنان لتحقيق جملة أهداف وللهروب من المأزق الذي تواجهه في اليمن وساحات أخرى في المنطقة، بموازاة مواجهة عنيفة ومفتوحة تكشفت إلى العلن بشكلٍ غير مسبوق بين حزب الله والسعودية التي أخفقت حتى الساعة بأساليبها وضغوطها وتهديداتها في تحقيق مآربها بإجبار وزير الإعلام جورج قرداحي على الاستقالة ولا حتى الاعتذار في ظل تأكيده أمس بأنّ الاستقالة غير واردة عنده، كما فشلت المملكة في دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الاستقالة تحت وطأة الضغوط والمقاطعة الدبلوماسية، وذلك بعدما أجرى ميقاتي سلسلة اتصالات مع واشنطن وباريس نصحته بعدم الاستقالة.
وبعد مداولات ومشاورات بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والرئيس ميقاتي والبطريرك الماروني مار بشارة الراعي، حسم قرداحي أن استقالته من الحكومة غير واردة. ولفتت معلومات «البناء» إلى أن استقالة قرداحي باتت وراءنا ولا أحد مقتنع بها من المرجعيات الرئاسية، كما أن موقف حزب الله متصلب برفض هذا المخرج، وأبلغ المعنيين بأنه في حال استقال سيسحب وزراءه من الحكومة ولذلك لن يستقيل قرداحي لئلا تسقط الحكومة. كما أكدت المعلومات بأن استقالة الحكومة غير واردة في هذا الظرف الصعب التي تعيشه البلاد، وهذا ما تؤكد عليه عواصم قوى غربية فاعلة في لبنان كواشنطن وباريس اللتين أكدتا بأن بقاء الحكومة أمر أساسي لاستقرار لبنان.
وكان ميقاتي طلب من قرداحي «تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية». فيما طلب الراعي من قرداحي خلال زيارته له في بكركي الاستقالة، كما كشف رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعد لقائه الراعي أن «وزير الاعلام عرض علي الاستقالة من بعبدا أو من بكركي، إلا أنني رفضت، فهو لم يرتكب أي خطأ… لا نقبل بالتعاطي بدونية مع أي جهة كانت». فيما أفادت معلومات أخرى أن «البطريرك الراعي طالب قرداحي بالاستقالة والأخير لم يعلّق لا سلباً ولا إيجاباً».
وكشفت مصادر «البناء» أن «ميقاتي أجرى سلسلة اتصالات خلال 48 ساعة الماضية بعدد من المسؤولين الأميركيين والخليجيين في محاولة لاحتواء الموقف الخليجي المستجد، وكذلك تواصل مع «قصر الإليزيه» للاستفسار عن حقيقة الموقف الأميركي والغربي والأوروبي عموماً من حكومته، وما إذا كان هناك قرار خارجي بإسقاطها، كما استفسر عن تعامله إزاء هذا الموقف، فطلب الفرنسيون منه الانتظار لإجراء مروحة اتصالات مع واشنطن والرياض والإمارات لمحاولة تطويق ذيول الأزمة».
وكشفت مصادر أخرى أن «ميقاتي توجه من لندن إلى اسكتلندا، ليجري هناك سلسلة من اللقاءات الدولية والعربية، اليوم وغداً تتعلق بالأزمة اللبنانية مع دول الخليج، على هامش قمة المناخ». ولفتت إلى أن «لقاءات ميقاتي في اسكتلندا، ستبحث في سبل دعم لبنان للنهوض من أزماته، وستكون له كلمة في قمة المناخ، التي يشارك فيها أيضاً وزير البيئة ناصر ياسين».
وكان وزير الخارجية والمغتربين، عبدالله بوحبيب، بحث في اتصال هاتفي، مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كافة الجهود المبذولة لاحتواء التصعيد، والتخفيف من حدة الأزمة الراهنة، ومشدداً على أهمية التواصل والتلاقي، مع كافة الأشقاء الخليجيين والعرب، وحرص لبنان على أطيب العلاقات معهم، بما يخدم مصلحة الجميع.
وفيما لم تستجب دول خليجية عدة للتجييش السعودي بقطع العلاقات مع لبنان، لا سيما قطر وعمان، توقفت مصادر سياسية عند موقف الجامعة العربية التي لم تجارِ الرياض بمستوى موقفها كما كانت تشتهي، بل جاء موقف الجامعة معتدلاً، فمن جهة طالبت لبنان بالعمل على معالجة الأزمة، ومن جهة ثانية دعت دول الخليج لإعادة النظر بإجراءاتها. فيما دعت وزارة الخارجية الإماراتية المواطنين المتواجدين في لبنان بضرورة العودة في أقرب وقت.
