أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار.
السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
السلام عليكم إخواني وأخواتي، وعظم الله أجوركم بمصابكم بإمامكم سيد الشهداء، وعظم الله أجوركم بمصابكم بإمامكم سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).
في مثل هذا اليوم، وفي مثل هذه الساعات، وأنا وأنتم نتوجه للعزاء إلى صاحب العزاء، إلى رسول الله الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلى جد الحسين، إلى أبي الحسين، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
إلى أم الحسين فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين، إلى الحسن المجتبى، إلى الأئمة من ولد الحسين. إلى صاحب العزاء، صاحب الزمان، صاحب العصر، الحجة بن الحسن أرواحنا لتراب مقدمه الفداء..
نقدم لهم، لنوابهم، لأمامنا القائد الخامنئي العظيم، لمراجعنا الكبار، لكل المسلمين والمسلمات، ولكل المحبين لأهل البيت عليهم السلام..
نقدم لهم العزاء، ونعبّر لهم عن حزننا وعن مواساتنا وعن آلامنا لما أصاب فلذة كبد رسول الله عصر العاشر من محرم سنة 61 للهجرة
ونقول لرسول الله: إنك قلت إن للحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً. صدقت يا رسول الله، فإن حرارة قتل الحسين في قلوبنا وفي أجسادنا وفي أرواحنا منذ الآباء والأجداد وإلى الأولاد والأحفاد والأجيال وإلى يوم القيامة، وهي التي كانت وستبقى تصرخ نداء واستجابة “يا حسين”.
أيها الإخوة والأخوات:
أشكر حضوركم الكبير والمبارك في هذا اليوم العظيم، والذي يعبّر عن وفائكم والتزامكم ومحبتكم واستعدادكم الدائم للتضحية، وأنتم أهل الوفاء والصدق والتضحية.
المعزّون اليوم، في مقدمة المعزّين اليوم في لبنان لصاحب الزمان ولأهل العزاء هم عوائل شهدائنا، آباء الشهداء وأمهات الشهداء وزوجات وأبناء وبنات الشهداء، شهداء المقاومة وشهداء الدفاع عن الوجود والكرامة والمقدسات الذين قدموا أعزّتهم وفلذات أكبادهم على هذا الطريق.
في مقدمة المعزّين الجرحى الذين ساروا على طريق العباس، فقدوا أيديهم أو أرجلهم أو عيونهم ولكنهم لم يتوقفوا، المجاهدون الذين يملأون الجبهات والميادين والساحات ولم يتخلّفوا، العائلات الشريفة في كل مدننا وبلداتنا وقرانا التي تجود بأبناءها وأعزّائها إلى هذه الجبهات لتحمي البلد والكرامة والسيادة والعرض.
لكم أنتم، أنتم المعزّون الحقيقيون، كل العزاء وكل الأجر وكل الشكر على صدقكم وحضوركم وثباتكم.
أيها الإخوة والأخوات:
في البداية يجب أن نتوجه إلى ارواح الشهداء الذين استشهدوا بالأمس في كابول، عاصمة أفغانستان وفي أماكن متعددة من العراق وفي بغداد. قتلهم التكفيريون، فقط لأنهم في موقع المواساة لرسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، نسأل الله الرحمة وعلو الدرجات لشهداء الوفاء للحسين، ونسأل الله الشفاء العاجل لكل جرحى. هذه القوافل التي لم يوقفها تفجير ولن يوقفها قتل ولا جرح ولا اعتداءات. هكذا كان الحال طوال التاريخ، وهكذا سيبقى الحال طوال المستقبل إلى يوم القيامة. طبعا يسجّل في هذا العام تراجع حجم الانفجارات والاعتداءات على مواكب الإحياء الحسيني بدرجة كبيرة جداً اذا ما قيست بالسنوات الماضية، وهذا بفضل جهاد المجاهدين وانتصارات المجاهدين في كل الساحات وعلى امتداد الساحات، وهذا بسبب انكسار الكثير من هذه الجماعات التكفيرية وعجزها عن إلحاق الأذى الشديد، وهي التي تملك كل العزم لإلحاق الأذى الشديد.
