ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 28-07-2021 في بيروت على الأجواء الإيجابيّة لاستحقاق الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا التي انسحبت على استحقاق الاستشارات غير الملزمة في المجلس النيابي ما أوحى بأن طريق الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لن تكون صعبة ومعبّدة بالعقد والمطبات كحال الرئيس سعد الحريري..
الأخبار
تفاؤل التأليف: إعلام أكثر منه حقائق
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “لم تكُن الاستشارات النيابية غير المُلزمة التي أجراها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قد انتهت حتى تراجَع منسوب التفاؤل الذي بقيَ محصوراً بالتصريحات الإعلامية. أما في الكواليس، فيتقدّم الحذر على ما عداه في انتظار رد رئيس الجمهورية ميشال عون على تصوّر أوّلي قدمه ميقاتي أمس لحكومة من 24 وزيراً تناولت توزيع الحقائب من دون أسماء.
في الشكل، تطغى الأجواء الإيجابية على المسار الحكومي. أجواء يحرص الرئيس المكلف على إشاعتها وتلاقيه في ذلك أوساط الرئيس ميشال عون التي أكدت لـ«الأخبار» أن «كل خطوة يخطوها في اتجاه التأليف ستقابلها خطوتان من جانبنا». أداء نجيب ميقاتي الذي يتصرف بطريقة مغايرة لسلفه سعد الحريري لجهة زيارة قصر بعبدا بعد الاستشارات وتأكيده أنه سيتردّد إليه «باستمرار»، فضلاً عن انفتاحه على الحديث مع الجميع، يعكس «تصرّفاً وفق حراجة الوضع… وهو أمر جيد» وفق مصادر في التيار الوطني الحر. إلا أن هذه كلها إيجابية مغلّفة بالحذر، في انتظار الدخول في التفاصيل حيث تكمن شياطين كثيرة. وفي هذا السياق، قالت المصادر نفسها إن «الحكومة ممكنة خلال أيام إذا ما واصل الرئيس المكلف انفتاحه والأخذ والعطاء… أما إذا كان ينوي الاستمرار من حيث توقف الحريري، فقد نكون أمام المشهد نفسه مجدداً».
وعلمت «الأخبار» أن عون أبلغ من يهمهم الأمر «أنني لن أعطي نجيب ما لم أعطه لسعد»، فيما نُقل عن ميقاتي قوله إن «التفويض الذي أعطي إلي من نادي رؤساء الحكومات السابقين مرتبط بعدم التنازل عن السقف الذي وضعه سعد الحريري».
مصادر أخرى مواكبة لعملية التكليف والاستشارات النيابية التي أجراها ميقاتي أمس نبّهت إلى أن العقد الداخلية التي اعترضت تأليف حكومة الحريري تبدو أكبر من أن تُذلّل في فترة وجيزة أمام خلَفِه. إذ إن «لا شيء تغيّر» باستثناء «انتفاء العامل الشخصي الذي حكَم علاقة الحريري بالوزير جبران باسيل». أما غير ذلِك، «وإذا ما دقّقنا بينَ سطور التصريحات الإعلامية، تتبيّن الصعوبات، ولا يعني الحديث عن عدم مشاركة في الحكومة أنه لن يكون هناك تهافُت على الاستيزار بأسلوب مبطّن. فالتعفّف عن المشاركة سبق أن رافقَ مسار التشكيل مع الحريري».
بكل الأحوال، فإن تبيان الخط الأبيض من الخطّ الأسود لا يزال يحتاج إلى أيام إضافية في عملية التشكيل التي انطلقت مع بدء ميقاتي استشاراته غير الملزمة مع الكتل النيابية في ساحة النجمة، وإيحائه بالتحرك سريعاً منعاً لاستنزاف الاندفاعة القوية التي أتت به لكي لا تتكرر تجربة الحريري. وفيما جاءت استشارات التأليف على وقع معلومات عن خطوط عامة للتشكيلة الحكومية تفيد بأن ميقاتي يريدها تقنية من شخصيات اختصاصية غير حزبية، كانَ لرئيس تكتل «لبنان القوي» من مجلس النواب تصريح اعتبر فيه أن «تكليف ميقاتي من دون موافقة التيار، دليل إضافي على أننا لسنا الأكثرية في المجلس النيابي»، أما موضوع الثقة فـ«سيُحدّد في ضوء التشكيلة والبرنامج، فإما الدعم الكامل لأي عمل إصلاحي أو نكون في موقع المعارض لأي تقصير تقوم به الحكومة».
وفي موازاة زيارة ميقاتي لبعبدا، كانت الكواليس السياسية تشهد اتصالات على أكثر مِن خط لإعداد «رسم تشبيهي» للحكومة التي قال مقربون من الرئيس المكلف إنه «يرفض وضع تصنيف نهائي لها». وكانَ لافتاً في كلام هؤلاء أن «نبرة» التفاؤل بعد الاستشارات كانت أقل مما قبلها، معتبرين أن «جرعة التفاؤل التي تعطى تقليد لبناني، وقد حصل ذلِك مع الحريري الذي كانَ يضرب الموعد تلوَ الآخر لتأليف حكومته، ولم يفلَح في ذلِك». وأشار هؤلاء إلى أن «الكلام لا يزال في العموميات». بينما اعتبرت مصادر مطّلعة على الأجواء أن «ميقاتي من خلال تصريحاته يبدي بعض المرونة، لكن الأفعال قد تؤدي بنا إلى مكان آخر».
ومع أن ميقاتي فورَ خروجه من اللقاء مع عون تقصّد الاستمرار بإشاعة الجو الإيجابي عبرَ القول إن «الآراء متطابقة بنسبة كبيرة جداً، وسنعقد اجتماعات متتالية في الأيام المقبلة، وبإذن الله ستكون لدينا حكومة قريباً»، أشارت مصادر بعبدا إلى أن «الرئيس المكلف قدّم لرئيس الجمهورية تصوراً لتشكيلة حكومية من 24 وزيراً وزع فيها الحقائب من دون التطرق إلى الأسماء»، وبنت على كلام ميقاتي، فقالت إن «الجو جيّد حتى الآن»، وقد «ثبتَ بينهما أن تكون الحكومة من 24 وزيراً، لكن الرئيس عون يُصرّ على تسمية الحقائب السيادية من حصة المسيحيين، وقد لا يمانع أن يُسمّي ميقاتي اسمين مسيحيين لحقائب عادية». غيرَ أن مصادر القوى السياسية التي أبلغها ميقاتي أنه سيقدّم التصور لعون، أشارت إلى أنه «تحدث في الاتصالات التي أجراها بعد التكليف عن انطلاقه من التركيبة التي سبَق أن قدّمها الخليلان الى باسيل خلال الاجتماعات الأخيرة معه والتي رفضها الأخير»، وهذا بحدّ ذاته يطرح إشكالية ولا سيما أن «المعلومات تؤكد أن عشاء السبت الماضي بين باسيل وميقاتي لم يكُن كافياً، وهما يحتاجان إلى مزيد من التشاور». وفيما سينتظر ميقاتي رد عون على التصوّر الأولي، رجحت المصادر أن «رئيس الجمهورية سيناقشه حتماً مع باسيل الذي لا يشي تصريحه عن عدم المشاركة بأنه سيسهّل الأمور، فهو عادة ما يرمي هذه الجملة حين يريد رمي الكرة عندَ الآخرين».
