ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 30 آب 2021 على الازمة الاقتصادية التي تصيب كامل القطاعات بالشلل والارباك واستمرار الازمة الحكومية بسبب القطب المخفية…
الاخبار
الجمارك الفرنسيّة تضبطه بالجرم المشهود: سلامة يهرّب الأموال بـ«الشنطة»
آخر «فضائح» رياض سلامة، سجّلتها سلطات الجمارك الفرنسية في تموز الفائت. بعد تفتيش حقائبه أثناء دخوله فرنسا، عُثر على نحو 90 ألف يورو نقداً. غُرِّم سلامة لأنه لم يصرّح عن المبلغ، بعد تأكيده، كذباً، أنه لا يحمل ما يجب التصريح عنه. في لبنان، يُعدّ المبلغ صغيراً، قياساً بثروة سلامة ــــ لا بفقر غالبية السكان ــــ لكن الحادثة تكشف أحد وجوه حاكم مصرف لبنان
يوم 16 تموز الفائت، غادر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مطار بيروت، على متن طائرة خاصة، متوجّهاً إلى فرنسا. حطّت طائرته، التابعة لشركة طيران الشرق الأوسط، في مطار «لوبورجيه»، شمالي العاصمة الفرنسية باريس. كانت أموره تسير كالمعتاد، لجهة ترتيبات الخروج من المطار، إلى أن سأله موظفو الجمارك الفرنسيون عما إذا كان في حقائبه ما يوجب التصريح عنه. ردّ سلامة بالنفي. ثم سأله الموظفون عما إذا كان يحمل المال نقداً، فأجاب بأن في حوزته 15 ألف يورو، وهو المبلغ الأقصى الذي يُسمح بإدخاله نقداً إلى فرنسا، من دون التصريح عنه. عندها، طلب موظفو الجمارك تفتيش حقائب سلامة. فوجئ هؤلاء بوجود مبلغ مالي باليورو، وآخر بالدولار. بعد «عدّ» الأموال، تبيّن أن ما في حقيبة سلامة يبلغ 83 ألف يورو، إضافة إلى ما قيمته نحو 7 آلاف يورو، بالدولار الأميركي. كذلك عُثِر في حقائب حاكم مصرف لبنان على 50 سيجاراً.
على الأثر، أدخِل سلامة إلى غرفة تحقيق لفتح محضر رسمي. ردة فعله الأولى كانت أنه لا يعلم كيف وصلت تلك الأموال إلى حقيبته، قبل أن يعود ويقرّ بملكيّته لها، معرّفاً عن نفسه بأنه حاكم مصرف لبنان. وأبرز للمحققين جوازَ سفر دبلوماسياً لبنانياً. وعندما سُئل عن السيجار، أجاب بأنه للاستخدام الشخصي. نتيجة «التحقيق الجمركي»، أجبِر سلامة على دفع غرامة مالية قيمتها 2700 يورو نتيجة محاولته إدخال مبلغ من المال من دون التصريح عنه. أما الخمسون سيجاراً، فلم يُغرّم بسببها.
في الحسابات اللبنانية، يُعدّ المبلغ المذكور ضئيلاً جداً، قياساً بما هو معروف عن ثروة رياض سلامة، كما عن أسلوب عمله منذ تولّيه حاكمية مصرف لبنان. لكن ما جرى له الكثير من الدلالات، ويمكن اعتباره عيّنة عن أحد أوجه أداء الحاكم في «المركزي»:
– أولاً، فيما اللبنانيون وعموم المودعين ممنوعون من الحصول على دولار واحد، أو يورو واحد، من المصارف اللبنانية التي أفلست في ظل حاكمية سلامة (رأي السلطة الناظمة للقطاع المصرفي)، يحمل الأخير في رحلته من بيروت إلى باريس نحو 90 ألف يورو نقداً.
– ثانياً، خالف رياض سلامة القانون بعدم التصريح عن المبلغ في مطار بيروت، كما بعدم التصريح عنه في المطار الفرنسي.
– ثالثاً، كذب رياض سلامة على موظفي الجمارك الفرنسيين الذين سألوه عما إذا كان يحمل ما يوجب التصريح عنه، ثم كذب عليهم بإجابته الأولى عندما نفى معرفته بكيفية وصول الأموال إلى حقيبته الشخصية!
ما جرى يُعَدّ فضيحة في أيّ «دولة» في العالم. أما في لبنان، فمن المتوقع أن يجري التعامل مع الأمر كما لو أنه متّصل بـ«المصروف الشخصي» لرجل ثريّ، لا كمخالفة قانونية ارتكبها مسؤول رسمي يتحمّل الجزء الأكبر من وِزر تبديد عشرات مليارات الدولارات من الأموال العامة والخاصة، ما تسبّب بإدخال لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية ومالية ونقدية في تاريخه.
وفيما لا يمكن الجزم بعدد المرات التي نقل فيها سلامة أموالاً نقدية بعد انهيار القطاع المصرفي في خريف عام 2019، لا يمكن فصل تعامل موظفي الجمارك في مطار «لوبورجيه» معه عن التوجّه السياسي الفرنسي إزاءه. فباريس لا تُخفي أنها تريد إطاحة رياض سلامة، ولديها «كتيبة» من المرشحين البدلاء، على رأسهم سمير عساف. لكن ما يحول دون تحقيق إيمانويل ماكرون لمبتغاه، هو الحماية الأميركية التي لا يزال يحظى بها حاكم مصرف لبنان، إضافة إلى مظلة داخلية سياسية ومالية و«احتكارية» وطائفية وإعلامية. هذه الحماية الأميركية لا تزال، على ما تشير مصادر متابعة لملفات سلامة القضائية المفتوحة في أكثر من دولة أوروبية، تحول دون أن تخطو السلطات القضائية الغربية خطوة إضافية ضد الحاكم. فالسلطات السويسرية، على سبيل المثال لا الحصر، لا تزال تمتنع عن تنفيذ الطلب الذي بعثت به النيابة العامة التمييزية إلى نظيرتها السويسرية في 26 أيار 2021، والرامي إلى الحجز على أموال سلامة وممتلكاته، لمصلحة الدولة اللبنانية. كذلك لم تُنفّذ الطلب اللبناني سلطات فرنسا وألمانيا، علماً بأن أجهزة الأمن في برلين تُقدّر ثروة سلامة في لبنان والعالم بنحو مليارَي دولار أميركي! وهي ترى أن الاشتباه في كون سلامة اختلس، بين عامَي 2001 و2015 نحو 330 مليون دولار من مصرف لبنان، بالشراكة مع شقيقه رجا، هو «اشتباه قاصر، لأن المؤشرات الموجودة في حوزتنا تشير إلى احتمال اختلاس مبالغ تفوق ذلك بكثير».
