أقر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مستهل الجولة الجديدة من المحادثات بـ”صيغة موسكو” الخاصة بأفغانستان، أن عودة حركة “طالبان” إلى سدة الحكم في هذا البلد “أمر واقع”.
وقال لافروف، أمام الوفود المشاركة في اجتماع الأربعاء في موسكو، “الآن، بعد حدوث تغيرات جذرية في الوضع على الأرض، لا جدوى في البحث عن المسؤولين عن عدم إحراز أي تقدم ملموس في ملف المصالحة الوطنية، وبودي الإشارة فقط إلى أن الآمال المرتبطة بالمعسكر الجمهوري، أي الحكومة الأفغانية السابقة برئاسة الرئيس السابق أشرف غني، لم تتحقق، ووصلت إدارة جديدة إلى الحكم الآن، وهذا الأمر الواقع يُحمل مسؤولية كبيرة على عاتق حركة طالبان”.
وأشار الوزير الروسي إلى الجهود التي بذلتها “طالبان” في سبيل استقرار الأوضاع العسكرية والسياسية في البلاد وتنظيم عمل مؤسسات الدولة، مؤكداً في الوقت نفسه على أن “مهمة إحلال سلام مستدام في أفغانستان لا تزال ملحة”.
وتابع أن “موسكو ترى الشرط الأساسي لتحقيق هذا الهدف في تشكيل حكومة شاملة في الواقع ستعكس بالكامل مصالح كافة القوى العرقية والسياسية في البلاد”.
ولفت لافروف إلى أن “الرؤية المتبصرة التي ستظهرها هذه الخطوة كانت ستعطي درسا جيدا للذين ضحّوا، من أجل تحقيق طموحاتهم الشخصية، بالمصالح القومية وتركوا بالفعل شعبهم ليلاقي مصيره، وستحدد طريقة لتطور أفغانستان تدريجيا اعتمادا على أوسع طيف ممكن من الفئات الاجتماعية”.
كما أشار لافروف إلى أن مستوى الدعم الاجتماعي الذي ستحظى بها “طالبان” مرتبط بشكل وثيق مع سياساتها الاجتماعية وبمدى احترامها للحقوق والحريات الأساسية، مؤكدا أن الجانب الروسي بحث هذه المسألة بالتفصيل مع وفد الحركة المشارك في محادثات اليوم.
وقال في السياق “توازن القوى الجديد الذي قام في أفغانستان منذ 15 آب/أغسطس لا بديل عنه للمستقبل المنظور من جانب، ومن جانب آخر يؤكد عدم الاعتراف رسميا بـ”طالبان” كسلطة شرعية على الصعيد الدولي والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمالية والتحديات الجديدة التي تواجهها السلطات الجديدة في كابل، يؤكد أن الوضع في البلاد لا يمكن وصفه مستقراً حتى الآن”.
وحذر الوزير الروسي من أن العديد من التنظيمات الإرهابية، بالدرجة الأولى “داعش” و”القاعدة” تحاول الاستفادة من هشاشة الوضع وتشن هجمات دموية في مناطق متفرقة من أفغانستان، بالإضافة إلى استمرار الأنشطة المتعلقة بإنتاج المخدرات في البلاد.
وأشار لافروف إلى أن هناك خطر امتداد الأنشطة الإرهابية والمتعلقة بالمخدرات إلى دول مجاورة، لا سيما تحت غطاء تدفق المهاجرين، مؤكدا أن روسيا ناقشت مع وفد “طالبان” ضرورة أن تلتزم الحركة على نحو صارم بالنهج الرامي إلى منع استغلال أي أطراف لأراضي أفغانستان ضد مصالح دول أخرى.
وأعرب لافروف عن ارتياح موسكو إزاء مستوى التعاون العملي الحالي مع السلطات الأفغانية الجديدة، مشيراً إلى أنه يتيح تحقيق الأهداف الأولية المرتبطة بضمان أمن المواطنين الروس المقيمين في أفغانستان، ومواصلة سفارة موسكو في كابل أداء مهامها دون عوائق.
وأعرب الوزير عن أسف موسكو إزاء عدم مشاركة الولايات المتحدة في محادثات اليوم وغيابها للمرة الثانية على التوالي عن اجتماعات “الترويكا الموسعة” بخصوص أفغانستان. وأبدى الوزير أمله في أن هذا الأمر “ليس مرتبطا مبدئيا بأي مشاكل”، وفي أن واشنطن “لا تزال مستعدة لمواصلة العمل على الملف الأفغاني”، مرجحا أن “أحد أسباب غياب واشنطن عن اجتماع موسكو يعود إلى تغيير المبعوث الأمريكي الخاص بشأن أفغانستان خليل زاد مؤخراً”.
وانطلقت في العاصمة الروسية موسكو، اليوم الأربعاء، جولة جديدة من المحادثات الأفغانية في ما يعرف بـ”بصيغة موسكو”، والتي ستستمر 4 أيام. ويترأس وفد “طالبان” نائب رئيس الوزراء عبد السلام حنفي وهو شخصية بارزة في القيادة الأفغانية الجديدة سبق أن أجرى محادثات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأسبوع الماضي، كما يضم الوفد كذلك وزير الخارجية الأفغاني أميرخان متقي، ووزير التجارة نور الدين عزيزي، ووزير الثقافة والإعلام خير الله خير حق، والمتحدث باسم المكتب السياسي لحركة “طالبان” أنس حقاني، وممثل المكتب السياسي للحركة شبه الدين دلاور، وعمدة كابل عبد الرشيد بلوش، والمتحدث باسم وزارة الخارجية عبد القهار بلحي، ومدير القسم السياسي الثالث زكير جليالي، ومسؤولين عن المراسم في وزارة الخارجية، صفي الله أميري، وعبد الوهاب رحيمي.
المصدر: روسيا اليوم