قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده لن تتراجع عن صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية “إس 400″، وإنها تدرس مع موسكو إنشاء محطتين نوويتين إضافيتين في تركيا.
وأضاف أردوغان في تصريحات أدلى بها على متن الطائرة لدى عودته من روسيا، الأربعاء: “لا رجعة عن منظومة إس 400 الروسية، وبحثنا مع (الرئيس فلاديمير) بوتين القضية مفصلا، وناقشنا سبل الارتقاء بهذا التعاون”. وبيّن أنه عقد مع بوتين، الأربعاء، اجتماعا استغرق أكثر من 3 ساعات في مدينة سوتشي الروسية، لإكساب العلاقات الثنائية زخما جديدا وقويا، وأوضح أن الاجتماع تناول التطورات الراهنة في المنطقة.
وكشف أردوغان أن حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الأشهر الثمانية الأولى حقق زيادة قرابة 50 بالمئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي وتجاوز 21 مليار دولار. ولفت إلى أنهما ركزا على الخطوات الواجب اتخاذها للوصول إلى الهدف المشترك المتمثل في رفع حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار. وأشار إلى تطابق وجهات نظر البلدين بشأن تطوير تعاونهما القائم في قطاع الطاقة الذي يعتبرونه مجالا للتعاون الاستراتيجي.
وتابع اردوغان أنهما قيّما الوضع فيما يتعلق بمشروعي محطة “آق قويو” للطاقة النووية في ولاية مرسين (جنوب تركيا)، و”السيل التركي”. و”السيل التركي” خطان لنقل الغاز من روسيا إلى كل من تركيا وأوروبا مرورا بالبحر الأسود، ويغذي الأنبوب الأول تركيا، والثاني دول شرق وجنوب أوروبا.
وأوضح أردوغان أن 10 آلاف مهندس تركي شاب إضافة إلى 3 آلاف من نظرائهم الروس يعملون في محطة “آق قويو”، وأنهم سيزيدون عددهم لاحقا. وأردف: “حصلنا منهم على وعد بإنهاء بناء الوحدة الأولى (من المحطة) في مايو (أيار) 2023″، فيما لفت إلى أن تركيا تهدف لبناء محطتين نوويتين إضافيتين إلى جانب “آق قويو”.
وبين أن بوتين أبدى موافقته لدراسة إمكانية التعاون في إنشاء محطات طاقة نووية ثانية وثالثة في تركيا، بجانب محطة “آق قويو”. وصرح أردوغان أنهما أكدا خلال اللقاء أهمية تطوير التعاون في مجالي السياحة والزراعة وغيرها من المجالات. وأشار أن الاجتماع تمحور حول القضايا الإقليمية وأتاح لهم الفرصة لتقييم التطورات في سوريا وإقليم “قره باغ” الأذربيجاني وليبيا وأفغانستان بالتفصيل. وبين أنهم قاموا أيضًا بتقييم مسألة أذربيجان، مؤكدا أنهما تبادلا وجهات النظر الصادقة والمثمرة بشأن الخطوات المشتركة.
وأفاد أردوغان بأنهما ناقشا أيضًا القضايا المتعلقة بسوريا بشكل مفصل، وعلى رأسها محافظة إدلب، مبينًا أن الأزمة السورية المستمرة منذ سنوات، جلبت تكاليف باهظة على المنطقة بأسرها، وخاصة على بلديهما. وتابع: “إلى جانب المأساة الإنسانية، وصل العبء الاقتصادي للأزمة إلى أبعاد لا تطاق بالنسبة لنا جميعًا”، مشيرًا أن تركيا تستضيف حاليا على أراضيها قرابة 4.5 ملايين لاجئ.
وأضاف: “تحدثنا أن الوقت حان لتجاوز التفاصيل وإيجاد حل دائم ونهائي ومستدام لهذه المشكلة (سوريا)، ركزنا على ضرورة الخطوات التي سنتخذها معًا بهذا الصدد. ذكرنا في لقائنا مع السيد بوتين أننا منفتحون على أي خطوة واقعية وعادلة في هذا الاتجاه”. وتابع: “يحدث هناك بعض الاختلافات في الرأي من وقت لآخر حول القضايا الإقليمية، لكن في هذا الاجتماع الثنائي، رأينا أن هناك توافقا على جميع القضايا تقريبًا. بالطبع هذا هو الجانب المفرح”.
ولفت إلى أنه دعا بوتين إلى زيارة تركيا خلال فترة قصيرة، وأن الرئيس الروسي تعامل مع دعوته بشكل إيجابي. وزاد: “قلت أيضًا دعونا نعقد اجتماع المجلس الاستراتيجي رفيع المستوى في تركيا قبل نهاية هذا العام، فأجاب (بوتين) على ذلك بشكل إيجابي أيضا”.