ورحّبت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان، بـ»البيان الصادر عن وزارة الخارجية العمانية، الذي أعربت فيه عن أسفها العميق لتأزّم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية ودعت الجميع إلى «ضبط النفس والعمل على تجنّب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم، بما يحفظ للدول وشعوبها الشقيقة مصالحها العليا في الأمن والاستقرار والتعاون القائم على الاحترام المتبادل وعدم التدخّل في الشؤون الداخليّة»، وأكّدت «حرص لبنان الشديد على أفضل العلاقات مع إخوانه الخليجيّين والعرب».
وفيما علمت «البناء» أنه تم التداول بمخرج مساء السبت الماضي بين عون وميقاتي والراعي بالطلب من قرداحي الاستقالة من تلقاء نفسه حفاظاً على المصلحة الوطنية ولتهدئة الغضب الخليجي، لفتت مصادر «البناء» إلى أن هذا الحل سقط كون قرداحي لم يرتكب أي خطأ وتصريحه سبق توزيره فكيف يمكن أن تتحمل الحكومة المسؤولية؟ ما دفع بالمرجعيات الرئاسية إلى إبلاغ المعنيين بعدم قدرة لبنان والحكومة التجاوب مع المطالب السعودية، كما جرى نقاش عن جدوى استقالة قرداحي وما إذا كانت ستستوعب الغضب السعودي أو ستفك حصارها عن لبنان وتساهم في مؤتمرات الدعم المالي، فطالما لم تستطع أي دولة تقديم ضمانات بهذا الصدد وطالما أن السعودية تقاطع الحكومة منذ تشكيلها وتحاصر لبنان منذ عام 2019 على الأقل، فباتت الاستقالة بلا جدوى وخطوة عبثية مهينة لأنها ستخسر لبنان كرامته وسيادته ولن تعيد له «العطف والدعم» الخليجيين. إلى جانب أن استقالة قرداحي لن تعيد الحكومة إلى الاجتماع بظل عدم التوصل إلى حل لأزمة تنحي القاضي طارق البيطار بقضية المرفأ حتى الساعة ولا بقضية أحداث الطيونة الدموية»، لا سيما أن مطلب السعودية هو اعتذار القرداحي وإقالته، كما أن لا يمكن للسعودية تكرار ما فعلته في فرض إقالة وزير الخارجية السابق شربل وهبي في موضوع قرداحي، كون هناك فرق بين الحالتين: فالأول أخطأ بحق الشعب السعودي وخلال منصبه الوزاري، أما قرداحي فعبر عن موقفه السياسي فقط من دون أي ذم أو إهانة وقبل تعيينه وزيراً. لذلك أشار أكثر من مصدر وزاري إلى أن «الحكومة لن تستقيل ولن يستقيل أحد من أعضائها ولا حتى وزراء تيار المستقبل». فيما علمت «البناء» أن السعودية لن تتراجع عن هذه المطالب وإلا ستكثف ضغوطها على لبنان وستحث دول خليجية وعربية أخرى على حذو حذوها».
في غضون ذلك، دخلت الدبلوماسية الأميركية على خط امتصاص الأزمة التي افتعلتها السعودية، وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تصريح له عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن اجتماع جمعه بنظيره السعودي فيصل بن فرحان، بحثا خلاله الأوضاع في لبنان.
ولم يجارِ الموقف الأميركي الموقف السعودي، بل أكد على العلاقة الجيدة مع لبنان، ما يشير بحسب المراقبين إلى أن السعودية تفردت بالخطوات التصعيدية وجاءت نتيجة مواقف وحسابات سياسية وشخصية للنظام السعودي، وهذا ما ظهر بوضوح بتصريح الناطق الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، سامويل وربيرغ، الذي أوضح أن «بلاده ليس لديها موقف معين من الأزمة الدبلوماسية والسياسية بين لبنان والسعودية»، مشدداً على «أننا لا نريد الدخول في الصراع القائم بين البلدين، لأن لدينا علاقات مع لبنان ومع الشعب اللبناني منذ سنوات، كما لدينا علاقات مع الدول الخليجية». وأوضح في حديث تلفزيوني، أن «أميركا ترى أن الوقت الآن هو لدعم الحكومة اللبنانية وتشجيع الاستقرار».
وكشفت مواقف المسؤولين السعوديين بعرضهم أسباب خطواتهم ضد لبنان، بأن القضية ليست موقف قرداحي ولا تهريب مخدرات إلى المملكة، بقدر ما هي تخفي أهدافاً مبيته لتحقيق غايات خاصة على حساب لبنان، وإلا لأمكن معالجة تصريح الوزير بالطرق الدبلوماسية المتبعة عادة بين الدول فكيف إذا كان بين دولتين عربيتين شقيقتين، وهل يستأهل الأمر كل هذا التهديد والعقاب للدولة والشعب في لبنان؟ وأقر وزير الخارجية السعودي بأن الإشكالية في لبنان أكبر من تصريح وزير، وإنما تكمن في سيطرة وكلاء إيران. ورأى في حديث إلى قناة «العربية» أن «لبنان يحتاج إلى إصلاح بسبب سيطرة حزب الله على مفاصل القرار». ولفت إلى أن هيمنة حزب الله على النظام السياسي في لبنان تقلقنا وتجعل التعامل مع لبنان غير ذي جدوى للسعودية ودول الخليج، وعلى قادة لبنان إيجاد مخرج لإعادة لبنان إلى مكانته في العالم العربي وهذا الموضوع متاح».
