استكملت وزارة التربية والتعليم في اليمني او تكاد تسليم الحصة الاولى من الحافز الشهري للمعلمين في خطوة جريئة وقوية توازي الانتصارات العسكرية في الميدان برغم شحة الايرادات لدى الدولة نتيجة الحصار والعدوان.
عشرات الاف الطلاب في العاصمة اليمنية صنعاء ومثلهم في مختلف المناطق المحررة انتظموا منذ نحو شهر في مدارسهم مع بداية العام الدراسي الجديد وفق التعديل التربوي الاخير باعتماد التقويم الهجري جدولا دراسيا بديلا للأشهر الميلادية، بعد اعلان وزارة التربية والتعليم عن خطة لضمان سير افضل للعملية التعليمة دون تقطيع بالإجازات والمناسبات الدينية التي تتخل سير العملية التعليمية وفق التقويم الميلادي الذي كان متبعا، وتوفير حافز للمعلمين للمرة الاولى حكوميا منذ 6 سنوات وانقطاع رواتبهم بفعل العدوان.
الحرب المفروضة على قطاع التربية والتعليم من قبل تحالف العدوان على اليمن ومنذ بداية العدوان تواصل تهديد مستقبل 5.8 ملايين طفل، مسجلين في المدارس واصبح توفير المعلم بالنسبة لهم مهمة صعبة في ظل استمرار القصف غير المستثنى للمدارس ، وقطع رواتب المعلمين .
اعتماد التقويم الهجري ما يعني فترة ثمانية اشهر كاملة من التعليم هو بمثابة تحد كبير لصنعاء في ظل انقطاع رواتب الموظفين العموميين منذ عام 2016م ، وبينهم المعلمون الذين يشكلون ما يقارب ثلث القوة العاملة الحكومية. وتعجز الحكومة عن استخراج حلول مؤقته لضمان انتظامهم في مدارسهم دون تقصير نتيجة العدد الكبير واحجام المنظمات الاممية عن تقديم أي مساعدة نقدية او عينية للمعلمين اليمنيين في مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية باستثناء عام 2018م قدمت خلاله اليونسيف مائتي دولار كحد اعلى لكل معلم وتوقفت بعد ذلك بضغط من التحالف.
وزير التربية والتعليم اعلن في بداية العام الدراسي الحالي عن منح حافز شهري للمعلمين المنتظمين في مدارسهم بمبلغ اولي يصل ل30 الف ريال، في محاولة لضمان سير العملية التعليمة بشكل افضل عن الاعوام السابقة والحد من الغياب المبرر للمعلمين نتيجة البحث عن لقمة العيش.
وتحدث وزير التربية في مؤتمر صحفي ان المبالغ المقدر ان تصل لنحو أكثر من سبعة مليارات ريال شهريا سيجري توفيرها عبر اقتطاع مبالغ لصالح صندوق المعلم ، ودعم تعهدت الرئاسة في صنعاء بتوفيره للمعلمين.
معاناة المعلمين شكلت الوجه الابرز لتأثيرات الحرب الاقتصادية التي يشنها التحالف بدفع امريكي وغض طرف أممي، عشرات الاف المعلمين طحنتهم الازمة الاقتصادية والحصار القاسي الذي فرضه تحالف العدوان على اليمن، ونتيجة لذلك الوضع فقد تدنى التعليم في اليمن الى ادنى مستوياته نتيجة ذلك الوضع، وبمساعدة الاف المتطوعين استطاعت وزارة التربية ان تبقي على عجلة التعليم دائرة ولو في ظرف تعليمية حكومية أقل جودة.
يتحدث المسؤولون في صنعاء عن صمود اسطوري للمعلم في اليمن لما يزيد عن ست سنوات قطعت خلالها الرواتب ولم تكن الدولة بقادرة على توفير حتى مبالغ بسيطة للمعلمين، ويعلل ذلك مسئولون في قطاع التربية بانه عائد لحجم التلاعب الكبير في كشوفات المعلمين الحقيقيين في الميدان خلال النظام السابق، وأيضا التحاق اخرين بصفوف العدوان وعدم تنقية كشف الراتب منهم.
وبفضل الاف المتطوعين استطاعت عجلة التعليم ان تبقى دائرة وتبقى المدارس مفتوحة وتحقيق هدف ايقافها من قبل تحالف العدوان غير محقق.