الحريري يحمي نفسه «بالقانون»!
في سياق آخر، لا يزال ملف التحقيقات في انفجار المرفأ يتفاعل ويتوسّع الاشتباك السياسي من حوله، في ضوء الادعاءات التي أطلقها القاضي طارق بيطار على مسؤولين وأمنيين، وقابلها مجلس النواب بمسار آخر يمنع محاكمتهم أمام القضاء العدلي. فبعد أسبوع من التطورات التي طاولت الملف بما فيها العريضة التي وقّعها عدد من النواب لمثول الوزراء السابقين المدّعى عليهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وبعد الاستثمار السياسي بالقضية واستغلال أهالي شهداء المرفأ وتحركاتهم، دخلَ الحريري رسمياً طرفاً في المعركة، فدعا إلى تعليق كل المواد الدستورية والقانونية التي تعطي حصانة أو أصولاً خاصة بالمحاكمات، لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والنواب والقضاة، وللموظفين وحتى للمحامين، للوصول إلى الحقيقة في قضية تفجير مرفأ بيروت. وركّز الحريري على ضرورة شمول التحقيق كل الخلفيات، وليس حصر التحقيقات بالمسؤولين والوزراء، بل التركيز على من أتى بهذه المواد وسمح لها بالبقاء، ودفع ثمنها، قائلاً: «النيترات بقيت في المرفأ بأمر قضائي. وأكبر رئيس وزراء أو رئيس جمهورية لا يستطيع أن يتحرك أمام أمر قضائي». وفي مؤتمر صحافي لفت إلى «أننا أمام نصوص دستورية، وأمام نصوص قانونية، مجبرون أن نطبقها إذا بقيت موجودة. وفي النهاية، النتيجة من يريد أن يطبق الدستور والقوانين لا يريد الحقيقة!؟ لا أحد يزايد على سعد الحريري في هذه القصة». وأوضح أنه «عندما سعد الحريري، ورؤساء الحكومة السابقون، وكتلة المستقبل طالبوا بتحقيق دولي بهدف إسقاط كل الحصانات، راحوا وقفوا ضدنا وَخَوّنونا». وأضاف: «أنا اليوم أتيت لأقدم لكم الحل الوحيد لنصل إلى الحقيقة، طالما التحقيق الدولي لا يريدون أن يسيروا به. وهذه القضية إذا بقيت كما هي اليوم، تسير وفقاً للقوانين وللدستور، فستصبح أمام 3 محاكم: المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، المجلس العدلي ومحكمة التمييز الخاصة بالقضاة. فهل يجوز هذا الأمر؟». واعتبر أن «من يريد الحقيقة من دون مزايدات يتفضّل يمشي معنا باقتراحنا».
استخدم الحريري المطالعة الدستورية التي أعدّها نائب الكتلة هادي حبيش وفقَ معلومات «الأخبار» في المحاججة السياسية قبلَ أي شيء لحماية نفسه وتبرير توقيع عدد من نواب كتلته على العريضة بعدَ الهجوم عليهم، علماً بأن ما يطرحه من تعليق للمواد الدستورية غير قابل للتطبيق بحسب مصادر نيابية بارزة لأنه «لا يحق له في الدورة الاستثنائية أن يقدّم اقتراح قانون تعديل دستوري، ومعلوم أن التعديل الدستوري يأتي إما باقتراح من المجلس أو بمشروع قانون من الحكومة، والحكومة الآن مستقيلة». وهو ما أكده خبراء دستوريون أشاروا إلى «أن هذا الاقتراح يستوجب أن يكون المجلس النيابي في دورة الانعقاد العادي المحددة في المادة ٣٢ من الدستور التي تنص على أنه يجتمع المجلس في كل سنة في عقدَين عاديَّين، فالعقد الأول يبتدئ يوم الثلاثاء الذي يلي الـ 15 من شهر آذار، وتتوالى جلساته حتى نهاية شهر أيار، والعقد الثاني يبتدئ يوم الثلاثاء الذي يلي الـ 15 من شهر تشرين الأول وتخصّص جلساته بالبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر وتدوم مدة هذا العقد الى آخر السنة». وأشارت الى أن «هذا الاقتراح يستوجب أيضاً مراعاة المادة ٧٩ من الدستور التي تنصّ على أنه عندما يطرح على المجلس مشروع يتعلق بتعديل الدستور لا يمكنه أن يبحث فيه أو أن يصوّت عليه ما لم تلتئم أكثرية مؤلفة من ثلثي الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً ويجب أن يكون التصويت بالغالبية نفسها».
اللواء
التسوية حول ميقاتي ثابتة في التأليف.. والمخاوف من عرقلة باسيل قائمة!
بعبدا تقترح سلوم للداخلية وواشنطن للإسراع بالمراسيم.. والحريري لإسقاط الحصانات
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “تعزّز رهان اللبنانيين على عمل عاجل، يمكن ان تقدمه حكومة يتمكن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، الاتفاق على إصدار مراسيمها في وقت قياسي، يرجح ان لا يتجاوز المهلة الفاصلة عن 4 آب، الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، والذي يفترض ان يشهد دولياً مؤتمر المساعدات للبنان، الذي ينظمه قصر الاليزيه، ويكون الشارع مع تحرك واسع في هذا اليوم المشهود، بالتزامن مع تقديم كتلة المستقبل اقتراحاً يقضي بتعليق كل المواد الدستورية والقانونية التي تعطي حصانة أو أصول خاصة بالمحاكمات، لرئيس الجمهورية، ولرئيس الحكومة، والوزراء والنواب وللقضاة وللموظفين وحتى المحامين.