يُضاف إلى ما تقدّم أن النيابة العامة السويسرية لم تزوّد نظيرتها اللبنانية بَعد بنسخة عن العقد الموقّع بين مصرف لبنان وشركة «فوري» التي يُشتبه في أنها واجهة احتيالية لسلامة وشقيقه. فهذا العقد هو الذي يُشتبه في أنه أدى إلى اختلاس مبلغ 330 مليون دولار لحساب الشقيقين سلامة.
والمفارقة أن نسخته الموقّعة بين مصرف لبنان و«فوري» في بيروت، لا تأتي على ذكر رجا سلامة. أما النسخة المودعة في سويسرا، فهي تحمل توقيع رجا سلامة، بحسب ما تشير مصادر النيابة العامة الاتحادية في بِرن.
أجهزة الأمن الألمانيّة تقدّر ثروة سلامة بنحو مليارَي دولار!
بصرف النظر عن الحماية التي يحظى بها، فإن شهر أيلول لن يحمل الهدوء لرياض سلامة. المدّعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون مستمرة بملاحقته. وفي الجزء الثالث من الشهر، سيجتمع في مدينة لاهاي الهولندية ممثلو الادعاء العام في 7 دول أوروبية، لتوحيد آليات العمل على ملف سلامة. لكن يبقى أن أهم ما سيواجهه، هو موعد جلسة التحقيق الثانية مع المحامي العام التمييزي، بالتكليف، القاضي جان طنّوس. هذه الجلسة التي ستُجرى بإشراف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ينبغي لها أن تشكّل منعطفاً في حياة سلامة. فالتحقيقات المستمرة منذ شهر شباط 2021 في قضية اختلاس أموال من مصرف لبنان وقضايا أخرى، آن لها أن تصل إلى نهايتها. وصحيح أن الادعاء العام لا يجوز له أن يعمل تحت الضغط، ومن واجبه جمع أكبر قدر ممكن من الأدلّة التي «تسهّل» مهمة قاضي التحقيق في ملف بهذه الخطورة (وتصعّب على قاضي التحقيق اللجوء إلى «لفلفة» القضية)، لكن لا بد من رفع الصوت للضغط على النيابة العامة من أجل الادعاء على سلامة وتوقيفه. فهذا الرجل لم يترك مخالفة لم يرتكبها: من تبديد عشرات مليارات الدولارات (بالشراكة مع آخرين في المصارف)، والتسبب بكارثة اقتصادية ومالية (بالشراكة مع آخرين في السلطة والمصارف)، والاستمرار في تعميق الانهيار… وصولاً إلى تهريب الأموال بحقيبته الشخصية عبر المطارات! إبقاؤه من دون تحريك دعوى الحق العام ضدّه، ليس سوى تشجيعٍ له على الاستمرار في ارتكاب الجرائم.
«الفاريز» وقّعت العقد… و«الماليّة» تنتظر قرار الديوان: التدقيق الجنائي ينطلق خلال أيام
خلال أيام، يُفترض أن يُوقّع وزير المالية عقد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. كل الخطوات المطلوبة أنجزت، وآخرها توقيع ممثل شركة «الفاريز ومارسال» النسخة الأصلية من العقد وإرسالها إلى وزارة المالية. يبقى عرض العقد على الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة وهو ما سيحصل اليوم، على أن يليه توقيع الجانب اللبناني، ثم بدء الشركة لعملها، بكلفة 2.7 مليون دولار. كل الآلية القانونية أنجزت، لكن يبقى تعاون مصرف لبنان. وبالرغم من أنه سبق أن تعهّد بتقديم كل الأجوبة المطلوبة، إلا أن من خبِر حاكم «المركزي» يُدرك أن تطيير التدقيق مجدّداً سيبقى أولويّته
يبدو أن كل محاولات المماطلة في توقيع عقد التدقيق الجنائي قد استُنفدت. ثمانية أشهر مرّت على إقرار قانون رفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان لمصلحة التدقيق الجنائي، استُهلكت كلها على عشرات المراسلات التي تهدف إلى إعادة تفعيل التدقيق، بعدما توقف في أيلول 2020.
لم يبق من المهلة التي حددها القانون سوى أربعة أشهر. لكن إذا صدقت النيات، يفترض أن تكون كافية لإنجاز شركة «الفاريز أند مارسال» مهمتها. الخطوة الوحيدة المتبقية قبل بدء العمل هي توقيع وزير المالية غازي وزني العقد. وقد صار محسوماً أنه سيوقّعه خلال أيام. بعدما سبق أن وقّع ممثل شركة «الفاريز ومارسال ــــ الشرق الأوسط» جيمس دانيال (عضو مجلس الإدارة والمفوض بالتوقيع) بداية الأسبوع. دانيال كان قد أرسل العقد موقّعاً منه عبر البريد الإلكتروني، قبل أن يرسل النسخة الأصلية من العقد يوم الخميس الماضي.
وتمهيداً للتوقيع من قبل «المالية»، صدرت، يوم الجمعة، موافقة استثنائية عن رئيَسي الجمهورية والحكومة، قضت بنقل اعتماد بقيمة 4 مليارات و927 مليون ليرة من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة وزارة المالية على أساس القاعدة الاثني عشرية. وعليه، بعد الحصول على الموافقة على تفويض الوزير بالتفاوض مع الشركة على تعديل العقد، وبعد موافقة هيئة الاستشارات على التعديلات، ثم صدور الموافقة على نقل الاعتماد، لم يبق، قبل توقيع العقد، سوى الحصول على الموافقة المسبقة لديوان المحاسبة. وقد أكدت مصادر وزارة المالية أن العقد سيرسل إلى الديوان اليوم الاثنين، على أن يوقّعه الوزير بعد إصدار الموافقة المسبقة. وفيما أوضحت مصادر الديوان أنه فور تسلّمه العقد لن يتأخر قبل إصدار القرار بشأنه، توقّعت مصادر معنية أن لا يرفض الديوان الموافقة المسبقة على العقد، كما حصل مع العقد السابق، لأن الوزارة التزمت هذه المرة بالآلية القانونية المفترض اتباعها، فيما عمدت في المرة السابقة إلى عرض العقد على الديوان بعد توقيعه.
