ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 16-06-2021 في بيروت على الوضع الداخلي المستمر في ازماته المتعددة، فلا شيء يبشّر بالخير على صعيد الحل الحكومي حتى الان، ولا معالجات ظرفية تبلسم أوجاع الناس. كما تناولت الصحف التطورات الفلسطينية ومسيرة الاعلام الصهيونية التي كانت تحت وقع نتائج معركة سيف القدس.
الأخبار
اقتراح الـ«كابيتال كونترول»
مجلس النوّاب مستقيل: الأمر لرياض سلامة!
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “أعضاء لجنة المال والموازنة النيابية شديدو النباهة. يُجمعون على أن دراسة اقتراح قانون القيود على رأس المال (كابيتال كونترول)، «تأتي متأخّرة». شكراً أصحاب السعادة. في الواقع، يحتاج المرء إلى كثير من الفطنة ليُدرك أن اقتراح قانون طارئ، كتقييد حركة السحوبات والتحويلات في بلاد تعيش واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية والنقدية في التاريخ الحديث، يُبحث متأخراً عن موعده 20 شهراً على الأقل. سنة و8 أشهر، لم يُهدِرها أصحاب السعادة في اللهو. كانوا يجدّون في الدفاع عن امتيازات أصحاب الثروات. أكثر أعضاء اللجنة فطنة هو رئيسها، إبراهيم كنعان. يقول إن اقتراح الكابيتال كونترول يجب أن يكون مقروناً بخطة إصلاحية شاملة. يشاركه مستوى الفطنة نفسه زميلاه ياسين جابر ونقولا نحاس. والثلاثة، كانوا الفرسان الذين أسقطوا الخطة الحكومية الشاملة. اليوم، ينافقون بالقول إنهم يشاركون صندوق النقد الدولي فكرة أن اقتراح تقييد حركة رأس المال يجب أن تأتي من ضمن سلة متكاملة من الإصلاحات والقوانين والإجراءات الإنقاذية، فيما لم تجفّ عن أيديهم دماء الخطّة التي أقرّتها حكومة الرئيس حسان دياب، وتولّوا تدميرها في اللجنة النيابية الفرعية التي كان يرأسها كنعان نفسه. كانت خطّة دياب، على علّاتها، «الورقة» الرسمية الوحيدة التي تحدّد الخسائر التي لحقت بالقطاع المالي، وتوزّع هذه الخسائر بصورة أولية. هي الوثيقة الوحيدة التي كشفت جزءاً من الكارثة الكبرى التي ارتكبها حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، حتى بات لبنان الدولة الوحيدة في العالم التي تتجاوز قيمة خسائر مصرفها المركزي مجمل قيمة الناتج المحلي لهذه الدولة. والأهم، أنها الوثيقة الوحيدة التي تتضمّن خطة مقترحات للخروج من الأزمة. ماذا فعل إبراهيم كنعان وياسين جابر وزملاؤهما، بالنيابة عن حركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وأحزاب وتيارات أخرى، سوى تدمير تلك الخطة وترك البلاد تسقط في هاوية الأزمة الأسوأ من نوعها في العالم ربما منذ الحرب العالمية الثانية؟ فعلوا ذلك بدم بارد، وها هم اليوم يتباكون على أن اقتراح القيود ــــ على السحوبات (من المصارف) والتحويلات (إلى الخارج) وتبديل العملات ــــ مطروح أمامهم من دون خطة للخروج من الأزمة!
أحقر ما ينطقون به اليوم هو التعبير عن إدراكهم بأن اقتراح القانون الذي لم يصدر بعد (ومن غير المستبعد ألّا يبصر النور أبداً) يأتي متأخراً. يقولون ذلك كما لو أن قوة قهرية منعتهم من القيام بواجبهم وإصدار القانون قبل 18 شهراً. حسناً. الاقتراح أتى متأخّراً. من أخّره؟ هم أنفسهم، بأشخاصهم وكتلهم السياسية تولّوا تأخيره إفساحاً في المجال أمام تهريب أموال المحظيّين إلى خارج البلاد لحمايتها على حساب الاقتصاد وباقي السكان.
في الأصل، لا بدّ من التذكير بأن وظيفة قانون تقييد حركة رأس المال، هي وظيفة طارئة، تحمل صفة الـ«فوري». هو قانون تلجأ إليه الدول لحماية ثرواتها الوطنية وعملاتها المحلية واقتصادها، لمنع هروب الأموال في أيام الأزمات. أصدرته عشرات الدول حول العالم. وفي بعض الأحيان، يطبّق بعضها قانون التقييد (كابيتال كونترول)، احترازياً، أي قبل نشوب الأزمات. وعلى ما ذكّرنا الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، لجأت حكومة الرئيس رشيد كرامي في عهد الرئيس شارل حلو إلى إقرار قانون (مرسوم اشتراعي بعد نيلها صلاحية استثنائية من مجلس النواب) لتقييد سحب الأموال من المصارف، فور اندلاع حرب عام 1967 التي شنّها العدوّ الإسرائيلي في فلسطين وضد مصر وسوريا والأردن. فعلت حكومة «سويسرا الشرق» ذلك، في ساعات، خشية هروب رأس المال من القطاع المصرفي، رغم أن لبنان لم يكن مشاركاً في تلك الحرب.
وفي الأزمة التي يعيشها لبنان حالياً، كان ينبغي أن يصدر في الأيام التي شهدت أول توقّف للمصارف عن العمل بعد 17 تشرين الأول 2019. فإقفال البنوك أبوابها هو كناية عن «كابيتال كونترول» بلا قانون، يستهدف تحديداً «صغار المودعين». أما أصحاب الودائع الكبيرة، من مصرفيين وسياسيين ومحتكرين وتجار محظيّين، فكانت عملية تهريب أموالهم إلى الخارج جارية على قدم وساق، فيما من يملكون القليل في حساباتهم المصرفية ممنوعون من الحصول على مدخراتهم. تُركت المصارف تطبّق القيود «على ذوقها»، وهو ما لا تزال تقوم به، بقرار من إداراتها، وبتنظيم ورعاية من حاكم مصرف لبنان. مجلس النواب ــــ الشديد الحرص على صلاحياته ويرفض رئيسه منذ اتفاق الطائف منحها استثنائياً للحكومة ــــ قرر أن يمنح كل تلك الصلاحيات لرياض سلامة. لم يملأ الأخير فراغاً تُرك له عمداً وحسب، بل حصل على ما يُشبه الصلاحيات التشريعية الاستثنائية التي جعلته يفرض القيود التي يريد، بعد تمنّعه سابقاً عن الاستجابة لمطالب وقف التحويل إلى الخارج، بذريعة غياب التشريع القانوني. وقبل أيام، أصدر تعميماً ليس سوى «كابيتال كونترول»، يمنح فيه كل مودع 400 دولار نقداً، وما قيمته 400 دولار بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر منصة «صيرفة».