هذا الاقتراح قدّمه الرئيس سعد الحريري باسمه وباسم كتلة المستقبل، في محاولة لوضع العالم امام مسؤولياته وضميره واخلاقه، ومن يريد الحقيقة من دون مزايدات ويتفضل يمشي معنا باقتراحنا، الأمر الذي فسرته دوائر التيار الوطني الحر، بأنه يستهدف رئيس الجمهورية من دون الإعلان صراحة عن ذلك من قبل دوائر التيار. والسؤال: هل يُشكّل ذلك عنصر تجاذب جديداً، يترك تأثيراته على مجريات التوافق أم أنه يسير بمعزل عنها.
وبالتزامن مع انطلاق المرحلة 3 من عملية التأليف، التي تقتصر على اجتماعات رئيسي الجمهورية والحكومة جدّدت الولايات المتحدة الأميركية عبر الخارجية الأميركية الدعوة إلى تشكيل حكومة بسرعة تتمتع بالصلاحيات وملتزمة بتطبيق إصلاحات حاسمة، مع التأكيد ان المجتمع الدولي على استعداد لمساعدة لبنان.
ووصفت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» اجواء اللقاء الاول بعد الاستشارات النيابية بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، أن سمة التفاوض في الملف الحكومي هي السرعة. ولفتت المصادر إلى أنهما تبادلا الآراء في التركيبة الحكومية حتى أنهما تبادلا تصورات وربما توزيع اولي وسط أجواء أكثر من جيدة. ولاحظت أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف ابديا استعدادا في تعجيل التأليف بعدما اتفقا على لقاء يعقد اليوم على الأرجح لاستكمال البحث في بعض التفاصيل لاسيما أن هناك أفكارا وصيغا طرحت تستدعي مناقشتها.
وقالت إن الاتفاق الذي ساد من قبل يقضي بقيام حكومة اختصاصيين على أن عدد الـ٢٤ وزيرا هو الفكرة التي كانت انطلاقة البحث منها لكن أي اتفاق على العدد النهائي لم يحسم بعد. وأشارت إلى أن رئيس الجمهورية كان مرتاحا لجو التعاون مع الرئيس ميقاتي ولاحظت أن مؤشرات برزت اوحت بان الحكومة على قاب قوسين أو أدنى من التشكيل. وحسب المعلومات ان النقاش الذي يتجدد اليوم بين الرئيسين اتسم بالايجابية، ورسا على الاتفاق على الإسراع بالتأليف. وقالت المعلومات ان المحادثات انطلقت من الحاجة إلى حكومة اختصاصيين، وفقاً للمبادرة الفرنسية، على ان يستكمل في لقاءات متتالية، كشف عنها الرئيس ميقاتي.
وعليه، فالاجواء التي تعمم عن مسار تشكيل الحكومة الجديدة، ما تزال مغلفة بالايجابية عموما وحسب مصادر متابعة، فإن مقاربة ملف التشكيل بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون، ما تزال ضمن تحديد ألاطر العامة للتشكيلة الوزارية، ولم تتناول بعد الأمور التفصيلية، التي لطالما، تتسبب بالخلاف بين رئيسي الجمهورية والحكومة. ووصفت المصادر لقاء عون والميقاتي بالامس، بانه ايجابي ومنفتح، وتم خلاله تبادل الاراء حول حجم الحكومة، وتركيبتها وتوزيعاتها، وان رئيس الجمهورية طلب بعض الوقت، لدراستها، والرد عليها، الامر الذي فسرته بعض الاوساط، بانه يسعى لعرضها على صهره جبران باسيل لتكرار ماحصل سابقا ولاستمزاج رأيه بخصوصها.
ولكن في مواجهة تعميم الاجواء الايجابية، ظهر باسيل بمجلس النواب، مكررا اسلوب التعفف عن المشاركة بالحكومة، وتاكيده على بذل كل مايمكن لتسريع ولادتها، وهو مافسرته بعض الاوساط بأن رئيس التيار الوطني، يخطط لمكيدة ما، للرد على طبخة التفاهم على ميقاتى كرئيس للحكومة من وراء ظهره ومن دون موافقته. ويعني كذلك، توقع قيام باسيل من تحت لتحت، بعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، وتكرار الاعيب نصب الافخاخ، وافشال اي طرح كان، لا يعبر عن تطلعاته وطموحاته السلطة والمصلحية، كما فعل مع طروحات الحريري اكثر من مرة في الاونه الاخيرة وافشل كل اقتراحات تشكيل الحكومة.
وتعتبر المصادر ان مايقوله باسيل علنا امام الرأي العام بان كتلة التيار العوني، لن تشارك بالحكومة، وهي مستعدة لدعم تشكيلها، لايعبر عن حقيقة مايضمره باسيل، بل على عكس ذلك تماما، لا بد من توقع محاولات التفاف وعرقلة للجهود المبذولة لتشكيل الحكومة، ولو كان ذلك على حساب العهد المنهار أساسا وفي غير مصلحة التيار العوني أيضا. وما قاله نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ردا على موقف رئيس التيار الوطني الحر على هامش الاستشارات النيابية غير الملزمة، وتخوفه من ان يكون ختم التوقيع الرئاسي على مراسيم التشكيلة الوزارية، ما يزال بيد باسيل، انما يعبر بوضوح عن الواقع والتوقعات.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس ميقاتي سيزور بعبدا بعد ظهر اليوم، للتباحث في توزيع الحقائب، وإسقاط الأسماء عليها. وفي الإطار، أكّد مصدر مطلع ان فريق بعبدا طالب بالداخلية، مقترحاً العميد المتقاعد رئيس الشرطة العسكرية السابق في الجيش اللبناني جان سلوم لهذا المركز، الا ان الرئيس المكلف أصرّ على إبقاء وزارة الداخلية من حصته، على ان تسند إلى شخصية عسكرية بيروتية، ما تزال المصادر تتكتم حول اسمها. الأهم ما كشفه ميقاتي بعد اللقاء، من ان «الآراء كانت متطابقة بنسبة كبيرة جداً جداً». معرباً عن أمله بأن «نشهد حكومة قريباً».
حكومة الإنقاذ على هذا النحو؟
وكشف مصدر قيادي في «الثنائي الشيعي» ان تسمية ميقاتي جاءت ضمن تسوية «داخلية – دولية» تحت عنوان حكومة إنقاذ، تتألف من 24 وزيراً، وهي حكومة تكنو-سياسية، موزعة 8 وزراء للرئيس المكلف مع وزير للنائب السابق وليد جنبلاط، و8 وزراء لفريق بعبدا و8 وزراء للثنائي الشيعي وحلفائه من المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي، على ان يكون 18 وزيراً تكنوقراط و6 وزراء سياسيين، على ان يكون في الحكومة وزراء يمثلون المجتمع المدني، المرضى عنهم دولياً.