وعليه، ما إن يُوافق الديوان على العقد تكون الطريق قد فُتحت أمام توقيعه رسمياً من قبل وزير المالية، بما يتيح للشركة بدء العمل. أما في حال عدم الموافقة، فتكون «المالية» بحاجة إلى موافقة استثنائية جديدة لتخطّي رأي الديوان ثم توقيع العقد. لكن بحسب الأجواء المحيطة بالملف، فإن الكل صار مقتنعاً بأن التوقيع سيصبح أمراً واقعاً قبل نهاية الأسبوع.
واحدة من النقاط التي أدت إلى تأخير التوقيع كانت مطالبة الشركة بالحصول على كامل المبلغ المتفق عليه مسبقاً. وهو ما رفضته هيئة التشريع والاستشارات، حيث أصدرت في 14 حزيران رأياً استغربت فيه كيف تلجأ شركة، مطلق أي شركة، إلى أن تفرض على الدولة أن تسدّد لها كامل أتعابها قبل قيامها بالمهمة المطلوبة منها، والتي يراد التعاقد معها لإتمامها. لذلك، اقترحت أن يُصار إلى دفع نسبة من الأتعاب عند اتخاذ قرار بدء العمل (بعد تسليم مصرف لبنان كل المعلومات) لا تتجاوز بأحسن الأحوال نسبة 40 في المئة التي كان متفقاً عليها في العقد الأساسي، ولا سيما أن الشركة تكون قد حصلت مسبقاً، وقبل أن تبدأ بمراجعة المستندات والمعلومات المسلّمة إليها من مصرف لبنان، على 100 ألف دولار، يحق لها الاحتفاظ بها في حال إنهائها الاتفاق إذا لم تتمكن من اتخاذ قرار بدء العمل، لعلّة تسليمها المعلومات المطلوبة بشكل غير ملائم.
تجدر الإشارة إلى أن الشركة كانت قد أصرّت في المفاوضات الأولى على:
ــــ أن تدفع الدولة 150 ألف دولار أميركي بدل إنهاء العقد السابق الموقّع في 31 آب 2020 (وافقت هيئة التشريع، فيما رفض ديوان المحاسبة لأن العقد الأساسي لم يحصل على الموافقة المسبقة للديوان، فصدرت موافقة استثنائية، في 7 آب، تجيز الدفع).
ــــ أن تدفع الدولة 100 ألف دولار تحتفظ بها الشركة لضمان تنفيذ العقد.
ــــ أن تدفع الدولة كامل قيمة العقد، أي 2 مليون و740 ألف دولار، بدل أتعاب ومصاريف عند توقيع العقد بما فيها المئة ألف دولار.
ــــ تأكيد مصرف لبنان جاهزية المعلومات المطلوبة منه من قبل الشركة بموجب قائمة المعلومات (IRL) وبالشكل المتفق عليه.
ــــ أن تقدم الشركة تقريرها الأولي في غضون 12 أسبوعاً من تاريخ بداية تقديم الخدمات.
وفيما لم تشكل أغلب المطالب مشكلة بالنسبة إلى الجانب اللبناني باستثناء البند المالي، عادت وزارة المالية وفاوضت الشركة على آلية دفع جديدة. وقد اتفقتا بالفعل على أن تدفع الدولة 100 ألف دولار كضمان للتنفيذ عند التوقيع، ثم 40 في المئة عند بدء الشركة عملها (بعد تسلّمها كل المستندات التي تطلبها من مصرف لبنان)، على أن يلي ذلك 50 في المئة ثم 10 في المئة من قيمة العقد.
أصدر رئيسا الجمهورية والحكومة قراراً استثنائياً بنقل اعتماد إلى وزارة المالية لزوم التدقيق الجنائي
وعلى هذا الأساس، عُدّل العقد، وأرسل مجدداً إلى هيئة التشريع، التي تبيّن لها أنه تم الأخذ بكل الملاحظات التي سبق أن عرضتها، فوافقت بالتالي على التوقيع.
عندما يتحقق ذلك، تعود الطابة إلى ملعب مصرف لبنان. عليه أن يقدم الإجابات عن 133 سؤالاً سبق أن رفض الإجابة عنها أثناء تنفيذ العقد الأول، علماً بأن الشركة لم توافق على عودة التفاوض بشأن توقيع عقد جديد إلا بعد حصولها على «دليل ملموس» بأن المعلومات المطلوبة من مصرف لبنان (كتاب موجّه إلى المالية في 28 شباط 2021) بموجب اللائحة المرسلة إليه سابقاً (14 أيلول 2020) والمحدثة في 20 تشرين الأول 2020، قد تأمنت وأصبح الوصول إليها متاحاً، بما يسمح ببدء التدقيق الجنائي.
بحسب الاتفاق أيضاً، سيكون للشركة مكتب خاص في وزارة المالية وليس في مصرف لبنان، على أن يزوّدها المصرف بالمستندات المطلوبة إلكترونياً. وعندما تعلن «الفاريز» أن لائحة المعلومات قد اكتملت تبدأ مرحلة التدقيق، التي تحتاج إلى 12 أسبوعاً. أما في حال عمد المصرف مجدداً إلى المراوغة والتلكؤ في تسليم المعلومات، فستخرج الشركة بـ 100 ألف دولار جديدة، تضاف إلى 150 ألف دولار التي سبق أن حصلت عليها. ودائماً بسبب عدم قدرتها على «اتخاذ قرار البدء بعملية التدقيق الجنائي نتيجة صعوبات منعتها من الوصول إلى المعلومات المطلوبة».