ما جرى جعل لرأس المال في لبنان استقلالية تفوق تلك التي يحظى بها في أي دولة توصم بالنيوليبرالية الموصوفة بالتوحش. «الدولة»، بكامل وعيها، قالت عبر مجلسها النيابي، إن الأمر لرياض سلامة وحده.
فمجلس النواب ارتأى ألّا يفعل شيئاً منذ بدء ظهور نتائج الأزمة، عام 2019. حكومة الرئيس سعد الحريري فرّت من مواجهة الكارثة. أما حكومة دياب، فوضعت خطة سرعان ما تولى البرلمان دفنها. ومنذ ذلك الحين، قررت القوى السياسية الهروب من مسؤوليتها. ليس في ذلك أيّ كسل. فعدم الإتيان بأي فِعل في مواجهة الانهيار إنما هو انحياز لسلطة رأس المال الذي يريد أن يدير الأزمة بنفسه، بما يناسب مصالحه، وبما يضمن له العودة إلى النموذج الذي سقط، مع بعض التعديلات في الشكل لا في المضمون.
في حالة اقتراح الكابيتال كونترول ــــ وبعدما جرى تأخيره حتى دخلت البلاد مرحلة اقتصاد الحرب من دون إطلاق نار ــــ فإن عدم إقراره يعني تفويض رياض سلامة إنقاذ المصارف والمحتكرين على حساب جميع الناس. بعد سنة و8 أشهر، أقِرّ في لجنة المال والموازنة. كانت نقاشات النواب تتركّز حول ما سمّوه «تمويل الكابيتال كونترول»! بدا أصحاب السعادة كما لو أنهم يبحثون في تشريع الإنفاق لا تشريع القيود. وبعد لجنة المال والموازنة، أحاله رئيس المجلس نبيه بري على لجنة الإدارة والعدل. وبعد «عُمر طويل» في «الإدارة والعدل»، سيحلّ الاقتراح ضيفاً على طاولة نائب رئيس مجلس النواب، إيلي الفرزلي، بصفته رئيساً لجلسات اللجان المشتركة! ومن المناسب التذكير بأن الفرزلي كان السياسي الوحيد الذي امتلك الشجاعة ليقول علناً: «نعم نحن حزب المصرف». وكرمى لعيون هذا الحزب، سيتولى الفرزلي «تهذيب» اقتراح القانون، ليُنتج «كابيتال كونترول» لم يشهد التاريخ له مثيلاً. سيستكمل ما بدأه زميله إبراهيم كنعان الذي يتباهى بما «أنجزه»، مخفياً أنه يتضمّن تشريع تحويل الأموال التي تودَع في المصارف نقداً إلى الخارج. ماذا يعني ذلك؟ أصحاب المصارف الذين تحوّل معظمهم من مرابين إلى مضاربين على العملة، سيتمكّنون من جمع الدولارات من السوق وإيداعها في المصارف، ثم تحويلها إلى الخارج، باسم الـ«كابيتال كونترول». المحتكرون الذين يتولّون الاستيراد «المدعوم»، والتحكّم بالأسعار والتهريب، سيجمعون أرباحهم بالدولار النقدي، ثم يودعونها في المصارف ويحوّلونها إلى الخارج في ظل الـ«كابيتال كونترول». ما قامت به لجنة المال، وستستكمله لجنة الإدارة والعدل وبعدها اللجان المشتركة، سيكون، قبل أي شيء آخر، تشريعاً للتهريب.
ورغم أن مجلس النواب يمضي في دراسة هذا الاقتراح الطارئ، متأخراً 18 شهراً، ببطء شديد، فلا ضمانة بأن القانون سيبصر النور. البلاد نُهِبت لسنوات زمنَ الازدهار. وها هم الناهبون يُجهزون على ما تبقى فيها، زمنَ الانهيار. أما ما يُسمى «دولة»، فاختارت ــــ بملء إرادتها ــــ تفويض أمرها وأمر الناس إلى رياض سلامة.
اللواء
عون يقوِّض دور برّي.. ويفتح معركة رئاسة المجلس!
الفرزلي يتحدث عن «إيجابية» الحريري.. والبنزين إلى 200 ألف ليرة للصفيحة
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “يقال في الامثال الشعبية: «للمحامي تلت القتلة». هل هذا يصح على الرئيس نبيه برّي، الذي أخذ على عاتقه، برعاية دولية السير بمبادرة، تقضي في ما تقضي، باستمرار المشاورات من أجل تأليف حكومة جديدة، قادرة على وقف الانهيار، وبالتالي التعامل مع المجتمع الدولي، الصديق والشقيق، الذي أبدى استعداداً للمساعدة في تجاوز الوضع، واستعادة العافية للدولة ومؤسساتها والليرة، ودورها في التنمية الاقتصادية والمعيشية..
من المتفق عليه، في الأوساط السياسية ان البيان الذي صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية يطال مهمة الرئيس نبيه برّي ووساطته، في اشارته إلى «المرجعيات والجهات التي تتطوع مشكورة للمساعدة في تأليف الحكومة، مدعوة إلى الاستناد إلى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس اعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه، بل تتناغم مع رغبات هذه المرجعيات أو مع أهداف يسعى إلى تحقيقها بعض من يعمل على العرقلة، وعدم التسهيل، وفي ممارسات لم يعد من مجال لانكارها..
والانكى في هجوم قصر بعبدا وصف ما يجري من تقدّم بـ«الزخم المصطنع» الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة، لا أفق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص عنه في المادة 53..