اليوم نقف في عناوين سريعة، لأنني بالتأكيد لن أتكلم مثل ليلة أمس، ساعة وثلث.
العنوان الأول: اليمن، ونحن قلنا إن مسيرتنا اليوم في الضاحية الجنوبية لبيروت، ومسيراتنا العاشورائية في المناطق من صور إلى بعلبك الى الهرمل إلى البقاع الغربي إلى بنت جبيل إلى بقية المناطق، عنوانها الأساسي هو إعلان التضامن مع الشعب اليمني المجاهد والمظلوم والصامد والصابر والشجاع ومع قيادته وجيشه ولجانه الشعبية.
اليوم، أريد أن أضيف على ما قلته بالامس: يبدو للمراقب أن حرب اليمن من قبل السعودية، المفروضة سعودياً على الشعب اليمني، لم يعد أو لا تبدو أنها تخاض على قاعدة تحقيق أهداف سياسية وإنما باتت معركة تعبّر عن مستوى الحقد والضغينة والانتقام الذي يمارسه النظام السعودي بحق اليمن، أو هذا المستوى من الحرب، هذا الشكل من القتل حيث يطحن البشر والحجر والأطفال والكبار والصغار والشيوخ ويستهدف كل شيء في اليمن.
هذه ليست حرباً لأغراض سياسية، هذه حرب الحقد، الحقد الوهابي السعودي، هذه حرب الضغينة، هذه الحرب التي تريد أن تثأر من إرادة اليمنيين.
السعودية دائماً كانت تفكر باليمن أنه ولاية تابعة للمملكة، وشعبها يجب أن يكون خاضعاً ومستسلماً لإرادة المملكة. أن يخرج شعب اليمن ليعبّر عن إرادته وطلبه للاستقلال وللسيادة وللحرية وللقرار المستقل ولليمن القوي ولليمن العزيز ولليمن العظيم المعروف تاريخياً بالعلم والحضارة عندما كانت نجد غارقة في الصحراء، هذا ينتقم له آل سعود من الشعب اليمني.
هذه حرب هذا أفقها، هذه خلفيتها. في اليمن اليوم، ككربلاء، مشهد للمأساة، للأضاحي، للأجساد المقطعة، للأطفال والنساء والرجال في الصالة الكبرى في صنعاء وفي كل مدن وقرى وأحياء اليمن.
هناك مشهد للأحزان وللآلام وللدموع، ولكن ككربلاء أيضاً هناك مشهد للحماسة وللشجاعة وللفروسية وللبطولة وللثبات وللصمود في وجه آلة القتل السعودية الأميركية المتحالفة مع شياطين آخرين.
اليمن هذا لم يخضع لهذه الحرب ولم يسقط أمامها، وأنا أقول لكم اليوم في هذه الدقائق القليلة، ما أعرفه عن اليمن وعن الشعب اليمني ومن خلال الصداقات المباشرة ومن خلال المعطيات الميدانية، عندما أتحدث عن النصر أنا لا أتحدث عن حماسة ولا عن شعارات وإنما عن وقائع، لأن في اليمن ـ اسمعوني جيداً، وليعرف العالم الذي يحضر بعض الفضائيات المعروفة بالكذب، ليسمع العالم ـ أن في اليمن مئات الآلاف من المقاتلين الشجعان، الصابرين، الصامدين، الذين لا تخيفهم لا الجبال ولا الصحاري، قاتلوا أكثر من سنة ونصف وما زالوا يقاتلون، وهؤلاء بشجاعتهم وبصيرتهم وإيمانهم ودفاعهم عن كرامتهم وشعبهم وأعراضهم صنعوا الانتصارات وسيصنعون الانتصار، وكما قال الامام الخامنئي (حفظه الله): “في هذه الحرب سيمرّغ أنف آل سعود في الوحل”. وأنا أقول لكم، في بداية الحرب قال القائد هذا الكلام، وأنا أقول لكم الآن على الحدود السعودية في المواقع، في الجبال، في التلال حيث يهرب حنودهم، لقد مرغ المجاهدون المقاتلون اليمنيون أنوف آل سعود في وحل السعودية.