مصرف لبنان «يفتتح» محطة بنزين!
يضغط حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة على السلطات السياسية من أجل وقف دعم استيراد المحروقات والأدوية، فارضاً عليها توقيته حتّى قبل الانتهاء من العمل على البطاقة التمويلية، التي يُفترض بها أن تكون معيلاً متواضعاً لعدد من العائلات. يتصرّف سلامة كما لو أنّ السياسة النقدية معزولة عن المجتمع وعن الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وبطريقة غير مبالية لما يجري خارج حدود البنك المركزي. ووفق هذه القاعدة، قرّر تعزيز الامتيازات داخل «المركزي»، عبر تأمين البنزين الذي يحتاج إليه الموظفون، من خلال تعبئة البنزين لسياراتهم داخل الموقف الخاص بالمصرف في بيروت. وقرر سلامة تقديم هذه الخدمة للموظفين، لإعفائهم من الانتظار في الطوابير أمام محطات الوقود.
خطوة سلامة تطرح علامات استفهام حول هوية شركة الاستيراد التي ستُقدّم البنزين لصالح مصرف لبنان، ومدى وجود تضارب مصالح بينها وبين كون سلامة هو صاحب السلطة الحصرية لفتح الاعتمادات للشركات لتستورد المحروقات.
اللواء
قمّة بغداد تحدد مسار التأليف: حلحلة قريبة أو اعتذار!
إشكالات المحروقات تهدّد بحرق الوحدة الوطنية .. والقطاع الخاص لمساعدات من الخارج
وضع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تشكيلة حكومته المؤلفة من 24 وزيراً، في عهدة الرئيس ميشال عون، تاركاً له الحق في قبول أو رفض الوزيرين المرشحين لوزارتي الداخلية والعدل، أو اقتراح أسماء يمكن أن تكون مقبولة من الرئيس المكلف، ومضى إلى الانتظار: ماذا يمكن أن يقرر رئيس الجمهورية… لكن المسألة تعدت هذه الوجهة، إذ اندلعت سجالات وتسريبات مصدرها قصر بعبدا، حول ما يكمن وراء هذه التشكيلة، بمقابل تسريبات بقيت مجهولة، حول ما إذا كان لرئيس الجمهورية لائحة مطالب تأخذ بعين الاعتبار برنامج الحكومة في حال ولدت، لا سيما لجهة التعيينات التي يطالب بها العهد، والإقالات، لا سيما إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وبين اللقاء 13 بين الرئيسين عون وميقاتي، الذي جعل الوسط السياسي يخرج بانطباع سوداوي حول مصير التأليف، وانعقاد مؤتمر التعاون والشراكة في بغداد، تحت عنوان «إعادة العراق ليلعب دوره العربي والدولي»، الذي جعل لبنان الغائب عن الحضور، حاضر في مرحلة ما بعد انتهاء المؤتمر، وتحرك وزير الخارجية الايراني عبد اللهيان إلى دمشق للبحث بمواجهة ما أسماه «الإرهاب الاقتصادي» في إشارة إلى قانون قيصر حول العقوبات على من يتعامل مع النظام في سوريا.
فالمعلومات تتحدث عن ان الجانب الفرنسي، الذي شارك رئيسه ايمانويل ماكرون في قمة بغداد، كلف السفير باتريك دوريل متابعة الوضع مع ميقاتي، طالباً إليه صرف النظر حالياً عن تقديم اعتذاره ليعود الموضوع إلى الواجهة بدءاً من هذا الأسبوع… لتطرح الأسئلة الكبيرة:
1- ماذا يحصل لو حدث الاعتذار؟
2- ماذا يحصل اذا لم تجرؤ أي شخصية على قبول الترشح لتأليف حكومة جديدة.
3- كيف يدير الرئيس ميشال عون الحكم حتى نهاية عهده؟
4- وماذا عن حكومة تصريف الاعمال ورئيسها حسان دياب، الي وجد احتضانا اسلامياً له ليس بامكانه تجاوزه، في أي قرار سيتخذه، إذا ما اعتذر الرئيس ميقاتي؟
5- والسؤال الخطير: هل يدرك فريق بعبدا إلى أين سيجر البلد، إذا اعتذر الرئيس ميقاتي، وبات من غير الممكن توفير اي مساعدات دولية، مالية وغير مالية للبنان، أم أن الوعد بجهنم بات أمراً حقيقياً؟!
ووسط هذا القلق من انتقال الفتنة من منطقة إلى اخرى، والمخاوف من تعثر خطط توفير المازوت والمحروقات، وانهيار الأسعار والدولار، بقي الاهتمام بالملف الحكومي في الواجهة، في ضوء ما آل اليه مؤتمر بغداد. والتحقق ما اذا كان حضر في ما يتعين توفيره لهذا البلد، سواء في ما خص دور الرئيس ماكرون، او الفيول العراقي الذي يتعين وصوله إلى لبنان في غضون اسبوع او عشرة أيام على الأرجح.
استئناف الاتصالات
وعلى هذا الصعيد، اشارت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة إلى ان الاهتمام انصب خلال الأيام الماضية، على استيعاب عاصفة بيان رؤساء الحكومات السابقين، ضد رئيس الجمهورية ميشال عون، والردود عليه، ومحاولة التقليل من تداعياته على مساعي التشكيل. الا انها لاحظت ان عون، تذرع بالبيان المذكور، ليتهرب من مسؤوليته بتعطيل تشكيل الحكومة، كما يختلق ذرائع مماثلة، في كل مرة، يجد نفسه محرجا امام اللبنانيين.
واعتبرت المصادر ان محاولات رئيس الجمهورية، للتهرب من مسؤوليته بالتشكيل، تارة من خلال التلطي بصلاحياته الدستورية، التي لا ينازعه فيها احد، وتارة اخرى بطرح شروط تعجيزية، او محاولة تكريس بدع واعراف ملتوية، لم تعد تنطلي على احد، لان هدفها اصبح معروفا،وهو تعطيل كل مساعي التشكيل، وابقاء لبنان بلا حكومة جديدة، كما يحصل حاليا. وكشفت المصادر عن اتصالات جانبية جرت في عطلة نهاية الأسبوع، تركزت على فصل التصعيد السياسي،عن مسار تشكيل الحكومة الجديدة، والسعي الحثيث لتذليل ما تبقى من خلافات، ما تزال تعترض تشكيل الحكومة العتيدة. وتوقعت المصادر ان تستانف حركة الاتصالات والمشاورات، بدءا من يوم غد الثلاثاء، اما باتصال بين عون وميقاتي، او بتحديد لقاء تشاوري جديد بينهما، لمعاودة البحث، والتشاور لتسريع خطى تشكيل الحكومة الجديدة.