وبعيداً عن التجاهل أو التفسير الخاطئ وصف مبادرة برّي بالتدخل في عملية التأليف، فجاء في نص البيان: تطالعنا من حين إلى آخر تصريحات ومواقف من مرجعيات مختلفة تتدخل في عملية التأليف، متجاهلة قصدا او عفوا ما نص عليه الدستور من آلية من الواجب اتباعها لتشكيل الحكومة، والتي تختصر بضرورة الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف المعنيين حصريا بعملية التأليف وإصدار المراسيم.
وفي وقت لاحق، قالت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لـ«اللواء» أن البيان الذي صدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية لا يهدف إلى التصعيد أو التعطيل إنما تذكير من يجب بصلاحيات رئيس الجمهورية ودوره ومسؤولياته وإن ما من أمر يحصل بمعزل عنه لأنه في الفترة الاخيرة صدرت مواقف ومبادرات عن أن هذه الجهة أو تلك أو هذا التجمع وذاك يشكلون الحكومة كما يبدو ويفرضون واقعا قائما، فأتى البيان ليذكر بالاصول الدستورية وبان الحكومة تلد بأتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. واذ أوضحت المصادر نفسها أن المساعي مشكورة لفتت إلى أنه يجب أن تكون ضمن الاصول الدستورية المتبعة وقالت: ليس صحيجا أن البيان هو ضرب لمبادرة رئيس المجلس النيابي.
واعتبرت ان البيان يترجم التوجهات التي كانت سائدة سابقا لدى الرئيس عون ولم تتبدل موضحة ان من يسعى إلى وساطة أو مبادرة لا بد من أن يدرك من أن القرار يعود إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف كما أن عليه أن يدرك أنه لا بد من أن يكون محايدا وليس طرفا لأنه إذا كان ذلك فليس في إمكانه أن يقوم بمسعى أو مبادرة وعليه بالتالي اتخاذ موقع الوسط والدستور واضح في عملية تأليف الحكومة.
وأفادت أن هذا البيان يلمح بشكل أو بآخر إلى أنه إذا كانت جميع المرجعيات تتحدث وتدلي بمواقفها ولم تتمكن من إقناع الحريري أو جعله يؤلف الحكومة فما معنى لكل ما يحصل وبالتالي ستبقى المشكلة قائمة. وكررت القول أن البيان لا يهدف إلى نسف أو اسقاط مبادرة الرئيس بري إنما وضع النقاط على الحروف.
عين التينة: لا مصادر لدينا
ولم تتأخر مصادر مقربة من «عين التينة» في الرد على بيان رئاسة الجمهورية، وقالت لموقع «لبنان الكبير»: «إن هذا البيان يُراد منه القول لكل من يريد سعد الحريري «لا تتدخل». واذا كانت الرئاسة الثانية هي المقصودة فلا نريد أن نسمع ومن يريد الحريري كثر». وأضافت المصادر: «هذا البيان يشكّل اساءة جديدة لموقع رئاسة الجمهورية، ورد الاعتبار لا يكون بهكذا بيانات، وإذا كانت سياسة لن نسكت بعد اليوم هي السياسة المتّبعة والمعممة حالياً من قبل «التيار الوطني الحر» فنحن نرد: لا نوم بعد اليوم».
ولاحقاً، اصدر المكتب الاعلامي للرئيس بري بياناً جاء فيه: تداول احد المواقع الاخبارية مواقف منسوبة لمصادر عين التينة يؤكد المكتب الاعلامي للرئيس نبيه بري ان كل ما ورد في هذا الاطار غير صحيح وان لاشيء في عين التينة اسمه «مصادر». وفي سياق متابعة مبادرته بالتنسيق مع فريق المهمة المكلف في الاليزيه، عقد لقاء في عين التينة بين الرئيس برّي والسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، التي زارت بيت الوسط أيضاً والتقت الرئيس المكلف سعد الحريري.
وإزاء هذا التطور، حدثت اتصالات شارك فيها حزب الله، لوقف تداعيات بيان بعبدا، مما اضطر الرئيس برّي إلى الايعاز باصدار بيان عن مكتبه الإعلامي ينفي كلام «المصادر» لموقع لبنان الكبير.. في هذا الوقت، تحدثت مصادر عن انزعاج إقليمي من دور برّي في ما وصفوه بـ«تعويم» دور الرئيس الحريري، خلافاً لرغبات دول «نافذة في المحور».
ومضت المصادر ان نائباً له ارتباطات معروفة، يلعب دوراً في احراج رئيس المجلس، في إطار تحضيرات بدأت لفتح معركة رئاسة المجلس النيابي، قبل نهاية عهد الرئيس عون، تمهيداً لمرحلة سياسية جديدة.. وقال مصدر قيادي لـ«اللواء» ان معركة الحكومة الآن تخفي حقيقة «الصراع الكبير» الجاري بين منظومتين، احداهما مدعومة من عاصمة قريبة، ترغب في ابعاد ما تصفه الطبقة السياسية التي خذلتها في مرحلة سابقة.
وكشفت مصادر متابعة انه بعد تفاعل الخلاف بين بعبدا وعين التينة على خلفية المبادرة التي طرحها الرئيس بري لحل الازمة الوزارية وتسريع الخطى لتشكيل الحكومة الجديدة عن بعض دوافع الخلاف الناشب أساسا منذ تواتر الاحاديث عن مبادرة يعد لها بري منذ مدة، ولم تلق ارتياحا لدى رئيس التيار الوطني الحر منذ وضعها بالتداول جديا وقد بادر إلى التصويب عليها بشكل غير مباشر عبر مصادر قريبة منه، لقناعته بانها تواكب توجهات رئيس الحكومة المكلف وتدعم حركته لتشكيل الحكومة الجديدة بمواجهة الفريق الرئاسي.