اما على صعيد البرنامج فهو يتعلق بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، والخطة الاقتصادية لوقف الانهيار، مع الموافقة على التزام التدقيق الجنائي الذي يطالب به العهد والنائب باسيل، على ان تلتزم الحكومة بتحرير سعر صرف الدولار، على نحو كامل كما يطالب صندوق النقد، والتعهد أيضاً بإقرار قانون انتخابي جديد.
وبانتظار أن يترجم تكتل لبنان القوي (برئاسة النائب جبران باسيل) موقفه «التسهيلي» (على حدّ تعبيره)، ضاغطاً في سبيل التأليف السريع، تبقى الأنظار مشدودة إلى كيفية ترجمة التسهيل، وترك رئيس الجمهورية يتفاهم مع الرئيس المكلف.
استشارات النواب
في هذه الأجواء، أنهى الرئيس ميقاتي على عجل الخطوات البروتوكولية الواجبة من زيارة رؤساء الحكومات السابقين الى المشاورات مع الكتل النيابية والنواب المستقلين طيلة نهار امس في المجلس النيابي، وتوجه بعد استراحة قصيرة الى قصر بعبدا، حيث اطلع رئيس الجمهورية ميشال عون على تفاصيل الاستشارات، وقال من القصر الجمهوري: لخصت الموضوع، كما سبق وقلت صباحاً في المجلس النيابي، بالسرعة المطلوبة لتشكيل الحكومة، وفخامة الرئيس وانا محافظان على وتيرة السرعة هذه. يمكنني ان أقول اننا دخلنا في بعض التفاصيل، وكانت الآراء متطابقة بنسبة كبيرة جدا جدا، وان شاء الله سنلتقي في اجتماعات متتالية خلال اليومين المقبلين، وبإذن الله سنشهد حكومة قريباً.
وفُهِمَ ان اجواء اللقاء كانت إيجابية ومريحة وان بعض التفاصيل التي تحدث عنها ميقاتي تتعلق بتصور لتركيبة الحكومة من 24 وزيراً. وقد ابلغ عون «انه لن يشكل حكومة بمفرده بل سوياً وانه لن يسمي الوزراء المسلمين والمسيحيين الّا بالمشاركة معه لأن رئيس الجمهورية شريك دستوري في التشكيل».
وبعد انتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها ميقاتي في ساحة النجمة، قال: ثمة اجماع من النواب والكتل على الطلب باستعجال تشكيل الحكومة، لأن مع تشكيلها تستعيد الدولة وجودها ما يجعل المواطن يطمئن. وأضاف: الظروف صعبة ويجب تأمين حاجات المواطن، وبعد الجلسة مع الكتل سأطلع الرئيس عون على الضرورة القصوى بتشكيل الحكومة، وسأتردد الى القصر الجمهوري دائما للاسراع في تشكيل الحكومة. وخير الكلام ما قل ودل، والله ولي التوفيق.
وذكرت مصادر الرئيس ميقاتي لـ«اللواء» انه إضافة الى استعجال النواب تشكيل الحكومة للخروج بسرعة من الازمات القائمة ومن تعطيل او شروط وشروط مضادة، فإنه لم تكن للكتل اي مطالب خاصة سواء بالتوزير او الحقائب،(عدا مطالبة رئيس حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان بالمشاركة في الحكومة ومطالبة عضوكتلة ميقاتي النائب علي درويش بحقيبة للطائفة العلوية) بل كانت طلبات بوضع برنامج انقاذي للحكومة يريح الناس مما تعانيه منذ أشهر طويلة.
ونفت المصادر ما تردد عن نية ميقاتي تشكيل حكومة تكنو- سياسية، وقالت: انه ملتزم بالمبادرة الفرنسية بتشكيل حكومة اختصاصيين لا سياسيين، وبوضع برنامج اصلاحي اقتصادي ومالي واداري.وبالتالي لن يكون هناك تمثيل وزاري بشكل مباشرلأي طرف سياسي. كما نُقل عن الرئيس ميقاتي قوله خلال لقائه الكتل والنواب، «انه على عجلة من امره، وأنه يريد تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، ولهذه الغاية سيكثف زياراته لرئيس الجمهورية حتى وبالتوافق معه يخرج بتشكيلة حكومية قادرة على انقاذ البلد».
صندوق النقد والدولار
وبإنتظار تشكيل الحكومة ومباشرة مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، استقبل رئيس الجمهورية مدير ادارة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الوزير السابق الدكتور جهاد ازعور، وعرض معه الاوضاع العامة في البلاد ولا سيما التطورات الاقتصادية والمعيشية.
وبرغم الاجواء الايجابية والسلاسة المخيمة حتى الان على الوضع الحكومي، فقد عاود الدولار ارتفاعه بلا سبب مبرر، وأصدر مصرف لبنان بياناً قال فيه: «ردا على ما نشرته بعض وسائل الاعلام عن خبر مفاده ان المصرف المركزي قد اشترى 600 مليون دولار من السوق. يهم مصرف لبنان التأكيد على ان هذه المعلومات المتداولة هي عارية من الصحة تماما ولا تمت إلى الحقيقة بصلة وبعيدة كل البعد عن السياسة المعتمدة من قبل مصرف لبنان، وهي فقط أخبار من نسج الخيال لتضليل الرأي العام وضرب صورة مصرف لبنان ضمن حملات مبرمجة اعتادها اللبنانيون.
اضاف: ان الشح في الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية لدى الصرافين في هذه الفترة يؤكد عدم صحة هذه الاخبار المتداولة، كما ويؤكد ايضا، ان ارتفاع سعر الدولار الاميركي مقابل الليرة اللبنانية مرده الى عدم الاستقرار السياسي وليس اسبابا نقدية. كما يهم مصرف لبنان التأكيد على تمسكه بالقيام بواجباته كسلطة نقدية في ظل الظروف الحالية ويترجم ضرورة وضع خطة واضحة وشاملة لدعم الاقتصاد والوضع الاجتماعي.