نحن نقول لإخواننا من بعيد ومن موقع إيماننا الواحد ومن موقع تجربتنا المتشابهة، ثقوا بالله عز وجل وتوكلوا على الله سبحانه وتعالى وأعيروا جماجمكم لله وتدوا في الأرض أقدامكم والله لن يترككم ولن يخذلكم وسينصركم على هؤلاء الطغاة المتوحشين.
لا يسعنا في يوم عاشوراء الحسين عليه السلام سوى أن نتوجه إلى الشعب اليمني لنعبر عن مواساتنا للشهداء، نعزي بهم، نطلب لهم الرحمة وعلو الدرجة، للجرحى ندعو لهم بالشفاء العاجل ولليمن المظلوم السعيد الذي نرجو له أن يعود سعيداً وعزيزاً.
العنوان الثاني، فلسطين: قبلتنا الأولى وأرضنا المقدسة والتي إليها كان وما زال مهوى أفئدتنا وعيون شهدائنا وعقول مجاهدينا، إلى فلسطين هذه يتأكد كل يوم أن خيار شعبها الحقيقي هو الخيار الصائب، الانتفاضة، انتفاضة القدس والجهاد والمقاومة ومواجهة المحتلين.
الكثيرون راهنوا على أن انتفاضة القدس في بداية عامها الثاني سوف تفشل وتنتهي وتذوي، ولكن الأيام الماضية أثبتت أن هذه الانتفاضة موجودة في عمق ووجدان وعقول وقلوب شباب فلسطين وشابات فلسطين ورجال ونساء فلسطين. الرسالة التي يجب أن تكون واضحة ومفهومة أن العمل البطولي والجهادي والاستنزافي من خلال عمليات المقاومة داخل فلسطين المحتلة سيفهم الإسرائيليين الآتين من كل أنحاء العالم ليحتلوا أرض غيرهم أن أرض فلسطين ليست أرض اللبن والعسل، وإنما هي أرض الموت والخسارة والدم، وأن على الاسرائيليين الغزاة أن يعودوا مع عائلاتهم إلى البلدان التي جاءوا منها، هذا هو هدف المقاومة في فلسطين ورسالة المقاومة في فلسطين.
أما أي مسار آخر أيها الأخوة والأخوات، إن مجاملة الاسرائيليين في مناسبة عزاء أو مناسبة فرح لن تقدم شيئاً للشعب الفلسطيني ولا القضية الفلسطينية، إن مجاملة الأميركيين لن تقدم شيئاً سوى أن يحصل المجامل على كلمة مديح، أما إسرائيل فهي التي تحصل دائماً من الأميركيين على أحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية وعشرات مليارات الدولارات والفيتو في مجلس الأمن الدولي والدعم اللامحدود من قبل الإدارات الأميركية المتعاقبة. ومن يتابع الآن كلينتون وترامب سيجد أنهما يتنافسان في الإعلان عن الدعم المطلق لإسرائيل، أما فلسطين وشعب فلسطين ومظلومو فلسطين فليس لهم مكان في كل المناظرات الأميركية.
إذاً ليس هذا هو الطريق، الطريق هو طريق الشهداء والمجاهدين، الطريق الذي أكده قبل أيام الشهيد مصباح أبو صبيح كمجاهد استشهادي، وأكدته ابنته أيضاً من خلال الوعي والبصيرة والافتخار بجهاد المجاهدين وتضحيات الشهداء. وأكدت هذه العملية البطولية أن الشعب الفلسطيني، وبالرغم من كل الأوضاع السيئة في المنطقة والمثبّطات، يعي طريقه ومصيره ويواصل دربه بالأشكال المختلفة. نحن في لبنان، في عاشوراء الحسين (عليه السلام)، ليس كما في كل عاشوراء بل كما في كل يوم، لأننا مع شعب فلسطين في موقع واحد ومعركة واحدة ومصير واحد، نقف اليوم أيضاً لنجدد انتماءنا إلى نفس الموقف وإلى نفس المصير وإلى نفس المعركة.