وزادت في حدة الخلاف موقف رئيس المجلس النيابي وتعاطيه المتعارض مع رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الى المجلس النيابي واصداره توصية اعتبرت بمثابة صفعة محكمة لرئيس الجمهورية وتاكيدا لدعمه المتجدد لتكليف الحريري في مواجهة بعبدا.ولعل ما زاد الطين بلة حسب المصادر المذكورة، انفتاح الرئيس المكلف وتعاطيه الإيجابي مع مبادرة بري وإبداءالاستعداد الكامل لترجمة تنفيذها عمليا، ما ادى الى حشر رئيس التيار الوطني الحر بالزاوية، لاسيما بعد التغطية القوية من الامين العام لحزب الله حسن نصرالله لهذه المبادرة. ولم يطل الوقت لانكشاف موقف باسيل السلبي من تحرك بري، وكانت المشادة الحادة التي نشبت بينه وبين المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل في اللقاء الشهير ألذي جمعهما مع ممثلي حزب الله، حسن خليل ووفيق صفا، من مظاهر الخلاف الحادة حول المبادرة المذكورة.
واشارت المصادر الى ان تغطية الحزب لبري على هذا النحو وتكبير حجم اتصالاته، زادت في اغضاب فريق بعبدا تجاهه وتوسيع هوة الخلافات بينهما وتحولها الى التراشق بالبيانات على اعلى المستويات.وحددت المصادر احد الاسباب المباشرة لانكشاف الخلاف الحاصل ومرده تقدم بري بطرح مقبول كمخرج لازمة تشكيل الحكومة، يعتبره مرضيا لبعبدا وبيت الوسط، وحاز على تأييد حزب الله. وبعدما تسلمته الرئاسة الاولى نهاية الاسبوع الماضي لم ترفضه بالمطلوب. وكان منتظرا ان تعطي جوابها النهائي عليه مطلع الاسبوع الحالي. وعلى ضوء هذا الجواب الذي لم يرفض في البداية، كان يتم التحضير للقاء بين الرئيس المكلف ورئيس المجلس النيابي، لترجمة مفاعيله والمباشرة بإخراج عملية تشكيل الحكومة من دوامة التعطيل المتعمد.
الا انه وخلافا لما كان متوقعا، انقلب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل رأسا على عقب ومتجاوزا التاييد المبدئي للرئيس عون ومعلنا رفضه القاطع له، ومبررا موقفه هذا بانه لايحق لرئيس المجلس النيابي بصفته رئيسا للسلطة التشريعية ممارسة هذا الدور الواسع على هذا النحو وكان له اليد الطولى بتشكيل الحكومة وحسب ما نقل عنه: «الحكومة ما بتتشكل عند بري» ونحنا ممنوع علينا نحكي بالحكومة بالبياضة. الحكومة بتشكيل بالقصر الجمهوري ببعبدا. وبعد هذا الموقف السلبي لباسيل واجهاض طرح بري، لم يعقد اللقاء الذي كان منتظرا بين بري والحريري لانتفاء سبب انعقاده، بينما نشطت المساعي على خط حزب الله وبعبدا لاستيعاب تداعيات الخلاف الحاصل والسعي لاعادة التواصل لحل ازمة تشكيل الحكومة التي باتت شبه مستعصية حتى اليوم.
وهكذا، وفي الوقت الذي تشاع فيه أجواء انفراجية على مستوى التأليف أكّد مصدر وزاري سابق لـ«اللواء» ان الأمور ما تزال مقفلة، وان ما يطرح من أسماء للتوزير لا يوحي بالثقة كون ان غالبية هذه الأسماء هي بمثابة ظل للسياسيين الحاليين. ولفت إلى ان مشكلة التأليف أبعد من داخلية وهي تتعلق بشكل مباشر بما يجري في الخارج اما على مستوى الملف النووي، أو المحادثات غير المعلنة بين الرياض وطهران، وفي غياب التوافق الداخلي لا بدّ من انتظار وفاق خارجي يتأتى من هذه المسارات، مستبعدة ان يكون الرئيس عون في وارد ان يعطي الفضل للرئيس برّي في عملية حل أزمة تأليف الحكومة.
فقد اضاف بيان رئاسة الجمهورية حول المعايير الدستورية لتشكيل الحكومة تأزماً جديداً في علاقات الاطراف السياسية وتعقيداً إضافياً على تشكيل الحكومة، حيث طال اكثرمن طرف وإن كان البعض قد فسّره على انه يستهدف الرئيس نبيه بري ومبادرته، لا سيما بعد اعلانه مؤخراً دعمه للرئيس سعد الحريري وتأكيد الاخير على هذا الدعم بقوله ان بري هو الوحيدالذي يقف معه ويدعمه. وبعد كلام نائب رئيس المجلس ايلي فرزلي من بيت الوسط عن تمسك الرئيس المكلف بالدستور لتشكيل الحكومة.فيما يستمر التأزم المعيشي والحياتي على ابواب محطات البنزين والصيدليات، بينما يتحضر الاتحاد العمال العام للإضراب غدا الخميس بحيث يشمل كل المناطق.
إذاً، وسعت بعبدا دائرة الاستهداف، فاطلقت محطة الـO.T.V النار على نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي، عندما قال من بيت الوسط: الرئيس الحريري في قمّة الإيجابية وروحية ومضمون وشكل هذه الإيجابية هي في كنف ويد دولة الرئيس نبيه بري، المسؤول أن يؤتمن ائتمانا كاملا على مسألة المسار في إيجاد الحلول لإخراج البلد من أزمته. فهل هناك من مستجيب؟ هل هناك من سميع؟ هل هناك من مجيب؟ لا أدري.
وفي موقف يحمل أكثر من دلالة، قال الفرزلي من بيت الوسط: الرئيس برّي ما زال بانتظار الجواب على المساعي التي يبذلها ضمن مبادرته، وحتى تاريخه لم يبلغ الا ببعض البيانات والتصاريح التي تحمل طياتها موقفاً سلبياً آملاً الا يكون ذلك الا من باب التحضير للإسراع في تشكيل حكومة. وقال: إذا كانت هذه هي الغاية فأهلاً وسهلاً، ونحن لها، والا فيجب ان يخرج من البال ان هناك إمكانية لإخراج الرئيس الحريري، ومن ثم اخراجه كونه يعي تماماً مضمون المهمة الدستورية الملقاة على عاتقه..
وليلاً، اجتمع الرئيس الحريري في بيت الوسط مع كتلته ونقل عنه قوله لنوابه: «انا عاطي فرصة هلق لمبادرة الرئيس بري ولهيك بعد ما اعتذرت وبس يقول بري أنا كعيت بعتذر وانا ما ح اقبل كون شاهد زور على انهيار البلد» وتابع: «واضح ان عون وباسيل لا يريدان تشكيل حكومة برئاستي». واضاف: «بدن حكومة على قياسهم وانا ما رح شكل حكومة على قياس حدا لو شو ما صار».