واعلن مصرف لبنان في بيان له، ان «حجم التداول على منصة «Sayrafa» بلغ لهذا اليوم ثلاثة ملايين دولار أميركي بمعدل 16500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وفقا لأسعار صرف العمليات التي نفذت من قبل المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة، وجدد مطالبة المصارف ومؤسسات الصرافة الإستمرار بتسجيل كافة عمليات البيع والشراء على منصة «Sayrafa» وفقا للتعاميم الصادرة بهذا الخصوص».
معيشياً، فبينما رفعت نقابة الدواجن الصوت أمس، الدواء لا يزال مقطوعا. وقد نفّد الصيادلة إعتصاماً امام وزارة الصحة لإطلاق صرخة حول فقدان الأدوية من الصيدليات. وأكدوا عدم استلام قطعة دواء واحدة منذ قرار وزير الصحة الأخير واصدار لائحة بالأدوية المدعومة وغير المدعومة، والنتيحة الصيدليات خاوية والمواطنون من دون دواء. وبعد الإعتصام إستقبل وزير الصحة حمد حسن الصيادلة، وقال لهم ان المشكلة مع حاكم مصرف لبنان، مضيفاً «هناك تدنٍ في الاعتمادات المخصصة للدواء من قبل مصرف لبنان». وطالب حسن الصيادلة بفتح ابواب الصيدليات خدمة للمواطن، واعداً بحل الازمة.
فقد أطلق رئيس نقابة الدواجن وليم بطرس نداء استغاثة طالب فيه «المسؤولين المعنيين في الدولة بإنقاذ قطاع الدواجن عبر الإسراع بتأمين مادة المازوت للمزارع ولمراكز الانتاج التابعة للقطاع قبل فوات الأوان». وعلى صعيد توفير المازوت، أعلنت المديرية العامة للنفط انها تسعى إلى استيراد باخرة مازوت، بداية آب المقبل، وتأمين فتح وتعزيز الاعتمادات المخصصة لها لاحداث توازن في السوق مقابل الحصة الموزونة لشركات الاستيراد في القطاع الخاص.
ميدانياً، اقدم محتجون على قطع طريق الاوزاعي تنديداً بتردي الاوضاع المعيشية وتوقف أصحاب المولدات عن اعطاء الكهرباء لفقدان مادة المازوت وأدى ذلك الى زحمة سير خانقة عند انفاق المطار. كما قطع محتجون طريق دير قوبل – الشويفات بالإطارات المشتعلة. وسجلت على الطريق العام، كما في الطرق الفرعية المحيطة، زحمة سير خانقة. كذلك، تم قطع الطريق الدولية عند العبدة -العبودية في بلدة تل حياة بسهل عكار، احتجاجا على نقص مادة المازوت. وكذلك شهدت مختلف المناطق تحركات احتجاجية على إخفاء مادة المازوت الحيوية للكهرباء والماء والأفران.
557145 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1502 إصابة جديدة بفيروس كورونا المسبب لوباء «كوفيد 19»، ليرتفع بالتالي عدد الإصابات الإجمالي في البلاد إلى 557145 حالة. ولفتت الوزارة، في تقريرها اليومي حول مستجدات «كوفيد 19»، إلى انه تم تسجيل 73 حالة وافدة من الخارج، في وقت رصدت الوزارة 1429 إصابة محلية. وأشارت إلى أنه تم تسجيل حالة وفاة واحدة، رفعت عدد الضحايا الإجمالي إلى 7895 حالة وفاة.
البناء
عون وميقاتي يتبادلان إعلان نيّات التعاون… واليوم لقاء جديد واختبار النوايا
الكتل للتسريع والهموم المعيشيّة… وحردان: بالإضافة للانفتاح على سورية
حكومة 24 تعتمد توزيع الحقائب والطوائف لآخر حكومة حريريّة مع رتوشات
صحيفة البناء كتبت تقول “الترقب الإيجابيّ مصطلح يلتقي عليه المحيطون برئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبالرئيس المكلف نجيب ميقاتي، بعد جولتَيْ مباحثات أوليتين أعقبتا صدور التكليف، الأولى أول أمس عند تبليغ ميقاتي بتكليفه والثانية بعد إنهائه مشاوراته مع الكتل النيابية، المصادر المقرّبة من رئيس الجمهورية تؤكد أن الرئيس سيتعامل مع كل طروحات الرئيس المكلف بنيات حسنة، ويناقشها ويتفاعل معها بنية الوصول الى تفاهم سريع، وهو ينظر بعين ايجابية للنيات التي يعبر عنها ميقاتي، ويعتبرها مدخلاً مناسباً للانطلاق في البحث الجدّي الذي لم يبدأ بعد، وربما يبدأ في جلسة اليوم كما قالت المصادر القريبة من الرئيس ميقاتي، مؤكدة أن ميقاتي سيكثف زياراته الى بعبدا ليعزز فرص التشاور مع رئيس الجمهورية، ومحاولة التوصل الى تفاهم سريع على هيكلية الحكومة. وقالت مصادر مواكبة للمسار الحكومي إن خريطة الطريق التي سيعتمدها الرئيس ميقاتي تقوم على التحرّر من أية أحكام مسبقة تتصل بموقف رئيس الجمهورية، والبدء من صفحة بيضاء على قاعدة أن الطبخة الحكومية لا تبصر النور إلا بتعاون رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف وتسهيل مهمته، وسيسعى ميقاتي للحصول على هذا التعاون والتسهيل عبر الابتعاد عن إنجاز الطبخة منفرداً وعرضها على رئيس الجمهورية للتذوق بالقبول او الرفض، بل سيعتمد طريقة وضع المكوّنات على الطاولة ومحاولة التشارك في العجينة وتخميرها وخبزها، من دون التنازل عن صلاحيات رئيس الحكومة المكلف بكونه مَن يضع التشكيلة الحكومية ويتحمل مسؤوليتها بعد أن يتفاهم عليها مع رئيس الجمهورية، ولذلك توقعت المصادر المواكبة ان يكون اليومان الأولان للتشاور مكرّسين لرسم تشبيهي للحكومة من دون أسماء، سواء لجهة وضع هيكلية الحكومة من دون أسماء عبر توزيع الحقائب على الطوائف أو لجهة التوفيق بين مراعاة اعتبارات الكتل النيابية وعدم التفريط بصفة الاختصاصيين المستقلين، بعدما حسم أمر تكوين الحكومة من 24 وزيراً، وربما يحتاج هذا الأمر إلى ما تبقى من الأسبوع ليكون الأسبوع المقبل موعد البدء بإسقاط الأسماء على الهيكلية.