العنوان الثالث، العراق: يتجه العراقيون إلى حسم معركتهم المصيرية مع تنظيم داعش، وانتقلوا من نصر إلى نصر، صنعته قواتهم المسلحة وحشدهم الشعبي وعشائرهم من السنة والشيعة والأكراد والعرب والتركمان، بدمائهم الزكية صنعوا هذه الانتصارات، بتعاونهم وتآزرهم في مواجهة الإرهابيين والتكفيريين، وليس لديهم أي خيار سوى المضي في طريق استئصال هذه الغدة السرطانية التي أذاقت كل العراقيين من شيعة وسنة وأيزديين ومسيحيين وأكراد وتركمان العذاب والآلام والمعاناة وارتكبت بحقهم المجازر.
اليوم، القوات العراقية تتجه إلى الموصل، إضافة لما قلته بالأمس أريد اليوم أن أوجه كلمة للإخوة في العراق، للقادة العراقيين، للحكومة العراقية، للقوات المسلحة، وللحشد الشعبي: إن الأميركيين يريدون فتح الطريق من الموصل إلى المنطقة الشرقية في سوريا. كما ذكرت بالأمس، الأخوة العراقيون يعرفون جيداً أنه فتح الطريق من الفلوجة باتجاه سوريا، وكانت قافلة كبيرة جداً، مئات الآليات وآلاف المقاتلين وتحت عين الأميركيين، لم يفعلوا شيئاً، الطيران العراقي، القوات العراقية هي التي تدخلت وقصفت هذه القافلة.
اليوم الأميركيون يريدون، كما قلت بالأمس، تكديس داعش في المنقطة الشرقية من سوريا، أقول للعراقيين، للإخوة العراقيين، ليس فقط من أجل سوريا، بل من أجل العراق، من أجل العراقيين، من أجل الشعب العراقي، تكديس داعش في سوريا بعد هزيمتها من العراق إلى ماذا سيؤدي؟
أولاً، ستسغل تواجدها العسكري والأمني في المنطقة الشرقية يعني على الحدود الغربية للعراق لتنفيذ عمليات أمنية وإرهابية وانتحارية حيث تصل أيديها في داخل العراق، وستجدون أنفسكم لتوقفوا هذه العمليات الانتحارية والتكفيرية مجبرين أن تدخلوا إلى المنطقة الشرقية من سوريا.
وثانياً، سوف تحشد داعش لتعود من جديد إلى العراق، أساساً قبل سنوات عندما كانت الأنبار وصلاح الدين ومحافظة نينوى الموصل كانت في يد الحكومة العراقية، من أين دخلتها داعش؟ دخلتها من الرقة، من دير الزور، من المنطقة الشرقية في سوريا.
إذاً، هذا الخداع الأميركي سيضيع انتصاركم في الموصل، الانتصار العراقي الحقيقي هو أن تضرب داعش وأن يعتقل قادتها ومقاتلوها ويزج بهم في السجون ويحاكموا محاكمة عادلة، لا أن يفتح لهم الطريق إلى سوريا، لأن وجودهم في سوريا سيشكل خطراً كبيراً على العراق قبل كل شيء.
البحرين: يأتي العاشر هذا العام، وقائد حسيني شريف وشجاع يحاصر في بلدته الدراز في البحرين، وحوله حشود من رجال ونساء أباة وأوفياء يملأون ساحة الفداء حول المنزل دفاعاً عن حسينهم سماحة آية الله المجاهد الشيخ عيسى قاسم الذي يهدَّد في السجن أو الترحيل، في ظل محاكمات شكلية ظالمة واتهامات كاذبة، في بلد امتلأت سجونه بالعلماء وبالقادة السياسيين وأصحاب الرأي والشباب المناضل من أجل الحرية وأبسط حقوق الناس الطبيعية المسلوبة في البحرين.