بحسب مراقبين فإن تامين الحكومة في صنعاء حوافز للمعلمين يتجاوز حدود ضمان استمرارية العملية التعليمية، الى توجيه ضربة فعلية لأحد اهم اهداف التحالف وهو وقف التعليم في اليمن كليا ، هدف كان التحالف يسعى لتحقيقه منذ بدء العدوان عبر القصف بالنار للمدارس بشكل مكثف خلال العام الاول من العدوان لتخويف وثني الطلاب والمعلمين عن الذهاب الى مدارسهم، وتاليا وهو الأنكي قطع الرواتب ومنع أي مساعدة اممية او دولية توجه نحو المعلم ، ومنذ عام 2016م ظلت دعوات اليونسيف واليونسكو باعادة رواتب 160 الف معلم حبرا على ورق ولذر الرماد في العيون ، اليونسيف قدمت لاحقا مساعدة ضئيلة لا تتجاوز 200 دولار خلال العام لكل معلم ثم توقفت بعد ذلك دون ابداء الاسباب.
أكثر من 2500 مدرسة توقفت عن العمل بسبب الحرب، دُمّر منها نحو 66% بقصف تحالف العدوان مرتزقته، وأُغلقت 27% منها ابوابها لعدم وجود معلمين، وعجز الحكومة عن توفير مبالغ للمعلمين تضمن بقائهم داخل فصولهم.
تقديم اعانات للمعلمين هو تحد كبير ومصيري امام الحكومة في صنعاء في ظل تشديد تحالف العدوان للحرب الاقتصادية المفروضة والحصار وسيطرة التحالف على نحو 97% من موارد الدولة اليمنية بما في ذلك منابع الغاز والنفط والذي يجري تهريبة للخارج وبيعه لصالح تمويل عمليات الحرب ضد اليمنيين من قبل التحالف.
وسياسيا فنجاح صنعاء وانتظام صرف معونات للمعلمين من شانه تحقيق ضربة مؤلمة اخرى للتحالف وتجاوز لأحدى اهم العقد امام بناء الدولة اليمنية التي اعلن عنها الرئيس الشهيد صالح الصماد وهو بناء الدولة وهو عنصر مرتبط كل الارتباط، بتعليم حقيقي تتوافر فيه كل عناصر الفصل الدراسي من طلاب ومعلم ولو بحد الادنى الذي يمكنه من الصمود.
التحالف يواصل تشديد الحرب الاقتصادية المفروضة على اليمن والحكومة في صنعاء، والاخيرة وعت الدرس القاسي الذي تلقته العام الماضي ومنع تقديمها نصف راتب كل شهرين للمعلمين والموظفين الحكوميين، عقب اقفال تحالف العدوان لميناء الحديدة بشكل شبه تام وحرمان الحكومة في صنعاء من اخر مورد بسيط كان يمكن ان يسد بعضا من رمق مواطنيها ومعلميها الجائعين.
لاريب ان الاعلان الحكومي الجرىء تجاه المعلمين اتى بعد دراسة كافة الخيارات للمضي قدما بالوعد ، واضافة الميدان التربوي الى الميادين الاخرى التي لحقت فيها بالتحالف هزائم منكرة.
لم تعد معركة مارب ذات ابعاد سياسية او عسكرية فقط على الصعيد الداخلي، بل اضحت مصلحة شخصية ووطنية لليمنيين، فبالاضافة الى تحرير قطعة ارض دنسها الاحتلال، يدرك اليمنيون ان تحرير منابع النفط في صافر قد يحمل معه انفراجه اقتصادية كبيرة وتوفير الراتب.
وفي المقابل يدرك التحالف انه بتحرير مأرب وهو أضحى مسألة وقت، لن يكون بمقدوره منع استفادة صنعاء ولو داخليا من ثروة النفط والغاز، واي مساس بهما سيعد فعلا احمقا سيشعل معه كافة مفاصل الاقتصادين الاماراتي والسعودي، وقد تتدحرج كرة النار ويجد العالم نفسه مضطرا للتدخل ووقف تجويع اليمنيين اذا ما اغلق باب المندب، لا يمكن لشعب ان يموت جوعا وهو يقف على شرفة مضيق تعبر منه نحو ثلثي التجارة العالمية.
تأكيد رئيس المجلس السياسي الاعلى في زيارته الى وازارة التربية والتعليم ولقائه قيادتها ان صنعاء وقيادة المجلس السياسي الاعلى تعي اهمية وكبر الخطوة التي اقدمت عليها لكسر حصار اطمان التحالف الى انه لا ينكسر.
المصدر: المسيرة نت