المصادر المواكبة للمسار الحكومي تقول إن الأرجح لتفادي الألغام أن يتم اعتماد توزيع الحقائب الذي كان في الحكومة الحريرية الأخيرة كمسودّة يمكن البدء منها، وإدخال بعض الروتوشات عليها وأخذ الفوارق في العدد والكتل الداعمة والظروف والمهمة بعين الاعتبار، قبل البدء بإسقاط الأسماء على الحقائب، وأضافت المصادر أن لقاء اليوم الرئاسي واللقاء المرتقب يوم الجمعة سيرسمان بصورة جدّية فرص ولادة الحكومة، فإن بدا أن الأمور تتقدّم فهذا يعني ان الاشارات الدولية والإقليمية الإيجابية كافية لولادة الحكومة، رغم أن البيانات الخارجية الصادرة لم تشر الى تسمية ميقاتي أو ترحب بتسميته بل اكتفت بالتأكيد على الحاجة لحكومة تنجز الإصلاحات، باستثناء البيان الفرنسي الذي رحّب بتكليف ميقاتي ودعا للإسراع بتشكيل حكومة جديدة تنهض بالإصلاحات، وإلى جانب العامل الخارجي فإن التقدّم الإيجابي سيعني أن الحسابات المحلية للأطراف المعنية باتت محكومة بتقدير موقف واحد عنوانه الشعور بأن كلفة الفراغ على الشوارع المؤيدة على الضفتين الرئاسيتين باتت أكبر من عائدات الاستثمار في تقاذف كرة المسؤولية عن الفراغ ومواصلة حرب الصلاحيات وحقوق الطوائف، وأن الانطلاق من أن الانتخابات النيابية هي المحرّك الوحيد للسياسة اليوم بات يلزم الجميع بتسريع الحكومة.
مواقف الكتل النيابية التي حملها يوم الاستشارات غير الملزمة التي أجراها ميقاتي في مجلس النواب تماثلت لجهة التأكيد على عمق الأزمة وخطر الانهيار والحاجة الملحّة لحكومة تولد بأسرع ما يمكن، كما حملت مبالغة في الترفع عن طلبات المشاركة والحصص، ما يُوحي بحجم واتجاه الضغط الشعبي في ظل انفلات وحش الغلاء وسيطرة المافيات والاحتكارات على مفاصل الحياة اليوميّة للناس وهو ما تميّز بالإشارة إليه كل من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس الكتلة القوميّة النائب أسعد حردان بدعوة الحكومة إلى حماية الناس من استبداد الشركات والاحتكارات، وأضاف حردان الى هذا العنوان وعنوان الحاجة لتسريع الحكومة الدعوة للانفتاح على سورية كمهمة راهنة للحكومة الجديدة انطلاقاً من المصالح الحيوية للبنانيين، خصوصاً أن سورية هي رئة لبنان نحو عمقه العربي ومعبره الوحيد لتجارة الترانزيت.
وانسحبت الأجواء الإيجابيّة لاستحقاق الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا على استحقاق الاستشارات غير الملزمة في المجلس النيابي ما أوحى بأن طريق الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لن تكون صعبة ومعبّدة بالعقد والمطبات كحال الرئيس سعد الحريري، وبالتالي سيتمكن من تأليف حكومة خلال وقت ليس بعيد في ظل المواقف الايجابية للكتل النيابية والدعم الدولي السريع لعملية التكليف.
وبعد نهاية الاستشارات النيابية توجّه ميقاتي الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأطلعه على حصيلة المشاورات في المجلس النيابي، وقال ميقاتي: «أطلعت فخامة الرئيس على تفاصيل الاستشارات وأكّدت على أهمية تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن وسيكون لدينا اجتماعات متتالية في الأيام المقبلة والأجواء إيجابية».
وأشارت مصادر مطلعة على أجواء المشاورات الحكومية لـ«البناء» الى أن «ميقاتي وضع عون بأجواء الاستشارات التي أجراها مع الكتل النيابية وتحدّث عن النقاط المشتركة بين الكتل وأبرزها الإسراع بتأليف الحكومة، وتمّ التطرق الى صيغ تركيبة الحكومة وجرى طرح رؤية كل من عون وميقاتي وجرى الحديث عن الخطوط العريضة وكانت الآراء متطابقة»، كاشفة أن «الاتجاه الى حكومة من 24 وزيراً وليس بالضرورة أن تنطلق من التركيبة التي وضعها الحريري»، مضيفة أنه «وخلال 24 ساعة سيستكمل النقاش في لقاء ثانٍ بين عون وميقاتي يدخل بشكل أعمق في التفاصيل».
ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن «الرئيس المكلف يتّجه الى تشكيل حكومة تكنوقراط من شخصيات اختصاصية ليست حزبية. وهو يعتبر أن عملية التأليف ستكون بالشراكة بينه وبين الرئيس عون مهمتها الإشراف على الانتخابات النيابية المقبلة ومعالجة الأزمات وتعزيز الدولة ومؤسساتها». وأوضحت بأن «حكومة التكنوقراط من الاختصاصيين يستطيعون اتخاذ القرار الأنسب والأفضل بما يختص بوزاراتهم بمعزل عن مرجعياتهم السياسية فضلاً عن التجانس على المستوى الحكومي، وبالتالي تسريع اتخاذ قرارات الإنقاذ وكسر الاصطفافات السياسية والحزبية داخل الحكومة». ولفتت الى أن «مهلة ثلاثة أيام كفيلة بكشف حقيقة المواقف الداعمة لتأليف الحكومة ومدى ترجمتها على ارض الواقع».
وأشارت مصادر ميقاتي لـ«البناء» إلى أن «الأجواء ايجابية، لكنها مشوبة بالحذر والتساؤلات حول مدى استعداد القوى السياسية والمعنيين بالتأليف على تسهيل الأمور وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الخاصة والاتفاق على هدف موحّد وهو إنقاذ البلد»، ولفتت المصادر الى «أننا وصلنا الى بداية الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وكذلك الأمني، ويتطلب الامر عملية إنقاذ سريعة تصدّى لها الرئيس ميقاتي بعد عدة تجارب فاشلة بسبب التعقيدات السياسيّة الداخليّة والخارجيّة وكان لا بدّ من فتح ثغرة في جدار الأزمة وخلق فرصة جديدة». وأضافت المصادر أن «كل الأطراف السياسية تقف على رؤوس الطير وتشعر بخطورة الوضع وتتخوف من الانهيار والتفلت والفلتان الاجتماعي والأمني لا سيما المشهد الذي نشهده يومياً على الصيدليات والأفران والسوبرماركت ومحطات المحروقات وما ينتظره اللبنانيون من فوضى اجتماعية وأمنية كبيرة سيؤدي الى اقتتال واشتباك بين المواطنين أنفسهم وبين المواطنين والسياسيين».