ولاحظت مصادر مراقبة لـ»اللواء» ان ما ظهر من مواقف او ما سرب من مصادر يوحي ان الملف الحكومي يشهد على تطور جديد عنوانه التشنج في حين ان هذا التطور لم يحضر في اي مرة في خلال مفاوضات تأليف الحكومة، مشيرة إلى ان رئيس الحكومة المكلف لم يشدد الا على موضوع التعاون مع رئيس الجمهورية، وبالتالي ليس هناك من اي نعي لملف تأليف الحكومة.
وتوقعت الاوساط اما استراحة يشهدها الملف الحكومي او نشرها للاتصالات مؤكدة ان العقد المتبقية لم تحل والمسألة تنتظر اجتماعا اخر بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.
وقالت هذه الاوساط لـ»اللواء» ان وزارتي الاقتصاد والشؤون الاجتماعية بقيتا من ضمن هذه العقد، وأي حل لواحدة يعني حكماً حلا للأخرى، ومن هنا وجود ترابط بينهما.
تجاوز المجموعة الحاكمة
وسط ذلك، كشفت الامين العام للهيئات الاقتصادية في لبنان نقولا شماس عن اجتماع عقدته الهيئات الاقتصادية عن توجه لدى القطاع الخاص يقضي بالتوجه مباشرة إلى دول العالم لطلب المساعدة.
وكشف شماس ان مجمع الـA.B.C الأشرفية أمّن المازوت، وأعاد فتح ابوابه بعد تأمين هذه المادة الحيوية.
وسط هذا الانكماش السياسي، تفاقم الهريان المجتمعي، الذي تعدى الاشكالات والجرحى على محطات المحروقات، إلى اشتباكات مجتمعية، وإطلاق نار، وتوقيفات، بما في ذلك تمنع اصحاب محطات المحروقات عن تسلم البنزين والمازوت ما لم تتمكن القوى الامنية من وضع خطة حماية تقضي بمنع «زعران الميليشيات» من التدخل، والشراء للسوق السوداء.
فعلى صعيد الإشكال الخطير بين مغدوشة وعنقون وبتكليف من الرئيس بري، زار المسؤول الثقافي المركزي في حركة امل الشيخ حسن عبد الله بلدة مغدوشة، وعقد اجتماعاً مع راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران ايلي حداد في منزل النائب ميشال موسى، على ان ينتقل بعدها المجتمعون إلى بلدة عنقون للقاء فعاليات البلدة في النادي الحسيني للبلدة.
وبعد انتشار وحدات الجيش، عاد الهدوء ليسود بين البلدتين، والذي زاده حدة دخول عناصر مخفر مغدوشة إلى عنقون بحثاً عن المشاركين في الاشكال الذي وقع في البلدة قبل يومين.
وفيما تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الوضع بين البلدتين، وأجرى اتصالات بوزيرة الدفاع في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر وبالقيادات العسكرية والأمنية، لضبط الوضع وإنهاء التوتر. كانت بلدية مغدوشة قد سبق واتخذت قراراً ضمن نطاقها لتنظيم عملية تعبئة البنزين، ما أدى الى وقوع الإشكال، الذي تخلّله استخدام السكاكين وسقوط جريح تم نقله إلى المستشفى، ما أسفر عن حالة من التوتّر عاشتها مغدوشة والمنطقة.
وفي السياق صدر عن حركة أمل بيان أكدت فيه أن لا علاقة لها «بأي شكل من الأشكال بما حصل في بلدة مغدوشة وتعتبر أنه أمر غير مقبول على الإطلاق».
إشكالات متنقلة
وفي الضاحية الجنوبية (في حي الجورة في برج البراجنة)، وقع إشكال كبير تطور الى اشتباكات مسلّحة وحرق منازل ذهب بنتيجته شخصان من آل ناصر الدين وآل العاشق، والسبب تلاسن على بيع البنزين في السوق السوداء، تطور الى إطلاق نار سقط بنتيجته حسن ناصر الدين وأُصيب شقيقه علي ناصر الدين كما توفي والد جواد العاشق جراء سكتة قلبية خلال الحادث، ليستتبع ذلك اشتباكات بين العائلتين تم خلالها إحراق منازل ومحلات آل العاشق، فحضرت قوة من الجيش اللبناني ومخابراته وباشرت تحقيقاتها في الحادث.
كما أقدم أهالي العباسية على قطع الطريق العام بالمكعبات الإسمنتية والحجارة وبالسيارات، احتجاجا على جرح 5 من أبنائهم، بإطلاق نار أمام إحدى محطات العباسية، وقد أقفلت القوى الامنية المحطة بالشمع الاحمر بأمر من النيابة العامة في الجنوب، فيما ضرب الجيش طوقا أمنيا حول المحطة ومنع الاقتراب منها.
فضيحة الفضائح
وكشف الوزير حمد حسن عن توقيف 3 اشخاص من البقاع، بعد المداهمات التي حصلت لمستودعات الأدوية.
وقال: التأخير بالمداهمات سببه انني كنت أنتظر بيانات مصرف لبنان حول دعم الدواء، وحين استلمنا التحويلات المصرفية المدعومة، بعد تأخير تبين لنا ان هناك وكلاء لا يصرفون من مخزونهم، وهناك مخزون كبير لديهم. معتبراً انه «لو كان التعاون بين مصرف لبنان ووزارة الصحة شفافاً منذ البداية، لم نكن لنصل إلى هذا المستوى من الاحتكار الذي وصل اليه التجار».
