بعيداً عن الصَّخَب الإعلامي الذي يواكب أخبار فيسبوك بشأن الخصوصية، وبعيداً عن كل ما يُقال عن ضغوط حكومية أميركية على المنصة الاجتماعية الأكبر في العالم، فإن سياسات فيسبوك لا تخرج عن سياق المصالح الكبرى للرأسمالية، في أوضح صورها.
كَمُّ الأفواه مسألةٌ اعتادت جماعات متعدّدة مواجهتَها عند التعامل مع فيسبوك طوال السنوات الماضية. وإن كانت هذه المسألة تبرز أكثر في الشرق الأوسط عند تناول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإنها تتَّخذ، في أنحاء مختلفة من العالم، أشكالا أخرى لا تقل حدةً عما نألفه في مجتمعاتنا العربية.
جديد فيسبوك اختبار إزالة المحتوى السياسي من “موجز الأخبار” News Feed، الموجود في حسابات جميع المستخدمين، لقد بدأت المنصة الاجتماعية اختبار هذه السياسة في 75 دولة بالفعل، من دون تقديم تفسير بشأن معايير السياسة الجديدة.
واكتفت فيسبوك بإعلان تحديث في موقعها الإعلامي، يفيد بأنها في صدد تطبيق سياسة تقليل المحتوى السياسي، بناءً على توجهات المستخدِمين أنفسهم.
وحتى الساعة، عُلم أن من بين الدول المستهدَفة الولايات المتحدة الأميركية، كندا، البرازيل، السويد، كوستاريكا، أيرلندا، إسبانيا وإندونيسيا، علماً بأن بيان فيسبوك لم يذكر أسماء الدول التي طالتها السياسة الجديدة، لكن يمكن بسهولة توقُّع وجود عدد من الدول الشرق أوسطية، بناءً على تجارب فيسبوك السابقة.
وبحسب بيان الشركة، فإنه “استناداً إلى تحليلاتنا في الولايات المتحدة، لا يشكل المحتوى السياسي سوى نحو 6 ٪ مما يراه الناس في فيسبوك. وعلى الرغم من اختلاف آخر الأخبار لكل شخص، فإننا نعلم بأنّ حتى نسبة صغيرة من المحتوى السياسي يمكن أن تؤثّر في التجربة العامة لشخص ما. نحن نقدّم فعلاً عناصر تحكُّم من أجل مساعدتك على إدارة ما تراه في “موجز الأخبار”، مثل أدوات مثل “المفضَّلة” التي تتيح لك تحديد الأشخاص والصفحات التي تريد تحديد أولوياتها في “موجز الأخبار”، ومثل خاصية إخفاء المشاركات موقتاً من شخص أو صفحة أو مجموعة، والقدرة على إيقاف تشغيل الإعلانات السياسية. لكننا نحاول دائماً تحسين “موجز الأخبار”، وهذا يعني إيجاد توازن جديد للمحتوى الذي يريد الأشخاص رؤيته”.
وأوضح المتحدث، باسم المنصة الاجتماعية، أن تطبيق السياسة الجديدة يشمل عيّنات صغيرة في الدول المستهدَفة، من دون تحديد حجم هذه العيّنات. لكن، كان لافتاً تشديده على أن الدول التي تشهد انتخابات قريبة و”صراعات سياسية حادة” غير مشمولة في الإجراء!
وكان مارك زوكربيرغ أعلن، بداية، نِيَّتَه تقليل المحتوى السياسي مطلع عام 2021، زاعماً أن المستخدِمين لا يودون أن يطغى المحتوى السياسي والصراعات على تجربتهم عند استخدام الموقع الأزرق.
ولا يقتصر ضرر سياسة فيسبوك الجديدة على حريات التعبير، بل يطال، في الدرجة الأولى، الناشرين ووسائل الإعلام، التي تعتمد على المنصات الاجتماعية من أجل نشر أخبارها، وزيادة عدد زوار صفحاتها ومواقعها وقنواتها.
المصدر: الميادين