ونقلت مصادر طرابلسيّة فاعلة عن مرجع أمني في طرابلس لـ«البناء» عن «وضع خطير تعيشه طرابلس على مختلف الصعد الاجتماعية والاقتصادية والأمنية حيث تشهد المدينة في ساعات الليل حالة شبه حظر تجوّل بسبب خوف المواطنين من الفوضى وحالات السرقة والاعتداء واعتراض شاحنات النفط والأملاك العامة والخاصة وارتفاع نسبة الجريمة الى حد كبير»، كما حذّر المرجع من «ارتفاع نسبة انتشار تعاطي المخدرات «الكابتاغون» بين الشباب في المدينة مع ارتفاع نسبة البطالة ما يشجعهم الى الانحراف الى ممارسات فوضويّة تهدّد الأمن والاستقرار».
ورصدت أوساط نيابية مقربة من ميقاتي لـ«البناء» جملة مؤشرات ايجابية ملموسة على إمكانية تأليف حكومة سريعة: «الاول تصويت أكثرية الكتل النيابية للرئيس ميقاتي في الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا، والمؤشر الثاني إبلاغ جميع الكتل النيابية ميقاتي في الاستشارات غير الملزمة في مجلس النواب ضرورة الخروج بحكومة متوازنة بأسرع وقت ممكن واستعدادها للتعاون لمعالجة المشاكل المتراكمة، والثالث البيانات الدولية المرحبة بتكليف ميقاتي والداعية لتأليف الحكومة سريعاً برئاسة ميقاتي متزامنة مع تنظيم مؤتمر دعم لبنان في 4 آب برعاية فرنسيّة ويمكن استثماره في اتجاه إنجاح التأليف انطلاقاً من رغبة المجتمع الدولي بعدم ترك لبنان للانزلاق نحو المجهول».
وفي المواقف الدولية، فبعد الموقف الفرنسي أمس الاول، الداعم لعملية تأليف الحكومة برز موقف أميركيّ على لسان متحدّث باسم الخارجية الأميركية في حديث لقناة «الحرة»، تضمن «دعوة الولايات المتحدة إلى تشكيل حكومة لبنانية بسرعة تتمتع بالصلاحيات، وملتزمة بتطبيق إصلاحات حاسمة»، بعد تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة.
بدوره رأى وزير الدولة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جايمس كليفيرلي في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي أن «الشعب اللبناني يحتاج إلى حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الموعودة منذ فترة طويلة. لا ينبغي لقادة لبنان أن يضيعوا المزيد من الوقت». وأكد ان «المجتمع الدولي على استعداد للمساعدة ولكن يجب أن يتحركوا الآن».
وكان ميقاتي أجرى استشارات غير ملزمة مع الكتل النيابية في ساحة النجمة وقال بعد نهايتها: «ثمة إجماع من النواب والكتل على الطلب باستعجال تشكيل الحكومة، لان مع تشكيلها نستعيد الدولة ووجودها ما يجعل المواطن يطمئن». وأضاف: «الظروف صعبة ويجب تأمين حاجات المواطن، وبعد الجلسة مع الكتل سأطلع الرئيس عون على الضرورة القصوى بتشكيل الحكومة، وسأتردّد الى القصر الجمهوري دائماً للإسراع في تشكيل الحكومة». واعتبر ان «خير الكلام ما قلّ ودلّ، والله ولي التوفيق».
وأشار رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، بعد لقاء الكتلة القومية الاجتماعية مع ميقاتي إلى أنّ «لدينا وجهة نظرنا وقد أبديناها»، مشدّداً على ضرورة «الإسراع في تشكيل الحكومة لمعالجة كلّ القضايا الملحة، لأّن البلد لم يعد بإمكانه التحمّل». وأكّد أنّ «الحكومة المقبلة يجب أن تتحمّل مسؤولياتها وتباشر فوراً بمعالجة كلّ الملفّات الملحّة المعيشيّة والاجتماعيّة»، معتبراً أنه ليس من الجائز تلزيم المهمّة للشركات وأن تصبح مؤسسات الدولة تعمل لدى هذه الشركات».
ولفت حردان إلى أنّ «هناك دولاً عدّة صديقة للبنان أبدت استعداداً للمساعدة، وعلى الحكومة المقبلة الخروج من حالة الحصار الذاتي»، وقال: «كفى حصاراً، وعلى لبنان أن ينفتح على العمق القومي والعربي كلّه، وإعادة العلاقات الطبيعية مع سورية واعتماد اقتصاد الإنتاج».
من جهته لفت رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل باسم كتلة «لبنان القويّ»، بعد لقاء الرئيس المكلف: «انتهت مرحلة التكليف وكلف ميقاتي وهذا من دون موافقتنا وتسميتنا، وهذا دليل إضافي على أننا لسنا الأكثرية». أضاف: «اما وقد تكلف ميقاتي، فمن الطبيعي أن نكون اليوم في موقع المساعد، لأننا لا نمارس النكد السياسي ونحن مع حكومة بأسرع وقت، وواجبنا تقديم التسهيلات وكل الدعم». واعلن «اننا أبدينا قرارنا الواضح بعدم مشاركتنا في الحكومة، وهذا يعني عدم تدخلنا في عملية التأليف وهذا قد يكون عنصراً مساعداً».
بدوره، اكد النائب محمد رعد بعد لقاء كتلة «الوفاء للمقاومة» ان الكتلة تؤكد تعاونها الجدي للإسراع في تشكيل الحكومة الضرورة لإنقاذ البلد. المطلوب الإسراع في التأليف وتعاون الجميع في هذا الاتجاه، وفي البدء على الحكومة أن تسارع فوراً الى طمأنة اللبنانيين في عيشهم وأمنهم الاجتماعي ولا تتركهم فريسة للمافيات وأثرياء وتجار الأزمات». ورأى ان «اختيار الوزراء وخصوصاً في مواقع المال والاقتصاد والتربية، والوزارات التي تأتي بواردات الى البلد، يجب أن يكون بشكل يعيد تفعيل مؤسسات الدولة وإعادة الانتظام العام». وقال: «لم نطلب مطلباً خاصاً لكتلتنا، طلبنا ان تؤلف الحكومة من وزراء ذوي اختصاص وحكمة في ميدان الحياة الاجتماعية العامة». ودعا الى «التعجيل في انفاذ القوانين التي أقرّها وسيقرّها المجلس النيابي والتي تتيح المحاسبة والمحاكمة بلا عوائق».