مؤتمر دعم الجيش
وعشية المؤتمر الدولي الذي ترعاه فرنسا غداً لتوفير الدعم اللازم للجيش اللبناني، ليستمر القيام بدوره، أكّد قائد الجيش العماد جوزيف عون ان القيادة تبذل جهوداً لمساعدة العسكريين بجميع الوسائل الممكنة، سواء عبر دعم الطبابة العسكرية أو التنسيق مع الجيوش الصديقة للحصول على مساعدات. وفي هذا السياق، تَبرز المبادرة المشكورة التي ستقوم بها دول صديقة من خلال عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش».
سعر الصفيحة والتهريب
اقتصادياً، رأى رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض أن موضوع الدعم لا يؤثر عليهم، بل هم يواجهون المشاكل بسبب الدعم ويفضلون حرية الاستيراد، إلا أنه أيضاً، في حال رفع الدعم، هناك مشكلة أخرى وهي تأمين الدولارات. واشار خلال برنامج «ملفات الفساد» عبر الـ«LBCI» الى أنه في حال رفع الدعم سيصل سعر تنكة البنزين الى حوالي 175 الف أو 200 الف ليرة والأمر مرتبط بسعر النفط عالميا.
أما عن اقتراح التسعيرتين للـ 95 اوكتان والـ 98 اوكتان ، اعتبر فياض أنه ليس عمليا كثيرا، لأنه سيسبّب مشاكل خصوصا والمراقبة في لبنان صعبة. وعن التهريب، اشار الى أنه لا يمكنهم مراقبة كل الصهاريج. وعلقت المديرة العامة للنفط اورو فغالي عليها بالقول ان نسبة الاستيراد عام 2021 ومقارنتها بالاعوام السابقة، تدل على وجود تهريب. وكشفت عن تهريب 35٪ من مخزون البنزين إلى سوريا.
الشارع: لوقف الانهيار
وانطلقت تظاهرة، عصر أمس، من أمام المتحف باتجاه البربير، كورنيش المزرعة، بشارة الخوري، وصولا إلى ساحة الشهداء، تحت عنوان «لوقف الانهيار». ورفع المشاركون الأعلام اللبنانية ولافتات طالبت بـ«رحيل السلطة الحاكمة فورا وبتشكيل حكومة مستقلة من اختصاصيين مع صلاحيات استثنائية تشريعية لمعالجة كل الملفات المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والمالية».
ورفع المحتجون خلال التظاهرة الأناشيد الثورية والوطنية والهتافات المطالبة بـ«إسقاط المنظومة الحاكمة وبتشكيل حكومة مستقلين اختصاصيين لأجل وقف الانهيار الكبير». وفي صيدا، قطع محتجون تقاطع ساحة إيليا بصيدا بأجسادهم احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية، في ظل انتشار لعناصر الجيش. وحمل المحتجون لافتات تنتقد «الإذلال أمام محطات الوقود وارتفاع سعر الدولار وفقدان الأدوية».
ومضى المواطنون في طوابير ينتظرون البنزين رغم توزيع المحروقات على المحطات، وأعلن رئيس لاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن الاتحاد سيقوم بجملة تحركات يوم الخميس حيث ستكون تجمعات في مختلف المناطق اللبنانية التي سترفع الصوت عاليا، لافتاً الى أن العنوان الأساسي هو تشكيل حكومة انقاذ. وفي حديث تلفزيوني قال «لسنا هواة قطع طرقات لكننا نريد أن نرفع الصوت إذ يُمارس القتل من دون رصاص ضد الشعب اللبناني». وأكّد الأسمر أن تجمعات الاتحاد العمالي العام لا تبغي قطع الطرقات أو تعطيل الأعمال، وإنما التواجد في الشارع من أجل المناشدة لتشكيل الحكومة. واعتبر أن استمرار الوضع الحالي هو انتحار، متوجهاً الى كل الفئات للتضامن مع الاتحاد العمالي خصوصاً القطاع المصرفي.
في الاثناء، وبعد انتشار صور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لشركة تتلف 20 طناً من حليب الاطفال، كلفت النيابة العامة التمييزية شعبة المعلومات التحقيق في الموضوع. وأكّد مجلس الانماء والاعمار أنه وافق على طلبات شركة فيفاسيتي ش.م.ل. بتلف كميات من حليب الأطفال ومواد أخرى منتهية الصلاحية. في حين أوضح الشريك الإداري في شركة Vivacity and Prodigy الموزعة لمنتجات الأغذية في لبنان بما فيهم منتجات شركة نستله روجيه ميغيرديتشيان ان «تاريخ انتهاء صلاحية معظم هذه المنتجات يعود إلى عامي 2018 و2019 وأوائل عام 2020، أي قبل البدء ببرنامج دعم المواد الغذائية»، موضحا ان «عملية الحصول على هذه الموافقات أخذت أكثر من سنة، بسبب عدة عوامل أهمها الإقفال التام للبلد بسبب جائحة كورونا، وغيرها من العوامل المرتبطة بالوضع العام للبلد.
542819 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 170 إصابة بفايروس كورونا و3 حالات وفاة، في الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 542819 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
البناء
بايدن وبوتين: لقاء 5 ساعات للقضايا الثنائية… وعلى الطاولة أزمتا سورية وأوكرانيا وتسوية ليبيا
«سيف القدس» يفرض إيقاعه على حكومة بينيت ومسيرة الأعلام ويرسم خطوطاً حمراء
خلط أوراق رئاسيّ يرافق الطريق المسدود أمام الحكومة الجديدة… وسجال متعدّد الأطراف
صحيفة البناء كتبت تقول “تحتشد عناصر المشهد الدولي والإقليمي عشية لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن المناخات الإيجابية مهّدت للقاء بإزالة لغة التحدي التي دأب عليها بايدن كلما تحدث عن العلاقة مع روسيا، ليشير الى رغبته بصياغة تفاهم مع بوتين وتقديره لذكائه ونجاحاته، وفيما تتشكل قضايا ثنائيّة ستستحوذ على حيّز رئيسيّ من اللقاء الذي سيمتدّ لخمس ساعات ما لم يتمّ تمديده لجلسة إضافية، تتصدّر الأزمتان السورية والأوكرانية الملفات الإقليمية، في ظل سعي للبحث عن مشتركات تمهّد للأميركي الخروج من الجغرافيا السورية، وتمهّد لروسيا التساكن السلمي مع الجار الأوكراني، بينما سيكون سهلاً على الرئيسين التفاهم على مساندة التسوية الليبية.