وفي اطار الملاحقات، وفيما واصل مفتشو وزارة الصحة العامة الكشف عن مستودعات ومخازن احتكار الدواء، فان مداهمة مستودع MACROMED للأدوية في منطقة عين المريسة الذي حوى كبريات الكوارث لا سيما ما يتعلق بمرضى السرطان حيث تم ضبط كمية كبيرة من الأدوية المدعومة المخزنة، فقد اكد النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم انه «جرى فتح كل المستودعات وبيع مخزونها إلى الصيدليات بالسعر المدعوم، كما جرى بيع من مستودع واحد ادوية بقيمة مليارين و500 الف ليرة لبنانية».
وكشف ابراهيم عن انه قام بتوقيف نقيب الصيادلة السابق ربيع حسونة وترك زوجته رهن التحقيق، لافتاً إلى ان التحقيق جار في القضية، كما جرى استدعاء الصيدلانية التي تعمل في صيدلية زوجته للاستماع اليها، وموضحاً ان «كل شيء يتعلق بالاحتكار يخص النيابة العامة المالية».
وفي موضوع احتكار المحروقات، اعلن ابراهيم انه تم توقيف اعداد كبيرة، لافتاً إلى ان «ملف ابراهيم ومارون الصقر ما زال لدى المحكمة التمييزية ولم يتحول إلى النيابة العامة المالية».
الكهرباء
وكشفت مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان انه حتى الان لم تصل اي باخرة محملة بمادة الفيول لصالح المؤسسة، وقالت ان التعديات على الشبكى مستمرة، وحذرت مصادر المؤسسة من انه بعد 30 ايلول تاريخ انتهاء عقود بواخر الكهرباء من المرجح ان تنتكس الكهرباء، ما لم تزود المؤسسة بالفيول.
صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1153 اصابة جديدة بفايروس كورونا و4 حالات وفاة في الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 600451 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
البناء
الأسد وعبد اللهيان يؤكدان التحالف الاستراتيجي… وسفينة المقاومة تدخل المتوسط
فورين بوليسي: الانسحاب الأميركي من سورية هو الخطوة التالية بعد أفغانستان
القطب المخفية تمنع تشكيل الحكومة… ومغدوشة وعنقون تتجاوزان القطوع
كتب المحرر السياسي
القمة كانت في بغداد والعين دائماً على سورية، فمع نهاية الخطابات الإنشائية والصور التذكارية، وصل وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق، وبعد لقائه بالرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، ووزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد، أكدت المواقف السورية والإيرانية على أن التحالف بين البلدين هو الذي صنع الإنتصار على الإرهاب في المنطقة، وأنّ واشنطن ومن يدور في فلكها نشروا ثقافة التطرف والتعصّب والتكفير وموّلوا الجماعات الإرهابية، فيما هم يتحدثون عن محاربتها، وأكدت المواقف على مواصلة التعاون الإستراتيجي بين البلدين، تحت عنوان التمسك بسيادة دول المنطقة ورفض الإحتلال والتدخلات الأجنبية، فيما كانت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية تتحدث عن توجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لفتح ملف الانسحاب الأميركي من سورية كخطوة لاحقة للانسحاب الأميركي من أفغانستان.
في الشأن اللبناني، نقلت قناة «المنار» عن مصادر مطلعة انّ سفينة المحروقات التي استوردتها المقاومة من إيران قد دخلت البحر الأبيض المتوسط، فيما نجحت المساعي السياسية والجهود الأمنية، التي تصدّرتها المتابعة المباشرة لكلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش العماد جوزاف عون، بتجاوز القطوع الأمني الذي شهدته بلدتا مغدوشة وعنقون الجنوبيتان، بينما كانت بعض الأصوات تسعى للاستثمار في نفخ النار لتحويلها الى مصدر خلل في البيئة الأخوية بين أيناء منطقة شرق صيدا وجوارها، على أساس منطق فتنوي طائفياً، كان السبب قبل عقود في تعريض مناطق لبنانية للتهجير نجت منها شرق صيدا بسبب حكمة قادتها السياسيين والروحيين، وتمسك جوارها في صيدا والجنوب بالعيش المشترك.
الملف السياسي الحكومي، داخل الثلاجة، كما تقول مصادر تتابع المسار الحكومي عن قرب، وتضيف المصادر أنّ الأمر لم يعد ممكناً تفسيره أمام حجم المشاكل المتفجرة وخطورتها بما يتمّ تسريبه من خلافات، حول بعض الحقائب والأسماء، فالأرجح وفقاً لهذه المصادر انّ القطب المخفية التي لا يصرّح بها المعنيون بالتأليف هي التي تحول دون أن تبصر الحكومة النور، وتختصر المصادر ما تسمّيه بالقطب المخفية بقولها، إنّ فريق رئيس الجمهورية يعود الى طرح ملاحظات على التسميات المتداولة للحقائب التي يتولاها مسيحيون بداعي حفظ التوازن، ما يدفع الرئيس المكلف للاستنتاج أن السعي لنيل تأثير على أكثر من ثلث الوزراء بما يتيح التحكم بالحكومة، تحت شعار القلق من أن تتولى الحكومة لاحقا إذا لم تتمّ الانتخابات النيابية والرئاسية صلاحيات رئيس الجمهورية، واعتبار التمسك بمرجعية الوزراء المسيحيين في حكومة تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية شأناً لا يمكن التهاون فيه، ولا يشبه التوزان المطلوب في حكومة عادية، وبالتوازي فإنّ الرئيس المكلف كلما بدا ان الأمور تقترب من المنطقة الحرجة في التأليف أيّ بتّ الوزيرين المسيحيين الأخيرين، يعود بتعديلات تطال حقائب وأسماء كان قد تم الاتفاق عليها، بداعي ذات الهاجس، منع حصول الفريق الرئاسي على الثلث المعطل، انطلاقاً من خشية الرئيس المكلف مما يتوقعه من اتهامات في حال تأليف الحكومة، لم ينجح الرئيس السابق سعد الحريري بتأليفها، بأنه قدّم تنازلات رفض الحريري تقديمها، وتصيف المصادر أنه أضيف الى هذه المعادلات معادلة جديدة، هي الخشية الداخلية والخارجية من أن يعقب الاعتذار في حال الفشل بتأليف الحكومة ومرور وقت كاف للاعتذار، تسمية رئيس مكلف من فريق مقرّب لرئيس الجمهورية، ولذلك فإنّ الرئيس ميقاتي سيمدّد فترة السعي الشكلي للتأليف حتى تتمّ بلورة موقف موحد مع حلفائه في الدخال والخارج لكيفية إدارة مرحلة ما بعد الاعتذار، سواء بطرح تسمية بدائل، تضمن قطع الطريق على إشغال مركز الرئيس المكلف بإسم لا يرضي نادي رؤساء الحكومات وتحالفاتهم الخارجية، ومن ثم إصدار مراسيم تأليف حكومة تلبّي طلبات رئيس الجمهورية، تتولى تصريف الأعمال إذا لم تنل ثقة المجلس النيابي، فتجمع في شخص رئيسها صفتي رئيس الحكومة المكلف ورئيس حكومة تصريف الأعمال، وهذا قد يؤدي لصرف النظر عن الاعتذار والدوران في حلقة مفرغة لمساعي تأليف لا تنتهي.