في يوم العاشر نحيي في شعب البحرين وفاءه لقائده ووفاءه لقضيته وصموده وعزمه على مواصلة المسيرة وعدم التخلي عن أهدافه وحقوقه المشروعة التي قضى من أجلها الشهداء من رجال ونساء البحرين وأصيب من أجلها الجرحى ويقضي من أجلها خيرة علماء ورجال وشباب البحرين زهرة شبابهم في السجون. ونقول لهم اصبروا وصابروا ورابطوا على الحق الذي أنتم عليه، لأن الذين يقفون خلف ظلمكم وحصاركم يتجهون إلى الهاوية وإلى السقوط إن شاء الله ببركات المجاهدين اليمنيين الذين سيسقطون آل سعود في الهاوية وسيكون فرج شعب البحرين المظلوم.
في يوم العاشر نرفع الصوت لنلفت العالم وخصوصاً الشعوب الحية إلى هذه القضية في البحرين وإلى هذه المظلومية ليتحمل الجميع مسؤوليته.
وعوداً في الختام إلى لبنان، إلى لبنان كلمات سريعة وتجديد عهد وبيعة وميثاق.
أولاً: التأكيد على المسار السياسي الايجابي في البلد بمعزل عن صراعات المنطقة وإنقسامات اللبنانيين حولها، وأن يمضي المسار في الملف الرئاسي إلى النتائج المطلوبة، وقد قلت أمس إن موقفنا واضح وثابت وحاسم ولا يحتاج في كل يوم إلى إعادة وإلى تكرار.
ثانياً: دعوة الحكومة، بمعزل عما يفصلها عن الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة جديدة، دعوة الحكومة الحالية إلى العمل الدؤوب والجاد والاهتمام البالغ بالملفات الضاغطة على اللبنانيين، من بيئة وصحة ونفايات وليطاني وماء وكهرباء وطرقات وبطالة، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال تحت ذريعة الترهل السياسي أن تتوقف الحكومة عن أداء مسؤوليتها.
وثالثاً: سبتقى هذه المقاومة، ستبقى هذه المقاومة عينها على إسرائيل، عينها على الحدود الجنوبية. نتابع ونحن في حزب الله نتابع كل ما تقوله إسرائيل وما تفعل وما تحضر وما تتآمر وما تهدد وما يصيبها من نقاط ضعف وما تُراكم من نقاط قوة. وأقول لكم إن المقاومة الإسلامية في لبنان لن تخلي الميدان في مواجهة إسرائيل ونحن ندرك جيداً أن الذي يحمي بلدنا في مواجهة إسرائيل ليست العوامل السياسية بل قوة لبنان التي تتمثل في جيشه وشعبه ومقاومته. عندما نغفل عن هذه المقاومة، عن حضورها، عن قوتها، عن جهوزيتها، سوف نجد إسرائيل تملأ سماءنا وأرضنا، أما نحن فلن نغفل.
وكما أن عيوننا ستبقى مفتوحة على الحدود الجنوبية، هي مفتوحة على الحدود الشرقية في البقاع في مواجهة التكفريين حيث نتواجد وسوف نبقى نتواجد وإلى سوريا، إلى زينب سلام الله تعالى عليها، إلى رقية سلام الله تعالى عليها.
سوف نستمر في تحمل المسؤوليات الجهادية الجسام هناك، هناك أبناؤكم ورجالكم وإخوانكم وأزواجكن، هناك يدافعون عن الوجود، عن الكرامة، عن المقاومة، عن محور المقاومة، عن شعوب المنطقة، عن فلسطين، عن العرض والشرف والعز والتاريخ والماضي والمستقبل.