في المقابل شن رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، السيد هاشم صفي الدين هجوماً هو الأعنف على السعودية، ورد على تصريحات وتهديدات المسؤولين السعوديين، لا سيما على وزير الخارجية السعودي بأن «حزب الله بعيد من كل هذه الأدبيات، وهي أدبياتكم أنتم، والهيمنة والسلبطة والتهديد والوعيد والضغط، ولو أن حزب الله مهيمن على لبنان، لكنت رأيت لبنان آخر، ولما كان لكل الطغاة في لبنان والمنطقة والعالم، أي كلمة هنا في لبنان، ولو كانت كلمة الفصل في لبنان لنا، ليس فقط لا نقبل أن يتعدى أحد على كرامتنا، وإنما الذي ينظر لنا بعين، سوف نقلع له عينتاه، ولكن ليس نحن من يأخذ القرار في البلد، نحن شركاء ولا تضحكوا على العالم أننا نهيمن على لبنان».
واعتبر صفي الدين أن «الحكومة حاجة، وهذه الحكومة يجب أن تقوم بأقل الواجبات بالحد الأدنى مما هو فيه ومن يعمل على توجيه الضغوطات والرسائل واختلاق الأزمات، من أجل أن تفرط هذه الحكومة، أو من أجل أن تتعطل أو من أجل أن يضرب الاستقرار في لبنان، أو من أجل الضغط بعقوبات أميركية أو سعودية أو غير ذلك، هو الذي يريد أن يخرب لبنان ونحن بذلنا وتحملنا ودماؤنا شاهدة على ذلك، من أجل أن لا نأخذ بلدنا إلى الاقتتال الداخلي وقمنا من أجل ذلك بمعالجة المشاكل الاقتصادية والداخلية للبنانيين والذين يدفعون باختلاق الأزمات أزمة أمنية هنا وأزمة دبلوماسية وأزمة سياسية هناك هم الذين يعملون على تخريب لبنان». وقال: «ما تفعله السعودية في لبنان، هي تدين نفسها، وهي تريد أن تقول، أنا الذي أخرّب البلد وأحاصره، هم وراء هذا التهديد، يريدون أن يقولوا للبنانيين، إن حياتكم ومعيشتكم ومستقبلكم بأيدينا، ولكن خسئوا، حياة لبنان ومستقبل اللبنانيين، هو بيد الله وبفضل الذين قدموا الدماء، وضحوا من أجل كرامة الوطن ووحدته وعزته». مشيراً إلى أن «ما يحصل في السعودية، شيء كبير، حيث أن السعودية والخليج عموماً، الذي سار في ركب العلاقات مع إسرائيل، لا يتحمل في المستقبل صوتاً يخرج من لبنان وغيره، ينتقد العلاقات السعودية الإسرائيلية، التي ستصبح علانية في القريب من الأيام المقبلة»، مؤكداً أن «ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يعيش القلق وسوف يواجه مأزقاً كبيراً بعد سقوط مأرب في اليمن، والخوف والقلق من ضياع كل الأوهام التي جاء بها محمد بن سلمان وهذه الخشية هي جزء مما يواجهه لبنان وفشة خلق باللبنانيين».
وكشفت أوساط مطلعة على موقف الحزب لـ»البناء» أن «إقالة قرداحي سيدفع وزراء الحزب للاستقالة من الحكومة فوراً، فالقضية لم تعد مصير وزير، بل مسألة سيادة ومواجهة عدوان سياسي – دبلوماسي اقتصادي، يعمل على إرضاخ وإذلال لبنان ويخفي قراراً بتعميم الفراغ السياسي والحكومي لأخذ البلد إلى أتون الفوضى والخراب الأمني على غرار مشهد الطيونة»، وشدّدت على أن «الحزب سيواجه الحلقة الجديدة من مشروع العدوان، أولاً برفض إقالة قرداحي، وثانياً الاستقالة في حال تمّ ذلك، وثالثاً رفض أي خضوع للابتزاز لتلبية المطالب الأميركية الإسرائيلية المذلة»، مضيفين: «الحزب لن يتراجع في هذه المعركة كما لم يتراجع في معارك أشدّ إيلاماً».
المصدر: صحف