تدلّ كلّ المؤشرات أن لا حكومة في المدى المنظور، فغداً ينتهي شهر آب ليبدأ الأربعاء شهر أيلول من دون أيّ مستجدات إيجابية توحي بأنّ الحكومة قد تبصر النور. فلم تتوصل الاتصالات التي يجريها أكثر من طرف سياسي الى نتائج يمكن البناء عليها في عملية التشكيل. والى حين اللقاء الجديد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، فإنّ مصادر معارضة لرئيس الجمهورية أشارت لـ «البناء» أنّ الأجواء لا تبشر باحتمالية أن تشكل حكومة، وتردّ ذلك إلى أنّ رئيس الجمهورية لا يزال على موقفه من الحصول على عشرة وزراء وهذا يعني أنه يسعى الى الحصول على الثلث الضامن، ولذلك فإنّ المشكلة تكمن في تسمية ثلاثة وزراء مسيحيين. واعتبرت المصادر انّ إصرار الرئيس عون على هذا الأمور يقود الى خلاصة مفادها انه لا يريد ان تتشكل حكومة لا يتحكم بقرارها، خاصة أنّه يتطلع الى المرحلة المقبلة واحتمال ان لا تجرى الانتخابات النيابية والرئاسية.
وبعد تداول أخبار حول طلب الرئيس عون من الرئيس ميقاتي تعهّداً خطياً يتضمّن إقالة خمسة مسؤولين عند تشكيله الحكومة، وانه تمّ منع وقوف سيارة الرئيس ميقاتي عند مدخل القصر، نفى المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي جملة وتفصيلاً أن يكون الرئيس عون قد طلب هذا الأمر من الرئيس ميقاتي أو أن يكون قد جرى الحديث في هذا الموضوع، أما بشأن عدم وقوف سيارة الرئيس ميقاتي أمام القصر، فالأمر مرتبط باعتبارات لوجستية تتعلق حصراً بأمن الرئيس المكلف وليس بأيّ اعتبار آخر… فاقتضى التوضيح.
هذا وأفيد أنّ الرئيس ميقاتي الذي يواصل جهوده من أجل تأليف الحكومة ليس في وارد الاعتذار في الوقت الراهن. وأشارت أوساط سياسية إلى مساعي غربية فرنسية على وجه التحديد مع الرئيس المكلف للاستمرار في مساعيه من اجل تأليف الحكومة، وتقول الأوساط نفسها أنّ الرغبة الفرنسية تتقاطع أيضاً مع حزب الله الذي يأمل تشكيل الحكومة الجديدة سريعاً.
وبانتظار الرسالة التي سيوجّهها رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى اللبنانيين غداً الثلاثاء، لمناسبة مرور 43 سنة على إخفاء مؤسّس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام موسى الصدر في ليبيا، حيث سيتحدث عن الملف الحكومي والأزمات التي يمرّ بها لبنان كمنطلق لوضع النقاط على الحروف حيال من يتحمّل مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع على المستويات كافة، وكان بري التقى يوم السبت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وتمّ البحث في الملف الحكومي، خصوصاً أنّ جنبلاط أكد في أكثر من مناسبة أنه مسهّل لعملية التأليف ولا مشكلة لديه في الطروحات المتصلة بتوزيع الحقائب الوزارية.
كما تطرق النقاش الى ما يشهده البلد من أزمات تتصل بالمحروقات والأدوية ومسألة رفع الدعم والبطاقة التمويلية.
وهذا وأفيدَ أنّ جنبلاط الذي زار الاردن قبل أيام يستعدّ لزيارة موسكو في الأيام المقبلة، مع الإشارة إلى أن زيارته الروسية كانت مقرّرة في الثامن حزيران الماضي وجرى ارجأؤها لظرف استثنائي طارئ كما أعلنت السفارة الروسية يومذاك.
وأسف النائب فريد هيكل الخازن على المقاربة الخاطئة بشأن المطالبة بحقائب وزارية، وقال: «نحن منذ اللحظة الأولى أبدينا الاستعداد لتسهيل التأليف ولسنا في وارد ان ندخل في هذه المتاهات، فالبلد يحتاج الى تشكيل حكومة في أسرع وقت».
وأضاف الخازن: طرحنا جورج قرم وزيراً للاتصالات وجورج قرداحي وزيراً للاعلام، ونحن نعطي الثقة للحكومة في كلّ الأحوال وندعمها ونرفض ان نشكل عقدة للتأليف. وتابع: «رئيس الجمهورية ميشال عون الذي هو رمز لوحدة الوطن أصبح يشكل رمزاً لتفكك الوطن، من هنا نتخوّف انه في حال لم يشكل الرئيس نجيب ميقاتي حكومة ستولد حالة وطنية كبيرة تطالب باستقالة رئيس الجمهورية».
واعتبر الخازن أنّ «رئيس الجمهورية وفريقه لديه خصومة تصل إلى درجة العداء مع كل القوى السياسية في لبنان، والرئيس ميقاتي رايح لطريق مسدود كما ذهب قبله».