وأكد الرئيس التركي أن أنقرة تواصل الالتزام بكل قضية اتفقت عليها مع روسيا حيال سوريا وأنه “لا تراجع في ذلك”، وتابع موضحًا: “تركيا واصلت الالتزام بجميع التفاهمات، وتطهير الممر الأمني من العناصر المتطرفة، لا تنازل عن ذلك، ننتظر التقارب ذاته من محاورينا”. وأشار إلى حدوث بعض المشاكل بين الحين والآخر في المناطق التي توفر فيها تركيا الأمن في إدلب، وأن الوحدات المعنية تسعى لحلها من خلال لقاء نظرائها لدى الجهات التي تحاورها.
وتابع: “نؤكد على أهمية العمل سويا في هذه المسألة، ذكرنا أيضا أنه في الفترة المقبلة علينا السعي لحل المشاكل عبر الدبلوماسية الهاتفية وخاصة على مستوى القادة، إلى جانب العمل المشترك من قبل وزراء الخارجية والدفاع وأجهزة المخابرات، كما أعربنا عن موافقتنا بهذا الصدد”.
ولفت أردوغان إلى أن استمرار وقف إطلاق النار بشكل سليم في المنطقة، سيزيد من عودة السوريين إليها، وخاصة من تركيا. وأردف: “أكثر من مليون شخص عادوا إلى ديارهم، منهم 400 ألف عادوا إلى إدلب. هذا تطور إيجابي، ونعمل باستمرار من أجل العودة الآمنة للسوريين الذين نستضيفهم في بلدنا وزيادة هذا العدد (العائدين)”.
وبخصوص مكافحة تنظيم “ي ب ك/بي كا كا” الإرهابي، قال أردوغان: “ذكّرت بوتين بوجود مكتب للتنظيم في موسكو، وقلنا إنه ينبغي للبلدين تعزيز تضامنهما في مكافحة الإرهاب”. وشدد أردوغان على وجوب تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع روسيا بشأن إنهاء وجود تنظيم “ي ب ك/بي كا كا ” الإرهابي في سوريا.
وأشار أن جدول أعمال الاجتماع تركز بشكل أساسي أيضا على القضايا التي من شأنها تطوير علاقات البلدين، والخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها في مجال الصناعات الدفاعية والقضايا السياسية والعسكرية، والاستثمارات. وتابع: “طرح السيد بوتين بشكل واضح وصريح الاستثمارات التي يمكننا القيام بها في هذه الأمور، فعلى سبيل المثال، ناقشنا موضوع (بناء) محطتي الطاقة النووية الثانية والثالثة إلى جانب آق قويو، والخطوات التي يمكن اتخاذها في الصناعات الدفاعية”. وبيّن أنهما تناولا أيضا أعمال الفضاء التركية، مضيفا: “السيد بوتين مستعد للعمل مع تركيا في مجال الفضاء”.
وقال: “سنقوم أيضًا بتوظيف وفودنا وفرقنا فيما يتعلق بالخطوات التي يمكن اتخاذها فيما يتعلق بالفضاء، مع العمل الذي ستقوم به، سنحدد التوقيت وخارطة الطريق حول ذلك، نأمل أن نمضي قدما”. وتابع: “ثمة عروض متقدمة للغاية (من بوتين) حول أعمال الفضاء، كما قدم الروس عرضا لإطلاق الصواريخ من خلال إنشاء منصات في البر والبحر”.
وأضاف: “تحدثنا عن الخطوات التي سنتخذها بشأن المقاتلات الحربية وصناعة محركات الطائرات (مع بوتين)”، كما كشف عن إمكانية اتخاذ عدة خطوات مشتركة بخصوص بناء السفن. وردًا على سؤال عما إذا سيتم التعاون مع الروس بصناعة غواصات “ريس” بدلا من ألمانيا، قال: “ألمانيا متساهلة قليلا بهذا العمل، إذا لم تف بوعودها لنا بهذا المجال، فإننا سنبحث عن بدائل وهي لا تنضب”.
وحول ما إذا كان الاجتماع قد تطرق لممر زانجيزور في إقليم “قره باغ” الأذربيجاني، قال أردوغان: “إن ممر زانجيزور سيكون فرصة مهمة للمنطقة بأسرها”. وأكد أن الطرق البرية والحديدية التي سيتم تنفيذها ستوفر فرصا تجارية واقتصادية لجميع بلدان المنطقة، وأضاف: “أذربيجان تقوم بدراسات مكثفة لهذا الممر، وبالطبع ينبغي لأرمينيا أيضا أن تفي بالتزاماتها”. وفي رده على سؤال بشأن ما إذا تطرق الاجتماع الثنائي للحديث عن المنصة السداسية للتعاون بين دول منطقة القوقاز، أجاب الرئيس أردوغان: “بوتين مستعد لها في أي لحظة”.
المصدر: وكالة أنباء الاناضول