في هذه المعركة، في هذه الحرب، في هذه السلة التي فرضها الأميركيون وآل سعود وحلفاؤهم على سوريا وشعبها وعلى المقاومة ومحورها، موقفنا الذي اتخذناه ونلتزم به ونزداد كل يوم بصيرة ووعياً فيه وبه وحوله هو هذا الموقف الجهادي والحضور الجهادي في ميادين القتال لأننا نواجه خيارات فرض الحرب التي تذلنا بمنطق الحسين عليه السلام، الذي بحت أصواتكم بالأمس ليلاً واليوم منذ الصباح الباكر ولكن لن تبح هذه الأصوات.
الحسين علّمنا، الحسين عليه السلام علمنا الموقف الخالد، المدرسة الكاملة في الإيمان، في الجهاد، في السياسة، في الحياة، في الاجتماع، في الموقف، ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة.
لماذا يا أبا عبد الله؟ لماذا يا أبا عبد الله؟ يقول: يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ونفوس أبية وأنوف حيمة. من ماذا؟ من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.
شهداؤنا من علمائنا وقادتنا ومجاهدينا، جرحانا من رجالنا ونسائنا، دليل على أننا لن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، لن نتنازل عن كرامتنا في لحظة من اللحظات، وهذا هو الذي سيبقى موقفنا. هذه رسالة هذه الحشود الآن. أنا إنما إردت إن إعيد هذا الشعار عليكم ليس فقط لنردد شعاراً وإنما لنقول لمن يرانا ويسمعنا في لبنان والمنطقة، بكل صراحة هناك من يراهن على تعبنا وتعبكم، هناك من يراهن على نزيفناـ أن يضعفنا الزيف، هناك من يكبّر أعداد شهدائنا، ونحن ونفخر بشهدائا مهما كانت أعدادهم كبيرة.
هناك من يراهن على محاصرتنا مالياً واقتصادياً. قبل أسابيع، أحد كبار الصهاينة في الإدارة الأميركية السابقة، دينس روس، تعرفونه جميعاً، يقول: في مواجهة حزب الله بالدرجة الأولى يجب أن نعمل على تشويه سمعة حزب الله. كمقدمة، هذا الذي كنت أقوله، يريدون أن يجعلوا منّا عصابات مخدرات ومجرمين وقَتَلة ولصوص و”حرامية”.
هذا غير صحيح، هم يراهنون على تعبنا، يبحثون في الليل وفي النهار على أم شهيد، على زوجة شهيد، على بنت شهيد، لتقول كلاماً يناسبهم ويقومون بتضخيمه، وحتى الآن لم يجدوا أحداً.
رسالتكم اليوم التي ستصل من خلال مسيرات عاشوراء أننا لن نتعب ولن نكلّ ولن نملّ ولن ننهزم ولن ننكسر، لأن من كان ناصراً ومحباً وعاشقاً للحسين وزينب لا يمكن أن تُهزم له راية.
هذه رسالتنا اليوم، وفي كل ميدان، في اليمن وفي العراق وفي البحرين وفي سورية وفي لبنان، في كل ميدان، عندما نمتلك هذه الإرادة ونمتلك هذا الصبر العظيم وهذا الصبر الجميل الذي تعلّمناه من سيدتنا زينب (عليها السلام). مهما كان عدد الشهداء والجرحى، عوائلنا تفخر حتى الآن، عوائل شهدائنا تعتز وتفتخر بشهدائها لأنها تعرف حقيقة المعركة الذي يقاتل فيها هؤلاء الشهداء، ولا تصغي إلى كل أولئك الذين يريدون لنا أن نجلس في بيوتنا لتأتي داعش والنصرة والتكفيريون ومن خلفهم أمريكا ومن خلفهم آل سعود ليدمروا هذه المنطقة ويطحنوا حجرها وبشرها كما يفعلون في اليمن.
إذاً، الرسالة التي نعيد تكرارها في ختام الكلمة، وليسمع العالم، وبالقبضات المرتفعة، وبأعلى الأصوات، وعظم الله أجوركم: ألا إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلّة والذلّة، هيهات من الذلّة، آجركم الله، وعظم الله أجوركم.
سويّا، قلوبنا، عقولنا، أرواحنا إلى الحسين، إلى كربلاء إلى العباس، إلى زينب:
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين، والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.