الى جانب القمة الأميركيّة الروسيّة مشاهد انتخابات جزائريّة حملت توازناً يتيح للرئيس الجزائري تشكيل حكومة موالاة، تحميها أغلبية نيابية سيكون من السهل تشكيلها، بينما تستعدّ إيران للانتخابات الرئاسية وملفها النووي يتقدم، ويتجه التنافس الانتخابي ليصير محكوماً بالثنائية التقليدية التي يمثلها المحافظون الذين يحتشدون وراء المرشح السيد إبراهيم رئيسي، في ظل انسحابات لصالحه من المرشحين المحافظين ينتظر أن تتواصل، والمرشح عبد الناصر همتي الذي قرّرت التيارات الإصلاحية دعم ترشيحه.
القدس خطفت الأضواء عن كل عناصر المشهد الدولي والإقليمي، مع مسيرة الأعلام الصهيونية التي نظمها المستوطنون، في ظل خط سير رسمته الحكومة الجديدة، في أول اختبار لرئيسها نفتالي بينيت، في مواجهة محاولة سلفه بنيامين نتنياهو تفخيخ المسيرة بتأجيلها من الخميس الماضي الى أمس، رهاناً على أحد خيارين خاسرين، تأجيل او إلغاء المسيرة ما يسهّل الهجوم على الحكومة بتهمة الضعف والخضوع لإملاءات فصائل المقاومة، أو السير بالمواجهة وراء المستوطنين وسلوك التصعيد وصولاً لمواجهة تستعيد مشاهد معركة سيف القدس، وصولاً لخطر حرب إقليمية، ما يضع الحكومة في مواجهة راعيها الأميركي الذي أطاح نتنياهو لمنع هذا التدهور، لكن شبكة الأمان التي وفرتها واشنطن لحكومة بينيت بالتنسيق مع مصر وقطر تمثلت برسم خطوط حمراء أمام المسيرة وضعتها قوى المقاومة، تمثلت بتفادي سلوك المسيرة ما يوصلها الى المسجد الأقصى أو يتيح دخولها الى الأحياء العربية، والتزمت الحكومة بذلك محاولة تعويض الخسارة بمنح المستوطنين فرصة الاحتفال الاستفزازيّ في ساحة باب العامود، وكانت نهاية آمنة ليوم طويل سار على حافة الهاوية، بعدما نجحت معركة سيف القدس بفرض إيقاعها على الحكومة الجديدة والمسيرة معاً، برسم الخطوط الحمراء التي تمّ التقيد بها.
لبنانياً، بدا أن الحبل على الغارب سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، فلا شيء يبشّر بالخير، لا مبادرات تتقدم، ولا معالجات ظرفية تبلسم أوجاع الناس، وتجيب بعض حاجات الجوع الذي يدق أبواب الفقراء، وخلط الأوراق بلغ أماكن كانت لا تزال بمنأى عن الاشتباك، وبدت البلاد أشبه بحفلة جنون جماعيّة لا توحي بغير قرار بالانتحار الجماعيّ، تزينه خطابات المزايدات بمن هو الأشد حرصاً على الوطن، طبعاً من باب الصلاحيات التي يمثل فيها طائفته.
وفيما كان الرئيس نبيه بري يستعدّ لإنعاش مبادرته عبر إطلاق جولة مشاورات جديدة وتكليف معاونه السياسي النائب علي حسن خليل التواصل مع مختلف الأطراف المعنية بالتأليف في محاولة أخيرة لإحداث خرق في جدار الأزمة، تجدّد الاشتباك السياسي على جبهة بعبدا – عين التينة – بيت الوسط، بعد بيان تصعيدي أصدرته الرئاسة الأولى صوّب بأسلوب موارب على الرئاسة الثانية في انتقاد صريح لأدائها ودورها كجهة وسيطة بين طرفي النزاع ما يخفي اعتراض رئاسة الجمهورية على طروحات الرئيس بري، وبالتالي يؤشر الى أن الأزمة الحكوميّة مستمرة إلى أمد طويل ومرشحة للمزيد من التأزم في ظل السباق المحموم بين تأليف الحكومة واتجاه الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية إلى الانفجار الاجتماعي الكبير التي تتجلّى معالمه ومؤشراته في مختلف القطاعات التي ستشارك في الإضراب الخميس المقبل بدعوة من الاتحاد العمالي العام.
وقد شدّدت رئاسة الجمهورية على ضرورة الاستناد الى الدستور والتقيّد بأحكامه وعدم التوسّع في تفسيره لتكريس أعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه. وأكدت ان المادة 53 من الدستور هي الممرّ الوحيد لتشكيل الحكومة، وقالت في بيان صدر عن مكتبها الإعلامي: «إن رئاسة الجمهورية التي تجاوبت مع الكثير من الطروحات التي قدّمت لها لتحقيق ولادة طبيعية للحكومة، وتغاضت عن الكثير من الإساءات والتجاوزات والاستهداف المباشر لها ولصلاحيات رئيس الجمهورية، ترى أن الزخم المصطنع الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة، لا افق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص عليه في المادة 53 الفقرات 2 و3 و4 و5 من الدستور». وختمت «ولا بد من التساؤل أخيراً، هل ما يصدر من مواقف وتدخلات تعوق عملية التأليف يخدم مصلحة اللبنانيين الغارقين في أزمة معيشية واقتصادية لا سابق لها ويحقق حاجاتهم الإنسانية والاجتماعية الملحة، التي لا حلول جدية لها إلا من خلال حكومة إنقاذية جديدة»؟.
