ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 19-08-2021 في بيروت على تبدّل التقديرات في ما خصّ تشكيل الحكومة..
الأخبار
تأليف الحكومة: طالعة نازلة
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “ما بينَ ساعة وأخرى تتبدّل التقديرات في ما خصّ تشكيل الحكومة. هبّة طالعة تقابلها أخرى نازلة، بما لا يتيح الخروج من الدائرة الرمادية وحسم إمكانية ولادة الحكومة خلال أيام، فيما راجت ليل أمس أجواء شديدة السلبية.
مُفارقة لافتة تعتَري مسار تأليف الحكومة. هناك رغبة مشتركة بينَ الرئيسيْن ميشال عون ونجيب ميقاتي في استيلادها سريعاً، تظهر وكأنها ممنوعة. فليسَت على هُدى هذه الرغبة تسير المشاورات، والتي لم يعُد مُبالغاً به القول إن مُجملها لم يخرُج من دائرة صراع الديوك بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ورئيس تيار «المُستقبل» سعد الحريري. قياساً بالتجارب السابقة لمحاولات تأليف الحكومة بعدَ فترة «17 تشرين»، لا يجِد المعنيون بملف التشكيل سوى إسقاطها على الحاضِر، لتبرير دوران العملية برمتها عندَ 10 في المئة لم تُنجَز بعد.
منذُ أيام لم يحصل أي تطوّر بشأن النزاع على بعض الحقائب والأسماء. المُتحدثون مع ميقاتي ينقلون عنه ارتياحاً كبيراً وكأن الحكومة ستولَد غداً، كذلِك من جانب عون الذي يُركّز دوماً على طبيعة العلاقة مع الرئيس المُكلف. غيرَ أن هذه العلاقة «المتناغمة» لم يُثمر أحد عشر لقاءً جمعهما في ترجمتها حكومياً، ولذلك فإن التقديرات غالباً ما تُراوح في الدائرة الرمادية.
على عكس الحريري، يحرَص ميقاتي يومياً على التشاور مع كل الأطراف، إما اتصالاً أو في جلسات ليلية. مع رئيس مجلس النواب نبيه بري و«الخليلين» وباسيل وسليمان فرنجية ووليد جنبلاط والحريري وكل من ستكون له حصّة. وما جمعته معظم هذه القوى عن حصيلة مشاوراته في بعبدا أن الحكومة ثابتة إلى الآن على 24 وزيراً، وعدم المداورة في الحقائب السيادية، وخمسة وزارات للطائفة السنية (من ضمنها الداخلية والصحة)، خمسة للثنائي حزب الله وحركة أمل (المالية، الأشغال، العمل، الزراعة والثقافة، التي سيتولاها محمد مرتضى). وبينما ستذهب «التربية» لجنبلاط، وستكون «المهجرين» من حصة النائب طلال ارسلان، والاتصالات والبيئة للمردة، فيما اتفق على أن وزارات الخارجية والدفاع والعدل والشؤون الاجتماعية والسياحة والإعلام والطاقة سيسميها رئيس الجمهورية.
لكن التوافق على هذه التوزيعة الطائفية للحقائب لا يؤكّد استقرارها على ما هي عليه، ما دامَ هناك خلاف على حقائب أخرى من بينها الاقتصاد «فالتبديل بأي حقيبة من شأنه أن ينسحب على بقية التوزيعة». أما الأسماء، فلا «يزال هناك خلاف بشأنها، تحديداً وزارة الطاقة التي طرح عون اسم المدير العام للمركز اللبناني لحفظ الطاقة بيار خوري لتوليها، واعترض عليه ميقاتي»، فضلاً أن «التوافق على اسم كل من وزيرَي الداخلية والعدل لم يحصل بعد».
ومن بين الأسماء المتفق عليها: السفير جهاد مرتضى لوزارة الزراعة، القاضي مصطفى بيرم للعمل، الدكتور علي حمية (مستشار في لجنة الإعلام والاتصالات النيابية) للأشغال. أما للداخلية، فتقول المعلومات أن الكفة مرجحة لصالح إبراهيم بصبوص (وافقَ عون عليه مع بعض الشروط). أما نائب رئيس الحكومة فقد جرى الاتفاق على مروان أبو فاضل.
وفيما قالت مصادر مقربّة من الرئيس عون إن «الخلافات حُسمت، باستثناء ثلاثة منها»، أشارت إلى أن «العقد المتبقية تتعلق بفيتوات يضعها ميقاتي على أسماء يقترحها رئيس الجمهورية». وفي المعلومات أن «عون طلب من حزب الله التدخل لدى ميقاتي وإبلاغه بأنه يريد تشكيل الحكومة لا الاعتذار، وأن يحاول الحزب إقناعه بالعدول عن هكذا فكرة». وعليه، تقول مصادر سياسية بارزة على بينة مِن المشاورات أن «الأجواء الإيجابية التي تجري إشاعتها من شأنها أن تتبدّد في أي لحظة وتنقلب إلى عرقلة كاملة». وأكدت المصادر أن «العقدة الأساسية تتعلق فعلاً بالأسماء، لأن ما يقال عنها أسماء توافقية بين عون وميقاتي هي التي ستحدّد حصّة كل منهما، فليسَ هناك اسم سيكون محسوباً عليهما معاً. إما سيكون ميقاتيّ الهوى أو محسوباً على الفريق الذي يقف خلفه، وإما سيكون عونيّاً بالمطلق»، لذا «لا يستخف أحد بالتسميات التي يُمكن أن تطيح بكل الجهود التي أوصلت مشاورات التشكيل إلى ما هي عليه الآن».