على خط آخر أفادت وكالة «مهر» الإيرانية، بأنّ ناقلة وقود إيرانية مخصّصة لإمدادات شبكة الطاقة الكهربائية، «اقتربت من الوصول إلى لبنان، بعدما أصبحت على مشارف قناة السويس»، فيما لم يصدر أيّ تأكيد رسمي من إيران أو من حزب الله بهذا الشأن، لكن مصادر تلفزيون «المنار» (في برنامج «بين قوسين») أوردت أنّ الناقلة أصبحت في مياه البحر الأبيض المتوسط.
وأفاد موقع «تانكر تراكرز» المتخصص في تتبّع حركة الناقلات، بأنّ ناقلة ثانية، مخصصة لإمدادات شبكة الطاقة الكهربائية في لبنان، غادرت ميناء إيرانياً، امس الأحد، (لم يتحدّد اتجاهها بعد)، متحدثاً عن بدء تحميل ناقلة ثالثة بمادة البنزين.
ودعا عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني هادي بيغي نجاد، إلى «فعل كلّ ما في الوسع لمساعدة محور المقاومة حتى لا يعانوا من إمدادات الوقود، والتي هي حاجة أساسية لأي بلد»، في إشارة إلى سورية ولبنان وفنزويلا، بحسب ما أفاد به موقع «إيران إنترناشيونال».
وأوضح نجاد أن «دولاً مثل لبنان وسورية وفنزويلا، مهمة جداً لإيران، لأنها كانت معنا دائماً في الأوقات الصعبة، لذلك يجب أن نبذل قصارى جهدنا لحلّ مشاكلها قدر الإمكان».
وفي ما يتعلق بناقلتي الوقود الإيرانيتين اللتين باتتا في طريقهما إلى لبنان، قال نجاد إنه «لم تحدث أيّ مشكلة لهذه السفن».
وقال إنّ «أمن هذه الشحنات»، من مسؤولية من وصفهم بـ «التجار اللبنانيين».
وفي وقت سابق، كتبت صحيفة «طهران تايمز»، أنّ إيران مستعدة لإرسال المزيد من شحنات الوقود إلى لبنان، مشيرةً إلى أنّ السفينة الثالثة التي تحمل وقوداً إيرانياً إلى لبنان ربما تنطلق في منتصف أيلول المقبل.
قضائياً وبينما يعتبر أكثر من مصدر سياسي وقضائي ان ما يقوم به المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وفق القوانين وبعيد عن الاستنسابية ولن يتراجع عن القيام بدوره وسيواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة بما يتناسب مع حيثيات قضية المرفأ والمستندات التي يملكها، أطلق البطريرك الماروني بشارة الراعي مواقف داعمة للقاضي البيطار، وحملت أكثر من رسالة الى من يرفض الحضور للمثول أمام قاضي التحقيق. وقال الراعي في عظة الاحد «نحن ضدّ استثناء أحد من الاستجواب خصوصا أنّ رئيس الجمهورية أعلن استعداده للمثول أمام قاضي التحقيق. نحن ضدّ تحويل قاضي التحقيق متهما. نحن ضد تصفية حسابات سياسية على حساب أهالي الضحايا والشهداء. لقد اعتبر العالم جريمة المرفأ أكبر انفجار منذ هيروشيما، ونحن ما زلنا نتساجل حول الحصانات. كل المرجعيات، كل القيادات، كل الأحزاب، من دون استثناء تحت القانون».
ودعا البطريرك الماروني جميع القادة السياسيين والروحيين، إلى تخطي هذه المرحلة ومنع أي إجراء يؤثر على وحدتنا الوطنية التي تعيش أياما حرجة. وقال: «نحن حريصون على احترام المقامات والمرجعيات، ولا يرتفع مقامٌ بالمسّ بمقام آخر. واجبنا أن نتكاتف ونوقف السجالات والاتهامات من أجل عبور الصعاب وإنقاذ لبنان فإنّ الأجواء المشحونة لا تحتمل مزيدا من التشنج وفتح معارك جانبية».
إلى ذلك شهدت بلدة مغدوشة أجواء من التوتر، بعدما دخل عدد من شبان بلدة عنقون عنوة أطراف منازل بلدة مغدوشة، وقاموا بضرب الأهالي وتكسير سيارات ومزارات في البلدة، وتصاعدت حدة التوتر بين البلدتين اثر دخول عناصر مخفر مغدوشة الى عنقون، بحثاً عن المعتدين في الإشكال الذي وقع في البلدة قبل يومين. ومساء أمس ساد الهدوء البلدتين بعد انتشار الجيش بتوجيهات من قائده العماد جوزاف عون حيث فرض الجيش سيطرته. وأجرت بلدية مغدوشة اتصالاً بمكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري طالبة منه التدخل الفوري والمساعدة في وضع حدّ لما يجري بين البلدتين.
الى ذلك فتح ملف الدواء على مصراعيه، وكشف وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أنّ «هناك 3 أشخاص من البقاع جرى توقيفهم قبل أيام وهم من أصحاب المستودعات العامة للأودية». وقال إنّ «المداهمات التي حصلت لمستودعات الأدوية جاءت بناء لمعلومات دقيقة وصلت إلى وزارة الصحة»، وتابع: «نحنُ لا نستعرض وقد حوّلنا الملفات إلى القضاء».
أضاف: «التأخير بالمداهمات سببه أنني كنت بانتظار بيانات مصرف لبنان حول دعم الدواء، وحين استلمنا التحويلات المصرفية المدعومة بعد تأخير تبيّن لنا أنّ هناك وكلاء لا يصرفون من مخزونهم وهناك مخزون كبير لديهم».
هذا وتمّ توقيف نقيب الصيادلة السابق ربيع حسونة صاحب مستودع الأدوية المحتكرة في عين المريسة مساء اول أمس، وفيما التحقيق جار في القضية، جرى استدعاء الصيدلانية التي تعمل في صيدلية زوجته للاستماع إليها.
وأكد النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم أنه قام بتوقيف حسونة أمس وتمّ ترك زوجته رهن التحقيق، موضحًا انّ «كلّ شيء يتعلق بالاحتكار يخص النيابة العامة المالية».
وكشف انه «جرى فتح كلّ المستودعات وبيع مخزونها الى الصيدليات بالسعر المدعوم».
المصدر: صحف