وأوضحت مصادر بعبدا أنّه «من الضروري أن يتقيّد كل طرف يريد أن يُبادر وأن يلمّ الشمل ويتوسط للإسراع، ومشكوراً، بولادة الحكومة، بأكثر من معيار وفي مقدمها الحياد، أي أن يكون صاحب أي مبادرة، في موقع الوسط وأن يكون مبادراً حقيقياً ومتفهماً لكل حيثيات وتفاصيل المشاورات الجارية». وتُوضح، أن «الدستور واضح ويحصر التأليف برئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وإذا كانت كل المبادرات الداخلية والخارجية وكل الزخم الموضوع من قبل المرجعيات السياسية، لم يؤد إلى تمكين الرئيس سعد الحريري من تأليف الحكومة، فإن معنى ذلك أن هذا الأمر لن يتحقق». وتسأل المصادر عن «أسباب عدم التأليف والمراوحة إلى اليوم، مع العلم أن العملية بسيطة وتقوم على الالتزام بالدستور والاتفاق بين الرئيسين عون والحريري».
وردّ تيار المستقبل عبر أوساطه التي وصفت بيان بعبدا بالـ«هجومي ضد الرئيس نبيه بري وموقف المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى». وقالت الأوساط إن «الرئيس ميشال عون يقفل الابواب في وجه المبادرات ويعلن بالبيان الملآن انه لا يريد حكومة، لا يريد حكومة برئاسة الحريري لأن أي تقدم في معالجة الملفات سينسب الى دور الحريري». وأشارت الى أن «عون لا يريد حكومة برئاسة شخصيّة أخرى لأنه يدرك انها لن تتمكن من الإقلاع، وبالتالي فإن عون يفضل إبقاء الحال على ما هو عليه، حكومة تصريف اعمال استقالت من تصريف الاعمال، وادارة شؤون البلاد بما يتيسر من القصر الجمهوري وعبر المجلس الأعلى للدفاع. وختمت المصادر بالقول التعطيل في الجينات العونيّة، ولا امل بخرق حقيقيّ».
في غضون ذلك، لم يُعقد اللقاء بين الرئيسين بري والحريري استعيض عنه بزيارة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الى بيت الوسط، حيث أعلن بعد لقائه الحريري أن «الرئيس بري لا يزال بانتظار الجواب على المساعي التي بذلت. وحتى تاريخه، لم يبلَّغ إلا بعض البيانات والتصاريح التي تحمل في طياتها موقفاً سلبياً ويجب أن يخرج من البال أن هناك إمكانية لإحراج الرئيس الحريريّ ومن ثم إخراجه. فهو يعي تماماً المهمة الملقاة على عاتقه، وهي مهمة دستورية من واجبه فيها أن يحمي الدستور ومندرجاته ومضمونه، نصاً وروحاً، وأي تخلّ عن هذا الدور هو تخلّ عن الدستور، وأنا لا أعتقد أن دولة الرئيس الحريري في وارد التخلّي عن المضمون الدستوريّ للمهمة التي يقوم بها».
وفيما أورد أحد المواقع الإلكترونيّة بياناً صدر عن عين التينة رداً تصعيدياً على بيان بعبدا أوضح المكتب الاعلامي للرئيس بري في بيان ان «كل ما ورد في هذا الإطار غير صحيح وأن لا شيء في عين التينة اسمه «مصادر».
وأشارت أوساط قيادية في حركة أمل لـ«البناء» إلى أن «أفق تشكيل حكومة جديدة مسدود حتى الآن ولم تؤدِ جولة الاتصالات واللقاءات الأخيرة للرئيس بري الى خرق في جدار الأزمة». لكنها عوّلت على «لقاء مرتقب بين الرئيسين بري والحريري للتشاور لإيجاد مخارج للأزمة وتدارس كافة الخيارات القائمة». ولفتت الأوساط إلى أن «الرئيس بري قام بما عليه وبذل جهوداً مضنية وقدم مخارج عدة للتوفيق بين الطرفين، لكنه اصطدم بجدار المواقف، علماً أنه لم ولن ييأس بل سيعطي كافة الاطراف مهلة أخيرة حتى نهاية الأسبوع الحالي وسيجدّد مسعاه بمحاولة أخيرة للتواصل مع بعبدا وبيت الوسط والنائب جبران باسيل لتذليل العقد المتبقية ومن بعدها لن يقف رئيس المجلس مكتوف الأيدي وسيضع النقاط على حروف الأزمة وسيحمّل الأطراف المسؤولية عن تعطيل الحلول».
وأفادت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «الرئيس عون وباسيل وإزاء هذا الواقع واتجاه بري والحريري لتحميلهما مسؤولية التعطيل، يعدان العدّة لخطوات تصعيدية على المستويات السياسية والدستورية والشعبية، ولم تُعرف طبيعة هذه الخطوات». لكن المصادر ألمحت إلى «خطوات للتصويب على بيت الوسط وعين التينة مثل طلب التيار الوطني الحر من الرئيس المكلف الاعتذار. ومبادرة رئيس الجمهورية لتوجيه رسالة إلى اللبنانيين يطلعهم فيها على تفاصيل المرحلة الماضية منذ تكليف الحريري حتى الساعة كما خاطب مجلس النواب في السابق عبر رسالته الشهيرة. إضافة الى عودة التيار الوطني الحر مجدداً الى طرح حقيبة المالية من ضمن الحقائب موضع الخلاف ورفض تخصيصها للطائفة الشيعيّة انطلاقاً من رفض تخصيص أية حقيبة لأية طائفة أو حزب أسوة بتخلي التيار عن حقيبة الطاقة».
ولفتت مصادر ثنائي أمل وحزب الله لـ«البناء» الى تنسيق مستمرّ بين قيادتي الحزبين عبر الخليلين للتشاور في تطورات المرحلة لاتخاذ الموقف المناسب. إذ لا يمكن بحسب المصادر «الاستمرار في هذا الواقع ولا بدّ من اتخاذ خطوات سريعة على الأقل على المستوى الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي للحدّ من الأزمة ومنع الانهيار الشامل لتعزيز صمود المواطنين ريثما يتم تأليف حكومة جديدة». وشدّدت على أن «لبنان لا يزال يخضع لحصار أميركي غربي أوروبي خليجي عربي على الصعيد المالي والاقتصادي فضلاً عن تعطيل الحلول السياسية والحكومية». ونبّهت الى أن «هذه القوى الخارجية تخيّر لبنان بين المقاومة التي تواجه المشاريع الخارجية وتحقق الانتصارات وبين الانهيار الاقتصادي». وأوضحت المصادر أن «لبنان دخل في العناية الفائقة الاجتماعية والمالية ولا حلول في الأفق بانتظار انعكاسات التسويات الإقليمية والدولية على لبنان». كما أنها حذرت من أن «الخطوات التي تقوم بها الأحزاب في لبنان لمساعدة المواطنين على الصمود لا يمكنها ملء الفراغ الذي تخلفه الدولة، فهي تحل جزءاً من الأزمات ولفترة محدودة ولا غنى عن تسوية سياسية تنتج حكومة تحظى بالرعاية الإقليميّة والدوليّة لإنقاذ لبنان من الانهيار».
وأشار مصدر مطلع على المفاوصات الأميركية الروسية الى ان «التطورات الدوليّة الإقليمية لم تتظهر كلياً حتى الساعة، وبالتالي لن تنعكس على لبنان في وقت قريب، وبالتالي تأخر الحل السياسي الحكومي وهذا ما يدفع الرئيس المكلف للانتظار لجلاء الوضع الدولي عله يلين الموقف السعودي منه وينعكس ايجاباً على لبنان».
وجدّد تكتل لبنان القويّ بعد اجتماعه الكترونياً برئاسة باسيل إصراره على «ضرورة وأولوية تأليف الحكومة برئاسة دولة الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي يتوجّب عليه ان يتشاور مع الكتل النيابية ويتفق مع رئيس الجمهورية على تشكيلة حكومية عملاً بروح الدستور ونصّه وبحسب الآليّات والمعايير الميثاقية المعروفة، وما اتفق عليه الجميع من ضمن المبادرة الفرنسية دون إضاعة مزيد من الوقت او ابتكار أعراف جديدة خارجة عن الأصول». وأبدى التكتل «مجدداً الإيجابية المطلقة مع المسعى الذي يقوم به دولة الرئيس نبيه بري ومع أية مبادرة تؤدّي الى التأليف مع وجوب أن تتسم بالحرص على الحقوق والدستور وتتسم بالإيجابية والحيادية لكي تؤتي ثمارها».
وأكد أن «التكتّل يقوم بكل ما يلزم لولادة الحكومة ضمن الدستور والأصول دون طلبات خاصة سوى الالتزام بالإصلاح والتأكد من تطبيقه بلا شروط مسبقة». ورفض التكتل «ابتكار أعرافٍ جديدة تتصل بمداورةٍ مبتورة او بحصرية مزعومة في التأليف والتسمية او بمثالثة مقنّعة تحت ستار حكومة ثلاث ثمانات. وفي حال تأكّد للتكتّل بأن الطريق مسدود بالكامل فعندها لا مفر من أبغض الحلال».
في غضون ذلك، شهد قصر بعبدا لقاءات نيابية تناولت شؤوناً سياسية وإنمائية ومعيشية، فيما تابع رئيس الجمهورية الإجراءات التي اتخذت لمعالجة أزمة المحروقات والأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الأطفال، حيث دعا الأجهزة والادارات المختصة الى «التشدد في ملاحقة المحتكرين ومستغلي الأوضاع الراهنة لرفع الأسعار وتحقيق أرباح غير مشروعة».
ولم تظهر الوعود بالحلول للأزمات الحياتية اليومية على أرض الواقع، في ظل استمرار طوابير السيارات المرصوصة أمام محطات الوقود رغم توزيع المحروقات على المحطات، فيما عمد المواطنون الى ركن سياراتهم أمام المحطات عند ساعات الليل والفجر الأولى لحجز مكان لتعبئة الوقود لتفادي ساعات من الانتظار. فيما بلغ مسلسل الذل ذروته عندما وقفت طوابير السيارات لساعات امام معظم محطات الوقود في شارع الحمرا في بيروت ليتفاجأ المواطنون بأن المحطات رفضت تعبئة السيارات بسبب عدم تسلمها المحروقات من قبل شركات التوزيع. وعلمت «البناء» في هذا الصدد أن أسباب التأخير بتسليم المحروقات مالية لتأخر صرف الاعتمادات للشركات. كما أعلنت أن عراقيل تقنية ومالية وسياسية تواجه استيراد النفط العراقي الى لبنان ما يعني أن الأزمة مستمرة وقد تطول ولا حلول جذرية. ومن جهة أخرى لم تترجم على أرض الواقع عمليات المداهمة التي يقوم بها وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور حمد حسن لمستودعات الأدوية، إذ استمر الشح في الادوية في الصيدليات رغم إفراغ الكثير من المستودعات. كما شهدت السوبرماركات ارتفاعاً اضافياً بأسعار السلع الغذائية واللحوم والحليب والألبان والأجبان بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار حيث استغل التجار هذا الأمر لتحقيق المزيد من الأرباح.
ووسط هذا الواقع المأساويّ، أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن الاتحاد سيقوم بجملة تحركات يوم الخميس حيث ستكون تجمّعات في مختلف المناطق اللبنانية وسترفع الصوت عالياً، لافتاً الى أن العنوان الأساسي هو تشكيل حكومة إنقاذ. وفي حديث تلفزيوني قال «لسنا هواة قطع طرقات، لكننا نريد أن نرفع الصوت إذ يُمارس القتل من دون رصاص ضد الشعب اللبناني». وأكّد الأسمر أن تجمعات الاتحاد العمالي العام لا تبغي قطع الطرقات أو تعطيل الأعمال، وإنما التواجد في الشارع من أجل المناشدة لتشكيل الحكومة».
وإذ أبدى أكثر من مرجع رسمي استغرابه لغياب كامل لحكومة تصريف الأعمال وأغلب الوزراء عن الأزمات الحادة وعدم قيامها بأدنى مسؤولياتها علمت «البناء» أن سلسلة اجتماعات وزارية قضائية أمنية ستشهدها السراي الحكومي اليوم للبحث بملفات حياتية عدة لا سيما أزمة المحروقات والدواء وغلاء الأسعار والاحتكارات.
المصدر: صحف