ورأت المصادر أن «المشكلة هي في أن عون وميقاتي لا يشكلان الحكومة منفردين، فباسيل والحريري يحرّكان خيوطها، بالتالي ما أفشلَ محاولات التشكيل سابقاً يُمكن أن يؤدي إلى النتيجة الحالية. فلا عون يُمكن أن يمرّر حكومة لا يرضى باسيل عنها، ولا ميقاتي قادِر على النزول عن السقف الذي تمسّك به الحريري». وراجت ليلاً أجواء سلبية لم ينفها ميقاتي، لكنه نفى أن يكون في صدد الاعتذار، مؤكداً أنه يعمل، مع رئيس الجمهورية، على تذليل العقبات التي طرأت.
وبينما يتصاعد الضغط الدولي على المسؤولين من أجل التسريع في تشكيل الحكومة، قالَت مصادر قريبة من الجوّ الأميركي – الأوروبي أن «مرحلة جديدة يجري التحضير لها في حال لم ينجح ميقاتي في مهمته»، مشيرة إلى أن «عنوان هذه المرحلة هو إسقاط رئيس الجمهورية ميشال عون، من خلال تحركات وحملات ستبدأ تباعاً، ما إن يتبيّن وصول المشاورات الحكومية إلى أفق مسدود». وأشارت المصادر إلى أن «هذه التحركات والحملات يجري التحضير لها من قبل أحزاب ومجموعات من المجتمع المدني المعارضة لعهد عون، وستكون منظمة وموسعة أكثر من الفترة الماضية، لأنه لن يسمح للعهد وحده بأن يقود البلاد حتى موعد الانتخابات النيابية في ظل فراغ حكومي».
اللواء
«ملهاة التأليف»: عهد يتفرج على مأساة شعب ووطن!
ميقاتي يرفض «الثلث المعطّل».. وظلمة الكهرباء والمحروقات تصيب سيّدة العواصم
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “برمشة عين، تراجعت اجواء التفاؤل، وتقدمت الاجواء المسمومة على ما عداها؟ على الأرض ممارسات لمؤسسة كهرباء لبنان، بإضاءة مناطق، وحرمان مناطق، تسببت بردة فعل ضد بعض المحطات، فاقتربت العاصمة بيروت التي كانت «ست الدنيا» من ظلام دامس، لم يقو عليها في أيام الاحتلال الاسرائيلي لسيدة العواصم العربية صيف 1982.
وعلى الأرض ايضاً، سباق محموم بين اسعار طن المازوت الذي اشتد الطلب عليه، في ضوء مناورات الشركات المستوردة وقلة خبرة، إن لم نقل تواطؤ، والتباين حول التسعيرة الجديدة التي لم يعد لها قيمة ما دام الطن الواحد من المازوت يلعب على حافة الـ30 مليون ليرة لبنانية؟!
وعلى الأرض ايضاً، انقطاع ارغفة خبز الفقراء من الحوانيت والسوبرماركات فضلاً عن الأفران، أمر يدعو للعجب ان تسأل هذه الأماكن عن ربطة خبز!
وعلى الأرض أيضاً، استفادت مؤسسة مياه بيروت من عقم الوضع وانعدام المازوت، لتوقف أو تقنن هي الاخرى تزويد المنازل بالمياه، بعدما كانت بيروت عائمة على آبار الماء، ومن هنا اشتق اسمها.
وعلى الأرض أيضاً، تحولت محطات البنزين، ما بقي منها فاتحاً، إلى غابة مخيفة، من عناصر ميليشيات الحرب، القديمة والجديدة، فضلاً عن كثافة غير مسبوقة للدراجات النارية، في حين تمكنت العناصر الامنية من الحد من تعبئة الغالونات بالبنزين وبأسعار خيالية.
قتلى وجرحى ومطاردات ومشاحنات في الشوارع بين العائلات والعصابات، والمافيات المستجدة على الوضع، حيث تتزايد المخاوف من عودة النفايات إلى الشوارع.
هذا غيض من فيض! ثم ماذا بعد؟ إذا كان الفريق الرئاسي يرغب بحكومة، فماذا ينتظر؟ وإذا كان يعتقد ان بامكانه تحويل نكساته في الشعارات والممارسات وانفضاض غالبية المواطنين عن مشروع فريقه السياسي، من خلال فرض اجندات على الرئيس المكلف وفريق «رؤساء الحكومات السابقين» فهو على خطأ بالطبع.
فماذا في الوقائع اليومية الأليمة في السياسة والمعيشة والمال والاقتصاد ودورة الحياة ككل بعدما كشفت «الدولية للمعلومات» ان مليارا ومئة مليون ليرة كلفة خسائر الاقتصاد من جراء طوابير البنزين؟!
ملهاة التأليف
هكذا، تحولت عملية التأليف إلى ملهاة، لتكشف مأساة شعب ووطن يتفرج على آلامه حكم وعهد، كان يأمل منه اللبنانيون شيئاً، لكن الوقائع جاءت خلافاً للآمال.
ولاحظت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة الجديدة، تعثرا واضحا في مسار التشكيل، عكسه انقطاع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي عن زيارة الرئيس ميشال عون في بعبدا امس،بينما كانت الانظار مشدودة،لاستمرار التواصل والمشاورات المكثفة بين الطرفين لإنجاز التشكيلة الوزارية باقرب وقت ممكن لأن الأوضاع بالبلد تتدهور بسرعة. واشارت المصادر الى ان ما تروجه اوساط بعبدا عن ايجابيات بالتشكيل والمنحى التفاؤلي للقاءات الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية، مبالغ فيه ولا يعكس الواقع ،بل يهدف الى حرف مسؤولية التعطيل عن رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي.
وحددت المصادر احدى العقبات الاساسية التي ادت إلى توقف مسار تشكيل الحكومة، وهي مطالبة رئيس الجمهورية بالثلث المعطل بالتشكيلة الوزارية، حملها الى الرئيس المكلف امس موظف رئاسي، وهو ما رفضه ميقاتي لانه يتعارض مع مهمته تشكيل حكومة انقاذية اصلاحية، وينقلب على ما تم التفاهم بينه وبين عون منذ البداية. وبينما لم تحدد المصادر نقاط الخلاف الاخرى، اشارت إلى ان عون يعترض على اسماء مرشحين مسيحيين، ومحسوبين على خصومه، ليس لمؤهلاتهم المهنية ومسيرتهم الناجحة، بل لوضع عراقيل اضافية، امام تشكيل الحكومة. وذكرت المصادر ان عون اعترض على ترشيح موريس الدويهي المحسوب على المردة لتولي وزارة الاتصالات، لاسباب سياسية، كما لايزال يرفض اي مرشح للداخلية من الاسماء المطروحة والمشهود بكفاءاتها على كل المستويات. وفي اعتقاد المصادر ان تولي عون للتعطيل الممنهج لتشكيل الحكومة، ما يزال مستمرا بالتنسيق والتماهي مع حليفه حزب الله، الذي يوظف ورقة تشكيل الحكومة الجديدة في يد المفاوض الايراني بالملف النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما، ولم يتم تركها بعد، برغم كل ايحاءات ومواقف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله ودعواته لتسريع عملية التشكيل، بينما لاحظت المصادر ان مواقف نصر الله ليل الثلاثاء الماضي، تتجاوز كل مواقفه السابقة وتؤشر بوضوح الى فرملة عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
إلا أن مصادر قالت لـ»اللواء» ان لا صحة لما سرب من ان الرئيس عون طالب بعشرة وزراء، وأكدت ان لا تبديل في الحصة الرئاسية المتفق عليها من الأساس.
وأشارت إلى ان الرئيس ميقاتي طرح اسماء لوزراء مسيحيين في حقائب من حصة الرئيس عون، في الوقت الذي لم يسم عون اي اسم من حصة الرئيس المكلف.
وكانت اوساط على اطلاع على ما يجري تحدثت ان الرئيس عون يريد ما لا يقل عن تسعة وزراء من بين الـ24 وزيراً، اي الثلث المعطل، المكتمل الاوصاف والوظائف.
وتتحدث الاوساط عن ان الاولوية في بعبدا بعد تأليف الحكومة هي اجراء تعيينات تستمر في الوظائف بعد نهاية عهد الرئيس عون في 31 آب 2022، فضلاً عن اطاحة رياض سلامة من حاكمية المصرف المركزي، ووظائف عالية في القضاء والادارة والمال والاقتصاد والأمن.
وعليه، ينقل عن مصادر الرئيس المكلف الدعوة إلى وجوب التزام الحذر والابتعاد عن تعميم اجواء التفاؤل. لا يخفى ان الخلافات راحت تطفو على السطح بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، وهذا ما ادى إلى ارجاء زيارة بعبدا، على الرغم من استمرار المشاورات والاتصالات.
مع انقطاع التواصل الرئاسي المباشر أمس وحصره بالشكل غير المباشر وتحديدا من خلال موفدين بدأ يسري جو مفاده أن ثمة عراقيل لا تزال تحيط بعملية تأليف الحكومة وهنا أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ»اللواء» أن أبرز هذه العراقيل تتمثل في موضوع الأسماء وعدم الاتفاق عليها وهذه الأسماء تتصل بحقائب سيادية واساسية كالداخلية والطاقة والعدل والشؤون الاجتماعية.
وأشارت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لديهما ملاحظات على الأسماء التي تم تبادلها ومن هنا كان لا بد من حركة اتصالات من أجل ترتيب الأسماء على ان يصار إلى وضع اقتراحات جديدة ومن شان ذلك أن تؤثر على بقية توزيع الأسماء.
وقالت المصادر إن التفاهم على التوافق على الأسماء ادى الى بعض التباينات. وفهم أن وزارة الطاقة عادت إلى رئيس الجمهورية وينتظر أن يتم التوافق على الاسم. ولفتت المصادر إلى أن هذا الخلاف يعد سببا في تأخير تشكيل الحكومة لكن المفاوضات مستمرة إلا إذا برز تشبث أكثر في الرأي. وفي المعلومات ان الرئيس المكلف طرح اسم القاضي جهاد الوادي لوزارة العدل، فيما يتمسك الرئيس عون باسم فايز الحاج شاهين.
وحسب المعلومات المستجدة، فإن الرئيسيان اتفقا على مهلة 48 ساعة بعد لقائهما الاخير من اجل إجراء الاتصالات لمعالجة الاشكالات الباقية، وجوجلة اسماء الوزراء المقترحين والتعرف عليهم شخصيا من قبل الرئيس ميقاتي.حيث ما زالت بعض الاسماء المرشحة لبعض الوزارات مدار بحث كأسماء وزراء الطاقة والاتصالات والعدل والخارجية والدفاع والداخلية وربماحقيبة الشؤؤون الاجتماعية ايضاً، ولم يُعرف ما اذا كان قد تم فعلا تجاوز اسم المرشح لحقيبة المال يوسف خليل.
وذكرت المصادر المتابعة فإنه بعدما اصبح توزيع الحقائب شبه منتهِ، ما زالت بعض الحقائب مدار اخذ ورد لا سيما لجهة الحقيبة الثانية التي ستمنح لتيار المردة بعد حقيبة الاتصالات، حيث لم يثبت نهائياً انه سيحصل على حقيبة الصناعة لكن البحث جارٍ حول الموضوع. كما انه ثبتت مشاركة الحزب السوري القومي الاجتماعي في الحكومة وكان موعوداً بحقيبة الاقتصاد لكن الرئيس عون طلبها، ولم تُحسم المسألة بعد، مع ان اوساط «القومي» قالت لـ«اللواء»: انه امام سقوط البلد ومقومات الدولة لم تعد اي حقيبة مهمة والحزب قرر التسهيل لا التعطيل ولا مانع لدينا بحقيبة اخرى غير الاقتصاد، فالمهم تشكيل الحكومة للقيام بأبسط الحلول الممكنة للأزمات وتنفيس حالتي التشنج والاحتقان.
روسيا على الخط
على صعيد اخر، دخلت روسيا مجدداً على خط الموضوع اللبناني، فاستقبل مبعوث الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية أمل أبو زيد.
وأوضح بيان للخارجية الروسية، انه «تم خلال اللقاء تبادل معمق لوجهات النظر حول تطورات الوضع في الشرق الأوسط مع التركيز على الوضع في لبنان. وتم البحث خصوصا في أهمية الانتهاء في أقرب وقت من تأليف حكومة في لبنان برئاسة رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي من أجل التغلب على الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية».
تفاقم الازمات
على الصعيد الحياتي، تفاقمت بقوة ازمة فقدان البنزين وعادت لتشتد وبقوة على الارض، بفعل شح المحروقات بعدما تدنى مخزون المحطات الى الحد الادنىوبسبب تعثر التوصل الى اي اتفاق حول اعتمادات جديدة بين المستوردين ومصرف لبنان.
وعقد المجلس المركزي لمصرف لبنان اجتماعاً لاتخاذ قرار بشأن رفع الدعم. وحسب مصدر مطلع فان الاجتماع خرج بتمسّك تام بقرار رفع الدعم من دون تراجع على أمل تشكيل حكومة ووضع خطة إنقاذية.
وقال ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا: مخزون الشركات من البنزين نفد ولا اتفاق حتى اليوم بين حاكم مصرف لبنان ووزارة الطاقة والمسؤولين، أما المواطن فيُذلّ. اما عضو نقابة اصحاب المحطات جورج البراكس فاشار الى ان « تسعيرة ال12000 مطروحة اليوم كما وسيناريوهات اخرى». في المقابل، نفى المكتب الإعلامي لوزارة المالية الخبر حول موضوع التسعيرة الجديدة على سعر١٢٠٠٠ ليرة التي وضعتها وزارة المالية لاستيراد المحروقات ولا علاقة بتاتاً لوزارة المالية بوضع التسعيرة التي تصدر من قبل وزارة الطاقة بالاتفاق مع مصرف لبنان.
فياض
الى ذلك، أوضح رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض أنّ الشركات حذرت سابقاً من أن مخزون البنزين الذي كان متوفرا لا يكفي إلا لأربعة أيام وهذا المخزون نفد، مؤكدا ألا إمكانية لدى الشركات بالاستيراد وسط غياب التوافق بين مصرف لبنان والمسؤولين على تحديد السعر.
ومن شأن فقدان المازوت ان ينعكس على الافران والمستشفيات والكهرباء، التي يزودها الجيش بالكميات القليلة من التي يصادرها من المحتكرين والذين يخزنونها في باطن الأرض لبيعها بأسعار مرتفعة.
ونتيجة فقدان المازوت والادوية وانقطاع الكهرباء، صدر عن نقابة المستشفيات في لبنان بيان مما جاء فيه: بالرغم من جميع التحذيرات التي اطلقتها نقابة المستشفيات والتي حذرت من اننا سنصل الى يوم لن يكون بإمكان المستشفيات الاستمرار في العمل او بإمكان المريض الحصول على العناية الطبية الملائمة، وبالرغم من كل الجهود المتواصلة التي يبذلها وزير الصحة الدكتور حمد حسن، لقد وصلنا اليوم الى ساعة الحقيقة وسط انهيار كامل للدولة ووسط تخبط مخيف للمسؤولين الذين يحاولون المعالجة في جو هو اقرب الى حوار الطرشان بين بعضهم البعض ووسط تبادل الاتهامات بالفشل بين مسؤول وآخر. اليوم وصلنا الى نهاية المطاف ولم يعد مكان للمناورة وكسب الوقت وتجميل الامور. المستشفيات تخسر يوماً بعد يوم من قدراتها والمواطن يصعب عليه يوماً بعد يوم الحصول على علاجه.
اضاف: اختفاء الادوية من جهة، والارتفاع الجنوني في ثمن المستلزمات الطبية اثبت كم هي خاطئة آلية الدعم التي اتبعت والتي نبهنا منذ بداية تطبيقها انها لن تؤدي الى نتيجة سوى الاثراء غير المشروع للمحتكرين وللمتواطئين معهم. والنتيجة التي وصلنا اليها هي عدم وجود المواد الصيدلانية والطبية وإن وجدت فبأسعار توازي عدة اضعاف السعر الرسمي الذي كان من المفترض ان يبقى على حاله مع الدعم.
وقال: إن عدداً كبيراً من المستشفيات لن يتمكن بعد الآن من تقديم العديد من الخدمات الدقيقة والضرورية كتأمين العلاج الكيميائي لمرضى السرطان، والمضادات الحيوية للمرضى الذين يعانون من الصدمة الانتانية choc septique)) أو الأدوية الضرورية لعلاج مرضى غسل الكلي أو البنج الضروري للعمليات! هذه مجرد امثلة وهناك الكثير غيرها، ناهيك عن النقص في العديد من المستلزمات الطبية الضرورية للفحوصات والاعمال الطبية والتداخلية وسواها.
وختم: نقابة المستشفيات تدعو الى تفعيل دور المجلس الاعلى للصحة برئاسة معالي وزير الصحة على ان يجتمع على الاقل مرتين في الاسبوع لدراسة السبل الآيلة الى ضبط الامور والحد من الإنهيار المتسارع. أما إذا استمرت الامور على هذا المنحى الانحداري فنحن امام سيناريو كارثي محتم سوف نصل اليه في اقل من اسبوعين وسوف نشهد فوضى عارمة لا يمكن السيطرة عليها وتوقف قسري لعدد من المستشفيات.
ميدانياً، توقف السير بشكل شبه نهائي أمس، على طول الاوتوستراد الساحلي بسبب الزحمة امام المحطات والتهافت اليها، وناشد المواطنون العالقون على اوتوستراد جل الديب القوى الأمنية التدخل وفتح الطريق بسبب وجود حالات طارئة يجب ان تصل الى اقرب مستشفى وحالات إغماء في الزلقا.. كما وقع إشكال كبير على إحدى المحطات في محلة البسطة التحتا ببيروت، كذلك شهد الأوتوستراد الساحلي في محلة الجية والسعديات، زحمة سير خانقة على المسربين، ما دفع المواطنين الى سلوك الطرق الفرعية، وسط غضب واستياء كبيرين .
وبعد الظهر، قطع سائقو الشاحنات و»البيك آب» في حسبة صور، الطريق العام عند دوار ثكنة صور الطريق بشاحناتهم احتجاجا على نفاد المازوت، مطالبين بتأمين المادة لشاحناتهم أسوة بباقي القطاعات. وقالوا ان ذلك سيؤدي الى توقف عملهم وشل الحركة الحياتية في المدينة، مما يزيد الوضع تفاقما.. في حين محتجون قطعوا الطريق بالشاحنات عند محطة توتال العدوسية الزهراني، بسبب رفض المحطة بيع البنزين.
في وقت قطع مواطنون طريق البداوي الدولي في الإتجاهين، ووضعوا إطارات سيارات وحاويات نفايات وحجارة وسط الطريق، إحتجاجا على انقطاع المحروقات من السوق وامتناع محطات الوقود عن العمل. كما أدى الإزدحام الكبير عند محطة ملص في المنية، التي فتحت أبوابها أمام الزبائن، إلى ازدحام خانق للسيارات على طريق المنية الدولي.. ووقع إشكال بسبب أفضلية الوقوف للانتظار ضمن طوابير السيارات عند إحدى المحطات على اوتوستراد البترون تطور الى إطلاق نار في الهواء من قبل مجهول وفر إلى جهة مجهولة.
تشييع ضحايا التليل
الى ذلك، شيعت المؤسسة العسكرية وعكار واهالي شهداء التفجير الكارثي لخزان البنزين في بلدة التليل، جثامين عدد من الشهداء، الذين عملت سيارات الاسعاف التابعة للصليب الاحمر اللبناني على نقلهم من مستشفيات عدة الى بلداتهم وقراهم، بمواكب حزينة وحضور حشد من ابناء المنطقة، مطالبين بـ»الاقتصاص من الجناة ومعاقبتهم»، ومؤكدين «ضرورة الاسراع بالتحقيق لكشف ملابسات هذه الجريمة وكل الضالعين بها من مخزنين ومهربين ومرتكبين كبارا وصغارا».
وكان لموكب الشهداء وقفات عدة في حلبا والكويخات والتليل وصولا الى القرى والبلدات كافة مسقط راس الشهداء.
إلى ذلك، جال الامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير مع وفد طبي مصري ضم: الدكتور أحمد محمد المهدي سالم، الدكتور مصطفى علي محمود هارون والدكتور وائل محمد عبدالله عياد، على كل من وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور حمد حسن في وزارة الصحة، ومستشفى الجعيتاوي في بيروت حيث يعالج عدد من المصابين بحروق بالغة جراء انفجار التليل.
وشكر اللواء خير الوفد الطبي والسفير المصري والحكومة المصرية على المبادرة الاخوية الطيبة بارسال وفد طبي وكميات من الادوية لمساعدة المصابين جراء انفجار التليل في عكار.
من جهة أخرى، وصلت امس، إلى مطار رفيق الحريري الدولي طائرة مرسلة من قبل وزارة الصحة التركية، لإجلاء عدد من الجرحى المصابين بحروق بسبب كارثة التليل.
عاشوراء
وفي موضوع احياء مسيرات العاشر من محرم (واقعة كربلاء) اتخذت القوى الأمنية الاجراءات المناسبة في حين اتفق حزب الله وحركة امل على ان تكون المسيرات واحدة حسبما كشف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
586585 إصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها خلال الـ24 ساعة الماضية عن 1689 اصابة جديدة بفايروس كورونا، مع تسجيل 5 حالات وفاة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 586585 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
البناء
اهتمام خارجي وداخلي بكلمة السيد نصرالله اليوم… وإعلان موعد وصول المحروقات؟
المسار الحكومي يواجه مطبات تخلط أوراق الحقائب والأسماء وتدفع المهل للأسبوع المقبل
أول أيلول موعد نهائي لرفع الدعم الكامل… وتعهّدات بوضع البطاقة التمويلية في التطبيق
صحيفة البناء كتبت تقول “خطفت أفغانستان الاهتمام الدولي والإقليمي، فعادت المطبات للظهور في طريق المسار الحكومي، وعاد الحديث عن خلط أوراق ناجم عن تضارب الطلبات، وتعقيد الخريطة التي بدا أنها نهاية الماراتون وأمتاره المتبقية، بعدما ألغي موعد الأمس المفترض بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعاد الحديث عن تمديد مهلة ولادة الحكومة من نهاية الأسبوع الحالي الى الأسبوع المقبل، في ظل الحديث عن عودة مصرف لبنان لتمويل دعم المحروقات حتى نهاية الشهر الحالي على ان يتوقف كلياً وبصورة نهائية مطلع أيلول، في ظلّ تعهّدات حكومة تصريف الأعمال بوضع البطاقة التمويلية قيد التطبيق نهاية الشهر الحالي، وأول ايلول هو الموعد الذي قالت مصادر سياسية إنّ الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي قد وضعه كنهاية للمهلة المفترضة لتأليف الحكومة الجديدة، بينما ينعقد مجلس النواب غداً للنظر في كلمة رئيس الجمهورية الخاصة برفع الدعم، حيث يرجّح الاكتفاء بأخذ العلم والتأكيد على الموقف السابق المقرّر بموجب قانون، ويقوم على تزامن رفع الدعم مع البدء بالعمل بالبطاقة التمويلية.
اليوم تتوجه الأنظار في الداخل والخارج نحو الضاحية الجنوبية حيث سيتحدث عند التاسعة صباحاً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في آخر أيام عاشوراء، في ظلّ توقعات تحدثت عن تضمبن نصرالله لكلمته شرحاً تفصيلياً لملف المحروقات واستيرادها من إيران بالليرة اللبنانية، وربما موعد بدء وصولها، استناداً لإيحاء السيد نصرالله بأنه سيحدّد موعد البدء بإستيراد المحروقات خلال أيام معدودة، مشيراً الى إطلالاته في مناسبة عاشوراء.
الاهتمام الداخلي نابع من أنّ الأزمة المتفاقمة ستزداد تفاقماً مع مطلع أيلول والرفع الكامل والنهائي لكلّ أشكال الدعم، وسعر الصرف سيتأثر حكماً بالطلب الذي سيشهده سوق الصرف على الدولار لتمويل عمليات الاستيراد، وقيمتها تشكل أضعاف المبالغ التي يشهد السوق الطلب عليها بالمقارنة مع مرحلة تمويل مصرف لبنان لعمليات الاستيراد، فإذا كان سعر صفيحة البنزين يقارب 12 دولاراً فإنّ هذا السعر بالليرة اللبنانية قد يصل الى 300 الف ليرة مع دولار 25 ألف ليرة، تضاف إليه الرسوم والجعالات، بينما صفيحة المازوت التي يقدّر سعرها بـ 8 دولارات، ستصبح بقرابة 200 ألف ليرة، تضاف إليها الرسوم والجعالات، وسيرتفع السعر كلما ارتفع سعر النفط عالمياً وكلما ارتفع سعر الدولار في سوق الصرف بسبب تزايد الطلب، بينما قيام حزب الله بالاستيراد بالليرة اللبنانية، واو اقتصر على نصف حاجيات السوق فسيسهم في تنظيم السعر سواء بكسر الاحتكار أو بتخفيف الطلب على الدولار.
الاهتمام الخارجي الذي لا تستثنى منه السفارات الغربية وفي طليعتها السفارة الأميركية ينطلق من مخاوف تحدثت عنها وسائل الإعلام في كيان الاحتلال، مشيرة الى قلق قادة الكيان من الخطوة وانعكاساتها، حيث سيظهر حزب الله ومن خلفه إيران كجهة وحيدة داخلياً وخارجياً تهتمّ لمعاناة اللبنانيين، ويظهر الآخرون الأكثر قدرة بأنهم يقدّمون ادّعاءات فارغة ويستثمرون في معاناة اللبنانيين دون أن يقدّموا حلولاً، ورأت مصادر دبلوماسية متابعة للأزمة اللبنانية أنّ هذا التحوّل سيعني نقطة بداية لمسار يوسع نفوذ حزب الله في شرائح الشعب اللبناني التي تشكل المحروقات حاجة يومية لها من المسشتفيات الى الأفران والبلديات، وسترتبط كلها بشبكة مصالح مع حزب الله وستكتشف معاملة تجعلها أكثر قرباً منه، وستجعل من حلفائه مركز استقطاب في بيئاتهم وطوائفهم، وتضعف حجم جمعيات المجتمع المدني التي يراهن عليها الغرب في الانتخابات المقبلة، وقد يصبح لسان حال اللبنانيين لم يعد مهماً سواء تشكلت الحكومة أم لا فالعملية ستشكل الحدث الأهمّ في الحياة اللبنانية.
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أنّ «رسالتنا في هذه الليلة وككل ليلة عاشر من كل عام تمر بنا ظروف صعبة وتحديات وتهديدات، لكنّ المسيرة لن تنتهي إلا بالنصر الإلهي والرهان هو على صبرنا ووعينا وجهادنا، وسنمضي في هذا الطريق ونصبر على التهديدات والحروب الاقتصادية والسياسية والأمنية والإعلامية وضيق العيش وخذلان الجميع وقعودهم جانباً وراية الحسين لن تسقط من أيدينا، ومهما فعلوا بنا نحن في لبنان وغير لبنان لن نتركك يا أبا عبدالله الحسين ومن يقول لنا اتركوا الحسين نقول ما تركتك يا حسين وهذه الراية الخالدة ستنتقل من جيل إلى جيل».
ولفت السيد نصرالله إلى أنّ «قيادتي حزب الله وحركة أمل اتفقوا هذا العام على أن لا يكون في لبنان مسيرات في يوم العاشر لكي لا ندخل في المحظور الصحي، واتفقنا على أن تنقل كلمتي عند الساعة التاسعة صباحاً لتكون موحّدة في كل المجالس».
وفيما تتجه الأنظار يوم غدٍ الجمعة إلى قصر الأونيسكو حيث يعقد المجلس النيابي جلسة عادية لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية بما خص قرار مصرف لبنان رفع الدعم، تترقب الأوساط السياسية والشعبية والخارج الإقليمي والدولي المواقف التي يطلقها الأمين العام لحزب الله اليوم في كلمته في العاشر من محرم، حيث من المتوقع بحسب معلومات «البناء» أن يستعرض مختلف التطورات والمستجدات الأخيرة في لبنان والمنطقة ومختلف الملفات من الانسحاب الأميركي من أفغانستان إلى المحادثات النووية في فيينا إلى الوضع في سورية والعراق واليمن، كما يتطرق إلى مختلف الملفات الداخلية اللبنانية والمتوقع أن يطلق مواقف هامة في الملف الحكومي وموضوع المحروقات ربما تكون الإعلان عن موعد حاسم لاستيراد النفط الإيراني إلى لبنان، في حال لم يحصل تقدم في مفاوضات التأليف خلال الساعات المقبلة.
ولفتت أوساط سياسية في فريق المقاومة لـ»البناء» إلى أنّ «الموقف الأميركي يلفه الضبابية ويتأرجح بين استمرار الضغط على لبنان رهاناً على أنّ مزيداً من الخناق الاقتصادي والمالي سيحدث فوضى في لبنان وفي بيئة المقاومة خصوصاً، ما سيدفع حزب الله والرئيس عون إلى تقديم تنازلات في الملف الحكومي وملفات أخرى، وبين الطلب من الرئيس المكلف تسهيل التأليف لقطع الطريق على توجه الحزب لاستيراد النفط من إيران، ما يؤدي إلى تعاظم دور حزب الله في لبنان شعبياً وسياسياً واقتصادياً، وبالتالي الدور الإيراني ما يؤدي إلى الإضرار بالمصلحة الأميركية في لبنان»، وتوقعت الأوساط أن تترك مواقف السيد نصرالله اليوم تأثيرات إيجابية على مجريات الأوضاع في لبنان، لا سيما في مفاوضات الحكومة وموضوع المحروقات.
وعاد المناخ الضبابي ليخيّم على المشهد الحكومي مع تراجع أسهم التأليف في البورصة الحكومية، لا سيما أنّ اللقاء المتوقع ظهر الأمس بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لم ينعقد من دون تبيان الأسباب ما يحمل مؤشرات سلبية تظهرت في حرب المصادر بين بعبدا والرئيس المكلف. وذلك بعدما تقدمت المفاوضات وسادت الأجواء الإيجابية في اللقاء الأخير بين عون وميقاتي الذي أعلن بأنّ أمتاراً قليلة تفصلنا عن ولادة الحكومة، لكن يبدو أنّ شياطين التفاصيل الكامنة في توزيع الحقائب الأساسية والخدماتية على الأطراف السياسية أعادت الأمور إلى نقطة الصفر، بحسب ما قالت لـ»البناء» أوساط مطلعة على مجريات المفاوضات، لافتة إلى أنّ «المفاوضات الحكومية دخلت في مدار المد والجزر، وفي ربع الساعة الأخير الذي تشتد فيه المفاوضات»، موضحة أنّ «المشكلة تكمن في أنّ كلّ تعديل أو تغيير في إسم أو توزيع حقيبة يؤدي إلى تعديل وخلط حقائب في تركيبة الحكومة برمتها»، كاشفة أن «لا توافق حتى الساعة على حقيبة الداخلية ولا على اسم وزير المالية ولا على توزيعة نهائية للحقائب الخدماتية رغم حسم بعض الحقائب الأساسية كالطاقة والاتصالات».
وأشارت مصادر معلومات أخرى إلى أنّ عون أوفد المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير إلى الرئيس المكلف وحمل معه اقتراحات لتنقيح المسوّدة الوزارية، لافتة إلى أنّ «الرئيس المكلف استشعر ثلثاً معطلاً كامناً بين المطالب بالأسماء والحقائب ليعود التأليف إلى ما دون الصفر». فيما دعت مصادر ميقاتي إلى عدم الإفراط في التفاؤل بولادة الحكومة في تراجع واضح عما أعلنه الرئيس المكلف الثلاثاء الماضي.
كما أفيد أنّ «عملية تأليف الحكومة سقطت، كما أنّ الجهود الآيلة إلى التشكيل والتي تصاعدت نهاية الأسبوع الماضي شهدت انحساراً أمس بعد وضع اللمسات الأخيرة، ليتبين أنّ أحداً من طرف الرئيس ميقاتي غيّر أحد عشرة مقعداً من المقاعد الوزارية، ما أدّى إلى رفض رئيس الجمهورية وفريقه للتشكيلة برمتها وبذلك نكون عدنا إلى المربع الأول في عملية التشكيل. ونفت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ»البناء» ما يتم تداوله من أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس سعد الحريري يعرقلان تأليف الحكومة عبر مطالب إضافية بحقائب وزارية، مشيرة إلى أنّ العودة إلى نغمة المطالبة بالثلث المعطل وتدخل أطراف أخرى في التأليف هو سبب العرقلة»، محذرة من أنّ المطالبة بالثلث المعطل ستطيح بالحكومة وليس فقط يعرقلها.
وتلاقت الأجواء السلبية مع ما أوردته قناة «OTV» بأن لا أجواء توحي حتى اللحظة بأنّ رئيس الحكومة المكلف سيتوجه اليوم إلى بعبدا، لا سيما أنه يوم عطلة رسمية، فيما الجمعة جلسة مجلس النواب لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية»، مشيرة إلى أنه «يفترض أن تكون الأيام المقبلة حاسمة والأسبوع المقبل هو الشوط الأخير، فإما سلبية وإما ايجابية». ولفتت إلى أن «حقيبة الاقتصاد لم تُحسم بعد ما إذا كانت ضمن حصة عون أو ميقاتي ومصادر الرئيس المكلف أوضحت أنها ستكون ضمن العرض الكامل مع الاتفاق على أسماء الحقائب العالقة». وتجدّد أجواء التيار الوطني الحر لـ»البناء» تأكيدها أنّ الرئيس عون يسعى جهده لولادة الحكومة بأسرع وقت ممكن والكرة في ملعب الرئيس المكلف»، نافية تدخل النائب جبران باسيل بالتأليف كما يصور بهدف تحميله مسؤولية التعطيل وبالتالي الضغط على رئيس الجمهورية.
وتعود الأجواء السلبية على وقع تسارع وتيرة الانهيار في مختلف القطاعت الحيوية بسبب الشحّ في المحروقات ونفاد المخزون إلى الحد الأدنى، ما يهدّد البلاد بشلل عارم وعتمة كاملة وتوقف شامل للقطاعات الحيوية عن العمل والحركة التجارية والنشاط الاقتصادي الرسمي والخاص، وسط غموض في آلية التسعير الجديدة للمشتقات النفطية وتضارب في المعلومات بين وزارتي المال والطاقة ومصرف لبنان الذي اجتمع مجلسه المركزي أمس وأفضى إلى «التمسك التام بالقرار من دون تراجع»، بحسب ما نقلت مصادر المجتمعين «على أمل تشكيل حكومة ووضع خطة إنقاذية، وأن نستطيع التعاون لحماية البلد وفي الوقت الراهن لا نستطيع القيام بشيء». وأكدت المصدر أنّ «قرار رفع الدعم واضح وصريح واتخذناه كمجلس مركزي بقناعة تامة، وقد وصلنا إلى مرحلة لا يمكن الوصول إلى حل إلا عبر التعامل مع حكومة جديدة تضع خطة إصلاح كي نضمن أن هناك مجتمعاً نستطيع أن نؤدّي له خدمة بهدف واضح وأن تكون هناك خطة مع صندوق النقد الدولي ومؤتمر «سيدر» مترافقة مع إصلاحات»، في حين تتقاذف وزارتي المال والطاقة المسؤولية، ففي حين لم تُصدر المديرية العامة للنفط التسعيرة الرسمية الجديدة للمحروقات التي أفيد عن رفعها من 3900 إلى 12 ألف ليرة، نفى المكتب الإعلامي لوزارة المالية الخبر المتداول حول موضوع التسعيرة الجديدة على سعر12000 ليرة التي وضعتها وزارة المالية لاستيراد المحروقات. وأكد المكتب أن لا علاقة بتاتاً لوزارة المالية بوضع التسعيرة وأنها تصدر من قبل وزارة الطاقة بالاتفاق مع مصرف لبنان.
وهرع المواطنون إلى محطات الوقود ومراكز تعبئة الغاز للتزود بما يتوفر لهم من محروقات لملء خزانات سياراتهم بالوقود قبل رفع الدعم حيث تحولت الطرقات الساحلية إلى موقف كبير للسيارات، وقال ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا إنّ «مخزون الشركات من البنزين نفد ولا اتفاق حتى اليوم بين حاكم مصرف لبنان ووزارة الطاقة والمسؤولين، أما المواطن فيُذلّ». بدوره، أشار عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس إلى أنّ «تسعيرة الـ12000 مطروحة كما وسيناريوات أخرى».
من ناحيته، أوضح رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض أنّ الشركات حذرت سابقاً من أنّ مخزون البنزين الذي كان متوفراً لا يكفي إلا لأربعة أيام وهذا المخزون نفد، مؤكداً أن لا إمكانية لدى الشركات بالاستيراد وسط غياب التوافق بين مصرف لبنان والمسؤولين على تحديد السعر، محذراً من أنّ باخرتي المازوت اللتين سيتم إفراغهما لن تكفيان إلا لأسبوع واحد نتيجة الحاجة الكبيرة إلى المازوت في ظل الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي.
في الموازاة، أوضح رئيس نقابة أصحاب السوبرماركت نبيل فهد أنه يتم اللجوء إلى السوق السوداء لتأمين المازوت للسوبرماركت، حرصاً على سلامة الغذاء في البرادات. ولفت إلى أن عدداً من السوبرماركت يلجأ الى الإقفال باكراً توفيراً لمادة المازوت، أو تصغير عدد من الأقسام، بسبب غياب الطلب على عدد من المواد.
وتجلى الوضع الاجتماعي بأسوأ مظاهره بالصرخة المدوية التي أطلقتها نقابة المستشفيات التي دعت، في بيان، إلى تفعيل دور المجلس الأعلى للصحة برئاسة وزير الصحة على أن يجتمع على الأقل مرتين في الأسبوع لدراسة السبل الآيلة إلى ضبط الأمور والحد من الانهيار المتسارع، محذرة من أنه «إذا استمرت الأمور على هذا المنحى الانحداري فنحن أمام سيناريو كارثي محتم سوف نصل إليه في أقل من أسبوعين وسوف نشهد فوضى عارمة لا يمكن السيطرة عليها وتوقف قسري لعدد من المستشفيات».
وفيما تتهم مصادر مصرف لبنان وأوساط اقتصادية حكومة تصريف الأعمال بالتأخير بتطبيق قانون البطاقة التمويلية الذي أقره مجلس النواب، ما دفع المصرف المركزي إلى إصدار قرار برفع الدعم بسبب نفاد الاحتياطات الإلزامية لديه، أشارت مصادر حكومية لـ»البناء» إلى أن «البطاقة التمويلية أصبحت شبه جاهزة للتطبيق بعد أن وضعت اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف وضع اللمسات الأخيرة على المشروع ويتابع الوزراء المعنيون التواصل لوضع الآليات التطبيقية موضع التنفيذ، لا سيما إطلاق المنصة الإلكترونية لتسجيل أسماء الراغبة بالحصول على البطاقة وآليات أخرى على أن يتم ذلك خلال مهلة أقصاها منتصف أيلول المقبل». واستغربت المصادر استباق مصرف لبنان البدء بتطبيق القانون ورفع الدعم في وقت كان يستطيع المركزي إرجاء قراره لأسابيع قليلة ريثما يتم توزيع البطاقة على المواطنين لتفادي تعطل قطاعات الحياة وموجة الفوضى التي نعيشها في الشوارع بسبب الشحّ في المحروقات.
وفي سياق متصل، واصل الجيش اللبناني والقوى الأمنية حملة مداهمة محطات الوقود في عدد من المناطق اللبنانية حيث صادر كميات كبيرة من مادتي المازوت والبنزين في خزانات محطات ومستودعات تقدر بآلاف الليترات. فيما عمد عدد كبير من المحطات والمواطنين إلى إفراغ ما يخبئونه وبيعه بأسعار أقل من السوق السوداء قبل وصول الجيش إليهم.
المصدر: صحف