وقال النائب سمير الجسر باسم كتلة المستقبل «نؤمن أن خلاص البلد يبدأ مع تأليف حكومة قادرة. هذه الحكومة مجرد ان تتفق مع صندوق النقد الدولي ممكن أن تضع البلد على سكة الخلاص. وأكدنا ما صرح به بتشكيل حكومة اختصاصيين». ورداً على سؤال، قال الجسر: «هناك بيان صدر عن نادي رؤساء الوزراء السابقين، تلي من بيت الوسط وهذا هو المنطلق الأساسي» وعن وزارة الداخلية، قال الجسر: «نحن لم نطالب الرئيس المكلف، فهو من يشكل الحكومة. نحن لم نطالب لا بـ 24 أو 12 وزيراً، هذا الامر عائد له».
وأكد نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، بعد لقاء ميقاتي «ان رئيس الوزراء هو المسؤول عن التشكيل الحكومي، نتيجة استشارات نيابية يجريها في المجلس». وقال: «مبدأ ومواصفات الحكومة ستكون من اختصاصيين وفقاً لما نصت عليه المبادرة الفرنسية. أما عملية الأسماء فتعود لميقاتي بالتسوية مع رئيس الجمهورية». وأشار الى ان «جبران باسيل هو رئيس كتلة نيابية، له الحق في أن يتصرف كما يشاء بإعطاء الثقة من عدمها، المهم ألا يكون ختم الرئاسة مرتبطاً بما يقوله جبران باسيل».
من جانبه، أكد النائب نقولا نحاس باسم كتلة «الوسط المستقل «ان التسهيل واجب، وموضوع عدد الوزارات مطروح بين ميقاتي وبين رئيس الجمهورية». ودعا الى «الإسراع في وضع مشروع للإنقاذ من دون شروط وشروط مضادة»، لافتاً الى أن «فترة التأليف يجب أن تكون محددة وقصيرة وان تكون مصلحة لبنان أولوية، وأن الدستور يحدد عملية التأليف». وأعلن النائب جورج عدوان، باسم كتلة القوات اللبنانية أننا «أبلغنا ميقاتي عدم مشاركتنا في الحكومة وهذا ليس موقفاً متعلقاً بشخص الرئيس المكلف».
وأعرب تكتل «لبنان القوي»، خلال اجتماعه الدوري، عن أمله بأن «يكون التكليف السريع لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي حافزاً لتأليف سريع لحكومة قادرة على الإصلاح»، معتبراً «الحكومة القادرة هي الفرصة الأخيرة لتلافي التحلل الكلي للدولة ومؤسساتها». وأكد «أنه باقٍ على موقفه التسهيليّ، ضاغطاً في سبيل التأليف السريع، وهو معني بتقديم الدعم الكامل لأي مشروع إصلاحي تقدمه الحكومة أو تقوم به».
وشدد على «وجوب التزام اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة على إنهاء عملها سريعاً جداً وفق القانون، لإصدار البطاقة التمويليّة وتوزيعها على المواطنين لتخفيف الضغط المعيشي الذي يتعرّضون له في ظل الاستنسابية والعشوائية التي يمارسها المصرف المركزيّ وبعض التجار والمخزنين والمهرّبين في ما يتعلّق بالمواد الأساسية، وخصوصاً المحروقات والدواء».
على خط موازٍ راوح سعر صرف الدولار تحت سقف الـ 19 ألف ليرة للدولار الواحد وسط ترقب الأسواق لعملية التأليف، بينما قطعت الطرق في عدد من المناطق احتجاجاً على شح المازوت والتقنين الكهربائي، وسط ارتفاع نسبة الإشكالات بين المواطنين وأصحاب المولدات في الأحياء بسبب التقنين القاسي للكهرباء، وما زاد الطين بلة هو إعلان المديرية العامة للنفط أن «المخزون المخصص للسوق المحلي نفد بالكامل بعدما سلمنا 14 مليون ليتر قبل الأعياد».
وقد نفّذ الصيادلة اعتصاماً امام وزارة الصحة لإطلاق صرخة حول فقدان الأدوية من الصيدليات. وأكدوا عدم تسلم قطعة دواء واحدة منذ قرار وزير الصحة الأخير وإصدار لائحة بالأدوية المدعومة وغير المدعومة، والنتيحة أن الصيدليّات خاوية والمواطنين من دون دواء. وبعد الاعتصام استقبل وزير الصحة حمد حسن الصيادلة، وقال لهم إن المشكلة مع حاكم مصرف لبنان، مضيفاً «هناك تدنٍّ في الاعتمادات المخصصة للدواء من قبل مصرف لبنان». وطالب حسن الصيادلة بفتح أبواب الصيدليّات خدمة للمواطن، واعداً بحل الأزمة.
على صعيد آخر، رأس الرئيس الحريري اجتماعاً لكتلة المستقبل النيابية تمّ خلاله البحث في المستجدات والأوضاع العامة في البلاد. وعقد مؤتمرًا صحافيًا خصصه للحديث عن التحقيقات في انفجار المرفأ فقال: «من يريد الحقيقة من دون مزايدات فليسر معنا في اقتراحنا واتخذنا قراراً استثنائياً هو اقتراح تعليق كل المواد الدستورية والقانونية التي تعطي حصانة أو أصول خاصة بالمحاكمات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والنواب والقضاة والموظفين وحتى المحامين، وهكذا يتساوى الجميع أمام حجم هذه الجريمة ويتوجّه الجميع الى المحقق العدلي». وأعلن ان «أعضاء كتلة المستقبل سيوقعون على هذا الاقتراح وسنزور كل الكتل النيابية لطلب التوقيع على هذا الاقتراح لأنه من حق أهالي الشهداء معرفة من يريد الاحتماء بحصانته». واضاف «أنا ابن شهيد وأعلم ما معنى أن يخسر أحد والده أو والدته أو شقيقه أو رفيقه وفي جريمة أعادتنا جميعاً الى مشهد 14 شباط لا يزايدنّ أحد علينا في مسألة 4 آب». وتابع: هناك جهات متخصصة بتزوير التاريخ تعمل ليلاً نهاراً لتقول إن نواب المستقبل تخلوا عن الحقيقة والعدالة وأنهم وقعوا العريضة وهذا الكلام قمة التضليل وقمة التزوير وقمة الكذب».
المصدر: صحف