أكد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، خلال عظة قداس الأحد في بكركي، أن “الشعب ناقم على المسؤولين السياسيّين، بل على كلّ السياسيّين، لأنّهم مازالوا منشغلين بالتافه من الحصص والحسابات، فيما الشعب متروك فريسة الجوع والقهر والفقر والإذلال والهجرة؛ وناقمٌ عليهم لأنّهم يعطّلون المتوفّر من الحلول السياسيّة والاقتصاديّة والماليّة والتربويّة والمعيشيّة، ولا يريدون أن يتصالحوا مع شعبهم؛ وناقمٌ عليهم لأنّهم يصمّون آذانهم عن سماع الذين، من أجل لبنان واللبنانيّين”.
ودعا الراعي، “للتوقّف عن سياسة التدمير الذاتي، والإسراع في تشكيل حكومة إنقاذيّة تكون بمستوى التحديات، حياديّة غير حزبيّة وغير فئويّة، تتألّف من ذوي كفاءات عالية، تثير أسماؤهم الإرتياح والأمل بحكومة ناجحة”.
وأشار، إلى أنه “مقابل هذه الإلتفاتة النبيلة من الدول الصديقة شرقًا وغربًا، بات من واجب قادة البلاد والأحزاب والحراك الشعبي، أن يتشاوروا في ما بينهم ويلتفّوا من أجل اتّخاذ القرارات الوطنيّة وتقرير الخطوات الضروريّة لدفعِ الدولةِ إلى تغييرِ أدائِها قبل الانهيار الكبير الذي لنْ يُوفِّر أحدًا. فلا يحقّ لهم أن ينتظروا التطورات من دون المساهمة في صناعتِها”.
واعتبر الراعي، أنّ “المداهمات التي قامت بها الأجهزةُ الأمنيّةُ أخيرًا على مستودعات المحروقات ومخازن الأدوية ومخابئ الأغذية، تَكشف أنَّ الفساد ليس محصورًا في الطبقةِ السياسيّة، بل هو منتشرٌ بكلّ أسف في المجتمعِ اللبناني. وإذ نُشجِّعُ هذه الأجهزةَ على توسيعِ مداهماتِها لَتشمُلَ جميعَ المحتكرين وحاجبي الحاجاتِ الحياتيّة والصحيّة عن الناس، ندعوها أيضًا وبخاصّة إلى إغلاقِ المعابر الحدوديّةِ ومنعِ التهريب. فكلُّ إجراء إداريّ يُتّخذُ يبقى ناقص المفعول ما لم تُغلق معابر التهريب بين لبنان وسوريا”.
ودعا البطريرك الماروني، القضاء اللبناني إلى “ملاحقة المحتكرين والمهرّبين بعيدًا عن الضغوط السياسيّة والطائفيّة والمذهبيّة. فكلُّ مسؤول سياسيّ أو ماليّ أو أمنيّ مهما علا شأنه يجب أن يُدان، حسب الأصول، في أي قضيّة باسم العدالة الشاملة”.
وسأل، “أين أصبح التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت؟ فمن حقِّ أهالي الشهداء واللبنانيّين عمومًا أن يَعرفوا تطوراتِ التحقيقِ من دون الدخولِ في أسراره. وما هو مصيرُ الاستدعاءاتِ بحقِّ نوابٍ ووزراءَ ورؤساء أجهزةٍ أمنيّةٍ وعسكريّة، فلمَ التأخير؟ ولِمَ تراكمِ الاستدعاءاتِ من دونِ متابعَتها وحسمِها؟”
ولفت، إلى أنه “إذا كنا نَحرِصُ جميعًا على المقاماتِ ونَعرف حساسيّات البلاد، فهذا لا يُلغي تَمسُّكَنا بجلاءِ الحقيقة بشأن قضيّةٍ أسفرت عن تدميرِ المرفأ ونصف المدينة، وأوقعت أكثرَ من مائتي ضحيّةٍ وإصابةِ أكثرَ من ستةِ ألافِ مواطنٍ ومواطنة بإعاقات وجروح”.
وأضاف الراعي، “وإذ نحيي جميعَ القادةِ السياسيّين والروحيّين، ندعوهم جميعًا إلى تخطي هذه المرحلة ومنع أي إجراءٍ يؤثر على وِحدتنا الوطنية التي تعيش أيّامًا حَرِجة. نحن حريصون على احترام المقامات والمرجعيات، ولا يرتفع مقامٌ بالمسِّ بمقامٍ آخر. واجبنا أن نتكاتفَ ونوقفَ السجالات والاتهامات من أجل عبور الصعاب وإنقاذ لبنان. إن الأجواءَ المشحونةَ لا تحتمل مزيدًا من التشنج وفتح معارك جانبيّة. يدنا بيد الجميع من أجل خلاص لبنان”.
وأكد أنه “ضِدَّ تسييسِ التحقيق وتطييفِه وتعطيله، نحن ضِدَّ استثناءِ أحدٍ من الاستجواب خصوصًا أن رئيس الجمهوريّة أعلن استعدادَه للمثول أمام قاضي التحقيق. نحن ضدَّ تحويل قاضي التحقيق متَّهمًا. نحن ضِدَّ تصفيةِ حساباتٍ سياسيّةِ على حسابِ أهالي الضحايا والشهداء. لقد اعتبرَ العالمُ جريمةَ المرفأ أكبرَ انفجارٍ منذ هيروشيما، ونحن ما زلنا نَتساجل حولَ الحَصانات. كل المرجِعيّات، كلُّ القيادات، كلُّ الأحزاب، دونَ استثناءٍ تحت القانون”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام